الصفحة 280
محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد) (1).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا هشام بن بشير عن يزيد بن أبي زياد، حدثنا عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة قال:

لما نزلت (إن الله وملائكته يصلون على النبي * يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)، قال: قلنا يا رسول الله، قد علمنا السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.

وكان عبد الرحمن بن أبي ليلى يقول: وعلينا معهم - ورواه الترمذي بهذه الزيادة (2).

ومعنى قولهم: أما السلام عليك فقد عرفناه، هو الذي في التشهد، الذي كان يعلمهم إياه، كما كان يعلمهم السورة من القرآن، وفيه: السلام عليك يا أيها النبي ورحمه الله وبركاته (3).

وروى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم في مستدركه من حديث محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه، عن أبي مسعود البدري، أنهم قالوا: يا رسول الله، أما السلام فقد عرفناه، فكيف نصلي عليك، إذا نحن صلينا في صلاتنا، فقال: قولوا: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد (4).

____________

(1) مسند الإمام أحمد (1010)، تفسير ابن كثير 3 / 807.

(2) تحفة الأحوذي 2 / 604، تفسير ابن كثير 3 / 807.

(3) تفسير ابن كثير 3 / 807 - 808.

(4) مسند الإمام أحمد 4 / 119.

الصفحة 281
ورواه الإمام الشافعي في مسنده عن أبي هريرة بمثله، ومن هنا ذهب الإمام الشافعي إلى أنه يجب على المصلي، أن يصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، في التشهد الأخير، فإن تركه لم تصح صلاته.

هذا وقد شرع بعض المتأخرين من مالكية وغيرهم يشنع على الإمام الشافعي في اشتراطه ذلك في الصلاة ويزعم أنه قد تفرد بذلك، وحكى الإجماع على خلافه الأئمة أبو جعفر الطبري والطحاوي والخطابي وغيرهم، فيما نقله القاضي عياض عنهم.

ويقول الحافظ ابن كثير: وقد تعسف هذا القائل في رده على الإمام الشافعي، وتكلف في دعواه الإجماع في ذلك، وقال ما لم يحط به علما، فإنا قد روينا وجود ذلك، والأمر بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم - كما هو ظاهر الآية - ومفسر بهذا الحديث عن جماعة من الصحابة، منهم ابن مسعود، وأبو مسعود البدري، وجابر بن عبد الله، ومن التابعين الشعبي والإمام أبو جعفر محمد الباقر، ومقاتل بن سليمان، وإليه ذهب الشافعي، لا خلاف عنه في ذلك، ولا بين أصحابه أيضا، وإليه ذهب الإمام أحمد بن حنبل - فيما حكاه عنه أبو زرعة الدمشقي به - وبه قال إسحاق بن راهويه، والإمام الفقيه محمد بن إبراهيم - المعروف بابن المواز المالكي - رحمهم الله، حتى أن بعض أئمة الحنابلة أوجب أن يقال في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، كما علمهم أن يقولوا، لما سألوه، وحتى أن بعض أصحابنا أوجب الصلاة على آله - فيما حكاه البندنيجي وسليم الرازي، وصاحبه نصر بن إبراهيم المقدسي - ونقله إمام الحرمين، صاحبه الغزالي، قولا عن الإمام الشافعي، والصحيح أنه وجه، على أن الجمهور على خلافه، وحكوا الإجماع على خلافه، وللقول بوجوبه ظواهر الحديث - والله أعلم.

والغرض أن الإمام الشافعي، رضي الله عنه، يقول بوجوب الصلاة على

الصفحة 282
النبي صلى الله عليه وسلم، في الصلاة سلفا وخلفا، كما تقدم، ولله الحمد والمنة فالإجماع على خلافه في هذه المسألة، لا قديما ولا حديثا، والله أعلم.

ومما يؤيد ذلك الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وصححه، والنسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما من رواية حيوة بن شريح المصري عن أبي هانئ حميد بن هانئ عن عمرو بن مالك أبي علي الحسيني عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، رجلا يدعو في صلاته، لم يمجد الله، ولم يصل على النبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عجل هذا) ثم دعاه فقال: (إذا صلى أحدكم، فليبدأ بتمجيد الله عز وجل، والثناء عليه، ثم ليصل على النبي، ثم ليدع بعد، بما شاء) (1).

وروى الإمام أحمد في مسنده بسنده عن أبي داوود الأعمى عن بريدة قال: قلنا يا رسول الله، قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك، قال:

قولوا: اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد، كما جعلتها على إبراهيم، إنك حميد مجيد) (2).

وروى الإمام مسلم في صحيحه: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن الحكم قال، سمعت ابن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عجرة فقال: ألا أهدي لك هدية، خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: قد عرفنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: قالوا: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد (3).

وروى الإمام مسلم في صحيحه: حدثنا يحيى بن يحيى التميمي قال:

____________

(1) مسند الإمام أحمد 6 / 18، سنن أبي داود - باب الدعاء، تحفة الأحوذي 10 / 450، تفسير ابن كثير 3 / 808 - 809.

(2) مسند الإمام أحمد 5 / 353.

(3) صحيح مسلم 4 / 125 - 126 (بيروت 1981).

الصفحة 283
قرأت على مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر، أن محمد بن عبد الله بن زيد الأنصاري، وعبد الله بن زيد هو الذي كان أري النداء بالصلاة أخبره عن أبي مسعود الأنصاري قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن في مجلس سعد بن عبادة، فقال له بشير بن سعد: أمرنا الله أن نسلم عليك يا رسول الله، فكيف نصلي عليك؟ قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى تمنينا أنه لم يسأله، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قولوا: (اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، إنك حميد مجيد، والسلام كما قد علمتم) (1).

ويقول الإمام النووي في (شرح صحيح مسلم) (باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد): - إعلم أن العلماء اختلفوا في وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، عقب التشهد الأخير في الصلاة، فذهب أبو حنيفة ومالك، رحمهما الله تعالى، والجماهير، إلى أنها سنة، لو تركت صحت الصلاة.

وذهب الشافعي وأحمد، رحمهما الله تعالى، إلى أنها واجبة، لو تركت لم تصح الصلاة، وهو مروي عن عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله، رضي الله عنهما، وهو قول الشعبي، وقد نسب جماعة الشافعي في هذا إلى مخالفة الإجماع، ولا يصح قولهم، فإنه مذهب الشعبي، كما ذكرنا، وقد رواه عن البيهقي.

وفي الاستدلال على وجوبها خفاء، وأصحابنا يحتجون بحديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه، المذكور هنا، أنهم قالوا: كيف نصلي عليك يا رسول الله، فقال: قولوا: اللهم صل على محمد - إلى آخره.. قالوا:

والأمر للوجوب، وهذا القدر لا يظهر الاستدلال به، إلا إذا ضم إليه الرواية الأخرى: كيف نصلي عليك، إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا، فقال صلى الله عليه وسلم:

____________

(1) صحيح مسلم 4 / 123 - 125.

الصفحة 284
قولوا: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد - إلى آخره، وهذه الزيادة صحيحة، رواها الإمامان الحافظان: أبو حاتم بن حبان (بكسر الحاء) البستي، والحاكم أبو عبد الله في صحيحيهما، قال الحاكم: هي زيادة صحيحة.

وقد احتج لها أبو حاتم والحاكم أبو عبد الله بما روياه عن فضالة بن عبيد الله رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأى رجلا يصلي لم يحمد الله، ولم يمجده، ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، (عجل هذا)، ثم دعاه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إذا صلى أحدكم، فليبدأ: بحمد ربه، والثناء عليه، وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم، وليدع ما يشاء، قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم.

وهذان الحديثان، وإن اشتملا على ما لا يجب بالإجماع، كالصلاة على الآل والذرية، والدعاء، فلا يمتنع الاحتجاج بهما، فإن الأمر للوجوب، فإذا خرج بعض ما يتناوله الأمر عن الوجوب بدليل، بقي الباقي على الوجوب، والله أعلم.

والواجب عند أصحابنا: (اللهم صل على محمد)، وما زاد عليه سنة، ولنا وجه شاذ، أنه يجب الصلاة على الآل، وليس بشئ، الله أعلم (1).

وفي تفسير القرطبي: روى المسعودي عن عون بن عبد الله عن أبي فاختة عن الأسود عن عبد الله أنه قال: إذا صليتم على النبي صلى الله عليه وسلم، فأحسنوا لصلاة عليه، فإنكم لا تدرون لعل ذلك يعرض عليه، قالوا فعلمنا، قال:

قولوا: اللهم (اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين وإمام المتقين، وخاتم النبيين، محمد عبدك ونبيك ورسولك، إمام الخير، وقائد لخير، ورسول الرحمة، اللهم ابعثه مقاما محمودا، يغبطه به الأولون الآخرون، اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم،

____________

(1) صحيح مسلم 4 / 123 - 124.

الصفحة 285
وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد) (1).

وأما فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (من صلى علي صلاة، صلى الله عليه بها عشرا)، وقال سهل بن عبد الله: الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم، أفضل العبادات، لأن الله تعالى تولاها هو وملائكته، ثم أمر بها المؤمنين، وسائر العبادات ليس كذلك.

وقال أبو سليمان الداراني: من أراد أن يسأل الله حاجة، فليبدأ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يسأل الله حاجته، ثم يختم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الله تعالى يقبل الصلاتين، وهو أكرم من يرد ما بينهما.

وروى سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: الدعاء يحجب دون السماء حتى يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا جاءت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، رفع الدعاء.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي في كتاب، لم تزل الملائكة يصلون عليه، ما دام إسمي في هذا الكتاب).

هذا وقد اختلف العلماء في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، فالذي عليه الجم الغفير والجمهور الكثير، إن ذلك من سنن الصلاة ومستحباتها، قال ابن المنذر: يستحب ألا يصلي أحد صلاة، إلا صلى فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن ترك ذلك تارك، فصلاته مجزية في مذهب مالك وأهل المدينة وسفيان الثوري، وأهل الكوفة من أصحاب الرأي وغيرهم، وهو قول جل أهل العلم، وحكي عن مالك وسفيان أنها في التشهد الأخير مستحبة، وأن تاركها في التشهد مسئ.

____________

(1) تفسير القرطبي ص 5316 (كتاب الشعب - القاهرة 1970).

الصفحة 286
وأوجب الشافعي على تاركها في الصلاة الإعادة، وأوجب إسحاق الإعادة، مع تعمد تركها، دون النسيان، وقال أبو عمر: قال الشافعي: إذا لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير، بعد التشهد وقبل التسليم، أعاد الصلاة، قال: وإن صلى عليه قبل ذلك لم تجزه، وهذا قول حكاه عنه (حرملة بن يحيى)، وهو من كبار أصحابه الذين كتبوا عنه، وقد تقلده أصحاب الشافعي، ومالوا إليه وناظروا عليه، وهو عندهم تحصيل مذهبه...

وقال بوجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة (محمد بن المواز) من أصحابنا، واختاره (ابن العربي) للحديث الصحيح: إن الله أمرنا أن نصلي عليك، فكيف نصلي عليك؟ فعلم الصلاة ووقتها، فتعينت، كيفية ووقتا).

وذكر (الدارقطني) عن الإمام أبي جعفر محمد بن علي الباقر بن الإمام الحسين أنه قال: لو صليت صلاة، لم أصل فيها على النبي صلى الله عليه وسلم، ولا على أهل بيته، لرأيت أنها لا تتم، وروي مرفوعا عنه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم، والصواب: أنه قول الإمام أبي جعفر الباقر، قاله الدارقطني (1).

وفي (الشفاء) عن عمرو بن سليم الزرقي أنه قال: أخبرني أبو حميد الساعدي أنهم قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ فقال: قولوا: اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على إبراهيم، إنك حميد مجيد).

وفي رواية عن أبي مسعود الأنصاري قال: قولوا: (اللهم صلى على محمد وعلى آله، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد، كما باركت على آل إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد، والسلام كما عرفتم).

وفي رواية كعب بن عجرة: اللهم صل على محمد وآل محمد، كما

____________

(1) تفسير القرطبي ص 5316 - 5319.

الصفحة 287
صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد، كما باركت على إبراهيم، إنك حميد مجيد).

وعن عقبة بن عمر في حديثه: (اللهم صلى على محمد النبي الأمي، وعلى آل محمد) (1).

وعن يحيى بن المساور عن عمرو بن خالد عن الإمام زيد بن علي بن الحسين عن أبيه الإمام علي زين العابدين عن أبيه الإمام الحسين عن أبيه الإمام علي بن أبي طالب قال: عدهن في يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: (عدهن في يدي جبريل، وقال: هكذا نزلت من عند رب العزة، اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنكم حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم وسلم على محمد، وعلى آل محمد، كما سلمت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد) (2).

وعن عبد الله بن مسعود: (اللهم اجعل صلواتك وبركاتك ورحمتك على سيد المرسلين، وإمام المتقين، وخاتم النبيين، محمد عبدك ورسولك، إمام الخير، ورسول الرحمة، اللهم ابعثه مقاما محمودا، يغبطه فيه الأولون والآخرون، اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد) (3).

والإمام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة - ليس هناك من ريب، في أنه من أهل البيت، بنص حديث الكساء المشهور،

____________

(1) القاضي عياض: الشفا بتعريف حقوق المصطفى 2 / 69 (بيروت 1979).

(2) الشفا 2 / 70.

(3) الشفا 2 / 72، وانظر: الملا علي القاري: شرح الشفا 2 / 120 - 134.

الصفحة 288
وبنص حديث الإمام أحمد عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لما نزلت (قل لا أسألكم عليه أجرا * إلا المودة في القربى)، قالوا: يا رسول الله، من قرابتنا هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: علي وفاطمة وابناهما عليهم السلام (1). وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد، وقال رواه الطبراني (2) - وقال السيوطي في (الدر المنثور): وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس، فذكره (3).

ومن ثم فقد رأينا الإمام الحسن البصري يقول عن علي عليه السلام: ما أقول فيه: كانت له السابقة والفضل والعلم والحكمة، والفقه والرأي والصحبة، والنجدة والبلاء، والزهد والقضاء والقرابة، إن عليا كان في أمره عليا، رحم الله عليا، وصلى عليه.

فقال له أبان بن عياش: يا أبا سعيد، أتقول (صلي عليه) لغير النبي (4)، فقال: ترحم على المسلمين، إذا ذكروا، وصلي على النبي وآله، وعلي خير له، فقلت: أهو خير من حمزة وجعفر؟ قال: نعم، قلت: وخير من فاطمة وابنيها؟ قال: نعم، والله إنه خير آل محمد كلهم، ومن يشك أنه خير منهم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأبوهما خير منهما (5).

____________

(1) الإمام ابن حنبل: فضائل الصحابة 2 / 669.

(2) مجمع الزوائد 9 / 168.

(3) تفسير الدر المنثور 6 / 7.

(4) أنظر: عن الصلاة على غير النبي من آل البيت (الملا علي القاري: شرح الشفا 2 / 144 - 148، شرح نهج البلاغة 6 / 143 - 145، ابن القيم الجوزية: جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام ص 27 - 290، محمد بيومي مهران: السيرة النبوية الشريفة 3 / 107 - 109).

(5) روى ابن ماجة في صحيحه - باب فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - بسنده عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خير منهما) - وروى الحاكم في المستدرك (3 / 167) بسنده عن زر عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خير منهما) - وروى الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (1 / 140) بسنده عن علي عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الحسن والحسين سيدا شباب

=>


الصفحة 289
ولم يجر عليه شرك، ولا شرب خمر، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لفاطمة عليها السلام: (زوجتك خير أمتي)، فلو كان في أمته خير منه لاستثناه، ولقد أخي رسول الله صلى الله عليه وسلم، بين أصحابه، فآخى بين علي ونفسه، فرسول الله صلى الله عليه وسلم، خير الناس نفسا، وخيرهم أخا (1)، وقد ذكرنا من قبل حديث الإخاء بطرقه المختلفة.

وروى ابن عبد البر في الإستيعاب بسنده عن الثوري عن أبي قيس الأودي قال: أدركت الناس وهم ثلاث طبقات: أهل دين يحبون عليا، وأهل دنيا يحبون معاوية، وخوارج (2).

ورحم الله السيد المرتضى حيث يقول: إن الشيعة والشافعية قالوا: إن الصلاة على النبي وآله، فرض واجب، وقالت بقية المذاهب: هي مستحبة، وليست بواجبة، ومهما يكن من أمر، فإن الصلاة عليهم عبادة، والتعبد بالشئ لا يتم إلا بمعرفته، فمعرفة آل البيت، إذن، إما واجبة، وإما مستحبة، وفي هذا الدليل القاطع على أنهم أفضل الناس - بعد جدهم صلى الله عليه وسلم - إذ لا تجب ولا تستحب معرفة أحد من أجل الصلاة، إلا معرفة أهل البيت - بيت النبي صلى الله عليه وسلم - (3).

25 - النظر إل علي عبادة

قال السيوطي في تاريخ الخلفاء: أخرج الطبراني والحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: النظر إلى علي عبادة - قال إسناده حسن.

وأخرجه الطبراني والحاكم أيضا من حديث عمران بن حصين.

____________

<=

أهل الجنة، وأبوهما خير منهما) - (رواه أيضا في تاريخ بغداد 10 / 230 - والمتقي في كنز العمال 7 / 108، 6 / 220، وابن حجر العسقلاني في الإصابة 6 / 4 / 186، والهيثمي في مجمعه 9 / 183، والمحب الطبري في ذخائر العقبى ص 135).

(1) ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة 4 / 96.

(2) الإستيعاب 3 / 51.

(3) محمد جواد مغنية: الشيعة في الميزان ص 256.

الصفحة 290
وأخرجه ابن عساكر من حديث أبي بكر الصديق، وعثمان بن عفان، ومعاذ بن جبل، وأنس، وعمران، وجابر بن عبد الله، وعائشة، رضي الله عنهم (1).

وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن أبي سعيد الخدري عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (النظر إلى علي عبادة) - قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، وشواهده عن عبد الله بن مسعود صحيحة) (2).

وروى الحاكم أيضا بسنده عن عبد الله - يعني ابن مسعود - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: النظر إلى وجه علي عبادة (3).

وروى أبو نعيم في الحلية بسنده عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (النظر إلى وجه علي عبادة (4) - قال: وأخرجه الهيثمي في مجمعه، والمحب الطبري في الرياض النضرة (5).

وفي رواية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، رضي الله عنها، قالت:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (النظر إلى علي عبادة) (6).

وروى ابن حجر الهيثمي في صواعقه: أخرج الطبراني والحاكم عن ابن مسعود، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: النظر إلى علي عبادة - قال:

إسناده حسن (7).

____________

(1) تاريخ الخلفاء ص 172.

(2) المستدرك للحاكم 3 / 141.

(3) المستدرك للحاكم 3 / 141، 3 / 142.

(4) حلية الأولياء 5 / 58.

(5) مجمع الزوائد 9 / 119، الرياض النضرة 2 / 291.

(6) حلية الأولياء 2 / 182 - 183.

(7) الصواعق المحرقة ص 190.

الصفحة 291
وروى المتقي الهندي في كنز العمال والمناوي في فيض القدير، قالا:

النظر إلى وجه علي عبادة. وقالا: أخرجه الطبراني والحاكم عن ابن مسعود عن عمران بن حصين.

وقال المناوي في الشرح: قال الزمخشري عن ابن الأعرابي: إذا برز - يعني عليا عليه السلام - قال الناس: لا إله إلا الله، ما أشرق هذا الفتى، ما أعلمه، ما أكرمه، ما أحلمه، ما أشجعه، فكانت رؤيته تحمل على النطق بالعبادة، فيا لها من سعادة (1).

هذا وقد ذكر المتقي والمناوي الحديث ثانية، وقالا: أخرجه ابن عساكر (2).

وروى الخطيب البغدادي في تاريخه بسنده عن أبي هريرة قال: رأيت معاذ بن جبل يديم النظر إلى علي بن أبي طالب، فقلت: ما لك تديم النظر إلى علي، كأنك لم تره؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: النظر إلى وجه علي عبادة (3).

وروى المحب الطبري في الرياض النضرة: عن عائشة رضي الله عنها قالت: رأيت أبا بكر يكثر النظر إلى وجه علي، فقلت: يا أبة، رأيتك تكثر النظر إلى وجه علي، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: النظر إلى وجه علي عبادة - قال أخرجه ابن السمان في الموافقة (4).

وعنها قالت: كان إذا دخل علينا علي، وأبي عندنا لا يمل النظر إليه، فقلت له: يا أبة، إنك لتديمن النظر إلى علي، فقال: يا بنية، سمعت

____________

(1) كنز العمال 6 / 152، فيض القدير 6 / 299.

(2) كنز العمال 6 / 158، كنوز الحقائق ص 155.

(3) تاريخ بغداد 2 / 51.

(4) الرياض النضرة 2 / 291.

الصفحة 292
رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: النظر إلى علي عبادة - قال أخرجه الخجندي (1).

وعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: النظر إلى وجه علي عبادة - أخرجه أبو الحسن الحربي (2).

وعن معاذة الغفارية قالت: كان لي أنس بالنبي صلى الله عليه وسلم، أخرج معه في الأسفار، وأقوم على المرضى وأداوي الجرحى، فدخلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، في بيت عائشة، وعلي خارج من عنده، فسمعته يقول: يا عائشة، إن هذا أحب الرجال إلي، وأكرمهم علي، فاعرفي له حقه، وأكرمي مثواه، فلما أن جرى بينها وبين علي بالبصرة ما جرى، رجعت عائشة إلى المدينة، فدخلت عليها فقلت لها: يا أم المؤمنين، كيف قلبك اليوم، بعدما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك فيه ما قال؟ قالت: يا معاذة، كيف يكون قلبي لرجل، كان إذا دخل علي، وأبي عندنا، لا يمل من النظر إليه، فقلت له: يا أبة، إنك لتديمن النظر إلى علي، فقال: يا بنية، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: النظر إلى وجه علي عبادة - أخرجه الخجندي (3).

وعن ابن لعلي بن أبي طالب، أنه قيل له - وقد أدام النظر إلى وجه علي:

ما لك تديم النظر إليه؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: النظر إلى وجه علي عبادة - أخرجه أبو الخير الحاكمي (4) -.

وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لعلي: عد عمران بن الحصين، فإنه مريض، فأتاه، وعنده معاذ وأبو هريرة، فأقبل عمران يحد النظر إلى علي، فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: النظر إلى علي عبادة، قال معاذ:

____________

(1) الرياض النضرة 2 / 291.

(2) الرياض النضرة 2 / 291 (ط طنطا 1953).

(3) الرياض النضرة 2 / 291 - 292.

(4) الرياض النضرة 2 / 292.

الصفحة 293
وأنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال أبو هريرة: وأنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال: أخرجه ابن أبي الفرات (2).

وروى الهيثمي في مجمعه عن طليق بن محمد قال: رأيت عمران بن حصين يحد النظر إلى علي، فقيل له، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: النظر إلى علي عبادة - قال: رواه الطبراني (3).

وروى ابن حجر العسقلاني في الإصابة، من رواية يعلى بن عبيد عن حارثة أبي الرحال عن عمرة قالت معاذة الغفارية: كنت أنيسا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرج معه في الأسفار، أقوم على المرضى، وأداوي الجرحى، فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ببيت عائشة، وعلي خارج من عندها، فسمعته يقول لعائشة: إن هذا أحب الرجال إلي، وأكرمهم علي، فاعرفي لي حقه، وأكرمي مثواه - الحديث - وفيه: النظر إلى علي عبادة (4).

وفي نهج البلاغة: النظر إلى وجهك يا علي عبادة، أنت سيد في الدنيا، وسيد في الآخرة، من أحبك أحبني، وحبيبي حبيب الله، وعدوك عدوي، وعدوي عدو الله، الويل لمن أبغضك - قاله النبي صلى الله عليه وسلم، لعلي.

قال: ورواه أحمد في المسند، وكان ابن عباس يفسره، ويقول: إن من ينظر إليه يقول: سبحان الله، ما أعلم هذا الفتى، سبحان الله، ما أشجع هذا الفتى، سبحان الله، ما أفصح هذا الفتى (5).

____________

(1) الرياض النضرة 2 / 292.

(2) الرياض النضرة 2 / 292.

(3) مجمع الزوائد 9 / 119.

(4) الإصابة في تمييز الصحابة 4 / 402.

(5) شرح نهج البلاغة 9 / 171.

الصفحة 294

26 - النهي عن قتال علي:

روى الحاكم في المستدرك بسنده عن قيس بن أبي حازم، قال علي للزبير: أما تذكر يوم كنت أنا وأنت في سقيفة قوم من الأنصار، فقال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتحبه؟ فقلت: وما يمنعني؟ قال: أما إنك ستخرج عليه، وتقاتله، وأنت ظالم، قال: فرجع الزبير (1).

وروى الحاكم أيضا بسنده عن أبي الأسود الدؤلي قال: شهدت الزبير خرج يريد عليا، فقال له علي: أنشدك الله، هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

تقاتله وأنت له ظالم؟ فقال: لم أذكر - يعني أنه نسي - ثم مضى الزبير منصرفا، قال: هذا حديث صحيح (2).

وفي رواية ثالثة عن أبي الأسود الدؤلي قال: شهدت عليا والزبير، لما رجع الزبير على دابته يشق الصفوف، فعرض له ابنه عبد الله فقال: ما لك؟

فقال: ذكر لي علي حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لتقاتلنه وأنت ظالم له، فلا أقاتله، قال: وللقتال جئت؟ إنما جئت لتصلح بين الناس، ويصلح الله هذا الأمر بك، قال: قد حلفت أن لا أقاتل، قال: فاعتق غلامك سرجس، وقف حتى تصلح بين الناس، قال: فأعتق غلامه سرجس ووقف، فاختلف أمر الناس، فذهب على فرسه - قال الحاكم: وقد روى إقرار الزبير لعلي بذلك من غير هذه لوجوه والروايات (3).

وفي نهج البلاغة: قال الإمام علي للزبير: نشدتك الله، أتذكر يوم مررت بي، ورسول الله صلى الله عليه وسلم، متكئ على يدك، وهو جاء من بني عمرو بن عوف، فسلم علي وضحك في وجهي، فضحكت إليه، لم أزده على ذلك، فقلت: لا

____________

(1) المستدرك للحاكم 3 / 336.

(2) المستدرك للحاكم 3 / 366.

(3) المستدرك للحاكم 3 / 366.

الصفحة 295
يترك ابن أبي طالب يا رسول الله زهوه، فقال لك: مه إنه ليس به زهو، أما إنك ستقاتله، وأنت له ظالم، فاسترجع الزبير وقال: لقد كان ذلك، ولكن الدهر أنسانيه، ولأنصرفن عنك، فرجع، فأعتق عبده سرجس تجللا من يمين لزمته في القتال، ثم أتى إلى عائشة، فقال لهما: إني ما وقفت موقفا قط، ولا شهدت حربا، إلا ولي فيه رأي وبصيرة، إلا هذه الحرب، وإني لعلى شك من أمري، وما أكاد أبصر موضع قدمي، فقالت له: يا أبا عبد الله، أظنك فرقت سيوف ابن أبي طالب، إنها والله سيوف حداد، معدة للجلاد، تحملها فئة أنجاد، ولئن فرقتها، لقد فرقها الرجال قبلك، قال: كلا، ولكنه ما قلت لك (1).

وفي الصواعق المحرقة: أخرج الحاكم وصححه، والبيهقي عن أبي الأسود قال: شهدت الزبير خرج يريد عليا، فقال له علي: أنشدك الله، هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: تقاتله، وأنت له ظالم، فمضى الزبير منصرفا.

وفي رواية أبي يعلى والبيهقي، فقال الزبير: بلى، ولكن نسيت (2).

وروى ابن الأثير في أسد الغابة: وشهد الزبير الجمل مقاتلا لعلي، فناداه علي ودعاه، فانفرد به وقال له: أتذكر، إذ كنت أنا وأنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر إلي وضحك وضحكت، فقلت أنت: لا يدع ابن أبي طالب زهوه، فقال:

ليس به زهو، ولتقاتلنه وأنت له ظالم، فذكر الزبير ذلك، فانصرف عن القتال، فنزل بوادي السباع، وقام يصلي، فأتاه ابن جرموز فقتله، وجاء بسيفه إلى علي، فقال: إن هذا السيف طالما فرج الكرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: بشر قاتل ابن صفية بالنار (3).

____________

(1) شرح نهج البلاغة 2 / 167.

(2) الصواعق المحرقة ص 184.

(3) أسد الغابة 2 / 252.

الصفحة 296
وروى ابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب - في ترجمة عبد السلام الكوفي - قال: قال إسماعيل بن خالد بن عبد السلام - رجل من حيه - خلا علي بالزبير يوم الجمل، فذكر حديث: لتقاتلنه، وأنت ظالم له (1).

وذكره المتقي الهندي في كنز العمال، قال: خلا علي عليه السلام بالزبير يوم الجمل، فقال: أنشدك الله كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول - وأنت لاوي يدي في سقيفة بني فلان - لتقاتلنه وأنت له ظالم، لينصرن عليك؟ فقال: قد سمعت، لا جرم، لا أقاتلك (2).

قال: أخرجه ابن أبي شيبة ومسدد والحارث وابن عساكر (3)، وابن حجر العسقلاني في فتح الباري. (4) وفي كنز العمال بسنده عن قتادة قال: لما ولي الزبير يوم الجمل، بلغ عليا عليه السلام، فقال: لو كان ابن صفية يعلم أنه على الحق ما ولي، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم، لقيهما في سقيفة بني ساعدة فقال: أتحبه يا زبير؟ قال: وما يمنعني؟

قال: فكيف بك إذا قاتلته، وأنت ظالم له؟ قال: فيرون أنه إنما ولي لذلك - قال: أخرجه البيهقي في الدلائل (5).

وفي كنز العمال بسنده عن أبي الأسود الدؤلي قال: لما دنا علي عليه السلام، وأصحابه، من طلحة والزبير، ودنت الصفوف بعضها من بعض خرج علي - وهو على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم - فنادى: ادعوا لي الزبير بن العوام، فدعي له الزبير فأقبل، فقال علي: يا زبير، نشدتك الله، أتذكر يوم مر بك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن في مكان كذا وكذا، فقال: يا زبير تحب عليا، فقلت:

____________

(1) تهذيب التهذيب 6 / 325.

(2) كنز العمال 6 / 85.

(3) فضائل الخمسة 2 / 365 - 336.

(4) فتح الباري 15 / 155.

(5) كنز العمال 6 / 82، وانظر 6 / 83.