وروى الخطيب البغدادي في تاريخه بسنده إلى المأمون عن الرشيد عن المهدي قال: دخل علي سفيان الثوري، فقلت: حدثني بأفضل فضيلة عندك لعلي، رضي الله تعالى عنه، فقال: حدثني سلمة بن كهيل عن حجية بن عدي عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي (2).
وروى المتقي في كنز العمال بسنده عن ابن عباس قال عمر بن الخطاب، كفوا عن ذكر علي بن أبي طالب، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: في علي ثلاث خصال لأن يكون لي واحدة منهن، أحب إلي مما طلعت عليه الشمس، كنت أنا وأبو بكر وأبو عبيدة بن الجراح، ونفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والنبي متكئ على علي بن أبي طالب، حتى ضرب بيده على منكبه، ثم قال:
أنت يا علي أول المؤمنين إيمانا، وأولهم إسلاما، ثم قال: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، وكذب علي من زعم أنه يحبني ويبغضك (3).
وروى المتقي في كنز العمال أيضا عن عامر بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي ثلاث خصال، لأن يكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم، نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي، فأدخل عليا وفاطم وابنيهما عليهم السلام، تحت ثوبه، ثم قال: اللهم هؤلاء أهلي وأهل بيتي، وقال له:
حين خلفه في غزاة غزاها، فقال علي: يا رسول الله خلفتني مع النساء
____________
(1) حلية الأولياء 7 / 196.
(2) تاريخ بغداد 4 / 71.
(3) كنز العمال 6 / 395.
وفي كنز العمال أيضا بسنده عن أبي ذر قال: لما كان أول يوم البيعة لعثمان، اجتمع المهاجرون والأنصار في المسجد، وجاء علي بن أبي طالب فأنشأ يقول: إن أحق ما ابتدأ به المبتدئون، ونطق به الناطقون، وتفوه به القائلون، حمدا لله والثناء عليه بما هو أهله، والصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم... إلى إن قال: فهل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى؟ إلى أن قال: فهل لخلق مثل هذه المنزلة؟ نحن صابرون، ليقضي الله أمرا كان مفعولا - قال: أخرجه ابن عساكر (2).
وروى الهيثمي في مجمع الزوائد، بسنده عن أم سلمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لعلي: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، غير أنه لا نبي بعدي - قال رواه أبو يعلى والطبراني (3).
وفي رواية أخرى عن ابن عمر، أن النبي قال لعلي: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبوة بعدي - قال رواه الطبراني في الكبير والأوسط (4).
وروى ابن عبد البر في الإستيعاب بسنده عن يحيى بن معين عن مروان بن معاوية الفزاري عن موسى الجهني عن فاطمة بنت علي قالت: سمعت أسماء
____________
(1) كنز العمال 6 / 405.
(2) كنز العمال 3 / 154 وانظر روايات أخرى في 5 / 40، 6 / 154، 188، 405، 8 / 215.
(3) مجمع الزوائد 9 / 109.
(4) مجمع الزوائد 9 / 110، وانظر 9 / 109 - 110.
وروى ابن حجر العسقلاني في الإصابة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي في غزوة تبوك: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنك لست بنبي، أي لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي (2).
هذا وقد ورد حديث المنزلة هذا أيضا في أسد الغابة (3)، وفي الرياض النضرة (4)، وفي ذخائر العقبى (5)، وفي صواعق ابن حجر (6)، وفي تحفة الأحوذي (7)، ورواه ابن ماجة (8)، والترمذي (9)، في صحيحهما، والخطيب البغدادي في تاريخه (10)، والطحاوي في مشكل الآثار (11)، وابن هشام في السيرة (12)، وابن الأثير في الكامل (13)، وابن عساكر في تاريخه (14)، والمسعودي في مروج الذهب (15)، وابن كثير في السيرة (16)، وابن قيم الجوزية
____________
(1) الإستيعاب في معرفة الأصحاب 3 / 34.
(2) الإصابة في تمييز الصحابة 2 / 509.
(3) أسد الغابة 4 / 104، 106.
(4) الرياض النضرة 2 / 214، 215، 216، 270، 326.
(5) ذخائر العقبى ص 120.
(6) الصواعق المحرقة ص 73، 74، 187.
(7) تحفة الأحوذي 10 / 228 (حديث رقم 3808).
(8) صحيح ابن ماجة ص 12.
(9) صحيح الترمذي 10 / 235.
(10) تاريخ بغداد 1 / 324، 2 / 323، 3 / 228، 4 / 204، 282، 7 / 452، 8 / 52، 9 / 394، 10 / 43، 11 / 432.
(11) مشكل الآثار 2 / 309.
(12) سرة ابن هشام 4 / 382.
(13) الكامل في التاريخ 2 / 278.
(14) تاريخ ابن عساكر 1 / 107.
(15) مروج الذهب 1 / 711.
(16) ابن كثير: السيرة النبوية 4 / 12.
ولعل من الأهمية بمكان الإشارة هنا إلى عدة نقاط، لعل من أهمها (أولا) أن هذا الحديث الشريف من الأحاديث المتواترة، بل هو - كما يقول ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة - بأنه الخبر المجمع على روايته بين سائر فرق الإسلام (8).
وإذا رغبت في التأكد من ذلك بالاطلاع على بعض الرواة، فاسمع ما يقول (ابن أبي الحديد) بعد ذكره الإنذار يوم الدار، وقول الرسول في حقه (هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا) يقول الإمام: أنا يا رسول الله أكون وزيرك عليه، ويدل على أنه وزير رسول الله صلى الله عليه وسلم من نص الكتاب والسنة، قول الله تعالى: (واجعل وزيرا من أهلي * هارون أخي * أشدد به أزري * وأشركه في أمري) (9)).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم - في الخبر المجمع على روايته بين سائر فرق الإسلام
____________
(1) زاد المعاد 3 / 530.
(2) الندوي: السيرة الثبوتية، ابن عبد الوهاب: مختصر السيرة ص 165.
(3) مختصر سيرة الرسول ص 393.
(4) السيرة الحلبية 3 / 104.
(5) أبو زهرة: خاتم النبيين 2 / 1078.
(6) محمد الصادق عرجون: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم 4 / 444 - 445.
(7) البدء والتأريخ 4 / 239.
(8) ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة 13 / 210 - 211، مهدي السماوي: الإمامة في ضوء الكتاب والسنة ص 235.
(9) سورة طه: آية 29 - 31.
وهكذا ثبت النبي صلى الله عليه وسلم للإمام علي جميع مراتب هارون من موسى، فهو إذن وزير النبي صلى الله عليه وسلم، وشادا أزره، ولولا أنه صلى الله عليه وسلم، خاتم النبيين، لكان الإمام شريكا في أمره.
ومنها (ثانيا) أن هذا الحديث الشريف، قد تكرر من النبي صلى الله عليه وسلم في مناسبات عدة، مما يدل على اهتمامه الخاص، وتأكيده الشديد، حتى صار نقله يرسل إرسال المسلمات في فضائل الإمام علي، بحيث لا تستطيع الدنيا حجبه.
ومنها (ثالثا) أن مضمون الحديث الشريف عام، وإعطاء المنزلة بهذا الشمول، منزلة هارون من موسى، وقد فصلها القرآن تفصيلا، وقد اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم الإمام علي بن أبي طالب، أخا له، وآثره بذلك على من سواه، تحقيقا لعموم الشبه بين الإمام علي وهارون عليه السلام.
ومنها (رابعا) أن الحديث الشريف قد أعطى للإمام بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم ما كان لهارون بالنسبة لموسى عليهما السلام - ما عدا النبوة - وقد أشارت معظم الروايات إلى ذلك مثل قوله صلى الله عليه وسلم (إلا أنه لا نبي بعدي) أو (لا نبوة بعدي)، ولا ريب في أن استثناء النبوة أمر لا بد منه، إذ لم يدع أحد أن عليا كان نبيا - سواء في حياة رسول الله أو بعد مماته - وإنما هو وصي رسول الله، خاتم النبيين، وهو سيد الوصيين، وأبو العترة الطاهرة المطهرة، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
ولا ريب في أن الحديث الشريف إنما يدل على أن الإمام علي بن أبي طالب إنما هو كف ء لخلافة النبي من بعده، وأنه قد خلفه على أمته - وإن ظلمه الناس - ولهذا يقول صاحب الدعوة صلى الله عليه وسلم للإمام علي: أنت مني كهارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي، وهكذا أخرج النبي صلى الله عليه وسلم النبوة الثابتة لهارون، وأبقي للإمام جميع ما لهارون.
ومن المعروف أن أظهر المنازل التي لهارون من موسى (وزارته) له، وشد أزره به، وإشراكه معه في أمره، وخلافته عنه، وفرض طاعته على جميع أمته، بدليل قول الله تعالى: (واجعل لي وزيرا من أهلي * هارون أخي * اشدد به أزري * وأشركه في أمري)، وقوله تعالى: (أخلفني قي قومي * وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين)، وقوله تعالى: (قد أوتيت سؤلك يا موسى).
ومن ثم فإن الإمام علي بن أبي طالب، بحكم هذه النصوص، إنما هو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قومه ووزيره في أهله، وشريكه في أمره - على سبيل الخلافة عنه، وليس على سبيل النبوة - وأفضل أمته، وأولاهم به حيا وميتا، وله عليهم من فرض الطاعة زمن النبي - بوزارته له - مثل الذي كان لهارون على أمة موسى، زمن موسى (1).
وهكذا يمكن القول بأن حديث المنزلة هذا، إنما هو دليل واضح على خلافة علي للنبي صلى الله عليه وسلم، وأن الخلافة غير النبوة، ولو كان مع النبوة غيرها لاستثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم (2).
ويذهب القمي إلى أن الحديث دليل على إمامة علي، وأن النبي أعلمهم
____________
(1) مهدي السماوي: الإمامة ص 235 - 256.
(2) سليم بن قيس: السقيفة ص 104.
ويقول أبو حنيفة النعمان المغربي: ولا يقتضي قول النبي لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه خليفته في أمته، كما قال موسى لهارون:
أخلفني في قومي (2).
ويؤكد الصدوق دلالة هذا الحديث على الإمامة، ويقول: سئل جابر بن عبد الله الأنصاري عن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى... قال: استخلفه بذلك ولاه على أمته في حياته وبعد وفاته، وفرض عليهم طاعته، فمن لم يشهد له بعد هذا القول بالخلافة فهو من الظالمين) (3).
وينشر ابن رستم الطبري هذا الحديث، وكل الوجوه التي تحمله، ويذكر أن النبي جعل منزلة علي منه منزلة هارون من موسى - واستثنى النبوة، وأوجب كل ما كان لهارون من موسى، وأنه بهذا دل على خلافته، لأن هارون من موسى، ولو بقي بعده، كما أن هارون كان أحب الناس إلى موسى، فكذلك علي أحب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت أخوة هارون لموسى أخوة النسب، أما أخوة علي للنبي صلى الله عليه وسلم، فكانت أخوة الدين والمشاكلة والمشابهة.
ويرى الشيخ المفيد أن حديث المنزلة نص لا خفاء فيه على إمامة علي، لأن الرسول حكم له بالفضل على الجماعة، والنصرة والوزارة والخلافة في حياته وبعد مماته، والإمامة له، بدليل أن هذه المنازل كلها كانت لهارون من
____________
(1) سعد القمي: المقالات والفرق ص 16، وانظر: العقد الفريد 5 / 16.
(2) النعمان المغربي: دعائم الإسلام 1 / 20.
(3) الصدوق: معاني الأخبار ص 74.
7 - قول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: أنت أمير المؤمنين ويعسوب الدين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، وفاروق الأمة، ومنارة الهدى وإمام الأولياء:
روى الحاكم في المستدرك بسنده عن عبد الله بن سعد بن زرارة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوحي إلي في علي ثلاث، إنه سيد المسلمين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين - قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد (2).
وذكره المتقي في كنز العمال بطريقين: قال: في أحدهما: لما عرج بي إلى السماء انتهى بي إلى قصر من لؤلؤ، فراشه من ذهب يتلألأ، فأوحى إلي ربي في علي ثلاث خصال: إنه سيد المسلمين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين - قال أخرجه البارودي وابن قانع والبزار والحاكم وأبو نعيم (3).
وقال في الثاني: ليلة أسري بي أتيت على ربي، فأوحى إلي في علي بثلاث: إنه سيد المسلمين، وولي المتقين، وقائد الغر المحجلين - قال أخرجه ابن النجار عن عبد الله بن زرارة (4).
ورواه الهيثمي في مجمعه عن عبد الله بن حكيم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إن الله تعالى أوحى إلي في علي ثلاثة أشياء، ليلة أسري بي: إنه سيد المؤمنين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين - قال رواه الطبراني في الصغير (5).
____________
(1) المفيد: الإفصاح في إمامة علي ص 6، النكت الاعتقادية ص 51 (قارن الجويني: الغيائي ص 40 - 42).
(2) المستدرك للحاكم 3 / 137.
(3) كنز العمال 6 / 157.
(4) كنز العمال 3 / 157.
(5) الهيثمي: مجمع الزوائد 9 / 121.
وفي رواية عن الشعبي قال: قال علي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مرحبا بسيد المسلمين: وإمام المتقين)، فقيل لعلي: فأي شئ كان من شكرك؟ قال:
(حمدت الله تعالى على ما آتاني، وسألته الشكر على ما أولاني، وأن يزيدني مما أعطاني) (2).
وفي رواية ثالثة عن أنس بن مالك قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي برزة الأسلمي، فقال له - وأنا أسمع - (يا أبا برزة، إن رب العالمين عهد إلي عهدا في علي بن أبي طالب، فقال: إنه راية الهدى، ومنار الإيمان، وإمام أوليائي، ونور جميع من أطاعني، يا أبا برزة، علي بن أبي طالب، أميني غدا في القيامة، وصاحب رايتي في القيامة، على مفاتيح خزائن رحمة ربي) (3).
وفي نهج البلاغة: إن الله عهد إلي في علي عهدا، فقلت: يا رب بينه لي، قال: إسمع، إن عليا راية الهدى، وإمام أوليائي، ونور من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين، من أحبه فقد أحبني، ومن أطاعه فقد أطاعني،
____________
(1) أبو نعيم الأصفهاني: حلية الأولياء 1 / 63 - 64.
(2) حلية الأولياء 1 / 66.
(3) حلية الأولياء 1 / 66.
وعن سلام الجعفي عن أبي برزة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى عهد لي عهدا في علي، فقلت: يا رب بينه لي، فقال: إسمع، فقلت: سمعت، فقال: إن عليا راية الهدى، وإمام أوليائي، ونور من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمتها للمتقين، من أحبه أحبني، ومن أبغضه أبغضني، فبشره بذلك، فجاء علي، فبشرته، فقال: يا رسول الله، أنا عبد الله وفي قبضته، فإن يعذبني فبذنبي، وإن يتم لي الذي بشرتني به، فالله أولى بي، قال: قلت، اللهم أجل قلبه، واجعل ربيعه الإيمان، فقال الله: قد فعلت به ذلك، ثم إنه رفع إلي أنه سيخصه من البلاء بشئ لم يخص به أحدا من أصحابي، فقلت: يا رب، أخي وصاحبي، فقال: إن هذا شئ قد سبق إنه مبتلي ومبتلى به (2).
وروى الخطيب البغدادي في تاريخه بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس في القيامة راكب غيرنا، ونحن أربعة، فقام عمه العباس فقال له: فداك أبي وأمي، أنت ومن؟ قال: أما أنا فعلى دابة الله البراق، وأما أخي صالح على ناقة الله التي عقرت، وعمي حمزة، أسد الله وأسد رسوله، على ناقتي العضباء، وأخي وابن عمي وصهري علي بن أبي طالب، على ناقة من نوق الجنة، مدبجة الظهر، رحلها من زمرد أخضر، مصبب بالذهب الأحمر، رأسها من الكافور الأبيض، وذنبها من العنبر الأشهب، وقوائمها من المسك
____________
(1) ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة 9 / 167 (دار الفكر - بيروت 1967).
(2) حلية الأولياء 1 / 66 - 67.
وفي رواية أخرى: جاء فيها: هذا علي بن أبي طالب، وصي رسول رب العالمين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين (2).
وروى ابن حجر العسقلاني في الإصابة بسنده عن أبي ليلى الغفاري قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سيكون من بعدي فتنة، فإذا كان ذلك، فالزموا علي بن أبي طالب، فإنه أول من آمن بي، وأول من يصافحني يوم القيامة، وهو الصديق الأكبر، وهو فاروق هذه الأمة، وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب المنافقين (3).
وروى ابن الأثير في أسد الغابة بسنده عن خالد بن الحارث عن عوف عن الحسن عن أبي ليلى الغفاري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ستكون بعدي فتنة، فإذا كان ذلك فالزموا علي بن أبي طالب، فإنه أول من يراني، وأول من
____________
(1) تاريخ بغداد 13 / 122.
(2) تاريخ بغداد 11 / 112.
(3) الإصابة في تمييز الصحابة 4 / 170 - 171.
وروى الهيثمي في مجمعه بسنده عن أبي ذر وسلمان قالا: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم، بيد علي فقال: إن هذا أول من آمن بي، وهذا أول من يصافحني يوم القيامة، وهذا الصديق الأكبر، وهذا فاروق هذه الأمة، يفرق بين الحق والباطل، وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظالمين (2).
رواه الطبراني والبزار عن أبي ذر وحده، ورواه المناوي في فيض القدير، والمتقي في كنز العمال (3).
وروى المتقي في كنز العمال عن علي عليه السلام قال: أنا يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظلمة - قال أخرجه أبو نعيم (4).
وفي رواية عن أبي مسعر قال: دخلت على علي عليه السلام، وبين يديه ذهب، فقال: أنا يعسوب المؤمنين، وهو يعسوب المنافقين، وقال: بي يلوذ المؤمنون، وبهذا يلوذ المنافقون - قال أخرجه أبو نعيم (5) وفي رواية ثالثة: علي يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب المنافقين - قال أخرجه ابن عدي عن علي (6). وأخرجه المناوي في فيض القدير (7) وفي كنوز الحقائق (8).
____________
(1) أسد الغابة 6 / 270.
(2) مجمع الزوائد 9 / 102 (يعسوب النحل: مقدمها وسيدها، المعنى هنا أن المؤمنين يلوذون بالإمام علي، كما تلوذ النحل بيعسوبها).
(3) فيض القدير 4 / 358، كنز العمال 6 / 156، الفيروزآبادي: فضائل الخمسة 2 / 100 - 106 (بيروت 1973).
(4) كنز العمال 6 / 394.
(5) كنز العمال 6 / 394 (6) كنز العمال 6 / 153.
(7) فيض القدير 4 / 358.
(8) كنوز الحقائق ص 92.
وعن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك سيد المسلمين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، ويعسوب الدين - أخرجه الإمام علي بن موسى الرضا (2).
وعن معاذة العدوية قالت: سمعت عليا على المنبر - منبر البصرة - يقول:
أنا الصديق الأكبر - أخرجه ابن قتيبة.
وعن علي أنه كان يقول: أنا عبد الله، وأخو رسول الله، وأنا الصديق الأكبر - أخرجه القلعي.
وعن أبي ذر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول لعلي: أنت الصديق الأكبر، وأنت الفاروق الذي تفرق بين الحق والباطل، وفي رواية: وأنت يعسوب الدين - أخرجهما الحاكمي.
ويقول المحب الطبري: يعسوب الدين: سيده ورئيسه، ومنه الحديث الآخر: هذا يعسوب قريش، وأصله: فحل النحل، وكان الإمام علي يلقب أيضا ببيضة البلد، وبالأمين، وبالشريف، وبالهادي، وبالمهتدي، وذي الأذن الواعية، وقد جاء في الصحيح من شعره: أنا الذي سمتني أمي حيدرة. وحيدرة اسم الأسد، وكانت أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم، لما ولدته سمته باسم أبيها، فلما قدم أبو طالب كره الاسم، فسماه عليا (3).
____________
(1) كنوز الحقائق ص 92.
(2) الرياض النضرة 2 / 234.
(3) الرياض النضرة 2 / 204 - 205.
علي يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب المنافقين.
وأخرج الحاكم عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: علي إمام البررة، وقاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله (1).
وأخرج الحاكم في المستدرك بسنده عن جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو آخذ بضبع علي بن أبي طالب، وهو يقول: هذا أمير البررة، قاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله - مد بها صوته - قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد (2).
ورواه الخطيب البغدادي في تاريخه، وقال فيه: وهو آخذ بضبع علي يوم الحديبية (3)، وفي رواية أخرى، مع زيادة في آخره: أنا مدينة العلم، وعلي بابها، فمن أراد البيت فليأت الباب (4).
وروى ابن عبد البر في الإستيعاب بسنده عن أبي ليلى الغفاري قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ستكون بعدي فتنة، فإذا كان ذلك، فالزموا علي بن أبي طالب، فإنه أول من يراني، وأول من يصافحني يوم القيامة، وهو الصديق الأكبر، وهو فاروق هذه الأمة، يفرق بين الحق والباطل، وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب المنافقين (5).
وروى ابن الأثير في أسد الغابة بسنده عن عبد الله بن أسعد بن زرارة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما أسري بي إلى السماء، انتهي بي إلى قصر من لؤلؤ،
____________
(1) الصواعق المحرقة 193.
(2) المستدرك للحاكم 3 / 129.
(3) المستدرك للحاكم 4 / 219.
(4) المستدرك للحاكم 2 / 377.
(5) الإستيعاب في معرفة الأصحاب 4 / 170.
ولا ريب في أن من يكون أمير المؤمنين، ويعسوب الدين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، وفاروق الأمة، الذي يفرق بين الحق والباطل، والصديق الأكبر، ومنارة الهدى، وإمام الأولياء، وكهف الناس عند الفتن، منصور من نصره، مخذول من خذله، إن من يكون كذلك، إنما هو أولى الناس بخلافة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
8 - قوله صلى الله عليه وسلم يوم الغدير: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه وانصر من نصره، واخذل من خذله:
في الواقع أن حديث الغدير، إنما قد رواه جمهرة كبيرة من المحدثين والمؤرخين بعدة روايات، وبأسانيد مختلفة، قال السيوطي في تاريخ الخلفاء:
أخرج الترمذي عن أبي سريحة، أو زيد بن أرقم، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من كنت مولاه، فعلي مولاه.
وأخرج الإمام أحمد عن الإمام علي وأبي أيوب الأنصاري، وزيد بن أرقم، عمر وذي مر، وأخرجه أبو يعلى عن أبي هريرة، وأخرجه الطبراني عن ابن عمر، ومالك بن الحويرث، وحبشي بن جنادة، وجرير، وسعد بن أبي وقاص، وأبي سعيد الخدري وأنس، وأخرجه البزار عن ابن عباس وعمارة وبريدة، وفي أكثرها زيادة: اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه (2).
ولنذكر بعضا من روايات هذا الحديث الشريف - والمعروف بحديث غدير خم أو حديث الغدير -
____________
(1) أسد الغابة 3 / 174.
(2) السيوطي: تاريخ الخلفاء - القاهرة 1964 ص 169.
وعن أبي إسحاق قال: سمعت عمرا ذا مرة - وزاد فيه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، وأحب من أحبه، قال شعبة: أو قال: أبغض من أبغضه (2).
وعن أبي إسحاق عن حبشي بن جنادة السلولي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: علي مني، وأنا منه، لا يؤدي عني، إلا أنا أو علي (3).
وروى الترمذي بسنده عن شعبة عن سلمة بن كهيل قال: سمعت أبا الطفيل يحدث عن أبي سريحة - أو زيد بن أرقم، شك شعبة - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه (4) - قال: وقد روى شعبة هذا الحديث عن ميمون أبي عبد الله عن زيد بن أرقم عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكره علي بن سلطان في مراقاته (5 / 568) (5).
وروى ابن ماجة بسنده عن البراء بن عازب قال: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته التي حج، فنزل في بعض الطرق، فأمر الصلاة جامعة، فأخذ بيد علي، فقال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى، قال: ألست أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى، قال: فهذا ولي من أنا مولاه، اللهم وال من والاه، اللهم عاد من عاداه (6).
____________
(1) فضائل الصحابة 2 / 598 - 599.
(2) فضائل الصحابة 2 / 599.
(3) فضائل الصحابة 2 / 599.
(4) صحيح الترمذي 2 / 298.
(5) فضائل الخمسة 1 / 349 - 350.
(6) صحيح ابن ماجة ص 12.
وذكره المتقي في كنز العمال (2).
وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم قال:
لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع، ونزل غدير خم، أمر بدوحات فأقمن، فقال: كأني دعيت فأجبت، إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله تعالى، وعترتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض، ثم قال: إن الله عز وجل مولاي، وأنا مولى كل مؤمن، ثم أخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه، فهذا وليه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه (3).
وروى الحاكم بسنده عن أبي الطفيل عن أبي واثلة، أنه سمع زيد بن أرقم يقول: نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة عند شجرات خمس دوحات عظام، فكنس الناس ما تحت الشجرات، ثم راح رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية فصلى، ثم قام خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، وذكر ووعظ، فقال: ما شاء الله أن يقول، ثم قال: - أيها الناس، إني تارك فيكم أمرين، لن تضلوا إن اتبعتموهما، وهما كتاب الله، وأهل بيتي عترتي، ثم قال: أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من
____________
(1) مسند الإمام أحمد 4 / 281.
(2) كنز العمال 6 / 397.