(إن الله يقول: (وما من شئ إلا وعندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم) فلم نلام نحن؟) (1). وأما الحجاج فقد قال بعد أن قتل رجلاً أظهر حب الإمام علي عليه السلام: (اللهم أنت قتلته، ولو شئت لمنعتني منه!) (2). وكما يذكر المؤرخون أن معبد الجهمي قتل بيد الحجاج سنة 80 ه، وغيلان الدمشقي بأمر من الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك سنة 106 ه لقولهما بحرية الإرادة (3).
ويصف السيد محمد حسين فضل الله الحالة الانهزامية المتوارثة أمام الحكام بقوله: (... أما الآخرون، فقد توزعوا بين الذين يعيشون الاستسلام للواقع، لأنهم آمنوا أن عليهم طاعة أولي الأمر كيفما كانوا، وأن مسألة التمرد عليهم ليست واردة في الحساب، بل لا بد من إضفاء صفة القداسة عليهم في الطاعة والخضوع والالتزام، لأن هذا هو (أمر الله!)، وبذلك عاش الجمهور الكبير في أجواء عجيبة من الحيرة والقلق والضياع، بين طبيعة القيم التي يؤمن بها، وبين الإطار الذي فرضه عليه الخطأ في الفهم أو الاجتهاد) (4).
ويقول الدكتور حسن الترابي ما يوافق هذا الرأي: (فإن صورة النظام السياسي الذي ورثناه هي صورة شائهة، لأنها مركبة من عناصر السكون لا الحركة، عناصر الركون إلى الواقع والقعود عن التبديل الاجتماعي نحو التي هي خير، وعناصر الاستسلام إلى تقليد الإمام أو الحاكم أو السلطان) (5).
____________
(1) أحمد اليماني، المنية والأمل في شرح الملل والنحل، ص 105.
(2) المصدر السابق، ص 87.
(3) مفيد الفقيه، العقل في أصول الدين، ص 27.
(4) محمد حسين فضل الله، تأملات في الفكر السياسي الإسلامي، ص 128.
(5) حسن الترابي، تجديد الفكر الإسلامي، ص 194.
5 - شيوع الجهل والتخلف
بما أن الدين الإسلامي بشريعته السماوية الحقة، وأحكامه الشاملة لجميع نواحي الحياة، هو بإجماع الأمة دين محكم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وصالح لكل زمان ومكان، وقادر على الوصول بالإنسانية إلى أسمى ما يمكن أن يطمح له البشر من درجات الحضارة والسمو، فإن هذا يعني أن درجة تقدم أو تخلفهم في كل عصر ستعتمد بصورة أولية على درجة التوثيق والأمانة في نقل تعاليم هذا الدين السماوي.
وسلامة تفسير ما صح من نقله، علاوة على التفسير الموضوعي لأحداث التاريخ الإسلامي بعد النظر في سلامة نقلها أيضاً. فالتاريخ كما يقال هو عبارة عن (حقائق تكونت من ضلال الحركة والانتقال في آنات الماضي، لتصبح ركيزة للحاضر، الذي يحتضن المستقبل ويؤثر به ويرسم معالمه).
والأداة التي تحول أنات الماضي إلى ركيزة الحاضر هي الاجتهاد، ولكي يؤدي دوره الحيوي والفعال لا بد وأن يكون محدداً ضمن إطار الشرع الإسلامي الصحيح، ومعتمداً على التراث التاريخي السليم، ومتفاعلاً مع حقائق العصر الحاضر.
وبالنظر في تعاطي المسلمين لتاريخهم، فإننا سنجده كما يصفه الشيخ المرحوم محمد الغزالي: (إنه لا غرابة في وجود أخطاء في تاريخنا الثقافي والسياسي، وإنما الغرابة في التستر على هذه الأخطاء أو الاستحماق في معالجتها والتعفية على آثارها... فالقتال الداخلي بين المسلمين أنفسهم [ يقصد في الجمل وصفين ] كانت له آثار بعيدة المدى على حاضرهم ومستقبلهم) (1).
ذلك أنه كان فعلاً للخلفاء وما جرى بينهم من حروب ومنازعات على الحكم الدور الكبير في تجهيل المسلمين، وإعطائهم تلك الصورة المشوهة
____________
(1) محمد الغزالي، مائة سؤال عن الإسلام، ج 2 ص 353.
فلا غرابة إذا بوجود مثل هذه الحالة من التخلف والجهل في أمة الإسلام هذه الأيام، وهي كما يصفها الدكتور الترابي: (وإذا كان الشأن في الإسلام أن يعمر الحياة بمعانيه ويغمرها بصوره وألا ينفك كذلك مواكباً لتطورها الموصول، فقد أصبح نصيبنا من الإسلام تديناً تقليدياً متأخراً عن تقدم حركة الحياة في الاعتقاد والفكر والعمل. فقد نضبت في مواقفنا العقدية معاني التوكل والإقدام التي تدعو لاقتحام كل تحد جديد وتسخيره واتخاذه مادة لعبادة الله الواحد، وأصبح غاية أمرنا أن نحفظ بقية الدين لا نزيده ولا نجدده... والجنوح إلى السكون وإلى القعود عن التفاعل مع الكون والحياة ببواعث الدين هو علة تخلفنا الاقتصادي أيضاً) (1).
ويذكر الدكتور الشيخ القرضاوي إحدى علل انحطاط المسلمين بقوله:
(أهملوا إلى حد كبير فروض الكفاية المتعلقة بمجموع الأمة كالتفوق العلمي، والصناعي والحربي...) (2).
وأما السيد فضل الله فيقدم شرحاً وتشخيصاً أوفى للعلل والأمراض بقوله: (إذا درسنا وضع العالم الإسلامي فسنواجه وضعاً ثقافياً متخلفاً على صعيد المعرفة الإسلامية فيما يتعلق بتفاصيل العقيدة، وخطوط الشريعة، ومناهج العمل، وأساليب التحرك، ووعي التحديات المضادة، مما يجعل
____________
(1) حسن الترابي، تجديد الفكر الإسلامي، ص 191 - 192، 195.
(2) يوسف القرضاوي (صحوة الشباب الإسلامي ظاهرة صحية يجب ترشيدها لا مقاومتها، الصحوة الإسلامية: رؤية نقدية من الداخل، ص 49، نقلاً عن مجلة الأمة، ع 1059، 1981 م.
وقد ساهم هذا الجهل في تعقيد عملية الإصلاح، لأن الصورة المشوهة التي يحملها الناس عن الإسلام فيما يفهمونه من عقائده وأحكامه، أصبحت تحمل في داخلها، معنى من القداسة، التي تتحول فيها الأخطاء إلى مقدسات، والأوهام إلى مبادئ، مما يجعل من قضية المناقشة فيها، فضلاً عن رفضها، أمراً يبلغ حد الكفر، ويحمل معنى الانحراف، وبذلك أصبح للذهنية الأمية التي يحملها العوام، ضغط كبير على مسار الفكر الناقد لدى العلماء والمفكرين تحت ضغط الخوف من خسارة ثقة العامة. وهكذا بقيت الأوهام والأضاليل التي أفرزها واقع التخلف في حركة الذهنية العامة للإنسان واقعاً ثقافياً، إسلامياً، مقدساً، معترفاً به) (1).
وبما أنه لا بد وأن يكون لكل تشريع حكمة وغاية، فإن تعطيل أي من تلك الأحكام المشرعة، أو فهمها على غير صورتها الحقيقية، أو تطبيقها على غير الطريقة التي أرادها الشارع المقدس، فإن ذلك لا بد وأن يولد آثاراً سلبية تخل في النظام الإسلامي العام، أو تجعل فيه فراغاً يتهيأ من خلاله فرص الإفساد والانحراف.
ونقدم فيما يلي أمثلة متنوعة وشواهد حية على هذا التخلف والجهل في فهم العديد من قضايانا الإسلامية المعاصرة وتطبيقها:
____________
(1) محمد حسين فضل الله، تأملات في الفكر السياسي الإسلامي، ص 125 - 126.
1 - الجهل والتخلف في فهم العقائد
ونعود بمثالنا في هذه الناحية إلى مفهوم القضاء والقدر، حيث بينا في موقع سابق المنشأ السياسي الواضح في تشويش الفهم حول هذه المسألة، وخصوصاً فيما يتعلق بالجبر والاختيار، ولكن غالبية المسلمين قد انطلى عليهم هذا التشويه لعقائد الإسلام ومعاني الكتاب، واستندوا إلى ظاهر بعض الآيات القرآنية والمؤولة أموياً بالجبر أو تسيير الإنسان على غير إرادته واختياره. ومن هذه الآيات (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله) [ الإنسان / 30 ]، وقوله تعالى: (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) [ التوبة / 51 ]، وقوله تعالى: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها) [ الحديد / 22 ].
ويقول الشيخ محمد الغزالي في تفنيده لهذا التأويل الباطل: (والغريب أن جمهوراً كبيراً من المسلمين يجنح إلى هذه الفرية، بل إن عامة المسلمين يطوون أنفسهم على ما يشبه عقيدة الجبر باختيار خافت موهوم... وقد أسهمت بعض المرويات في تكوين هذه الشبهة وتمكينها، وكانت سبباً في إفساد الفكر الإسلامي، وانهيار الحضارة والمجتمع) (1). وفي تعليق آخر يقول: (كل ميل بعقيدة القدر إلى الجبر فهو تخريب متعمد لدين الله ودنيا الناس، وقد رأيت بعض النقلة والكاتبين يهونون من الإرادة البشرية، ومن أثرها في حاضر المرء ومستقبله، وكأنهم يقولون للناس: أنتم محكومون بعلم سابق لا فكاك منه، ومسوقون إلى مصير لا دخل لكم فيه، فأجهدوا أنفسكم فلن تخرجوا عن الخط المرسوم لكم مهما بذلتم... إن هذا الكلام الردئ ليس نضح قراءة واعية لكتاب ربنا، ولا اقتداء دقيق بسنة نبينا، إنه تخليط قد جنينا منه المر...!!) (2).
____________
(1) محمد الغزالي، السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث، ص 144.
(2) المصدر السابق، ص 148.
(جاءت في القدر أحاديث كثيرة نرى أنها بحاجة إلى دراسة جادة، حتى يبرأ المسلمون من الهزائم النفسية والاجتماعية التي أصابتهم قديماً وحديثاً) (1).
وأما الأحاديث التي يحذر الغزالي من أخذها على علاتها، فلا بد وأن تكون الأحاديث التالية من ضمنها، والتي أخرجها جميعاً مسلم في صحيحه:
فعن أبي هريرة قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: احتج آدم وموسى عليه السلام عند ربهما، فحج آدم موسى، قال موسى: أنت آدم الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، وأسكنك في جنته، ثم أهبطت الناس بخطيئتك إلى الأرض!!! فقال آدم: أنت موسى الذي اصطفاك برسالته وبكلامه، وأعطاك الألواح فيها تبيان كل شئ وقربك نجياً، فبكم وجدت الله كتب التوراة قبل أن أخلق؟ قال موسى: بأربعين عاماً. قال آدم: فهل وجدت فيها (وعصى آدم ربه فغوى)؟ قال: نعم، قال: أفتلومني على أن عملت عملاً كتبه الله علي أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فحج آدم موسى) (2).
وأما عمرو بن العاص فإنه يختلف مع رواية أبي هريرة بعدد السنين بقوله: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وقال: وعرشه على الماء) (3).
ويروي عمرو بن العاص أيضاً: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء. ثم قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك) (4).
____________
(1) المصدر السابق، ص 156.
(2) صحيح مسلم، كتاب القدر، ج 5 ص 507.
(3) المصدر السابق، ص 509.
(4) المصدر السابق، ص 509 - 510.
وأما عائشة فتختصر كل هذه الروايات جميعها بالمعنى التالي كما تروي قائلة: (دعي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى جنازة صبي من الأنصار. فقلت: يا رسول الله، طوبى لهذا عصفور من عصافير الجنة لم يعمل السوء ولم يدركه. قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أو غير ذلك يا عائشة؟! إن الله خلق للجنة أهلاً خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم، وخلق للنار أهلاً خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم) (2).
فإذا صحت هذه الروايات لا قدر الله، فلماذا الحساب والعقاب إذا؟؟
2 - الجهل والتخلف في أداء الفرائض
ونكتفي في هذا الجانب بتقديم مثال متعلق بصلاتنا اليومية، نأخذ مسألة الجمع فيها. فالجمع يكون عاد تقديماً أو تأخيراً بين صلاتي الظهر والعصر، وبين صلاتي المغرب والعشاء.
وقد أشارت أدلة قطعية من السنة النبوية إلى ثبوت جواز مثل هذا الجمع في جميع الأحوال، وليس مخصوصاً بحالات الضرورة القصوى كالسفر أو المطر أو الحرب.
فمن صحيح البخاري، قال ابن عباس: (صلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم سبعاً جمعاً - يعني المغرب والعشاء - وثمانياً جمعاً - يعني الظهر والعصر -) (3) وفي رواية صحيح مسلم بإضافة: (من في غير خوف ولا سفر) (4).
____________
(1) المصدر السابق، ص 511.
(2) المصدر السابق، ص 517.
(3) صحيح البخاري.
(4) صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جواز الجمع بين الصلاتين في السفر، ج 2 ص 356. =
سألت ابن عباس كما سألتني، فقال: أراد ألا يحرج أحداً من أمته) (1). وقال رجل لابن عباس: الصلاة! فسكت ابن عباس، ثم قال: الصلاة! فسكت، ثم قال: الصلاة! ثم قال [ له ابن عباس ]: لا أم لك! أتعلمنا بالصلاة وكنا نجمع بالصلاتين على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) (2).
وينقل السيد سابق في كتاب (فقه السنة) (3) تحت عنوان الجمع للحاجة عن النووي في شرحه لصحيح مسلم: (ذهب جماعة من الأئمة إلى جواز الجمع في الحضر لمن يتخذه عادة. وهو قول ابن سيرين وأشهب من أصحاب مالك.
وحكاه الخطابي عن القفال والشاشي الكبير من أصحاب الشافعي وعن أبي إسحاق المروزي، وعن جماعة من أصحاب الحديث، واختاره ابن المنذر، ويؤيده قول ابن عباس: (أراد ألا يحرج أمته). فلم يعلله بمرض ولا غيره) (4).
وبالرغم من وضوح أدلة السنة النبوية على جواز الجمع بين الصلاتين في جميع الأحوال، وتأييد غالبية فقهاء المسلمين لذلك، إلا أن السائد عند أتباع المذاهب الأربعة هو عدم الجمع باستثناء حالات الضرورة القصوى، الأمر الذي يشير بأصابع الاتهام مرة أخرى إلى تيار التشدد والتعسير الذي تسرب بقوة إلى عبادات المسلمين ومعاملاتهم.
ولا يخفى مدى أهمية وجود مثل هذه الرخصة، ودورها في المحافظة على الصلوات، لا سيما لدى أولئك المتثقلين من أدائها (وما أكثرهم!) مفرقة في أوقاتها الخمسة.
____________
(1) المصدر السابق، ص 357.
(2) المصدر السابق، ص 359.
(3) السيد سابق، فقه السنة، ج 1 ص 291 - 292.
(4) النووي في شرحه على صحيح مسلم، ج 2 ص 359.
3 - الجهل والتخلف في فهم القضايا التاريخية
كم هي القضايا المتعلقة بأحداث هامة في تاريخنا الإسلامي فهمت على غير حقيقتها، وزورت تفاصيلها، وشوهت صورتها حتى صارت كما نقلت إلينا وكأنها قضية مختلفة تماماً عن واقعها الأصلي. ونأخذ ثورة كربلاء كمثال:
فبالرغم من الأهداف النبيلة لهذه الثورة الحسينية، ودورها في إنقاذ الإسلام من ابتذال بني أمية وسطوتهم، بكشف الغطاء عن وجههم الحقيقي المعادي للإسلام، فإنها تعرضت للكثير من التحريفات والتشويهات من قبل كثير من أبناء الأمة على مر العصور. ففي جانب، يرى بعضهم في الإمام الحسين الرجل المتسرع الذي يرمي نفسه إلى التهلكة، ويرفض الاستماع إلى بعض النصائح في عدم الخروج عن طاعة ولي الأمر (!) يزيد بن معاوية.
ويلاحظ في هذا الجانب أيضاً اعتبار كثير من المسلمين يوم ذكرى استشهاد الحسين مناسبة سارة، لا لمقتله عليه السلام، وإنما بحجة أن يوم العاشر من محرم هو اليوم الذي أنقذ الله سبحانه وتعالى فيه النبي موسى عليه السلام من بطش فرعون. ولذلك فإن الأمويين تفننوا في وضع المرويات التي فيها أخبار إنقاذ العديد من الأنبياء في هذا اليوم نفسه، وثواب كبير لصائميه. وتجد بعض المسلمين في الهند وبنغلادش يحتفلون في العاشر من محرم بابتهاج وسرور كبير، وكأنه عيد كبير من الأعياد!
وفي جانب آخر، تحولت عاشوراء لمسلمين آخرين إلى ذكرى يجتمع فيها الناس لمجرد البكاء وضرب الصدور، ظناً منهم أن هذه هي الطريقة المثالية لمواساة الحسين وأهل البيت عليهم السلام في مصابهم.
وبالرغم من والعلماء المسلمون - باستثناء الوهابيين - لا يحرمون البكاء على الإمام الحسين عليه السلام وغيره من شهداء الإسلام فضلاً عن أموات عموم الناس، بل إن ذلك أمر يثاب فاعله عليه إذا كان البكاء بدافع الحب والحزن، لا سيما عند تذكر الطريقة الوحشية التي ذبح بها الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه. ولكنه
وأما الدروس والعبر التي يؤكد العلماء على ضرورة الاستفادة منها من هذه القضية، فهي التضحية في سبيل الرسالة والمبدأ، والعمل في سبيل الله دون النظر إلى الأخطار الدافعة إلى الخوف كمبرر للتقاعس والتوقف عن خدمة الدين، فعاشوراء ليست للدموع والبكاء، وإنما هي للإسلام والرسالة.
4 - الجهل والتخلف في فهم القضايا الأخلاقية
هناك العديد من المفاهيم الأخلاقية التي أخذها المسلمون على غير حقيقتها كمفاهيم الزهد، والصبر، والتوبة، والتوكل، وغيرها، ونأخذ الزهد كمثال:
فالإسلام في الحقيقة قد حث على الزهد ورغب فيه، والزهد يطلق على ترك الإنسان لشئ يرغب فيه رغبة طبيعية، أي أن هذه الصفة لا تطلق على المريض الراغب عن تناول الطعام بسبب فقدانه شهية الأكل.
وهذا المفهوم السامي كغيره من المفاهيم العديدة التي تشوهت صورتها في أذهان المسلمين، حتى أصبح الزهد مما ينفر منه، لأنه يعني عندهم ترك الإنسان الدنيا ولذاتها من أجل التفرغ للعبادة. وهذا الفهم المنحرف قد تسرب إلى فكر المسلمين من المسيحية التي تفرق بين العمل الدنيوي والأخروي، حيث تطلق هذه الديانة على كل ممارسة عملية للإنسان مع الطبيعة والحياة عملاً دنيوياً، بينما أطلقت على الطقوس المعزولة عن كل ممارسة حياتية اسم العمل الأخروي. في حين أن الإسلام يعطي أي عمل أو نشاط للإنسان صفة الأخروية ويعده عبادة إذا كان مؤدى بنية التوجه والقرب من الله.
ويرى الشهيد مطهري أن سبب حث الإسلام على الزهد لأن فيه تجسيداً للإيثار، ومواساة للفئة المحرومة، والتحرر والانعتاق من قيود الشهوة والنهم وشح النفس وحب الادخار والجاه ونظائرها، بالإضافة إلى أن الزهد يساعد على تذوق اللذات المعنوية لأن الانغماس التام في تلبية حاجات الجسد المادية يغلظ الحس ويضخمه (1).
وهو يستنكر الزهد الذي يعني الانفصال عن حياة الناس، أو الامتناع عن اللذات الدنيوية، فهو زهد لا روح فيه، بل إن الإسلام ينفر من مثل هذا الزهد وأولئك الزهاد (2).
5 - التخلف والجهل في القضايا السياسية
من أكبر مظاهر جهل المسلمين وتخلفهم في هذا الجانب هو طاعتهم العمياء على مر العصور التي حكمت فيها دولة الخلافة، وحتى في بعض البلدان بأيامنا هذه لحكام الجور، بحجة عدم جواز الخروج عن طاعة أولياء الأمور حتى لو كانوا من الفجار والمجرمين. وقد بينا هذه الحالة في بند سابق.
وسنتناول في هذه الزاوية حالة أناس موازية لأولئك المسلمين المؤمنين بالطاعة العمياء. ولكن باختلاف في التفاصيل. فقد وجد هناك بعض المسلمين ممن لا يؤمنون بطاعة حكام الجور، ولكنهم مخدرون أيضاً لأنهم لا يؤمنون بوجوب إقامة الحكم الإسلامي في عصر غيبة الإمام المهدي المنتظر، بل إن منهم من حرم السعي والتحرك لذلك.
ومن الواضح
____________
(1) مرتضى مطهري، إحياء الفكر في الإسلام، ص 43 - 46.
(2) مرتضى مطهري، الحق والباطل، ص 173.
ويقول الإمام الخميني مستنكراً هذا الجهل بقوله حول ضرورة قيام الحكومة الإسلامية في هذا الزمان بأنها: (فكرة علمية واضحة، قد لا تحتاج إلى برهان، بمعنى أن من عرف الإسلام أحكاماً وعقائد يرى بداهتها، ولكن وضع المجتمع الإسلامي، ووضع مجاميعنا العلمية على وجه الخصوص، يضع هذا الموضوع بعيداً عن الأذهان، حتى لقد عاد اليوم بحاجة إلى البرهان) (1). وكان كلام الإمام هذا رحمه الله قبل انتصار الثورة الإسلامية في إيران بسنوات عديدة.
وأما جذور ذلك الفهم المتخلف، فهو راجع إلى التفسير الخاطئ لحقيقة غيبة الإمام المنتظر، والجهل بالظروف الموضوعية التي تستلزم ظهوره، علاوة على الاستناد على بعض المرويات المشكوك في صحتها والتي توحي أن كل راية ترفع في زمن غيبة الإمام هي راية ضلال، بمعنى أن إقامة الحكومة الإسلامية هو حق مخصوص بالأئمة الاثني عشر، وليس لأحد غيرهم تجب الولاية والطاعة.
وقد وصف السيد فضل الله فهم هؤلاء بالجمود، وأنه يدفع أصحابه إلى السلبية أمام مشكلات الواقع، لأنهم بموقفهم هذا أصبحوا القوة التي تحمل الآخرين إلى الحكم دون الاعتقاد بشرعيتهم، وبذلك استطاع كل المنحرفين والطامعين أن يصلوا إلى المركز الكبير في قيادة المسلمين لينحرفوا بهم إلى واقع مظلم لا يحمل لهم إلا المزيد من الجهل والتخلف، والبعد عن قيم الإسلام الحضارية الباحثة عن الحرية والعدالة والمساواة (2).
____________
(1) الإمام الخميني، الحكومة الإسلامية، ص 7.
(2) محمد حسين فضل الله، تأملات في الفكر السياسي الإسلامي، ص 128 - 29.
6 - الجهل والتخلف في القضايا الاقتصادية
في الوقت الذي لا يزال فيه العلماء والمفكرون المسلمون يواجهون تحدياً كبيراً في استخلاص نظام اقتصادي إسلامي وبلورته ليكون قابلاً للتطبيق في هذا العصر فإنه ولتعقيدات مذهبية يجهل كثير من هؤلاء الأعلام فضلاً عن العوام أبسط بديهيات هذا النظام كما سترى في المثال التالي المتعلق بدفع ضريبتي الزكاة أو الخمس:
فبالنسبة لمصطلح الخمس فإنه وحسب دليل القرآن الكريم (وما غنمتم من شئ فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى...) [ الأنفال / 41 ]، وكما فهمه العلماء السائرون على منهج أهل البيت عليه السلام، فإنه يعني وجوب دفع خمس صافي الأرباح السنوية للإمام أو الدولة الإسلامية.
وأما تلك التعقيدات المذهبية التي أحدثت إشكالاً كهذا، فتعود جذورها إلى الوقت الذي منع فيه الخليفة أبو بكر حق فاطمة ابنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من الخمس (1) (وهو سهم ذوي القربى)، حيث ذهب المؤيدون لأبي بكر وخلافته منذ ذلك الحين إلى اعتبار الخمس المقصود في الآية السابقة خاصاً بغنائم الحروب التي يتصرف بها حاكم المسلمين كائناً من كان.
فبالإضافة إلى أن الآية القرآنية هذه ليس فيها ما يدل على أي تخصيص بغنائم الحروب، فإن الحديث الشريف التالي يؤكد أيضاً هذه الحقيقة. فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (العجماء جبار، والبئر جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس) (2). فالذهب والفضة (المستخرجان من الأرض وليس ما يبتاعه الناس) في هذا الحديث ليسا من غنائم الحروب ولكنهما مشمولان بحكم الخمس.
____________
(1) راجع تفاصيل الحادثة في الفصل الأول من القسم الثاني.
(2) صحيح البخاري، كتاب الزكاة، باب في الركاز الخمس، ج 1 ص 166.
وأما الشيعة، فإن من استحق عليه منهم دفع ضريبة الخمس، فإنهم يدفعونها إلى العلماء المراجع الذين ينوبون عن الإمام محمد بن الحسن المهدي في غيبته، أو يصرفونها مباشرة في المشاريع الخيرية بإذن منهم. وفي نسبة الخمس ما يكفي العلماء لتحقيق استقلالهم عن السلطات الحاكمة على مر الأزمنة، وهم يستثمرونها في الصرف على المشاريع الخيرية ورعاية الفقراء والأيتام وبناء المساجد والحوزات العلمية (المدارس والجامعات الدينية).
والحق يقال إن هذه الاستقلالية لم تتوفر عند علماء أهل السنة، أو المدارس والهيئات الدينية التي يديرونها، مما يبقيهم تحت رحمة السلطان ويد الدولة، وما يعني ذلك من تأثير في الخط والمنهج بل والفتوى كما لا يخفى!
7 - الجهل والتخلف في القضايا الاجتماعية
ما أكثر القضايا التي تستحق النظر والاهتمام في هذا الجانب، حيث تجد بقاء ترسبات كثيرة من العادات والتقاليد التي عفى عليها الزمان في معظم بقاع العالم الإسلامي، لا بل الجاهلية منها، حتى أن الدين أصبح يحور ويشكل ليكون موافقاً لها ومنسجماً معها، وإلا تراه غائباً عن واقع الحياة الاجتماعية أو بعيداً عن التأثير فيها.
وتعتبر المسائل المتعلقة بالزواج من أكثر القضايا حيوية في أي مجتمع كان، وقد رأينا في هذه الناحية أخذ الزواج المؤقت كمثال:
فقد أجمع المسلمون في فهمهم حول الحكم التي جعلت الشارع المقدس يبيح رخصة تعدد الزوجات، فهم يرون فيها حلاً إلهياً لمشاكل كثيرة
ولكن مما لا يزال المسلمون مختلفين حوله هو دوام إباحة الزواج المؤقت والمعروف بزواج المتعة (1)، والذي يراه المنطق والعقل السليم المتحرر من أغلال بعض العقد الاجتماعية المتوارثة حلاً لمشاكل عديدة يخفق في حلها الزواج الدائم أو تعدده، فضلاً عن تسيب العلاقات غير المشروعة وذلك بالرغم أيضاً مما قد ينجم من إشكالات سوء التطبيق.
وحتى أن الخليفة عمر بن الخطاب، المحرم الحقيقي لهذا النوع من الزواج، يعترف أن تشريعه كان لضرورة وحاجة، حيث يروي الطبري أن الخليفة عمر رد على انتقاد عمر بن سوادة له بهذه المسألة قائلاً: (إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحلها في زمان ضرورة ثم رجع الناس إلى سعة، ثم لم أعلم أحداً من المسلمين عمل بها ولا عاد إليها، فالآن من شاء نكح بقبضة وفارق عن ثلاث بطلاق، وقد أصبت...) (2).
ويفند أحد المحققين المعاصرين رأي الخليفة هذا بالقول: (أما ما ذكره الخليفة في مقام العلاج من تبديل نكاح المتعة بالنكاح الدائم على أن يفارق [ بالثلاث طلقات ]، فالأمر ينحصر فيه بين أمرين لا ثالث لهما: إما أن يقع ذلك بعلم من الزوجين وتراض بينهما، فهو الزواج المؤقت أو نكاح المتعة بعينه، وإما أن يقع بتبييت نية من الزوج مع إخفائه عن الزوجة، فهو غدر بالمرأة واستهانة بها بعد أن اتفقا على النكاح الدائم، وأخفى المرء في نفسه نية الطلاق) (3).
____________
(1) راجع هذا الموضوع في الفصل الثاني من القسم الثاني.
(2) تاريخ الطبري، ج 5 ص 32.
(3) مرتضى العسكري، معالم المدرستين، ج 2 ص 325.
وعلى كل حال، فإن الضرورة المجمع عليها، والتي من أجلها شرع زواج المتعة، لا يمكن أن تكون محصورة بتلك الحقبة الوجيزة في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فالمشكلة الجنسية ليست خاصة بعصر دون آخر، ولا بأماكن أو أقوام دون غيرها، لا بل أن هذه المشكلة في تفاقم مستمر في كل مكان، إن لم تكن المشكلة الاجتماعية الأولى هذه الأيام لأسباب كثيرة لا تحتاج إلى توضيح.
وإن كان رفض فكرة التوقيت في الزواج نابعاً من أسباب نفسية، وعادات وتقاليد راسخة لا محيص عنها، فليكن ذلك، ولكن هذا لا ينبغي بأي حال من الأحوال، أن يكون دليلاً على حرمة هذا الزواج، فيوجد هناك أحياناً من المسلمين ممن يأنفون الحكم والقانون (الإلهي!) في تعدد الزوجات، ولو أبقى التشريع على عادات العرب وعاداتهم الذين أول من نزل فيهم الإسلام، لما زلنا نرى ممارسة وأد البنات لغاية هذه الأيام!، وإن كتبت لهن الحياة، فإنهن غالباً يعشن مهانات ومحتقرات إلى أبعد الدرجات.
وقد أقسم لي أحد الأصدقاء أن في بلدته النائية بأحد الأغوار رجلا لم يسمح لبناته الثلاث من الزواج، حتى شارفن الأربعين دون أي أمل يلوح في الأفق. والسبب؟ حتى لا يتمكن من ملامستهن أي رجل كائناً من كان!
وهذه الجريمة بنظري أعظم من جريمة وأد البنات!. ولا يزال سائداً في بعض البلدان الإفريقية (ومنها إسلامية) ممارسة جريمة ختان البنات. لماذا؟
أو لا يزال سائداً أيضاً في بعض المناطق في بلاد العرب والمسلمين عادة قتل المرأة غير المحصنة لأقل شبهة أو إشاعة باقترافها الزنى، ودون أي تأن للتحقق والنظر، وبقاء الرجل المحصن المشهور باقترافه الفواحش كلها رافعاً رأسه ومحترماً بين الناس؟!
فهذه العقلية هي نفسها التي أيدت اجتهاد المتشددين بتحريم زواج المتعة، وأبقت على هذا المنع حتى صار ديناً بعينه!
أضف لكل ذلك أنه ما لا يناسب عادات مجتمع ما وتقاليده، لا يعني بالضرورة عدم ملاءمته لعادات المجتمعات الأخرى وتقاليدها، والإسلام لم يأت لقوم دون آخرين، وإنما هو صالح لكل زمان ومكان بكل ما تعني هذه الكلمات والتي حولها غالبية المسلمين إلى شعارات من دون معان.
فالمشكلة الجنسية أصبحت هذه الأيام، وأكثر من أي وقت مضى، أكبر من أن يكبتها أي حض خلقي، أو وعظ إرشادي، أو حتى مرض الايدز الذي أصبح مرض العصر من دون منافس!
وما دامت الشهوة الجنسية هي مما فطر الخلق عليها، فيستحيل كبتها، ولا يجوز التباطؤ في التعامل معها، وإنما يجب الإسراع بالاستجابة لمتطلباتها ضمن إطار نظام اجتماعي شامل.
وقد اشتهر الفيلسوف الإنجليزي المعروف برتراند رسل بتبنيه لحل مطابق لزواج المتعة، بعد أن رأى الانحطاط الذي وصلت إليه المجتمعات الغربية من جراء الإباحية المطلقة التي عولجت بها القضايا الجنسية وعلاقة الرجل مع المرأة هناك. فهو يرى (أن سن الزواج قد تأخرت بغير اختيار وتدبير، فإن الطالب كان يستوفي علومه قبل مئة سنة أو مئتين في نحو الثامنة عشرة أو
أما في العصر الحاضر، فالطلاب يتخصصون لعلومهم بعد الثامنة عشرة أو العشرين، ويحتاجون بعد التخرج من الجامعات إلى زمن يستعدون فيه لكسب الرزق من طريق التجارة أو الأعمال الصناعية والاقتصادية، ولا يتسنى لهم الزواج وتأسيس البيوت قبل الثلاثين، فهناك حقبة زمنية طويلة يقضيها الشاب بين سن البلوغ وبين سن الزواج لم يحسب لها حسابها في التربية القديمة، وهذه الحقبة هي زمن النمو الجنسي والرغبة الجامحة، وصعوبة المقاومة للمغريات، فهل من المستطاع أن نسقط حساب هذه الفترة من نظام المجتمع الإنساني كما أسقطها الأقدمون وأبناء القرون الوسطى!) (1).
ويجيب مستنكراً ذلك لأنه يرى (أننا إذا أسقطناها من الحساب، فنتيجة ذلك شيوع الفساد والعبث بالنسل والصحة بين الشبان والشابات) (2).
والحل الذي رآه: (وإنما الرأي أن تسمح القوانين في هذه السن بضرب من الزواج بين الشبان والشابات لا يؤودهم بتكاليف الأسرة، ولا يتركهم لعبث الشهوات والموبقات، وما يعقبه من العلل والمحرجات) (3)، وقد سمى هذا النوع من الزواج (بالزواج العقيم أو الزواج بغير أطفال، وأراد به أن يكون عاصماً من الابتذال، ومدرباً على المعيشة المزدوجة قبل السن التي تسمح بتأسيس البيوت) (4).
____________
(1) الفلسفة القرآنية للعقاد ص 73، نقلاً عن الدكتور رسل.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.
(4) المصدر السابق.
(رحم الله عمر، ما كانت المتعة إلا رحمة من الله تعالى رحم بها أمة محمد، ولو لا نهيه لما احتاج إلى الزنى إلا شفا) (1). والشفا يعني القليل.
ويعلق السيد محمد تقي الحكيم على هذه الحقيقة بقوله: (وأرجو أن نتأمل كلمة (رحمة) و (احتاج) فهي من أروع الدلائل على عمق هذا الرجل وفهمه للمشكلة، وحسبه أن يرى أن الزنى مما يحتاج إليه أحياناً، وليس ينطوي دائماً على التحدي للتشريع، فصاحبه مريض والمريض يحتاج إلى العلاج، وقد جعل الله في المتعة علاجه، فهي رحمة له، والحقيقة أن تشريع الحد في الزنى، والشذوذ الجنسي لا تتضح عدالته إذا لم نفهم مختلف الحلول التي وفرها الشارع لمشكلته، فمع تخطيها جميعاً، وتحدي الشارع بالعمل على إشاعة الفوضى الجنسية ينكشف أن هذا النوع من المرض النفسي لا يمكن علاجه والحد من انتشار وبائه إلا بأمثال هذه الجرعات) (2).
____________
(1) الثعلبي والطبراني في تفسيرهما (2) محمد تقي الحكيم، الزواج المؤقت، ص 11.
الخلاصة والخاتمة
إن أهم ما يمكن استنتاجه من هذا البحث أن ما جعل من الخلاف الذي حصل في صدر الإسلام حول خلافة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإمامة الأمة بعده أزمة على مر العصور هو أن هذا الخلاف لم يكن مجرد خلاف سياسي بين أشخاص تنافسوا على الوصول للسلطة والحكم، ولم يكن مجرد فتنة وقتية حدثت بين الصحابة وانتهت برحيلهم، وإنما كان فوق كل ذلك خلافاً حول المسار الذي ينبغي على المسلمين اتباعه في تحصيل معارف الدين من عقائد وسنن وأحكام.
وهذا يؤكد ما بيناه في بداية البحث أن المفهوم القرآني للخلافة والإمامة يتلخص في اعتبارها الخلافة الإلهية في الأرض، والأمانة أو العهد الذين يربطان العباد بمعبودهم، وما يعني أن أي خلل في فهم هذا المبدأ أو تطبيقه، سيؤدي حتماً إلى حدوث خلل في فهم عقائد الإسلام، وانحراف في تطبيق أحكام الشرع. ونجمل ذلك في نقاط:
صراع الخطط والإرادات
لقد كان واضحاً أن التخطيط الإلهي ببعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم كان يهدف إلى تبليغ الرسالة ليس إلا (وما أرسلناك إلا شاهداً ومبشراً ونذيراً)، فقال جل وعلا بعد نجاح هذه المهمة: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً). وأما التخطيط الإلهي بحصر خلافة النبي صلى الله عليه وآله وسلم،، فقد كان يهدف إلى إتمام نور الرسالة على يد هؤلاء الأئمة، والذين خصتهم العناية الإلهية بالعناية والتسديد (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) [ الأحزاب / 33 ].
ولا يمكننا فهم إبعاد هذا التخطيط عن جريانه الطبيعي، كما حصل فعلاً بتهمش دور الأئمة عليه السلام، إلا بفهم القوانين والسنن التي جعلها الله سبحانه وتعالى المبدأ الأساس الذي يحكم العلاقة بين الهداية الربانية وحرية إرادة الإنسان واختياره (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) [ الرعد / 11 ].
فالتخطيط الإلهي من إرسال الأنبياء إلى بني إسرائيل على سبيل المثال، لم يكن يهدف إلى قتل هؤلاء الأنبياء وإنما لاهتداء الناس بهم. فأما قتلهم فكان ناتجاً عن تخطيط بشري أدى إلى انتصار إرادة الباطل، فكان جواب الأنبياء والدعاة إلى الحق للمعاندين والكارهين للهداية على مر العصور (قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون).
وهذه القوانين والسنن هي التي تفسر سياسة الأئمة الاثني عشر منذ لحظة وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم تجاه الأوضاع التي كانت تمر بهم وتحكم علاقتهم بالسلطة وجمهور الأمة.
فالأسباب التي أدت إلى إبعاد التخطيط الإلهي القاضي باستخلاف أهل البيت عليه السلام لم تكن محصورة في الأشخاص الذين اجتهدوا بالتصدي لولاية أمر المسلمين على طريقتهم الخاصة، وإنما تعود إلى عدة عوامل مجتمعة،
وقد عبر الإمام علي عليه السلام عن رفضه لما جرى في السقيفة بتخلفه عن بيعة أبي بكر ستة شهور، ولكنه آثر أخيراً البيعة لما استسلم له الناس، واختار أن يبقى على مقربة من النظام القائم، لتحققه من أن المصلحة الرسالية العليا تتطلب منه ذلك، لا سيما لبقاء وجود قدرته على التأثير في الحفاظ على تعاليم الإسلام من التحريف والتشويه، وباعتبار أن الخلفاء الثلاثة الأوائل قد بايعهم الناس على أن يعملوا بكتاب الله وسنة نبيه.
وهذا المبدأ هو نفسه الذي يفسر رفض الإمام علي عليه السلام الأولي للخلافة بعد مقتل عثمان، ولم يقبلها إلا بعد إصرار الناس عليه، وإظهار رغبتهم الأكيدة لخلافته، فأصبحت الفرصة بمبايعة المسلمين له مهيأة لتوحيد الخط والفكر والمنهج، لأن خلافته عليه السلام هي الوحيدة التي أجمع المسلمون على صحتها على مر العصور باختلاف فرقهم ومذاهبهم، وهي المعياد التي يجب أن تقاس به أي خلافة كانت، سواء كانت بنص من الله ورسوله، أو كانت بشورى حقيقية من الناس. فخلافة علي عليه السلام هي الغاية والمثال الأعلى فيما ذهب إليه أهل السنة والشيعة بقولهما في الخلافة، وهو الوحيد الذي استحق عند أهل السنة من بين جميع الخلفاء على مر العصور لقب (الإمام)، وعند الشيعة من بين جميع الأئمة الاثني عشر لقب (أمير المؤمنين).
ولكن هيهات، فقد أبى الشيطان إلا أن يخرج بقرنه، فماجت الأرض، وهدرت دماء المسلمين بسيوف المسلمين، حتى تحول عهد علي عليه السلام إلى
وبسبب انتصار تلك الإرادة التمردية، وخصوصاً مع خذلان شيعة الإمام علي عليه السلام وتقاعسهم عن نصرة حقهم، وما تبع ذلك من تنازل الإمام الحسن عليه السلام لمعاوية بن أبي سفيان المتلهف للوصول للخلافة والملك مهما كلف الثمن، فكان الصلح الاضطراري حقناً للدماء وحفاظاً للوجود الإسلامي من الزوال التام، فبذلك تكون الأمة قد اختارت مرة أخرى لنفسها منهجاً مغايراً لما أراده الله، والذي جلت قدرته وحكمته لم يكن ليلزمها على الناس وهم لها كارهون!
ولأن هذه التحولات قد صاحبها كل أنواع الفوضى والاضطراب، وقد أحدثت التباساً في الفهم لدى كثير من المسلمين في تلك الأثناء، لا سيما بعد مقتل عثمان، حتى قورن علي بمعاوية (!)، بل أنه وبفضل أجهزة الدعاية الأموية، فإن غالبية مسلمي الولايات والأمصار خارج مكة والمدينة أخذوا يصدقون أن علياً عليه السلام قد حرف فعلاً سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وساعد على قتل عثمان، ولم يعد مستغرباً إذا أن يسب الإمام ويلعن على منابر جمع المسلمين، وأعيادهم، ثم تحدى معاوية لكل مشاعر المسلمين، ولكل قانون إلهي، ولكل سنة نبوية (أو حتى عمرية!) بتوريثه الخلافة لابنه الفاجر المراهق يزيد، وخلافاً لما تعاهد عليه مع الحسن عليه السلام، فإنه وبسبب كل هذه المستجدات، فقد أصبح بتقدير الإمام الحسين عليه السلام أنه لم يعد هناك إسلام يخاف خسارته، بل أنه رأى عليه السلام أن مسخ الدين أو القضاء التام عليه سيكون بالسكوت والرضا بالأمر الواقع، فكان قراره بعدم مبايعة مثل هذا اللون من أولياء الأمور، والثورة ضد هذا اللون من الأنظمة الإسلامية، لا ليجلس على كرسي الخلافة، وإنما لإزاحة اللثام عن قبح الوجه الأموي المتظاهر بالإسلام، فانفضح أمر هذا النظام، وانكشف في أقبح صوره
وهكذا كانت سيرة من تلا الحسين من الأئمة عليه السلام مرهونة بالظروف والمستجدات، فتختلف استراتيجيتهم في العمل والتحرك على ضوئها، فالأدوار تتنوع والهدف واحد.
ولأن غالبية هؤلاء الأئمة قد لاقوا التعذيب والقتل على أيدي الأنظمة القائمة، فإنه وبمجئ آخرهم كان يعني استمرار هذا المسلسل الإجرامي بحقهم، فكانت غيبة الإمام الثاني عشر تجسيداً لانتصار الإرادة البشرية الرافضة للهداية الإلهية من جهة، ومؤشراً على تأجيل تنفيذ الخطة الإلهية إلى الوقت الذي يغير فيه الناس من نظراتهم ومواقفهم تجاه إمام زمانهم، فيبحثوا عنه بصدق، ويوالونه بمعرفة وإخلاص، عندئذ يظهره الله سبحانه وتعالى تأييداً لهم. وبهذا المعنى، يكون الإمام المهدي هو الذي ينتظر الناس وليس العكس!.
صراع الفرق والروايات
من الخطأ الفاحش جعل الانتماء للفرقة أو المذهب المعيار الأساس في بحث مسائل الخلافة والإمامة، لأن غالبية الفرق والمذاهب كانت إما من صنع الأنظمة القائمة، أو ممن تأثر بها، فهي بمبادئها وتعاليمها التي تعرف بها هذه الأيام لم تكن موجودة أصلاً عند تولد أزمة الخلافة والإمامة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولغاية تطورها واستفحالها في خلافة علي وبداية ملك معاوية.
والمعيار نفسه ينبغي استخدامه عند الأخذ بأي حديث أو رواية من كتب الصحاح عند أهل السنة كصحيحي البخاري ومسلم، أو الكتب الأربعة الرئيسية عند الشيعة كالكافي. فليس كل ما في هذه الكتب صحيحاً، بل إن الضعيف والموضوع فيها أكثر من الصحيح والموثق، فلا يصح إذا الاعتماد على ما في هذه الكتب من مرويات للبت والحكم في قضايا مصيرية كقضية الخلافة والإمامة، لا لشئ إلا لأن الصحابي الفلاني رواها، أو الشيخ الفلاني وثقها، ما لم تكن مؤيدة بقرائن أخرى تجعلها فوق أي شبهة وشك.
وأما سبب توثيق غالبية رجال الحديث لكثير من تلك الروايات الموضوعة التي ذكرنا منها أمثلة عديدة، والمروية عن طريق الصحابة كأبي هريرة، فهو راجع إلى الصورة الوهمية التي رسمتها أجهزة الدعاية والإعلام الأموية عنهم، حيث جعلتهم بمرتبة قريبة جداً من التقديس والعصمة. وإلا فما معنى اعتبار استحالة الكذب عليهم مع أنهم رفعوا السيوف في وجه بعضهم بعضاً. لا بل أعطيت لبعضهم مرتبة من الالهام والتسديد فوق ذلك لدرجة أصبحوا فيها يصححون النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مواقف زعم أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان قد أخطأ فيها، وهو الذي (لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى).
فالصحابة أصبحوا حسب هذه الحالة القدسية الجيل الفريد الذي لم ولن يأتي جيل أفضل منه، حتى أصبح الشرع عند أهل السنة بعد كتاب الله وسنة نبيه هو ما عمله الصحابة ورضوا به، بما في ذلك كل ما يتعلق بأمر خلافة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإمامة الأمة بعده.
فيتضح من ذلك كله نتائج إبعاد أئمة الهدى من أهل البيت عليه السلام عن المواقع التي اختارهم الله سبحانه وتعالى لها وآثار ذلك الإبعاد. فتهميش دورهم يعني تهميش رسالة الإسلام، وقتلهم يعني قتل رسالة الإسلام، فهذه الأهمية اختصرت في قوله تعالى عندما أمر نبيه بإعلان ولاية علي على الملأ بعد حجة الوداع: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس)، [ المائدة / 67 ]، وفي قوله صلى الله عليه وآله وسلم في خطبة حجة الوداع: (أيها الناس: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي). فاستحق الإمام علي بصدق قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم له: (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق)، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (أنا مدينة العلم [ الحكمة حسب رواية أخرى ] وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها).
وأهل البيت عليه السلام على كل حال لا ينبغي وضعهم في قوالب الفرق والمذاهب، فهم فخر الإسلام، وشرف كل مسلم أن ينتمي إليهم، لا بل لا يمكن للمسلم أن يكون مسلماً دون حبهم واتباعهم، ولا يجوز كذلك لأي فرقة ادعاء احتكار حبهم واتباعهم دون غيرها. وأما بنو أمية، فمن العار ربط شرعية خلافتهم بشرع الإسلام!
واعتراف أهل السنة بخلافة وإمامة أهل البيت عليه السلام لا يعني بالضرورة أنهم أصبحوا من الشيعة بالمفهوم الشائع لهذه الكلمة، فهذه التسمية فقط هي
وفي الوقت نفسه، فإنه ليس كل من قال بخلافة أهل البيت وإمامتهم عليه السلام أو انتسب إليهم، يعني إعطاء شهادة التوثيق له بسلامة الخط والمنهج. فالشيعة في هذا الزمان، وبعد ما يزيد على أحد عشر قرنا من غيبة الإمام المعصوم، هم كأهل السنة مطالبون في البحث عن المنهج الأصيل الذي يجسد بحق مسار أهل البيت عليه السلام.
فكما أن أهل السنة مطالبون بعدم قبول أي اجتهاد لصحابي كان أو غيره خالف القرآن والسنة، واستنكار كل ما وضعه أبو هريرة وغيره من الصحابة من أحاديث يستحيل على العقل السليم قبولها، أو تلك الخرافات والخزعبلات، وما نقل من إسرائيليات ملأت الكتب المسماة ظلماً وزوراً بالصحاح، فإن الشيعة أيضاً مطالبون برفض كل ما نسب كذباً لأهل البيت عليه السلام، واستنكار كل تجاوز أو غلو باسم التشيع لآل البيت عليهم السلام.
خاتمة المطاف
لقد أشارت روايات عديدة أن خلقاً كثيراً من أهل السنة والشيعة على السواء سيقفون في وجه خليفة رسول الله الثاني عشر الإمام المهدي عند ظهوره.
فضعف الفكر المتوارث، وهشاشة معظم المفاهيم والتباسها على غالبية أبناء الأمة في هذا العصر، وحالة التشتت والضياع التي يعيشونها، ووجود تلك الهوة الكبيرة بين ما هو إسلام اسمي وظاهري جاف من كل معنى يدينون به، وإسلام واقعي أصيل يقولون به، ما هي إلا أسباب أولية تجعل من
ولأنه ليس كل ما ورثه المسلمون بسنتهم وشيعتهم من أسلافهم يمثل واقعاً إسلامياً ينبغي تقديسه، فإنه لا سبيل للخروج من هذه الحالة الجاهلية إلا بأن يبدأ أبناء الأمة بنهضة توعية شاملة في الفكر والثقافة الإسلامية الأصيلة، وعلى مستوى الفرد والمجتمع، وعلى أساس من العقيدة الباعثة على الحركة، والمنهج الواعي والمتحرر من غبار وترسباته، بما في ذلك التعصبات الطائفية والمذهبية التي ينبغي أن لا ينظر إليها إلا كواقع سلبي فرض على المسلمين طوال تاريخهم، وأن ينظر إليها أيضاً من زاوية آثارها السلبية والمدمرة على الثقافة الإسلامية ووحدة المسلمين.
وهذا يلزم دراسة الإسلام بعقائده وشرائعه وتاريخه مجدداً، والتحقق منها لا سيما على ضوء كثير من الحوادث التي حصلت في صدر الإسلام.
فما وافق منطق القرآن والأحاديث المجمع على صحتها والعقل السليم يجب الأخذ به دون أدنى تردد، حتى لو كان مخالفاً للمذهب أو المعتقد الذي أورثنا التعصب له، أو كان موافقاً لأفكار ومعتقدات أورثنا جهلها، فضلا عن رفضها وتكفير أصحابها!
وهذا الأمر يلزمنا بدوره محاولة التحرر قدر الامكان من أسر الفرقة أو المذهب أو الحزب أو الحركة أو الخط أو غير ذلك من الأطر، والتي غالبا ما تجعل من المنتمين المتعصبين إليها مقدسين لها وعابدين، وقد استغرقوا في الانغلاق داخلها دون أن يشعروا، فيصبحوا من المغفلين بل المقبورين. كل ذلك على حساب الانفتاح والمرونة في السعي لتحصيل الحقائق، أو البحث عن الصراط المستقيم الذي يفترض أن لا يتوقف الإنسان في البحث عنه لحظة واحدة في حياته، مهما بلغ عنده من العلم والمذهب!
(اللهم أحي بوليك القرآن، وأرنا نوره سرمداً لا ليل فيه، وأحي به القلوب الميتة، وأشف به الصدور الوغرة، واجمع به الأهواء المختلفة على الحق، وأقم به الحدود المعطلة، والأحكام المهملة، حتى لا يبقى حق إلا ظهر، ولا عدل إلا زهر، واجعلنا يا رب من أعوانه وناصري سلطانه والمؤتمرين لأمره، والراضين بفعله، والمسلمين لأحكامه، وممن لا حاجة به إلى التقية من خلقك، وأنت يا رب الذي تكشف الضر، وتجيب المضطر إذا دعاك، وتنجي من الكرب العظيم، فاكشف الضر عن وليك واجعله خليفة في أرضك كما ضمنت له. اللهم لا تجعلني من خصماء آل محمد عليهم السلام، ولا تجعلني من أعداء آل محمد عليهم السلام، ولا تجعلني من أهل الحنق والغيظ على آل محمد عليهم السلام، فإني أعوذ بك من ذلك فأعذني، وأستجير بك فأجرني، اللهم صل على محمد وآل محمد واجعلني بهم فائزاً عندك في الدنيا والآخرة، ومن المقربين، آمين رب العالمين). |