الصفحة 124
رواية الإسلام كيف يفتي بأحكام دينية على الظنّ ينسبها الى الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم وهو لايعلمُ حتّى من أخبره بها.

قصّة أخرى لأبي هريرة يتناقضُ فيها مع نفسه روى عبدالله بن محمد حدثنا هشام بن يوسف أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي مسلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلّى الله عليه واله وسلّم لا عدوى ولا صفر ولا هامة، فقال إعرابيّ يارسول الله فما بالُ الإبلِ تكونُ في الرّمْلِ كأنها الضّباء فيخالطها البعير الأجربُ فيُجربها فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فمنْ أعدى الأوّلَ.

وعن أبي سلمة سمع أبا هريرة بعدُ يقولُ قال النبي صلى الله عليه وآله وسلّم لايورِدنّ ممرضُّ على مُصِحّ، وأنكر أبو هريرة حديثه الأوّل قلنا: ألم تحدّثْ إنه لا عدْوَى فَرطَنَ بالحبشيِّة قال أبو سلمة فمار رأيته نسي حديثاً غيره …(1) .

فهذه أيها القاريء اللبيب سنّة الرسول، أو قلما يُنسبُ للرسول فمرة يقول أبو هريرة إنه لا علم له بحديثه الأول وإنّما أخبره مُخْبرٌ ومرّة أخرى عندما يجابهوه بتناقضه لا يجيبهم بشيء وإنّما يَرطنُ بالحبشية حتّى لا يفهمه أحد.

خلاف عائشة وإبن عمر روى إبن جريج قال سمعتُ عطاء يُخبرُ قال أخبرني عروةٌ بن الزبير قال كنتُ أنا وإبن عُمرَ مستندين الى حجرة عائشة وإنا لنمع ضربها بالسوّاك تستنّ قال فقلت يا أبا عبدالرحمن إعتمر النبي صلّى الله عليه وآله وسلم في رجب قال نعم، فقلتُ لعائشة أي أمّتاه الأ تسمعين مايقولُ أبو عبدالرحمن قالتْ وما يقولُ ؟ قلت يقول إعتمر النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم في رجب، فقالت: «يغفر الله لأبي عبدالرحمن لعمري ما إعتمر في رجب وما إعتمر من عمرة إلا وإنه

____________

(1) صحيح البخاري 7 /31 (باب لا هامة).

صحيح مسلم 7 /32 (باب لاعدوى ولا طيرة).


الصفحة 125
لَمَعهُ» قال وإبن عمر يَسْمَعُ فما قال لا ولا نعمْ سكتَ(1)

2 ـ إختلاف المذاهب في السنّة النبوية

فإذا كان عمر وأبو بكر يختلفان في سنّة النبي(2) صلى الله عليه وآله وسلم وإذا كان أبو بكر يخْتلف مع فاطمة في السنّة النبوية(3) وإذا كان أزواج النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يختلفن في سنّة النبي(4) صلى الله عليه وآله وسلم، وإذا كان أبو هريرة يتناقض ويختلف مع عائشة في السنة النبوية(5) إذا كان أبو عمر يختلف مع عائشة في سنة النبي(6) وإذا كان عبدالله بن عباس وإبن الزبير يختلفان في السنّة النبوية(7) وإذا كان علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان يختلفان في السنة النبوية(8) وإذا كان الصحابة يختلفون في فيما بينهم في السنة النبوية(9) حتى كان للتابعين من بعدهم أكثر من سبعين مذهبا فكان إبن مسعود صاحب مذهب وكذلك إبن عمر ـ وإبن عباس ـ وإبن الزبير ـ وإبن عيينة ـ وإبن جريج والحسن البصري وسفيان الثوري، ومالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهم كثير، ولكن المتغيرات السياسية قضت على الجميع ولم تبقى إلا المذاهب الأربعة المعروفة عند أهل السنة والجماعة.

____________

(1) صحيح مسلم 3 /61 صحيح البخاري 5 /86.

(2)إشارة الى إختلافهما في محاربة مانعي الزكاة وقد أشرنا الى المصادر فأرجع اليها.

(3) إشارة الى قصّة فدك وحديث نحن معشر الأنبياء لا نورث، أشرنا الى المصادر.

(4) اشارة الى قصّة رضاعة الكبير التي روتها عائشة وخالف عنها ازواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

(5) إشارة الى رواية يصبح النبي جنبا ويصوم والذي كذبته عائشة.

(6) اشارة الى رواية اعتمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم اربعا إحداهن في رجب وكذبته عائشة.

(7)إشاراة الى اختلافهما في حلّية المتعة وتحريمها [ إنظر البخاري 6 /129 ]

(8)اشارة إلى اختلافهما في متعة الحج «إنظر البخاري 2 /153».

(9)في البسملة وفي الوضوء وفي صلاة المسافر وفي الكثير من المسائل الفقهية التي لايمكن حصرها.


الصفحة 126
ورغم قلّة عدد المذاهب إلا إنهم يختلفون في أغلب المسائل الفقهية وذلك من أجل اختلافهم في السنّة النبوّية فقد يبني أحدهم حكمه في مسألةٍ طبق ما صحّحه من حديث الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم بينما يجتهد غيره برأيه أو يقيس على مسألةٍ أخرى لفقدان النص والحديث.

3 ـاختلاف السنّة والشيعة في السنّة النبوية

أمّا إختلاف السنة والشيعة في هذه المسألة فقد يكون لسببين رئيّسين. أحدهما عدم صحة الحديث عند الشيعة إذا كان أحد الرّواة من المطعون في عدالته ولو كان من الصحّابة. إذ إن الشيعة لا يقولون بعدالة الصحابة أجمعين كما هو الحال عند أهل السنة والجماعة.

أضف الى ذلك إنهم يرفضون الحديث أذا تعارض مع رواية الأئمة من أهل البيت، فهم يقدّمون رواية هؤلاء على غيرهم مهما عَلتْ مرتبتهم ـ ولهم في ذلك أدلّة من القرآن والسنة ثابتة حتى عند خصومهم، وقد سبق الإشارة الى بعضها.

أمّا السبب الثاني في الإختلاف بينهما فهو ناتجٌ عن مفهوم الحديث نفسه إذ قد يفسّره أهل السنة والجماعة على غير تفسير الشيعة ـ كالحديث الذي سبق أن أشرنا إليه وهو قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم:

«إختلاف إمتي رحمة».

إذ يفسره أهل السنة والجماعة بأن في إختلاف المذاهب الأربعة في الأمور الفقهية رحمة للمسلمين.

بينما يفسره الشيعة بالسفر الى بعضهم البعض والإعتناء بأخذ العلم ونحوه من الفوائد.

أو قد يكون الإختلاف بين أهل الشيعة وأهل السنة، ليس في مفهوم الحديث النّبوي، وإنّما في الشخص أو الأشخاص المعنيين بهذا الحديث وذلك كقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

«عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الرّاشدين من بعدي».


الصفحة 127
فأهل السنّة يعنون به الخلفاء الأربعة، أما الشيعة فيعنون به الأئمة الإثني عشر إبتداء من علي بن أبي طالب وإنتهاء بالمهدي محمد بن الحسن العسكري (عليه السلام). أو كقوله صلى الله عليه وآله وسلم:

«الخلفاء من بعدي إثنى عشر كلهم من قريش».

فالشيعة يعنون به الأئمة الإثني عشر من أهل البيت (عليهم السلام) بينما لا يحد أهل السنة والجماعة تفسيراً شافياً لهذا الحديث وقد إختلفوا حتى في الأحداث التاريخيه التي تتعلّقُ بالنبي صلّى الله عليه وآله وسلم كما هو الحال في يوم مولده الشريف إذ يحتفل أهل السنة بالمولد النبوي الشريف يوم الثاني عشر من ربيع الأول في حين يحتفل الشيعة في السابع عشر من نفس الشهر.

ولعمري أن هذا الإختلاف في السنة النَبوّية أمر طبيعي لا ُمفّر منه إذا لم يكن هناك مرجعٌ يرجعُ اليه الجميع ويكون حكمه نافذاً، ورأيه مقبولاً لدى الجميع كما كان الرسول صلّى الله عليه واله وسلّم، حيث كان يقطع دابر الإختلاف ويحسمُ النزاع ويحكم بما أراه الله فيسلّمون ولو كان في أنفسهم حرج، وإن جود مثل هذا الشخص ضروريّ في حياة الأمّة وعلى طول مداها ! هكذا يحكم العقل ولا يمكن أن يغفل رسول الله صلّى الله عليه والله وسلم عن ذلك فهو يعلم بأن أمته ستتأول كلام الله من بعده، فكان لزاماً عليه أن يُحضرّ لها معلّماً قادراً ليقودها إلى الجادّة إذا ما حاولتْ الإنحراف عن الصراط المستقيم، وقد هيّأ بالفعل لأمّته قائداً عظيماً بذل كل جهوده في تربيته وتعليمه منذ وُلدَ الى أنْ بلغ الكمال وصار منه بمنزلة هارون من موسى، فأوكل اليه هذه المهمّة النّبيلة بقوله:

«أنا أقاتلُهم على تنزيل القرآن وأنتَ تقاتلهم على تأويله»(1) .

____________

(1) الخوارزمي في المناقب ص 44. ينابيع المودّة ص 233.

الإصابة لإبن حجر العسقلاني 1 /25 كفاية الطالب 334

منتخب كنز العمال 5 /36 إحقاق الحق 6 /37.


الصفحة 128
وقوله: «أنت ياعلي تبينّ لأمّتي ما إختلفوا فيه من بعدي»(1) .

فإذا كان القرآن وهو كتاب الله العزيز يتطلّب من يقاتل في سبيل تفسيره وتوضيحه، لأنه كتاب صامتٌ لا ينطق، وهو حمّال أوجهٍ متعدّدة وفيه الظاهر والباطن فكيف بالأحاديث النّبوية ؟!

وإذا كان الأمر كذلك في الكتاب والسنّة، فلا يمكنُ للرّسول صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يترك لأمّته ثقلين صامتين أبْكمين لا يتورّع الذين في قلوبهم زيغٌ أن يتأوّلوهما لغرض ويتّبعوا ما تشابه منهما إبتغاء الفتنة وإبتغاء الدينا ويكون سبباً لضلالة من يأتي بعدهم، لأنهم أحسنوا الظن بهم وإعتقدوا بعد التهم ويوم القيامة يندمون فيصدق فيهم قوله تعالى: يومَ تُقلَّبُ وجوههم في النّار يقولون ياليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا، وقالوا ربّنا إنّا أطعنا سَادتنا وكُبرآءنَا فأضلّونَا السبيلا، ربّنا أءتهم ضعفين من العذاب وألعنهم لعناً كبيراً (2) كلّما دخلتْ أمّة لعنتْ أختها حتّى إذا إدّاركوا فيها جميعاً قالتْ آخراهم لأوُلاهم، ربّنا هؤلاءِ أضلّونا فآتهم عذاباً ضعفاً من النّار، قالَ لكلّ ضعفٌ ولكن لا تعلمون (3) .

وهلْ كانت الضّلالة الا من ذلك ؟ فليس هناك أمّة لم يبعث الله فيهم رسولاً أو ضح لهم السبيل وأنار لهم الطريق ولكنّهم بعد نبيّهم راحوا يحرّفون ويتأولون ويبدّلون كلام الله ! فهل يتصوّر عاقل أن رسول الله عيسى (عليه السلام) قال للنّصارى بأنّه إله ؟ حاشا وكلا «ماقلتُ لهم إلا ما أمرتني به» ولكن الأهواء والأطماع وحب الدنيا هو الذي جرّ النصارى لذلك ألم يبشرهم.

____________

(1) مستدرك الحاكم 3 /122 تاريخ دمشق لإبن عساكر 2 /488.

المناقب للخوارزمي ص 236 كنوز الحقائق للمناوي ص 203

منتخب كنز العمال 5 /33 ينابيع المودة ص 182.

(2) سورة الأحزاب آية 66 ـ 68.

(3)سورة الأعراف آية 38.


الصفحة 129
عيسى بمحمّد ؟ ومن قبله موسى كذلك، ولكنّهم تأولوا إسم محمد وأحمد «بالمنقذ» وهم حتّى الأن ينتظرونه.

وهل كانت أمّة محمد على مذاهب وفرق متعدّدة الى «ثلاث وسبعين كلّها في النار إلا فرقة واحدة» إلا بسبب التأويل: وها نحنُ نعيس اليوم بين هذه الفرق هل هناك فرقة واحدة تنسبُ لنفْسها الضلاله ؟ أو بتعبير آخر: هل هناك فرقة واحدة تدّعي إنها خالفتْ كتاب الله وسنة رسوله ؟ بالعكس كل فرقة تقول بأنها هي المستمسكة بالكتاب والسنة، فما هو الحلّ إذاً ؟؟

أكانَ يغيبُ الحلّ عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أو بالأحرى عن الله ؟ أستغفر الله إنّه لطيف بعباده ويحبُ لهم الخير فلا بدَّ أن يضع لهم حلاَّ، ليهلك من هلك على بيّنة. وليس في شأنه سبحانه إهمال مخلوقاته وتركهم بدون هداية، اللَّهم إلا إذا إعتقدنا بأنه هو الذي أراد لهم الإختلاف والفرقة والضلالة ليزجّ بهم في ناره، وهو إعتقاد باطل فاسدٌ. أستغفره وأتوب إليه من هذا القول الذي لا يليق بجلال الله وحكمته وعدالته.

فقول الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم بانّه ترك كتاب الله وسنّته ليس هو الحلّ المعقول لقصيّتنا، بل يزيدنا تعقيداً وتأويلاً ولا يقطع دابر المشاغبين والمنحرفين إلا تراهم عندما خرجوا على إمامهم َرفعُوا شعار: ليس الحكم لك ياعلي وإنما الحكم لله ! إنه شعار برّاقٌ يأخذُ بلبّ السّامع فيخالُ القائلُ به حريصاً على تطبيق أحكام الله، ورافضاً لأحكام غيره من البشر، ولكن الحقيقة ليستْ كذلك.

قال تعالى: ومن النّاس من يُعجبك قوله في الحياة الدنيا ويُشهدُ الله على ما في قلبه، وهو ألدّ الخصام (1) .

نعم كثيراً ما نغتَرُّ بالشعارات البرّاقة ولا نعرف ماذا تُخفي وراءهَا، ولكن

____________

(1) سورة البقرة آية 204.


الصفحة 130
الإمام علياً يعرف ذلك لأنه باب مدينة العلم، فأجابهم «إنها كلمة حَق يُراد بها باطل».

نعم كثيرةٌ هي كلماتُ الحقّ التي يُراد بها الباطل، كيف ذلك ؟ عندما يقول الخوارج للإمام علي الحكم لله ليس لك ياعلي، فهل سيظهر الله على الأرض ويفصل بينهم فيما إختلفوا فيه ؟ أم إنّهم يعلمون إنّ حكم الله في القرآن، ولكنّ علياّ تأوّله حسب رأيه ؟ فما هي حجّتهم ومن يقول بأنهم هم الذين تأوّلوا حكم الله، ولاحال إنّه أعلم منهم وأصدق وأسبق للإسلام وهل للإسلام غيره ؟

إذن هو شعار برّاقٌ ليموّهوا به على بسطاء العقول فيكسبوا تأييدهم ليستعينوا بهم على حربه وكسب المعركة لصالحهم كما يقع اليوم فالزمان زمان والرجال رجال والدّهاء والمكر لاينقطع بل يزداد وينموا لأن دهات هذا العصر يستفيدون من تجارب الأولين، فكم من كلمة حق يراد بها باطل في يومنا هذا ؟ شعارات برّاقة كالذي يرفعها الوهابيون في وجه المسلمين وهو «التوحيد وعدم الشرك» فمن من المسلمين لا يوافق عليه وكتسمية فرقة من المسلمين أنفسهم «بأهل السنة والجماعة فَمَنْ من المسلمين لا يوافق أن يكون مع الجماعة التي تتبع سنّة النبي ؟ وكشعار البعثيين «أمّةً عربيةٌ واحدة ذات رسالة خالدة» فمن من المسلمين لا يغتّر بهذا الشعار، قبل أنّ يعرف خفايا حزب البعث ومؤسسه النصراني ميشال عفلق ؟

لك الله ياعلي بن أبي طالب أن حكمتك بَقِيتْ وستبقى مدوّيةً على مسمع الدّهر فكم من كلمة حق يرادُ بها الباطل، صَعد أحد العلماء الى منصّة الخطابة وصاح بأعلى صوته: من قالَ بأنني شيعي نقول له: أنتَ كافر، ومن قال بأنّني سنّي نقول له: أنت كافر، نحْنُ لا نريد شيعة ولا سنّة وإنما نريد إسلاماً فقط ـإنها كلمة حقّ يراد بها باطل ـ فأيّ إسلام يريده هذا العالم ؟ وفي عالمنا اليوم إسلام متعدّد، بل وحتّى في القرن الأول كان الإسلام متعدداً، فهناك إسلام علي وأسلام معاوية وكلاهما له أتباع ومؤيدون حتّى وصل الأمر الى القتال وهناك إسلام

الصفحة 131
الحسين وإسلام يزيد الذي قتل أهل البيت بإسم الإسلام وإدّعى أن الحسين خرج عن الإسلام بخروجه عليه وهناك إسلام أئمة أهل البيت وشيعتهم، وإسلام الحكام وشعوبهم، وعلى مرّ التاريخ نجد إختلافاً بين المسلمين وهناك إسلام متسامح كما يسمّيه الغرب لأن أتباعه ألقوا بالمودّة لليهود والنصارى وأصبحوا يركعون للقوّتين العظيمتين وهناك إسلام متشدّد يُسمّيه الغرْب إسلام التعصّب والتحجّر أو مجانين الله.

وبعد كل هذا لم يبق معنا مجالٌ للتصديق بحديث «كتاب الله وسنّتي» للأسباب التي ذُكرتُ.

تبقى الحقيقة ناصعة جليّة في الحديث الثاني الذي أجمع عليه المسلمون وهو «كتاب الله وعترتي أهل بيتي» لأن هذا الحديث يُحلّ كلّ المشكلات فلا يبقى إختلاف في تأويل أية آية من القرآن أو في تصحيح وتفسير أي حديث نبوي شريف إذا مارجعنا الى أهل البيت الذين أُمرنا بالرجوع اليهم وخصوصا إذا علمنا بأنّ هؤلاء الذين عيّنهم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم هم أهلٌ لذلك، ولا يشكّ أحدٌ من المسلمين في غزارة علمهم وفي زهدهم وتقواهم، وقد أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم وأورثهم علم الكتاب فلا يخالفونه ولا يختلفون فيه بل لايفارقونه حتّى قيام السّاعة قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:

«إني تارك فيكم خليفتين، كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الأرض وعترتي أهل بيتي، فإنهما لم يفترقا حتّى يردَا عليّ الحوض»(1) .

«ولأكون مع الصادقين يجبُ عليَّ قول الحقّ لا تأخذني في ذلك لومة لائم وهدفي رضا الله سبحانه وإرضاء ضميري قبل رضا الناس عني».

____________

(1)مسند الإمام أحمد بن حنبل 5 /122. الدر المنثور للسيوطي 2 /60 كنز العمال 1 /154. مجمع الزوائد 9 /162 ينابيع المودة ص 38 و183.

عبقات الأنوار 1 /16 ـ الحاكم في المستدرك 3 /148.


الصفحة 132
والحقيقة في هذا البحث هي في جانب الشيعة الذين إتّبعوا وصّية رسول الله في عترته وقدموهم على أنفسهم وجعلوهم أئمتهم يتقرّبونَ الى الله بحبهم والإقتداء بهم فهنيئاً لهم بالفوز في الدنيا وفي الآخرة حيث يُحشر المرء من أحبّ فكيف بمن أحبّهم وإقتدى بهديهم.

قال الزمخشري في هذا الصدد:

كثُر الشك والإختلاف وكلّ يدّعي إنّه السراط السّوي فتمسّكتُ بلا إله إلا اللهُوحبّي لأحمد وعلـــي فازَ كلبٌ بحبّ أصحاب كهف فكيفَ أشقى بحبّ آل النّبي اللّهم إجعلنا من المتسمكين بحبل ولائهم والسائرين على منهاجهم والراكبين سفينتهم والقائلين بإمامتهم والمحشورين في زمرتهم إنّك تهدي من تشاء الى سراط مستقيم.


الصفحة 133

القضاء والقدر (عند أهل السنة)

كان موضوع القضاء والقدر لغزاً عويصاً فيما مضى من حياتي إذ لم أجد فيه تفسيراً شافياً ولا كافياً يريح فكري ويقنع قلبي، وبقيتُ محتاراً، بينما تعلّمته في مدرسة أهل السنّة من إن الإنسان مسيّرٌ في كلّ أفعاله بما يوافق: «كل ميسّرُ لما خلقَ له» وإنّ الله سبحانه يبعث الى الجنين في بطن أمه ملكين من الملائكة فيكتبان أجله ورزقه وعمله، وإن كان شقّياً أو سعيداً(1) ، وبين ما يمليه عقلي وضميري، من عدالة الله سبحانه وتعالى وعدم ظلمه لمخلوقاته، إذ كيف يجبرهم على أفعال ثم يحاسبهم عليها ويعذبهم من أجل جرم كتبه هو عليهم وأجبرهم عليه.

فكنت كغيري من شباب المسلمين أعيش تلك التناقضات الفكرية في تصويري بأن الله سبحانه هو القوي الجبار الذي لا يسأل عما يفعل وهم يسألون(2) ـ وهو فعال لما يريد(3) ـ وقد خلق الخلق وجعل قسما منهم في الجنة

____________

(1) صحيح مسلم 8 /44.

(1)سورة الأنبياء آيه 23.

(2)سورة البروج آية 16.


الصفحة 134
وقسما آخر في الجحيم ـ ثم هو رحمن رحيم بعباده لا يظلم مثقال ذرة(1) وما ربك بظلام للعبيد (2) ـ إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون (3) ، ثم هو أحن عليهم من المرأة على ولدها كما جاء ذلك في الحديث الشريف(4) .

وكثيراً مايتراءى هذا التناقض في فهمي لآيات القرآن الكريم فمرة أفهم بأن الإنسان على نفسه بصيرة وهو المسؤول الوحيد عن أعماله فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره (5) .

ومرة أفهم بأنه مسير وليس له حول ولا قوة، ولايملك لنفسه نفعاً ولا ضراً ولا رزقا وما تشاؤون إلا أن يشاء الله (6) فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء (7) .

نعم لست وحدي بل أغلب المسلمين يعيش هذه التناقضات الفكرية وللذلك تجد أغلب الشيوخ والعلماء إذا ما سألتهم عن موضوع القضاء والقدر لا يجدون جواباً يقنعون به أنفسهم قبل إقناع غيرهم، فيقولون: هذا موضوع لا يجب الخوض فيه، وبعضهم يحرم الخوض فيه ويقول: يجب على المسلم أن يؤمن بالقضاء والقدر خيره وشره وإنه من عند الله.

وإذا ماسألهم معاند: كيف يجبر الله عبده على إرتكاب جريمة ثم يزج به في نار جهنم ؟ إتهموه بالكفر والزندقة والخروج عن الدين الى غير ذلك من التهم

____________

(1) سورة النساء آية 40.

(2)سورة فصلت آية 46.

(3)سورة يونس آية 44.

(4)صحيح البخاري 7 /75.

(6) سورة الزلزلة آيه 7 ـ 8.

(6)سورة الإنسان آية 30.

(7)سورة فاطر آية 8.


الصفحة 135
الباردة، فجمدت العقول وتحجرت وأصبح الإيمان بأن الزواج بالمكتوب، والطلاق بالمكتوب،وحتى الزنا فهو مكتوب إذ يقولون: مكتوب على كل فرج إسم ناكحه، وكذلك شرب الخمر، وقتل النفس وحتى الأكل والشرب فلا تأكل ولا تشرب إلا ما كتب الله لك !

قلت لبعض علمائنا بعد إستعراض كل هذه المسائل: إن القرآن يكذب هذه المزاعم، ولا يمكن للحديث أن يناقض القرآن ! قال تعالى في شأن الزواج وإنكحوا ماطاب لكم من النساء (1) فهذا يدل على مرتبة الأختيار وفي شأن الطلاق الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان (2) وهو أيضا إختيار وفي الزنا قال ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا (3) وهو أيضاً دليل الإختيار وفي الخمر قال إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون (4) وهي أيضا تنهى بمعنى ألأختيار.

أما قتل النفس فقد قال فيها: ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق (5) وقال: ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه لعنه وأعد له عذابا أليما (6) فهذه أيضا تفيد الإختيار في القتل.

وحتى بخصوص الأكل والشرب فقد رسم لنا حدودا فقال: وكلوا وإشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين (7) فهذه أيضاً بالإختيار.

فكيف ياسيدي بعد هذه الأدلة القرآنيه بأن كل شيء من الله

____________

(1) سورة النساء آية 3.

(2) سورة البقرة آية 229.

(3) سورة الإسراء آيه 32.

(4)سورة المائدة آيه 91.

(5)سورة الأنعام آية 151.

(6)سورة النساء آية 93.

(7)سورة الأعراف آية 31.


الصفحة 136
والعبد مسير في كل أفعاله ؟؟.

أجابني: بأن الله سبحانه هو وحده الذي يتصرف في الكون وإستدل بقوله قل اللّهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير (1) .

قلت: لا خلاف بيننا في مشيئة الله سبحانه وإذا شاء الله أن يفعل شيئا، فليس بإمكان الإنس والجن ولا سائر المخلوقات أن يعارضوا مشيئته ! وإنما إختلافنا في أفعال العباد هل هي منهم أم من الله ؟؟

أجابني: لكم دينكم ولي ديني، وأغلق باب النقاش بذلك. هذه هي في أغلب الأحيان حجة علمائنا، وأذكر أني رجعت إليه بعد يومين وقلت له: إذا كان إعتقادك إن الله هو الذي يفعل كل شيء وليس للعباد أن يختاروا أي شيء. فلماذا لا تقول في الخلافة نفس القول، وإن الله سبحانه هو الذي يخلق مايشاء ويختار ما كان لهم الخيرة ؟

فقال: نعم أقول بذلك، لأن الله هو الذي إختار أبا بكرثم عمر ثم عثمان ثم علي ولو شاء الله أن يكون علي هو الخليفة الأول ما كان الجن والأنس بقادرين على منع ذلك.

قلت: الآن وقعت ؟

قال: كيف وقعت ؟

قلت: إما أن أن تقول بأن الله إختار الخلفاء الراشدين الأربعة ثم بعد ذلك ترك الأمر للناس يختارون من شاءوا.

وإما ان تقول بأن الله لم يترك للناس الإختيار وإنما يختار هو كل الخلفاء من وفاة الرسول الى قيام الساعة ؟

أجاب: أقول بالثاني قل اللّهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع

____________

(1) سورة آل عمران آية 26


الصفحة 137
الملك ممن تشاء … .

قلت: إذاً فكل إنحراف وكل ضلالة وكل جريمة وقعت في الإسلام بسبب الملوك والأمراء فهي من الله، لأنه هو الذي أمر هؤلاء على رقاب المسلمين ؟

أجاب: وهو كذلك، ومن الصالحين من قرأ وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها أي جعلناهم أمراء .

قلت متعجبا: إذاً فقتل علي على يد إبن ملجم وقتل الحسين بن علي أراده الله ؟؟

فقال منتصرا: نعم طبعا ـ ألم تسمع قول الرسول لعلي:

«أشقى الآخرين الذي يضربك على هذه حتى تبتل هذه. وأشار الى رأسه ولحيته كرم الله وجهه».

وكذلك سيدنا الحسين قد علم رسول الله بمقتله في كربلاء وحدث أم سلمة بذلك كما علم بأن سيدنا الحسين سيصلح الله به فرقتين عظيمتين من المسلمين، فكل شيء مسطر وكتوب في الأزل وليس للإنسان مفر. وبهذا أنت الذي وقعت لا أنا.

سكت قليلا أنظر اليه وهو مزهو بهذا الكلام، وظن أنه أقحمني بالدليل؛ كيف لي أن أقنعه بأن علم الله بالشيء لا يفيد حتما بأنه هو الذي قدره وأجبر الناس عليه، وأنا أعلم مسبقا بأن فكره لا يستوعب مثل هذه النظرية.

سألته من جديد: إذا فكل الرؤساء والملوك قديما وحديثا والذين يحاربون الإسلام والمسلمين نصبهم الله ـ قال: نعم وبدون شك.

قلت: عل الإستعمار الفرنسي على تونس والجزائر والمغرب هو من الله قال: بلا، لما جاء الوقت المعلوم خرجت فرنسا من تلك الأقطار.

قلت: سبحانه الله ! فكيف كنت تدافع سابقا عن نظرية أهل السنّة بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مات وترك الأمر شورى بين المسلمين.

الصفحة 138
ليختاروا من يشاؤون ؟

قال: نعم ولا زلت على ذلك وسأبقى على ذلك إنشاء الله !

قلت: فكيف توفق بين القولين: إختيار الله وإختيار الناس بالشورى ؟

قال ! بما إن المسلمين إختاروا أبا بكر فقد إختاره الله !

قلت: أنزل عليهم الوحي في السقيفة يدلهم على إختيار الخليفة ؟

قال: أستغفر الله ليس هناك وحي بعد محمد كما يعتقد الشيعة ! (والشيعة كما هو معروف لا يعتقدون بهذا وإنما هي تهمة ألصقها بهم أعداؤهم).

قلت: دعنا من الشيعة وأباطيلهم واقنعنا بما عندك ! كيف علمت بأن الله إختار أبا بكر ؟

قال: لو أراد الله خلاف ذلك لما تمكن المسلمون، ولا العالمون خلاف مايريده الله تعالى ؟

عرفت حينئذ إن هؤلاء لا يفكرون ولا يتدبرون القرآن، على رأيهم سوف لن تستقيم أية نظرية فلسفية أو علمية.

وهذا يذكرني بقصة أخرى كنت أمشي مع صديق في حديقة كان بها نخل كثير وكنت أحدثه في القضاء والقدر فصقطت فوق رأسي تمرة ناضجة أخذتها من فوق الحشائش لأكلها وضعتها في في.

تعجيب صديقي قائلا: لا تأكل إلا ماكتبه الله لك ! هذه التمرة سقطت بأسمك قلت: ما دمت تؤمن بأنها مكتوبة فسوف لن آكلها. ولفظتها.

قال:سبحان الله ! إذا كان الشيء غير مكتبوب لك يخرجه الله حتى من بطنك قلت: إذاً سآكلها والتقطها من جديد لأثبت بأني مخير في أكلها أو تركها بقي صديقي يرقبني حتى مضغتها وإبتلعتها، عند ذلك قال: هي والله كاتبة لك [ يقصد كتبها الله إليك ]، وإنتصر علي بتلك الطريقة لأني لا يمكن لي بعد، أن أخرج التمرة من جوفي.


الصفحة 139
نعم هذه عقيدة أهل السنّة في خصوص القضاء والقدر أو قل هذه عقيدتي عندما كنتُ سنياً.

ومن الطبيعي أن أعيش بهذه العقيدة مشوش الفكر بين التناقضات ومن الطبيعي أن نبقى في جمود دائم وننتظر أن يغير الله ما بنا، عوض أن نغير نحن ما بأنفسنا لكي يغير الله ما بنا، ونتهرب من المسؤولية التي تحملناها ونلقي بها عليه سبحانه، فإذا قلت للزاني أو للسارق أو حتى للمجرم الذي أغتصب فتاة قاصرة وقتلها بعد شهوته فسيجيبك: الله غالب، قدر ربي. سبحان هذا الرب الذي يأمر الإنسان بدفن إبنته ثم يسأله بأي ذنب قتلت ؟ سبحانك إن هذا إلا بهتان عظيم !.

ومن الطبيعي أن يزدري بنا علماء الغرب ويضحكون لسخافة عقولنا، بل وينبزوننا بالألقاب فيسمونه «مكتوب العرب» ويجعلونه سببا رئيسيا لجهلنا وتخلفنا.

ومن الطبيعي أيضا أن يعرف الباحثون بأن هذا الاعتقاد نشأ من الدولة الاموية الذين كانوا يرجون بأن الله سبحانه هو الذي أعطاهم الملك وأمرهم على رقاب الناس فيجب على الناس أطاعتهم وعدم التمرد عليهم لأن مطيعهم مطيع لله والخارج عليهم هو متمرد على الله يجب قتله. ولنا في ذلك شواهد عديدة من التاريخ الأسلامي:

فهذا عثمان بن عفان عندما يطلبون منه أن يعتزل يرفض ويقول لا أخلع قميصا قمصنيه الله(1) فعلى رأيه الخلافة هي لباس له وقد ألبسه الله إياه فلا ينبغي لأحد من الناس أن ينزعه عنه إلا الله سبحانه يعني بالوفاة

وهذا معاوية أيضا يقول: إني لم أقاتلكم لتصوموا ولتزكوا وإنما قاتلتكم لأتأمر عليكم وقد أعطاني الله ذلك وأنتم كارهون فهذا يذهب شوطا أبعد من

____________

(1)تاريخ الطبري حصار عثمان وتاريخ إبن الأثير.


الصفحة 140
عثمان لأنه يتهم ربّ العزة والجلالة بأنّه أعانه على قتل المسلمين ليتأمّر عليهم وخطبة معاوية مشهورة(1)

وحتّى في إختياره ليزيد إبنه وتوّليه على النّاس رغم أنوفهم فقد إدّعى معاوية أنّ الله هو الذي إستخلف إبنه يزيداً على الناس وذلك مارواه المؤرخون، وعندما كتب بَيعتهُ الى الآفاق، وكان عامله على المدينه مروان بن الحكم، فكتب اليه يذكر الذي قضى الله به على لسانه من بيعة يزيد(2) .

وكذلك فعل إبن زياد الفاسق عندما أدخلوا عليه علياً زين العابدين مكبّلاً بالأغلال فسأل قائلاً من هذا فقالوا علي بن الحسين ! قال: ألم يقتل الله علي بن الحسين فأجابته زينب عمّته: بل قتلَهُ أعداء الله وأعداء رسوله.

فقال لها إبن زياد: كيفَ رأيتُ فعل الله بأهل بيتك.

قالت: مارأيت إلا جميلاً، هؤلاء قومٌ كتبَ الله عليهم القتل فبرزوا الى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم، فأنظر لمن الفلح يومئذ، ثكلتك أمك يا بن مرجانه(3) .

وهكذا تفشّى هذا الإعتقاد من بني أمية وأعوانهم وسرى في الأمة الإسلامية عدا شيعة أهل البيت.

____________

(1) مقاتل الطالبين ص 70 وإبن كثير 8 /131وابن أي الحديد 3 /16.

(2) الإمامة والسياسة 1 /151 بيعة معاوية ليزيد بالشام.

(3) مقاتل الطالبين ـ مقتل الحسين.


الصفحة 141

عقيدة الشيعة في القضاء والقدر

وما أن عرفتُ علماء الشيعة(1) وقرأت كتبهم حتّى إكتشفتُ علماً جديداً في القضاء والقدر.

وقد أوضحه الإمام علي (عليه السلام) بأوضح بيان وأشمله إذ قال لمن سأله عن القضاء والقدر:

«ويحك لعلّك ظننتَ قضاء لازماً وقدراً حاتماً، ولو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب، وصقط الوعد والوعيد.

إن الله سبحانه أمر عباده تخييراً، ونهاهم تحذيراً، وكلّف يسيراً ولم يكلّف عسيراً، وأعطى على القليل كثيراً، ولم يُعصً مغلوباً، ولم يُطعْ مُكرِهاً، ولم يرسل الأنبياء لعباً، ولم ينزل الكتب للعباد عبثاً، ولا خلق السماوات والأرض وما بينهما باطلاً. ذلك ظنّ الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار …(2) .

____________

(1) كالشهيد محمد باقر الصدر طيب الله ثراه الذي أفادني كثيرا في الموضوع وكالسيد الخوئي والعلامة السيد محمد علي الطباطبائي والسيد الحكيم وغيرهم.

(2) شرح نهج البلاغة محمد عبده 4 /673.


الصفحة 142
فما أوضحه من بيان، وما قرأت في الموضوع كلاماً أبلغ منه وبرهاناً أدّل على الحقيقة منه، فالمسلم يقتنع بأن أعماله هي من محض إرادته وإختياره، لأن الله سبحانه أمرنا ولكنّه ترك لنا حرية الإختيار وهو قول الإمام «إن الله أمر عباده تخييرا ً».‌

‌ كما إنه سبحانه نهانا وحذّرنا عقابَ مخالفته فدّل كلامه على أن للإنسان حرية التصرّف وبإمكانه أن يخالف أوامر الله، وفي هذه الحالة يستوجب العقاب، وهو قول الإمام [ ونهاهم تحذيراً».

وزاد الإمام علي (عليه السلام) توضيحا للمسألة فقال: بأن الله سبحانه لم يُعصَ مغلوباً، ومعنى ذلك بأن الله لو أراد جبْرَ عباده وإرغانهم على شيء، لم يكن بمقدورهم جميعا أن يغلبوه على أمره فدلّ ذلك على إنه ترك لهم حرّية الأختيار في الطاعة والمعصية وهو مصداقٌ لقوله تعالى قل الحق من ربّكم فمن شاء فيلؤمن ومن شاء فليكفر (1) .

ثم بعد ذلك يخاطب الإمام علي ضمير الإنسان ليصل الى أعماق وجدانه فيأتي بالدليل القاطع على إنه لو كان الإنسان مجبوراً على أفعاله، كما يعتقده البعض لكان إرسال الأنبياء وإنزال الكتب ضرباً من اللعب والعبث الذي يتنزّه الله جلّ جلاله عنه، لأن دور الأنبياء سلام الله عليه أجمعين وإنزال الكتب هو لإصلاح النّاس واخراجهم من الظلمات الى النور واعطائهم العلاج النافع لأمراضهم النفسيهوتوضيح الطريقة المثلى للحياة السعيدة قال تعالى: إنّ هذا القرآن يهدي للّتي هي أقومُ (2) .

ويختم الإمام علي بيانه بأن الإعتقاد بالجبر هو نفس الإعتقاد يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلاً ، وهو كفرّ توعّد الله القائلين به بالنّار ـ

____________

(1) سورة الكهف آية 29.

(2) سورة الإسراء آية 9.


الصفحة 143
وإذا محصنا قول الشيعة في القضاء والقدر وجدناه قولاً سديداً ورأياً رشيداً، فبينما فرطت طائفة فقالت بالجبر أفرطت أخرى فقالت بالتفويض، جاء أئمة أهل البيت سلام الله عليهم ليصحّحوا المفاهيم والمعتقدات ويرجعوا بهؤلاء واولئكفقالوا: «لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين»(1)

ضرب الإمام جعفر الصادق لذلك مثلاً مبسّطاً يفهمه كل الناس وعلى قدر عقولهم فقال للسائل عندما سأله: ما معنى قولك لا جبر ولا تفويض ولكن أمرٌ بين أمرين ؟ أجابه عليه السلام:«ليس مشيُك على الأرض كسقوطك عليها ومعنى ذلك أنّنا نمشي على الأرض بإختيارنا ـ ولكنّنا عندما نسقط على الأرض فهو بغير إختيارنا، فمن منا يُحبّ السّقوط الذي قد يُسبّبْ بعض الأعضاء من جسمنا فنصبح معاقين.

فيكون القضاء والقدر أمراً بين أمرين، أي قسم هو من عندنا وبإختيارنا ونحن نفعله بمحض إرادتنا.

وقسم ثان هو خرج عن إرادتنا ونحن خاضعون له ولا نقدر على دفعه، فنُحاسَبُ على الأول ولا نُحاسبُ على الثاني.

والأنسانُ في هذه الحالة مُخيّرٌ ومسيّرٌ في نفس الوقت.

أ ـ مُخيّرٌ في أفعاله التي تصدر منه بعد تفكير ورويّة إذ يمر بمرحلة التخيير والصراع بين الإقدام والإحجام، وينتهي به الأمر إمّا بالفعل أو الترك، وهذا ماأشار اليه سبحانه بقوله: ونفس وما سوّاها فألهمها فجورها وتقوَاها، قد أفلح من زكّاها وقد خاب من دسّاها (2) .

فالتزكية للنفس والدسّ لها هما نتيجة إختيار الضمير في كل انسان ـ كما إن الفلاح والخيبة هما نتيجة حتمية وعادلة لذلك الإختيار.

____________

(1) عقائد الشيعة في القضاء والقدر.

(2) سورة الشمس آيه 6 ـ 10.


الصفحة 144
ب ـ مُسيّرٌ بكلّ مايحيط به من نواميس الكون وحركته الخاضعة كلها لمشيئة الله سبحانه بكل أجزائها ومركبّاتها وأجرامها وذرّاتها، فالأنسان ليس له أن يختار جنسه من ذكورة وأنوثة ولا أن يختار لونه فضلاً عن إختيار أبويه ليكون في أحضان أبوين موسرين بدلاً من أن يكونوا فقراء، ولا أن يختار حتى طول قامته وشكل جسده.

فهو خاضع لعدّة عوامل قاهرة «كالأمراض الوراثية مثلاً» ولعدّة نواميس طبيعية تعمل لفائدته بدون أن يتكلّف فهو ينام عندما يتعب ويستطيقظ عندما يرتاح، ويأكل عندما يجوع ويشرب عندما يعطش، ويضحك وينشرح عندما يفرح، ويبكي وينقبض عندما يحزن، وفي داخله معامل ومصانع تصنع الهرومونات والخلايا الحية، والنطفْ القابلة للتحول، وتبني في نفس الوقت جسمه في توازن منسّق عجيب، وهو في كل ذلك غافل لايدري بأن العناية الألهية محيطة به في كل لحظة من لحظات حياته بلا وحتى بعد مماته ! يقول الله عزّ وجلّ في هذا المعنى:

أيحسب الأنسان أن يترك سدى، ألم يكُ نَطفة من منيّ يُمنَى، ثم كان علقة فخلق فسوّى فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى أليس ذلك بقادر على أن يُحيي الموتَى (1) .

بَلا، سبحانك وبحمدك َربنا الأعلى أنت الذي خلقْتَ فَسّويتَ وأنتَ الذي قدّرتَ فهديت وأنت الذي أمَتَّ ثم أحَيْيتَ، تباركت وتعاليت، فتعساً وبعداً لمن خالفك ونأى عنك ولم يقدّرك حق قدرك.

ولنختم هذا البحث بما قاله الإمام علي بن موسى الرضا وهو الإمام الثامن من أئمة اهل البيت عليهم السلام وقد إشتهر بالعلم في عهد المأمون ولم يبلغ

____________

(1) سورة القيامة آية 36 ـ 40.


الصفحة 145
الرابعة عشر من عمره حتّى كان أعلم أهل زمانه(1) .

سأله سائل عن معنى قول جدّه الإمام الصادق «لا جبر ولا تفويض بل أمرٌ بين أمرين» فأجابه الإمام الرضا:

«من زعم أن الله يفعل أفعالنا، ثم يعذبنا عليها فقد قال بالجبر، ومن زعم أن الله فوض أمر الخلق والرزق الى حُججه ـ أي الأئمة ـفقد قال بالتفويض، والقائل بالجبر كافرٌ، والقائل بالتفويض مشركٌ.

أمّا معنى الأمر بين الأمرين فهو وجود السبيل الى إتيان ما أمر الله به، وترك ما نهى عنه، أي إن الله سبحانه أقدره على فعل الشرّ وتركه، كما. أقدره على فعل الشر وتركه، وأمره بهذا ونهاه عن ذاك».

وهذا لعمري بيان كافٍ وشافٍ على مستوى العقول ويفهمه كل الناس من المثقفين وغير المثققين.

وصدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ قال في حقهم:

«لا تتقدموهم فتهلكوا ولا تقصروا عنهم فتهلكوا ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم»(2) .

____________

(1) العقد الفريد لإبن عبد ربه 3 /42.

(3) إبن حجر في الصواعق المحرقة ص 148. مجمع الزوائد 9 /163.

(4).ينابيع المودة ص 41 ـ الدر المنثور للسيوطي 2 /90 كنز العمال 1 /168 أسد الغابة 3 /137 عبقات الأنوار 1 /184.


الصفحة 146

الصفحة 147

تعليقة على الخلافة ضمن القضاء والقدر

واللطيف في هذا الموضوع إن أهل السنة والجماعة رغم أعتقادهم بالقضاء والقدر الحتمي وإن الله سبحانه هو الذي يّسيرُ عباده في أعمالهم وليس لهم الخيرة في شيء، ولكنهم في أمر الخلافة يقولون بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مات وترك الأمر شورى بين النّاس ليختاروا لأنفسهم.

والشيعة على العكس تماماّ، فرغم إعتقادهم بأن الأنسان مخيّرٌ في أعماله وإن عباد الله يفعلون ماشاؤوا (ضمن مقولة لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين)، إلا أنهم في أمر الخلافة يقولون بأنه لا حَّق لهم في الإختيار!

ويبدو هذا وكأنه تناقضٌ من الطرفين، السنة والشيعة لأول وهلة، ولكنّ الحقيقة ليست كذلك.

فالسنة عندما يقوولون بأن الله سبحانه هو الذي يّسير عباده في أعمالهم، يتناقضون مع الواقع إذ إن الله سبحانه (عندهم) هو المخيّر الفعلي ولكنه يترك لهم الخيار الوهمي إذ إن الذي إختار أبا بكر يوم السقيقفة، هو عمر ثم بعض الصحابة، ولكن في الحقيقة منفذون لأمر الله الذي جعلهم واسطة ليس إلا، على حساب هذا الزعم.


الصفحة 148
وأمّا الشيعة عندمكا يقولون بأن الله سبحانه خيّر عباده في أفعالهم، فلا يتناقضون مع قولهم بأن الخلافة هي بإختيار الله وحده وربّك يخلق مايشاء ويختار، ما كان لهم الخيرة لأن الخلافة كالنّبوة ليست هي من أعمال العباد ولا موكلة اليهم، فكما ان الله يصطفي رسوله من بين الناس ويبعثهُ فيهم فكذلك بالنسبة لخليفة الرسول وللناس أن يطيعوا أمر الله ولهم أن يعصوه، كما وقع بالفعل في حياة الأنبياء وعلى مرّ العصور فيكون العباد أحرارا في قبول إختيار الله، فالمؤمن الصالح يقبلْ ماإختاره الله، والكافر بنعمة ربّه يرفض ما إختاره الله له ويتمرّد عليه، قال تعالى:

فمن إتّبعَ هدايَ فلا يضلَ ولا يشقى، ومن أعْرضَ عن ذكري فإنّ له معيشة ضنكاً ونحن نحشره يوم القيامة أعمى، قال ربّ لِمَ حشرتني أعمى وقد كُنت بصيراً، قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها، وكذلك اليوم تُنسىَ (1) .

ثم إنظر الى نظرية أهل السنّة والجماعة في هذه المسألة بالذات فسوف لن تُلقي باللّوم على أحد، لأن كل ما وقع ويقع بسبب الخلافة وكل الدّماء التي أريقت والمحارم التي هُتكتْ كل ذلك من الله، حيث عقب بعض من يدعي العلم منهم بقوله تعالى: ولو شاء ربّك ما فعلوه (2) .

أما نظرية الشيعة فهي تحمّل المسؤولية كل من تَسبب بالإنحراف وكلٌ من عصى أمر الله وكل على قدر وزره ووزر من تبع بدعته الى يوم القيامة كلّكم راع وكلكّم مسؤول عن رعيته قال تعالى: وقفوهم إنهم مسؤولون (3).

____________

(1) سورة طه اية 123 ـ 126.

(2) سورة الأنعام آية 112.

(3)سورة الصافات آية 24.


الصفحة 149

الخمس

وهو أيضاً من المواضيع الذي يختلف فيه الشيعة والسنة وقبل الحكم لهم أو عليهم. لا بدّ لنا من بحث موجز في موضوع الخمس: ولنبدأ بالقرآن الكريم. قال تعالى: وأعلموا إنّما غنتم من شيء فإن لله ُخمسه وللرسولِ ولذي القربى واليتامى والمساكين وأبن السبيل..(1) .

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

«أَمركمْ بأربع: الإيمان بالله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وأن تؤدّي لله خُمس ما غنمتُم»(2) .

فالشيعة ـ إمتثالاً لأمر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ـ يُخرجون خمس ماحصلوا عليه من أموال طيلة سنتهم، ويفسّرون معنى الغنيمة بكل ما يكسبه الإنسان من أرباح بصفة عامّة.

أما أهل السنة والجماعة فقد أجمعوا على تخصيص الخمس بغنائم الحرب

____________

(1) سورة الأنفال آية 41.

(2) صحيح البخاري 4 /44.


الصفحة 150
فقط، وفسّروا قوله سبحانه وتعالى: وإعلموا إنّ ما غنمتم من شيء يعني ما حصّلتم خلال الحرب.

هذه خلاصة أقوال الفريقين في الخمس، وقد كتب علماء الفريقين في المسألة.

ولستُ أدري كيف أُقنِع نفسي أو غيري بآراء أهل السنة التي إعتمدتْ على ما أظنّ أقوال الحكّام من بني أمية وعلى رأسهم معاوية بن أبي سفيان الذي إستأثر بأموال المسلمين وخص نفسه وحاشيته بكل صفراء وبيضاء.

فلا غرابة في تأويلهم لآية الخمس على إنها خاصّة بدار الحرب لأن سياق الآية الكريمة جاء ضمن آيات الحرب والقتال، وكم له من تأويل للآيات على سياق ماقبلها أو مابعدها.

فهم يؤولون مثلا آية إذهاب الرجس والتطهير على إنها خاصّة بنساء النّبي لأن ماقبلها وما بعدها يتكلّم عن نساء النبي صلّى الله عليه وآله وسلم.

كما يؤولون قوله تعالى: والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشّرهم بعذاب أليم على إنها خاصّة في أهل الكتاب.

وقصة أبي ذر الغفاري رضي الله عنه مع معاوية وعثمان بن عفّان ونفيه الى الربذة من أجل ذلك مشهورة. إذ إنه عاب عليهم كنزهم الذهب والفضّة وكان يحُتج بهذه الآية عليهم ـ ولكنّ عثمان إستشار كعب الأحبار عنها فقال له بأنها خاصّة بأهل الكتاب، فشتمه أبو ذر الغفاري وقال له: ثكلتك أمّك يا إبن اليهوديّة أَوَ تُعلّمنا ديننا ؟ فغضب لذلك عثمان، ثم نفاه الى الربذة بعدما تعاظم إنزعاجه منه فمات هناك وحيداً طريداً لم تجد إبنته حتّى من يغسّله ويكفنّه.

وأهل السنّة والجماعة لهم في تأويل الآيات القرآنية والأحاديث النّبوية فنٌ معروف وفقهٌ مشهورٌ وذلك إقتداءً بما تأوّله الخلفاء الأوّلون والصحابة المشهورون

الصفحة 151
في خصوص النصوص الصريحة من الكتاب والسنة(1) .

ولو أردنا إستقصاء ذلك لأستوجب كتاباً خاصاً، ويكفي الباحث أن يرجع إلى كتاب «النّص والإجتهاد» ليعرف كيف يتلاعب المتأولون بأحكام الله سبحانه.

وأنا كباحث ليس لي أن أتأوّل الآيات القرآنية والأحاديث النبوية حسبَ ما أهوى أو حسب مايُمليه عليَّ المذهبْ الذي أميلُ إليه.

ولكّن ماحيلتي إذا كان أهل السنّة والجماعة هم الذين أخرجوا في صحاحهم فرض الخمس في غير دار الحرب، وناقضوا في ذلك تأويلهم ومذهبهم.

فقد جاء في صحيح البخاري في باب «في الرّكاز الخُمس» وقال مالك وإبن إدريس الركازُ دفنُ الجاهلية في قليله وكثيره الخُمس، وليس المعدنُ بركاز وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم «في المعدن جبارٌ وفي الرّكاز الخُمس»(2) وجاء في باب مايُستخرج ُمن البحرِ: وقال إبن عباس رضي الله عنهما ليس العنبرُ بركازٍ هو شيء دَسرهُ البحرُ وقال الحسنُ في العنْبرِ واللؤلؤ الخمس فإنّما جَعلَ النبي صلّى الله عليه وآله وسلم في الرّكاز الخمس ليس في الذي يصابُ في الماء(3) .

والباحثُ يفهم من خلال هذه الأحاديث بأن مفهوم الغنيمة التي أوجب الله فيها الخمس لا تختصّ بدار الحرب لأنّ ألرّكاز الذي هو كنزٌ يستخرج من باطن الأرض وهو ملك لمن إستخرجه، ولكن يجب عليه دفع الخمس منه لأنّهُ غنيمة. كما إن الذي يستخرج العنبر واللؤلؤ من البحرِ يَجبْ عليه إخراج الخمس لأنه

____________

(1) جمع الإمام شرف الدين في كتابه النص والإإجتهاد أكثر من مائة مورد تأولوا فيها النصوص الصريحة فعلى الباحثين قراءة هذا الكتاب لأنه ماجمع إلا ما أخرجوه علماء السنة معترفين بصحته.

(2) صحيح البخاري 2 /137 «باب في الركاز الخمس».

(3) صحيح البخاري 2 /136 «باب مايستخرج من البحرِ».