أما ابن أبي الحديد فقد ناقش هذه الدعوى نقاشا مفصلا، فقال: إن كثيرا من أرباب الهوى يقولون: إن كثيرا من (نهج البلاغة) كلام محدث صنعه قوم من فصحاء الشيعة، وربما عزوا بعضه إلى الرضي أبي الحسن وغيره، وهؤلاء قوم أعمت العصبية أعينهم، فضلوا عن النهج الواضح وركبوا بنيات الطريق ضلالا وقلة معرفة بأساليب الكلام، وأنا أوضح لك بكلام مختصر ما في هذا الخاطر من الغلط، فأقول:
لا يخلو إما أن يكون كل (نهج البلاغة) مصنوعا منحولا، أو بعضه.
والأول باطل بالضرورة، لأنا نعلم بالتواتر صحة إسناد بعضه إلى أمير المؤمنين عليه السلام، وقد نقل المحدثون كلهم أو جلهم، والمؤرخون كثيرا منه، وليسوا من الشيعة لينسبوا إلى غرض في ذلك.
والثاني يدل على ما قلناه - أي ما نسبهم إليه من ضلال وقلة معرفة بأساليب الكلام - لأن من قد أنس بالكلام والخطابة، وشدا طرفا من علم البيان وصار له ذوق في هذا الباب، لا بد أن يفرق بين الكلام الركيك والفصيح، وبين الفصيح والأفصح، وبين الأصيل والمولد، وإذا وقف على كراس واحد يتضمن كلاما لجماعة من الخطباء، أو لاثنين منهم فقط، فلا بد أن يفرق بين الكلامين، ويميز بين الطريقتين.
ألا ترى أنا مع معرفتنا بالشعر ونقده، لو تصفحنا ديوان أبي تمام، فوجدناه قد كتب في أثنائه قصائد أو قصيدة واحدة لغيره، لعرفنا بالذوق
____________
(1) مروج الذهب 2: 419.
وأنت إذا تأملت (نهج البلاغة) وجدته كله ماء واحدا، ونفسا واحدا، وأسلوبا واحدا، كالجسم البسيط الذي ليس بعض من أبعاضه مخالفا لباقي الأبعاض في الماهية، وكالقرآن العزيز، أوله كأوسطه، وأوسطه كآخره، وكل سورة منه، وكل آية مماثلة في المأخذ والمذهب والفن والطريق والنظم لباقي الآيات والسور، ولو كان بعض (نهج البلاغة) منحولا وبعضه صحيحا، لم يكن ذلك كذلك، فقد ظهر لك بهذا البرهان الواضح ضلال من زعم أن هذا الكتاب أو بعضه منحول إلى أمير المؤمنين عليه السلام (1).
هذا، وقد أصدر الشيخ عبد الزهراء الخطيب كتابا مفصلا في تحقيق نصوص نهج البلاغة، وإحصاء مصادرها، في أربعة مجلدات - وأسماه: " مصادر نهج البلاغة وأسانيده " وقد استوفى فيه الكثير مما يتعطش له الباحثون.
بعد هذه المقدمة التوثيقية حول (نهج البلاغة) وإثبات نسبته إلى الإمام علي عليه السلام فلتكن لنا جولة في ربوعه، لنقتطف منها ما ذكره الإمام عليه السلام حول حقه في الإمامة.
وقد انتخبنا عشر فقرات من كلامه عليه السلام في هذا الكتاب، ووضعناها في قسمين:
القسم الأول: في معرفة الإمام والخليفة بعد النبي صلى الله عليه وآله
____________
(1) شرح نهج البلاغة 10: 127 - 129.
ومن ذلك:
1 - قوله - وهو يصف عترة النبي - مخاطبا الناس (1):
" فأين تذهبون؟
وأنى تؤفكون (2)! والأعلام (3) قائمة، والآيات واضحة، والمنار منصوبة، فأين يتاه بكم! وكيف تعمهون (4) وبينكم عترة نبيكم؟!
وهم أزمة الحق، وأعلام الدين، وألسنة الصدق!
فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن.
وردوهم ورود الهيم العطاش (5).
أيها الناس، خذوها عن خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم: إنه يموت من مات منا، وليس بميت، ويبلى من بلي منا وليس ببال.
فلا تقولوا بما لا تعرفون، فإن أكثر الحق في ما تنكرون..
واعذروا من لا حجة لكم عليه، وهو أنا..
ألم أعمل فيكم بالثقل الأكبر، وأترك فيكم الثقل الأصغر (6)؟! " وفي شرح ابن أبي الحديد: الثقل الأكبر هو القرآن. وقوله: " أترك فيكم الثقل الأصغر " يعني الحسن والحسين عليهما السلام.
- فهل سمعت بكلام أعجب من هذا، أم بحجة أبلغ؟
____________
(1) في كتاب الدكتور صبحي الصالح: الخطبة 87 ص 119 تحت عنوان " عترة النبي ".
(2) تؤفكون: تقلبون وتصرفون.
(3) الأعلام: الدلائل على الحق من معجزات ونحوها.
(4) تعمهون: تتحيرون.
(5) ردوهم ورود الهيم العطاش: أي هلموا إلى بحار علومهم مسرعين كما تسرع الإبل العطشى إلى الماء.
(6) الثقل (هنا): بمعنى النفيس من كل شئ، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
" تركت فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي " أي النفيسين.
" أين تذهبون "؟!
" وأنى تؤفكون؟! والأعلام قائمة... والآيات واضحة... والمنار منصوبة! فأين يتاه بكم "؟!
وكيف تعمهون، وبينكم عترة نبيكم؟!
وهل بعد هذا يبحث المسلم عن دليل في أن الإمامة فيهم عليهم السلام؟!
2 - احتجاجه عليه السلام، وهو يقول:
" أين الذين زعموا أنهم الراسخون في العلم دوننا، كذبا وبغيا علينا، أن رفعنا الله ووضعهم، وأعطانا وحرمهم، وأدخلنا وأخرجهم؟!
بنا يستعطى الهدى، ويستجلى العمى...
إن الأئمة من قريش، غرسوا في هذا البطن من هاشم، لا تصلح على سواهم، ولا تصلح الولاة من غيرهم " (1) وهكذا يستخلص القول بأفصح بيان، بعد ذلك الاستنكار اللاذع على من زعم أن له الفضل عليهم، ثم يوجز الأمر باختصاص الإمامة فيهم عليهم السلام، فلا هي تصلح لسواهم، ولا يصلح سواهم لها!
2 - كلامه عليه السلام في الناس شارحا سبيل النجاة (2):
" انظروا أهل بيت نبيكم، فالزموا سمتهم (3)، واتبعوا أثرهم، فلن يخرجوكم من هدى، ولن يعيدوكم في ردى.
____________
(1) المصدر: ص 201 بعنوان " فضل أهل البيت ". القسم الثاني من الخطبة رقم: 144.
(2) ص 143 بعنوان " أصحاب رسول الله " نقلنا أولها هنا، وآخرها في وصف الصحابة سيأتي في محله.
(3) سمتهم: طريقهم أو حالهم أو قصدهم.
ولا تسبقوهم فتضلوا...
ولا تتأخروا عنهم فتهلكوا... ".
وهذا تفسير واضح لحديثي: سفينة النجاة، ونجوم الأمان المتقدمين، أو هو كلام مقتبس منهما.
4 - ومن خطبة له عليه السلام في رسول الله وأهل بيته (2):
وفيها: " ونشهد أن لا إله غيره، وأن محمدا عبده ورسوله، أرسله بأمره صادعا، وبذكره ناطقا، فأدى أمينا، ومضى رشيدا..
وخلف فينا راية الحق..
من تقدمها مرق (3)، ومن تخلف عنها زهق، ومن لزمها لحق...
ألا إن مثل آل محمد صلى الله وآله كمثل نجوم السماء، إذا خوى نجم (4) طلع نجم ".
وهذه أيضا مطابقة تماما لحديثي رسول الله في النجاة والأمان.
ومما روي عنه عليه السلام في مثل هذا المعنى قوله في خطبة طويلة، منها:
" فأين يتاه بكم؟ بل أين تذهبون عن أهل بيت نبيكم؟!
إنا سنخ أصلاب أصحاب السفينة، وكما نجا في هاتيك من نجا ينجو في هذه من ينجو، ويل رهين لمن تخلف عنهم.
وإني فيكم كالكهف لأهل الكهف، وإني فيكم باب حطة من دخل منه نجا، ومن تخلف عنه هلك، حجة من ذي الحجة في حجة الوداع: إني قد
____________
(1) لبد: أقام، أي إن أقاموا فأقيموا.
(2) المصدر: بهذا العنوان ص: 145، الخطبة رقم: 100.
(3) مرق: خرج عن الدين.
(4) خوى نجم: أي غاب.
القسم الثاني: في التصريح بحقه في خلافة رسول الله، ودفعهم إياه عن هذا الحق، ومطالبته به.
ومن ذلك:
1 - من خطبة له بعد انصرافه من صفين، فيها: " لا يقاس بآل محمد صلى الله عليه وآله وسلم من هذه الأمة أحد.
ولا يسوى بهم من جرت نعمتهم عليه أبدا.
وهم أساس الدين، وعماد اليقين..
إليهم يفئ الغالي، وبهم يلحق التالي، ولهم خصائص حق الولاية، وفيهم الوصية والوراثة...
الآن إذ رجع الحق إلى أهله، ونقل إلى منتقله " (2).
وهو كلام أوضح مما يحتاج معه إلى تفسير، ولا يمكن أن يقوم معه تأويل من تلك التأويلات التي سلكها بعض من ذكرنا.
وفيما سيأتي من كلامه عليه السلام صراحة أكثر، ووضع لكل شئ في محله، في بيان يعضد بعضه بعضا، فلا يدع أدنى منفذ لشك أو جدال.
2 - قوله عليه السلام لبعض من أشار عليه ألا يتبع طلحة والزبير، في كلام آخر: " فوالله ما زلت مدفوعا عن حقي، مستأثرا علي، منذ قبض الله نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، حتى يوم الناس هذا! " (3).
____________
(1) تاريخ اليعقوبي 2: 211 - 212.
(2) شرح صبحي الصالح: 47، القسم الأخير من الخطبة رقم: 2.
(3) المصدر: 53 - الخطبة 6.
كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام، وأنتم أحق به؟
فقال عليه السلام: " يا أخا بني أسد، إنك لقلق الوضين (2)، ترسل في غير سدد، ولك بعد ذمامة الصهر، وحق المسألة، وقد استعلمت، فاعلم:
أما الاستبداد علينا بهذا المقام ونحن الأعلون نسبا، والأشدون برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نوطا (3)، فإنها كانت أثرة (4) شحت عليها نفوس قوم، وسخت عنها نفوس آخرين.
والحكم الله، والمعود إليه القيامة.
وهلم الخطب في ابن أبي سفيان، فلقد أضحكني الدهر بعد إبكائه.. " 4 - وفي مناظرة له مع بعض الصحابة، يسجل عليه السلام خلاصتها، بقوله:
" وقد قال قائل: إنك على هذا الأمر - يا بن أبي طالب - لحريص!
فقلت: بل أنتم - والله - لأحرص، وأبعد، وأنا أخص وأقرب.
وإنما طلبت حقا لي، وأنتم تحولون بيني وبينه، وتضربون وجهي دونه.
فلما قرعته بالحجة في الملأ الحاضرين، هب كأنه بهت لا يدري ما يجيبني به "!
ثم يقول عليه السلام مواصلا كلامه:
____________
(1) المصدر: 231 الخطبة رقم 162.
(2) الوضين: حزام عريض يشد به الرحل على البعير، فإذا قلق اضطرب الرحل فقل ثبات الجمل في سيره.
(3) النوط: التعلق والالتصاق.
(4) الأثرة: ضد الايثار، وهي احتكار الشئ دون مستحقه.
أيصح بعد هذا - يا أخي - أن نمضي وراء تأويل المتأولين، وندع كلام أمير المؤمنين، وإمام المتقين؟!
5 - وفي أمر الخلافة أيضا، يقول عليه السلام:
" واعجباه، أتكون الخلافة بالصحابة والقرابة؟ ".
وروي له شعر في هذا المعنى:
____________
(1) المصدر: 246 - الخطبة - 172.
(2) المصدر: 502 قسم الحكم، الرقم - 190 -.
هكذا أورد هذا النص هنا، ووافقه محمد عبدة في شرحه 3: 195 برقم 190، وابن ميثم البحراني في الشرح الكبير ج 5: 341 برقم 176، وجاء عند غيرهم هكذا: " واعجباه، أتكون الخلافة بالصحابة ولا تكون بالصحابة والقرابة! " كما في نهج البلاغة بشرح القطب الراوندي 3: 331، وبشرح ابن أبي الحديد 18: 416 / 185، وبتحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم 2: 349 / 185، ومصادر نهج البلاغة 4: 125 / 190، والشرح الوسيط لابن ميثم - إختيار مصباح السالكين -:
623 / 176، وفي خصائص الأئمة للشريف الرضي: 111، وغرر الحكم للآمدي 2: 306 / 64 والنسخة الخطية المكتوبة سنة 494 الوجه 278 وهي غير النسخ التي اعتمدها أبو الفضل إبراهيم.
=>
" أما والله لقد تقمصها (2) فلان وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحا، ينحدر عني السيل، ولا يرقى إلي الطير.
فسدلت دونها ثوبا، وطويت عنها كشحا.
وطفقت أرتئي بين: أن أصول بيد جذاء (3)، أو أصبر على طخية (4) عمياء، يهرم فيها الكبير، ويشيب فيها الصغير،
____________
<=
وحديثه عليه السلام هذا في النثر والنظم موجه إلى أبي بكر وعمر، فعلى الوجه الأخير، قال ابن
أبي الحديد: أما النثر فإلى عمر توجيهه، لأن أبا بكر لما قال لعمر - في السقيفة - أمدد يدك، قال له
عمر: أنت صاحب رسول الله في المواطن كلها، فهلا سلمت الأمر إلى من قد شركه في ذلك، وزاد
عليه بالقرابة! وأما النظم فموجه إلى أبي بكر لأنه حاج الأنصار في السقيفة فقال: نحن عترة رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلما بويع احتج على الناس بالبيعة وأنها صدرت عن أهل الحل والعقد.
فقال عليه السلام: أما احتجاجك على الأنصار بأنك من بيضة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
فغيرك أقرب إليه منك، وأما احتجاجك برضا الجماعة بك، فقد كان قوم من جملة الصحابة غائبين لم
يحضروا العقد فكيف يثبت!
وأما على الوجه الأول، فهو عليه السلام يستنكر أن تكون الصحابة والقرابة شرطا كافيا للخلافة،
بل لا بد من مرجح حقيقي، كالنص من النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأهلية لهذا الأمر.
وأما النظم فسوف يكون فيه هنا مزيدا من الاستنكار، فهو مع استنكاره الاحتجاج بالصحابة
والقرابة في هذا الأمر، يقول إنهما لم يتما لأبي بكر بل إنها جميعا عنده عليه السلام أتم وأكمل.
وأيا كان النص الصادر عنه عليه السلام فهو نص صريح على حقه في الخلافة، وأنه عليه السلام
أولى بها من غيره.
(1) هكذا وصفها في المصدر: 48 الخطبة رقم - 3 -.
(2) تقمصها: لبسها كالقميص.
(3) الجذاء: المقطوعة.
(4) طخية: ظلمة.
فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى.
فصبرت، وفي العين قذى، وفي الحلق شجا، أرى تراثي (1) نهبا.
حتى مضى الأول لسبيله، فأدلى بها إلى فلان بعده ".
ثم تمثل - عليه السلام - بقول الأعشى:
" فيا عجبا!! بينا هو يستقيلها (2) في حياته، إذ عقدها لآخر بعد وفاته!
لشد ما تشطرا ضرعيها (3).
فصيرها في حوزة خشناء، يغلظ كلمها (4)، ويخشن مسها، ويكثر العثار (5) فيها، والاعتذار منها.
فصاحبها كراكب الصعبة، إن أشنق لها خرم (6)، وإن أسلس لها تقحم (7)، فمني الناس - لعمر الله - بخبط وشماس (8) وتلون واعتراض (9).
فصبرت، على طول المدة، وشدة المحنة.
حتى إذا مضى لسبيله، جعلها في جماعة زعم أني أحدهم!
____________
(1) التراث: الميراث.
(2) يستقيلها: يطلب إعفاءه منها - وهو إشارة إلى قول أبي بكر: أقيلوني أقيلوني..
(3) تشطرا ضرعيها: اقتسماه، فأخذ كل منهما شطرا.
(4) كلمها: جرحها، كأنه يقول: خشونتها تجرح جرحا غليظا.
(5) العثار: السقوط والكبوة.
(6) أشنق البعير: كفه بزمامه، وخرم: قطع.
(7) أسلس: أرخى، وتقحم: رمى بنفسه في القحمة أي الهلكة.
(8) خبط: سير على غير هدى، والشماس: إباء الفرس عن الركوب.
(9) الاعتراض: السير على غير خط مستقيم، كأنه يسير عرضا في حال سيره طولا.
لكني أسففت(1) إذ أسفوا، وطرت إذ طاروا.
فصغا رجل منهم لضغنه (2)، ومال الآخر لصهره، مع هن وهن (3).
إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه (4) بين نثيله (5) ومعتلفه (6).
وقام معه بنو أبيه، يخضمون (7) مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع، إلى أن انتكث عليه فتله، وأجهز عليه عمله، وكبت به بطنته.
فما راعني إلا والناس كعرف الضبع إلي، ينثالون علي من كل جانب..
فلما نهضت بالأمر، نكثت طائفة..
ومرقت أخرى..
وقسط آخرون، كأنهم لم يسمعوا الله سبحانه يقول: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) (8)!
بلى والله، لقد سمعوها ووعوها، ولكنهم حليت الدنيا في أعينهم، وراقهم زبرجها... ".
إلى آخر خطبته حتى قام إليه رجل من أهل السواد فناوله كتابا، فقال
____________
(1) أسف الطائر: دنا من الأرض.
(2) صغا: مال والضغن: الضغينة والحقد.
(3) مع هن وهن: أي أغراض أخرى أكره ذكرها.
(4) نافجا حضنيه: رافعا لهما. والحضن: ما بين الإبط والكشح، يقال للمتكبر: جاء نافجا حضنيه.
(5) النثيل: الروث وقذر الدواب.
(6) المعتلف: موضع العلف.
(7) الخضم: أكل الشئ الرطب.
(8) القصص: 83.
فقال - عليه السلام -: " هيهات - يا بن عباس - تلك شقشقة هدرت، ثم قرت ".
قال ابن عباس: فوالله ما أسفت على كلام قط كأسفي على هذا الكلام ألا يكون أمير المؤمنين عليه السلام بلغ منه حيث أراد.
فقل للمتأولين: هيهات ألا تخضعوا، وتقروا بكونه عليه السلام موقنا بحقه في خلافة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، مجتهدا في بيان ذلك في شتى المناسبات، وإنما كان سكوته - حينا - على مضض:
" فصبرت، وفي العين قذى، وفي الحلق شجا "!
وذلك بعد أن لم يجد سبيلا لانتزاع حقه: " وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء، أو أصبر على طخية عمياء "!
وقد قال عليه السلام في مناسبة أخرى، يصف حاله قبل أن يبايع لأحد (1):
" فنظرت، فإذا ليس لي معين إلا أهل بيتي، فضننت بهم عن الموت، وأغضيت على القذى، وشربت على الشجا، وصبرت على أخذ الكظم (2)، وعلى أمر من طعم العلقم ".
- فهل يمكن أن يؤتى ببيان أوضح من هذا؟
أم مع بيان كهذا يذهب المرء هنا وهناك بحثا عن تأويل يلوذ وراءه؟!
____________
(1) المصدر: 68 الفقرة الثانية من الخطبة رقم - 26 -.
(2) الكظم: مخرج النفس، والمراد أنه صبر على الإختناق.
وكذا فلا مفر - من جهة أخرى - من حصر خلافة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم به وحده، لا غير.
وإنما " تقمصها فلان "!
" ثم عقد بها لآخر بعد وفاته، ولشد ما تشطرا ضرعيها "!
" ثم قام ثالث القوم نافجا حضنيه ".
فما لي بعد هذا لا أذعن للحقيقة!
وأي شئ أكون به أشد فخرا من اتباع الحق بعد معرفته؟
وهل الدين غير هذا؟
أم أمرنا نحن بغيره؟
" رب اشرح لي صدري ".
ثم انزوى الحق!
وراء السقيفة:
بأي حق كان؟
وكيف كانت البيعة؟
وبالخصوص، كيف تعاملوا مع أهل بيت النبي المصطفى لأجل البيعة؟
هذا ما يتناوله - بإيجاز - هذا الفصل...
فمما لا يغيب على من لديه أدنى اطلاع على التاريخ الإسلامي أن بيعة السقيفة قد تمت، ولما يجهز بعد جثمان رسول الله الطاهر...!
وفي ساعة كان الإمام علي، وبنو هاشم، وجمع من المهاجرين والأنصار ينهمكون بهذا الواجب...!
وجاء البراء بن عازب، فضرب الباب على بني هاشم، وقال: يا معشر بني هاشم بويع أبو بكر!
فقال بعضهم: ما كان المسلمون يحدثون حدثا نغيب عنه، ونحن أولى بمحمد.
فقال العباس: فعلوها ورب الكعبة.
وتخلف عن بيعة أبي بكر قوم من المهاجرين والأنصار، ومالوا مع علي بن أبي طالب، منهم:
العباس بن عبد المطلب، والفضل بن العباس، والزبير بن العوام، وخالد بن سعيد، والمقداد بن عمرو، وسلمان الفارسي، وأبو ذر الغفاري، وعمار ابن ياسر، والبراء بن عازب، وأبي بن كعب (2).
ثم إن أبا بكر تفقد قوما تخلفوا عن بيعته عند علي كرم الله وجهه، فبعث إليهم عمر، فجاء فناداهم وهم في دار علي، فأبوا أن يخرجوا، فدعا بالحطب!
وقال: والذي نفس عمر بيده، لتخرجن أو لأحرقنها على من فيها.
فقيل له: يا أبا حفص، إن فيها فاطمة!
فقال: وإن (3)!!!
فأتى عمر أبا بكر، فقال له: ألا تأخذ هذا المتخلف عنك بالبيعة؟
فقال أبو بكر لقنفذ - وهو مولى له -: اذهب، فادع لي عليا.
فذهب إلى علي، فقال له - علي -: ما حاجتك؟
فقال: يدعوك خليفة رسول الله.
____________
(1) تاريخ اليعقوبي 2: 124، ابن أبي الحديد 6: 21، الإستيعاب - بهامش الإصابة - 3:
550 - ترجمة النعمان بن العجلان - (2) تاريخ اليعقوبي 2: 124، تاريخ أبي الفداء 2: 63، ابن أبي الحديد: 2: 49، 56 و 6: 11، وزاد في 1: 220 حذيفة، وابن التيهان، وعبادة بن الصامت، وتاريخ الطبري 3: 198، الكامل في التاريخ 2: 325، 331، تاريخ الخلفاء: 51 ولم يذكروا الأسماء.
(3) تاريخ الطبري 3: 198، الإمامة والسياسة 1: 12، العقد الفريد 5: 12، ابن أبي الحديد 2: 56، 6: 48، 20: 147، مروج الذهب 3: 77، تاريخ أبي الفداء 2: 64 أعلام النساء 4: 114 باختلاف في اللفظ.
فرجع، فأبلغ أبا بكر الرسالة، فبكى أبو بكر طويلا!
فقال عمر - الثانية -: لا تمهل هذا المتخلف عنك في البيعة.
فقال أبو بكر لقنفذ: عد إليه، فقل له: خليفة رسول الله يدعوك لتبايع.
فجاءه قنفذ، فأدى ما أمر به، فرفع علي صوته، فقال: " سبحان الله، لقد ادعى ما ليس له ".
فرجع قنفذ، فأبلغ الرسالة. فبكى أبو بكر طويلا..
ثم قام عمر، فمشى معه جماعة، حتى أتوا باب فاطمة، فدقوا الباب.
فلما سمعت أصواتهم، نادت بأعلى صوتها: " يا أبت، يا رسول الله، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب، وابن أبي قحافة؟! ".
فلما سمع القوم صوتها، وبكاءها، انصرفوا باكين، وكادت قلوبهم تنصدع، وأكبادهم تنفطر، وبقي عمر! ومعه قوم!
" وبقي عمر، ومعه قوم ".
فأخرجوا عليا، فمضوا به إلى أبي بكر..
فقال له: بايع.
فقال: " إن أنا لم أفعل فم؟ " قالوا: إذن والله الذي لا إله إلا هو، نضرب عنقك!!
فقال: إذن تقتلون عبد الله، وأخا رسوله ".
قال عمر: أما عبد الله فنعم، وأما أخو رسول الله فلا!!
وأبو بكر ساكت!
فقال له عمر: ألا تأمر فيه بأمرك؟
فقال: لا أكرهه على شئ ما كانت فاطمة إلى جنبه!!
فلحق علي بقبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصيح ويبكي،
إقرأ إلى هنا وتعجب، فما أعظمها من جرأة!
مرة.. جرأة على بيت علي وفاطمة، وإضرام النار حوله، أو هدمه كما قال آخرون (2)!
تلك الجرأة التي سجلها حافظ إبراهيم - شاعر النيل - في أبيات يعجب قارئها مرتين: مرة من هول المشهد، ومرة من موقف الإنسان الشاعر تجاهه، حيث يقول في قصيدته العمرية:
بل أعظم بها من مصيبة، وأعجب لها من جرأة.
ومرة:
في إنكار حقيقة لا تخفى على أحد من المسلمين، بل حتى المشرك والمنافق كان يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد آخى عليا، وقال له: " أنت أخي في الدنيا والآخرة " (4).
____________
(1) الإمامة والسياسة: 12 - 13، ابن أبي الحديد 2: 56 و 6: 11، الفتوح لابن أعثم 1:
13، أعلام النساء 4: 114 - 115، تاريخ اليعقوبي - مختصرا - 2: 126.
(2) تاريخ اليعقوبي 2: 126.
(3) ديوان حافظ إبراهيم 1: 82 " ط 1937 ".
(4) أنظر: سنن الترمذي 5: 636 / 3720، مسند أحمد 1: 230، مصابيح السنة 4: 173 / 4769، المستدرك 3: 14، جامع الأصول 9: 468 / 6475، أسد الغابة 2: 221 و 4:
16، 29، الإستيعاب 3: 35، الطبقات الكبرى 3: 22، مجمع الزوائد 9: 112، ابن
=>
إقرأ إلى جنب هذا ما أوصى به رسول الله عليا، بقوله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي: " أنت أخي، وأنا أخوك، فإن ذاكرك أحد فقل: أنا عبد الله وأخو رسوله، لا يدعيها بعدك إلا كاذب " (1).
ثم هل تعجب ممن ينكر حقيقة جلية كهذه إن هو أنكر ما هو أخطر منها، كأمر الولاية؟ الولاية التي أقر بها فيما بعد حتى عمرو بن العاص وهو يقود الحرب على علي في صفين! إذ قدم على معاوية رجل من همذان، يقال له (برد) فسمع عمرا يقع في علي عليه السلام، فقال له: يا عمرو، إن أشياخنا سمعوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " من كنت مولاه فعلي مولاه " فحق ذلك، أم باطل؟
فقال عمرو: حق، وأنا أزيدك: أنه ليس أحد من صحابة رسول الله له مناقب مثل مناقب علي (2).
ومرة:
في الجرأة على قتل علي بن أبي طالب! وهو هو، وهم أدرى بمقامه!
،، إذن والله الذي لا إله إلا هو نضرب عنقك،، ،، وأبو بكر ساكت، فقال عمر: ألا تأمر فيه بأمرك؟
فقال: لا أكرهه على شئ ما كانت فاطمة إلى جنبه،، ترى، إن لم تكن فاطمة آنذاك إلى جنبه، فماذا؟!
____________
<=
أبي الحديد 6: 167، الصواعق المحرقة: 122، تاريخ الخلفاء: 135، الترجمة لابن عساكر
1: 117 / 141 - 150، البداية والنهاية 7: 348، كنز العمال 11 / 32879.
(1) أخرجه أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة 2: 617 / 1055، وسبط ابن الجوزي في تذكرة
الخواص: 22 وأثبت صحته.
(2) الإمامة والسياسة: 109.
ثم لماذا كان عمر وراء كل ذلك؟
الجواب تعرفه عن أبي السبطين عليه السلام، في القصة ذاتها:
إذ يقول: ثم إن عليا كرم الله وجهه أتي به إلى أبي بكر، وهو يقول:
" أنا عبد الله، وأخو رسوله ".
فقيل له: بايع أبا بكر.
فقال: " أنا أحق بهذا الأمر منكم، لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي، أخذتم هذا الأمر من الأنصار واحتججتم عليهم بالقرابة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وتأخذونه منا أهل البيت غصبا؟!
" نحن أولى برسول الله حيا وميتا، فأنصفونا إن كنتم تؤمنون، وإلا فبوءوا بالظلم وأنتم تعلمون ".
فقال له عمر: إنك لست متروكا حتى تبايع.
فقال له علي: " إحلب حلبا لك شطره، واشدد له اليوم أمره، يردده عليك غدا " (1).
____________
(1) الإمامة والسياسة: 11، ابن أبي الحديد 6: 11، والفتوح: 1: 13 باختلاف يسير.
ومع الزهراء عليها السلام
فبعد ما سمعت بما حل بسيدة النساء، من إضرام النار، واقتحام الدار وإيذاء علي أمام عينيها، وإفزاع بنيها بين يديها...
وصرختها وتظلمها: " يا أبت، يا رسول الله، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب، وابن أبي قحافة "!..
وبعد ذاك، كانت قضية فدك، وميراثها من أبيها صلى الله عليه وآله وسلم (1)..
قال اليعقوبي: وأتته فاطمة تطلب ميراثها من أبيها، فقال لها: قال رسول الله: إنا معشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة.
____________
(1) جاء عن علي عليه السلام، وابن عباس، وأبي سعيد الخدري، أنه لما نزل قوله تعالى: (وآت ذا القربى حقه) دعا رسول الله فاطمة فأعطاها فدك.
أورده السيوطي في الدر المنثور 5: 273 - 274، قال أخرجه البزار، وأبو يعلى، وابن أبي حاتم، وابن مردويه. وأورده الحسكاني في شواهد التنزيل 1: 338 من سبعة طرق، والقندوزي الحنفي في ينابيع المودة: 119، والهيثمي في مجمع الزوائد 7: 49، وقال: فيه عطية العوفي، وهو ضعيف متروك.. والصحيح:
أن عطية العوفي كان صدوقا، هكذا قال العسقلاني في ترجمته إلا أنه رماه بالعلة التي لأجلها قالوا متروك، فقال: كان شيعيا!.. (تقريب التهذيب 2: 24 / 216). هذا وقد ورد الحديث عن غيره أيضا.
أما قال رسول الله: " المرء يحفظ في ولده " (1)؟! ورغم أنها عليها السلام قد أشهدت عليا والعباس، وأم أيمن على حقها في هذه الأرض (2)، إلا أن الأمر قد انتهى عند ذلك الحد، ولم يتجدد له ذكر إلا بين أهله، حتى رجعت إليهم في عهد عمر بن عبد العزيز، ثم في عهد المأمون.
وقد ثبت عن أمير المؤمنين عليه السلام في كتاب له إلى عامله على البصرة الصحابي عثمان بن حنيف الأنصاري، قوله: " بلى، كانت في أيدينا فدك من كل ما أظلته السماء عليها فشحت عليها نفوس قوم، وسخت عنها نفوس آخرين، ونعم الحكم الله ".
قال ابن أبي الحديد: شحت أي بخلت، وسخت أي سامحت وأغضت، وليس يعني ها هنا بالسخاء إلا هذا، لا السخاء الحقيقي، لأنه عليه السلام وأهله لم يسمحوا بفدك إلا غصبا وقسرا (3).
ثم ما زالت فاطمة عليها السلام غضبى عليهما حتى توفيت (4)..
وحدث أنهما جاءا يوما يلتمسان رضاها!
فقالت لهما: " نشدتكما الله، ألم تسمعا رسول الله يقول: رضا فاطمة من رضاي، وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني، ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني؟ ".
____________
(1) تاريخ اليعقوبي 2: 127، الإمامة والسياسة: 14، أعلام النساء 4: 118 ابن أبي الحديد 16:
212.
(2) الإمام علي ومناوئوه للدكتور نوري جعفر: 216، وانظر ابن أبي الحديد 16: 216.
(3) ابن أبي الحديد 16: 208.
(4) صحيح البخاري 8: 266 / 3، وسيأتي ذكر المزيد من مصادره.
قالت: " فإني أشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني، ولئن لقيت النبي لأشكونكما إليه " (1).
ترى هل كان صلى الله عليه وآله وسلم يريد بقوله هذا لفاطمة أن يمنحها من الدلال ما يمنحه الملوك لبناتهم؟ أم أراد أن يهبها ما لا يناله غيرها من حطام الدنيا وزينتها؟
أليس هو صلى الله عليه وآله وسلم الذي أبى لها أن تتخذ خادمة في بيتها، وأوصاها بدلا من ذلك بهذه التسبيحات المعروفة بعد كل صلاة!
ألم يكن صلى الله عليه وآله وسلم قد استنكر عليها عقدا كان نصيبها من سهم الغنائم، وقال لها: " نحن أهل البيت اختار الله لنا الآخرة "!
فماذا بقي من هذا الحديث الشريف " رضا فاطمة من رضاي " ونظائره غير أنه صلى الله عليه وآله وسلم أراد من ذلك أن يبين لنا وجوه تعبدنا، ومعالم ديننا، ويرسم لنا معالم الصراط المستقيم، فوضع لنا معايير ومقاييس نميز من خلالها الحق عن غيره، ونلتمس وراءها سبيل النجاة؟
وهذا هو معنى التعبد والطاعة والولاء، أن نلتمس رضاه صلى الله عليه وآله وسلم فيما أمرنا به، فنلتمس رضا من كان رضا رسول الله في رضاه وسخط رسول الله في سخطه.
والأمر هنا هكذا تماما، وليس خلافا شخصيا لنقف عنده على الحياد.
نعم، إنه بيان وبرهان يهدينا إلى معرفة مواضع رضا رسول الله، ومواضع سخطه، وفي أمر كهذا ليس هناك موضع للحياد.
ثم أرأيت أنه صلى الله عليه آله وسلم قد قال هذا الحديث ونظائره وهو
____________
(1) الإمامة والسياسة: 13، أعلام النساء 4: 123 - 124.
وبعد فقد هجرته فاطمة عليها السلام فلم تكلمه حتى ماتت، ودفنها علي عليه السلام ليلا! ولم يؤذن بها أبا بكر، وقد مكثت بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ستة أشهر (2).
قال البيهقي فغضبت فاطمة، وهجرته فلم تكلمه حتى ماتت، ودفنها علي ليلا، ولم يؤذن بها أبا بكر، قالت عائشة: فكان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة، فلما توفيت فاطمة انصرفت وجوه الناس عنه عند ذلك.
قال معمر: قلت للزهري: كم مكثت فاطمة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟
قال ستة أشهر.
فقال رجل للزهري: فلم يبايعه علي حتى ماتت فاطمة؟
قال: ولا أحد من بني هاشم (3).
عقيدتها في الخلافة:
أما عقيدة الزهراء عليها السلام في الخلافة فتكشفها هذه الحادثة
____________
(1) الأخبار في ذلك كثيرة جدا وسيأتي بعضها في محله بإذن الله.
(2) المستدرك 3: 162، تاريخ المدينة 1: 110، تاريخ اليعقوبي 2: 115، ابن أبي الحديد 16: 218.
(3) السنن الكبرى للبيهقي 6: 300، ورواه البخاري في الصحيح 5: 288 / 256 - باب غزوة خيبر - ومسلم في صحيحه 3: 1380 / 52 - كتاب الجهاد والسير - والطبري في تاريخه 3:
202، وابن أبي الحديد 6: 46، والجزري في جامع الأصول 4: 482، وابن الأثير في (الكامل في التاريخ) 2: 331.
ومن هنا يتضح أن هذا الأمر متفق عليه بين أصحاب السنن وأصحاب السير.