إهداء
محمد صلى الله عليه وآله وسلّم..
الإمام علي بن أبي طالب (ع)..
أقدم هذا الجهد المتواضع.
المؤلف
مقدمة المؤلف
الحمد لله القائل في كتابة العزيز: (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) (1).
وأشهد أن لا إله إلا الله وحدة لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (ص) القائل: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ويلهمه رشده وعلى آله الطاهرين الطيبين المعصومين.
وبعد:
فقد طبع الجزء الأول من كتابنا (القطوف الدانية في المسائل الثمانية) طبعتين. الطبعة الأولى في الشهر التاسع من عام 1993 ونفذت ولله الحمد، والطبعة الثانية في الشهر التاسع من عام 1994 والتي طبعها الأخ الأستاذ عبد الله عدنان المنتفكي وقدم لها مشكورا.
والآن نقدم للقراء الطبعة الثالثة من الكتاب المذكور مع الجزء الثاني بمسائله
____________
(1) سورة التوبة: آية 122.
المسألة الأولى - صلاة الجماعة:
وفيها مباحث: الأول: مشروعيتها، والثاني: حكمها، والثالث: شروطها.
والرابع: شرائط صحتها. والخامس: الإئتمام بإمام سبقة بركعة أو أزيد. والسادس:
الأحق بالإمامة إذا اجتمع عدد من الرجال للصلاة. والسابع: فروع المسألة وفيه ستة أمور.
المسألة الثانية - صلاة المسافر:
وفيها عدة أمور. الأول: إختصاص القصر بالصلاة الرباعية. الثاني: القصر في السفر عزيمة أم رخصة. الثالث: في الشروط.
المسألة الثالثة - التكتف في الصلاة أو التكفير:
وفية عدة أمور. الأول: في كونه مسنونا أم محرما. والثاني: دليل أئمة المذاهب الأربعة. الثالث: دليل الشيعة الإمامية على عدم التكتف وبطلانه. الرابع: في من كان يرسل يديه وينهي عن التكتف في الصلاة من التابعين.
المسألة الرابعة - آمين في الصلاة:
في ذكر آمين في الصلاة بعد الانتهاء من قراءة الفاتحة هو من السنة أم لا.
المسألة الخامسة التشهد في الصلاة:
وفيه عدة أمور. الأول: صيغة التشهد عند المذاهب الإسلامية. الثاني: صيغة التسليم. الثالث: وجوب الصلاة على محمد وآله. الرابع: لفظة الصلاة على النبي وعلى آله. الخامس: تحريك الأصبع السبابة في التشهد. السادس: قول المذاهب في موضوع تحريك الأصبع.
المسألة السادسة - السهو والشك في الصلاة:
وفية مباحث. الأول: صورة سجود السهو. الثاني: محل سجود السهو الثالث: حكم ما إذا سهى مرارا. الرابع: حكم ما إذا سهى في سجود السهو. والشك
المسألة السابعة - صلاة الجمعة:
وفية عدة أمور. الأول: أدلة وجوبها. الثاني: شروطها. الثالث: وقتها.
الرابع: مكانها. الخامس: كيفيتها. السادس:، حرمة السفر لمن وجبت علية الجمعة.
السابع: حرمة البيع وقت النداء لصلاة الجمعة.
المسألة الثامنة - في الصوم وشرائطه:
وفيه عدة أمور.
أولا: شرائط صحة الصوم وهي:
الأول: الإسلام. الثاني: العقل. الثالث: النية. الرابع: الخلو من الحيض والنفاس. الخامس: عدم المرض. السادس: عدم السفر الموجب لقصر الصلاة على ما هو المقدر عند كل مذهب. السابع: أن لا تكون المرأة حاملا مقربا أو مرضعا. الثامن: عدم السكر والإغماء.
ثانيا: ما يجب الامساك عنه على الصائم.
ثالثا: حكم من أكل أو شرب ناسيا لصومه أو جامع وفيه أمور:
الأول: الأكل أو الشرب ناسيا. والثاني: الجماع عمدا. الثالث: الاستمناء. الرابع: القئ متعمدا يفسد الصوم. الخامس: الحجامة.
السادس: الحقنة بالمائع. السابع: الغبار الغليظ الواصل إلى الحلق. الثامن:
الاكتحال. التاسع: رمس تمام الرأس في الماء. العاشر: تعمد البقاء على الجنابة.
الحادي عشر: تعمد الكذب على الله ورسوله (ص).
رابعا: صيام يوم الشك.
خامسا: وجوب قضاء صوم شهر رمضان.
سادسا: ثبوت الهلال، وأخيرا: خلاصة المسألة.
والذي دفعني لهذه البحوث هو:
1 - الوصول إلى واقع الفقه الإسلامي من أحسن وأسلم طرقه وهي لا تتحقق إلا بعد عرض مختلف وجهات النظر فيها وتقييمها على أساس موضوعي.
2 - العمل على تطوير الدراسات الفقهية والاستفادة من نتائج التلاقح الفكري في أوسع نطاق لتحقيق هذه الأهداف.
4 - تقريب شقة الخلاف بين المسلمين والحد من تأثير العوامل المفرقة التي كان من أقواها جهل علماء بعض المذاهب بأسس وأدلة البعض الآخر في مقام استنباط الأحكام الشرعية في الحوادث والوقائع، وهذا مما ترك المجال مفتوحا أمام تسرب الدعوات المغرضة في تشوية مفاهيم بعضهم والتقول عليهم بما لا يؤمنون به.
والذي أرجوه مخلصا أن أكون وفيا في صدق عرض الأبحاث والآراء والفتاوى بعيدا عن التعصب المذهبي كما وأرجو أن يكون الباحث والقارئ بعيدا عن ذلك حتى يتابعا معي في دراسة جزئي الكتاب ليكون عملي وقرائتها خالصة لوجه الله تعالى ولتوعية هذه الأمة التائهة في غياهب ظلمات المذاهب.
وأسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن قال فيهم في كتابه العزيز: (إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ومن يطع الله ورسوله ويخشى الله ويتقه فأولئك هم الفائزون) سورة النور - آية: 15 و 25.
دمشق السيدة زينب (ع)
2 / شوال / 1415 هجري
4 / آذار / 1995 ميلادي
المسألة الأولى
صلاة الجماعة
صلاة الجماعة
أولا - مشروعية صلاة الجماعة:
فقد ذكروا له وجوها ثلاثة:
الأول: قولة تعالى: (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك) (1) الثاني: الروايات المروية في كتب الحديث وهي كثيرة. منها:
حديث عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
(صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة) (2).
وحديث ابن عباس عن النبي (ص) قال: (من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر) (3) وحديث الصادق (ع) قال: (فضل صلاة الرجال في الجماعة على صلاة الرجل وحدة خمس وعشرين درجة) (4).
الثالث: إجماع الأمة على مشروعية صلاة الجماعة وبأنها سنة مؤكدة وليست واجبة.
ولا ينبغي الشك في أن صلاة الجماعة من شعائر الإسلام وعلاماته وقد
____________
(1) سورة النساء: آية 102.
(2) أخرجة البخاري: ج 1، حديث 645.
(3) أخرجه ابن ماجة: ج 1، حديث 793.
(4) مستدرك الوسائل: ج 6، حديث 7183.
حديث ابن عمر المتقدم.
ورواية عبد الله بن مسعود في مسند أحمد بن حنبل قال: فضل صلاة الرجل في الجماعة على صلاته وحدة بضع وعشرين درجة (1).
ثانيا - حكم صلاة الجماعة:
اختلفوا في وجوبها واستحبابها:
فذهبت الإمامية إلى عدم وجوبها عينا ولا كفاية وإنما تستحب استحبابا مؤكدا، ووجه الدلالة أن النبي (ص) فاضل بين صلاة الجماعة وصلاة الفذ ولفظ أفضل في كلام العرب موضوع للاشتراك في الشئ وإن أحدهما يفضل فيه على الآخر، فلو كانت صلاة الفذ غير مجزية لما وقعت المفاضلة فيها.
وتبعهم الحنفية والمالكية والأوزاعية، في مغني المحتاج (ج 1، ص 229) وفي اللباب (ج 1، ص 80) والشافعي والرافعي في كتاب المجموع (ج 4، ص 189) والرافعي في نيل الأوطار (ج 3، ص 151). ومالك في مقدمات ابن رشد (ج 1، ص 117) وقال أبو العباس بن سريج وأبو إسحاق: هي من فرائض الكفايات كصلاة الجنازة (2).
وقال داود وأهل الظاهر وقوم من أصحاب الحديث: إنها من فروض الأعيان (3).
____________
(1) مسند أحمد بن حنبل: ج 1، ص 376.
(2) فتح القدير: ج 4، ص 285، وسبل السلام: ج 2، ص 409.
(3) المجموع: ج 4، ص 189.
وقال قوم من أصحاب الحديث: شرط فإن صلى فرادى لم تصح صلاته (2) والأصح هي ليست واجبه إنما مستحبة والحديث المتقدم جاء بالتفاضل بين صلاة الجماعة والفذ.
ثالثا - شرائط إمام الجماعة:
وهي:
أولا: الإسلام وهذا ما ذهب إلى اعتباره جميع المذاهب الإسلامية.
الثاني: العقل وهذا أيضا ذهب إلى اعتباره جميع المذاهب الإسلامية.
الثالث: العدالة قالت به الشيعة الإمامية وتبعهم المالكي (3).
وكذا في إحدى روايتي أحمد بن حنبل وخالفهم في ذلك بقية المذاهب (4).
واستدل الشيعة الإمامية ومن وافقهم في القول الثالث بوجهين:
الأول: قول النبي (ص): (لا تؤم امرأة رجلا ولا فاجرا مؤمنا).
الثاني: إن إمامة الصلاة تشعر بالقيادة ومن المعلوم أن الفاسق لا يصلح لذلك ومن إئتم بالفاسق أو المبتدع فقد خالف القرآن الكريم، لقوله تعالى:
(ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار) (5)، وقولة تعالى: (إن
____________
(1) المحل لابن حزم: ج 4، ص 188.
(2) نيل الأوطار: ج 3، ص 151
(3) بدايع الصنائع: ج 1، ص 156.
(4) المجموع: ج 2، ص 253، وفتح القدير: ج 4، ص 330.
(5) سورة هود: آية 113.
وأي ركون أعظم من الائتمام بالظالم في الصلاة التي هي عمود الدين.
وأيضا الفاسق الذي أوجب التثبت عند إخباره فكيف الصلاة خلفه.
ومنهم من يقول: الصلاة خلف الإمام الفاجر صحيحة لفعل أنس بن مالك وعبد الله بن عمر وغيرهما فهم يصلون خلف الحجاج وغيره من أمراء بني أمية مع فسقهم ولم يذكر أنهم يعيدون الصلاة (2).
وهذا غير صحيح لخبر إمامكم وفدكم إلى الله فانظروا إلى من توفدون.
وقولة تعالى: (إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم) (3).
الرابع: الذكورية فلا يصح أن تكون الأنثى إماما للرجل وهذا ما أفتى به جميع فقهاء المذاهب (4).
واستدلال لذلك بما روي جابر بن عبد الله الأنصاري عن النبي (ص) أنه قال: (لا تؤم امرأة رجلا ولا يؤم أعرابي مهاجرا) (5).
واتفقوا أيضا على صحة إئتمام النساء بالأنثى ما عدا المالكية لذهابهم إلى عدم صحة إمامة المرأة حتى لأمثالها.
الخامس: البلوغ. اختلفت الأقوال فيه فذهبت الإمامية إلى قولين:
أحدهما: اعتباره وعدم صحة إمامة الصبي ولو كان مراهقا وقارئا.
وثانيهما: عدم اعتباره وصحة إمامة الصبي المميز إذا كان مراهقا وقارئا.
وباقي المذاهب كالأحناف والحنابلة قالوا باشتراطه، والشافعية قالوا
____________
(1) سورة الحجرات: آية 6.
(2) الأجوبة المفيدة على أسئلة العقيدة: ص 90، مسألة 127.
(3) سورة الانفطار: آية 14.
(4) الأم: ج 1، ص 164، والمحلى لابن حزم: ج 4، ص 219.
(5) سنن ابن ماجة: ج 1، حديث 1081.
والمالكية قالوا باعتباره في الفريضة دون النافلة (2).
رابعا - شرائط صحة الجماعة:
وهي أمور:
الأول: العدد وأقل ما تنعقد به الجماعة في غير صلاة الجمعة اثنان أحدهما الإمام وهذا مما أفتى به جميع فقهاء مذاهب المسلمين.
الثاني: عدم تقدم المأموم في الموقف على الإمام، واتفق على ذلك جميع المذاهب ما عدا المالكية لذهابهم إلى عدم بطلان صلاة المأموم ولو تقدم على الإمام.
الثالث: اتحاد المكان وعدم الحائل، وهذا الشرط مما وقع الخلاف فيه بين فقهاء المسلمين، فذهبت الإمامية إلى عدم جواز تباعد المأموم عن الإمام بما لم تجربه العادة إلا مع اتصال الصفوف وذهبوا إلى عدم جواز الجماعة مع وجود حائل يمنع المأموم الذكر من مشاهدة الإمام أو مشاهدة من يشاهد من المقتدين به ما عدا المرأة لصحة اقتدائها بالرجل مع وجود الحائل إذا لم تشتبه عليها أفعال الإمام.
____________
(1 و 2) بداية المجتهد: ج 1، ص 144.
راجع: كتاب المذاهب الأربعة باب صلاة الجماعة.
ولكن نقل عن الشافعي إن كان في مسجد واحد صح وإن حال حائل (1).
الرابع: نية الاقتداء في حق المأموم والظاهر أنه اتفق عليه الجميع حيث إنه لم ينقل فيه خلاف واستدل لذلك بأن التبعية عمل فافتقرت إلى النية ويكفيه أن ينوي الائتمام بالمتقدم وإن لم يعرف عينه، وأما لو نوى الائتمام بالمتقدم بعنوان أنه زيد فبان أنه عمرو فإن كان على نحو التقيد فلا تصح صلاته وإلا صحت.
الخامس: اتحاد صلاة المأموم والإمام ولا بأس بتفصيل الكلام هنا فنقول:
إن فقهاء المذاهب الإسلامية اتفقوا على عدم صحة الاقتداء إذا اختلفت الصلاتان في الأركان والأفعال فلا يصح اقتداء من قصد الإتيان بالصلوات اليومية بمن قصد الإتيان بصلاة العيد وأمثالها.
____________
(1) مختصر المزني: ص 23، وكفاية الأخبار: ج 1، ص 84.
(
راجع: الفقه على المذاهب الأربعة باب صلاة الجماعة.
السادس: إتقان القراءة فلا يجوز لمن يحسن القراءة أن يأتم بغير المحسن باتفاق جميع فقهاء المذاهب الإسلامية فإذا إئتم بطلب صلاته عند الجميع ولكن الحنابلة ترى بطلان صلاتهما معا (1).
وللشافعي ثلاثة أقوال في المسألة:
أحدهما: أنه تبطل صلاة القارئ (2).
ثانيهما: أنه تصح صلاة القارئ لأنه على قوله يلزم المأموم القراءة فتصح صلاته وبه قال المزني (3) وثالثها: إن كانت الصلاة مما يجهر فيها لا يجوز وإن كانت مما يسر فيها جاز وبه قال الثوري وأبو ثور لأن ما لا يجهر فيها يلزم المأموم القراءة (4) السابع: متابعة المأموم للإمام في قراءة الأذكار كسبحان ربي العظيم وسبحان ربي الأعلى وسمع الله لمن حمدة وأما في وجوب متابعته للإمام بالقراءة ففيه خلاف:
____________
(1) المجموع: ج 4 ص 267.
(2) الأم: ج 1 ص 167.
(3) فتح القدير: ج 4، ص 318، ومختصر المزني: ص 32.
(4) فتح القدير: ج 4، ص 318.
(5) شرح المهذب: ج 3، ص 365.
(6) بداية المجتهد: ج 1، ص 154.
ووجوب قراءة الفاتحة على المأموم في جميع الحركات.
الثامن: متابعة المأمون لإمامه بالأفعال وهو مما اتفق عليه جميع الفقهاء ولكن اختلفوا في تفسير المتابعة.
هذا كله على ما في كتاب المذاهب الأربعة كتاب صلاة الجماعة.
____________
(1 و 2) بداية المجتهد: ج 1، ص 154.
خامسا - الائتمام بإمام سبقه بركعتين أو أزيد:
اتفق الجميع في مفروض المسألة على أنه ينوي الجماعة ويمضي مع الإمام، واختلفوا في أنه هل يجعله المصلي أول صلاته أولا مثلا لو أدرك مع الإمام الركعة الثانية من صلاة الصبح وصلاها معه من المعلوم أنه يبقى عليه ركعة لا بد من إتيانها هذا مما لا كلام فيه بينهم.
ولكن يقع الكلام في أنه هل تكون الثانية التي أدركها مع الإمام ثانية بالنسبة إلى المأموم كما هي ثانية للإمام وتكون الركعة الباقية عليه أولها أو أن الركعة الثانية التي أدركها مع الإمام تكون أولى بالنسبة للمأموم ثم يأتي بالثانية وهكذا لو أدرك مع الإمام الركعة الأخيرة من المغرب.
أما لو أدرك معه الركعة الأخيرة من صلاة العشاء:
راجع: الفقه على المذاهب الأربعة كتاب صلاة الجماعة.
سادسا - من هو الأحق بالإمامة إذا اجتمع عدد من الرجال للصلاة:
وقع الخلاف فيه بين فقهاء المذاهب الإسلامية:
راجع: كتاب المذاهب الأربعة كتاب صلاة الجماعة.
سابعا - فروع المسألة:
أما الكلام في الأمر السابع فنقول إن من فروع المسألة:
الأول: أنه لا يجوز إمامة الجالس للقائم وبه قالت الإمامية والمالكية (1).
وقال الشافعي: الأفضل أن لا يصلي خلفه فإن فعل أجزأت وصحت
____________
(1) سبل السلام: ج 1، ص 147.
استدل أهل القول الأول بما رواه الشعبي عن النبي (ص) أنه قال: (لا يؤمن أحدا بعدي قاعدا بقيام) (4).
واستدل أهل القول الثاني بما رواه أنس عن رسول الله (ص) أنه قال:
(وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا) (5).
الثاني: إذا إئتم في صلاة بإمام ثم أتمها منفردا صحت صلاته وبه قالت الإمامية وقال الشافعي: إن كان لعذر صحت صلاته وإن كان لغير عذر ففيه قولان:
أحدهما: أنها تصح وهو الأصح.
وثانيهما: أنها لا تصح (6).
وقال أبو حنيفة بطلت صلاته سواء كان لعذر أو لغير عذر (7).
____________
(1) راجع الأم: ج 1، ص 171.
(2) المبسوط للسرخسي: ج 1، ص 213.
(3) المجموع: ج 4، ص 365، وبداية المجتهد: ج 1، ص 152.
(4) الدارقطني: ج 1، ص 398.
(5) بداية المجتهد: ج 1، ص 125.
(6) الأم: ج 1، ص 174، والمجموع: ج 4، ص 245.
(7) المجموع: ج 4، ص 247.
الثالث: يكره أن يكون الإمام أعلى من المأموم على مثل سطح وبه قال أبو حنيفة (1).
وقال الشافعي: إلى أنه لا بأس به (2).
الرابع: قالت الإمامية: أنه لا يجوز أن يكون موضع الإمام أعلى من موضع المأموم إلا بما لا يعتد به وأما المأموم فيجوز إن يكون أعلى منه.
وقال الشافعي: يستحب أن يكونوا على مستوى واحد من الأرض (3) وقال أبو حنيفة: إن كان الإمام في موضع منخفض والمأموم أعلى منه جاز، وإن كان على موضع عال فإن كان أعلى من القامة منع وإن كان قامة فما دون لم يمنع (4).
الخامس: يستحب للمرأة أن تؤم النساء فليصلين جماعة في الفرائض وبه قالت الإمامية والشافعية والحنابلة والأوزاعية (5).
وذهبت المالكية إلى كراهية ذلك لهن في الفرائض والنوافل (6).
وذهبت الحنفية إلى كراهية الفريضة دون النافلة (2).
السادس: يكره أن يؤم المسافر المقيم والمقيم المسافر وبه قالت الإمامية وأبو حنيفة (7).
____________
(1) المبسوط: ج 1، ص 39، والمحلى: ج 4 ص 84.
(2) الأم: ج 1، ص 172، وكفاية الأخيار: ج 1، ص 84.
(3) الأم: ج 1، ص 172 والمجموع: ج 4، ص 295.
(4) المحلى: ج 4، ص 84، والمجموع: ج 4 ص 295.
(5) الأم: ج 1 ص 164، والمحلى: ج 4 ص 200.
(6) المجموع: ج 4، ص 199.
(7) الأم: ج 1، ص 163.
المسألة الثانية
صلاة المسافر
صلاة المسافر
تحقيق الكلام في هذا المقام يتم في ضمن الجهات التالية:
الأول: اختصاص القصر بالصلوات الرباعية.
الثاني: أن القصر في السفر عزيمة أو رخصة.
الثالث: شروط القصر.
الجهة الأولى - اختصاص القصر بالصلاة الرباعية:
أقول: إن القصر يختص بالرباعية المفروضة، فتؤدى كل من الظهرين والعشاء ركعتين كالصبح، والدليل على ذلك بقولة تعالى: (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) (1).
ورواية ابن مسعود قال: صليت مع رسول الله (ص) في السفر ركعتين ركعتين (2).
ورواية ابن عمر قال: سافرت مع رسول الله (ص) وأبي بكر وعمر وكانوا يصلون الظهر والعصر ركعتين ركعتين (3).
وأجمع علماء الإمامية على تقصير صلاة المسافر، ودليلهم الآية والأخبار المتقدمة.
الجهة الثانية - أن القصر في السفر عزيمة أو رخصة:
وقع الخلاف فيها بين فقهاء المسلمين:
____________
(1) سورة النساء: آية 101.
(2 و 3) كفاية الأخيار: ج 1، ص 86.