الصفحة 88
وفضائل وقرّبوه وأعطوه المناصب والعطايا فأصبح يحظى بتقدير النّاس واحترامهم.

وكل شخص كان يحب الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم ويدافع عنه، عملوا على انتقاصه وخلق المعايب الكاذبة له واختلاق الروايات التي تنكر فضله وفضائله.

وهكذا أصبح عمر بن الخطاب الذي كان يعارضه في كل أوامره حتّى رماه بالهجر في أواخر أيام حياته صلّى الله عليه وآله وسلم. أصبح هذا الرجل هو قمّة الإسلام عند المسلمين زمن الدولة الأمويّة.

أمّا علي بن أبي طالب الذي كان منه بمنزلة هارون من موسى والذي يحبّ الله ورسوله ويُحبّه الله ورسولُه والذي هو ولي كلّ مؤمن أصبح يلعنُ على منابر المسلمين ثمانين عاماً.

وهكذا أصبحت عائشة الّتي جرّعت رسول الله الغصص وعصت أوامره كما عصت أمر ربّها، وحاربت وصيّ رسول الله وتسبّبت في أكبر فتنة عرفها المسلمون والتي قُتل فيها الآلف المسلمين، أصبحت هذه المرأة هي أشهر نساء الإسلام وعنها تؤخذ الأحكام ـ أمّا فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين التي يغضب ربّ العزّة لغضبها ويرضى لرضاها، أصبحت نسياً منسيّاً ودفنت في الليل سرّاً بعد ما هددّوها بالحرق وعصروا على بطنها بالباب حتى أسقطت جنينها ولا أحد من المسلمين من أهل السنّة يعرف رواية واحدة تنقلها عن أبيها.

وهكذا أصبح يزيد بن معاوية وزياد بن أبيه وابن مرجانة وابن مروان والحجّاج وابن العاص وغيرهم من الفسّاق الملعونين بنص الكتاب على لسان نبي الله. نعم أصبح هؤلاء أمراء المؤمنين وولاّة أمورهم ـ أمّا الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنّة وريحانتا النبي من هذه الأمّة، والأئمة من

الصفحة 89
عترة الرسول الذين هم أمان الأمة، أصبحوا مشرّدين مسجونين مقتولين مسمومين.

وهكذا أصبح أبو سفيان المنافق الذي ما وقعت حربٌ ضدّ الرّسول إلاّ وكان هو قائدها، أصبح محموداً مشكوراً حتّى قيل من دخل داره كان آمناً أمّا أبو طالب حامي النبي وكفيله والمدافع عنه بكل ما يملك، والذي قضى حياته مناوئاً لقومه وعشيرته من أجل دعوة ابن أخيه حتّى قضى ثلاث سنوات في الحصار مع النبيّ في شعب مكة وكتم إيمانه لمصلحة الإسلام أي لإبقاء بعض الجسور مفتوحة مع قريش فلا يؤذون المسلمين كما يريدون ـ وذلك كمؤمن آل فرعون الذي كتم إيمانه. أما هذا فكان جزاؤه ضحضاح من نار يضع فيها رجله فيغلي منها دماغه، وهكذا أصبح معاوية بن أبي سفيان الطليق بن الطّليق واللعين بن اللعين ومن كان يتلاعب بأحكام الله روسوله ولا يقيم لها وزناً ويقتل الصلحاء والأبرياء في سبيل الوصول إلى أهدافه الخسيسة ويسبّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم على مرأى ومسمع من المسلمين(1) ، أصبح هذا الرّجل يسمّى كاتب الوحي ويقولون بأن الله إئتمن على وحيه جبرئيل ومحمداً ومعاوية وأصبح يوصف بأنه رجل الحكمة والسياسة والتدبير.

أما أبو ذر الغفاري الذي ما أقلّت الخضراء ولا أظلت الغبراء أصدق ذي لهجة منه، فأصبح صاحب فتنة يضربُ ويشرّد ويُنفى إلى الربذة وأمّا سلمان والمقداد وعمّار وحذيفة وكل الصحابة المخلصين الذين والوا عليّا وتشيّعوا له فقد لا قوا التعذيب والتشريد والقتل.

وهكذا أصبح أتباع مدرسة الخلفاء وأتباع معاوية وأصحاب المذاهب الذين أوجدتهم السلطة الجائرة، أصبحوا هم أهل السنّة والجماعة وهم

____________

(1) يقول الشاعر في هذا المعنى:

عاندوا «أحمد» وعادوا عليّاً * وتولّوا منافقاً وغويّاً وأسروا سبّ النبي نفاقاً * حين سبّوا جهراً أخاه عليّاً

الصفحة 90
الذين يمثّلون الإسلام ومن خالفهم كان من الكافرين. ولو اقتدى بأئمة أهل البيت الطيبين الطاهرين.

أمّا أتباع مدرسة أهل البيت الذين اتّبعوا باب مدينة العلم وأول النّاس إسلاماً ومن كان الحق يدور معه حيث دار، وتشيّعوا لأهل البيت واتّبعوا الأئمة المعصومين، أصبحوا هم أهل البدعة والضلالة ومن خالفهم وحاربهم كان من المسلمين * فلا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم وصدق الله إذ يقول:

(وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون) [البقرة: 13].

وإذا رجعنا إلى موضوع حبّ الرسول صلّى الله عليه وآله لعائشة لأنها حفظت عنه نصف الدّين وكان يقول خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء، فهذا حديث باطل لا أساس له من الصّحة ولا يستقيم مع ما روي عن عائشة من أحكام مضحكة مبكية يتنّزه عن ذكرها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم. ويكفينا مثلاً على ذلك قضية رضاعة الكبير التي كانت ترويها عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم والتي أخرجها مسلم في صحيحه ومالك في موطّأه والتي وافينا البحث فيها في كتابنا «لأكون مع الصادقين» فمن أراد التفصيل والوقوف على جلية الأمر فليراجعه.

ويكفي في هذه الرواية الشنيعة أن زوجات النبي كلّهن رفضن العمل بها وأنكرنها. وحتّى أنّ راويها بقي عامّاً كاملاً يتهيّب أن يذكرها لفظاعتها وقلّة حيائها.

وإذا ما رجعنا إلى صحيح البخاري في باب يقصر من الصّلاة إذا خرج من موضعه، قال: عن الزهريّ عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: الصلاة أوّل ما فُرضت ركعتان فأقرّت صلاة السّفر وأتمّت صلاة الحضر، قال الزهري: فقلت لعروة فما بال عائشة تتّم؟ قال: تأوّلت ما تأوّل عثمان ـ وأخرجها مسلم في صحيحه في باب صلاة المسافرين وقصرها وبعبارة أوضح ممّا في البخاري. قال عن الزهري عن عروة عن عائشة أنّ الصلاة أوّل ما فرضت ركعتين فأقرّت صلاة السفر وأتمّت صلاة الحضر، قال الزهري فقلت لعروة: ما بال عائشة تتمّ في السفر؟ قال: إنّها تأولت كما تأوّل عثمان.

إنّه التناقض الصريح، فهي التي تروي بأن صلاة المسافر فرضت ركعتين ولكنّها تخالف ما افترضه الله وعمل به رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم وتتأوّل لتغيّر أحكام الله ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم إحياء لسنّة عثمان ولهذه الأسباب نجد كثيراً من الأحكام في صحاح أهل السنّة والجماعة ولكن لا يعملون بها لأنهم في أغلب الأحيان يأخذون بتأوّل أبي بكر وتأوّل عمر وتأوّل عثمان وتأوّل عائشة وتأوّل معاوية بن أبي سفيان وغيرهم من الصحابة.

فإذا كانت الحميراء التي يؤخذ عنها نصف الدّين تتأوّل في أحكام الله كيف تشاء، فلا أعتقد بأن زوجها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يرضى منها هذا ويأمر النّاس بالاقتداء بها، على أنّه ورد في صحيح البخاري وصحاح أهل السنّة إشارة إلى أن في اتّباعها معصية لله، وسنُوافيك بذلك في أوانه إن شاء الله.

وأمّا القائلون بأن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كان يُحبّها لأن جبرئيل أتاه بصورتها قبل الزواج وأنّه لا يدخل عليه إلاّ في بيتها فهذه روايات تضحك المجانين ولست أدري أكانت الصورة التي جاء بها جبرئيل فوتوغرافية أم لوحة زيتية، على أنّ صحاح أهل السنّة يروون بأن أبا بكر بعث بعائشة إلى النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ومعها طبق من التمر لينظر إلهيا وهو الذي طلب من النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يتزوج ابنته، فهل هناك داع لنزل جبرئيل بصورتها وهي تسكن على بعد بضع أمتار من مسكن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأعتقد أن مارية

الصفحة 92
القبطية التي كانت تسكن مصر وهي بعيدة عن رسول الله صلّى الله عليه وما كان أحد يتصور مجيئها، هي أولى بأن ينزل جبرئيل بصورتها ويبشّر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بأنّ الله سيرزقه منها إبراهيم.

ولكن هذه الروايات هي من وضع عائشة التي كانت لا تجد شيئاً تفتخر به على ضرّاتها إلاّ الأساطير التي يخلقها خيالها، أو أنها من وضع بني أمية على لسانها ليرفعوا من شأنها عند بسطاء العقول.

وأمّا أن جبرئيل كان لا يدخل على محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو مضطجع إلاّ في بيت عائشة فهي أقبح من الأولى والمعلوم من القرآن الكريم أنّ الله هدّدها عندما تظاهرت على رسوله، هدّدها بجبرئيل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهيراً.

فما أقوال شيوخنا وعلمائنا إلاّ ضربٌ من الظنّ والخيال وإنّ الظنّ لا يغني من الحق شيئاً ـ قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتّبعون إلاّ الظن وإن أنتم إلاّ تخرصون.

عائشة فيما بعد النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم

أمّا إذا درسنا حياة أمّ المؤمنين عائشة إبنة أبي بكر بعد لحوق زوجها بالرفيق الأعلى روحي له الفداء. وبعد ما خلاّ لها الجوّ وأصبح أبوها هو الخليفة والرئيس على الأمّة الإسلامية وأصبحت هي حينذاك المرأة الأولى في الدولة الإسلامية لأنّ زوجها رسول الله وأبوها هو خليفة رسول الله.

ولأنّها كما تعتقد هي أو توهم نفسها بأنها أفضل أزواج النّبي صلّى الله عليه وآله وسلم، لا لشيء إلاّ لأنّه تزوجها بكراً وما تزوج بكراً غيرها، وقد توفي عنها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وهي في عزّ شبابها وزهرة عمرها فكان عمرها يوم وفاة زوجها ثمانية عشر عاماً على أكثر التقادير وأشهر الروايات، ولم تعاشر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم سوى ستّ أو ثمان سنوات على اختلاف الرّواة قضت السنوات الأولى منها تعلب ألعاب

الصفحة 93
الأطفال وهي زوجة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وهي كما وصفتها بريرة جارية رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عندما قالت في عائشة «إنها جارية حديثة السنّ تنام عن العجين فتأتي الدّاجن فتأكله»(1) .

نعم ثمانية عشر عاماً لفتاة بلغت سن المراهقة كما يقال اليوم وقضت نصف عمرها مع صاحب الرسالة وبين ضرّاتٍ يبلغ عددهن عشر أو تسع زوجات وهناك امرأة أخرى أغفلنا ذكرها في حياة عائشة وكانت أشدّ عليها من كل ضرّة لأن حب الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم لها فاق التصور وهذه المرأة هي فاطمة الزهراء ربيبة عائشة إبنة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من خديجة وما أدراك ما خديجة الصدّيقة الكبرى التي سلّم عليها جبرئيل وبشرها ببيت لها في الجنّة لا صخب فيه ولا نصب(2) .

والتي كان رسول اله صلّى الله عليه وآله وسلّم لا يدع مناسبة تفوته إلاّ ويذكر خديجة فيتفطر كبد عائشة ويحترق قلبها غيرة فتثور ثائرتها وتخرج عن أطوارها فتشتم بما يحلو لها ولا تبال بعواطف زوجها ومشاعره. ولنستمع إليها تحدث عن نفسها بخصوص خديجة كما روى البخاري وأحمد والترمذي وابن ماجة قالت: ما غرت على امرأة لرسول الله كما غرت على خديجة(3) لكثرة ذكر رسول الله إياها وثنائه عليها، فقلت ما تذكر من عجوز من عجائز قريش، حمراء الشّدقين هلكت في الدّهر قد أبدلك الله خيراً منها، قالت: فتغيّر وجه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم تغيّراً ما كنتُ أراه إلاّ عند نزول الوحي، وقال: لا ما أبدلني الله خيراً منها، قد آمنت بي إذ كفر بي النّاس، وصدّقتني إذ كذّبني الناس، وواستني بما لها إذ حرمني النّاس، ورزقني الله

____________

(1) صحيح البخاري: 3/156 باب تعديل النساء بعضهن بعضهاً.

(2) صحيح البخاري: 4/231. صحيح مسلم باب فضائل أم المؤمنين خديجة: 7/133.

(3) قد مرّ بنا سابقاً قولها ما غرت على امرأة كما غرت على صفية وقولها ما غرت على امرأة إلا دون ما غرت على مارية، لك الله يا عائشة فهل سلمت واحدة من أزواج النبي من غيرتك وأذيّتك؟

الصفحة 94
عز وجلّ ولدها إذ حرمني أولاد النساء.

وليس هناك شك أنّ ردّ الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم يبطل دعوى من يقول بأن عائشة هي أحب وأفضل أزواج النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وأكيد أيضاً أن عائشة إزدادت غيرة وكرهاً لخديجة عندما قرّعها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بهذا التوبيح وأعلمها بأنّ ربّه لم يبدله خيراً من خديجة، ومرّة أخرى يعلّمنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بأنّه لا يميل مع الهوى ولا يحبّ الجمال والبكارة، لأن خديجة سلام الله عليها تزوجت قبلة مرّتين وكانت تكبره بخمسة عشرة عاماً، ومع ذلك فهو يحبّها ولا ينثني عن ذكرها، وهذا لعمري هو خُلق النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم الذي يحب في الله ويبغض في الله. وهناك فرق كبير بين هذه الرواية الحقيقة وتلك المزيّفة التي تدّعي بأن الرسول يميل إلى عائشة حتّى بعثن إليه نساؤه ينشدنه العدل في ابنة أبي قحافة.

وهل لنا أن نسأل أمّ المؤمنين عائشة التي ما رأت يوماً في حياتها السيدة خديجة ولا التقت بها كيف تقول عنها عجوز حمراء الشّدقين؟ وهل هذه هي أخلاق المؤمنة العادية الّتي يحرمُ عليها أن تغتاب غيرها إذا كان حيّاً؟ فما بالك بالميّت الذي أفضى إلى ربّه، فما بالك إذا كان ضحية الغيبة زوج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم والتي ينزل جبرئيل في بيتها ويبشّرها ببيت في الجنّة لا صخب فه ولا نصب(1) .

وبالتأكيد أنّ ذلك البغض وتلك الغيرة التي تاجّجت في قلب عائشة من اجل خديجة لابدّ لها من فورة ومتنفّس وإلاّ انفجرت، فلم تجد عائشة أمامها إلاّ فاطمة إبنة خديجة ربيبتها والتي هي في سنّها أو تكبرها قليلاً على اختلاف الرّواة.

وبالتأكيد أيضاً أن ذلك الحبّ العميق من رسول الله صلّى الله عليه وآله

____________

(1) صحيح البخاري: 4/231. صحيح مسلم باب فضل خديجة أمّ المؤمنين.

الصفحة 95
وسلم لخديجة تجسّد وقوي في ابنته ووحيدته فاطمة الزهراء، فهي الوحيدة التي عاشت مع أبيها تحمل في جنباتها أجمل الذكريات التي كان يحبّها رسول الله في خديجة فكان يسمّيها أمّ أبيها.

وزاد في غيرة عائشة أن ترى رسول الله يمجّد إبنته ويسمّيها سيدة نساء العالمين وسيدة نساء أهل الجنة(1) ثم يرزقه الله منها سيدي شباب أهل الجنّة الحسن والحسين فترى رسول اله صلّى الله عليه وآله وسلّم يذهب ويبات عند فاطمة ساهراً على تربية أحفاده ويقول: ولداي هذان ريحانتي من هذه الأمة ويحملهما على كتفيه فتزداد بذلك عائشة غيرة لأنها عقيم، ثم ازدادت الغيرة أكثر عندما شملت زوج فاطمة أبا الحسنين لا لشيء إلاّ لحبّ الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم إيّاه وتقديمه على أبيها في كل المواقف، فلا شك أنّها كانت تعيش الأحداث.

وترى ان أبي طالب يفوز في كل مرّة على أبيها ويمضي بحب الرّسول صلّى الله عليه وآله وسلّم له وتفضيله وتقديمه على من سواه، فقد عرفت أن أبوها رجع مهزوماً في غزوة خيبر بمن معه من الجيوش وأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم تألّم لذلك وقال: لأعطين غداً الراية إلى رجل يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله كرّاراً ليس فراراً. وكان ذلك الرجل هو علي بن أبي طالب زوج فاطمة، ثم رجع علي بعد ما فتح خيبر بصفية بنت حيي التي تزوجها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ونزلت على قلب عائشة كالصاعقة.

وقد عرفت أيضاً أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بعث أبوها بسورة براءة ليبلّغها إلى الحجيج ولكنّه أرسل خلفه علي بن أبي طالب فأخذها منه ورجع أبوها يبكي ويسأل عن السبب فيجيبه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «إن الله أمرني أن لا يبلّغ عني إلاّ أنا أو أحد من أهل بيتي».

وقد عرفت أيضاً بأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم نصّب ابن عمّه علي خليفة

____________

(1) صحيح البخاري: 4/209 و7/142.

الصفحة 96
المسلمين من بعده وأمر أصحابه وزوجاته بتهنئته بإمرة المؤمنين فجاءه أبوها في مقدمة النّاس يقول: بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة.

وقد عرفت بأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أمّر على أبيها شاباً صغيراً لا نبات بعارضيه عمره سبعة عشر عاماً وأمره بالسّير تحت قيادته والصلاة خلفه.

ولا شك بأنّ أم المؤمنين عائشة كانت تتفاعل مع هذه الأحداث فكانت تحمل في جنباتها همَّ أبيها والمنافسة على الخلافة والمؤامرة التي تدور عند رؤساء القبائل في قريش، فكانت تزداد بُغضاً وحنقاً على علي وفاطمة وتحاول بكل جهودها أن تتدخّل لتغيير الموقف لصالح أبيها بشتّى الوسائل كلّفها ذلك ما كلّفها ـ وقد رأيناها كيف أرسلت إلى أبيها على لسان زوجها تأمره ليصلّي بالنّاس عندما علمت بأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أرسل خلف علي ليكلفّه بتلك المهمّة ولمّا علم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بتلك المؤامرة اضطرّ للخروج فأزاح أبا بكر عن موضعه وصلّى بالنّاس جالساً، وغضب على عائشة وقال لها إنّكنّ أنتنّ صويحبات يوسف (يقصد أن كيدها عظيم)(1) .

والباحث في هذه القضية التي روتها عائشة بروايات مختلفة ومتضاربة يجد التناقض واضحاً وإلاّ فإنّ أباها عبّأه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في جيش وأمره بالخروج تحت قيادة أسامة بن زيد قبل تلك الصلاة بثلاثة أيام، ومن المعلوم بالضرورة أنّ قائد الجيش هو إمام الصلاة فأسامة هو إمام أبي بكر في تلك السرية، فلمّا أحسّت عائشة بتلك الإهانة وفهمت مقصود النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم منها خصوصاً وأنها تفطّنت بأنّ علي بن أبي طالب لم يعيّنه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في ذلك الجيش الذي عبّأ فيه وجوه المهاجرين

____________

(1) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 9/197 ينقل ذلك عن الإمام علي.

الصفحة 97
والأنصار والذين لهم في قريش زعامة ومكانة، وقد علمت من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كما علم أكثر أصحابه بأن أيّامه أصبحت معدودة ولعلّها كانت على رأي عمر بن الخطاب في أنّ رسول الله أصبح يهجر ولا يدري ما يفعل، فدفعتها غيرتها القاتلة أن تتصرّف بما تراه يرفع من شأن أبيها وقدره مقابل منافسه علي، ولكلّ ذلك أنكرت أن يكون النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أوصى لعلي ولذلك حاولت إقناع البسطاء من النّاس بأن رسول الله صلّى الله عليه آله وسلّم مات في حجرها بين سحرها ونحرها ـ ولذلك حدّثت بأنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال لها وهو مريض ادع لي أباك وأخاك لأكتب لهم كتاباً عسى أن يدّع مدّع وأبى الله ورسوله والمؤمنون إلاّ أبا بكر فهل من سائل يسألها: ما الذي منعها من دعوتهم؟

موقف عائشة ضد علي أمير المؤمنين

والباحث في موقفها تجاه أبي الحسن يجد أمراً عجيباً وغريباً. ولا يجد له تفسيراً إلاّ الغيرة والعداء لأهل بيت النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وقد سجّل لها التاريخ كرهاً وبغضاً للإمام علي لم يعرف له مثيل وصل بها إلى حدّ أنّها لا تطيق ذكر إسمه(1) ولا تطيق رؤيته وعندما تسمع بأنّ الناس قد بايعوه بالخلافة بعد قتل عثمان، تقول: وددت لو أنّ السّماء انطبقت على الأرض قبل أن يليها ابن أبي طالب. وتعمل كل جهودها للإطاحة به وتقود ضدّه عسكراً جرّاراً لمحاربته، وعندما يأتيها خبر موته تسجد شكراً لله.

ألا تعجبون معي لأهل السنّة والجماعة الذين يروون في صحاحهم بأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «يا علي لا يُحبّك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق»(2) ، ثم يروون في صحاحهم ومسانيدهم وتواريخهم بأن عائشة تبغض الإمام علي ولا تطيق ذكر إسمه، أليس ذلك شهادة منهم على ماهية المرأة؟ كما يروي البخاري في صحيحه أن رسول الله صلّى الله

____________

(1) صحيح البخاري: 1/162 و3/135 و5/140.

(2) صحيح مسلم: 1/61. صحيح الترمذي: 5/306. سنن النسائي: 8/116.

الصفحة 98
عليه وآله وسلّم قال: فاطمة بضعة منّي من أغضبها أغضبني ومن أغضبني فقد أغضب الله(1) . ثم يروي البخاري نفسه بأن فاطمة ماتت وهي غاضبة على أبي بكر فلم تكلّمه حتى ماتت(2) ـ أليس ذلك شهادة منهم بأنّ الله ورسوله غاضبان على أبي بكر؟ فهذا ما يفهمه كلّ العقلاء، ولذلك أقول دائماً بأنّ الحق لا بدّ أن يظهر مهما ستره المُبطلون ومهما حاول أنصار الأمويين التمويه والتلفيق فإنّ حجة الله قائمة على عباده من يوم نزول القرآن إلى قيام الساعة والحمد لله رب العاليمن.

حدّث الإمام أحمد بن حنبل أنّ أبا بكر جاء مرّة واستأذن على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وقبل الدّخول سمع صوت عائشة عالياً وهي تقول للنبي صلّى الله عليه وآله وسلم: «والله لقد عرفتُ أنّ علياً أحبّ إليك منّي ومن أبي تعيدها مرتين أو ثلاثاً…» الحديث(3) .

وبلغ من أمر عائشة وبغضها للإمام علي، أنّها كانت تحاول دائماً إبعاده عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ما استطاعت لذلك سبيلاً.

قال ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح النهج. أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم استدني عليّاً فجاء حتّى قعد بينه وبينها وهما متلاصقان، فقالت له: أما وجدت مقعداً لكذا إلاّ فخذي.

وروي أيضاً أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ساير يوماً الإمام علي وأطال مناجاته، فجاءت عائشة وهي سائرة خلفهما حتى دخلت بينهما، وقالت لهما: فيم أنتما فقد أطلتما، فغضب لذلك رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم(4) .

____________

(1) البخاري: 4/210.

(2) صحيح البخاري: 5/82 و8/3.

(3) الإمام أحمد في مسنده: 4/275.

(4) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 9/195.

الصفحة 99

ويروي أيضاً أنها دخلت مرّة على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو يناجي عليّاً فصرخت وقالت: مالي ولك يا بن أبي طالب؟ إنّ لي نوبة واحدة من رسول الله ـ فغضب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم.

وكم من مرّة أغضبت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بتصرّفاتها الناتجة عن الغيرة الشديدة وعن حدّة طبعها وكلامها اللاّذع.

وهل يرضى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسم على مؤمن أو مؤمنة ملأ قلبه كرهاً وبغضاً لابن عمّه وسيد عترته، الذي قال فيه «يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله»(1) وقال فيه «من أحبّ علياً فقد أحبّني ومن أبغض عليّاً فقد أبغضني»(2) .

وقرن في بيُوتكنّ ولا تبرجن

أمر الله سبحانه نساء النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بالاستقرار في بيوتهنّ وأن لا يخرجن متبرّجات وأمرهنّ بقراءة القرآن وإقامة الصّلاة وإيتاء الزكاة وإطاعة الله ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلم.

وعمل نساء النبي صلّى الله عليه وآله وسلم، وكلّهن امتثلن أمر الله وأمر رسوله الذي نهاهنّ هو الآخر صلّى الله عليه وآله وسلّم قبل وفاته وحذّرهن بقوله: أيّتكن تركب الجمل وتنبحها كلاب الحوأب، كلّهن ما عدا عائشة فقد اخترقت كل الأوامر وسخرت من كل التحذيرات ويذكر المؤرخون أنّ حفصة بنت عمر أرادت الخروج معها ولكن أخاها عبد الله حذّرها وقرأ عليها الآية فرجعت عن عزمها، أما عائشة فقد ركبت الجمل ونبحتها كلاب الحوأب يقول طه حسين في كتابه الفتنة الكبرى: مرّت عائشة في طريقها بماء فنبحتها كلابه وسألت عن هذا الماء فقيل لها إنّه الحوأب، فجزعت جزعاً شديداً وقالت:

____________

(1) البخاري ومسلم في فضائل علي بن أبي طالب: 7/130.

(2) المستدرك للحاكم: 3/130 صحّحه على شرط الشيخين البخاري ومسلم وعشرات المصادر.

الصفحة 100
ردّوني ردّوني، قد سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول وعنده نساؤه: أيّتكنّ تنبحها كلاب الحوأب: وجاء عبد الله بن الزبير فتكلّف تهدئتها وجاءها بخمسين رجلاً من بني عامر يحلفون لها كذباً أنّ هذا الماء ليس بماء الحوأب.

وأنا أعتقد بأنّ هذه الرّواية وضعت في زمن بني أميّة ليخفّفوا بها عن أم المؤمنين ثقل معصيتها ظنّاً منهم بأنّ أمّ المؤمنين أصبحت معذورة بعد أن خدعها ابن أختها عبد الله بن الزّبير وجاءها بخمسين رجلاً يحلفون بالله ويشهدون شهادة زوراً بأنّ الماء ليس هو ماء الحوأب. إنها سخافة هزيلة يريدون أن يموّهوا بمثل هذه الروايات على بسطاء العقول ويُقنعونهم بأنّ عائشة خدعت لأنها عندما مرّت بالماء وسمعت نباح الكلاب فسألت عن هذا الماء فقيل لها إنّه الحوأب فجزعت وقالت ردّوني ردّوني. فهل لهؤلاء الحمقى الذين وضعوا الرواية أن يلتمسوا لعائشة عذراً في معصيتها لأمر الله وما نزل من القرآن بوجوب الاستقرار في بيتها، أو يلتمسوا لها عذراً في معصيتها لأمر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بوجوب لزوم الحصير وعدم ركوب الجمل، قبل الوصول إلى نباح الكلاب في ماء الحوأب، وهل يجدون لأم المؤمنين عذراً بعدما رفضت نصيحة أم المؤمنين أمّ سلمة التي ذكرها المؤرخون إذ قالت لها: أتذكرين يوم أقبل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ونحن معه حتى إذا هبط من قديد ذات الشمال فخلا بعلي يناجيه فأطال، فأردت أن تهجمي عليهما فنهيتك فعصيتني وهجمت عليهما، فما لبثت أن رجعت باكية، فقلت: ما شأنك؟ فقلت: أتيتهما وهما يتناجيان، فقلت لعلي: ليس لي من رسول الله إلاّ يوم من تسعة أيام أفما تدعني يا ابن أبي طالب ويومي، فأقبل رسول الله عليَّ وهم محمّر الوجه غضباً فقال: ارجعي وراءك والله لا يبغضه أحد من النّاس إلا وهو خارج من الإيمان، فرجعت نادمةً ساخطة، فقالت عائشة: نعم أذكر ذلك. قالت: وأذكّرك أيضاً كنت أنا وأنت مع رسول الله، فقال لنا: «أيتكنّ صاحبة الجمل الأدب تنبحها كلاب الحوأب

الصفحة 101
فتكون ناكبة عن الصراط؟» فقلنا نعوذ بالله وبرسوله من ذلك فضرب على ظهرك وقال: «إيّاك أن تكونيها يا حميراء» قالت عائشة أذكر ذلك. فقالت أم سلمة: أتذكرين يوم جاء أبوك ومعه عمر، وقمنا إلى الحجاب، ودخلا يحدثانه فيما أراد إلى أن قالا: يا رسول الله، إنّا لا ندري أمد ما تصحبنا، فلو أعلمتنا من يستخلف علينا ليكون لنا بعدك مفزعاً فقال لهما: «أما أني قد أرى مكانه ولو فعلت لتفرقتم عنه كما تفرّق بنو إسرائيل عن هارون»، فسكتا ثم خرجا، فلما خرجا خرجنا إلى رسول الله فقلت له أنت وكنت أجرأ عليه منّا: يا رسول الله مَنْ كنت مستخلفاً عليهم؟ فقال: خاصف النّعل، فنزلنا فرأيناه عليّاً. فقلتِ يا رسول الله ما أرى إلاّ علياً. فقال: هو ذاك.

قالت عائشة: نعم أذكر ذلك، فقالت لها أم سلمة: فأي خروج تخرجين بعد هذا يا عائشة. فقالت: إنّما أخرج للإصلاح بين الناس(1) فنهتها أمّ سلمة عن الخروج بكلام شديد وقالت لها: إن عمود الإسلام لا يثأب بالنساء إن مال، ولا يَرْأبُ بهن إن صُدِعَ، حماديات النساء غض الأطراف، وخفر الأعراض، ما كنت قائلة لو أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عارضك في بعض هذه الفلوات، ناصّة قلوصا من منهل إلى آخر؟ والله لو سرت سيرك هذا ثم قيل لي أدخلي الفردوس، لاستحييت أن ألقى محمّداً هاتكةً حجاباً ضربه عليّ(2)

كما لم تقبل أمّ المؤمنين عائشة نصائح كثير من الصحابة المخلصين روى الطبري في تاريخ أن جارية بن قدامة السعدي قال لها: يا أمّ المؤمنين والله قتل عثمان ن عفان أهون من خروجك من بيتك على هذا الجمل الملعون عرضة للسّلاح، إنّه قد كان لك من الله سترٌ وحرمة فهتكت سِتْرَكِ

____________

(1) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 2/77.

(2) ابن قتيبة في كتابه المصنف في غريب الحديث وكذلك في الإمامة والسياسة.

الصفحة 102
وأبحت حرمتك، إنه من يرى قتالك فإنه يرى قتلك إن كنت أتيتنا طائعة فارجعي إلى منزلك وإن أتيتنا مستكرهة فاستعيني بالنّاس(1) .

أم المؤمنين هي القائدة

ذكر المؤرخون بأنها كانت هي القائدة العامة وهي التي تولّي وتعزل وتصدر الأوامر حتى أن طلحة والزبير اختلفا في إمامة الصلاة وأراد كلّ منهما أن يصلّي بالنّاس، فتدخّلت عائشة وعزلتهما معاً وأمّرت عبد الله بن الزبير ابن أختها أن يصلّي هو بالنّاس. وهي التي كانت ترسل الرّسل بكتبها التي بعثتها في كثير من البلدان تستنصرهم على علي بن أبي طالب وتثير فيهم حميّة الجاهلية.

حتّى عبّأتْ عشرين ألفاً أو أكثر من أوباش العرب وأهل الأطماع لقتال أمير المؤمنين والإطاحة به. وأثارتها فتنة عمياء قتل فيها خلق كثير باسم الدّفاع عن أمّ المؤمنين ونصرتها ويقول المؤرّخون أن أصحاب عائشة لمّا غدروا بعثمان بن حنيف والي البصرة وأسروه هو وسبعين من أصحابه الذين كانوا يحرسون بيت المال جاؤوا بهم إلى عائشة فأمرت بقتلهم فذبحوهم كما يذبح الغنم. وقيل كانوا أربعمائة رجل يقال أنهم أول قوم من المسلمين ضربت أعناقهم صبراً(2) .

روى الشعبي عن مسلم بن أبي بكرة عن أبيه قال: لمّا قدم طلحة والزبير البصرة، تقلدت سيفي وأنا أريد نصرهما، فدخلت على عائشة فإذا هي تأمر وتنهي وإذا الأمر أمرها، فتذكرت حديثاً عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كنت سمعته يقول: «لن يفلح قوم تدبّر أمرهم امرأة» فانصرفت عنهم وأعتزلتهم.

كما أخرج البخاري عن أبي بكرة قوله: لقد نفعني الله بكلمة أيام

____________

(1) تاريخ الطبري: 6/482.

(2) الطبري في تاريخه: 5/178. وشرح النهج: 2/501 وغيرهم.

الصفحة 103
الجمل، لمّا بلغ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّ فارساً ملّكوا ابنة كسرى قال: «لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة»(1) .

ومن المواقف المُضحكة والمبكية في آنٍ واحدٍ أنّ عائشة أمّ المؤمنين تخرج من بيتها عاصية لله ولرسوله ثم تأمر الصّحابة بالاستقرار في بيوتهم، إنه حقّاً أمرٌ عجيب!!

فكيف وقع ذلك يا ترى؟

روى ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح النهج وغيره من المؤرّخين أنّ عائشة كتبت ـ وهي في البصرة ـ إلى زيد بن صوحان العبدي رسالة تقول له فيها: من عائشة أم المؤمنين بنت أبي بكر الصديق، زوجة رسول الله، إلى ابنها الخالص زيد بن صوحان، أمّا بعد فأقم في بيتك وخذّل الناس عن أبن أبي طالب، وليبلغني عنك ما أحبّ إنك أوثق أهلي عندي والسّلام.

فأجابها هذا الرجل الصالح بما يلي: من زيد بن صوحان إلى عائشة بنت أبي بكر، أما بعد فإنّ الله أمركِ بأمر، وأمرنا بأمرٍ، أمرك أن تقرّي في بيتك، وأمرنا أن نجاهد، وقد أتاني كتابك تأمريني أن أصنع خلاف ما أمرني الله به، فأكون قد صنعت ما أمرك الله به، وصنعت أنت ما به أمرني، فأمرك عندي غير مطاع، وكتابك لا جواب له.

وبهذا يتبيّن لنا بأن عائشة لم تكتف بقيادة جيش الجمل فقط وإنّما طمحت في إمرة المؤمنين كافة في كل بقاع الأرض ولكلّ ذلك كانت هي التي تحكم طلحة والزبير اللذين كانا قد رشّحهما عمر للخلافة، ولكل ذلك أباحات لنفسها أن تراسل رؤساء القبائل والولاة وتطمعهم وتستنصرهم.

ولكلّ ذلك بلغت تلك المرتبة وتلك الشّهرة عند بني أمية فأصبحت هي المنظور إليها والمُهابة لديهم جميعاً والتي يُخشى سطوتها ومعارضتها

____________

(1) صحيح البخاري: 8/97 باب الفتن. والنسائي: 4/305. والمستدرك: 4/525.

الصفحة 104
فإذا كان الأبطال والمشاهير من الشجعان يتخاذلون ويهربون من الصفِّ إزاء علي بن أبي طالب ولا يقفون أمامه فإنها وقفت وألّبتْ واستصرخت واستفزّت.

ومن أجل هذا حيرت العقول وأدهشت المؤرّخين الذين عرفوا مواقفها في حرب الجمل الصغرى قبل قدوم الإمام علي وفي حرب الجمل الكبرى بعد مجيء الإمام علي ودعوتها لكتاب الله فأبت وأصرّت على الحرب في عنادٍ لا يمكن تفسيره إلا إذا عرفنا عمق وشدة الغيرة والبغضاء التي تحملها أمّ المؤمنين لأبنائها المخلصين لله ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلم.

تحذير النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم من عائشة وفتنتها

لقد كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يدرك عمق وخطورة المؤامرة التي تدار حوله من جميع جوانبها، ولا شكّ بأنّه عرف ما للنساء من تأثير وفتنة على الرّجال، كما أدرك بأنّ كيدهن عظيم تكاد تزول منه الجبال، وعرف بالخصوص بأن زوجته عائشة هي المؤهلة لذلك الدور الخطير لما تحمله في نفسها من غيرة وبغض لخليفته علي خاصة، ولأهل بيته عامّة، كيف وقد عاش بنفسه أدواراً من مواقفها وعداوتها لهم، فكان يغضب حيناً ويتغير وجهه أحياناً، ويحاول إقناعهم في كل مرة بأنّ حبيب علي هو حبيب الله والذي يبغض عليّاً هو منافق يبغضه الله ـ ولكن هيهات لتلك الأحاديث أن تغوص في أعماق تلك النّفوس التي ما عرفتْ الحقّ حقّاً إلاّ لفائدتها وما عرفت الصّواب صواباً إلاّ إذا صدر عنها.

ولذلك وقف الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم لمّا عرف بأنها هي الفتنة التي جعلها الله في هذه الأمة ليبتليها بها كما ابتلى سائر الأمم السّابقة. قال تعالى: (ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون) [العنكبوت: 2].

وقد حذّر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أمّته منها في مرّات

الصفحة 105
متعدّدة حتى قام في يوم من الأيام واتّجه إلى بيتها وقال: ههنا الفتنة، ههنا الفتنة حيث يطلع قرن الشيطان، وقد أخرج البخاري في صحيحه في باب ما جاء في بيوت أزواج النبي: قال عن نافع عن عبد الله رضي الله عنه قال: قام النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم خطيباً فأشار نحو مسكن عائشة فقال: ههنا الفتنة ثلاثاً، من حيث يطلع قرن الشيطان(1) .

كما أخرج مسلم في صحيحه أيضاً عن عكرمة بن عمّار عن سالم عن ابن عمر قال: خرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من بيت عائشة، فقال: رأس الكفر من ههنا من حيث يطلع قرن الشيطان(2) .

ولا عبرة بالزّيادة التي أضافوها بقولهم: يعني المشرق، فهي واضحة الوضع ليخفّفوا بها عن أم المؤمنين ويبعدوا هذه التهمة عنها.

وقد جاء في صحيح البخاري أيضاً: قال لما سار طلحة والزبير وعائشة إلى البصرة، بعث علي عمّار بن ياسر وحسن بن علي فقدما علينا الكوفة فصعدا المنبر فكان الحسن بن علي فوق المنبر في أعلاه وقام عمّار أسفل من الحسن فاجتمعنا إلهي فسمعت عماراً يقول: إن عائشة قد سارت إلى البصرة ووالله إنها لزوجة نبيّكم صلّى الله عليه وآله وسلّم في الدنيا والآخرة، ولكن الله تبارك وتعالى ابتلاكم ليعلم إيّاه تطيعون أم هي(3) .

الله أكبر فهذا الخبر يدلّ أيضاً أنّ طاعتها معصية لله وفي معصيتها هي والوقوف ضدّها طاعةً لله.

كما نلاحظ أيضاً في هذا الحديث أنّ الروّاة من بني أمية أضافوا عبارة والآخرة، في (أنها لزوجة نبيّكم في الدنيا والآخرة) ليموّهوا على العامّة بأنّ الله غفر لها كل ذنب اقترفته أدخلها جنّته وزوجها حبيبه رسول الله صلّى

____________

(1) صحيح البخاري: 4/46.

(2) صحيح مسلم: 8/181.

(3) صحيح البخاري: 8/97.

الصفحة 106
الله عليه وآله وسلّم ـ وإلاّ من أين عَلِمَ عمّار بأنّها زوجته في الآخرة؟

وهذه هي أخر الحيل التي تفطّن لها الوضّاعون من الروّاة في عهد بني أميّة عندما يجدون حديثاً جرى على ألسنة النّاس فلا يمكنهم بعد نكرانه ولا تكذيبه فيعمدون إلى إضافة فقرة إليه أو كلمة أو تغيير بعض ألفاظه ليخفّفوا من حدّته أو يفقدوه المعنى المخصوص له، كما فعلوا ذلك بحديث، أنا مدينة العلم وعلي بابها الذي أضافوا وأبوا بكر أساسها وعمر حيطانها وعثمان سقفها.

وقد لا يخفى ذلك على الباحثين المنصفين فيبطلون تلك الزيادات التي تدلّ في أغلب الأحيان على سخافة عقول الوضّاعين وبُعدهم عن حكمة ونور الأحاديث النبويّة، فيلاحظون أنّ القول بأن أبا بكر أساسها، معناه أنّ علم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كله من علم أبي بكر، وهذا كفر. كما أنّ القول بأنّ عمر حيطانها فمعناه بأنّ عمر يمنع الناس من الدخول للمدينة أعني يمنعهم من الوصول للعلم والقول بأن عثمان صفقها، فباطل بالضرورة لأنه ليس هناك مدينة مسقوفة وهو مستحيل. كما يلاحظون هنا بأنّ عماراً يقسم بالله على أنّ عائشة زوجة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في الدنيا والآخرة، وهو رجماً بالغيب فمن أين لعمّار أن يقسم على شيء يجهله؟ هل عنده آية من كتاب الله، أم هو عهد عهده إليه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم؟

فيبقى الحديث الصحيح هو إنّ عائشة قد سارت إلى البصرة، وإنها لزوجة نبيّكم، ولكنّ الله ابتلاكم بها ليعلم إيّاه تطيعون أم هي.

والحمد لله ربّ العالمين على أن جعل لنا عقولاً نميّز بها الحق من الباطل وأوضح لنا السبيل ثم ابتلانا بأشياء عديدة لتكون علينا حجّةً يوم الحساب.

الصفحة 107

خاتمة البحث

والمهمّ في كل ما مرّ بنا من الأبحاث وإن كانت مختصرة أنّ عائشة بنت أبي بكر أمّ المؤمنين وزوجة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لم تكن معدودة من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، والذين عصمهم الله من كلّ الذّنوب وطهّرهم من كل رجس فأصبحوا بعد ذلك معصومين.

ويكفي عائشة أنّها قضت آخر أيّام حياتها في بكاء ونحيب وحسرة وندامة، تذكر أعمالها فتفيض عيناها ولعلّ الله سبحانه يغفر لها خطاياها فهو وحده المطّلع على أسرار عباده والذي يعلم صدق نواياها، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. فلا يخفى على الله شيء في الأرض ولا في السّماء، وليس لنا ولا لأي أحدٍ من النّاس أن يَحكُم بالجنّة أو بالنّار على مخلوقاته فهذا تكلّف وتطفّلٌ على الله، قال تعالى: (لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذّب من يشاء والله على كل شيء قدير) [البقرة: 284].

وبهذا لا يمكن لنا أن نترضّى عليها ولا أن نلعنها ولكن لنا أن لا نقتدي بها ولا نبارك أعمالها، ونتحدّث بكل ذلك لتوضيح الحقيقة إلى النّاس، عسى أن يهتدوا لطريق الحق.

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: لا تكونوا سبّابين ولا لعّانين، ولكن قولوا: كان من فعلهم كذا وكذا لتكون أبلغ في الحجّة.

قول أهل الذكر بخصوص أهل البيت

يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وهو سيد العترة:

تالله لقد عَلِمتُ تبليغ الرسالات، وإتمام العدات وتمام الكلمات

الصفحة 108
وعندنا أهل البيت أبواب الحكم وضياء الأمر(1) .

أين الذين زعموا أنهم الرّاسخون في العلم دوننا، كذباً وبغياً علينا أن رفعنا الله ووضعهم، وأعطانا وحرمهم، وأدخلنا وأخرجهم، بنا يستعطى الهدى ويستجلى العمى، إنّ الأئمة من قريش غُرسوا في هذا البطن من هاشم لا تصلح على سواهم ولا تصلح الوّلاة من غيرهم(2) .

نحن الشّعار والأصحاب، والخزنة والأبواب، لا تؤتى البيوت إلاّ من أبوابها فمن أتاها من غير أبوابها سمّي سارقاً. ثم يذكر أهل البيت فيقول: فيهم كرائم القرآن، وهم كنوز الرحمن، إن نطقوا صدقوا، وغن صمتوا لم يسبقوا(3) .

هم عيش العلم وموت الجهل، يخبركم حلمهم عن علمهم، وصمتهم عن حكم منطقهم، لا يخالفون الحقُّ ولا يختلفون فيه، هم دعائم الإسلام وولائج الإعتصام، بهم عاد الحقُّ في نصابه، وانزاح الباطل عن مقامه وانقطع لسانه عن منبته عقلوا الدّين عقل وعايةٍ ورعاية، لا عقل سماع ورواية، فإنّ رواة العلم كثيرٌ ورعاته قليل(4) .

عترته خير العتر وأسرته خير الأسر وشجرته خير الشّجر نبتت في حرم وبسقت في كرم لها فروع طوال وثمرة لا تنال.

نحن شجرة النّبوة، ومحطّ الرسالة، ومختلف الملائكة، ومعادن العلم، وينابيع الحكم، ناظرنا ومحبّنا ينتظر الرحمة، وعدوّنا ومبغضنا ينتظر السطوة(5) .

____________

(1) نهج البلاغة شرح محمد عبده: 283.

(2) نهج البلاغة شرح محمد عبده: 314.

(3) نهج البلاغة شرح محمد عبده: 330.

(4) نهج البلاغة شرح محمد عبده: 508.

(5) نهج البلاغة: 2/213.

الصفحة 109

نحن النجباء، وأفرطنا أفراط الأنبياء، وحزبنا حزب الله عزّ وجلّ، والفئة الباغية حزب الشيطان، ومن سوّى بيننا وبين عدوّنا فليس منّا.

فأين تذهبون وأنّى تؤفكون؟ والأعلام قائمة والآيات واضحة، والمنار منصوبةٌ فأين يتاه بكم، بل كيف تعمهون وبينكم عترة نبيّكم وهم أزمّة الحقّ، وأعلام الدّين، وألسنة الصّدق، فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن وردُوهم ورود الهيم العطاش.

أيها الناس خذوها من خاتم النبيين صلّى الله عليه وآله وسلم: إنّه يموت من مات منّا وليس بميّت، ويبلى من بلي منّا وليس ببال، فلا تقولوا بما لا تعرفون فإنّ أكثر الحقّ فيما تنكرون، واعذروا من لا حجة لكم عليه وأنا هو، ألم أعمل فيكم بالثقل الأكبر، وأترك فيكم الثقل الأصغر وركزت فيكم راية الإيمان(1) .

انظروا أهل بيت نبيّكم فألزموا سمتهم وأتبعوا أثرهم فلن يخرجوكم من هدى، ولن يعيدوكم في ردى، فإن لبدوا فالبدوا، وإن نهضوا فانهضوا، ولا تسبقوهم فتضلّوا، ولا تتأخروا عنهم فتهلكوا(2) .

هذه أقوال الإمام علي عليه السلام بخصوص العترة الطاهرة الذين أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً.

ولو تتّبعنا أقوال الأئمة من بنيه عليهم السلام والذين خطوا في النّاس، أمثال الإمام الحسن، والإمام الحسين، وزين العابدين وجعفر الصّادق والإمام الرضا عليهم السلام أجمعين لوجدناهم يقولون نفس الكلام ويرمون نفس المرمى، ويرشدون الناس في كل عصر ومصر إلى كتاب الله وعترة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم لينقذوهم من الضّلالة ويدخلوهم في الهداية.

____________

(1) نهج البلاغة: 1/155.

(2) نهج البلاغة: 2/190.

الصفحة 110

أضف إلى ذلك بأنّ التاريخ خير شاهد على عصمة أهل البيت فلم يسجّل لهم إلاّ العلم والتقوى والورع والزهد، والجود والكرم والحلم والمغفرة، وكل عمل يحبّه الله ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلم.

كما أنّ التاريخ خير شاهد على أنّ الصالحين من هذه الأمّة والزهّاد من رجال الصوفية ومشايخ الطرق وأئمة المذاهب والمصلحين من العلماء القدامى والمعاصرين كلّ هؤلاء يقرّون بأفضليتهم وتقدّمهم علماً وعملاً وأخصّهم برسول الله قربى وشرفاً.

ولكل هذا فلا ينبغي لمسلم أن يخلط أهل البيت (الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً والذين أدخلهم الرسول معه تحت الكساء) بنساء النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم.

ألا ترى أنّ أئمة المحدّثين أمثال مسلم والبخاري والترمذي والإمام أحمد والنسائي وغيرهم عندما يخرجون أحاديث الفضائل في كتبهم وصحاحهم يفصلون فضائل أهل البيت عمّن سواهم من نساء النبيّ(1) .

كما جاء في صحيح مسلم في باب فضائل عي بن أبي طالب قوله عن زيد بن أرقم أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «ألا وأنّي تارك فيكم الثقلين أحدهما كتاب الله عزّ وجلّ هو حبل الله من اتّبعه كان على الهدى ومن تركه كان على ضلالة» ثم قال «وأهل بيتي أذكّركم الله في أهل بيتي أذكّركم الله في أهل بيتي أذكّركم الله في أهل بيتي» فقلنا من أهل بيته نساؤه؟ قال: «لا وأيمّ الله إنّ المرأة تكون مع الرجل العصر من الدّهر ثمّ يطلّقها فترجع إلى أبيها وقومها، أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده(2) .

كما جاءت شهادة البخاري ومسلم في أن عائشة من آل أبي بكر

____________

(1) صحيح مسلم: 7/130 وما بعدها.

(2) صحيح مسلم: 7/123 باب فضائل علي بن أبي طالب.

الصفحة 111
وليست من آل النبي. في حادثة نزول آية التيمّم(1) .

فلماذا هذا الإصرار من بعض المعاندين الذين يحاولون بكل ثمن إحياء الفتنة وتقليب الحقائق التي لا شكّ فيها.

فيسبّون الشيعة لا لشيء إلاّ لأنهم لا يعترفون لأمّ المؤمنين بهذه الفضيلة، فلماذا لا يسبّون صحاحهم وعلماءهم الذين أخرجوا نساء النبي بأجمعهن من أهل البيت. (يا أيها الذين آمنوا اتّقوا الله وقولوا قولاً سديداً، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً) [الأحزاب: 71].

____________

(1) البخاري: 1/86. ومسلم: 1/191.

الصفحة 112

الصفحة 113