وباختصار شديد فإن أهل بيت النبوة، وأولياء النبي وهم علماء الإسلام وأساتذته الذين قامت دعوة الإسلام ودولة النبوة على أكتافهم، قد أخروا بالقوة،.
وتحقق ما حذر منه النبي وتفكك الإسلام وحلت كافة عراه!!!
بينا بأن رسول الله وقبل أن ينتقل إلى جوار ربه، حذر المسلمين وبأنهم إن لم يلتزموا بما أمرهم به، فإن الإسلام سيتفكك، وستحل عراه عروة بعد عروة، فكلما انتقضت عروة تثبت الناس بالتي تليها، وأن أول عرى الإسلام نقضا الحكم، وآخرها نقضا الصلاة. (رواه أحمد وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، راجع كنز العمال ج 1 ص 238).
وكرر النبي التحذير في مناسبات متعددة، وأطلعهم على ما هو كائن وبالتصوير الحي البطئ، وأحيط الجميع علما بما حذر منه الرسول، وقامت الحجة على الجميع. ولخص الرسول الموقف للجميع، وأكد هذا التلخيص بكل وسائل التأكيد، وبينه وبكل طرق البيان، وحذر المسلمين بأنهم لن ينجحوا ولن يهتدوا، ولن يتجنبوا الضلالة من بعده، إلا إذا تمسكوا بالثقلين كتاب الله، وعترة النبي أهل بيته.
ثم بعد ذلك مرض النبي، وكان ما كان، فما أن مرض النبي حتى تنكرت له الأكثرية الساحقة رغبة أو رهبة، وقالوا له وجها لوجه: (أنت تهجر!! والقرآن وحده يكفينا، ولسنا بحاجة لوصيتك)!! بل والأعظم من ذلك أن هذه الأكثرية بعد أن استولت على مقاليد الحكم منعت رواية وكتابة أحاديث رسول الله منعا باتا، ورفعت شعار (حسبنا كتاب الله)!! وصارت رواية أحاديث الرسول من الجرائم الكبرى التي يستحق مرتكبها القتل، فكان حذيفة يقول: (لو كنت على شاطئ.
(حفظت من رسول الله وعائين، فأما أحدهما فبثثته وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم)!! وقال: (إني لأحدث أحاديثا لو تكلمت بها في زمن عمر أو عند عمر لشج رأسي). (راجع البداية لابن كثير ج 8 ص 107) وفي عهد عمر بن الخطاب عزم أبي بن كعب أن يتكلم في الذي لم يتكلم به بعد وفاة الرسول فقال: (لأقولن قولا لا أبالي أستحييتموني عليه أو قتلتموني). (راجع ابن سعد، الطبقات الكبرى ج 3 ص 501 والحاكم باختصار ج 2 ص 329 و ج 3 ص 303). ووعد أن يكشف الحقائق أمام الناس يوم الجمعة، وترقب الناس ذلك اليوم الذي يكشف فيه أبي بن كعب حقائق ما سمعه من رسول الله، ولكن في يوم الأربعاء مات الصحابي العظيم الذي وعد بكشف الحقائق. قال قيس بن عباد: رأيت الناس يموجون، فقلت: ما الخبر ؟ فقالوا: مات سيد المسلمين أبي بن كعب، فقلت: ستر الله على المسلمين حيث لم يقم الشيخ ذلك المقام). (راجع المسترشد لابن جرير الطبري ص 28، ومعالم الفتن لسعيد أيوب ج 1 ص 257).
والخلاصة أن منع رواية وكتابة أحاديث الرسول قد تحول إلى قانون أساسي، نافذ المفعول في كل أرجاء دولة الخلافة، ولكن لا بأس برواية الأحاديث التي تمدح القائمين على الحكم، وتضفي طابع الشرعية والمشروعية على تصرفاتها، فرواية مثل هذه الأحاديث مباحة حتى وإن كانت مختلقة، ورواة هذه الأحاديث من المقربين، حتى وإن كانوا أعداء لله ولرسوله!! وبمدة وجيزة، حلت عرى الإسلام كلها عروة بعد عروة، ولم يبق غير الصلاة، وحشر المؤمنون الذين كانوا يصلون على طريقة رسول الله، وضيق الخناق عليهم على اعتبار (أنهم شواذ) يخالفون جماعة المسلمين وإمامهم، ويتفردون بصلاة تختلف عن صلاة الأمة!! قال حذيفة أمين سر رسول الله: (لقد ابتلينا حتى أن الرجل ليصلي وحده وهو خائف). (راجع صحيح البخاري ج 1 ص 180 كتاب الجهاد والسير). وقال حذيفة أيضا: (فابتلينا حتى جعل الرجل منا.
لا أعرف شيئا مما أدركت إلا هذه الصلاة، وهذه الصلاة قد ضيعت. (راجع الفتح الرباني ج 1 ص 200). وقال أنس بن مالك مرة أخرى: (لا أعرف شيئا اليوم مما كنا عليه على عهد رسول الله!! فقلنا: فأين الصلاة ؟ فقال أو لم تضعوا بالصلاة ما قد علمتم ؟)! (رواه أحمد والترمذي، وحسنه وقال في الفتح الرباني ج 1 ص 199 روي عن أنس من غير وجه).
هذه شهادة حذيفة أمين سر رسول الله، وتكتسب شهادته أهمية خاصة لأنه أمين سر رسول الله بإجماع المسلمين، ولأنه بقي على عهد رسول الله لم يبدل ولم يتبدل، ولم يرجع القهقرى على عقبيه، تدعمها شهادة أنس بن مالك الذي وعى عمليا الصلاة بحكم خدمته للنبي، وكان أنس إلى جانب السلطة دائما عايشها وتعايش معها، ولم يثنه عن الولاء لهذه السلطة تبدلها ولا تغيرها، وكان يسمع مسبته من رجالها بصبر بالغ.
فإذا ثبت بأن المخلصين من الصحابة كانوا يصلون سرا، وهم في حالة خوف، من غضب السلطة، أو من غضب الجماهير الموالية لها، وإذا كان أحد الذين خدموا الرسول فترة طويلة، وشاهد رسول الله مئات المرات وهو يصلي عمليا يشهد ويقر ويعترف بأن الصلاة قد ضيعت بالفعل ونقضت من أصولها، ففي هذا دليل قاطع على أن آخر عروة من عرى الإسلام، وهي الصلاة قد حلت تماما بشهادة شهود عيان عاصروا حكومة الرسول، وحكومة الخلفاء الثلاثة، وحكومة بني أمية، ولا خلاف بين اثنين من المسلمين على أن رسول الله قد أخبر الأمة بما هو كائن، مثلما أخبر الأمة بأن عرى الإسلام ستنقض عروة بعد عروة، وأن نقض نظام الحكم هو أول عرى الإسلام نقضا، وأن نقض الصلاة هو آخر عرى الإسلام نقضا، ولا خلاف بين اثنين من المسلمين على أن رسول الله صادق فيما أخبر، وأنه لم ينطق عن الهوى - على الأقل في هذه الأخبار - حتى نتجنب معارضة أولئك الذين يزعمون بأن محمدا بشر يتكلم في الغضب والرضى!! ثم إنه من المحال.
الفصل الثالث
مظاهر نقض عرى الإسلام ووسائله
1 - استبعاد النبي!!
أول وأخطر مظاهر نقض عرى الإسلام هو مواجهة بطون قريش وزعامتها للنبي أثناء مرضه، والحيلولة بين النبي وبين كتابة توجيهاته النهائية وتجاهلهم لوجوده تجاهلا تاما، وقولهم على مسمعه: إن النبي يهجر!! استفهموه إنه يهجر، ولا حاجة لنا بكتابه، حسبنا كتاب الله!!! (راجع صحيح البخاري كتاب المرض باب قول المريض قوموا عني ج 7 ص 9 و ج 4 ص 31 و ج 1 ص 37، وصحيح مسلم آخر كتاب الوصية ج 5 ص 75، وصحيح مسلم بشرح النووي ج 11 ص 95، ومسند أحمد بن حنبل ج 4 ص 356 ح 2992، والكامل في التاريخ لابن الأثير ج 2 ص 230 وكتابنا نظرية عدالة الصحابة ص 287 وما فوق).
كانت هذه أول عروة وأخطر عروة تنقض من عرى الإسلام، فقد تجاهلت زعامة بطون قريش وجود النبي، وأعلنت وبكل صراحة، أن القرآن يكفي، ولا حاجة لما قاله النبي أو سيقوله!!
وقد مهدت زعامة بطون قريش لهذا الموقف المدمر، فبثت سلسلة من الشائعات التي تنصب كلها على ضرورة عدم الوثوق بكل ما يقوله النبي، لأنه بشر يتكلم في الغضب والرضى، ودوره مقتصر على تلاوة القرآن، وتبليغ الناس، ما يوحى إليه من هذا القرآن فقط. وقد وثقنا ذلك في كتابنا (المواجهة) مع رسول الله وآله. وعندما تسلمت هذه الزعامة قيادة الأمة بعد وفاة النبي ترجمت أقوالها.
وهكذا واعتبارا من اللحظة التي قعد فيها رسول الله على فراش المرض تم استبعاده بالكامل، وجمدت كافة أوامره وتوجيهاته، ولم ينفذ منها شئ، وإن نفذت فقد جاء التنفيذ متأخرا وبالقدر الذي يخدم توجيهات زعامة بطون قريش، وخير مثال على ذلك جيش أسامة، أو بعث أسامة، فالملك ملك النبوة، وزعيم البطون رسميا هو خليفة النبي، والمتصرف بالملك الذي بناه النبي، والأمة هي أمة النبي. ومع هذا فلا يجوز لأي فرد من أفراد الأمة أن يروي أو يكتب حديثا عن النبي!!!
لأن رواية وكتابة أحاديث النبي تسبب الخلاف والاختلاف بين الناس، كما ذكر ذلك الخليفة الأول في أول تصريح له حسب رواية الذهبي في تذكرة الحفاظ وبنفس التصريح أمر الخليفة رعاياه قائلا: (فمن سألكم عن شئ فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله)!!! فعلى العموم، الرسول شخصيا مستبعد (كما في حالة مرضه)، وأحاديثه التي تضمنت توجيهاته مستبعدة من التأثير على الحركة الكلية للمجتمع، إلا إذا كانت هذه الأحاديث تخدم الملك، وتوجهاته الجديدة والقائمين عليه، فعندئذ تعمم هذه الأحاديث وتعامل بقداسة، وتروى وتبرز كأدلة قاطعة على شرعية نظام البطون!! يمكن لمن يشاء أن يروي ما يشاء من أشعار الجاهلية، وخرافات الأقدميين ونجاسات الشرك، ويمكن لفئة أن تقص القصص وأساطير بني إسرائيل في مسجد الرسول نفسه، فلا خطر من ذلك على ألفة الأمة ووحدتها وانقيادها لزعامة البطون. ولكن لا يمكن حتى لأبي بن كعب أن يروي حديثا عن النبي يمس واقع المجتمع أو مستقبله، لأن مثل هذا الحديث يسبب الخلاف، والاختلاف على حد تعبير الخليفة الأول وبهذه الحالة وأمثالها فالقرآن وحده يكفي!!!.
2 - استبعاد آل محمد وأهل البيت والهاشميين ومن والاهم!!!
ومن مظاهر حل عرى الإسلام أن زعامة بطون قريش التي استولت على السلطة بعد وفاة النبي، قد استبعدت آل محمد الذين يصلي عليهم المسلمون في صلاتهم، كما استبعدت أهل بيت النبوة الذين شهد الله لهم بالطهارة، ثم هم أبناء النبي، ونساؤه، وكنفسه كما هو ثابت بآية المباهلة، وبعد يوم واحد من دفن النبي هددت زعامة البطون علي بن أبي طالب بالقتل، وأحضرت الحطب وشرعت بحرق بيت فاطمة بنت الرسول على من فيه وفيه، فاطمة والحسن والحسين سبطا رسول الله، وحرمتهم من إرثهم من النبي، ومن تركته، وصادرت كافة الإقطاعات التي أعطاها النبي لهم حال حياته، وجردتهم من كافة ممتلكاتهم، ولأسباب إنسانية تعهد الخليفة الجديد بتقديم المأكل والمشرب لهم لا يزيد عن ذلك!! وصورت السلطة الجديدة أهل بيت النبوة بصورة الشاقين لعصا الطاعة المفارقين للجماعة، فأذلتهم، وعزلتهم عزلا تاما، فتجنبهم الناس، ونفروا منهم مع أن آل محمد وأهل بيته قد ورثوا علم النبوة كاملا وعزل الهاشميون وهم بطن النبي وتجنبهم الناس، واتخذوا منهم موقفا حذرا على ضوء موقف السلطة، وادعت بطون قريش أنها الأقرب للنبي لأن محمدا من قريش!!!
ويجدر بالذكر، أن بطون قريش ال 23 وقفت وقفة رجل واحد ضد النبي، فقاومته قبل الهجرة، وحاربته بعد الهجرة، ولم يقف مع النبي عمليا ولم يحمه من شرور بطون قريش إلا البطن الهاشمي، وعندما أشعلت بطون قريش حربها الآثمة ضد النبي، كان الهاشميون أول من قاتل وأول من قتل وبقوا إلى جانب النبي حتى انتقل إلى جوار ربه، هناك مزقت بطون قريش سجلات بني هاشم الحافلة بالأمجاد والشرف وعزلتهم وعاملتهم معاملة العبيد والسوقة.
وأحكمت بطون قريش الحلقة عندما عاملت أولياء آل محمد وأهل بيت النبوة معاملة جائرة بجرم موالاتهم لأهل البيت، وقولهم بأن آل محمد كما قد عرفوا من النبي أولى بسلطانه.
وخوفا من هذه الدعوى استبعدت بطون قريش آل محمد، وأهل بيته، وبني هاشم، ومن والاهم أو قال بمقالتهم أو تتلمذ على أيديهم. ومع أن الخلفاء
ولم تكتف زعامة قريش بذلك إنما حاولت أن تضرب آل محمد ببعضهم وأن توقع بينهم كما فعلت عندما وعدت العباس ببعض الأمر لتتمكن من الانفراد بعلي بن أبي طالب، وإبطال حجته، وحاولت أن تفتت وحدة البطن الهاشمي، ولكن محاولاتها فشلت في البداية ونجحت فيما بعد!!
ورصت زعامة البطون، وقادت بنفسها حملة كبرى هدفها طرد وتقتيل وتشريد وإذلال آل محمد، فهددت عليا بالقتل، وشرعت بحرق بيت فاطمة على من فيه، وفيه ابنا الرسول الحسن والحسين، وحرمتهم من ميراث النبي وتركته وصادرت ممتلكاتهم، ثم سمت الحسن، ثم قتلت الحسين، وأبادت أهل بيت النبوة، وتجاهلت ومعها الأكثرية الساحقة من المسلمين نداءات النبي التي لم تتوقف، ووصاياه المتلاحقة: (اتقوا الله في أهل بيتي)، وقد عبر الإمام زين العابدين عن هذا الهول بقوله: (لو أن رسول الله قد حرض المسلمين علينا ما زادوا على ما فعلوا..).
وهكذا تم استبعاد أهل بيت النبوة، وحرمانهم، والتنكيل بهم وإذلالهم، ومعاقبة أوليائهم، فقد مر على المسلمين حين من الدهر كان فيه حب آل محمد أو موالاتهم من جرائم الخيانة العظمى التي عقوبتها القتل وهدم الدار، والحرمان من العطاء، والتجريد من كافة الحقوق المدنية، بحيث لا تقبل شهادة من يحب آل محمد (راجع كتاب الأحداث للمدائني برواية ابن أبي الحديد في شرح النهج ج 3 ص 595 تحقيق حسن تميم).
فإذا عرفت أن أهل بيت النبوة هم أحد الثقلين بالنص الشرعي، وأن الهدى لن يدرك إلا بالتمسك بهما: (كتاب الله وعترة النبي أهل بيته) تكتشف بيسر بأن كافة عرى الإسلام قد حلت بالفعل، وأن الذين حكموا باسم الإسلام كانوا يصيبون.
والمدهش بالفعل، أن أهل بيت النبوة قد استغاثوا فلم يغثهم أحد، واستنصروا فلم ينصرهم أحد، وشرعت السلطة بحرق بيت فاطمة على من فيه وفيه ابنا الرسول، وحرمت السلطة أهل البيت من ميراث النبي، ومن تركته، وجردتهم من ممتلكاتهم. ومع هذا لم ينكر على السلطة منكر، ولم يأمرها أحد بمعروف، ولم ينهها عن منكر، والمدهش أيضا أن تجند السلطة مائة ألف مقاتل لقتال الحسين ومن معه، وهم لا يزيدون عن مائة رجل، ومع هذا لم ينكر عليها منكر، ولم يأمرها أحد بمعروف أو ينهها عن منكر، وبعد أن قتل كل من كان مع الحسين وبقي وحيدا شن جيش الخلافة هجوما شاملا على رجل واحد!! ولهم غاية محددة وهي قتله، والتمثيل به، ومع هذا لم ينكر على الخليفة أو جيشه منكر، ولم يؤمروا بمعروف أو ينهوا عن منكر!! وهذا ما لم يحدث حتى في مجتمع الفراعنة!!! وهكذا حدث ما أخبر به الرسول، وحذر منه. ولاقى أهل بيته القتل والتشريد والتطريد واقترف هذه الجرائم زعماء القوم الذين سمعوا النبي وهو يخبر بما كان، وما هو كائن، ويحذر، وشاهدوه وهو يبكي على ما يفعل القوم بأهل بيته من بعده، وبعد موت النبي تذكرت زعامة القوم تحذيرات النبي، واستذكرت دموعه الشريفة، ولكن تلك الزعامة ارتكبت جرائمها مع سبق الترصد والإصرار، وهي نفس الجرائم التي حذرها النبي منها.
3 - غربة الإسلام والإيمان
بعد أن حلت عرى الإسلام بدءا من الحكم وانتهاء بالصلاة، أصبح الإسلام الحقيقي الذي جاء به محمد غريبا على المجتمع، إذ لم يبق من الإسلام إلا الشكليات الضرورية لبقاء الملك، والسيطرة على البلاد المفتوحة باسمه، والمسلمون المؤمنون الحقيقيون الذي بنيت دولة النبي على أكتافهم صاروا فئة قليلة معزولة غريبة غربة تامة عن مجتمع دولة الخلافة، لأن هذه الفئة تمسكت بالقرآن ووالت أهل بيت النبوة، كما أمرت وشكلت مع أهل بيت النبوة الشيعة المؤمنة التي تحمل إرث الأنبياء والتي عاشت معزولة طوال التاريخ البشري،.
لذلك من الأفضل لأفراد هذه الفئة أن يتجاهلوا تاريخهم الحافل بالأمجاد، وعلاقتهم الحميمة الخاصة بالنبي، وأن يتبالهوا، فيقوموا بدور التلاميذ الذين يسمعون للأمراء الأساتذة!!!
صحيح أن الأمراء طلقاء لا يفهمون من الدين شيئا، وأن أفراد الفئة المؤمنة هم العلماء، وكان ينبغي أن يكون أفراد الفئة المؤمنة هم الأمراء، والأساتذة، الذين يفيضون علومهم على الجميع، لكن الخليفة الغالب قد قرر الاستعانة بقوة (الطلقاء) وإثم الطلقاء على أنفسهم كما قال عمر بن الخطاب، فأصبح الطلقاء أمراء ومن حق الأمير أن يطاع وأن يوجه ويقود المأمورين!! وكان بيد دولة الخلافة وأركانها آلية الحكم الخاصة، فمن يعصي الخليفة الغالب الذي يتربع عمليا على ملك الدنيا ونفوذها، يتصرف به على الوجه الذي يريد بلا رقيب ولا حسيب،.
وقد يخطر ببال عمار مثلا، وكما حدث بالفعل حسب رواية ابن الأثير في تاريخه أن يقدم احتجاجا خطيا إلى الخليفة الرمز يشكو له من أمور لا يمكن تبريرها، حتى وفق آلية الدولة، عندئذ يأمر الخليفة بعض أعوانه الطلقاء فيضربوا عمار بن ياسر، حتى يكسروا أضلاعه، ويرموه أخوار أسوار قصر الخليفة، لأنه تجرأ على ذكر مثل تلك الأمور، وتجرأ على الشكوى، وقد حدث هذا بالفعل كما روى ابن الأثير وغيره، وقد يخطر ببال أبي ذر أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويحذر من مظاهر البذخ وسوء العاقبة، فيفسر عمل أبي ذر هذا بأنه (إفساد في الأرض) وإفساد للناس، فقد كتب معاوية إلى الخليفة، بأن أبا ذر في طريقه لإفساد الشام وأهلها، عندئذ يأمر الخليفة بنفيه، وينفى من مكان إلى مكان بالفعل خوفا على أمة محمد من أن يفسدها صاحبه أبو ذر، ويعيش الرجل مطاردا.
هذه الآلية العجيبة عزلت الفئة المؤمنة عمليا، وحيدتها تحييدا تاما عن التأثير على حركة الأحداث التي أدت لنقض عرى الإسلام كلها، وبالتالي فقد أصبح الإسلام والإيمان وكافة مضامينهما الحقيقية مفاهيم غريبة تماما، لا تنتمي لحركة الأحداث، ولا تؤثر على الأحداث، وهي عرضة للتبديل والتحوير والتغيير، لأن هذه المضامين وفي أحسن الظروف مجرد اجتهادات، لا تقدم ولا تؤخر، ولا تقيد الخليفة، فرسول الله مثلا كان يوزع العطاء بين الناس بالسوية، لا يفرق بين عربي وعجمي وأسود وأبيض، لأن حاجات الناس الأساسية متشابهة ومضى الخليفة الأول على هذه السنة، ولما جاء الخليفة الثاني اكتشف بأنه ليس من العدل أن يأخذ العربي كالعجمي، وأن يأخذ القرشي كغيره من العرب، لذلك اجتهد فأوجد موازين خاصة ومراتب للناس، وألغى فكرة التسوية بالعطاء، وأعطى الناس حسب مراتبهم عنده، حتى أنه لم يساو بالعطاء بين زوجات الرسول، فلعائشة أم المؤمنين، ولحفصة ابنته وأم المؤمنين درجة أعظم من أم سلمة مثلا، فكانت عائشة مثلا تأخذ اثني عشر ألفا، وكان المئات من الناس لا يحصلون على معشار هذا المبلغ، ونتيجة هذا الاجتهاد نشأت الطبقية فوجدت فئة يملك كل واحد من أفرادها الملايين، بل المليارات، ووجدت الملايين من الناس التي لا تدرك رغيف العيش إلا بشق الأنفس!! واكتشف الخليفة بعد بضع سنين خطورة الآثار المدمرة لاجتهاده، فصرح بأنه إن عاش العام المقبل سيرجع إلى سنة صاحبه ويوزع المال بالسوية، كما كان يفعل الرسول وأبو بكر!!!. ولا يخفى على عاقل.
وهكذا صار الإسلام، والإيمان وكافة مضامينهما ومفاهيمهما غريبة تماما.
هذا على مستوى الدين.
أما على مستوى المسلمين المخلصين والمؤمنين الصادقين، فقد صاروا غرباء أيضا عن المجتمع، فهم كفئة جاءت من مجتمع آخر، وسكنت في المجتمع الجديد، واضطرت مكرهة أن تلتزم بقواعد وتوجهات المجتمع الجديد الذي استضافها، لقد عزلتهم دولة الخلافة عن الأكثرية المسلمة عزلا تاما، وشككت بولائهم لأمير المؤمنين ولدولته، وحرمت عليهم تولي الوظائف العامة لأنهم غرباء، وحرمت عليهم أن يكتبوا أو يرووا أو يحدثوا الناس بما سمعوه أو رأوه من رسول الله، باعتبارهم فئة تهدف إلى شق عصا الطاعة وتفريق الأمة المسلمة الواحدة!!!
فصارت الفئة المسلمة غريبة تماما عن المجتمع ويدها مشلولة وقدرتها محدودة على تغيير ما يجري في المجتمع.
لقد انقلبت الدنيا رأسا على عقب، فأعداء الله الذين قاوموا الرسول وحاربوه بكل وسائل الحرب، حتى أحيط بهم فاضطروا مكرهين للاستسلام وإعلان الإسلام صاروا قادة المجتمع وأمراؤه وخزنة أمواله وأساتذته، أما أولياء الله الذين وقفوا مع النبي في عسره ويسره، وحاربوا أعداءه وتلقوا وفهموا تعاليم الإسلام، فقد صاروا غرباء، محكومين، واضطروا أن يدخلوا الصفوف الابتدائية، ويتتلمذوا على يد.
إنها غربة الإسلام والإيمان، وغربة المسلمين المخلصين والمؤمنين الصادقين، تلك الغربة التي أخبر عنها النبي، وحذر منها قبل وقوعها بقوله: (إن الإيمان بدأ غريبا وسيعود كما بدأ، فطوبى للغرباء... (وبدأ الإسلام غريبا، ثم يعود غريبا كما بدأ...). (راجع معجم أحاديث المهدي ج 1 ص 71 - 77 تجد العشرات من مراجع هذين الحديثين الشريفين كصحيح مسلم، وابن ماجة، والترمذي، ومسند أحمد، وابن أبي شيبة، والبزار وغيرهم).
لقد عاشت الفئة القليلة المؤمنة غربة كغربة الفئة المؤمنة التي عاشت في المجتمعات التي سبقت عصر النبوة المحمدية. فمارست عباداتها سرا، ودعت لأمر الله سرا، وكتمت إيمانها، وانتظرت فرج الله لأن قيادة المجتمع قد كانت لها، وخرجت من يدها بالقوة والتغلب وبالكثرة، حيث جرت الأكثرية خلف مصالحها العاجلة، والفرق أن الفئة المؤمنة التي صارت غريبة بعد موت الرسول، صارت تعرف هدفها، وتعرف الوسيلة لتحقيق هذا الهدف، لذلك تجمعت حول أهل بيت النبوة ووالتهم كما أمرت، ونهلت منهم علوم الإسلام، وأخذت تدعو إلى الله ودينه سرا وتنمو يوما بعد يوم، وهدفها هداية الأكثرية الساحقة إلى الطريق القويم لتتحصن الأمة ضد الانحراف والمنحرفين، وعودة الحق والأمر إلى أهله الشرعيين، وإعادة حكم الله الحقيقي إلى الأرض.
4 - أئمة الضلالة وأعوانهم
لغة وشرعا يطلق مصطلح الإمام على رئيس الأمة وهاديها ومرجعها - أي أمة - وتعني الإمامة الرئاسة العامة والمرجعية معا، وهي إما أن تكون إمامة بر وشرعية، كإمامة إبراهيم والأئمة من بعده، وإمامة محمد والأئمة الشرعيين من ولده تقود إلى الصراط المستقيم، وإما أن تكون إمامة فاجرة وغير شرعية سندها القوة والتغلب، كإمامة فرعون وغيره من أئمة الكفر تقود إلى دار البوار، وقد فصلنا كل ما يتعلق بهذين المصطلحين في كتابنا: (الإمامة والولاية) فارجع إليه إن شئت..
(لست أخاف على أمتي جوعا يقتلهم، ولا عدوا يجتاحهم، ولكني أخاف على أمتي قبيحهم، وتصدقوا كذبهم... (راجع الطبراني في الكبير ج 22 ص 362 ح 910 وص 373 و 934، والفردوس ج 2 ص 317 ح 3437، والجامع الصغير ج 2 ص 49 ح 4680، وكنز العمال ج 6 ص 67 ح 14876، وفيض القدير ج 4 ص 101 ح 4680، والمعجم ج 1 ص 29 - 30).
ووصفهم النبي مرة أخرى فقال: (لا تقوم الساعة حتى يبعث الله أمراء كذبة، ووزراء فجرة، وأمناء خونة، وقراء فسقة... (رواه البزار، والهيثمي في مجمع الزوائد ج 5 ص 233، والمعجم ج 1 ص 26).
وقد بين النبي الكريم أن أئمة الضلالة سيستغلون كل شئ لصالحهم، فالعطاء الذي فرضته الشريعة للمساعدة على تأمين الحاجات الأساسية لأفراد المسلمين سيحوله أئمة الضلالة إلى رشوة!! بمعنى أن أئمة الضلالة لن يعطوا أي مسلم عطاءه إلا إذا بايعهم، ورضي بجورهم وظلمهم وقبل بوجودهم، لذلك أمر رسول الله المسلمين أن يأخذوا العطاء ما دام عطاء، فإذا استغل أئمة الضلالة هذا العطاء فجعلوه رشوة للسكوت، فلا ينبغي أن يأخذ المسلمون هذا العطاء، ولكن الرسول قد أخبر الأمة بأنها ستأخذ العطاء، بالرغم من أنه رشوة، لأن الفقر
وأحكم أئمة الضلالة وأعوانهم الطوق عندما حرموا على أي مسلم أن يخرج عليهم مهما فعلوا. وسخر أئمة الضلالة كافة موارد الدولة وإمكانياتها لتعميم هذه الطاعة العمياء، وأدخلوها في مناهجهم التربوية والتعليمية، ورووا الأحاديث الكثيرة عن رسول الله، ومع الأيام والعادة والتكرار، صارت هذه القناعة التي لا يقبلها عقل جزءا من الدين نفسه.
قال أبو بكر الباقلاني القاضي المعروف في كتابه (التمهيد) باب ذكر ما يوجب خلع الإمام: (قال الجمهور من أهل الإثبات، وأصحاب الحديث: لا ينخلع الإمام بفسقه وظلمه بغصب الأموال وضرب الأبشار وتناول النفوس المحرمة وتضييع الحقوق وتعطيل الحدود ولا يجب الخروج عليه، بل يجب وعظه وتخويفه، فالأخبار متضافرة عن الرسول، وعن الصحابة في وجوب طاعة الأئمة).
وقال النووي في شروحه على صحيح مسلم بيان لزوم طاعة الأمراء ج 12 ص 229 من صحيح مسلم بشرح النووي ما يلي وبالحرف: (قال جماهير أهل السنة من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين: لا ينعزل الإمام بالفسق والظلم وتعطيل الحدود، ولا يخلع، ولا يجوز الخروج عليه بذلك، بل يجب وعظه وتخويفه، وأما الخروج على الأئمة وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين، وإن كانوا فسقة.
ووثق الرسول أثناء تحذيره الصلة بين الأئمة المضلين وبين الدجال، فقال: (إن طعام أمرائي بعدي مثل طعام الدجال، إذا أكله الرجل ينقلب قلبه). (راجع مسند أحمد ج 1 ص 98 و ج 5 ص 45، وابن أبي شيبة ج 5 ص 142 ح 19332).
وقد وصف رسول الله الأئمة المضلين فقال لأحد الصحابة: (أعاذك الله يا كعب بن عمرة من إمارة السفهاء. قال كعب: وما إمارة السفهاء ؟ قال الرسول:
أمراء يكونون بعدي لا يهدون بهديي، ولا يستنون بسنتي، فمن صدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فأولئك ليسوا مني ولست منهم، ولا يردون على الحوض، ومن لم يصدقهم على كذبهم، ولم يعنهم على ظلمهم فأولئك مني وأنا منهم وسيردون علي الحوض... (راجع عبد الرزاق ج 11 ص 345 - 346 ح 20719، ومسند أحمد ج 3 ص 321 عن عبد الرزاق وص 329 و ج 5 ص 11 و ج 6 ص 395، والبزار عن حذيفة، والنسائي ج 7 ص 160، والطبراني في الكبير ج 4 ص 67 ح 3127 و ح 3628، والطبراني في الأوسط والحاكم ج 1 ص 78 - 79، ومعجم أحاديث الإمام المهدي ج 1 ص 23 - 25).
ووصفهم النبي مرة أخرى فقال: (ستكون عليكم أئمة يملكون أرزاقكم
ولكن ولأن أئمة الضلالة هم الحكام المالكون للسلطة والجاه والنفوذ والمتصرفون بشؤون الأمة تصرف المالك فقد اختلقوا هم وأعوانهم على الرسول، ووضعوا هذه الاختلاقات في مناهجهم التربوية والتعليمية، وفرضوا هذه المناهج على المسلمين، وأوجبوا عليهم التدين بها بالإكراه، وتناقلتها أجيال المسلمين، وروجت لها وسائل إعلام الدولة، وبحكم العادة والتكرار وبدعم متواصل من أئمة الضلالة وأعوانهم صارت العامة، الأكثرية الساحقة من الأمة، تعتقد بصواب هذا الاعتقاد، وتتعبد به، ولم يجرؤ الخاصة على الاعتراض. تلك معالم وشواهد وشواخص تكشف أئمة الضلالة وأعوانهم الذين نقضوا مجتمعين ومنفردين عرى الإسلام كلها، وأوردوا الأمة موارد الردى، وقدموا الدين بغير صورته الحقيقية، فحالوا بينه وبين الانتشار، وبين الأمم وبين الاستفادة من نوره المبين..
التناقض الصارخ بين الدين والواقع وبين المظاهر والحقائق
1 - على صعيد الإمامة أو رئاسة الدولة: لقد أعد الله سبحانه وتعالى رسوله محمدا وأهله للنبوة والإمامة أو الرئاسة العامة للمسلمين واختاره لهذه المراتب لأنه الأفضل والأعلم والأفهم والأنقى والأقرب إلى الله، والأقدر على القيادة في تلك المرحلة، وتلك مواصفات ومؤهلات لا يعلمها علم اليقين إلا الله، وكلها مؤهلات ضرورية لتكون القدوة المثالية، وليتمكن من قيادة الأمة وفض ما يشجر بينها من مشكلات وفق الحكم الإلهي. ومن المفترض بعد وفاة النبي أن تنتقل الإمامة والرئاسة العامة لمن أعده الله ورسوله واختاره لهذه المهمة ليتابع طريق النبوة ويتم ما لم يتحقق من برامجها!! هذا هو التنظير الديني للرئاسة، وهذا هو حكم الدين. أما على صعيد الواقع فالأمر مختلف جدا فأبرز مؤهلات الذين خلفوا النبي برئاسة الدولة طوال التاريخ السياسي الإسلامي هو التغلب والقهر فأي شخص يغلب على الأمر أو الخلافة يتقلدها ويتنعم هو والذين أوصلوه لهذا المنصب بامتيازات الخلافة، فالمتغلب شخص عادي من جميع الوجوه فلم يدع أحد من الخلفاء التاريخيين أنه الأفضل أو الأعلم أو الأفهم أو الأتقى أو الأقرب إلى الله ورسوله بل وصرح أول الخلفاء بما يلي: (إني قد وليت عليكم ولست بخيركم)... فالخليفة الأول صادق في ما يقول، ويعترف صراحة وضمنا بأن بين المخاطبين المحكومين من هو خير منه، ومن هو أفضل منه، ومع هذا فقد ولي الخلافة رسميا وأصبح خليفة النبي والقائم مقامه واقعيا وعلى الأمة أن تسلم بذلك شاءت أم أبت، وأن تبايعه راضية أو كارهة لأنه لا بد للجماعة المؤمنة من رئاسة.
وهنا تقع المشكلات الكبرى فالسلطة الفعلية والأمر والنهي بيد الخليفة والقائم مقام النبي واقعيا أما الإمام الشرعي المؤهل والمختار إلهيا فهو مجرد مواطن عادي لا حول بيده ولا قوة، ويمكن للخليفة بإشارة من يده أن يطيح برأس الإمام الشرعي قبل أن يرتد إليه طرفه. بهذه الحالة، فإن الخليفة لا يعرف الحكم الشرعي ولا المقاصد الشرعية، ولا برامج النبوة، ولا معنى كل آية معرفة يقينية، هو يعرف ولكن ظنا وتخمينا، والخليفة ليس محيطا بالبيان النبوي ولا معدا أصلا ليكون
والخلاصة أنه وحسب أحكام الدين فإن الإمام أو الرئيس من بعد النبي يتمتع بمؤهلات خاصة تجعله ملاذا للناس بمميزاته وقدراته التي تؤهله للإجابة على كل سؤال مطروح في العالم جوابا شرعيا يقينيا، وتجعله مثلا أعلى وقدوة للمحكومين ولأبناء الجنس البشري تماما كما كان النبي إلا أن الإمام ليس نبيا ولا يوحى إليه إنما هو وارث لعلمي النبوة والكتاب، ومسدد، وموفق إلهيا لأنه المكلف بتنفيذ البرامج الإلهية لهداية العالم كله، ولأنه مكلف ببيان وتنفيذ الحكم الشرعي على صعيد الأمة الإسلامية. هذا هو الإمام القائم مقام النبي شرعا وكما هو في الحق والحقيقة، وقد وجد مثل هذا الرجل المؤهل دائما، ولكن أئمة الضلالة حالوا بينه وبين ممارسة حقه الشرعي بالإمامة..
والخليفة المتغلب يقر علنا بأنه ليس الأفضل ولا الأعلم ولا الأقرب لله ولرسوله، وأنه مجرد شخص عادي ليست له مميزات خاصة، ويقر أيضا بأن الأفضل والأعلم والأقرب للرسول موجود بالفعل ويقر أعوانه بكل ذلك تبعا لإقراره!!! ولكنهم يدعون بأن المسلمين قد قدموا المفضول وهو الخليفة على الأفضل وهو الإمام الشرعي لمصلحة قدروها في ذلك!!! والمقصود بالمسلمين هم الفئة التي جاءت بالخليفة المتغلب ودعمته حتى جعلته خليفة!! أما المسلمون الذين يعارضون هذا الخليفة فلا يعتد برأيهم، ولا يقام له وزن لأنه يفرق الأمة بعد توحدها!!
2 - الله سبحانه وتعالى شهد لأهل بيت النبوة بالطهارة، واعتبرهم أحد الثقلين فالقرآن الثقل الأكبر وأهل البيت هم الثقل الأصغر، والهدى لا يدرك إلا بالثقلين معا، والضلالة لا يمكن تجنبها إلا بالثقلين معا، والأمة تشهد أن الهاشميين هم الذين احتضنوا النبي وحموه وحموا دعوته طوال مدة ال 15 سنة التي سبقت الهجرة، وأن بطون قريش مجتمعة قد حاصرت الهاشميين وقاطعتهم ولولا الهاشميين لقتلت بطون قريش رسول الله وبعد الهجرة وعندما جيشت بطون قريش الجيوش وحاربت الرسول كان الهاشميون هم أركان حرب الرسول وهم أول من قاتل ومنهم أول من قتل وبقي الهاشميون إلى جانب الرسول حتى استسلمت بطون قريش واضطرت مكرهة أن تعلن إسلامها، لهذه الأسباب مجتمعة ومنفردة ولأسباب تتعلق بحكمة الله وفضله جعل الله الصلاة على آل محمد ركنا من أركان الصلوات المفروضة على المسلمين، وفرض مودتهم على الناس، وفرض محبتهم. بعد موت النبي قالت بطون قريش أنها أولى بالنبي من آل محمد ومن.