عليّ مولى كل مؤمن ومؤمنة
ففي يوم الخميس ثامن عشر من ذي الحجّة في غدير خمّ أمر الله نبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم) أن ينصب عليَّ بن أبي طالب (عليه السلام) أميراً للمسلمين وخليفة من بعده. فإليك قصّة ذلك بالاجمال من لسان أحد أئمّة التحقيق العلاّمة الكبير الاميني عليه الرحمة والرضوان:
أجمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) للخروج إلى الحجّ في سنة عشر من مهاجره وأذّن في الناس بذلك، فقدم المدينة خلق كثير يأتمّون به في حجّته تلك، التي يقال عليها حجّة الوداع، وحجّة الاسلام، وحجّة البلاغ، وحجّة الكمال، وحجّة التمام. ولم يحجّ غيرها منذ هاجر إلى أن توفّاه الله، فخرج (صلى الله عليه وآله وسلم) من المدينة مغتسلاً متدهناً مترجّلاً متجرّدا في ثوبين صحاريين إزار ورداء، وذلك يوم السبت لخمس ليال أو ست بقين من ذي القعدة، وأخرج معه نسائه كلّهن في الهوادج وسار معه أهل بيته وعامّة المهاجرين والانصار، ومن شاء الله من قبائل العرب وأفناء الناس(1) .
وعند خروجه (صلى الله عليه وآله وسلم) أصاب الناس بالمدينة جدري ـ بضم الجيم و فتح الدال، وبفتحهما ـ، أو حصبة منعت كثيراً من الناس من الحج معه (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومع
____________
1 ـ أفناء الناس: أي أخلاطهم لا يُدري من أيّة قبيلة، واحده فِنْو بكسر الفاء وسكون النون.
أصبح (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم الاحد بيلملم، ثم راح فتعشّى بشرف السيّالة، وصلّى هناك المغرب والعشاء ثم صلّى الصّبح بعرق الظبية، ثم نزل الرَّوحاء، ثم صار من الروحاء فصلّى العصر بالمنصرف، وصلّى المغرب والعشاء بالمتعشّى وتعشّى به، وصلّى الصبح بالاثابة، وأصبح يوم الثلاثاء بالعرج، واحتجم بلحى جمل ـ هو عقبة الجحفة ـ ونزل السقياء يوم الاربعاء، وأصبح بالابواء وصلّى هناك، ثم راح من الابواء ونزل يوم الجمعة الجحفة، ومنها إلى قديد وسبت فيه، وكان يوم الاحد بعسفان، ثمّ سار فلما كان بالغميم اعترض المشاة فصفوا صفوفاً، فشكوا إليه المشي، فقال: «استعينوا بالنسلان» ـ مشي سريع دون العدو ـ ففعلوا فوجدوا لذلك راحة، وكان يوم الاثنين بمرّ الظهران، فلم يبرح حتى أمسى وغربت له الشمس بسرف، فلم يصلّ المغرب حتى دخل مكّة، ولمّا انتهى إلى الثنيتين بات بينهما، فدخل مكّة نهار الثلاثاء.
فلمّا قضى مناسكه وانصرف راجعاً إلى المدينة ومعه من كان من الجموع المذكورات، ووصل إلى غدير خمّ من الجحفة التي تتشعّب فيها طرق المدنيّين والمصريّين والعراقيين، وذلك يوم الخميس الثامن عشر من ذي الحجّة، نزل إليه جبرائيل الامين عن الله بقوله: ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) الاية، وأمره أن يقيم عليّاً عَلَما للنّاس ويبلّغهم ما نزل فيه من الولاية
«الحمد لله ونستعينه ونؤمن به ونتوكّل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا، الذي لا هادي لمن ضلّ ولا مضلّ لمن هدى، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً عبده ورسوله.
أمّا بعد، أيّها الناس ! قد نبّأني اللّطيف الخبير أنّه لم يعمَّر نبيّ إلاّ مثل نصف عمر الذي قبله، وإنّي أوشك أن أدعى فأجب، وإنّي مسؤول وأنتم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون ؟».
قالوا: نشهد أنّك قد بلَّغت ونصحت وجهدت، فجزاك الله خيراً.
قال: «ألستم تشهدون أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً عبده ورسوله، وأنّ جنّته حقّ وناره حقّ وأنّ الموت حقّ وأنّ السّاعة آتيةٌ لا ريب فيها وأنّ الله يبعث من في القبور ؟».
قالوا: نعم.
قال: «فإنّي فَرَطٌ على الحوض وأنتم واردون عليّ الحوض، وأنّ عرضه مابين صنعاء وبصرى، فيه أقداح عدد النّجوم من فضّة، فانظروا كيف
فنادى مناد: وما الثقلان يا رسول الله ؟
قال: «الثقل الاكبر كتاب الله طرف بيد الله عزّوجلّ وطرف بأيديكم، فتمسّكوا به لا تضلّوا، والاخر الاصغر عترتي، وإنّ اللّطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يتفرّقا حتّى يردا عليّ الحوض، فسألت ذلك لهما ربي، فلا تقدّموهما فتهلكوا ولا تقصّروا عنهما فتهلكوا».
ثم أخذ بيد عليّ فرفعها حتى رؤي بياض آباطهما وعرفه القوم أجمعون، فقال: «أيّها الناس ! من أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم ؟».
قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: «إنّ الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فعليٌّ مولاه» ـ يقولها ثلاث مرّات ـ وفي لفظ أحمد إمام الحنابلة أربع مرّات، ثم قال: «اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه، وأحبّ من أحبّه وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره واخذل من خذله، وأدر الحقّ معه حيث دار، ألا فليبلّغ الشاهد الغائب».
ثم لم يتفرقوا حتى نزل أمين وحي الله بقوله: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ) الاية. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضى الربّ برسالتي والولاية لعليٍّ من بعدي».
ثم طفق القوم يهنّئون أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وممن هنّأه في مقدّم الصحابة الشيخان: أبوبكر وعمر، كلّ يقول: بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة.
وقال ابن عبّاس: وجبت والله في أعناق القوم.
فقام حسّان فقال: يا معشر مشيخة قريش اتبعها قولي بشهادة من رسول الله في الولاية ماضية، ثم قال:
يناديهم يوم الغدير نبيّهم | بخمّ فأسمِع بالرسول مناديا |
وتمام شعر حسّان بهذه الصورة:
وقال فمن مولاكم ووليّكم | فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا |
إلهك مولانا وأنت وليّنا | ومالك منّا في الولاية عاصيا |
فقال له قم ياعليّ فإنّني | رضيتك من بعدي إماماً وهاديا |
فمن كنت مولاه فهذا وليّه | فكونوا له أنصار صدق مواليا |
هناك دعا اللهمّ والِ وليّه | وكن للّذي عادى عليا معاديا(2) |
____________
1 ـ الغدير: 1 / 9 ـ 11.
السمرة: بضم الميم شجرة الطلح وهي شجرة عظيمة كثير الشوك (مجمع البحرين).
2 ـ تذكرة الخواص / 39.
قال ابن حجر: إنّه حديث صحيح، لا مرية فيه، وقد أخرجه جماعة، كالترمذي والنسائي وأحمد وطرقه كثيرة جدّاً، ومن ثمّ رواه ستة عشر صحابيّاً، وفي رواية لاحمد أنّه سمعه من النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ثلاثون صحابيّاً، وشهدوا به لعليّ لمّا نوزع أيّام خلافته كما مرّ وسيأتي، وكثير من أسانيده صحاح وحسان، ولا التفات لمن قدح في صحّته، ولا لمن ردّه كان عليا باليمن، لثبوت رجوعه منها وإدراكه الحجّ مع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقول بعضهم إنّ زيادة: «اللهمّ وال من والاه» الخ موضوعة مردود، فقد ورد ذلك من طرق صحّح الذهبي كثيرا منها.
ثم قال: ولفظه عند الطبراني وغيره بسند صحيح، إنّه خطب بغدير خمّ تحت شجرات، فقال: «أيّها الناس، إنّه قد نبّأني اللّطيف الخبير أنّه لم يعمّر نبي إلاَّ مثلَ نصف عمر الذي يليه من قبله، وإنّي لاظنّ أنّي يوشك أن أدعى فأُجيب، وإنّي مسؤول وإنّكم مسؤولون، فما ذا أنتم قائلون ؟».
قالوا: نشهد أنّك قد بلّغت وجهدت ونصحت، فجزاك الله خيراً.
فقال: «ألستم تشهدون أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً عبده ورسوله، وأنّ جنّته حقٌّ وناره حقّ وأنّ الموت حقّ وأنّ البعث بعد الموت حقّ وأنّ الساعة آتيةٌ لا ريب فيها وأنّ الله يبعث من في القبور ؟».
قالوا: بلى، نشهد بذلك.
قال: «أللهمّ اشهد».
ثم قال: «يا أيّها الناس إني فرطكم وإنكم واردون علي الحوض، حوضي أعرض ممابين بصرى إلى صنعاء، فيه عدد النجوم قدحان من فضة، وإني سائلكم حين تردون عليّ عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما: الثقل الاكبر كتاب الله عزوجل سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، فتمسكوا به لا تضلوا ولا تبدلوا، وعترتي أهل بيتي، فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن ينقضيا حتى يردا عليّ الحوض».
أقول: أخرجه الطبراني بهذا اللفظ مع تفاوت يسير عن زيد بن أرقم وحذيفة بن أسيد، وابنُ المغازلي عن زيد بن أرقم بلفظ أكمل وأطول، وابنُ عساكر عن حذيفة بن أسيد، وأورده ابن كثير الشامي في تاريخه، وابن الصبّاغ في فصوله وعزاه لابي الفتوح في كتابه الوجيز في فضل الخلفاء الاربعة من حديث حذيفة بن أسيد وعامر بن ليلى بن ضمرة، وذكره الهيثمي في مجمعه من حديث حذيفة بن أسيد، ثم قال: رواه الطبراني وفيه زيد بن الحسن الانماطي، قال أبو حاتم منكر الحديث، ووثّقه ابن حبان، وبقيّة رجال أحد الاسنادين ثقات.(1)
____________
1 ـ الصواعق المحرقة / 42 و 43 ـ 44 ب: 1 ف: 5 ش: 11، تاريخ دمشق: 42 / 219 ـ 220، البداية والنهاية: 7 / 385 ـ 386، مجمع الزوائد: 9 / 164 ـ 165، الفصول المهمة / 41، مختصر تاريخ دمشق: 17 / 353، المعجم الكبير: 3 / 180 ح: 3052 و4 / 166ـ 167 ح: 4971، المناقب لابن المغازلي / 16 ـ 18 ح: 23.
وأورده الهيثمي في مجمعه عن زيد بن أرقم مع تفاوت يسير(1) .
____________
1 ـ مجمع الزوائد: 9 / 163 ـ 164، الفصول المهمة / 40.
الهاجرة: وقت اشتداد الحر نصف النهار.
وقد ورد هذا الحديث عن زيد بن أرقم من طرق متعدّدة وألفاظ متفاوتة مطوّلة ومختصرة متقاربة في المعنى.
قال أبو نعيم ـ بعد أن أخرج الحديث عن زيد بن أرقم من طريق أبي الطفيل ـ: ورواه عن زيد بن أرقم أبو سليمان زيد بن وهب وأبو الضحى ويحيى بن جعدة وسليمان بن أبي الحسناء وأبو اسحاق وأبو سلمان المؤذن وأبو عبيد الله الشيباني وأبو ليلى الحضرمي وأبو صالح وأبو عبد الله ميمون وعطية العوفي وثوير بن أبي فاخته في آخرين(2) .
وقال ابن كثير: وقد رواه عن زيد بن أرقم جماعة، منهم: أبو إسحاق السبيعي وحبيب الاساف وعطيّة العوفي وأبو عبد الله الشامي. انتهى(3) .
وذكر الالباني حديث زيد بن أرقم في الاحاديث الصحيحة من خمس
____________
1 ـ احقاق الحق: 2 / 419 ـ 420، شواهد التنزيل للعلامة الاندونيسي / 9 ـ 10، عن الولاية في طريق حديث الغدير من نسخة مخطوطة لابن جرير، ولم يتيسر لي الحصول عليه.
2 ـ معرفة الصحابة: 3 / 1169 ـ 1170 ح: 2966.
3 ـ البداية والنهاية: 7 / 385.
وأخرج الطبراني هذا الحديث عن زيد بن أرقم من طريق كل من أبي الطفيل وعامر بن واثلة وأبي الضحى ويحيى بن جعدة وحبيب بن حبيب وعمرو بن ذي مرّ وثوير بن أبي فاختة وعطيّة العوفي وأبي ليلى الحضرمي وميمون أبي عبد الله وأبي هارون العبدي وأنيسة بنت زيد.
وأخرجه ابن عساكر عن زيد من طريق كل من أبي الطفيل وعطيّة العوفي وأبي الضحى وأبي عبد الله الشامي وميمون أبي عبد الله وأبي إسحاق ويحيى بن جعدة وحبيب.
وأخرجه ابن أبي عاصم عنه من الطريق أبي الطفيل وميمون أبي عبد الله وحبيب بن أبي ثابت وأبي ليلى الحضرمي وأبي الضحى وأبي إسحاق.
وأخرجه أحمد عن زيد من طريق أبي الطفيل وعطيّة العوفي وعمرو بن ذي مرّ وميمون أبي عبد الله، وابنُ جرير من طريق أبي الطفيل وميمون أبى عبد الله وعطيّة العوفي وأبي الضحى، والنسائي من طريق أبي الطفيل وميمون أبي عبد الله، والحاكم من طريق أبي الطفيل وصحّحه، وعن سلمة بن كهيل عن أبي الطفيل وصححه أيضاً.
وأخرجه عن زيد بن أرقم كلّ من الترمذي والبزّار وأبي نعيم والبلاذري
____________
1 ـ سلسلة الاحاديث الصحيحة: 4 / 330 ـ 335 ح: 1750.
أخرج أحمد بن حنبل والطبراني وابن عساكر وابن المغازلي عن رياح بن الحارث، قال: جاء رهط إلى عليّ بالرحبة، قالوا: السلام عليك يا مولانا، فقال: كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب ؟! قالوا: سمعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
____________
1 ـ المعجم الكبير: 5 / 165 ـ 167 و 170 ـ 172 و 192 و 194 و 195 و 202 و 204 و 212، ح: 4968 و 5969 و 4971 و 4983 و 4984 و 4986 و 5059 و 5065 و 5066 و 5068 و 5069 و 5070 و 5071 و 5092 و 5096 و 5097 و 5128، المستدرك: 3 / 109 و 110 و 533، وصححاه سنن الترمذي باب مناقب علي: 5 / 398 ح: 3733، كنز العمال: 11 / 608 ـ 610 ح: 32945 و 32950 ـ 32951 و13 / 104 و 105 ح: 36340 ـ 36342 و 36343 و 36344، مسند أحمد بن حنبل: 4 / 368 و 372، مجمع الزوائد: 9 / 104 ـ 105، انساب الاشراف: 2 / 352، تذكرة الخواص / 36، تهذيب الكمال: 7 / 313 م: 2351 و13 / 302 م: 4673، مختصر تاريخ دمشق: 17 / 354، تاريخ دمشق: 42 / 215 ـ 219، السنن الكبرى للنسائي: 5 / 130 و 131 ح: 8464 و 8469، معرفة الصحابة لابي نعيم: 3 / 1169 ـ 1170 ح: 2966، الخصائص العلوية للنسائي / 117 ـ 120 و 134 ح: 79 و 84، السنة لابن أبي عاصم: 2 / 591 ـ 593 ح: 1362 و 1364 و 1365 و 1368 و 1369 و 1371 و 1375، تحفة الاشراف: 1 / 292 ح : 3667، جامع الاصول: 8 / 649 ح: 6488، فضائل الصحابة لاحمد: 2 / 569 ح: 959، جواهر المطالب: 1 / 84، سير أعلام النبلاء الخلفاء / 233 و 234، مشكاة المصابيح: 3 / 356 ح: 6091، المناقب لابن المغازلي / 19 ـ 20 ح: 25، صفة الصفوة: 1 / 132، الكامل لابن عدي: 8 / 67 م: 1832، ينابيع المودة / 30 و 31 و 32، المناقب للخوارزمي / 154 ح: 182، كفاية الطالب / 46 ـ 47 و 52 ـ 53، المعجم الاوسط: 2 / 572 ح: 1987.
وفي رواية قال رياح: فلما مضوا تبعتهم وسألت عنهم، فقالوا: هؤلاء نفر من الانصار، فيهم أبو أيّوب.
قال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني... ورجال أحمد ثقات.
وأورده الالباني في سلسلة الاحاديث الصحيحة، وعزاه لاحمد والطبراني، ثم قال: قلت: وهذا إسناد جيّد، رجاله ثقات.
وفي ذلك عن أبي أيّوب وحده عند ابن عساكر وابن أبي عاصم، ونقله ابن كثير عن أبي بكر بن أبي شيبة، ونقله الباعوني والطبري عن البغوي في معجمه(1) .
أخرج الحاكم والبزّار وابن أبي عاصم والمزّي عن رفاعة بن إياس عن أبيه عن جده، قال: كنّا مع عليّ يوم الجمل، فبعث إلى طلحة بن عبد الله: أن القني، فأتاه طلحة، فقال: نشدتك الله هل سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «من
____________
1 ـ مسند أحمد: 5 / 419، البداية والنهاية: 7 / 384 ـ 385، مجمع الزوائد: 9 / 103 ـ 104، تاريخ دمشق: 42 / 211 ـ 215، جواهر المطالب: 1 / 83، السنة لابن أبي عاصم: 2 / 590 ح: 1355، الرياض النضرة: 3 / 126، مختصر تاريخ دمشق: 17 / 353، سلسلة الاحاديث الصحيحة: 4 / 340، المعجم الكبير: 4 / 173 ـ 174 ح: 4052 و 4053، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي / 22 ح: 30، فضائل الصحابة لاحمد: 2 / 572 ح: 967، ينابيع المودة / 33.
أخرج عبد الرزّاق وابن أبي شيبة وأحمد بن حنبل وعبد الله بن أحمد ومحمد بن سليمان والموفّق بن أحمد وابن ماجة وابن عساكر من طرق والبلاذري والبيهقي والجويني والثعلبي والبغوي والكنجي والزرندي عن البراء بن عازب قال: خرجنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى نزلنا غدير خمّ، بعث مناديا ينادي، فلما اجتمعنا قال: «ألست أولى بكم من أنفسكم ؟» قلنا: بلى يا رسول الله، قال: «ألست أولى بكم من أمّهاتكم ؟» قلنا: بلى يا رسول الله، قال: «ألست أولى بكم من آبائكم ؟» قلنا: بلى يا رسول الله، قال: «ألست أولى بكم ألست ألست ألست ؟» قلنا: بلى يا رسول الله، قال: «فمن كنت مولاه فإنَّ عليّاً بعدي مولاه اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه»، فقال عمر بن الخطاب: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت اليوم وليّ كل مؤمن.
وفي بعض الروايات: هنيئاً لك يا عليّ أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن.
وقال ابن كثير الشامي ـ بعد أن نقل الحديث من رواية عبد الرزّاق ـ: وكذا رواه ابن ماجه من حديث حمّاد بن سلمة عن عليّ بن زيد، وأبي هارون
____________
1 ـ المستدرك: 3 / 371، البحر الزخار للبزار: 3 / 171 ح: 958، السنة لابن أبي عاصم: 2 / 590 ـ 591 ح: 1358، تهذيب الكمال: 2 / 392 م: 585 و6 / 211 م: 1896، مجمع الزوائد: 9 / 107، تذكرة الخواص / 36، وعن كشف الاستار للهيثمي: 3 / 186 ـ 187 ح : 2528 باب قوله «من كنت مولاه فعلي مولاه» من فضائل علي (عليه السلام).
وأورده الذهبي في سيره من رواية حمّاد بن سلمة عن عليّ بن زيد، وأبي هارون عن عدي بن ثابت، ثم قال: ورواه عبد الرزّاق عن معمر عن علي بن زيد.
وأورده ابن الصباغ المالكي في فصوله وعزاه لاحمد والبيهقي، وسبط ابن الجوزي في تذكرته عن أحمد بن حنبل، ثم قال: فإن قيل: فهذه الرواية التي فيها قول عمر (رضي الله عنه): أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة، ضعيفة. فالجواب أنّ هذه الرواية صحيحة، وإنما الضعيف حديث رواه أبو بكر أحمد بن ثابت..إلى آخر كلامه.
وأورده المتّقي الهندي في كنزه عن ابن أبي شيبة، ونقله الباعوني في جواهره ومحبّ الطبري في رياضه عن أحمد بن حنبل من حديث البراء بن عازب، ثم قالا: و عن زيد بن أرقم مثله.
وأورده الالباني في الاحاديث الصحيحة من طريق عدي بن ثابت وعزاه لاحمد بن حنبل وابنه عبد الله وابن ماجه.
وروى في ذلك عن البراء كل من ابن أبي عاصم وأبي نعيم وأشار إليه المزّي في التهذيب(1) .
____________
1 ـ تاريخ دمشق: 42 / 220 ـ 223، مسند أحمد: 4 / 281، مختصر تاريخ دمشق: 17 / 354 و 355، تذكرة الخواص / 36، انساب الاشراف: 2 / 356، كنز العمال: 11 / 608 ح : 32945 و13 / 133 ـ 134 ح: 36420، الرياض النضرة: 2 / 126، سير أعلام النبلاء الخلفاء / 234، سنن ابن ماجه المقدمة فضل علي: 1 / 43 ح: 116، الفصول المهمة / 40 ـ 41، جواهر المطالب: 1 / 84، البداية والنهاية: 7 / 386، سلسلة الاحاديث الصحيحة: 4 / 340 ـ 341، المصنف لابن أبي شيبة: 6 / 375 ح: 32109، السنة لابن أبي عاصم: 2 / 591 ح: 1363، السنن الكبرى للنسائي: 5 / 132 ح: 8473، تهذيب الكمال: 13 / 302 م: 4673، فرائد السمطين: 1 / 64 ـ 65 و 71 ح: 30 و 31 و 38، ينابيع المودة / 29 و 30 و 31، المناقب لمحمد بن سليمان: 1 / 442 ح: 343، المناقب للخوارزمي / 155 ـ 156 ح: 183، كفاية الطالب / 52، درر السمطين / 109.
قال النيسابوري في تفسيره: عن أبي سعيد الخدري أنّ هذه الاية نزلت في فضل علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه وكرم الله وجهه ـ يوم غدير خمّ، فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بيده وقال: «من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه». فلقيه عمر وقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة.
____________
1 ـ أسباب النزول للواحدي / 164، مختصر تاريخ دمشق: 17 / 359، تاريخ دمشق: 42 / 237، الدرالمنثور: 3 / 117 حول الاية: 67 من سورة المائدة، الفصول المهمة / 42، فتح القدير للشوكاني: 2 / 75، تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم: 4 / 1172 ح: 6609، شواهد التنزيل: 1 / 250 ح: 244.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود، قال: كنّا نقرأ على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ( يَاْ أَيُّهَا الرَّسُوْلُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) أنَّ عليّاً مولى المؤمنين ( وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ )(2) .
وأخرج الحسكاني عن ابن عبّاس وجابر بن عبد الله، قالا: أمر الله محمّداً أن ينصب عليّاً للناس ليخبرهم بولايته، فتخوف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقولوا: حابى ابن عمّه، وأن يطعنوا في ذلك عليه، فأوحى الله إليه: ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ.. ) الاية، فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بولايته يوم غدير خمّ.
وأخرج من طريق الحسين بن الحكم الحبري عن الحسن بن الحسين العرني عن حبّان بن علي العنزي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عبّاس في قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ... ) الاية، قال: نزلت في عليّ، أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يبلغ فيه، فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بيد علي فقال: «من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه».
ثم قال الحسكاني: رواه جماعة عن الحبري، وأخرجه السبيعي في
____________
1 ـ غرائب القرآن ورغائب الفرقان: 2 / 616 حول الاية: 67 من سورة المائدة، مفاتيح الغيب : 12 / 49 ـ 59 حول الاية.
2 ـ الدر المنثور: 3 / 117، فتح القدير: 2 / 75.
وروى الحسكاني حول نزول هذه الاية وآية الاكمال في عليّ (عليه السلام)روايتين أخريين في شواهده.
وأخرج عن عبد الله بن أبي أوفى قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول يوم غدير خم وتلى هذه الاية: ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ) ، ثم رفع بيديه حتى يُرى بياض إبطيه، ثم قال: «ألا من كنت مولاه فعليٌّ مولاه، اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه»، ثم قال: «أللهمّ اشهد».
وأخرج عن سليمان النوفلي، قال: سمعت زياد بن المنذر يقول: كنت عند أبي جعفر محمّد بن علي وهو يحدّث الناس، إذ قام إليه رجل من أهل البصرة يقال له عثمان الاعشى ـ كان يروي عن الحسن البصري ـ فقال له: يا ابن رسول الله، جعلني الله فداك، إنّ الحسن يخبرنا أنّ هذه الاية نزلت بسبب رجل ولا يخبرنا من الرجل: ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) ، فقال : لو أراد أن يخبر به لاخبر به، ولكنّه يخاف، إنّ جبرائيل هبط على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال له: إنّ الله يأمرك أن تدلّ أمّتك على صلاتهم فدلّهم عليها... إلى أن قال: ثمّ هبط فقال: إن الله يأمرك أن تدلّ أمّتك على وليّهم عليّ، مثل ما دللتهم عليه من صلاتهم وزكاتهم وصيامهم وحجّهم، ليلزمهم الحجّة في جميع ذلك، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «يا ربّ إنّ قومي قريبوا عهد بالجاهليّة وفيهم تنافس وفخر، وما منهم رجل إلاّ وقد وتره وليّهم، وإنّي أخاف»، فأنزل الله:
قال زياد: فقال عثمان: ما انصرفت إلى بلدي بشيء أحبّ إليّ من هذا الحديث(1) .
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو يعلى والبزار والطبراني وابن عساكر وابن المغازلي عن داود بن يزيد الاودي عن أبيه، قال: دخل أبو هريرة المسجد فاجتمع إليه الناس، فقام إليه شابّ، فقال: أنشدك بالله سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه ؟» قال: فقال: إنّي أشهد أنّي سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه».
قال الهيثمي: رواه أبو يعلى، والبزّار بنحوه والطبراني في الاوسط، وفي أحد إسنادي البزّار رجل غير مسمّى وبقية رجاله ثقات في الاخر، وفي إسناد أبي يعلى داود بن يزيد، وهو ضعيف.
وأخرج ابن عساكر في ذلك عن أبي هريرة من طرق، وأخرج عنه الطبراني في الاوسط والحسكاني في الشواهد، وابن عدي في الكامل
____________
1 ـ شواهد التنزيل: 1 / 207 ـ 208 و 251 ـ 258 ح: 214 و 215 و 245 و 247 و 248 و 249 و 250، تاريخ اليعقوبي: 2 / 111.
وأخرج الطبراني وابن المغازلي وابن عساكر من طرق عن جابر بن عبد الله: أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نزل بخمّ فتنحى الناس عنه، ونزل معه علي بن أبي طالب، فشقّ على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تأخّر الناس عنه، فأمر عليّاً ليجمعهم، فلما اجتمعوا قام فيهم ـ وهو متوسّد على علي بن أبي طالب ـ فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «أيُّها الناس إنّي قد كرهت تخلّفكم وتنحّيكم عني حتّى خيّل إليّ أنّه ليس من شجرة أبغض إليكم من شجرة تليني»، ثم قال: «لكن علي بن أبي طالب أنزله الله منّي بمنزلتي عنده، فرضي الله عنه كما أنا راض عنه، فإنّه لا يختار على قربي ومحبّتي شيئاً»، ثم رفع يديه فقال: «اللهمّ من كنت مولاه فعليّ مولاه اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه».
وأخرج حديث جابر كل من ابن أبي عاصم وابن عقدة والكنجي والجويني(2) .
____________
1 ـ مجمع الزوائد: 9 / 105 ـ 106، المطالب العالية: 4 / 60 ح: 3958، الكامل لابن عدي: 3 / 541 م: 623 و5 / 18 م 888، تاريخ دمشق: 42 / 231 ـ 234، المصنف لابن أبي شيبة: 6 / 371 ح: 32083، المعجم الاوسط: 2 / 68 ـ 69 ح: 1115، تهذيب الكمال: 13 / 302 م: 4673، شواهد التنزيل: 1 / 249 ح: 244، مسند أبي يعلى: 11 / 307 ح: 6423، مسند الشاميين للطبراني: 3 / 222 ـ 223 ح: 2128.
2 ـ تاريخ دمشق: 42 / 224 ـ 228، مختصر تاريخ دمشق: 17 / 355 ـ 357، المناقب لابن المغازلي / 25 ح: 37، السنة لابن أبي عاصم: 2 / 590 ح: 1356، كفاية الطالب / 55، ينابيع المودة / 41، فرائد السمطين: 1 / 62 ـ 63 ح: 29.
قال الخطيب: اشتهر هذا الحديث من رواية حبشون، وكان يقال: إنه تفرد به، وقد تابعه عليه أحمد بن عبيد الله النيري إملاءً عن علي بن سعيد الشامي عن ضمرة....
أقول: وعند ابن عساكر والموفق بن أحمد عن أحمد بن عبد الله البزاز عن علي بن سعيد عن ضمرة، وعند ابن عساكر عن أحمد بن عبد الله بن أحمد عن علي بن شعيب عن ضمرة.
وقال الحسكاني: رواه جماعة عن أبي نصر حبشون بن موسى الخلال، وتابعه جماعة في الرواية عن أبي الحسن علي بن سعيد الشامي، ورواه عنه السبيعي في تفسيره(2) .
____________
1 ـ سورة المائدة: 3.
2 ـ تاريخ بغداد: 8 / 290 م 4392، مختصر تاريخ دمشق: 17 / 358، تاريخ دمشق: 42 / 233 ـ 234، البداية والنهاية: 7 / 386، الدر المنثور: 3 / 19 حول آية: 3 من سورة المائدة، تذكرة الخواص / 36، المناقب لابن المغازلي / 19 ح: 24 المناقب للخوارزمي / 156 ح: 184، شواهد التنزيل: 1 / 200 و 203 ـ 206 ح: 210 ـ 213، فرائد السمطين: 1 / 77 ح: 44.
وقد روى حديثَ الغدير عن أبي سعيد بغير هذا اللفظ ابنُ أبي عاصم والطبراني والبلاذري وابن المغازلي وابن عساكر من طرق(1) .
وأخرج الحسكاني والجويني والموفّق بن أحمد ومحمّد بن سليمان من طرق، وعن أبي نعيم والجعابي وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري: أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) دعا إلى علي، فأخذ بضبعيه فرفعهما، ثمّ لم يتفرقا، حتى نزلت هذه الاية: (أَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ) ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «ألله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضا الربّ برسالتي والولاية لعليّ»، ثم قال للقوم: «من كنت مولاه فعليّ مولاه».
____________
1 ـ مختصر تاريخ دمشق: 17 / 357 و 359، الدر المنثور: 3 / 19، تاريخ دمشق: 42 / 228 ـ 229 و 237، السنة لابن أبي عاصم: 2 / 592 ح: 1366، أنساب الاشراف : 2 / 357، مجمع الزوائد: 9 / 108، المعجم الاوسط: 9 / 198 ـ 199 ح: 8429، مناقب علي لابن المغازلي / 20 ح: 26.
ونقل ابن الصبّاغ وابن الجوزي عن أبي إسحاق الثعلبي: أنه أخرج في تفسيره أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لما قال ذلك طار في الاقطار وشاع في البلاد والامصار، فبلغ ذلك الحرث بن النعمان الفهري، فأتاه على ناقة له، فأناخها على باب المسجد، ثم عقلها وجاء فدخل في المسجد، فجثا بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا محمّد، إنك أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنّك رسول الله، فقبلنا منك ذلك، وأنك أمرتنا أن نصلّي خمس صلوات في اليوم والليلة ونصوم رمضان ونحجّ البيت ونزكّي أموالنا فقبلنا منك ذلك، ثم لم ترضَ بهذا حتى رفعت بضبع ابن عمّك وفضّلته على الناس، وقلت: «من كنت مولاه فعليّ مولاه»، فهذا شيء منك أو من الله ؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ وقد احمرّت عيناه ـ: «والله الذي لا إله إلاّ هو إنّه من الله وليس منّي» ـ قالها ثلاثاً ـ فقام الحرث وهو يقول: اللهمّ إن كان ما يقول محمّد حقّاً فأرسل من السماء علينا حجارة أو ائتنا بعذاب أليم، قال: فو الله ما بلغ ناقته حتى رماه الله من السماء بحجر فوقع على هامته فخرج من دبره ومات، وأنزل الله تعالى: ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَاب وَاقِع لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ )(2) .
____________
1 ـ شواهد التنزيل: 1 / 201 ـ 202 ح: 211 و 212، فرائد السمطين: 1 / 72 ـ 73 و 74 ح: 39 و 40، مقتل الحسين / 80 ـ 81 ح: 35، المناقب لمحمد بن سليمان: 1 / 118 و 137 و 362 و 409 ح: 66 و 76 و 291 و 325.
2 ـ سورة المعارج: 1 ـ 2.
وأخرج الدولابي والطحاوي عن عليّ (عليه السلام): أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) حضر الشجرة بخمّ، فخرج آخذاً بيد عليّ، فقال: «يا أيّها الناس ! ألستم تشهدون أنّ الله ربكم؟» قالوا: بلى، قال: «ألستم تشهدون أنّ الله ورسوله أولى بكم من أنفسكم ؟ و أن الله ورسوله مولاكم ؟» قالوا: بلى، قال: «من كنت مولاه فعليّ مولاه، إنّي قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا بعدي: كتاب الله بأيديكم وأهل بيتي».
وأورده الحافظ في المطالب العالية عن إسحاق من حديث علي (عليه السلام)، ثم قال: هذا إسناد صحيح.
وأخرج حديثَ علي ابنُ عساكر وابنُ المغازلي والجويني.
وأورده الهندي في مواضع من كنزه عن ابن راهويه وابن جرير وابن أبي عاصم و المحاملي في أماليه وصححه، والهيثمي في مجمعه عن أحمد وقال: رجاله ثقات، والمزّي في تهذيبه عن النسائي(2) .
____________
1 ـ الفصول المهمة / 42، تذكرة الخواص / 37، درر السمطين / 93.
2 ـ مشكل الاثار: 2 / 307، المطالب العالية: 4 / 65 ح: 3972 و 3973، كنز العمال: 13 / 131 و 140 و 168 ـ 169 ح: 36418 و 36441 و 36511، مجمع الزوائد: 9 / 107، السنة لابن أبي عاصم: 2 / 591 ـ 592 ح: 1361 و 1367 و 1370 من طرق، تهذيب الكمال: 14 / 374 م: 5063، فرائد السمطين: 1 / 67 ح: 33، تاريخ ابن عساكر: 42 / 212 ـ 214 و 215، المناقب لابن المغازلي / 21 ـ 22 ح: 29، الذرية الطاهرة / 168 ح: 228.
قال: فخرجت وكان في نفسي شيء، فلقيت زيد بن أرقم فقلت له: سمعتُ عليّاً (رضي الله عنه) يقول: كذا وكذا، قال: فما تنكر ؟ قد سمعتُ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول ذلك له.
قال الهيثمي: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير فطر بن خليفة وهو ثقة.
وعزاه الالباني في سلسلة الاحاديث الصحيحة إلى جماعة من المحدّثين، ثمّ قال: قلت: وإسناده صحيح على شرط البخاري(1) .
____________
1 ـ تاريخ دمشق: 42 / 205، مجمع الزوائد: 9 / 104، مسند أحمد: 4 / 370، الرياض النضرة: 3 / 127، سير أعلام النبلاء الخلفاء / 233، تذكرة الخواص / 35، البداية والنهاية: 7 / 383، جواهر المطالب: 1 / 84، البحر الزخار: 2 / 133 ح: 492، صحيح ابن حبان: 15 / 376 ح: 6931، السنن الكبرى للنسائي: 5 / 134 ح: 8478، كفاية الطالب / 50 ـ 51، الشريعة: 3 / 122 ح: 1545.
فقد أخرج ابن عساكر عن كلّ من زيد بن أرقم، وأبي الطفيل، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وزيد بن يثيع، وسعيد بن وهب بعدّة أسانيد، وعمير بن سعد، وعمرو ذي مر، وزياد بن أبي زياد، وعميرة بن سعد.
وأخرج أحمد بن حنبل عن زيد بن أرقم، وأبي الطفيل، وزاذان أبي عمر، وسعيد بن وهب، وزياد بن أبي زياد، وابن عمر.
وأخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وزيد بن يثيع، وسعيد بن وهب، وعبد خير، وأبي مريم، ورجل من جلساء علي، وأبي إسحاق، وفيه نظر، إلاّ أنه جاء في رواية ابن عقدة: أن أبا إسحاق قال: حدثني من لا أحصي، ثم ذكر المناشدة.
وأخرج ابن المغازلي عن زيد بن أرقم، وعميرة بن سعد، وعبد خير، وعمرو بن مرّة، وحبّة العرني.
وأخرج النسائي عن عميرة بن سعد، وسعيد بن وهب، وزيد بن يثيع، وأبي الطفيل.
وأخرج الدارقطني في العلل عن سعيد بن وهب، وزيد بن يثيع، وعبد خير، وعمرو ذي مرّ، وهبيرة بن يريم، وحبة العرني، والحارث الاعور.
وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم، وعمير بن سعد، وعمرو ذي مرّ، وأبي الطفيل، وعميرة بن سعد(1) .
____________
1 ـ وفي بعض الكتب: عميرة بنت سعد.
وأخرج البزّار عن عمرو ذي مرّ، وسعيد بن وهب، وزيد بن يثيع، وأبي الطفيل، وعبد الرحمن بن أبي ليلى.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن وهب، وزيد بن يثيع، وعبد الرحمن بن أبي ليلى.
وأخرج المزّي عن زيد بن أرقم وعميرة بن سعد وسعيد بن وهب وزيد بن يثيع.
وأخرج الخلعي عن سعيد بن وهب، وزيد بن يثيع.
وأخرج الجزري عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وسعيد بن وهب. وأخرج الجويني عن عمرو ذي مرّ وسعيد بن ذي حدان وعبد الرحمن بن أبي ليلى.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو يعلى وسعيد بن منصور والخطيب عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، والطحاوي عنه وعن أبي إسحاق عن...، وأبو القاسم وأبو بكر الشافعي عن زيد، والبلاذري عن أبي وائل شقيق بن سلمة، وابن عدي عن حبّة العرني، وأبو نعيم عن عميرة بن سعد، والحاكم عن زيد بن أرقم والموفّق بن أحمد عن سعيد بن وهب. قال ابن كثير: وقد رُوي هذا من طرق متعدّدة عن عليّ (رضي الله عنه)، وله طرق متعددة عن زيد بن أرقم.
وذكر العلامة الالباني حديث عليّ (عليه السلام) هذا، من تسع طرق في الاحاديث الصحيحة: عن عمرو بن سعيد، وزاذان بن عمر، وسعيد بن وهب، وزيد بن يثيع، وعمرو ذي مرّ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وأبي مريم، ورجل من
وفي بعض الروايات: فقام إثنا عشر بدريّاً، وفي بعضها: فقام ثلاثة عشر رجلا، وفي بعضها: ستة عشر رجلاً، فلا تنافي، لاحتمال تكرار المناشدة، أو أنّ كلّ قائل حكى حسب ما رأى.
وجاء في بعضها: فقام بضعة عشر رجلاً فشهدوا، وكتم قوم فما فنوا من الدنيا إلاّ عموا وبرصوا.
وفي رواية لزيد أنه قال: فكنت فيمن كتم، فذهب بصري، وكان عليّ دعا على من كتم(1) .
____________
1 ـ مجمع الزوائد: 9 / 104 ـ 108، 110، كنز العمال: 13 / 131 و 157 ـ 158 و 170 ـ 171 ح: 36517 و 36486 و 36487 و 36514 و 36515، تاريخ دمشق: 42 / 204 ـ 214، مختصر تاريخ دمشق: 17 / 352، جامع المسانيد والسنن: 19 / 29 و 30 و 20 / 116 ح: 628، البداية والنهاية: 7 / 383 ـ 385، مسند أحمد: 1 / 88 و 118 و 119 و 5 / 370، الرياض النضرة: 3 / 127 ـ 128، سير أعلام النبلاء الخلفاء / 234، تاريخ بغداد : 14 / 236 م: 7545، حلية الاولياء: 5 / 26 ـ 27، الكامل لابن عدي: 7 / 443 م: 1686، جواهر المطالب: 1 / 85، المعجم الكبير: 5 / 171 و 175 ح: 4985 و 4996، أنساب الاشراف: 2 / 386، تهذيب الكمال: 7 / 319 ـ 320 م: 2355 و14 / 425 م: 5111 و21 / 267 م: 8001، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي / 21 و 23 و 26 ح : 27 و 33 و 38، البحر الزخار للبزار: 2 / 235 ح: 632 و3 / 34 ـ 35 ح: 786، العلل للدارقطني: 3 / 224 ـ 226 س: 375، الخصائص للنسائي / 134 ـ 135 و 140 و 141 ح: 85، 86، 87، 88، فضائل الصحابة لاحمد: 2 / 598 ـ 599 و 682 و 705 ح: 1021 و 1022 و 1167 و 1206، السنن الكبرى للنسائي: 5 / 131 و 132 ح: 8470 و 8472 و 8473، السنة لابن أبي عاصم: 2 / 593 ح: 1372 و 1373 و 1374، مشكل الاثار: 2 / 308، مسند أبي يعلى: 1 / 428 ح: 568، المعجم الاوسط: 2 / 385 و 386 ح: 2130 و 2131 و 3 / 36 ح: 2275 و7 / 106 ح: 6882 هذا كله في طبعة القاهرة، المصنف لابن أبي شيبة: 6 / 371 ح: 32082، فرائد السمطين: 1 / 68 ـ 69 ح: 34 و 36، المناقب للخوارزمي / 156 ـ 157 ح: 185، ينابيع المودة / 33، مناقب الاسد الغالب / 31، موارد الظمآن: 7 / 138 ح: 2205، سلسلة الاحاديث الصححة: 4 / 331 و 333 و 337 و 340 و 343 وعن المختارة للضياء المقدسي (456) و (527) بتحقيق الالباني، وعن أمالي أبي القاسم (ق 20 / 2).
قال الالباني: حديث بريدة، وله عنه ثلاث طرق:
الاولى: عن ابن عبّاس، أخرجه النسائي والحاكم وأحمد. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وتصحيح الحاكم على شرط مسلم وحده قصور.
الثانية: عن ابن بريدة عن أبيه، أخرجه النسائي وأحمد. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين أو مسلم، فانّ ابن بريدة إن كان عبد الله فهو من رجالهما، وإن كان سليمان فهو من رجال مسلم وحده.
الثالثة: عن طاووس عن بريدة به دون قوله: «اللهمّ...»، أخرجه الطبراني في الصغير والاوسط من طريقين عن عبد الرزّاق باسنادين له عن
وأخرجه عن ابن عباس أحمد بن حنبل والنسائي والحاكم والبزار والخطيب وابن عساكر وابن أبي عاصم والبلاذري والموفق بن أحمد، وصحّحه كلّ من الحاكم والذهبي والالباني(2) .
____________
1 ـ مختصر تاريخ دمشق: 17 / 348، الرياض النضرة: 3 / 128، جامع المسانيد والسنن: 30 / 237 ـ 238 ح: 460، السنن الكبرى للنسائي: 5 / 130 ح: 8466، 8467 و المطالب العالية: 4 / 59 ـ 60 ح: 3906 وجاء في هامشه: قال البوصيري: رواه ابن أبي شيبة والبزار والنسائي في الكبرى بسند صحيح، مجمع الزوائد: 9 / 108 و 111 وقال: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح، الكامل لابن عدي: 3 / 234 م: 490، المصنف لعبد الرزاق: 11 / 225 ح: 20388، المعجم الصغير: 1 / 71، المعجم الاوسط: 1 / 229 ح: 348، المصنف لابن أبي شيبة: 6 / 376 ـ 377 ح: 32123، موارد الظمآن: 7 / 136 ح: 2204 وجاء في هامشه: إسناده صحيح وابن بريدة هو عبد الله، فضائل الصحابة لاحمد: 2 / 563 و 592 ـ 593 ح: 947 و 1007، الخصائص للنسائي / 132 ح: 82، معرفة الصحابة لابي نعيم: 1 / 431 ح: 1255، كنز العمال: 11 / 609 ح: 32949 و13 / 134 ح: 36422، تاريخ دمشق: 42 / 187 ـ 195، حلية الاولياء: 4 / 23، السنة لابن أبي عاصم: 2 / 590 ح: 1354، صحيح ابن حبان: 15 / 375 ح: 6930، سلسلة الاحاديث الصحيحة: 4 / 336 ـ 337، ينابيع المودة / 33، المستدرك: 3 / 110، مسند أحمد: 5 / 347 و 350، المناقب لابن المغازلي / 21 و 24 ـ 25 ح: 28 و 35 و 36.
2 ـ فضائل الصحابة لاحمد: 2 / 682 ـ 684 ح: 1168، البداية والنهاية: 7 / 373 ـ 374، تاريخ بغداد: 12 / 344 م: 6785، المستدرك: 3 / 132 ـ 134، أنساب الاشراف: 2 / 355، 357، تاريخ دمشق: 42 / 229، مسند أحمد: 1 / 330 ـ 331، السنة لابن أبي عاصم: 2 / 589 ح: 1351، مجمع الزوائد: 9 / 108.
وذكر الالباني حديث سعد بن أبي وقّاص في الاحاديث الصحيحة، وقال : له عنه ثلاث طرق:
الاولى: عن عبد الرحمن بن سابط، أخرجه ابن ماجة. ثم قال: قلت: وإسناده صحيح.
الثانية: عن عبد الواحد بن أيمن عن أبيه به، وإسناده صحيح أيضا، رجاله ثقات رجال البخاري غير أيمن والد عبد الواحد، وهو ثقة كما في ( التقريب).
الثالثة: عن خيثمة بن عبد الرحمن عنه به(1) .
وأخرجه عن حبشي بن جنادة الطبراني وابن أبي عاصم وابن عساكر
____________
1 ـ مختصر تاريخ دمشق: 17 / 355، السنن الكبرى للنسائي: 5 / 131 و 134 ـ 135 ح: 8468 و 8479 و 8480 و 8481، سلسلة الاحاديث الصحيحة: 4 / 335، الخصائص العلوية / 133 ح: 83، المصنف لابن أبي شيبة: 6 / 369 ح: 32069، سنن ابن ماجه: 1/45 ح: 121، سير أعلام النبلاء / 230، مجمع الزوائد: 9 / 107، السنة لابن أبي عاصم 2/551 ـ 552 و 591 و 593 ح: 1189 و 1359 و 1376، البحر الزخار للبزار: 4 / 41 ح: 1203، فرائد السمطين: 1 / 70 ح: 37، كفاية الطالب / 55، المناقب لمحمد بن سليمان: 1 / 444 و 454 ح: 344 و 355.
وأخرجه ابن عساكر عن عمر بن الخطاب وأنس بن مالك وابن عمر ومالك بن الحويرث ونبيط بن شريط وجرير بن عبد الله البجلي وسمرة بن جندب وطلحة بن عبد الله وعبد الله بن مسعود.
وأخرجه الطبراني عن عمّار بن ياسر ومالك بن الحويرث وعبد الله بن مسعود وجرير بن عبد الله وابن عمر وزيد بن ثابت وعمرو بن ميمون.
وأخرجه الموفق بن أحمد عن الاصبغ بن نباتة وأبي ليلى وعمرو بن العاص.
وأخرجه الاجري عن علي (عليه السلام) وزيد بن أرقم وأبي أيّوب وجابر بن عبد الله ومالك بن الحويرث وأبي بسطام مولى أسامة.
وأخرجه ابن عقدة عن عمّار بن ياسر وأبي ليلى بن ضمرة وحذيفة بن أسيد وأم سلمة.
وأخرجه ابن المغازلي عن عمر وابن مسعود وابن أبي أوفى.
وأخرجه ابن أبي شيبة عن جابر بن سمرة، والخطيبُ عن أسعد بن زرارة وأنس بن مالك، وابنُ أبي عاصم عن ابن عمر، والقطيعي عن أبي ليلى
____________
1 ـ تاريخ دمشق: 42 / 230، المعجم الكبير: 4 / 16 ح: 3514، مجمع الزوائد: 9 / 106 وقال: رواه الطبراني ورجاله وثقوا، كنز العمال: 11 / 609 ح: 32946، الكامل لابن عدي : 4 / 240 م: 735، السنة لابن أبي عاصم: 2 / 591 ح: 1360، المناقب لابن سليمان: 1 / 444 و 454 ح: 344 و 355، معجم الصحابة: 1 / 199 م: 225.
ولفظ أبي نعيم في معرفة الصحابة عن أبي ذؤيب الهذلي بهذه الصورة: قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم غدير خمّ وقد نصب عليَّ بن أبي طالب للناس وهو يقول: «من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهمّ وال من والاه وعادِ من عاداه»(1) .
قال الصالحي الشامي في سيرته: روى الامام أحمد والحاكم عن ابن عباس، وابنُ أبي شيبة والامام أحمد عن ابن عباس عن بريدة، والامام أحمد
____________
1 ـ تهذيب الكمال: 21 / 205 م: 7939، تاريخ دمشق: 42 / 223 و 230 و 231 و 235 ـ 236، مناقب الاسد الغالب / 14، مجمع الزوائد: 7 / 17 و9 / 106 ـ 108 و قال: رواه الطبراني عن مالك بن الحويرث ورجاله وثقوا، العقد الفريد الخلفاء: 4 / 291، تاريخ بغداد: 7 / 377 م: 3905، معرفة الصحابة: 5 / 2885 ح: 6779 و6 / 3155 ح: 7263، فضائل الصحابة لاحمد: 2 / 613 ح: 1048، حلية الاولياء: 5 / 364، مختصر تاريخ دمشق: 17 / 358، المعجم الكبير: 3 / 179 ح: 3049 و 5 / 166 ح: 4970، كنز العمال : 11 / 609 ـ 610 ح: 32948 و 32950 و 32951 و 13 / 104، 136 و 138 ح: 36341 و 36430 و 36437، السنة لابن أبي عاصم: 2 / 590 ح: 1357، المناقب للخوارزمي / 61 و 199 و 205، فرائد السمطين: 1 / 66 ح: 32، مناقب علي لابن المغازلي / 22 ـ 24 ح: 31 و 32 و 34، المعجم الاوسط: 7 / 129 ـ 130 ح: 6228، ينابيع المودة / 31 و 37 و 38 ـ 39 و 40، الشريعة: 3 / 214 ـ 217 ح: 1571 ـ 579، الجمع والتفريق للخطيب: 1 / 183 م: 186، شواهد التنزيل: 2 / 295 ـ 297 ح: 1040 و 1041.
أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دعا لعليّ، فقال: «من كنت مولاه» وفي لفظ: «اللهمّ
قال ابن كثير الشامي: وقد روي هذا الحديث عن سعد وطلحة بن عبد الله وجابر بن عبد الله ـ وله طرق عنه ـ وأبي سعيد الخدري وحبشي بن جنادة وجرير بن عبد الله وعمر بن الخطاب وأبي هريرة، وله عنه طرق(2) .
قال الطحاوي: فهذا الحديث صحيح الاسناد، لاطعن لاحد في رواته فيه أنّ ذلك القول كان من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعليّ بغدير خمّ من حجّه إلى المدينة، لا في خروجه لحجّه من المدينة(3) .
قال القندوزي: وفي المناقب أخرج محمد بن جرير الطبري صاحب التاريخ خبر غدير خمّ من خمسة وسبعين طريقاً، وأفرد له كتابا سماه كتاب
____________
1 ـ سبل الهدى والرشاد: 11 / 294.
2 ـ البداية والنهاية: 7 / 386.
3 ـ مشكل الاثار: 2 / 308.
وقال: حكى العلاّمة علي بن موسى عن علي بن محمد أبي المعالي الجويني الملقّب بإمام الحرمين أستاذ أبي حامد الغزالي رحمهما الله يتعجّب ويقول: رأيت مجلّداً في بغداد في يد صحاف فيه روايات خبر غدير خمّ مكتوباً عليه المجلّدة الثامنة والعشرون من طريق قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «من كنت مولاه فعليّ مولاه »، ويتلوه المجلدة التاسعة والعشرون(1) .
قال العلامة الالباني: وللحديث طرق كثيرة جمع طائفةً كبيرةً منها الهيثمي في المجمع (9 / 103 ـ 108)، وقد ذكرتُ وخرَّجتُ ما تيسّر ليّ منها مما يقطع الواقف عليها ـ بعد تحقيق الكلام على أسانيدها ـ بصحّة الحديث يقيناً، وإلاّ فهي كثيرة جداً، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد، قال الحافظ ابن حجر: منها صحاح و منها حسان.
وجملة القول ; أنّ حديث الترجمة حديث صحيح بشطريه، بل الاوّل منه متواتر عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كما يظهر لمن تتبّع أسانيده وطرقه، وما ذكرتُ منها كفاية.
ثم قال: إذا عرفت هذا فقد كان الدافع لتحرير الكلام على الحديث وبيان صحّته أنني رأيت شيخ الاسلام ابن تيمية قد ضعّف الشطر الاوّل من الحديث، وأمّا الشطر الاخر فزعم أنّه كذب، وهذا من مبالغاته الناتجة ـ في تقديري ـ من تسرعه في تضعيف الاحاديث قبل أن يجمع طرقها ويدقق النظر
____________
1 ـ ينابيع المودة / 36.
انتهى كلامه، وقد أجاد في تحقيقه وأحسن في تدقيقه، والحمد لله الذي خلق في الامة الاسلامية رجالاً من أهل الفهم والانصاف، يستطيعون أن يكشفوا خبايا الذين يموّهون على الناس دينهم ـ أمثال ابن تيمية ـ من الذين ليس لهم هدف حقيقيّ لاظهار الحقّ، بل كان همّهم هو الدفاع عن أراء معينة لبعض البشر من أمثالهم، والمبادرة إلى طرح ما خالفها من دون تحقيق.
قال الذهبي ـ بعد أن رواه من حديث جابر ـ هذا حديث حسن عال جداً، ومتنه فمتواتر(2) .
وحَكى ابن كثير عن الذهبي في تاريخه أنه قال: وصدر الحديث متواتر، أتيقن أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قاله، وأما «اللهم وال من والاه» فزيادة قويّة الاسناد...(3) .
وقال شمس الدين الجزري: هذا حديث حسن صحيح من وجوه كثيرة، تواتر عن أمير المؤمنين عليّ، وهو يتواتر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، رواه الجمّ الغفير عن الجم الغفير، ولا عبرة بمن حاول تضعيفه ممن لا اطّلاع له في هذا العلم. وأقرّه على دعوى التواتر المحقق الطنطاوي في هامش كتابه.
____________
1 ـ سلسلة الاحاديث الصحيحة: 4 / 343 ـ 344 ومراده من الشطر الاول قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «من كنت مولاه فعلي مولاه»، والشطر الثاني: «اللهم وال من والاه و عاد من عاداه».
2 ـ سير أعلام النبلاء: 8 / 335 م: 86 في ترجمة المطلب بن زياد.
3 ـ البداية والنهاية: 5 / 233.
قال ابن المغازلي: قال أبو القاسم الفضل بن محمّد: هذا حديث صحيح عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد روى حديث غدير خمّ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نحو من مائة نفس، منهم العشرة، وهو حديث ثابت لا أعرف له علّة، تفرّد علي (عليه السلام)بهذه الفضيلة، ليس يشركه فيها أحد(2) .
ولم يتيسّر لي الحصول على أحاديث هؤلاء كلّها ولا العثور على أسماءهم جميعهم، فما وقفنا عليه في هذه العجالة حوالي سبعين شخصاً من الصحابة، فإليك أسماؤهم:
1 ـ علي بن أبي طالب.
2 ـ والحسين بن علي (عليهما السلام).
3 ـ وأبو بكر بن أبي قحافة.
4 ـ وعمر بن الخطاب.
5 ـ وعبد الرحمن بن عوف.
6 ـ وطلحة بن عبد الله.
7 ـ والزبير بن العوام.
____________
1 ـ مناقب الاسد الغالب / 12، مقتل الحسين / 81 ـ 82.
2 ـ مناقب علي بن أبي طالب / 27 (39).
9 ـ وعبد الله بن عبّاس.
10 ـ وبريدة الاسلمي.
11 ـ وجابر بن عبد الله.
12 ـ وعبد الله بن مسعود.
13 ـ وزيد بن أرقم.
14 ـ وزيد بن ثابت.
15 ـ وعمّار بن ياسر.
16 ـ وسلمان الفارسي.
17 ـ وأبو ذر الغفاري.
18 ـ وحذيفة بن أسيد.
19 ـ وحذيفة بن اليمان.
20 ـ وأبو أيوب الانصاري.
21 ـ وعامر بن ليلى بن ضمرة.
22 ـ وحبّة بن جوين البجلي.
23 ـ وعبد الله بن ياميل.
24 ـ والبراء بن عازب.
25 ـ وأبو هريرة.
26 ـ وأنس بن مالك.
27 ـ وقيس بن ثابت.
28 ـ وحبيب بن بديل بن ورقاء.
30 ـ وعبد الرحمن بن مدلج.
31 ـ وأبو زينب الانصاري.
32 ـ وأبو سعيد الخدري.
33 ـ و أبو قدامة الانصاري.
34 ـ وعبد الرحمن بن عبد ربه.
35 ـ وناجية بن عمر الخزاعي.
36 ـ وخزيمة بن ثابت.
37 ـ وسهل بن سعد.
38 ـ وعدي بن حاتم.
39 ـ وعقبة بن عامر.
40 ـ وأبو شريح الخزاعي.
41 ـ وأبو يعلى الانصاري.
42 ـ وأبو الهيثم بن التيهان.
43 ـ وقيس بن سعد بن عبادة.
44 ـ وجابر بن عبد الله.
45 ـ وجابر بن سمرة.
46 ـ ومالك بن الحويرث.
47 ـ وعمرو بن العاص.
48 ـ وسعد بن أبي وقاص.
49 ـ وجرير بن عبد الله البجلي.
51 ـ وحبشي بن جنادة.
52 ـ وعمران بن حصين.
53 ـ وعبد الله بن عمر.
54 ـ وأسعد بن زرارة.
55 ـ وسهل بن حنيف.
56 ـ و نبيط بن شريط.
57 ـ وأبو ذؤيب الهذلي.
58 ـ وأبو ليلى الكندي.
59 ـ وأبو ليلى الانصاري.
60 ـ وعمارة.
61 ـ وأصبغ بن نباتة.
62 ـ وأبو رافع.
63 ـ وعبد الرحمن بن يعمر الدؤلي.
64 ـ وعمرو بن الحمق.
65 ـ وعمر بن شرحبيل.
66 ـ وعبد الله بن ربيعة.
67 ـ وعبد الله بن أبي أوفى.
68 ـ وعمرو بن مرة.
69 ـ وجندع.
70 ـ وأمّ سلمة.
فبعد ما تقدم نقول لاخواننا المخلصين من أهل السنّة: إنّكم تلاحظون كيف وصل الحديث إلى درجة من الصحّة ممّا تواتر عن نحو مائة شخص من الصحابة، كما حكاه بعض الشافعيّة، وإذا كان الحديث بهذه الدرجة من الصحّة فلماذا لم يخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما ؟! وكيف تعتمدون أنتم على من كانت أمانته في العلم بهذه المثابة ؟ وكيف تكتفون بآثار هؤلاء في دينكم ؟
وقد تبرّع مسلم فأخرج صدر الحديث في صحيحه ـ كما يأتي في حديث الثقلين ـ وترك منه ما يتعلق بولاية عليّ (عليه السلام)، وأمّا البخاري فطرحه رأساً لم يخرجه لا هذا ولا ذاك، حتى أنّه لم يخرجه في تاريخه إلاّ بسند معلول ; فإنه أخرج عن عبيد عن يونس عن إسماعيل عن جميل بن عامر أنّ سالماً حدّثه سمع مَنْ سمع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول يوم غدير خمّ: «من كنت مولاه فعليّ مولاه » .(2)
فأنت تلاحظ كيف اختار البخاري من بين تلك الطرق الكثيرة الصحاح والحسان ـ كما قاله الحافظ ابن حجر ـ ذلك الطريق السقيم كي يقول في آخره:
____________
1 ـ فمن لم يقف القارئ على اسمه من الصحابة فيما ذكر يستطيع أن يجده في: مناقب الاسد الغالب للجزري / 21، ومقتل الحسين لموفق بن أحمد / 81 ـ 82، و ينابيع المودة / 34 ـ 38.
2 ـ التاريخ الكبير: 1 / 375 م: 1191.
حكى الجويني عن الواحدي أنه قال ـ بعد روايته حديث «من كنت مولاه فعلي مولاه» ـ: هذه الولاية التي أثبتها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي مسؤول عنها يوم القيامة(1) .
ثم إن المسلمين قد أجمعوا على عدم صحة حمل الولاية في الحديث إلاّ على أحد المعاني الثلاثة:
1 ـ الولاية بمعنى النصرة والاعانة.
2 ـ الولاية بمعنى المحبة والصداقة.
3 ـ الولاية بمعنى ولاية الامر والرئاسة.
فاختار ابن حجر الهيتمي المعنى الاول قائلاً: لا نسلّم أن معنى الوليّ ما ذكروه، بل معناه الناصر، لانه مشترك بين معان: كالمعتق والعتيق والمتصرف في الامر والناصر والمحبوب، وهو حقيقة في كل منها، وتعيين بعض المعان المشترك من غير دليل يقتضيه تحكمٌ لا يعتد به، وتعميمه في مفاهيمه كلها لا يسوغ...(2) .
فيكون المعنى حسب اختياره: من كنت ناصره فعلي ناصره، فكأن الصحابة لم يشاهدوا بأعينهم نصرة علي (عليه السلام) لهم ولدينهم في يوم بدر ويوم
____________
1 ـ فرائد السمطين: 1 / 78 ح: 46، وراجع في ذلك: شواهد التنزيل: 2 / 106 ـ 108 ح: 785 ـ 790.
2 ـ الصواعق المحرقة / 43.
ولقائل أن يقول لابن حجر: إنّ بعض الذين تعدّهم من أنصار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ أمثال طلحة والزبير وعائشة ومعاوية ـ لم يكونوا منصورين من قبل علي بل كانوا من أعدائه !!
والحاصل أن تأويل الهيتمي ليس بشيء، لا يذهب إليه جاهل فضلاً عن عالم، مع ورود إشكاله عليه، لا على القائلين بالمعنى الثالث.
واختار غيره من أهل السنة المعنى الثاني ; فيكون مفاد الحديث عليه: من كنت محبوبه فعليٌّ محبوبه.
وهذا الاحتمال أيضاً تافه لا يلتجئ إليه أحد إلاّ تعنّتاً ومعاندةً، وإلاّ فكيف يحملون اللفظ المشترك على معنى من معانيه من دون دليل يقتضيه ؟! بل إنّ القرائن الحالية والمقالية تجهر بخلاف ذلك، وتدلّ على ما ندعيه، وهي عبارة عن:
1 ـ نعي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى نفسه بقوله في صدر الحديث: «كأنّي قد دعيت» أو «يوشك أن أدعى فأجيب»، المقتضي لتعيين الوصي والخليفة من بعده.
2 ـ ما نزل من القرآن في أمره بالتبليغ، وتهديده على الترك خوفاً من لومة اللائمين، ولا يخاف النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) من أن يخبرهم بمحبوبيّة عليّ (عليه السلام).
3 ـ ما نزل منه في الاخبار بإكمال الدين بعد نصبه (صلى الله عليه وآله وسلم) عليّاً وليّاً للمسلمين، ولا تلازم بين محبوبية علي وإكمال الدين.
4 ـ حالة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عند إعلان تلك الولاية وأمره بإرجاع من تقدّم
5 ـ تقييد الولاية بأنّها تكون بعده، كما جاء في بعض روايات حديث الغدير والحديث المتقدّم عن عمران بن الحصين وغيره، ولا يخفى أنّ كلام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يصير لغواً لو حُمل على ما حَمَلوا عليه.
6 ـ قول عمر: بخ بخ لك يا ابن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن، الدالّ على ولاية جديدة لا المحبوبيّة، وإلا فإنّ جميع الصحابة كانوا عالمين بتلك الفضيلة لعليّ (عليه السلام)وأعلنها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم خيبر، كما جاء في الحديث المستفيض، بل لا يبعد دعوى تواتره.
فقد قال ابن كثير: وقد ثبت في الصحاح وغيرها أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال يوم خيبر: «لاعْطِيَنَّ الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله، ليس بفرّار، يفتح الله على يديه»، فبات الناس يدكون أيّهم يعطاها، حتى قال عمر : ما أحببت الامارة إلاّ يومئذ، فلمّا أصبح أعطاها عليّاً، ففتح الله على يديه(1) .
ثم شرع ابن كثير في ذكر روايات بعض الصحابة الذين رووا هذا الحديث فراجع.
ولا يخفي أنّ البخاري ومسلم لو فهما من الحديث كما فهمه هؤلاء المتأوّلون لما طرحاه، فإنّهما فهما من الحديث ما يصادم مذهبهم، ولذا تركاه
____________
1 ـ البداية والنهاية: 7 / 372 ـ 377، صحيح البخاري: 3 / 21 ـ 22 و 137 ح: 3701، 3702 و 4209 و 4210، صحيح مسلم: 15 / 184 ـ 187 ح: 2405 ـ 2407. قوله: يدكون، أي: يخوضون ويتحدثون في ذلك.
ففيه: أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كان في بيان نصب من اختاره الله للامامة بعده مباشرةً وأمره بإعلان إمامته، لا في بيان الاخبار عن المستقبل.
وأما دعوى انعقاد الاجماع على إمامتهم، فهي دعوى يخادعون بها أنفسهم، لانّه كيف ينعقد الاجماع إذا خالف المجمعين كبراؤهم:
فإنّ سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) ماتت من دون أن تقبل خلافة الشيخين، بل ماتت وهي واجدة عليهما كما تقدّم.
ولم يبايعهم أمير المؤمنين ومولى المتّقين (عليه السلام) إلاّ بعد ستّة أشهر وهو مُكْرَه عليها، كما مرّ.
ولا خلاف في أنّ زعيم الانصار سعد بن عبادة لم يبايعهم حتى قتل [ بسهم الجني الذي أرسله عمر بن الخطاب ](1) .
اللّهمّ إلاّ أن يقال: إنّ مقصودهم بالاجماع هنا غير الاجماع في علم الاصول.
هذا وقد اعترف بعض المنصفين من الجمهور أنّ المراد بالمولى في الحديث هو المعنى الاخير، فهذا سبط ابن الجوزي يقول في تذكرته: والمراد من الحديث الطاعة المحضة المخصوصة، فتعيّن الوجه العاشر، وهو الاولى،
____________
1 ـ العقد الفريد: 5 / 14.
فعلم أنّ جميع المعاني راجعة إلى الوجه العاشر، ودلّ عليه أيضاً قوله (عليه السلام) : «ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم»، وهذا نص صريح في إثبات إمامته و قبول طاعته(1) .
____________
1 ـ تذكرة الخواص / 38 ـ 39.