الصفحة 87
بابها (1).

وقال النبي يوما لأصحابه: (علي باب علمي ومبين من بعدي لأمتي ما أرسلت به حبه إيمان، وبغضه نفاق) (2).

وقال النبي لعلي أمام الصحابة: (أنت تبين لأمتي ما اختلفوا فيه من بعدي) (3).

قال أحمد بن حنبل: (ما جاء لأحد من أصحاب رسول الله من الفضائل ما جاء لعلي) (4).

الأفضل: وقال النبي يوما لأصحابه: (إن هذا - يعني عليا - أول من آمن بي، وأول من يصافحني يوم القيامة، وهذا الصديق الأكبر وهذا فاروق الأمة) (5) وقال الرسول لأصحابه يوما: (إن عليا خير البشر فمن افترى فقد كفر) (6) وقال:

(علي خير البشر من شك فيه كفر) (7) وقال الرسول مخاطبا فاطمة: (زوجتك خير أمتي..) (8) وكان الصحابة الصادقون يرسلون كل ذلك إرسال المسلمات (9).

____________

(1) صحيح الترمذي ج 1 ص 301، وحلية الأولياء ج 1 ص 93، ومناقب علي لابن المغازلي ص 87، وذخائر العقبى للطبري ص 77، والصواعق لابن حجر ص 120، والجامع الصغير للسيوطي ج 1 ص 93.

(2) الغدير للأميني ج 3 ص 96، وفتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي ص 18.

(3) ترجمة علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 88 ح 1008 و 1009، ومقتل الحسين للخوارزمي ج 1 ص 86، والمناقب للخوارزمي ص 236، وينابيع المودة للقندوزي ص 182.

(4) أخرجه الحاكم في مستدركه ولم يتعقبه الذهبي.

(5) تاريخ دمشق لابن عساكر ترجمة الإمام علي ج 1 ص 76 وص 121، ومجمع الزوائد ج 2 ص 102 وكفاية الطالب ص 187، والاستيعاب بهامش الإصابة ج 4 ص 170، وأسد الغابة ج 5 ص 287، وميزان الاعتدال للذهبي ج 2 ص 417، وخصائص النسائي ص 3، وتاريخ الطبري ج 2 ص 256، والإصابة لابن حجر ج 7 قسم 1 ص 197، وكنز العمال ج 6 ص 405 وج 6 ص 152، وفيض القدير ج 4 ص 238.

(6) تاريخ بغداد ج 7 ص 421 وج 3 ص 19.

(7) كنوز الحقائق للمناوي ص 92 وقال أخرجه أبو يعلى.

(8) كنز العمال ج 6 ص 298، وقد أخرجه الخطيب في المتفق والمفترق.

(9) راجع مجمع الزوائد ج 9 ص 116 وقال رواه الطبراني في الأوسط.


الصفحة 88
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه ذات يوم: (النظر إلى وجه علي عبادة) (1).

المنذر والهاد: وقال الرسول لأصحابه يوما من الأيام: (أنا المنذر وعلي الهاد، وبك يا علي يهتدي المهتدون من بعدي) (2).

الولاية: قال الرسول أمام الصحابة لأناس اشتكوا من علي: (ما تريدون من علي ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ علي مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن من بعدي) (3).

بعث الرسول بعثين إلى اليمن... فالتقى البعثان في بني زيد من اليمن فقاتل المسلمون وانتصروا واصطفى علي لنفسه جارية، فاتفقت مجموعة من المسلمين على أن تكتب للنبي بذلك، ودفعت الكتب إلى رسول الله، ولما قرئت عليه غضب، فاعتذر حامل الكتب فقال له الرسول أمام أصحابه: (لا تقع في علي فإنه مني وأنا منه وهو وليكم بعدي) (4).

أخبر رجل رسول الله بما كلفه به خالد بن الوليد، فخرج الرسول مغضبا وقال: (ما بال أقوام ينقصون عليا، من تنقص عليا فقد تنقصني،

____________

(1) المستدرك على الصحيحين للحاكم ج 3 ص 141 وقال هذا حديث صحيح الإسناد، حلية الأولياء ج 5 ص 58، مجمع الزوائد ج 9 ص 119، وقال رواه الطبراني وتاريخ بغداد ج 2 ص 52، وكنز العمال ج 6 ص 152، وفيض القدير للمناوي وقال أخرجه الطبراني والحاكم، والإصابة لابن حجر ج 2 ف 1 ص 183.

(2) تاريخ دمشق لابن عساكر ترجمة الإمام علي ج 2 ص 417، والفصول المهمة لابن الصباغ المالكي، تفسير الطبري ج 13 ص 108، وتفسير ابن كثير ج 2 ص 502، وتفسير الشوكاني ج 3 ص 70، وتفسير الرازي ج 5 ص 271، والمستدرك للحاكم ج 3 ص 129 - 130، والدر المنثور للسيوطي ج 4 ص 45.

(3) راجع صحيح الترمذي ج 2 ص 297 ومسند أحمد بن حنبل ج 4 ص 437، ومسند أبي داود الطيالسي ج 3 ص 111، وحلية الأولياء ج 6 ص 294، وخصائص أمير المؤمنين للنسائي ص 19 و 23، والرياض النضرة للطبري ج 2 ص 171 وقال أخرجه الترمذي وأبو حاتم وأحمد، وكنز العمال ج 6 ص 154 وقال أخرجه ابن أبي شيبة وفي ص 399 قال أخرجه ابن أبي شيبة وابن جرير وصححه.

(4) مسند الإمام أحمد ج 5 ص 356، ورواه النسائي في الخصائص مع اختلاف يسير ص 24، ومجمع =

الصفحة 89
ومن فارق عليا فقد فارقني، إن عليا مني وأنا منه، خلق من طينتي، وخلقت من طينة إبراهيم، وأنا أفضل من إبراهيم، (ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم 34) يا بريدة أما علمت أن لعلي أكثر من الجارية التي أخذ وأنه وليكم بعدي) (1).

قال الرسول لعلي أمام الصحابة: (سألت ربي فيك خمسا...

وأعطاني أنك ولي المؤمنين من بعدي) (2).

قال الرسول في اجتماع الدار الذي أشرنا إليه: (أخي ووصيي وصاحبي ووليكم من بعدي) (3).

احتج ابن عباس يوما بعد وفاة الرسول فقال: أف وتف وقعوا في رجل له عشر... إلى أن قال: وقال له رسول الله: (أنت ولي كل مؤمن من بعدي) (4).

واشتكى رجل إلى رسول الله قائلا: رأيت كذا وكذا من علي فقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تقل هذا فهو أولى الناس بكم بعدي) (5).

آية الولاية: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون 55 ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم

____________

= الزوائد ج 9 ص 127 وقال رواه أحمد والبزار باختصار، وكنز العمال ج 6 ص 155 وقال أخرجه الديلمي، وكنوز الحقائق للمناوي ص 186 وقال أخرجه الديلمي.

(1) مجمع الزوائد ج 9 ص 128 ومسند أبي داود ج 11 ص 360 وفيه أن رسول الله قال لعلي: (أنت ولي كل مؤمن من بعدي)، قال الهيثمي في مجمعه رواه الطبراني في الأوسط.

(2) تاريخ بغداد ج 4 ص 339، وكنز العمال ج 6 ص 396، وقال أخرجه ابن الجوزي وفي ج 6 ص 159 قال: أخرجه الخطيب والرافعي.

(3) كنز العمال ج 6 ص 401 وقال أخرجه الديلمي.

(4) الرياض النضرة للطبري ج 2 ص 203، ومجمع الزوائد للهيثمي ج 9 ص 99 وقال أخرجه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط.

(5) أسد الغابة لابن الأثير ج 5 ص 24، وفيض القدير للمناوي ص 357 وقال أخرجه الطبراني ومجمع الزوائد ج 9 ص 109 وقال رواه البخاري، والإصابة لابن حجر ج 6 ف 1 ص 325.


الصفحة 90
الغالبون 56) (1) قال أبو ذر: إن سائلا سأل في المسجد، فلم يعطه أحد شيئا، وكان علي راكعا، فأومأ للسائل بخنصره اليمنى وكان فيها خاتم، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم بمرأى من رسول الله فدعا رسول الله ربه بالدعاء الذي دعا فيه موسى ربه إلى أن قال: (واجعل لي وزيرا من أهلي عليا، اشدد به ظهري... قال أبو ذر فوالله ما أتم رسول الله الدعاء حتى نزل جبريل بآية الولاية، فالمقصود من الذين آمنوا (عليا) (2) واستعمل بصيغة الجمع للتفخيم.

____________

(1) سورة المائدة، الآيتان 55 - 56.

(2) التفسير الكبير للرازي، والكشاف للزمخشري، وقال البيضاوي ما يقرب من قول الزمخشري، وتفسير الطبري ج 2 ص 186، والدر المنثور للسيوطي وقال: أخرجه الخطيب في المتفق أنها نزلت في علي، وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه أنها نزلت في علي، وقال: وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر أنها نزلت في علي، وقال الواقدي في أسباب النزول أن الآية نزلت في علي، راجع كنز العمال ج 6 ص 319، وقال أخرجه الخطيب في المتفق وفي ج 7 ص 305 قال أخرجه الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم، ومجمع الزوائد للهيثمي ج 7 ص 17، وقال أخرجه الطبراني في الأوسط وابن مردويه، وذخائر العقبى للطبري ص 102 وقال أخرجه الوافدي، وأبو الفرج وابن الجوزي، راجع كتابنا النظام السياسي في الإسلام ص 45.


الصفحة 91

وقائع حفل تنصيب وتتويج من سيخلف الرسول بعد موته

لأن منصب من يخلف النبي هو حجر الأساس لنظام الحكم في الإسلام، ولقطع الطريق على أعداء الله السابقين الذين تستروا بالإسلام، وحتى لا تكون لهم حجة يحتجون بها أمام الله، فقد أمر الله رسوله بأن ينصب ويتوج عليا إماما من بعده وأن يكلف المسلمين بمبايعته فردا فردا تحت إشراف الرسول شخصيا، فصدع الرسول بأمر ربه فأكمل رسول الله والمسلمون شعائر فريضة الحج، ولأن الرسول قد أعلن بأن حجته تلك هي حجة الوداع، وأنه لن يراهم أبدا بعد هذا العام، فقد تعلقت به القلوب والأبصار، وأرادوا أن يتزودوا من النظر إليه، وأن يسمعوا كل كلمة يقولها.

خرج النبي من مكة متوجها إلى المدينة، وتبعته وفود الحجيج، وفي مكان يدعى غدير خم، أناخ النبي ركابه، وأمر برد الذين سبقوه بالسير، وباستعجال الذين تأخروا عنه، وأحيط المسلمون علما بأن الرسول سيصدر بيانه الأخير، وتلخيصه للموقف، من خلال خطبة سيلقيها أمام الجموع.

واحتشد المسلمون بالفعل في غدير خم وجاوز عددهم بأقل التقديرات مائة ألف مسلم ومسلمة، وبعد قليل ظهر النبي وإلى جانبه علي بن أبي طالب، الناس جلوس، والنبي وعلي في حالة وقوف، في مكان مكشوف ومرئي من كل الناس.


الصفحة 92
خشعت الأصوات، فلا تسمع ولا همسا، العيون معلقة بالنبي وبعلي والجميع يتساءلون، لماذا جمع رسول الله الناس؟! وأي أمر خطير يريد أن يعلنه؟ حمد رسول الله، الله وأثنى عليه ثم قال:

(كأني قد دعيت فأجبت... أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب!!...).

لقد تأكد المسلمون السامعون من أن الرسول سيموت لا محالة فتابعوا بشغف واهتمام كل كلمة كانت تخرج من فم الرسول.

ثم تابع الرسول خطبته قائلا: (وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله فيه النور والهدى فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به، وعترتي أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي).

وفجأة سأل رسول الله الجموع المسلمة المحتشدة أمامه قائلا: (أيها الناس من وليكم؟) فردت الجموع بصوت واحد: (الله ورسوله) وهنا أخذ الرسول بيد علي فأقامه ثم قال: (من كان الله ورسوله وليه فهذا علي وليه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه).

ومرة أخرى سأل الرسول المسلمين: (ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ فقال المسلمون: بلى! وسألهم الرسول ثانية: ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ فقال المسلمون بلى، فرفع الرسول يد علي بن أبي طالب وقال: (من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه).

ثم قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: أيها الناس إني وليكم، قال الناس نعم، فرفع الرسول يد علي بن أبي طالب وقال: (هذا وليي ويؤدي عني، وأنا موال من والاه، ومعاد من عاداه).

ثم أكد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الحقيقة التي اتفق عليها الجميع فقال: (إن الله.


الصفحة 93
مولاي وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه).

هذه مقاطع من خطبة الرسول في غدير خم.

1 - بعد انتهاء الرسول من إلقاء بيانه المبارك، عمم علي بن أبي طالب بما يعتم به الملائكة، كناية عن التتويج.

2 - فهم المسلمون المجتمعون مغزى رسول الله، وتلخيصه الدقيق والموفق للموقف فأيقنوا بأن رسول الله قد نصب علي بن أبي طالب وليا للأمة وإماما لها من بعده، ولم يترك رسول الله الأمر عند هذا الحد، بل أمر الإمام عليا أن يجلس في مكان خصصه له، وطلب من المهاجرين والأنصار ومن كافة المجتمعين أن يذهبوا إلى الإمام فيبايعوه، ويقدموا له التهاني بهذا المنصب، وأخذ المسلمون يتدافعون لمبايعة الإمام الجديد وتقديم التهاني له، وكان من جملة الذين بايعوا وقدموا التهاني عمر بن الخطاب، فبايعه وهنأه قائلا: (بخ بخ يا بن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مسلم ومسلمة) (1) أو قال: (هنيئا لك يا بن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة) (2) ومن الطبيعي أن أبا بكر وعثمان وكبار

____________

(1) ترجمة علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 75، ومناقب علي لابن المغازلي ص 18 ح 24، والمناقب للخوارزمي ص 94، وتاريخ بغداد للخطيب ج 8 ص 290، وشواهد التنزيل للحاكم الحسكاني ج 1 ص 158، وسر العالمين وكشف ما في الدارين لأبي حامد الغزالي ص 21، والغدير للأميني ج 1 ص 133، وفرائد السمطين للزرندي الحنفي ج 1 ص 77.

(2) ترجمة علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 50، والمناقب للخوارزمي ص 94، ومسند أحمد ج 4 ص 281، والفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 24، والحاوي للفتاوى للسيوطي ج 1 ص 122، وذخائر العقبى للطبري ص 67، وفضائل الخمسة ج 1 ص 35، وتاريخ الإسلام للذهبي ج 2 ص 197، ونظم درر السمطين للزرندي ص 109، وينابيع المودة للقندوزي ص 30 و 31، وتفسير الفخر الرازي ج 3 ص 63، وتذكرة الخواص للسبط الجوزي ص 29، ومشكاة المصابيح للعمري ج 3 ص 246، وعبقات الأنوار حديث الثقلين ج 1 ص 385، وفرائد السمطين للحمويني ج 1 ص 77، والغدير للأميني ج 1 ص 272 عن المصنف لأبي شيبة، والرياض النضرة للطبري ج 2 =

الصفحة 94
الصحابة والمهاجرين والأنصار قد بايعوا جميعا، وقدموا تهانيهم للإمام، ومن الطبيعي أن يبايع كافة الحاضرين وأن يقدموا تهانيهم للإمام، لأن رسول الله قد أمر الجميع بذلك.

بعد أن انتهت مراسم تنصيب وتتويج من سيخلف رسول الله، هبط جبريل ومعه آية الاكمال (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي...) (1) وصار يوم الغدير عيدا.

بعد ذلك عاد رسول الله ومعه حجاج المدينة وما حولها إلى المدينة، أما بقية وفود الحجيج فقد التحقت بأماكن سكناها، والجميع على بينة من الأمر.

النجاح النبوي الساحق بإبراز من سيخلفه

في الوقت نفسه الذي كان فيه رسول الله يركز على حقيقة وطبيعة المكانة الخاصة المميزة التي اختارها الله لأهل بيته، كان النبي يسلط أضواء ربانية

____________

= ص 169، والمناقب لابن الجوزي، والبداية والنهاية لابن الأثير ص 212، والخطط للمقريزي ص 423، وكنز العمال ج 6 ص 397.

(1) سورة المائدة، الآية 3.

قال السيوطي في الدر المنثور في ذيل تفسير قوله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم...) أخرج ابن مردويه وابن عساكر عن أبي سعيد الخدري، هبط جبريل بهذه الآية لما نصب رسول الله عليا يوم غدير خم، ونادى له بالولاية. وقال: وأخرج ابن مردويه والخطيب وابن عساكر مثل ذلك عن أبي هريرة، قال الخطيب البغدادي في ج 8 ص 290 نزلت هذه الآية في غدير خم بعد المناداة بعلي وليا، راجع تاريخ دمشق لابن عساكر، ترجمة الإمام علي ج 2 ص 75، وشواهد التنزيل للحاكم الحسكاني ج 1 ص 57، والدر المنثور للسيوطي ج 2 ص 259، والاتقان للسيوطي ج 1 ص 31، والمناقب للخوارزمي ج 1 ص 47، وينابيع المودة للقندوزي ص 115، وفرائد السمطين للحمويني ج 1 ص 72 و 74 وتاريخ اليعقوبي ج 1 ص 35، وكتاب الولاية لأبي جرير الطبري، وما نزل من القرآن في علي لأبي نعيم الاصفهاني، وكتاب الولاية لأبي سعيد السجستاني، وتاريخ ابن كثير ج 5 ص 210 وروح المعاني للآلوسي ج 6 ص 55، والبداية والنهاية لابن كثير ج 5 ص 210، وأهل بيت النبوة مجمعون على صحة ذلك كله.


الصفحة 95
خاصة على الأئمة من أهل بيت النبوة فيقدمهم من خلال تركيزه الخاص عليهم كقادة شرعيين للأمة، وقد ساق رسول الله الخطين معا، فعمم المكانة السامية لأهل بيت النبوة، وأبرز المكانة الخاصة للأئمة الأعلام منهم.

فبين أن أهل بيت النبوة هم المطهرون (1)، وهم أولوا القربى التي فرض الله مودتهم (2)، وهم الأبناء والنساء والأنفس الذين عنتهم آية المباهلة (3) وهم الأبرار الذين عنتهم آية الاطعام (4)، وهم أولوا الأمر الذين فرض الله طاعتهم (5)، وهم أهل الذكر (6)... الخ.

كان هذا يحدث في الوقت الذي كان فيه الرسول يوطد للإمام علي ويقدمه للأمة على أساس أنه الإمام الشرعي الذي سيلي رئاسة وقيادة الأمة بعد موت النبي، ويوطد للإمامين الحسن والحسين على أنهما إمامان شرعيان من بعد أبيهما.

في حفل تنصيب وتتويج الإمام علي الذي تم في غدير خم نجح الرسول الأعظم نجاحا ساحقا بالربط الوثيق بين خطي الرئاسة والمرجعية، فقد أهل بيت النبوة كأحد ثقلي الإسلام، الذي لا تستقيم أمور الدنيا والدين إلا بهما. فأكد الرسول بكل وسائل التأكيد بأن الهدى من بعد وفاته لا يدرك إلا بالتمسك بالثقلين معا، وأنه لا يمكن تجنب الضلالة من بعده إلا بالتمسك بالثقلين معا (7)، وبعد أن نجح الرسول الأعظم بغرس هذه

____________

(1) في كتابنا (الهاشميون في الشريعة والتاريخ) وعلى الصفحات 132 - 140 وثقنا ذلك بقرابة مائة مرجع.

(2) المصدر نفسه.

(3) المصدر نفسه.

(4) المصدر نفسه.

(5) المصدر نفسه.

(6) المصدر نفسه.

(7) في كتابنا (الهاشميون في الشريعة والتاريخ) تناولنا الصيغ العشر لحديث الثقلين ووثقنا كل صيغة =

الصفحة 96
القناعة في قلوب سامعيه عالج الخط الخاص للرئاسة والمرجعية، فقدم الإمام علي بن أبي طالب عميد أهل بيت النبوة كرئيس ومرجع عام للأمة من بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم، وكقائم مقامه، ومؤد عنه أحكام الدين، ثم نصبه وتوجه أمام الجميع، فبلغ بيانه المدى في هذين المجالين، وطوال الفترة التي سبقت الهجرة، والتي تلت الهجرة، والرسول يتلقى التوجيهات الإلهية للأسلوب الواجب اعتماده بتقديم أهل بيت النبوة عامة، وتقديم الأئمة الذين سيلون الأمر من بعده خاصة، حتى إذا ما اكتمل البيان النبوي المتعلق بهاتين الناحيتين أمر الله رسوله بأن ينصب أول من سيخلفه وهو الإمام علي، وأن يأخذ له البيعة أثناء حياته من المسلمين، وهكذا فعل الرسول في غدير خم، والإمام علي وأهل بيت النبوة، والخاصة من المؤمنين، كانوا يعرفون بأن الرسول قد أعلن بأن الأئمة من بعده اثنا عشر أولهم علي، وثانيهم الحسن، وثالثهم الحسين، وتسعة من ولد الحسين سماهم الرسول بأسمائهم قبل أن يلدوا (1)، ومن المحال عقلا أن يعمل الرسول مثل هذه الأعمال، أو أن يرتب مثل هذه الترتيبات الخطيرة دون موافقة وتوجيه إلهي سابق، والدال على وجود التوجيه التأكيدات الإلهية القاطعة بأن الرسول يتبع ما يوحى إليه من ربه، ثم إنه بعد أن نصب الرسول الإمام عليا وتوجه في غدير خم نزلت آية الاكمال، وهذا يعني بأن العناية الإلهية توجه وتراقب بدقة متناهية، خطوات الرسول في هذا المجال.

____________

= بعشرات المراجع المعتمدة، ثم فصلنا الجانب المتعلق بالإمام علي من هذه الصيغ وربطناها بواقعتي التنصيب والتتويج في غدير خم ووثقناها توثيقا كافيا، من هذه المراجع على سبيل المثال صحيح مسلم كتاب الفضائل ج 2 ص 362 و ج 15 ص 179 - 181، وصحيح الترمذي ج 5 ص 328 وج 5 ص 329، والتاج الجامع والأصول ج 3 ص 308، وتيسير الوصول ج 1 ص 16، وأنساب الأشراف للبلاذري ج 2 ص 15.

(1) راجع على سبيل المثال منتخب الأثر للرازي ص 13، و 28 و 25 و 26 و 30 و 32 و 76، وأهل بيت النبوة مجمعون على ذلك، وأهل الحديث والسير متفقون على أن عدد الأئمة أثنا عشر ولكنهم عجزوا عن ربط هذا الرقم بالواقع التاريخي. راجع كتابنا المواجهة ص 458 وما فوق.


الصفحة 97
في هذه الحالة لم يكن بوسع عاقل، أن يعارض الرسول، بل كل عاقل يجد نفسه سائرا في أثر الرسول، ومتوصلا إلى ذات النتائج التي توصل إليها الرسول فأهل بيت النبوة هم أقرب الناس للنبي، وهم القاسم المشترك بين المسلمين بعد وفاة النبي، وهم رمز وحدة وقاعدة الأمة، ورمز استمرارية الرسول، فعندما نذكر الأمة الإسلامية، تقفز إلى ذهنك صورة بانيها رسول الله، وفي غياب الرسول تقفز إلى الذهن الصورة المتماسكة لأهل بيته، لقد عرفنا مكانة علي وهو الإمام الأول، أما الأحد عشر فكلهم من أهل بيت النبوة، وكلهم أحفاد النبي، فحكم أي واحد منهم أدعى للاستقرار والرضا والقبول من حكم أي مسلم آخر، ففي ذلك استقرار لمؤسسة الرئاسة والمرجعية، وقطع لدابر الاختلاف والتنازع على الرئاسة من بعد النبي، وهذا هو أساس سلامة أمور الدين والدنيا.

لذلك فلا تعجب من قبول المسلمين العام لهذه التدابير، وتسليمهم الفطري بوجاهتها ومنطقيتها، فالمؤمنون الصادقون كانوا على خط النبي لا يحيدون عنه قيد أنملة، والمسلمون الآخرون آمنوا بوجاهة هذه الترتيبات، حتى المسلمون الأحداث والطلقاء سلموا بمنطقية هذه الترتيبات ووجاهتها.

اعترافات الأعداء والأصدقاء بتنصيب الإمام علي وتتويجه إماما للمسلمين من بعد النبي

شهادة عمر بن الخطاب واعترافاته:

مع أن عمر بن الخطاب، هو الذي قاد الانقلاب على الشرعية الإلهية، ونفذ نسف كافة الترتيبات الإلهية المتعلقة بالقيادة والتي أعلنها الرسول وبينها بيانا كاملا، وعلى الرغم من أنه قد نصب أبا بكر خليفة ثم وصل إلى سدة الخلافة بعهد من الخليفة الأول إلا أنه قد صدرت منه مجموعة من الاعترافات تفيد بأن آل محمد أولى بميراثه وسلطانه، وأن.


الصفحة 98
علي بن أبي طالب هو الخليفة الشرعي الذي اختاره الله ونصبه رسوله، من ذلك:

1 - أن عمر بن الخطاب خاطب الأنصار في سقيفة بني ساعدة قائلا: (إنه والله لا ترضى العرب أن تؤمركم ونبيها من غيركم، ولكن العرب لا ينبغي أن تولي هذا الأمر إلا من كانت النبوة فيهم... من ينازعنا سلطان محمد وميراثه ونحن أولياؤه وعشيرته...) (1).

أنت تلاحظ أن حجة عمر هي حجة أهل البيت وقد وظفها عمر لصالحه.

2 - وعمر يجلس على كرسي الخلافة المغتصبة قال يوما لابن عباس: (... أما والله يا بني عبد المطلب لقد كان علي بن أبي طالب أولى بهذا الأمر مني ومن أبي بكر...) (2).

3 - ثم أعلن عمر بن الخطاب الحقيقة تامة يوم صرح قائلا: (بأن الأمر كان لعلي بن أبي طالب، فزحزحوه عنه لحداثة سنة والدماء التي عليه) (3).

فهذا إقرار بأن عمر بن الخطاب يعلم علم اليقين بأن الأمر لعلي بن أبي طالب، وكيف ينسى ذلك وهو أول من بايع الإمام وهنأه في غدير خم!!

قال الحسن بن علي يوما لعمر بن الخطاب: (إنزل عن منبر أبي)، فقال عمر: (هذا منبر أبيك) (4).

____________

(1) الإمامة والسياسة لابن قتيبة ج 1 ص 6.

(2) الراغب في المحاضرات ج 7 ص 13، وكنز العمال ج 6 ص 391.

(3) راجع شرح النهج ج 2 ص 18، والطبقات لابن سعد ج 3 ص 130، وكتابنا المواجهة ص 273.

(4) ترجمة علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 4 ص 321.


الصفحة 99

شهادة واعتراف معاوية بن أبي سفيان:

مع أن معاوية وأباه هما اللذان قادا جبهة الشرك ضد رسول الله، وقاوماه بكل أساليب المقاومة، وحارباه بكل فنون الحرب، ولم يستسلما حتى أحيط بهما فاضطرا اضطرارا للتلفظ بالشهادتين، وأخفيا حقدهم الدفين على محمد وآل محمد لأنهم قتلة الأحبة على حد تعبير هند أم معاوية، وقتلة شيوخ الوادي على حد تعبير أبي سفيان.

إلا أن معاوية أجاب محمد بن أبي بكر على رسالته قائلا:

(... ذكرت حق ابن أبي طالب، وقديم سوابقه وقرابته من نبي الله ونصرته له، ومواساته إياه في كل خوف وهول، واحتجاجك علي بفضل غيرك لا بفضلك، فاحمد إلها صرف الفضل عنك وجعله لغيرك.

وقد كنا وأبوك معنا في حياة من نبينا نرى حق ابن أبي طالب لازما لنا، وفضله مبرزا علينا، فلما اختار الله لنبيه ما عنده وأتم له ما وعده...

فكان أبوك وفاروقه أول من ابتزه وخالفه. على ذلك اتفقا واتسقا، ثم دعواه إلى أنفسهم، فأبطأ عنهما، وتلكأ عليهما، فهما به الهموم، وأرادا به العظيم فبايع وسلم لهما لا يشركانه في أمرهما، ولا يطلعانه على سرهما، حتى قبضا وانقضى أمرهما...) (1).

وقد أشار الطبري إلى الرسالتين المتبادلتين بين محمد ومعاوية إلا أنه لم يفصل قائلا: (كرهت ذكرها لما فيه مما لا يحتمل سماعه العامة) (2).

وامتنع ابن الأثير عن ذكرها لنفس الحجة (لما فيه مما لا يحتمل سماعه العامة) (3).

____________

(1) صفين لنصر بن مزاحم - ط القاهرة سنة 1382 ه‍ ص 118 - 119، ومروج الذهب للمسعودي ط سنة 1385 ج 3 ص 11.

(2) تاريخ الطبري - ط أوروبا ج 1 ص 3228.

(3) تاريخ ابن الأثير - ط أوروبا ج 3 ص 108.


الصفحة 100
فإذا كان معاوية الطليق ابن الطليق الذي قاد وأبوه الشرك والمواجهة ضد النبي طوال 21 عاما والذي قتل الإمام علي أخاه وجده وخاله وابن خاله وسادات بني أمية يرى حق ابن أبي طالب لازما له، وفضله مبرزا عليه، فالأولى بغيره أن يرى هذا الحق ويعرف هذا الفضل!!

مما يعني أن الترتيبات الإلهية التي أعلنها النبي والمتعلقة بالإمامة أو القيادة من بعد النبي، قد صارت قناعة عامة عند الناس، وقبلوا بها ولم تنزع هذه القناعة إلا بتدابير وجهود جبارة خاصة بذلها الكارهون لما رتب الله ورسوله.

شهادة المقداد بن عمر:

قال المقداد بن عمر: (واعجبا لقريش ودفعهم هذا الأمر عن أهل بيت نبيهم وفيهم أول المؤمنين، وابن عم الرسول، وأفقههم في دين الله، وأعظمهم عناء في الإسلام...

والله لقد زووها عن الهادي المهتدي، الطاهر المتقي، والله ما أرادوا إصلاحا للأمة، ولا صوابا في المذاهب، ولكنهم آثروا الدنيا على الآخرة فبعدا وسحقا للقوم الظالمين) (1).

شهادة الأنصار:

في سقيفة بني ساعدة وفي غياب الإمام علي وفي حضور ذلك النفر من المهاجرين الذين اتفقوا على إهمال الترتيبات الإلهية التي أعلنها النبي والمتعلقة بمن يخلفه (قالت الأنصار أو بعض الأنصار: لا نبايع إلا عليا) (2).

____________

(1) تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 140.

(2) تاريخ الطبري ج 3 ص 120 وط أوروبا ج 1 ص 1818، وابن الأثير ج 2 ص 123 قال: (إن الأنصار قد قالت ذلك بعد أن بايع عمر لأبي بكر).


الصفحة 101
وقال المنذر بن الأرقم مخاطبا ذلك النفر من المهاجرين: (ما ندفع فضل من ذكرت وإن فيهم لرجلا لو طلب هذا الأمر لم ينازعه فيه أحد - يعني علي بن أبي طالب -) (1). (وكان عامة المهاجرين والأنصار لا يشكون أن عليا هو صاحب الأمر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) (2).

____________

(1) رواه اليعقوبي في تاريخه ج 2 ص 103 والزبير بن البكار في الموفقيات ص 579.

(2) الموفقيات للزبير بن بكار ص 580.


الصفحة 102

مظهر إكمال الدين وإتمام النعمة

المظهر الأول
حل مشكلة القيادة

بتنصيب رسول الله أثناء حياته للإمام علي وليا وإماما للأمة من بعده، وبتحديده للأئمة الأحد عشر الذين سيتعاقبون على قيادة الأمة بعد وفاة الإمام علي، وببيانه لطريقة انتقال الإمامة من إمام إلى آخر (كل بعهد ممن سبقه) وبتأهيل رسول الله للأئمة وإعدادهم وتوريثهم علمي النبوة والكتاب، يكون رسول الله قد حل مشكلة القيادة حلا جذريا، وأغلق أبواب الخلاف والاختلاف من بعده فيها، وقطع دابر الطمع والتنازع فيها وعليها، وأضفى على منصب الإمامة طابع الاستقرار والمؤسسية، وأوجد الطريقة المثلى لتربية الأمة سياسيا، فعندما ينتقل منصب الإمامة من إمام لآخر اثني عشرة مرة بطريقة سلمية، وعندما يتعود الناس على حكم الأفضل والأعلم والأفهم لن يتمكن الظالمون الطامعون من الاستيلاء على منصب القيادة بالقوة والتغلب لأنهم سيجدون يوما أمة كاملة تقف في وجوههم وتبطل كيدهم.

المظهر الثاني
حل مشكلة القانون

كلما كانت تنزل آية أو كوكبة من الآيات على رسول الله، كان

الصفحة 103
الرسول يبينها لمن حضر من المسلمين بيانا عاما، ثم ينفرد رسول الله بالإمام علي ويبينها له بيانا خاصا، ثم يملي رسول الله بيانها على الإمام علي، ويأمره بأن يكتبه بخط يده، فعندما اكتمل نزول القرآن، كان الإمام علي قد أكمل كتابة بيان الرسول لهذا القرآن، أي أكمل كتابة السنة المطهرة بفروعها الثلاثة، وعندما تم إنجاز ذلك أمر رسول الله الإمام عليا بأن يحتفظ بهذا الكنز، وأن يعلم ما فيه إلى الإمام الذي يأتي من بعده، وعندما يدركه الموت يسلم هذا الكنز إلى الإمام الذي يليه، ويتوارث الأئمة الاثنا عشر الذين اختارهم الله وبينهم رسوله هذا الكنز والعلم معا، فكان القرآن كله مكتوبا عند الإمام علي، وكانت السنة كلها القولية والفعلية والتقريرية مكتوبة كلها عند الإمام علي بإملاء رسول الله وخط الإمام علي، وانتقلت هذه الثروة من إمام إلى إمام وما زالت حتى يومنا هذا عند عميد أهل بيت النبوة الإمام الثاني عشر، وهكذا حل رسول الله مشكلة القانون.

بهذه الحكمة الربانية أمكن ضمان خلود الشريعة الإلهية، بقرآنها وسنتها، وصيانتها من العبث والتحريف، وتقديمها كاملة للعالم، فلو حكم أئمة أهل بيت النبوة لما عدوا هذه المنظومة الحقوقية الإلهية، فما يحتاجه الناس إلى يوم القيامة موجود فيها، وعندما تستفيق الأمة الإسلامية، فتلعن طغاتها وجلاديها ومغتصبي أمرها، وتعترف بحق أهل بيت النبوة بقيادة الأمة وقيادة العالم كله، عندئذ ستظهر هذه المنظومة مع إمام أهل البيت كأحد براهين صدقه فلولا أعداء الله المتسترين بالإسلام لشقت هذه المنظومة الإلهية طريقها إلى التطبيق، ولنعم العالم بعدل الشريعة الإلهية، وبحكم أئمة أهل بيت النبوة الأطهار.


الصفحة 104

الصفحة 105

الباب الثالث
مخططاتهم لنسف الإسلام وتدمير سنة الرسول بعد موته!!


الصفحة 106

الصفحة 107

الفصل الأول
الصراع الدائم بين الأقلية والأكثرية

لبث رسول الله في مكة قبل الهجرة 13 أو 15 سنة وهو يدعو أهل مكة ومن حولها إلى الإسلام، ومع هذا فإن الذين اتبعوه من أهل مكة وما حولها كانوا أقلية لا يتجاوزون المائتين، أما الأكثرية الساحقة من أهل مكة وما حولها والتي كانت تعد بعشرات الألوف، فقد كانت ضد النبي وضد دعوته، فقد وجدت في مكة قبل الهجرة أكثرية مشركة، وأقلية مسلمة، كانت الأكثرية المشركة التي تقف ضد النبي في مكة منظمة ولها قيادة، ولها نفوذ، ولديها خطط وإمكانيات لتنفيذ هذه الخطط، بل وعندها الإمكانيات لتجييش الجيوش عند اللزوم.

لما هاجر الرسول من مكة إلى المدينة أمر الذين أتبعوه من أهل مكة بالهجرة إلى المدينة، فهاجرت أكثريتهم بالفعل ونشأ في المدينة المجتمع الإسلامي المكون من المهاجرين من أهل مكة ومن الأنصار من أهل المدينة وما حولها ومع هذا فإن المسلمين كانوا أقلية لا تتجاوز ال‍ 500 مسلم وسط أكثرية ساحقة من المشركين واليهود تعد بعشرات الآلاف، فبعد مضي أكثر من سنتين على الهجرة قال رسول الله: (اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس، قال حذيفة فكتبنا له ألفا وخمسمائة)،... وعن الأعمش أنه قال: فوجدناهم خمسمائة، قال أبو معاوية (ما بين الستمائة.


الصفحة 108
والسبعمائة) (1). فإذا أخذنا بعين الاعتبار أن قسما كبيرا من هذا الرقم كانوا من المنافقين أدركت حجم الفارق العددي الهائل بين الأقلية المسلمة، والأكثرية الساحقة المشركة، صحيح أن الأكثرية المشركة كانت تتكون من كيانات متعددة، ولكنها كانت تتصرف كفريق واحد، وكانت لها القدرة على تكوين جبهة واحدة عند الضرورة، وغزوة الخندق أو الأحزاب دليل قاطع على ذلك، فقد شكل العرب واليهود جيشا موحدا ضد الرسول، وزحف ذلك الجيش بالفعل إلى المدينة ليجتث الإسلام من جذوره.

فالهدف المحدد من وحدة الأكثرية المشركة ينصب بالدرجة الأولى والأخيرة على القضاء على النبي والأقلية المؤمنة التي اتبعته، وكان الصراع بين الأكثرية والأقلية يدوم، حتى يتم القضاء على النبي والأقلية التي اتبعته، أو حتى تتظاهر هذه الأقلية المؤمنة بأنها قد رجعت إلى دين الأكثرية، أو تتقي فتكتم إيمانها، أو حتى تتدخل العناية الإلهية لصالح الأقلية المؤمنة فتبطش بالأكثرية الفاسدة بطشة كبرى كما بطشت بفرعون وقومه، أو قوم نوح، أو قوم هود.. الخ عندئذ يحسم الصراع وينتهي إلى حين، ولم يكن ورادا بكل المقاييس العلمية والموضوعية بأن تتمكن الأقلية من حسم الصراع لصالحها بوسائلها الذاتية الخاصة لأنه لا يوجد تكافؤ بين الأكثرية والأقلية، ولا توازن فكفة القوة راجحة بالكامل لصالح الأكثرية، هذه هي انعكاسات القانون الذي حكم الصراع بين النبي أي نبي والأقلية التي اتبعته من جهة وبين الأكثرية الساحقة من أبناء مجتمع ذلك النبي. ولم يكن النبي محمد بدعا من الرسل، فما جرى على الأنبياء الذين سبقوه جرى معه، وكان من المفترض أن ينتهي الصراع بين الأقلية المؤمنة التي اتبعت النبي محمدا وبين الأكثرية المشركة التي وقفت ضده بنهاية تشبه إحدى نهايات الصراع التي تمت بين الأنبياء والسابقين ومجتمعاتهم.

____________

(1) راجع صحيح البخاري ج 4 ص 23، وتدوين القرآن للشيخ علي الكوراني ص 232 - 233.


الصفحة 109
ولكن إرادة الله، وطبيعة رسالة النبي كآخر الرسالات الإلهية ونوعية قيادة النبي المقتدرة أنهت الصراع بين رسول الله محمد والأقلية المؤمنة التي اتبعته وبين المجتمعات العربية المشركة بنهاية غير مسبوقة تاريخيا، لقد تمكنت الأقلية المؤمنة بقيادة رسول الله المقتدرة من هزيمة الأكثرية المشركة عسكريا وسياسيا واقتصاديا، وزهق دين هذه الأكثرية تبعا لذلك.

عندما استسلمت الأكثرية المشركة وتظاهرت بالإسلام، صارت تشكل أكثرية المجتمع الإسلامي

زعامة بطون قريش هي التي قادت الأكثرية الساحقة من العرب والموالي واليهود أثناء مقاومتهم للنبي قبل الهجرة، وهي التي جيشت الجيوش من هذه الأكثرية وقادت الحرب ضد النبي بعد الهجرة، وهي التي حشدت كل إمكانيات الأكثرية لمقاومة النبي وحربه، وكانت زعامة بطون قريش عازمة على الاستمرار في حرب النبي حتى النهاية لأنها زعامة حاقدة، وموتورة وحاسدة، وقاصرة النظر فكلما لوح الرسول لها بمبادرة سلمية ردت عليه بالعنف والحرب وتعميق الخصام، وبعد بضعة وعشرين عاما من مقاومتها وحربها للنبي قبلت بهدنة مؤقتة بينها وبينه ثم نقضتها، فاغتنم النبي الفرصة فجسد كل إمكانات الأقلية المؤمنة، واستنفر المتظاهرين بالولاء له، والطامعين بالمغانم، وتفاجأت زعامة الأكثرية بجيش النبي وهو يحيط بعاصمة الشرك، والمقر العام لقيادته من كل الجهات، وألقى الله الرعب في قلوب تلك الزعامة، فاستسلمت وألقت سلاحها بعد أن هزمت سياسيا واقتصاديا وعسكريا، وعندما وجدت كل الأبواب مغلقة أمامها إلا باب الإسلام تلفظت بالشهادتين، وأقرت بأن الإسلام هو الدين الرسمي لكل بلاد العرب، وباستسلام الزعامة الفاسدة استسلمت الأكثرية المشركة وتلفظت بالشهادتين أيضا اقتداء بزعامتها!! فصاروا رسميا من المسلمين.

1 - وهكذا تكون المجتمع الإسلامي الجديد من الفئة القليلة المؤمنة التي

الصفحة 110
بنت الدولة ورعت الدعوة، وتحملت أعباء مرحلتي التأسيس والمواجهة.

2 - من زعامة بطون قريش وجيشها ورعاياها الذين عادوا الله ورسوله بالأمس ثم استسلموا وتلفظوا بالشهادتين فصاروا أعضاء في المجتمع الإسلامي الجديد. فصارت الأكثرية المشركة بالأمس هي الأكثرية المسلمة في المجتمع الجديد!!!

وأخفت زعامة تلك الأكثرية مشاعرها بالإحباط والهزيمة، وحقدها على الذين قتلوا أبناءها، وتاريخا طويلا من الصراع المرير، وحاولت العيش في ظل هذه العقيدة الجديدة!! والتربص وانتظار الفرص!!! وما تأتي به الأيام!!!

أما الفئة القليلة المؤمنة، التي بنت الدولة وقادت الدعوة وتحملت أعباء المواجهة، فقد صارت أقلية في المجتمع الإسلامي الجديد!! فأبو سفيان قائد جبهة الشرك، وأحد أئمة الكفر سابقا صار مسلما، وعمار بن ياسر مسلم أيضا!!!! وبوقت يطول أو يقصر ستختفي الفوارق بين الاثنين، وسترجح كفة أبي سفيان على كفة عمار، لأن الأكثرية تعتقد أن أبا سفيان أولى بالتقدم والاحترام من عمار وأمثاله!!!

فعمر بن الخطاب من المهاجرين، ونال شرف مصاهرة النبي، وأصبح الخليفة الثاني في ما بعد، ومع هذا كان يقول عن معاوية: (إنه فتى قريش وابن سيدها) (1)!!! لقد نسي الخليفة أو تناسى التاريخ الأسود لمعاوية ولأبيه، ومع أنه كان خليفة للمسلمين إلا أنه كان ينظر لمعاوية ولأبيه بالنظرة نفسها التي كان ينظرها إليهم في الجاهلية وهو يرعى الغنم، فأبو سفيان في الجاهلية كان سيده وسيد قريش وابن السيد سيدا مثله، لقد انتقلت الثقافة الجاهلية مع زعامة البطون ومع الأكثرية التي استسلمت باستسلام الزعامة، وتلفظت بالشهادتين تبعا لتلفظ زعامتها!!

____________

(1) البداية والنهاية لابن الأثير ج 8 ص 125، والاستيعاب لابن عبد البر ج 8 ص 397.


الصفحة 111

مكمن الخطر الماحق

يكمن وجود الخطر الماحق في وجود الأكثرية بجيشها ورعاياها وزعامتها وإعادة تنظيم العلاقة بين الأكثرية وزعامتها السابقة، ويكمن هذا الخطر في طمع زعامة الأكثرية بملك النبوة، وفي طبيعة نوايا تلك الأكثرية وأساليبها بالوصول إلى أهدافها.

لقد تيقنت الأكثرية وزعامتها بأن محمدا قد استطاع أن يبني ملكا عظيما بالفعل على حد تعبير أبي سفيان، وأيقنت الأكثرية وزعامتها بأنه ليس بإمكان الأقلية المؤمنة أن تحمي هذا الملك العظيم، أو أن توسعه دون الاستعانة بالأكثرية، لقد تيقنت الأكثرية وزعامتها أن بإمكانها أن تستولي على ملك النبوة ذات يوم، وأن تنتقم لقتلاها وهزائمها، لذلك رأت أن من مصلحتها أن تعترف بالنبوة، لا قناعة ولكن طمعا بالاستيلاء على الملك الذي تمخضت عنه النبوة، فأخذت تعمل لتحقيق هذه الأهداف تحت مظلة الإسلام وخيمته!!!

العوائق التي كانت تعترض الأكثرية وزعامتها

أول عائق كان يحول بين الأكثرية وبين تحقيق أهدافها، وجود الرسول والتفاف القلة المؤمنة حول قيادته، فقد كان من المستحيل على الأكثرية وزعامتها التمكن من الاستيلاء على ملك النبوة أثناء حياة النبي، لذلك خططت هذه الأكثرية لقتل النبي أثناء عودته من غزوة تبوك، لقد خرجت زعامة الأكثرية مع الرسول في غزوة تبوك تحت شعار الجهاد في سبيل الله، ولكن الغاية الأصلية من خروجها مع النبي هي محاولة اغتنام الفرصة لقتل النبي!! لما فشلت محاولة قتلها للنبي قررت أن تنتظر بفارغ الصبر موته!!

وثاني عائق كان يحول بين زعامة الأكثرية وبين تحقيق أهدافها السنة النبوية المتعلقة بمن يخلف النبي من بعده، فقد ركز النبي بأمر من ربه.


الصفحة 112
تركيزا خاصا على مكانة أهل بيت النبوة فجعلهم مركز الدائرة الإسلامية، وركز النبي تركيزا خاصا على الإمام علي بن أبي طالب، فقدمه بأمر ربه ليكون أول إمام يخلف النبي بعد موته، وعلى أحد عشر إماما من ذريته، لقد كانت السنة النبوية من الوضوح، بحيث لا يمكن تأويلها، وكانت من الحسم بحيث لا يمكن إعادة النظر فيها ولم تجد زعامة الأكثرية وسيلة لإبطال مفاعيل هذه السنة النبوية سوى التشكيك بالنبي نفسه ومقاومة كتابة وتدوين ما يقوله النبي، وبالتالي تصوير السنة النبوية المتعلقة بنظام الحكم والخلافة من بعد النبي بصورة الآراء الشخصية لمحمد بن عبد الله غير الملزمة!!!

وثالث هذه العوائق التي كانت تحول بين زعامة الأكثرية وبين تحقيق أهدافها وحدة الأقلية المؤمنة، فما دامت الأقلية المؤمنة متحدة، فلن تتمكن زعامة الأكثرية من تحقيق أهدافها، لذلك ركزت هذه الزعامة على اختراق الأقلية المؤمنة، وتدمير وحدتها. كان من المهاجرين من يتعصب لقريش، ومن يكره الترتيبات التي أعلنها النبي لخلافته، ومن يعارض جمع الهاشميين للنبوة والخلافة، وكان من المهاجرين من يحقد على علي بن أبي طالب خاصة، وعلى الهاشميين عامة لأنهم وتروهم بالأبناء أو الإخوة أو الآباء أو القرابة القريبة، ولم تكن لهذا النفر المعارض القدرة على الجهر بما يضمر، وعندما انضمت الأكثرية إلى المجتمع الإسلامي قوي هذا النفر بها، ووجدتها زعامة الأكثرية الفرصة التاريخية لاختراق الفئة المؤمنة.

كان عمر بن الخطاب مثلا من المهاجرين ومن المعارضين لجمع الهاشميين بين النبوة والملك (1) وكان من المتعصبين لقريش، ومن الطامعين بمرضاة زعامتها الجاهلية وما يدلنا على تعصبه لقريش قوله لرسول الله في

____________

(1) راجع الكامل في التاريخ لابن الأثير ج 3 ص 24 آخر سيرة عمر من حوادث سنة 23، وشرح النهج لعلامة المعتزلة ابن أبي الحديد ج 3 ص 107 وص 97 وقد نقلها عن تاريخ بغداد.


الصفحة 113
بدر يوم بلغ الرسول أن قريشا قد أقبلت حيث استشار الرسول أصحابه فوقف عمر وقال: (إنها والله قريش وعزها، ما ذلت منذ عزت والله ما آمنت منذ كفرت، والله لا تسلم عزها أبدا ولتقاتلنك، فاتهب لذلك أهبته وأعد لذلك عدته..) (1) فالرجل يثبط همة الرسول، ويمتدح خصمه أمام الأنصار، لقد أدرك بعض أولياء دولة الخلافة خطورة ما قاله عمر! فقال ابن هشام في سيرته: (فقام أبو بكر فقال وأحسن، ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن.. ثم قام المقداد...) (2) فكتما ما قاله عمر وأبو بكر خشية أن يكتشف المسلمون ما قالاه فتهتز مكانتهما المقدسة! وما يعنينا في هذا المقام أن عمر وأمثاله كانوا من الكارهين لرئاسة آل محمد ومن المعارضين لجمعهم النبوة والخلافة معا، ومن المتعصبين لقريش ولزعامتها الجاهلية، ولم يكن عمر الوحيد الذي يحمل هذه القناعات، فقد شاركه في حملها الكثير من المهاجرين، لكن عمر لعب دور المنسق والمنظر والقوة المحركة لأنه لم يصدف أن قتل عمر أو أسر أو سلب أحدا من المشركين، ولأن عمر كان يمدح قريشا وزعامتها، ولأن مشاكساته ومزاوداته على الرسول قد انتشرت، فأحبه المشركون وأحبه المنافقون، لأنهم قد تصوروا أنه عدو لرسول الله بل وقد أحبه اليهود لأنه كان يتردد عليهم ويحضر دروسهم. قال عمر بن الخطاب نفسه: إني كنت أغشى اليهود يوم دراستهم فقالوا لي: (ما من أصحابك أحد أكرم علينا منك لأنك تأتينا...) (3) وفي أسباب النزول للسيوطي قال: (إن عمر كان يأتي اليهود فيسمع منهم التوراة...) (4). ثم إن عمر بن الخطاب كانت له علاقة وطيدة مع المرتزقة من الأعراب، روى

____________

(1) مغازي الواقدي - ط أكسفورد ج 1 ص 48 - 49، وامتناع الأسماع للمقريزي.

(2) سيرة ابن هشام ج 2 ص 253، وصحيح مسلم كتاب الجهاد والسير باب غزوة بدر ج 3 ص 1403.

(3) راجع كنز العمال ج 2 ص 353، وتدوين القرآن ص 413.

(4) أسباب النزول للسيوطي ج 1 ص 21، وتدوين القرآن ص 414.


الصفحة 114
الطبري في تاريخه (أن أسلم أقبلت بجماعتها حتى تضايق بهم السكك فكان عمر يقول: (ما هو إلا أن رأيت أسلم فأيقنت بالنصر) (1) فلو لم تكن علاقته وطيدة بهم، أو على اتفاق معهم فكيف عرف أنهم معه؟ بمجرد رؤيته لهم؟

هذه الشبكة الهائلة من العلاقات والمعتقدات، مكنت زعامة الأكثرية من اختراق وحدة القلة المؤمنة، ومن إيجاد شرخ فيها، ومكنت عمر بن الخطاب من تكوين جبهة عريضة، تتكون من الأكثرية التي كانت مشركة ثم أسلمت، ومن المرتزقة من الأعراب، بل واقتطع معه فريقا من القلة المؤمنة، هذه الجبهة العريضة كانت متفقة على الحيلولة بين آل محمد وبين رئاسة الأمة، وبين سنة الرسول المتعلقة بنظام الحكم وبين التطبيق، لقد تمكنت زعامة بطون قريش والأكثرية الساحقة بفضل عمر بن الخطاب من تكوين حكومة ظل تنتظر موت النبي بفارغ الصبر لتنقض على السلطة وتستولي على ملك النبوة، ولم تر زعامة بطون قريش بأسا من أن يتولى الخلافة بعد موت النبي عمر بن الخطاب أو غيره من المهاجرين، الذين لعبوا دورا مميزا بتسهيل مهمة زعامة بطون قريش والأكثرية التي تؤيدها على اعتبار أن الجميع فريق واحد، وأن من الأنسب أن يتناوب أصهار الرسول على الرئاسة خلال فترة انتقالية، ثم تعود رئاسة الأمة الجديدة، لزعامة بطون قريش الجاهلية المتسترة بثوب الإسلام وهكذا كان.

____________

(1) تاريخ الطبري ج 2 ص 458، وتاريخ ابن الأثير ج 2 ص 224 وفيه (فجاءت أسلم فبايعت)، ومعالم المدرستين ج 1 ص 119.