روي في كنز العمال إذا بقي ثلث الليل الباقي نزل الرحمن تبارك وتعالى إلى سماء الدنيا، فبسط يده، إلا داع يدعوني فأستجيب له، إلا تائب يتوب فأتوب عليه، إلا مستغفر يستغفرني فأغفر له، حتى إذا طلع الفجر صعد على عرشه. (البغوي عن عبد الحميد بن سلمة عن أبيه عن جده).
روى احمد في مسنده عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: -إذا كان ثلث الليل الباقي يهبط الله عز وجل إلى السماء الدنيا ثم تفتح أبواب السماء ثم يبسط يده فيقول: هل من سائل يعطى سؤله فلا يزال كذلك حتى يطلع الفجر.
جعلوا الله يجلس على العرش
روي في الدر المنثور وأخرج أبو داود وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن جبير بن مطعم قال "جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله جهدت الأنفس، وضاعت العيال، ونهكت الأموال، وهلكت المواشي.استسق لنا ربك، فإنا نستشفع بالله عليك، وبك على الله.فقال النبي صلى الله عليه وسلم "سبحان الله! فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه فقال: ويحك أتدري ما الله؟ إن شأنه أعظم من ذاك، وإنه لا يستشفع به على أحد، وإنه لفوق سماواته على عرشه، وعرشه على سماواته، وسماواته على أراضيه هكذا - وقال بأصابعه مثل القبة - وإنه ليئط به أطيط الرحل بالراكب".
روى السيوطي في الدر المنثور وأخرج عثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية وابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه واللالكائي والبيهقي عن ابن مسعود قال: بين السماء والأرض خمسمائة عام، وما بين كل سماءين خمسمائة عام، ومسير كل سماء - يعني غلظ ذلك - مسيرة خمسمائة عام، وما بين السماء إلى الكرسي مسيرة خمسمائة عام، وما بين الكرسي والماء مسيرة خمسمائة عام. والعرش على الماء، والله فوق العرش، وهو يعلم ما أنتم عليه.
روى السيوطي في الدر المنثور وأخرج أحمد وعبد بن حميد والدار قطني عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله ليتجلى للناس عامة ويتجلى لأبي بكر خاصة.
وقالوا حملة العرش حيوانات كما في التوراة
روى ابن ماجة سنن حدثنا محمد بن يحيى ثنا محمد بن الصباح ثنا الوليد بن أبي ثور الهمداني، عن سماك، عن عبد الله بن عميرة، عن الأحنف بن قيس، عن العباس بن عبد المطلب، قال: كنت بالبطحاء في عصابة وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمرت به سحابة فنظر إليها فقال: ما تسمون هذه؟ قالوا السحاب، قال والمزن، قالوا والمزن، قال والعنان، قال أبو بكر قالوا والعنان، قال كم ترون بينكم وبين السماء؟ قالوا لا ندري، قال فإن
روي في فردوس الأخبار للديلمي عن العباس بن عبد المطلب: ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية: ثمانية أملاك في صورة الاَوعال، ما بين ظلف أحدهم وركبته مسيرة خمسمائة عام.
روي في حياة الحيوان للدميري عن عروة بن الزبير رضي الله عنه قال: حملة العرش أحدهم على صورة إنسان، والثاني على صورة ثور، والثالث على صورة نسر، والرابع على صورة أسد.
روي في تفسير الطبري عن شعيب الجبائي قال: في كتاب الله (يقصد التوراة) الملائكة حملة العرش لكل ملك منهم وجه إنسان وثور وأسد، فإذا حركوا أجنحتهم فهو البراق.
عزيزي القارئ لقد ذكرت لك جملة يسيرة من أحاديث التجسيم والتشبيه، وما تركته هو أكثر بكثير من ذلك، وأيضا تركت لك آراء العلماء عند أهل السنة لكي تراجعها خصوصا رأي ابن تيمية وغيره، المهم إن تعرف إن موضوع التجسيم قد بدء في عصر مبكر، وأكثر من روى في ذلك عمر بن الخطاب الذي عين كعب الأحبار قصاصا يقص على المسلمين ما هو موجود في التوراة ثم أبو هريرة الذي تتلمذ على يدي كعب الأحبار والذي كان ينقل الروايات عنه وينسبها إلى رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، وبذلك انتشر التجسيم والتشبيه بين أهل السنة، فيكون إذن حديث إتباع الأمم السابقة من اليهود والنصارى في موضوع التجسيم حاصلا ومنطبقا عند أهل السنة، ويكونون بذلك قد خالفوا الآيات الشريفة المذكورة في بداية البحث، ولم ينزهوا الله سبحانه وتعالى عن المكان والجسمية والزمان، وتعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله
قال تعالى في سورة التوبة. الآية: 31 {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله}
روى السيوطي في الدر المنثور أخرج ابن سعد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في سننه عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ في سورة براءة {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله} فقال: "أما أنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه".
روى السيوطي في الدر المنثور أخرج عبد الرزاق والفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في سننه عن أبي البختري رضي الله عنه قال: سأل رجل حذيفة رضي الله عنه فقال: أرأيت قوله تعالى {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله} أكانوا يعبدونهم؟ قال: لا، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه.
روى السيوطي في الدر المنثور أخرج أبو الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان عن حذيفة رضي الله عنه {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم} قال: أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم أطاعوهم في معصية الله.
عزيزي القارئ أظنك بعد قراءة الكتاب الذي بين يديك، سوف تصل إلى الإجابة على هذا السؤال وهو هل اتخذ المسلمون أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله يحلون لهم الحرام ويحرمون عليهم الحلال كما فعل اليهود والنصارى؟
أعتقد بأنك سوف تجيب على هذا السؤال بكل سهولة ويسر بعد أن قرأت كيف نقض الصحابة عهودهم وبيعتهم لرسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم التي عقدوها لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يوم غدير خم وعينوا شخصا آخر وهو أبو بكر الذي لم يعينه الله ولا رسوله، ثم
ولقد قرأت عزيزي القارئ بحث التغيير والانقلاب بعد رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم وتغيير الأحكام بحسب الأهواء والآراء وكيف تمسك المسلمون بكل تلك المتغيرات والقوانين التي غيرها أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية على حساب النصوص الشرعية القطعية الثبوت القطعية الدلالة، فما حرم أولئك حرمه المسلمون ولا زالوا حتى اليوم متبعين في ذلك آراء وأهواء أئمتهم الذين لم يفرض الله طاعتهم ولم يجعل لهم رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أية فضيلة، وكذلك ما فرض أولئك على المسلمين لا زال المسلمون حتى اليوم يعتبرونه فرضا ولا يمكن إن يتنازلوا عنه حتى ولو كان ذلك على حساب الدليل من القرآن والسنة الصحيحة، أليس هذا ما نشاهده اليوم ويطبقه المسلمون السنة.
فلقد قال عمر بن الخطاب: متعتان كانا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهى عنهما وأعاقب عليهما: متعة النساء، ومتعة الحج. ومع أن الله أحل ذلك للمسلمين وفعله رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم إلا أن المسلمين السنة _ لأن المحرم لهم عمر الذي يعتبرونه مشرعا_ حتى اليوم يتبنون هذا الرأي ويعتبرونه تشريعا حتى ولو خالف الآيات القرآنية، ويحاولون جهدهم إن يلصقوا تحريم ذلك إلى رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم.
روى احمد في مسنده عن ابن عباس قال: -تمتع النبي صلى الله عليه وسلم: فقال عروة بن الزبير نهى أبو بكر وعمر عن المتعة فقال: ابن عباس ما يقول عربة قال يقول نهى أبو بكر وعمر عن المتعة فقال: ابن عباس أراهم سيهلكون أقول قال النبي صلى الله عليه وسلم ويقول نهى أبو بكر وعمر.
وكذلك عندما اخترعوا للمسلمين غسل الرجلين في الوضوء بدل مسحهما مخالفين بذلك كتاب الله وسنة نبيه، ولكن اتبعوا أئمتهم الذين اتخذوهم من دون الله فنبذوا حكم الله _ الذي في آية الوضوء _ وراء ظهورهم وتركوا تطبيق رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم لذلك الأمر الإلهي واتبعهم المسلون السنة حتى يومنا هذا وصار الأمر على الغسل بدل المسح. وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن ماجة عن ابن عباس قال: أبى الناس إلا الغسل، ولا أجد في كتاب الله إلا المسح.
وقس على ذلك كل التغييرات التي حصلت بعد رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم كأحكام الطهارة والوضوء والصلاة والحج والصيام والزكاة والطلاق والزواج والمعاملات والمأكولات والمشروبات وغير ذلك لا زال المسلمون حتى اليوم يبررون كل تلك التغييرات والتبديلات بقال عمر وأبو بكر وعثمان ومعاوية أو فعل عمر وأبو بكر وعثمان ومعاوية، يبررون كل ذلك بالرغم من وضوح المخالفة لأمر الله ورسوله، ولكن كما قلت لك يقدمون أحبارهم ورهبانهم على كلام الله وسنة رسوله، وهم مستعدون لتقديم الغالي والرخيص في سبيل نصرة أولئك وآرائهم ولو كان
ولقد قرأت عزيزي القارئ كيف جسم أولئك ألذات الإلهية واتبعهم المسلمون السنة على ذلك ودافعوا عن أقوالهم وأثبتوه في صحاحهم ومسانيدهم وحتى لو كان ذلك مخالفا للقرآن الكريم.
ولقد قرأت كيف طعنوا في عصمة رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ووصيته حتى يصطنعوا لاؤلئك فضائل لا وجود لها على حساب المقام الإلهي ومنزلة النبوة والرسالة حتى جعلوهم بمنزلة الأنبياء وحتى وصل بهم الأمر إن وضعوا حديثا على رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يدعون فيه إن رسول الله قال لو كان نبيا بعدي لكان عمر.
لقد وصل بهم الغلوا إلى أكثر من هذا الحد، ولكن يكفيك إن تشاهد عشرات المخالفات للآيات القرآنية من المسلمين السنة مقابل تطبيق آراء وأحكام أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية.
لقد ألغى عمر بن الخطاب البسملة من الفاتحة وطبق ذلك معاوية وفرضه على المسلمين، ومع أنها آية من القرآن الكريم، فأنك تجد الملايين من المسلمين السنة يتبعون سنة أولئك ولا يقرؤون البسملة في صلاتهم ولا يجيزونها في صلاتهم.
وكذلك فرض عمر بن الخطاب وضع اليدين على الصدر أي التكتف في الصلاة مع أن رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم لم يفعله بل سدل يديه ولكن لأن الأمر من عمر لازال المسلمون السنة يطبقونه ويتبعون سنة عمر في ذلك.
لقد حث رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم على قيام رمضان فقام رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم وصلى في رمضان لكنه نهى عن صلاة القيام جماعة، ولكن عمر بن الخطاب رأى إن يبتدع بدعة لم يفعلها رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم بل نهى عنها وفرضها عمر على المسلمين عن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، قال عمر: نعم البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون. رواه البخاري وغيره كثير.
ولا زالت هذه البدعة تطبق بحذافيرها من قبل المسلمين السنة مع علمهم بأن ذلك مخالفا للشرع وهو بدعة وأن كل بدعة ضلالة وان كل ضلالة في النار إلا أن رأي عمر بن الخطاب وطاعته أولى من طاعة الله ورسوله، ولذلك بقي المسلمون السنة على ذلك وحافظوا عليه. حتى أنني قرأت رواية عن أمير المؤمنين عليه السلام عندما طلب المسلمون منه أن يفرض لهم إماما
وحتى عندما كان أمير المؤمنين علي عليه السلام يطبق فيهم أمر الله وأمر رسوله صاحوا به ونادوا عليه في معركة الجمل اعطنا سنة العمرين.
لقد كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يحاول دائما إن يعيدهم إلى سنة رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم وأن يتخذوا من قوله وفعله وتقريره قدوة وحجة لأن الله سبحانه وتعالى يقول في سورة الحشر وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7(. ويقول الرسول عن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال لعلي:أنت تبين لأمتي ما اختلفوا فيه من بعدي رواه الحاكم وغيره كثير.
وع كل هذه الدلائل كانوا يواجهونه بالرفض والنكران لأنهم يريدون متابعة من اتخذوهم أربابا من دون الله، فكل المسلمين يعرفون كيف كان موقف أمير المؤمنين عليه السلام عندما جاءه عبد الرحمن بن عوف منتدبا من عمر بن الخطاب ليفرض عليه سنة أبي بكر وعمر فلم يقبل وقال لا إلا على كتاب الله وسنة نبيه لكن عثمان بن عفان قبل بالبيعة على ذلك وقبل المسلمون ذلك ورضوا به.
اتفق مؤرخو الإسلام قاطبةً على أن أمير المؤمنين علياً عليه السلام رفض قبول البيعة بعد مقتل (عمر)، حينما طلبَ منه عبد الرحمن بن عوف أن يبايع على كتاب اللّه وسنة نبيِّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وسيرة الشيخين، فأصرَّ أمير المؤمنين علي عليه السلام على حذف الشق الثالث، وأبى إلا أن يبايع على كتاب اللّه وسنة رسوله صلى اللّه عليه وآله وسلم، لأنه يرى أن سيرة الشيخين َ لا تمثل مصدراً من مصادر التشريع الإسلامي المقدَّس.
جاءَ في تاريخ (الطبري) وبقية تواريخ الإسلام: "فقال عبد الرحمن: إنّي قد نظرتُ وشاورتُ، فلا تجعلُنَّ أيها الرهط على أنفسكم سبيلاً، ودعا علياً فقال: عليكَ عهد اللّه وميثاقه لتعملنَّ بكتاب اللّه وسنة رسوله وسيرة الخليفتين من بعده، قال: أرجو أن أفعل وأعمل بمبلغ علمي وطاقتي، ودعا عثمان فقال له مثل ما قال لعلي، قال: نعم، فبايعه فقال علي: حبوته حبو دهر، ليس هذا أول يوم تظاهرتُم فيه علينا، فصبر جميل، واللّه المستعان على ما تصفون، واللّه ما ولَّيت عثمان إلا ليردَّ الأمر إليك..". رواه ابن جرير الطبري، تاريخ الطبري،، وابن الأثير، الكامل في التاريخ،، وابن كثير، البداية والنهاية،، والذهبي، تاريخ الإسلام،، وفيهما: "هل أنت مبايعي على كتاب اللّه وسنة نبيه صلى اللّه عليه وآله وسلم وفعل أبي بكر وعمر؟ قال: اللهم لا، ولكن على جهدي من ذلكَ وطاقتي".
قال: اللهم لا ولكن على جهدي من ذلك وطاقتي، قال: فأرسل يده، وقال: قم إلي يا عثمان، فأخذ بيده فقال: هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وفعل أبي بكر وعمر؟ قال: اللهم نعم!
روى البخاري في صحيحه عن الزُهريِّ: أنَّ حميد بن عبد الرحمن أخبره: أنَّ المسور بن مخرمة أخبره: أنَّ الرهط الذين ولاهم عمر اجتمعوا فتشاوروا، فقال لهم عبد الرحمن: لست بالذي أنافسكم على هذا الأمر، ولكنكم إن شئتم اخترت لكم منكم، فجعلوا ذلك إلى عبد الرحمن، فلما ولَّوا عبد الرحمن أمرهم، فمال الناس على عبد الرحمن، حتى ما أرى أحداً من الناس يتبع أولئك الرهط ولا يطأ عقبه، ومال الناس على عبد الرحمن يشاورونه تلك الليالي، حتى إذا كانت الليلة التي أصبحنا منها فبايعنا عثمان، قال المسور: طرقني عبد الرحمن بعد هجع من الليل، فضرب الباب حتى استيقظتُ، فقال أراك نائماً، فوالله ما اكتحلت هذه الثلاث بكبير نوم، انطلق فادعوا الزبير وسعداً، فدعوتهما له فشاورهما، ثم دعاني فقال: ادع لي علِيًّا، فدعوته فناجاه حتى إبهار الليل، ثم قام عليّ من عنده وهو على طمع، وقد كان عبد الرحمن يخشى من عليٍّ شيئاً، ثم قال: ادع لي عثمان، فدعوته، فناجاه حتى فرَّق بينهما المؤذِّن بالصبح، فلما صلَّى للناس الصبح، واجتمع أولئك الرهط عند المنبر، فأرسل إلى من كان حاضراً من المهاجرين والأنصار، وأرسل إلى أمراء الأجناد، وكانوا وافوا تلك الحَجَّة مع عمر، فلما اجتمعوا تشهَّد عبد الرحمن ثم قال: أمَّا بعد يا عليُّ، إنِّي قد نظرت في أمر الناس، فلم أرهم يعدلون بعثمان، فلا تجعلنَّ على نفسك سبيلاً. فقال: أبايعك على سنَّة الله ورسوله والخليفتين من بعده، فبايعه عبد الرحمن (أي عثمان).
والمصيبة العظمى أن المسلمين يعتبرون من خالف أبا بكر وعمر وعثمان ومعاوية مجرما خارج عن السنة والجماعة، ومن طبق أمر الله ورسوله يعتبرونه مجرما مارقا زنديقا، لقد انقلبت المفاهيم وخرج الناس عن الصواب ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ولا أجد في هذه الأيام من يطبق أمر الله وأمر رسوله ويلجأ إلى أمير المؤمنين والأئمة من بعده سوى أصحاب المذهب الحق الفرقة الناجية أتباع أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، رزقنا الله زيارة أئمتنا في الدنيا وشفاعتهم في الآخرة حتى نقدم على الله يوم القيامة مع رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم والأئمة من أهل بيته راضين مرضيين.
أخرج ابن مردويه عن علي قال:قال لي رسول الله صلى الله عليه و إله و سلمـ:"أ لم تسمع قول الله:إن الذين آمنوا و عملوا الصالحات أولئك هم خير البرية أنت و شيعتك،موعدي و موعدكم الحوض إذا جاءت الأمم للحساب تدعون غرا محجلين".
والحمد لله رب العالمين
تم بحمد الله في الثاني عشر من ذي القعدة / 1424 هجريه
5 / 1 / 2004 ميلاديه