إهداء

  • إلى سيد الأنبياء والمرسلين وإمامهم وصفيهم سيدنا ومولانا.

    محمد صلى الله عليه وآله وسلّم..

  • إلى إمام المتقين وقائد الغر المحجلين وسيد الأولياء.

    الإمام علي بن أبي طالب (ع)..

  • وإلى الأئمة الأطهار مصابيح الهدى وسرج المعرفة والقدوة الحسنة إلى الخير أئمتنا عليهم السلام.

  • وإلى مشايخي العظماء وأساتيذي الأجلاء وإلى المنصفين من العلماء والمفكرين والباحثين، وللأجيال جميعا.

    أقدم هذا الجهد المتواضع.

    المؤلف


    الصفحة 5

    مقدمة المؤلف

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين على هدايته لدينه
    والتوفيق لما دعا إليه من سبيله

    الحمد لله القائل في كتابة العزيز: (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) (1).

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحدة لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (ص) القائل: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ويلهمه رشده وعلى آله الطاهرين الطيبين المعصومين.

    وبعد:

    فقد طبع الجزء الأول من كتابنا (القطوف الدانية في المسائل الثمانية) طبعتين. الطبعة الأولى في الشهر التاسع من عام 1993 ونفذت ولله الحمد، والطبعة الثانية في الشهر التاسع من عام 1994 والتي طبعها الأخ الأستاذ عبد الله عدنان المنتفكي وقدم لها مشكورا.

    والآن نقدم للقراء الطبعة الثالثة من الكتاب المذكور مع الجزء الثاني بمسائله

    ____________

    (1) سورة التوبة: آية 122.


    الصفحة 6
    الثمانية الثانية

    المسألة الأولى - صلاة الجماعة:

    وفيها مباحث: الأول: مشروعيتها، والثاني: حكمها، والثالث: شروطها.

    والرابع: شرائط صحتها. والخامس: الإئتمام بإمام سبقة بركعة أو أزيد. والسادس:

    الأحق بالإمامة إذا اجتمع عدد من الرجال للصلاة. والسابع: فروع المسألة وفيه ستة أمور.

    المسألة الثانية - صلاة المسافر:

    وفيها عدة أمور. الأول: إختصاص القصر بالصلاة الرباعية. الثاني: القصر في السفر عزيمة أم رخصة. الثالث: في الشروط.

    المسألة الثالثة - التكتف في الصلاة أو التكفير:

    وفية عدة أمور. الأول: في كونه مسنونا أم محرما. والثاني: دليل أئمة المذاهب الأربعة. الثالث: دليل الشيعة الإمامية على عدم التكتف وبطلانه. الرابع: في من كان يرسل يديه وينهي عن التكتف في الصلاة من التابعين.

    المسألة الرابعة - آمين في الصلاة:

    في ذكر آمين في الصلاة بعد الانتهاء من قراءة الفاتحة هو من السنة أم لا.

    المسألة الخامسة التشهد في الصلاة:

    وفيه عدة أمور. الأول: صيغة التشهد عند المذاهب الإسلامية. الثاني: صيغة التسليم. الثالث: وجوب الصلاة على محمد وآله. الرابع: لفظة الصلاة على النبي وعلى آله. الخامس: تحريك الأصبع السبابة في التشهد. السادس: قول المذاهب في موضوع تحريك الأصبع.

    المسألة السادسة - السهو والشك في الصلاة:

    وفية مباحث. الأول: صورة سجود السهو. الثاني: محل سجود السهو الثالث: حكم ما إذا سهى مرارا. الرابع: حكم ما إذا سهى في سجود السهو. والشك

    الصفحة 7
    وفية أمران: الأول: الشك في عدد الركعات. الثاني: الشك في أفعال الصلاة.

    المسألة السابعة - صلاة الجمعة:

    وفية عدة أمور. الأول: أدلة وجوبها. الثاني: شروطها. الثالث: وقتها.

    الرابع: مكانها. الخامس: كيفيتها. السادس:، حرمة السفر لمن وجبت علية الجمعة.

    السابع: حرمة البيع وقت النداء لصلاة الجمعة.

    المسألة الثامنة - في الصوم وشرائطه:

    وفيه عدة أمور.

    أولا: شرائط صحة الصوم وهي:

    الأول: الإسلام. الثاني: العقل. الثالث: النية. الرابع: الخلو من الحيض والنفاس. الخامس: عدم المرض. السادس: عدم السفر الموجب لقصر الصلاة على ما هو المقدر عند كل مذهب. السابع: أن لا تكون المرأة حاملا مقربا أو مرضعا. الثامن: عدم السكر والإغماء.

    ثانيا: ما يجب الامساك عنه على الصائم.

    ثالثا: حكم من أكل أو شرب ناسيا لصومه أو جامع وفيه أمور:

    الأول: الأكل أو الشرب ناسيا. والثاني: الجماع عمدا. الثالث: الاستمناء. الرابع: القئ متعمدا يفسد الصوم. الخامس: الحجامة.

    السادس: الحقنة بالمائع. السابع: الغبار الغليظ الواصل إلى الحلق. الثامن:

    الاكتحال. التاسع: رمس تمام الرأس في الماء. العاشر: تعمد البقاء على الجنابة.

    الحادي عشر: تعمد الكذب على الله ورسوله (ص).

    رابعا: صيام يوم الشك.

    خامسا: وجوب قضاء صوم شهر رمضان.

    سادسا: ثبوت الهلال، وأخيرا: خلاصة المسألة.

    والذي دفعني لهذه البحوث هو:

    1 - الوصول إلى واقع الفقه الإسلامي من أحسن وأسلم طرقه وهي لا تتحقق إلا بعد عرض مختلف وجهات النظر فيها وتقييمها على أساس موضوعي.

    2 - العمل على تطوير الدراسات الفقهية والاستفادة من نتائج التلاقح الفكري في أوسع نطاق لتحقيق هذه الأهداف.


    الصفحة 8
    3 - محاولة للقضاء على مختلف النزاعات العاطفية وأبعادها عن مجالات البحث العلمي.

    4 - تقريب شقة الخلاف بين المسلمين والحد من تأثير العوامل المفرقة التي كان من أقواها جهل علماء بعض المذاهب بأسس وأدلة البعض الآخر في مقام استنباط الأحكام الشرعية في الحوادث والوقائع، وهذا مما ترك المجال مفتوحا أمام تسرب الدعوات المغرضة في تشوية مفاهيم بعضهم والتقول عليهم بما لا يؤمنون به.

    والذي أرجوه مخلصا أن أكون وفيا في صدق عرض الأبحاث والآراء والفتاوى بعيدا عن التعصب المذهبي كما وأرجو أن يكون الباحث والقارئ بعيدا عن ذلك حتى يتابعا معي في دراسة جزئي الكتاب ليكون عملي وقرائتها خالصة لوجه الله تعالى ولتوعية هذه الأمة التائهة في غياهب ظلمات المذاهب.

    وأسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن قال فيهم في كتابه العزيز: (إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ومن يطع الله ورسوله ويخشى الله ويتقه فأولئك هم الفائزون) سورة النور - آية: 15 و 25.

    والحمد لله وصلى الله على عبده المجتبى ونبيه المصطفى
    سيدنا ومولانا محمد وآله وسلم تسليما كثيرا
    والحمد لله رب العالمين

    دمشق السيدة زينب (ع) 
    2 / شوال / 1415 هجري
    4 / آذار / 1995 ميلادي


    الصفحة 9

    المسألة الأولى
    صلاة الجماعة


    الصفحة 10

    الصفحة 11

    صلاة الجماعة

    أولا - مشروعية صلاة الجماعة:

    فقد ذكروا له وجوها ثلاثة:

    الأول: قولة تعالى: (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك) (1) الثاني: الروايات المروية في كتب الحديث وهي كثيرة. منها:

    حديث عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:

    (صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة) (2).

    وحديث ابن عباس عن النبي (ص) قال: (من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر) (3) وحديث الصادق (ع) قال: (فضل صلاة الرجال في الجماعة على صلاة الرجل وحدة خمس وعشرين درجة) (4).

    الثالث: إجماع الأمة على مشروعية صلاة الجماعة وبأنها سنة مؤكدة وليست واجبة.

    ولا ينبغي الشك في أن صلاة الجماعة من شعائر الإسلام وعلاماته وقد

    ____________

    (1) سورة النساء: آية 102.

    (2) أخرجة البخاري: ج 1، حديث 645.

    (3) أخرجه ابن ماجة: ج 1، حديث 793.

    (4) مستدرك الوسائل: ج 6، حديث 7183.


    الصفحة 12
    داوم على إقامتها رسول الله (ص) وأئمة المسلمين (ع) من بعده وقد دلت الروايات على فضلها فمن ذلك:

    حديث ابن عمر المتقدم.

    ورواية عبد الله بن مسعود في مسند أحمد بن حنبل قال: فضل صلاة الرجل في الجماعة على صلاته وحدة بضع وعشرين درجة (1).

    ثانيا - حكم صلاة الجماعة:

    اختلفوا في وجوبها واستحبابها:

    فذهبت الإمامية إلى عدم وجوبها عينا ولا كفاية وإنما تستحب استحبابا مؤكدا، ووجه الدلالة أن النبي (ص) فاضل بين صلاة الجماعة وصلاة الفذ ولفظ أفضل في كلام العرب موضوع للاشتراك في الشئ وإن أحدهما يفضل فيه على الآخر، فلو كانت صلاة الفذ غير مجزية لما وقعت المفاضلة فيها.

    وتبعهم الحنفية والمالكية والأوزاعية، في مغني المحتاج (ج 1، ص 229) وفي اللباب (ج 1، ص 80) والشافعي والرافعي في كتاب المجموع (ج 4، ص 189) والرافعي في نيل الأوطار (ج 3، ص 151). ومالك في مقدمات ابن رشد (ج 1، ص 117) وقال أبو العباس بن سريج وأبو إسحاق: هي من فرائض الكفايات كصلاة الجنازة (2).

    وقال داود وأهل الظاهر وقوم من أصحاب الحديث: إنها من فروض الأعيان (3).

    ____________

    (1) مسند أحمد بن حنبل: ج 1، ص 376.

    (2) فتح القدير: ج 4، ص 285، وسبل السلام: ج 2، ص 409.

    (3) المجموع: ج 4، ص 189.


    الصفحة 13
    ثم اختلفوا فقال داود: واجبة ولكن ليست بشرط (1).

    وقال قوم من أصحاب الحديث: شرط فإن صلى فرادى لم تصح صلاته (2) والأصح هي ليست واجبه إنما مستحبة والحديث المتقدم جاء بالتفاضل بين صلاة الجماعة والفذ.

    ثالثا - شرائط إمام الجماعة:

    وهي:

    أولا: الإسلام وهذا ما ذهب إلى اعتباره جميع المذاهب الإسلامية.

    الثاني: العقل وهذا أيضا ذهب إلى اعتباره جميع المذاهب الإسلامية.

    الثالث: العدالة قالت به الشيعة الإمامية وتبعهم المالكي (3).

    وكذا في إحدى روايتي أحمد بن حنبل وخالفهم في ذلك بقية المذاهب (4).

    واستدل الشيعة الإمامية ومن وافقهم في القول الثالث بوجهين:

    الأول: قول النبي (ص): (لا تؤم امرأة رجلا ولا فاجرا مؤمنا).

    الثاني: إن إمامة الصلاة تشعر بالقيادة ومن المعلوم أن الفاسق لا يصلح لذلك ومن إئتم بالفاسق أو المبتدع فقد خالف القرآن الكريم، لقوله تعالى:

    (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار) (5)، وقولة تعالى: (إن

    ____________

    (1) المحل لابن حزم: ج 4، ص 188.

    (2) نيل الأوطار: ج 3، ص 151

    (3) بدايع الصنائع: ج 1، ص 156.

    (4) المجموع: ج 2، ص 253، وفتح القدير: ج 4، ص 330.

    (5) سورة هود: آية 113.


    الصفحة 14
    جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) (1).

    وأي ركون أعظم من الائتمام بالظالم في الصلاة التي هي عمود الدين.

    وأيضا الفاسق الذي أوجب التثبت عند إخباره فكيف الصلاة خلفه.

    ومنهم من يقول: الصلاة خلف الإمام الفاجر صحيحة لفعل أنس بن مالك وعبد الله بن عمر وغيرهما فهم يصلون خلف الحجاج وغيره من أمراء بني أمية مع فسقهم ولم يذكر أنهم يعيدون الصلاة (2).

    وهذا غير صحيح لخبر إمامكم وفدكم إلى الله فانظروا إلى من توفدون.

    وقولة تعالى: (إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم) (3).

    الرابع: الذكورية فلا يصح أن تكون الأنثى إماما للرجل وهذا ما أفتى به جميع فقهاء المذاهب (4).

    واستدلال لذلك بما روي جابر بن عبد الله الأنصاري عن النبي (ص) أنه قال: (لا تؤم امرأة رجلا ولا يؤم أعرابي مهاجرا) (5).

    واتفقوا أيضا على صحة إئتمام النساء بالأنثى ما عدا المالكية لذهابهم إلى عدم صحة إمامة المرأة حتى لأمثالها.

    الخامس: البلوغ. اختلفت الأقوال فيه فذهبت الإمامية إلى قولين:

    أحدهما: اعتباره وعدم صحة إمامة الصبي ولو كان مراهقا وقارئا.

    وثانيهما: عدم اعتباره وصحة إمامة الصبي المميز إذا كان مراهقا وقارئا.

    وباقي المذاهب كالأحناف والحنابلة قالوا باشتراطه، والشافعية قالوا

    ____________

    (1) سورة الحجرات: آية 6.

    (2) الأجوبة المفيدة على أسئلة العقيدة: ص 90، مسألة 127.

    (3) سورة الانفطار: آية 14.

    (4) الأم: ج 1، ص 164، والمحلى لابن حزم: ج 4، ص 219.

    (5) سنن ابن ماجة: ج 1، حديث 1081.


    الصفحة 15
    بعد اشتراطه وحكموا بصحة الاقتداء بالصبي المميز لعموم حديث عمرو بن سلمة أنة كان يؤم قومه وهو صبي (1).

    والمالكية قالوا باعتباره في الفريضة دون النافلة (2).

    رابعا - شرائط صحة الجماعة:

    وهي أمور:

    الأول: العدد وأقل ما تنعقد به الجماعة في غير صلاة الجمعة اثنان أحدهما الإمام وهذا مما أفتى به جميع فقهاء مذاهب المسلمين.

    الثاني: عدم تقدم المأموم في الموقف على الإمام، واتفق على ذلك جميع المذاهب ما عدا المالكية لذهابهم إلى عدم بطلان صلاة المأموم ولو تقدم على الإمام.

    الثالث: اتحاد المكان وعدم الحائل، وهذا الشرط مما وقع الخلاف فيه بين فقهاء المسلمين، فذهبت الإمامية إلى عدم جواز تباعد المأموم عن الإمام بما لم تجربه العادة إلا مع اتصال الصفوف وذهبوا إلى عدم جواز الجماعة مع وجود حائل يمنع المأموم الذكر من مشاهدة الإمام أو مشاهدة من يشاهد من المقتدين به ما عدا المرأة لصحة اقتدائها بالرجل مع وجود الحائل إذا لم تشتبه عليها أفعال الإمام.

  • وذهبت الحنفية إلى صحة صلاة رجل اقتدى في داره بإمام المسجد فيما إذا لم يفصل بينهما إلا الحائط ولم يشتبه على المأموم حال الإمام وبعدم صحته فيما إذا فصل نهر أو طريق بين داره والمسجد.

  • وذهبت المالكية إلى عدم مانعية اختلاف المكان من صحة الاقتداء، فإذا حال بين الإمام والمأموم طريق أو غيره فالصلاة صحيحة ما دام المأموم

    ____________

    (1 و 2) بداية المجتهد: ج 1، ص 144.


    الصفحة 16
    متمكنا من ضبط الإمام.

  • وذهبت الشافعية إلى عدم المانع من أن يكون بين الإمام والمأموم مسافة تزيد على ثلاثمائة ذراع فالصلاة صحيحة بشرط أن لا يكون حائل.

    راجع: كتاب المذاهب الأربعة باب صلاة الجماعة.

    ولكن نقل عن الشافعي إن كان في مسجد واحد صح وإن حال حائل (1).

    الرابع: نية الاقتداء في حق المأموم والظاهر أنه اتفق عليه الجميع حيث إنه لم ينقل فيه خلاف واستدل لذلك بأن التبعية عمل فافتقرت إلى النية ويكفيه أن ينوي الائتمام بالمتقدم وإن لم يعرف عينه، وأما لو نوى الائتمام بالمتقدم بعنوان أنه زيد فبان أنه عمرو فإن كان على نحو التقيد فلا تصح صلاته وإلا صحت.

    الخامس: اتحاد صلاة المأموم والإمام ولا بأس بتفصيل الكلام هنا فنقول:

    إن فقهاء المذاهب الإسلامية اتفقوا على عدم صحة الاقتداء إذا اختلفت الصلاتان في الأركان والأفعال فلا يصح اقتداء من قصد الإتيان بالصلوات اليومية بمن قصد الإتيان بصلاة العيد وأمثالها.

  • فذهبت الإمامية إلى صحة اقتداء من يصلي الظهر بمن يصلي العصر وتبعهم الشافعية.

  • وذهبت الحنفية إلى عدم صحة اقتداء من يصلي الظهر بمن يصلي العصر ولا من يصلي قضاء بمن يصلي أداء وبالعكس وتبعتهم المالكية.

  • وذهبت الحنابلة إلى عدم صحة اقتداء من يصلي ظهرا خلف من يصلي عصرا ولا عكسه، ويصح اقتداء من يصلي ظهرا خلف من يصلي ظهرا

    ____________

    (1) مختصر المزني: ص 23، وكفاية الأخبار: ج 1، ص 84.

    (

    الصفحة 17
    أداء.

    راجع: الفقه على المذاهب الأربعة باب صلاة الجماعة.

    السادس: إتقان القراءة فلا يجوز لمن يحسن القراءة أن يأتم بغير المحسن باتفاق جميع فقهاء المذاهب الإسلامية فإذا إئتم بطلب صلاته عند الجميع ولكن الحنابلة ترى بطلان صلاتهما معا (1).

    وللشافعي ثلاثة أقوال في المسألة:

    أحدهما: أنه تبطل صلاة القارئ (2).

    ثانيهما: أنه تصح صلاة القارئ لأنه على قوله يلزم المأموم القراءة فتصح صلاته وبه قال المزني (3) وثالثها: إن كانت الصلاة مما يجهر فيها لا يجوز وإن كانت مما يسر فيها جاز وبه قال الثوري وأبو ثور لأن ما لا يجهر فيها يلزم المأموم القراءة (4) السابع: متابعة المأموم للإمام في قراءة الأذكار كسبحان ربي العظيم وسبحان ربي الأعلى وسمع الله لمن حمدة وأما في وجوب متابعته للإمام بالقراءة ففيه خلاف:

  • ذهبت الحنفية إلى عدم متابعته له في السرية ولا في الجهرية، بل نقل عن أبي حنيفة أن قراءة المأموم خلف الإمام مع الإمام معصية (5).

  • وذهبت المالكية إلى أنه يقرأ المأموم مع الإمام فيما أسر فيه ولا يقرأ معه فيما جهر به (6).

    ____________

    (1) المجموع: ج 4 ص 267.

    (2) الأم: ج 1 ص 167.

    (3) فتح القدير: ج 4، ص 318، ومختصر المزني: ص 32.

    (4) فتح القدير: ج 4، ص 318.

    (5) شرح المهذب: ج 3، ص 365.

    (6) بداية المجتهد: ج 1، ص 154.


    الصفحة 18

  • وذهبت الشافعية إلى وجوب متابعته للإمام بالقراءة في الصلاة السرية لا الجهرية (1).

    ووجوب قراءة الفاتحة على المأموم في جميع الحركات.

  • وذهبت الحنابلة إلى أنه يقرأ المأموم في الصلاة الجهرية إذا لم يسمع قراءة الإمام وعدم قراءته إذا سمع قراءته (2).

  • وذهبت الشيعة الإمامية إلى عدم وجوب القراءة في الركعتين الأوليتين وبوجوبها في ثالثة المغرب والأخيرتين من الظهرين والعشاء.

    الثامن: متابعة المأمون لإمامه بالأفعال وهو مما اتفق عليه جميع الفقهاء ولكن اختلفوا في تفسير المتابعة.

  • فقالت الإمامية: معنى المتابعة عدم تقدم فعل المأموم على فعل الإمام وعدم تأخر فعله عن فعل الإمام تأخرا فاحشا بل يقارن فعله لفعل الإمام أو يتأخر عنه قليلا.

  • .

  • وقالت الحنفية: تتحقق المتابعة بالمقارنة وبتعقيب فعل المأموم لفعل الإمام مباشرة وبالتراخي.

  • وقالت المالكية: إن معنى المتابعة أن يكون فعل المأموم عقب فعل الإمام فلا يسبقه ولا يساويه ولا يتأخر عنه تأخرا فاحشا بحيث يركع المأموم بعد أن يرفع الإمام رأسه مع الركوع.

  • وقالت الحنابلة: المتابعة أن لا يسبق المأموم الإمام بفعل من أفعال الصلاة ولا يتأخر عنه بشئ من أفعالها بأن لا يركع المأموم بعد انتهاء الإمام من الركوع ولا ينتهي الإمام منه قبل أن يبدأ به المأموم.

    هذا كله على ما في كتاب المذاهب الأربعة كتاب صلاة الجماعة.

    ____________

    (1 و 2) بداية المجتهد: ج 1، ص 154.


    الصفحة 19

    خامسا - الائتمام بإمام سبقه بركعتين أو أزيد:

    اتفق الجميع في مفروض المسألة على أنه ينوي الجماعة ويمضي مع الإمام، واختلفوا في أنه هل يجعله المصلي أول صلاته أولا مثلا لو أدرك مع الإمام الركعة الثانية من صلاة الصبح وصلاها معه من المعلوم أنه يبقى عليه ركعة لا بد من إتيانها هذا مما لا كلام فيه بينهم.

    ولكن يقع الكلام في أنه هل تكون الثانية التي أدركها مع الإمام ثانية بالنسبة إلى المأموم كما هي ثانية للإمام وتكون الركعة الباقية عليه أولها أو أن الركعة الثانية التي أدركها مع الإمام تكون أولى بالنسبة للمأموم ثم يأتي بالثانية وهكذا لو أدرك مع الإمام الركعة الأخيرة من المغرب.

    أما لو أدرك معه الركعة الأخيرة من صلاة العشاء:

  • فقد قالت الإمامية: إن ما يدركه المأموم مع الإمام يحسب أول صلاته لا آخرها وتبعهم الشافعية.

  • وقالت الحنفية: إن ما يدركه المأموم مع الإمام تكون آخر صلاة المأموم فإذا أدرك الركعة الأخيرة من المغرب يحسبها أخيرة لصلاته أيضا ويأتي بعدها بركعة يقرأ فيها الحمد وسورة ويتشهد ثم يأتي بركعة يقرأ فيها الحمد وسورة ثم يسلم فما أداه مع الإمام يكون آخر صلاته وما يصليه بعده يكون أول صلاته. وتبع الحنفية على ذلك المالكية والحنابلة.

    راجع: الفقه على المذاهب الأربعة كتاب صلاة الجماعة.

    سادسا - من هو الأحق بالإمامة إذا اجتمع عدد من الرجال للصلاة:

    وقع الخلاف فيه بين فقهاء المذاهب الإسلامية:

  • فقالت الإمامية: إذا تشاح الأئمة رغبة في ثواب الإمامة لا لغرض سياسي أو دنيوي رجح من يقدمه المأمومون لترجيح شرعي فيما اختلفوا،

    الصفحة 20
    فالأولى تقديم الأفقه ثم الأقرأ ثم الأسن ثم من كان به خصوصية شرعية ككونه أتقاهم.

  • قالت الشافعية: على ما في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة: يقدم الوالي ثم إمام المسجد ثم الأفقه فالأقرأ فالأزهد فالأورع فالأقدم هجرة فالأسن فالأفضل نسبا فالأحسن سيرة فالأنظف ثوبا وبدنا وصنعة فالأحسن صوتا فالأحسن صورة فالمتزوج فإن تساووا فالقرعة.

  • وقالت الحنابلة: تقديم الأفقه الأجود قراءة ثم الأجود قراءة فقط ثم الأحفظ لأحكام الصلاة ثم قارئ لا يعلم فقه صلاته ثم الأكبر سنا فالأشرف نسبا فالأقدم هجرة فالأتقى فالأورع ومع التساوي فالقرعة.

  • وقالت الحنفية: على ما في كتاب المذاهب الأربعة: يقدم الأعلم بأحكام الصلاة ثم الأقرأ فالأورع فالأقدم إسلاما فالأكبر سنا فالأحسن خلقا فالأجمل وجها فالأشرف نسبا فالأنظف ثوبا فإن تساووا في ذلك أقرع بينهم.

  • وقالت المالكية: يقدم السلطان أو نائبة ثم إمام المسجد ورب المنزل ثم الأعلم بأحكام الصلاة فالأعلم بالحديث فالأعدل فالأقرأ فالأعبد فالأقدم إسلاما فالأرقى نسبا فالأحسن خلقا فالأحسن لباسا فإن تساووا أقرع بينهم.

    راجع: كتاب المذاهب الأربعة كتاب صلاة الجماعة.

    سابعا - فروع المسألة:

    أما الكلام في الأمر السابع فنقول إن من فروع المسألة:

    الأول: أنه لا يجوز إمامة الجالس للقائم وبه قالت الإمامية والمالكية (1).

    وقال الشافعي: الأفضل أن لا يصلي خلفه فإن فعل أجزأت وصحت

    ____________

    (1) سبل السلام: ج 1، ص 147.


    الصفحة 21
    صلاته غير أنهم يصلون من قيام (1). وقال أبو حنيفة وأبو عمر بن عبد البر وأهل الطاهر وأبو ثور بما تقدم عن الشافعي (2) وقال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه: إذا صلى الإمام قاعدا صلوا خلفه قعودا مع القدرة على القيام ولا يجوز أن يصلوا قياما خلف قاعد فإن صلوا خلفه قياما لم تصح صلاتهم (3) وسبب الخلاف تعارض الروايات.

    استدل أهل القول الأول بما رواه الشعبي عن النبي (ص) أنه قال: (لا يؤمن أحدا بعدي قاعدا بقيام) (4).

    واستدل أهل القول الثاني بما رواه أنس عن رسول الله (ص) أنه قال:

    (وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا) (5).

    الثاني: إذا إئتم في صلاة بإمام ثم أتمها منفردا صحت صلاته وبه قالت الإمامية وقال الشافعي: إن كان لعذر صحت صلاته وإن كان لغير عذر ففيه قولان:

    أحدهما: أنها تصح وهو الأصح.

    وثانيهما: أنها لا تصح (6).

    وقال أبو حنيفة بطلت صلاته سواء كان لعذر أو لغير عذر (7).

    ____________

    (1) راجع الأم: ج 1، ص 171.

    (2) المبسوط للسرخسي: ج 1، ص 213.

    (3) المجموع: ج 4، ص 365، وبداية المجتهد: ج 1، ص 152.

    (4) الدارقطني: ج 1، ص 398.

    (5) بداية المجتهد: ج 1، ص 125.

    (6) الأم: ج 1، ص 174، والمجموع: ج 4، ص 245.

    (7) المجموع: ج 4، ص 247.


    الصفحة 22
    وسبب الخلاف هو الاستظهار من الأدلة.

    الثالث: يكره أن يكون الإمام أعلى من المأموم على مثل سطح وبه قال أبو حنيفة (1).

    وقال الشافعي: إلى أنه لا بأس به (2).

    الرابع: قالت الإمامية: أنه لا يجوز أن يكون موضع الإمام أعلى من موضع المأموم إلا بما لا يعتد به وأما المأموم فيجوز إن يكون أعلى منه.

    وقال الشافعي: يستحب أن يكونوا على مستوى واحد من الأرض (3) وقال أبو حنيفة: إن كان الإمام في موضع منخفض والمأموم أعلى منه جاز، وإن كان على موضع عال فإن كان أعلى من القامة منع وإن كان قامة فما دون لم يمنع (4).

    الخامس: يستحب للمرأة أن تؤم النساء فليصلين جماعة في الفرائض وبه قالت الإمامية والشافعية والحنابلة والأوزاعية (5).

    وذهبت المالكية إلى كراهية ذلك لهن في الفرائض والنوافل (6).

    وذهبت الحنفية إلى كراهية الفريضة دون النافلة (2).

    السادس: يكره أن يؤم المسافر المقيم والمقيم المسافر وبه قالت الإمامية وأبو حنيفة (7).

    ____________

    (1) المبسوط: ج 1، ص 39، والمحلى: ج 4 ص 84.

    (2) الأم: ج 1، ص 172، وكفاية الأخيار: ج 1، ص 84.

    (3) الأم: ج 1، ص 172 والمجموع: ج 4، ص 295.

    (4) المحلى: ج 4، ص 84، والمجموع: ج 4 ص 295.

    (5) الأم: ج 1 ص 164، والمحلى: ج 4 ص 200.

    (6) المجموع: ج 4، ص 199.

    (7) الأم: ج 1، ص 163.


    الصفحة 23

    المسألة الثانية
    صلاة المسافر


    الصفحة 24

    الصفحة 25

    صلاة المسافر

    تحقيق الكلام في هذا المقام يتم في ضمن الجهات التالية:

    الأول: اختصاص القصر بالصلوات الرباعية.

    الثاني: أن القصر في السفر عزيمة أو رخصة.

    الثالث: شروط القصر.

    الجهة الأولى - اختصاص القصر بالصلاة الرباعية:

    أقول: إن القصر يختص بالرباعية المفروضة، فتؤدى كل من الظهرين والعشاء ركعتين كالصبح، والدليل على ذلك بقولة تعالى: (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) (1).

    ورواية ابن مسعود قال: صليت مع رسول الله (ص) في السفر ركعتين ركعتين (2).

    ورواية ابن عمر قال: سافرت مع رسول الله (ص) وأبي بكر وعمر وكانوا يصلون الظهر والعصر ركعتين ركعتين (3).

    وأجمع علماء الإمامية على تقصير صلاة المسافر، ودليلهم الآية والأخبار المتقدمة.

    الجهة الثانية - أن القصر في السفر عزيمة أو رخصة:

    وقع الخلاف فيها بين فقهاء المسلمين:

    ____________

    (1) سورة النساء: آية 101.

    (2 و 3) كفاية الأخيار: ج 1، ص 86.