الصفحة 220
لأني سمعت الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم يقول: "إنك ستضرب ضربة هنا، وضربة ها هنا - وأشار إلى صدغه - فيسيل دمها حتى يخضب لحيتك، ويكون صاحبها أشقاها كما كان عاقر الناقة أشقى ثمود".

روى الطبراني في معجمه الكبير وقال: حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح ومطلب بن شعيب الأزدي ثنا عبد الله بن صالح حدثني الليث بن سعد حدثني خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم أن أبا سنان الدؤلي حدثه أنه عاد عليا رضي الله تعالى عنه في شكوه اشتكاها فقلت له لقد تخوفنا عليك يا أبا الحسن في شكوك هذا فقالك ولكني والله ما تخوفت على نفسي منه لأني سمعت الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم يقول إنك ستضرب ضربة ههنا وضربة ههنا وأشار إلى صدغيه فيسيل دمها حتى يخضب لحيتك ويكون صاحبها أشقاها كما كان عاقر الناقة أشقى ثمود‏.

وهناك روايات عديدة في البخاري ومسلم تؤكد أن العديد من الصحابة كانوا لا يطيقون ذكر اسم علي نذكر منها هذه الرواية

روي في صحيح البخاري وقال: حدثنا إبراهيم بن موسى قال: أخبرنا هشام بن يوسف، عن معمر، عن الزهري قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله قال: قالت عائشة: لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم واشتد وجعه، استأذن أزواجه أن يمرض في بيتي فإذن له، فخرج بين رجلين تخط رجلاه الأرض، وكان بين العباس ورجل آخر. قال عبيد الله: فذكرت ذلك لابن عباس ما قالت عائشة: فقال لي: وهل تدري من الرجل الذي لم تسم عائشة؟ قلت: لا، قال: هو علي بن أبي طالب.

وفي صحيح مسلم قال: حدثني عبد الملك بن شعيب بن الليث. حدثني أبي عن جدي. قال: حدثني عقيل بن خالد. قال ابن شهاب: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود؛ أن عائشة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم. واشتد به وجعه استأذن أزواجه أن يمرض في بيتي. فإذن له. فخرج بين رجلين. تخط رجلاه في الأرض. بين عباس بن عبد المطلب وبين رجل آخر. قال عبيد الله: فأخبرت عبد الله بالذي قالت عائشة. فقال لي عبد الله بن عباس: هل تدري من الرجل الآخر الذي لم تسم عائشة؟ قال قلت: لا. قال ابن عباس: هو علي.‏

ذكر في تاريخ اليعقوبي. وشرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد وتذكره الخواص. أنه لما مات الإمام على سجدت عائشة للّه شكرا وكانت طوال حياتها تناصب الإمام على وذريته العداء.

وبعد وفاة الرسول صلَّى الله عليه وآله وسلَّم وانتقاله للرفيق الأعلى، بدأت حملة العداء والبغض والحسد تظهر كما اخبر بذلك رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم.


الصفحة 221
وأول شيء قاموا به أن أخذوا حقه عليه السلام في الخلافة ذلك الحق الذي أكرمه الله به وأعطاه إياه على مرأى ومسمع من كل المسلمين على لسان رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم الذي لا ينطق عن الهوى. فنزعوا منه حقه في الخلافة.

وفي حادثة السقيفة المشئومة. بعد أن تناسوا أمر الله وبيعتهم لرسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم على وصاية وخلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وتناسوا وجود جثمان رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم الطاهر في بيته، وتركوه في بيته مع علي ومع ثلة من الأوفياء والأتقياء من بني هاشم وبعض الصحابة، أما أولئك أصحاب السقيفة فكانوا في شغل شاغل في الدنيا و مقاماتها الفانية.

ثم بعد أن انتزعوا الخلافة من صاحبها ووضعوها في غير موضعها، قاموا بمحاولة قتل أمير المؤمنين عليه السلام والسيدة الزهراء عليها السلام. وإسقاط جنينها محسن كما سوف يأتيك في بحث قادم. وقاموا بإحراق باب بيت أمير المؤمنين.

بعد ذلك قاموا باغتيال أمير المؤمنين من الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية. فلم يجعلوا له وجوداً موجوداً بعد رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم.حتى قتل الخليفة الثالث عثمان. وبويع لأمير المؤمنين علي عليه السلام بالخلافة في بيعته لم يتوقعها خصومه وبدأوا يثيرون الفتن والقلاقل ضد أمير المؤمنين فكانت معركة الجمل التي قادتها عائشة أم المؤمنين ونسيت تحذير رسول الله لها.

روي في كنز العمال: عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأزواجه: أيتكن التي تنبحها كلاب الحوأب؟ فلما مرت عائشة ببعض مياه بني عامر ليلا نبحت الكلاب عليها فسألت عنه فقيل لها: هذا ماء الحوأب، فوقفت وقالت: ما أظنني إلا راجعة، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب: قيل لها: يا أم المؤمنين! إنما تصلحين بين الناس.

وروى القاضي ابن العربي في العواصم من القواصم وقال: روى قوم أن البيعة لما تمت لعليّ استأذن طلحةُ والزبير علياً في الخروج إلى مكة. فقال لهما عليّ: لعلكما تريدان البصرة والشام. فأقسما إلا يفعلا.

وكانت عائشة بمكة وهرب عبد الله بن عامر عامل عثمان على البصرة إلى مكة، ويعلى بن أمية عامل عثمان على اليمن.

فاجتمعوا بمكة كلهم، ومعهم مروان بن الحكم. واجتمعت بنو أمية. وحرّضوا على دم عثمان وأعطى يعلى لطلحة والزبير وعائشة أربعمائة ألف درهم. وأعطى لعائشة "عسكراً" جملاً اشتراه باليمن بمائتي دينار. فأرادوا الشام، فصدّهم ابن عامر وقال: لا ميعاد لكم بمعاوية، ولي بالبصرة صنائع، ولكن إليها.

فجاءوا إلى ماء الحوأب، ونبحت كلابه، فسألت عائشة، فقيل لها: هذا ماء الحوأب. فردَّت خطامها عنه، وذلك لما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أيتكن صاحبة الجمل


الصفحة 222
الأدبب، التي تنبحها كلاب الحوأب؟" فشهد طلحة والزبير أنه ليس هذا ماء الحوأب، وخمسون رجلاً إليهم وكانت أول شهادة زور دارت في الإسلام.

وخرج عليٌّ إلى الكوفة، وتعسكر الفريقان والتقوا، وقال عمار - وقد دنا من هودج عائشة -: ما تطلبون؟ قالوا: نطلب دم عثمان. قال: قتل الله في هذا اليوم الباغي والطالب بغير الحق.

والتقى علي والزبير، فقال له عليّ: أتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم إنك تقاتلني وأنت لي ظالم.

ونادى عليّ طلحة من بعد: ما تطلب؟ قال: دم عثمان. قال: قاتل الله أولانا بدم عثمان. ألم تسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله" وأنت أول من بايعني ونكث.‏

وهناك تفاصيل دقيقه لمعركة الجمل في كتب عديدة عند أهل السنة أرجو من القارئ العزيز أن يرجع إليها لأن المقام لا يسع لذكر كل تفاصيل المعركة التي قادتها أم المؤمنين عائشة.

ثم كانت معركة صفين حينما قاتل معاوية بن أبي سفيان وأتباعه قاتلوا أمير المؤمنين وخرجوا على إمام زمانهم حيث قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه إذ قال: وَحَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أبي نَضْرَةَ، عَنْ أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ، فَاقْتُلُوا الآخَرَ مِنْهُمَا".

وفي مجمع الزوائد قال: عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما". رواه البزار والطبراني في الأوسط.‏

وفي حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمعه يقول: (ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه أن استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر). رواه مسلم أيضا، ومن حديث عرفجة: (فاضربوه بالسيف كائنا من كان). وهذا أدل دليل على منع إقامة إمامين، ولأن ذلك يؤدي إلى النفاق والمخالفة والشقاق وحدوث الفتن وزوال النعم، وبالرغم من كل تلك النصوص النبوية إلا إن غالبية المسلمين اصطفوا مع معاوية ضد أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب سلام الله عليه.

ومن المعلوم عند القاصي والداني أن معاوية بن أبي سفيان كان من المبغضين أشد البغض لأمير المؤمنين ولأهل بيت النبوة والرحمة، حيث فرض سبه على المنابر، وبقيت هذه السنة مدة ثمانين عاما وكان يأمر الصحابة بسبه علنا كما ورد في أحاديث كثيرة نذكر واحدا منها ونترك الباقي في بحث اغتيال السنة النبوية.


الصفحة 223
روى مسلم وأحمد والترمذي حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ أَخْبَرَنَا حاتمُ بنُ إِسْمَاعِيلَ عَن بُكيرِ بنِ مِسمارٍ عَن عامرِ بنِ سَعْدِ بنِ أبي وقَّاصٍ عَنْ أبِيْهِ قَالَ: "أمر مُعَاويَةُ بنُ أبي سُفْيَانَ سَعْداً فقَالَ ما منعكَ أنْ تَسُبَّ أبا تُرابٍ؟ قَالَ أما ما ذكرتَ؛ ثلاثاً قَالَهُنَّ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فلنْ أسُبَّهُ لأن تكونَ لي واحدةٌ مِنهُنَّ أحبَّ إليَّ من حُمرِ النَّعَمِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقولُ لعليٍّ وخلَفَهُ في بعضِ مغازيهِ؟ فقَالَ لهُ عَليٌّ يا رَسُولَ اللَّهِ تَخلُفُني معَ النِّساءِ والصِّبيانِ؟ فقَالَ لهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: أما ترضى أنْ تكونَ منِّي بمنزلةِ هَارُونَ من مُوسَى إلا أنَّهُ لا نُبُوَّةَ بعدي. وسَمِعْتُهُ يقولُ يومَ خيبرَ لأُعطينَّ الرَّايةَ رجلاً يُحِبُّ اللَّهَ ورَسُولهُ ويحبُّهُ اللَّهُ ورَسُولهُ. قَالَ فتَطَاولنَا لها فقَالَ ادعوا لي عليّاً، قَالَ فأتاهُ وبهِ رمدٌ فبصقَ في عينِهِ فدفعَ الرَّايةَ إليهِ فَفَتَحَ اللَّهُ عليهِ وأُنزلتْ هذهِ الآية {ندعُ أبناءنَا وأبناءَكُمْ ونِساءَنَا. ورواه في فتح الباري وتحفة الاحوذي والإصابة وفي البداية والنهاية لابن كثير وغيرهم كثير.

وقد كان رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يقول من سب عليا فقد سبني واليك بعض الروايات

روى الحاكم وغيره حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبيد الحافظ بهمدان ثنا أحمد بن موسى بن إسحاق التيمي ثنا جندل بن والق ثنا بكير بن عثمان البجلي قال سمعت أبا إسحاق التميمي يقول سمعت أبا عبد الله الجدلي يقول ثم حججت وأنا غلام فمررت بالمدينة وإذا الناس عنق واحد فاتبعتهم فدخلوا على أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فسمعتها تقول يا شبيب بن ربعي فأجابها رجل جلف جاف لبيك يا أمتاه قالت يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناديكم قال وأنى ذلك قالت فعلي بن أبي طالب قال أنا لنقول أشياء نريد عرض الدنيا قالت فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من سب عليا فقد سبني ومن سبني فقد سب الله تعالى.

قال ابن المنذر أجمع عامة أهل العلم على أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم عليه القتل وممن قال ذلك مالك والليث وأحمد وإسحاق وهو مذهب الشافعي.

هؤلاء القوم من بني أمية الذين أذنوا بسب علي ابن أبي طالب عليه السلام وأبغضوه وقتلوا أتباعه وشيعته هؤلاء الذين حذر منهم رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ولعنهم لكن الأمة لم تسمع ولو كانت الأمة تسمع لنظروا واعتبروا من حديث النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم لعمار بن ياسر رضي الله عنهما حيث قال له النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم تقتلك الفئة الباغية وكان معروفا من هي الفئة الباغية تلك الفئة التي قابلت الحق واضطهدته وأبغضته وحاربته تلك الفئة هي فئة معاوية وعمرو بن العاص الذين حولوا نعمة الحق الذي مع أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام حولوها إلى جحود وكفر بعد أن أكمل الله ديننا بها وأتم نعمته علينا بولاية أمير المؤمنين سلام الله عليه، هؤلاء هم الفئة الباغية التي كان هلاك أمة محمد ودين محمد صلَّى الله عليه وآله وسلَّم على أيديهم فهم لم يغتالوا أمير المؤمنين فقط بل حاولوا جاهدين الإنتقام من محمد ودين محمد صلَّى الله عليه وآله وسلَّم.


الصفحة 224
أخرج البخاري في تاريخه، وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قوله: {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا} قال: هما الأفجران من قريش: بنو المغيرة وبنو أمية. فأما بنو المغيرة، فكفيتموهم يوم بدر. وأما بنو أمية، فمتعوا إلى حين.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط، وابن مردويه والحاكم وصححه من طرق، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله: {ألم ترى إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا} قال: هما الأفجران من قريش، بنو أمية وبنو المغيرة. فأما بنو المغيرة، فقطع الله دابرهم يوم بدر. وأما بنو أمية، فمتعوا إلى حين.

وأخرج ابن مردويه عن علي رضي الله عنه، أنه سئل عن {الذين بدلوا نعمة الله كفرا} قال: بنو أمية وبنو مخزوم، رهط أبي جهل.

ثم جاءت معركة النهروان والتي قاتل فيها أمير المؤمنين عليه السلام الخوارج.

لما عاد على (ع) للقاء (الخوارج) وكانوا عند النهر، جاءته الأنباء أنهم قد عبروا الجسر، فقال: (واللّه ما عبروا، ولا يقطعونه حتى نقتلهم دونه)! ثم ترادفت عليه الأخبار بعبورهم، وهو يأبى ذلك ويحلف أنهم لن يعبروه وان (مصارعهم دون النطفة) أي دون النهر، وانه (واللّه لا يفلت منهم عشره، ولا يهلك منكم عشره)! فكان كل ذلك كما اخبر به (ع)، فأدركوهم دون النهر، فكبروا، فقال على (ع): (واللّه ما كذبت ولا كذبت). أي انه قد اخبره رسول اللّه (ص) بذلك.

واستعرت الحرب، فلم ينج منهم إلا ثمانية فروا هنا وهناك، ولم يقتل من أصحاب على (ع) غير تسعه وقيل سبعه!

انطفأت الحرب بهلاك (الخوارج) فقال على (ع): (اطلبوا ذا الثديه) وذكر لهم صفته. فطلبوه فقالوا: لم نجده، وقال بعضهم: ما هو فيهم. وعلى (ع) يقول: (واللّه انه لفيهم! واللّه ما كذبت ولا كذبت) وانطلق معهم يفتشون عنه بين القتلى حتى عثروا عليه ورآه كما وصفه لهم، قال: (اللّه اكبر، ما كذبت ولا كذبت) لولا أن تنكلوا عن العمل لأخبرتكم بما قص اللّه على لسان نبيه (ص) لمن قاتلهم مستبصرا في قتالهم عارفا للحق الذي نحن عليه).

أخرج ابن كثير عن البخاري ومسلم واحمد وغيرهم في أكثر من ثلاثين طريقا عن أربعه عشر صحابيا، أن النبي (ص) قد ذكر أمر هولاء الخوارج وصفتهم، فقال: (يخرج قوم من أمتي يقرؤون القرآن، ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء، ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء، ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء..

يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية) وفى أكثر من حديث ذكر أن (فيهم رجلا مخدج اليد، له عضد ليس لها ذراع، على راس عضده مثل حلمه الثدي).


الصفحة 225
وأخرج أبو يعلى في مسنده كما في ترجمة ذي الثدية من إصابة ابن حجر ـ عن أنس، قال: كان في عهد رسول الله رجل يعجبنا تعبده واجتهاده، وقد ذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، باسمه فلم يعرفه، فوصفناه بصفته فلم يعرفه، فبينا نحن نذكره إذ طلع الرجل، قلنا: هو هذا؛ قال: إنكم لتخبروني عن رجل إن في وجهه لسفعة من الشيطان، فأقبل حتى وقف عليهم ولم يسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنشدك الله هل قلت حين وقفت على المجلس: ما في القوم أحد أفضل مني أو خير مني؟ قال: اللهم نعم، ثم دخل يصلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من يقتل الرجل؟ فقال أبو بكر: أنا، فدخل عليه فوجده يصلي، فقال: سبحان الله، أقتل رجلا يصلي، فخرج فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما فعلت؟ قال: كرهت أن أقتله وهو يصلي، وأنت نهيت عن قتل المصلين، قال: من يقتل الرجل؟ قال عمر: أنا، فدخل فوجده واضعا جبهته، فقال عمر: أبو بكر أفضل مني، فخرج، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: مهيم؟ قال: وجدته واضعا جبهته لله، فكرهت أن أقتله، فقال: من يقتل الرجل؟ فقال علي: أنا، فقال: أنت إن أدركته، فدخل عليه، فوجده خرج، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: مهيم؟ قال: وجدته قد خرج، قال: لو قتل ما اختلف من أمتي رجلان

ذكره ابن كثير أن سعد بن أبي وقاص قال بعد موقعة النهروان " قتل علي بن أبي طالب شيطان الردهة " وقال علي بعد الموقعة: " أخبرني خليلي صلى الله عليه وآله وسلم أنهم ثلاثة أخوة من الجن هذا أكبرهم ". رواه أحمد وقال في فتح الباري سنده جيد وله شاهد من حديث جابر عند أبي يعلى ورجاله ثقات (فتح الباري، وأخرجه الحاكم (المستدرك)

ذلك اخبر عنه رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم حيث ذكر المعارك الثلاثة فقد روى المتقي الهندي في كتابه كنز العمال وقال: عن أبي صادق قال: قدم علينا أبو أيوب الأنصاري العراق فقلت له: يا أبا أيوب! قد كرمك الله بصحبة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وبنزوله عليك فما لي أراك تستقبل الناس تقاتلهم؟ تستقبل هؤلاء مرة وهؤلاء مرة، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلينا أن نقاتل مع علي الناكثين فقد قاتلناهم، وعهد إلينا أن نقاتل معه القاسطين فهذا وجهنا إليهم - يعني معاوية وأصحابه،- وعهد إلينا أن نقاتل مع علي المارقين فلم أرهم بعد.

وعن ابن مسعود قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى منزل أم سلمة فجاء علي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أم سلمةّ! هذا والله قاتل القاسطين والناكثين والمارقين من بعدي.

وروى الطبراني في معجمه وقال: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا محمد بن الصباح الجرجرائي ثنا محمد بن كثير عن الحارث بن حصيرة عن أبي صادق عن محنف بن سليم قال أتينا أبا أيوب الأنصاري وهو يعلف خيلا له بصعنبى فقلنا عنده فقلت له أبا أيوب قاتلت المشركين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جئت تقاتل المسلمين قال إن رسول الله صلى


الصفحة 226
الله عليه وسلم أمرني بقتال ثلاثة الناكثين والقاسطين والمارقين فقد قاتلت الناكثين وقاتلت القاسطين وأنا مقاتل إن شاء الله المارقين بالشعفات بالطرقات بالنهراوان وما أدري ما هم

ثم قام بن ملجم لعنه الله الذي رباه عمر بن الخطب في مصر تحت ولاية عمرو بن العاص بقتل أمير المؤمنين سلام الله عليه في الكوفة في التاسع عشر من شهر رمضان في مسجد الكوفة وهو في محرابه والعجيب إن الصحابة في حياة رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم كانوا يعلمون بأمر قتل الإمام علي ابن أبي طالب سلام الله عليه وكذلك اسم قاتله وأوصافه فكيف بعد كل ذلك يقربونه ويمكنونه من الناس مدعين إنه عالم بالفقه والقرآن.

قـال ابـن حـجـر فـي لـسـان الـميزان (قال أبو سعيد بن يونس في تاريخ مصر: عبد الرحمن بن ملجم المرادي احد بني مدرك , أي حي من مراد , شهد فتح مصر واختط بها ــ بني بها دارا ــ يقال أن عمرو بن العاص أمره بالنزول بالقرب منه لأنه كان من قراء القرآن وكان فارس قـومه المعدود فيهم بمصر , وكان قرأ على معاذ بن جبل وكان من العباد ويقال انه كان أرسل صبيغ بن عسل إلى عمر يسال عن مشكل القرآن وقيل إن عمر كتب إلى عمرو أن قرب دار عبد الرحمن بـن ملجم من المسجد ليعلم الناس القرآن والفقه , فوسع له فكان داره إلى جنب دار ابن عديس وهو الذي قتل علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه).

وقال السمعاني في الأنساب يقال أن عمرو بن العاص أمره بالنزول بالقرب منه وقيل إن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه كتب إلى عمرو بن العاص أن قرب دار عبد الرحمن بن مـلـجم من المسجد ليعلم الناس القرآن والفقه فوسع له مكان داره التي في الراية في الزيارتين إلى جانب دار ابن عديس البلوي قاتل عثمان رضي اللّه عنه.

روى الحاكم في مستدركه عن الشعبي قال: لما ضرب ابن ملجم عليا تلك الضربة، أوصى به علي فقال:قد ضربني، فأحسنوا إليه، وألينوا له فراشه، فإن أعش فهضم أو قصاص، وإن أمت فعالجوه، فإني مخاصمه عند ربي -عز وجل-.‏

وروى الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: عن إسماعيل بن راشد قال: كان من حديث ابن ملجم لعنه الله وأصحابه أن عبد الرحمن بن ملجم والبرك بن عبد الله وعمر بن بكر التميمي اجتمعوا بمكة فذكروا أمر الناس وعابوا عليهم عمل ولاتهم، ثم ذكروا أهل النهروان فترحموا عليهم فقالوا: والله ما نصنع بالبقاء بعدهم شيئاً؟ إخواننا الذين كانوا دعاة الناس لعبادة ربهم، الذين كانوا لا يخافون في الله لومة لائم، فلو شرينا أنفسنا فأتينا أئمة الضلالة فالتمسنا قتلهم فأرحنا منهم البلاد وثأرنا بهم إخواننا. قال ابن ملجم - وكان من أهل مصر -: أنا أكفيكم علي بن أبي طالب.

فأما ابن ملجم المرادي فأتى أصحابه بالكوفة وكاتمهم أمره كراهية أن يظهروا شيئاً من أمره، وأنه لقي أصحابه من تيم الرباب وقد قتل علي منهم عدة يوم النهر، فذكروا قتلاهم


الصفحة 227
فترحموا عليهم. قال: ولقي من يومه ذلك امرأة من تيم الرباب يقال لها: قطام بنت الشحنة وقد قتل علي بن أبي طالب أباها وأخاها يوم النهر، وكانت فائقة الجمال، فلما رآها التبست بعقله ونسي حاجته التي جاء لها فخطبها، فقالت: لا أتزوج حتى تشفيني، قال: وما تشائين؟ قالت: ثلاثة آلاف وعبد وقينة وقتل علي بن أبي طالب، فقال: هو مهر لك، فأما قتل علي بن أبي طالب فما أراك ذكرتيه وأنت تريدينه، قالت: بلى فالتمس غرته فإن أصبته شفيت نفسك ونفسي ونفعك معي العيش، وإن قتلت فما عند الله عز وجل خير من الدنيا وزبرج أهلها. فقال: ما جاء بي إلى هذا المصر إلا قتل علي، قالت: فإذا أردت ذلك فأخبرني حتى أطلب لك من يشد ظهرك ويساعدك على أمرك، فبعثت إلى رجل من قومها من تيم الرباب يقال له: وردان، فكلمته فأجابها، وأتى ابن ملجم رجلاً من أشجع يقال له: شبيب بن نجدة فقال له: هل لك في شرف الدنيا والآخرة؟ قال: وما ذاك؟ قال: قتل علي، قال: ثكلتك أمك لقد جئت شيئاً إداً كيف تقدر على قتله؟ قال: أكمن له في السحر فإذا خرج إلى صلاة الغداة شددنا عليه فقتلناه فإن نجونا شفينا أنفسنا وأدركنا ثأرنا، وإن قتلنا فما عند الله خير من الدنيا وزبرج أهلها. قال: ويحك لو كان غير علي كان أهون علي، قد عرفت بلاءه في الإسلام وسابقته مع النبي صلى الله عليه وسلم وما أجدني أشرح لقتله. قال: أما تعلم أنه قتل أهل النهروان العباد المصلين؟ قال: بلى، قال: نقتله بما قتل من إخواننا، فأجابه فجاءوا حتى دخلوا على قطام وهي في المسجد الأعظم معتكفة فيه، فقالوا لها: قد اجتمع رأينا على قتل علي. قالت: فإذا أردتم ذلك فأتوني، فجاء فقال: هذه الليلة التي واعدت فيها صاحبي أن يقتل كل واحد منا صاحبه، فدعت لهم بالحرير فعصبتهم، وأخذوا أسيافهم وجلسوا مقابل السدة التي يخرج منها علي، فخرج [علي رضي الله عنه] لصلاة الغداة فجعل يقول: الصلاة الصلاة، فشد عليه شبيب فضربه بالسيف، فوقع السيف بعضادي الباب أو بالطلق، فشد عليه ابن ملجم فضربه [بالسيف] على قرنه وهرب حتى ورد أن حتى دخل منزله ودخل رجل من بني أسيد وهو ينزع السيف والحديد عن صدره، فقال: ما هذا السيف والحديد؟ فأخبره بما كان، فذهب إلى منزله فجاء بسيفه فضربه حتى قتله، وخرج شبيب نحو أبواب كندة، فشد عليه الناس إلا أن رجلاً يقال له: عويمر ضرب رجله بالسيف فصرعه وجثم عليه الحضرمي، فلما رأى الناس قد أقبلوا في طلبه وسيف شبيب في يده خشي على نفسه فتركه فنجا بنفسه، ونجا شبيب في غمار الناس. وخرج ابن ملجم، فشد عليه رجل من همذان يكنى: أبا أدما، فضرب رجله فصرعه، وتأخر علي ودفع في ظهر جعدة بن هبيرة بن أبي وهب فصلى بالناس الغداة، وشد عليه الناس من كل جانب.

وذكروا أن محمد بن حنيف قال: والله إن لأصلي تلك الليلة [التي ضرب فيها علي] في المسجد الأعظم قريباً من السدة في رجال كثيرة من أهل المصر ما فيهم إلا قيام وركوع وسجود ما يسأمون من أول الليل إلى آخره، إذ خرج علي لصلاة الغداة وجعل ينادي: أيها الناس الصلاة الصلاة، فما أدري أتكلم بهذه الكلمات أو نظرت إلى بريق السيف وسمعت: الحكم لله لا لك يا علي ولا لأصحابك. فرأيت سيفاً ورأيت ناساً وسمعت علياً يقول: لا يفوتكم الرجل. وشد عليه


الصفحة 228
الناس من كل جانب. فلم أبرح حتى أُخذ ابن ملجم فأدخل على علي، فدخلت فيمن دخل من الناس فسمعت علياً يقول: النفس بالنفس، إن هلكت فاقتلوه كما قتلني، وإن بقيت رأيت فيه رأيي. ولما أدخل ابن ملجم على علي قال له: يا عدو الله ألم أحسن إليك؟ ألم أفعل بك؟ قال: بلى، قال: فما حملك على هذا؟ قال: شحذته أربعين صباحاً فسألت الله أن يقتل به شر خلقه، قال له علي: ما أراك إلا مقتولاً به، وما أراك إلا من شر خلق الله عز وجل. وكان ابن ملجم مكتوفاً بين يدي الحسن إذ نادته أم كلثوم بنت علي وهي تبكي: يا عدو الله [إنه] لا بأس على أبي، والله عز وجل مخزيك. قال: فعلام تبكين، والله لقد اشتريته بألف، وسممته بألف، ولو كانت هذه الضربة لجميع أهل مصر ما بقي منهم أحد ساعة، وهذا أبوك باقياً حتى الآن. فقال علي للحسن: إن بقيت رأيت فيه رأيي ولئن هلكت من ضربتي هذه فاضربه ضربة ولا تمثل به فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن المثلة ولو بالكلب العقور.

وقبل إن نختم البحث نذكر على سبيل المقارنة مع الأمم السابقة إن الأمة الإسلامية أيضا قد اتبعت سنن السابقين في قتل أوصياء أنبيائهم فها هم قد قتلوا وصي رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم الذي قيل فيه ما فيه من الفضائل والمناقب فكان أول مظلوم بعد رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، حيث غصب حقه وهتكت حرمته ولم يعرفوه حق معرفته، حتى ضاق صدره من الدنيا وما فيها، وكان (ع) يخبر مراراً عن استشهاده بيد أشقى الأولين والآخرين ابن ملجم، وكان يقول وهو يمسح لحيته الشريفة: "ما يحبس أشقاها أن يخضبها من فوقها بدم"وصعد المنبر في شهر رمضان الذي استشهد فيه وأخبر أصحابه بأنهم سيحجون هذا العام ولا يكون هو ولما كان في يوم الثامن عشر من شهر رمضان صلى العشائين أخذ يأتي إلى صحن الدار وينظر إلى السماء ويقول: هي والله الليلة التي وعدنيها حبيبي رسول الله وكان يكثر في تلك الليلة قراءة قوله تعالى: (أنا لله وأنا إليه راجعون)

وكان يقول: "اللهم بارك لنا في لقائك" فلما أصبح عليه السلام وأراد الخروج للصلاة أنشد يقول:


اشدد حيازيمك للموت فإن الموت آتيكاولا تجزع من الموت إذا حـل بناديـكا

ثم ذهب للصلاة إلى مسجد الكوفة، فكان في الركعة الأولى بعد أن رفع رأسه من السجود إذ ضربه اللعين ابن ملجم على أم رأسه. فسقط على المحراب وهو يقول:فزت ورب الكعبة.

ولما كان في ليلة الحادي والعشرين من شهر رمضان فاضت روحه المقدسة إلى رياض القدس والجنان، فإنا لله وأنا إليه راجعون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.


الصفحة 229

اغتيال الإمام الحسن سلام الله عليه

روى البخاري في صحيحه أخبرني عدي قال: سمعت البراء رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم، والحسن بن علي على عاتقه، يقول: (اللهم إني أحبه فأحبه). [ش أخرجه مسلم

روي في الدر المنثور أخرج أحمد وأبو يعلى وابن حبان والطبراني والحاكم والضياء، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة - إلا ابني الخالة - عيسى ابن مريم، ويحيى بن زكريا".

روى السيوطي في الجامع الصغير قال رسول الله أتاني ملك فسلم علي، نزل من السماء لم ينزل قبلها، فبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأن فاطمة سيدة


الصفحة 230
نساء أهل الجنة التخريج (برموز السيوطي): ابن عساكر عن حذيفة التخريج (مفصلا): ابن عساكر عن حذيفة تصحيح السيوطي: صحيح‏

روى السيوطي في الدر المنثور أخرج ابن أبي حاتم عن أبي حرب بن أبي الأسود قال: أرسل الحجاج إلى يحيى بن يعمر فقال: بلغني أنك تزعم أن الحسن والحسين من ذرية النبي صلى الله عليه وسلم تجده في كتاب الله، وقد قرأته من أوله إلى آخره فلم أجده. قال: ألست تقرأ سورة الأنعام {ومن ذريته داود وسليمان} حتى بلغ {ويحيى وعيسى} قال: أليس عيسى من ذرية إبراهيم وليس له أب؟ قال: صدقت.

روى السيوطي في الدر المنثور أخرج ابن أبي حاتم عن فرقد السبخي - رضي الله عنه - قال: أوحى الله إلى عيسى ابن مريم عليه السلام في الإنجيل: يا عيسى، جد في أمري ولا تهزل، واسمع قولي وأطع أمري. يا ابن البكر البتول، إني خلقتك من غير فحل، وجعلتك وأمك آية للعالمين، فإياي فاعبد، وعلي فتوكل، وخذ الكتاب بقوة. قال عيسى عليه السلام: أي رب، أي كتاب آخذ بقوة؟...قال: خذ كتاب الإنجيل بقوة، ففسره لأهل السريانية، وأخبرهم أني أنا الله لا إله إلا أنا الحي القيوم البديع الدائم، الذي لا زوال له، فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يكون في آخر الزمان، فصدقوه واتبعوه صاحب الجمل والمدرعة والهراوة والتاج، الأنجل العين، المقرون الحاجبين، صاحب الكساء الذي إنما نسله من المباركة - يعني خديجة - يا عيسى، لها بيت من لؤلؤ من قصب موصل بالذهب، لا يسمع فيه أذى ولا نصب، لها ابنة - يعني فاطمة، ولها ابنان فيستشهدان - يعني الحسن والحسين - طوبى لمن سمع كلامه وأدرك زمانه وشهد أيامه. قال عيسى عليه السلام: يا رب، وما طوبى؟ قال: شجرة في الجنة، أنا غرستها بيدي وأسكنتها ملائكتي، أصلها من رضوان، وماؤها من تسنيم".

روى السيوطي في الدر المنثور أخرج ابن أبي شيبه وأحمد ومسلم وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة، وعليه مرط مرجل من شعر أسود، فجاء الحسن والحسين رضي الله عنهما، فادخلهما معه، ثم جاء علي فادخله معه، ثم قال {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}.

روى السيوطي في الدر المنثور أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله {مرج البحرين يلتقيان} قال علي وفاطمة {بينهما برزخ لا يبغيان} قال: النبي صلى الله عليه وسلم {يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان} قال: الحسن والحسين.

وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك في قوله {مرج البحرين يلتقيان} قال: علي وفاطمة {يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان} قال: الحسن والحسين.‏

روى السيوطي في تفسير الجلالين (فمن حاجك) جادلك من النصارى (فيه من بعد ما جاءك من العلم) بأمره (فقل) لهم (تعالَوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا


الصفحة 231
وأنفسكم) فنجمعهم (ثم نبتهل) نتضرع في الدعاء (فنجعل لعنة الله على الكاذبين) بأن نقول: اللهم العن الكاذب في شأن عيسى وقد دعا صلى الله عليه وسلم وفد نجران لذلك لما حاجوه به فقالوا: حتى ننظر في أمرنا ثم نأتيك فقال ذو رأيهم: لقد عرفتم نبوته وأنه ما باهل قوم نبيا إلا هلكوا فوادعوا الرجل وانصرفوا فأتوا الرسول صلى الله عليه وسلم وقد خرج ومعه الحسن والحسين وفاطمة وعلي وقال لهم: إذا دعوت فأمِّنوا فأبوا أن يلاعنوا وصالحوه على الجزية رواه أبو نُعيم، وعن ابن عباس قال: لو خرج الذين يباهلون لرجعوا لا يجدون مالا ولا أهلا، وروي: لو خرجوا لاحترقوا‏.

روى السيوطي في الجامع الصغير قال رسول الله أحب أهل بيتي إلي الحسن والحسين التخريج (برموز السيوطي): (ت) عن أنس التخريج (مفصلا): الترمذي عن أنس

روى السيوطي في الجامع الصغير قال رسول الله حسين مني وأنا منه، أحب الله من أحب حسينا، الحسن والحسين سبطان من الأسباط التخريج (برموز السيوطي): (خد ت ه ك) عن يعلى بن مرة التخريج (مفصلا): البخاري في الأدب والترمذي وابن ماجة والحاكم في المستدرك عن يعلى بن مرة تصحيح السيوطي: حسن‏

روى السيوطي في الجامع الصغير قال رسول الله الحسن والحسين شنفا العرش، وليسا بمعلقين ["الشنف": هو القرط المعلق بالإذن]ـ التخريج (برموز السيوطي): (طس) عن عقبة بن عامر التخريج (مفصلا): الطبراني في الأوسط عن عقبة بن عامر

روى السيوطي في الجامع الصغير قال رسول الله من أحب الحسن والحسين فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني التخريج (برموز السيوطي): (حم ه ك) عن أبي هريرة التخريج (مفصلا): أحمد في مسنده وابن ماجة والحاكم في المستدرك عن أبي هريرة تصحيح السيوطي: حسن‏

روى الحاكم في المستدرك عن عبد الرحمن بن أبي زياد: أنه سمع عبد الله بن الحارث بن نوفل يقول: حدثنا أبو سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه-: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- دخل على فاطمة -رضي الله تعالى عنها- فقال: (أني وإياك وهذا النائم -يعني: عليا- وهما -يعني: الحسن والحسين- لفي مكان واحد يوم لقيامة).هذا حديث صحيح الإسناد،

روى الحاكم في المستدرك عن جابر -رضي الله تعالى عنه- قال:قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (لكل بني أم عصبة ينتمون إليهم إلا ابني فاطمة، فأنا وليهما وعصبتهما).هذا حديث صحيح الإسناد،

روى الحاكم في المستدرك عن سلمان -رضي الله تعالى عنه- قال: سمعت رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يقول: (الحسن والحسين ابناي، من أحبهما أحبني، ومن أحبني أحبه الله، ومن أحبه الله أدخله الجنة، ومن أبغضهما أبغضني، ومن أبغضني أبغضه الله، ومن أبغضه الله أدخله النار). هذا حديث صحيح على شرط الشيخين،


الصفحة 232
روى الحاكم في المستدرك عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: خرج علينا رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ومعه الحسن والحسين، هذا على عاتقه وهذا على عاتقه، وهو يلثم هذا مرة وهذا مرة، حتى انتهى إلينا، فقال له رجل: يا رسول الله، إنك تحبهما؟ فقال: (نعم، من أحبهما فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني). هذا حديث صحيح الإسناد

روى الحاكم في المستدرك عن عبد الله بن مسعود -رضي الله تعالى عنه- قال: أتينا رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فخرج إلينا مستبشرا يعرف السرور في وجهه، فما سألناه عن شيء إلا أخبرنا به، ولا سكتنا إلا ابتدأنا، حتى مرت فتية من بني هاشم فيهم الحسن والحسين، فلما رآهم التزمهم، وانهملت عيناه. فقلنا: يا رسول الله، ما نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه. فقال: (أنا أهل بيت، اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وأنه سيلقى أهل بيتي من بعدي تطريدا وتشريدا في البلاد، حتى ترتفع رايات سود من المشرق، فيسألون الحق فلا يعطونه، ثم يسألونه فلا يعطونه، ثم يسألونه فلا يعطونه، فيقاتلون فينصرون، فمن أدركه منكم أو من أعقابكم فليأت إمام أهل بيتي ولو حبوا على الثلج، فإنها رايات هدى يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، فيملك الأرض فيملأها قسطا وعدلا، كما ملئت جورا وظلما).‏

وروى الطبراني في الأوسط من طريق أبي أيوب قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم والحسن والحسين يلعبان بين يديه، فقلت: أتحبهما يا رسول الله؟ قال: وكيف لا؟ وهما ريحانتاي من الدنيا أشمهما.

روي في تحفة الاحوذي حدثني يُوسُفُ بنُ إبْرَاهِيمَ أنّهُ سَمِعَ أَنَسَ بنَ مَالكٍ يقُولُ: "سُئِلَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم أَيّ أهل بَيْتِكَ أَحَبّ إليك؟ قالَ الْحَسنُ والْحُسَيْنُ، وكَانَ يَقُولُ لِفَاطِمَةَ: ادْعِى لي ابْنَيّ فَيَشُمّهُمَا ويَضُمّهُمَا إلَيْهِ".

روى ابن ماجة في سننه عَنْ أبي هُرَيْرَةَ؛ أَن الْنَّبِيّ صَلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمْ قَالَ للحَسَن: (اللَّهُمَّ إني أَحَبَّه. فأَحَبَّه وأَحَبَّ من يحبه) قَالَ: وضمَّه إلى صدره.

روى في كنز العمال عن أبي ذر قال: وهل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان آخى بين الحسن والحسين فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يا حسن مرتين، فقالت فاطمة: يا رسول الله إن الحسين لأصغر منه وأضعف ركنا منه، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إلا ترضين أن أقول أنا: هي (هي: بالفتح وتشديد الياء المكسورة اسم فعل للأمر بمعنى أسرع فيما أنت فيه) يا حسن ويقول جبريل: هي يا حسين فهل لخلق مثل هذه المنزلة نحن صابرون ليقضي الله أمرا كان مفعولا.

الإمام الحسن عليه السلام بويع له بعد مقتل واستشهاد الإمام علي عليه السلام، بويع له خليفة للمسلمين، إلا إن معاوية بن أبي سفيان لم يهنأ له بال فقام هو ومن معه من المنافقين وبالرغم