الصفحة 55
أنفسهم، أليس قد فارق علي بن أبي طالب جماعة المسلمين ولم يبايع أبا بكر إلاّ بعد ستة أشهر ؟ أليس قد خالفت عائشة هذا الحديث وخرجت على عليّ في حرب الجمل مع طلحة والزبير؟! أليس قد فارق عبدالله بن عمر الجماعة ولم يبايع عليّاً طيلة خلافته ثم بايع بعد ذلك يزيد وعبد الملك بن مروان؟!

وهناك حديث آخر يعارض هذه الاحاديث، يقول: عن عبدالله عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحبّ أو كره مالم يُؤمَر بمعصية، فإن أُمر بعصية فلا سمع ولا طاعة»(1) .

وإليك فعلة شنيعة أُخرى اقترفها صحابي ابن صحابي:

عن أسامة بن زيد بن حارثة قال: «بعثنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الحُرقة (قبيلة) من جُهينة، قال فصبّحنا القوم فهزمناهم، قال ولحقتُ أنا ورجل من الانصار رجلاً منهم، قال: فلمّا غشيناه قال لا إله إلاّ الله، قال: فكفّ عنه الانصاري فطعنتُهُ برمحي حتّى قتلتُه، قال: فلمّا قدمنا بلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: فقال لي: يا أُسامة أقتلْتَهُ بعدما قال لا إله إلا الله، قال: قلتُ: يا رسول الله إنّما كان متعوّذاً (أي قالها خوفاً من القتل لا إيماناً) قال: أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله؟ قال: فما زال يكرّرها علىّ حتّى تمنّيتُ أني لم أكن أسلمتُ قبل ذلك اليوم»(2) .

____________

1) صحيح البخاري 9: 113.

2) صحيح البخاري 9: 5، مسند أحمد 5: 200.


الصفحة 56
والواقع أنّ الانسان لا يجد ما يعلق عليه في هذه الحادثة، لذا نتركها للقارئ.

وإليك حادثة أُخرى:

عن أبي هريرة قال: «شهدنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال لرجل ممّن يدّعي الاسلام: هذا من أهل النار، فلمّا حضر القتال قاتل الرجل قتالاً شديداً فأصابته جراحة، فقيل: يا رسول الله الذي قلت إنّه من أهل النار فإنّه قد قاتل اليوم قتالاً شديداً وقد مات، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إلى النار، قال: فكاد بعض الناس أن يرتاب، فبينما هم على ذلك إذ قيل: إنّه لم يمت ولكن به جراحاً شديداً، فلمّاكان من اللّيل لم يصبر على الجراح فقَتل نفسه، فأخبر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)بذلك فقال: الله أكبر إني عبد الله ورسوله، ثم أمر بلالاً فنادى بالناس...»(1) .

هذا رجل مسلم، صحب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وغزا معه، والله أعلم كم غزوة شارك فيها، ولم يكفر بالله ولم يرتدّ لكنّه من أهل النار لانّه انتحر ولم يصبر على الجراح، فكيف يقال: إنّ جميع الصحابة عدول؟!

نكتفي بهذا القدر اليسير من مخالفات الصحابة لله ولرسوله وننتقل إلى بحث آخر وهو: رأي الصحابة في بعضهم البعض.

____________

1) صحيح البخاري 4: 88.

الصفحة 57

رأي الصحابة في بعضهم البعض

إنّ الذي يمنعنا اليوم من مجرّد ذكر حقائق وأفعال بعض الصحابة ـ التي أثبتها الله ورسوله ويدّعي أنّ ذلك طعن بالصحابة ويتهمنا بسب وشتم جميع الصحابة ـ لا يدري أنّ الصحابة أنفسهم شتم بعضهم بعضاً ولعن بعضهم بعضاً وقاتل بعضهم بعضاً، فهل «حلال عليهم، حرام علينا؟!»(1) .

وإليك بعض الامثلة على ذلك:

عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص عن أبيه قال: «أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال: ما منعك أن تسب أبا التراب؟! فقال: أمّا ما ذكرتُ ثلاثاً قالهنّ له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلن أسبّه لان تكون لي واحدة منهنّ أَحبّ إلىَّ من حُمر النِّعم. سمعتُ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول له وقد خلّفه في بعض مغازيه فقال له علىّ: يا رسول الله خلّفتني مع النساء والصبيان فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبوّة بعدي، وسمعته يقول يوم خيبر: لاعطينّ الراية رجلاً يُحبّ اللهَ ورسولَه ويحبّه اللهُ

____________

1) مثل تونسي شائع.


الصفحة 58
ورسولُه، قال فتطاولنا لها فقال: ادعوا لي عليّاً، فأُتي به أرمد فبصق في عينه ودفع الراية إليه ففتح الله عليه، ولمّا نزلت هذه الاية: (فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ)(1) دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: اللّهم هؤلاء أهلي»(2) .

ونحن نستخلص من شهادة سعد بن أبي وقاص هذه أشياء:

أولاً: لو كان سبّ الصحابي كفراً فما بال معاوية بن هند يأمر الصحابة ومن ضمنهم سعداً بسبّ علي بن أبي طالب؟! وما بال بني أُميّة اتخذوا سبّ علي بن أبي طالب سنّة، حتّى كانوا يلعنونه على المنابر طيلة سبعين سنة.

ثانياً: ثبت عن الصحابة أنّ المقصود من أهل البيت النبوىّ ليس زوجات الرسول بل هم: علي وفاطمة وحسن وحسين وفيهم نزلت آية التطهير حيث يقول تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وُيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(3) فالقرآن نزل بين الصحابة وما كانت لتخفى عليهم مقاصد هذه الاية.

وثالثاً: يتبيّن كذب أحاديث قيلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومنها هذا

____________

1) سورة آل عمران: 61.

2) صحيح مسلم 4: 1871، كتاب فضائل الصحابة.

3) سورة الاحزاب: 33.


الصفحة 59
الحديث التالي:

عن محمد بن إسحاق عن يونس بن محمد عن إبراهيم بن سعد عن عبيدة بن أبي رائطة عن عبد الرحمان عن عبد الله بن مغفّل قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضاً بعدي، فمن أحبّهم فبحبّي أحبّهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه»(1) .

فإذا صحّ الحديث فمعاوية ـ وهو صحابي درجة مائة ـ كان يسبّ عليّاً وما أدراك ما علي ويأمر بسبّه; وعليّ (عليه السلام) قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «لا يحبّك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق»(2) .

وإليك مثال آخر على رأي الصحابة في بعضهم البعض:

عن جابر قال: «صلّى معاذ بن جبل الانصاري بأصحابه صلاة العشاء فطوّل عليهم، فانصرف رجل منّا، فصلّى، فأُخبر معاذ عنه فقال: إنّه منافق، فلمّا بلغ ذلك الرجل دخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخبره ما قال معاذ، فقال

____________

1) مسند أحمد بن حنبل 9: 82، وقريب من هذا الحديث حديث «أحسنوا إلى أصحابي» مسند أحمد بن حنبل: 45 حديث رقم 178.

فهل أحسن عثمان إلى أبي ذر وهل أحسن معاوية لعليّ وهل أحسن يزيد (التابعي) إلى الحسين الصحابي وو...؟!

2) أنظر سنن ابن ماجة 1: 42، فضائل عليّ.


الصفحة 60
النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)«أتريد أن تكون فتّاناً يا معاذ؟ إذا صلّيت بالناس فاقرأ بالشمس وضحاها وسبّح اسم ربّك الاعلى واللّيل إذا يغشى واقرأ باسم ربّك»(1) وتعليقاً على الحديث نقول: انظر إلى معاذ وهو يرمي أحد المسلمين بالنفاق لانه لم يُطق تطويله وتأمّل لوم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لمعاذ.

كذلك أمر عمر بن الخطاب رجال السقيفة بأن يقتلوا سعد بن عبادة لانّه خالف ما اتفقوا عليه، وهكذا الامثال عديدة، فمن شاء فليحقّق في الصحاح وكتب السيرة.

ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «من قال لاخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما»(2) .

وإليك مثالاً آخر:

«عن جابر (رضي الله عنه) قال: غزونا مع النبىّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد ثاب معه ناس من المهاجرين حتّى كثروا، وكان من المهاجرين رجل لعّاب فكسع أنصاريّاً فغضب الانصاري غضباً شديداً حتّى تداعوا، وقال الانصاري: ياللانصار، وقال المهاجرىّ: يا للمهاجرين، فخرج النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)فقال: ما بال دعوى أهل الجاهليّة، ثم قال: ماشأنهم؟ فأُخبر بكسعة المهاجرىّ الانصاري، قال فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): دعوها فإنّها خبيثة.

وقال عبد الله بن أُبي بن سلول: قد تداعوا علينا لئن رجعنا إلى المدينة

____________

1) سنن ابن ماجه 1: 315، باب من أمّ قوماً فليُخفّف.

2) موطّأ الامام مالك: 652، حديث رقم 1844.


الصفحة 61
ليخرجنّ الاعزّ منها الاذلّ، فقال عمر: ألا نقتل يا رسول الله هذا الخبيث لعبدالله، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يتحدّث الناس أنّه كان يقتل أصحابه»(1) .

فهاهم المهاجرون والانصار يختلفون ويكادون يتقاتلون، حتّى وصل الامر أن يستغلّ هذه الفرصة رأس المنافقين فيقول ما قال.

ولنتصور مدى تألّم قلب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يرى أصحابه يرفعون شعارات قبليّة، أليست هذه إذاية للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!

ثم تأمّل قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث قال: «لا يتحدث الناس أنه كان يقتل أصحابه»، فنفهم منه أنّ المنافقين بعكس ما يقول علماء أهل السنّة كانوا داخلين في دائرة الصحابة وما كان أكثرهم حتّى أن الله تعالى أنزل سورة كامة باسمهم(2) وقال تعالى فيهم في سورة التوبة: (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الاَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ...)(3) فمن هم يا تُرى أولئك المنافقون الذين لا يعلمهم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)؟! سنعرفهم يوم القيامة إن شاء الله تعالى.

كذلك تسابّ خالد بن الوليد وعبدالرحمن بن عوف أمام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)

____________

1) صحيح البخاري 4: 223، وكذلك في مسند أحمد 3: 338.

2) هي سورة المنافقون.

3) سورة التوبة: 101.


الصفحة 62
وأفحش خالد بن الوليد لعمّار بن ياسر(1) وما أدراك ما عمّار الطيب بن الطيب(2) كما وصفه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

____________

1) مسند أحمد 4: 89.

2) سنن ابن ماجه 1: 52، فضائل عمّار.

الصفحة 63

الصفحة 64

ما لاقاه الصحابة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)

1_ عمّار بن ياسر:

عمّار بن ياسر أبو اليقظان وهو صحابي جليل وقد استشهد أبواه ياسر وسميّة ـ أوّل شهيدة في الاسلام ـ بعد أن عُذِّبا وعمّار عذاباً شديداً من مشركي قريش.

وعمّار هو الذي نزل فيه قوله تعالى: (إلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالاِيمَانِ)(1) بعدما نال من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وذكر آلهة المشركين على رواية لشدة ما ناله من العذاب، وقد قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «عمّار تقتله الفئة الباغية»(2) وفعلاً استشهد عمّار يوم حرب صفّين بين علي بن أبي طالب (عليه السلام)ورئيس الفرقة الباغية معاوية بن هند.

وقبل أن يقتل «الصحابي» معاوية عمّاراً كما قتل غيره،تعرّض عمّار

____________

1) سورة النحل: 106.

2) صحيح البخاري 4: 25.

هذا مع أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «من أبغض عمّارا أبغضه الله». أنظر مسند أحمد 4: 89، فما بالك إذن بمن قتله واجترأ عليه ؟


الصفحة 65
للضرب والشتم من عثمان ووزيره مروان بن الحكم، وإليك القصة كما أوردها ابن قتيبة في كتابه (الامامة والسياسة):

«... ثم تعاهد القوم ليدفعن الكتاب في يد عثمان، وكان ممّن حضر الكتاب عمّار بن ياسر والمقداد بن الاسود، وكانوا عشرة، فلمّا خرجوا بالكتاب ليدفعوه إلى عثمان والكتاب في يد عمار جعلوا يتسللون عن عمّار حتّى بقي وحده، فمضى حتّى جاء دار عثمان، فاستأذن عليه، فأذن له في يوم شات فدخل عليه وعنده مروان بن الحكم وأهله من بني أُميّة، فدفع إليه الكتاب فقرأه فقال له: أنت كتبت هذا الكتاب؟ قال نعم، قال: ومن كان معك؟ قال كان معي نفر تفرّقوا فَرقاً منك، قال: من هم؟ قال: لا أُخبرك بهم، قال: فلم اجترأت علىّ من بينهم؟ فقال مروان: يا أمير المؤمنين إنّ هذا العبد الاسود (يعني عمار) قد جَرّأ عليك الناس، وإنّك إن قتلته نكّلت به من وراءه، قال عثمان: اضربوه، فضربوه وضربه عثمان معهم حتّى فتقوا بطنه، فغشي عليه، فجرّوه حتّى طرحوه على باب الدار، فأمرت به أُم سلمة زوج النبي عليه الصلاة والسلام فأدخل منزلها...»(1) .

l أبو ذرّ الغفاري:

هو جندب بن جنادة من قبيلة غفار، وكان رابع من أسلم أو خامسهم بعد خديجة وعلىّ وزيد بن حارثة، وقد قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «ما أظلّت

____________

1) الامامة والساسية1: 50 ـ 51.


الصفحة 66
الخضراء ولا أقلّت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر»(1) .

وأبو ذرّ هذا نفاه عثمان بن عفّان إلى الشام، لكن معاوية خاف منه ومن صرامته في الحق فأرسل لعثمان كتاباً قال له فيه: انقذني من أبي ذرّ، فأرجعه عثمان وشتمه ونفاه إلى صحراء الربذة حتّى مات هناك، فصدق فيه قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «تمشي وحدك وتموت وحدك وتُبعث وحدك»(2) .

بل إنّ هذا الصحابي الجليل القدر لم يجد حين حضرته الوفاة كفناً يُكفّنُ فيه، في حين كان مروان بن الحكم وغيره من بني أُميّة المجرمين يتنعّمون ويبذّرون مال الله على شهواتهم، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

l سهل بن سعد الساعدي:

صحابي من الصحابة، وقد قال ابن الاثير في ترجمته «... وعاش وطال عمره، حتّى أدرك الحجّاج بن يوسف وامتُحن معه، أرسل الحجّاج سنة أربع وسبعين إلى سهل بن سعد (رضي الله عنه) وقال له: ما منعك من نصر أمير المؤمنين عثمان؟! قال: قد فعلته. قال: كذبت، ثم أمر به فَخُتم في عُنُقه، وخَتم أيضاً في عنق أنس بن مالك (رضي الله عنه)، حتّى ورد عليه كتاب عبد الملك بن مروان فيه، وختم في يد جابر بن عبدالله، يريد (أي الحجّاج) إذلالهم بذلك، وأن يجتنبهم

____________

1) طبقات ابن سعد ج4، ترجمة أبي ذر الغفاري.

2) الحديث عن عبدالله بن مسعود وقد قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لابي ذرّ في غزوة تبوك، الطبقات الكبرى لابن سعد 4: 173.


الصفحة 67
الناس ولا يسمعوا منهم»(1) .

وكما ترى فإنّ الحجّاج ومن قبله معاوية ويزيد لم يدعوا حرمة للصحابة بل ختموا على رقابهم وأيديهم كالاغنام، وقد ختم يزيد على رقاب أهل المدينة بعد أن غزاها وكان فيها من الصحابة والتابعين الكثير وشرط عليهم أن يختم عليهم وأن يشهدوا على أنهم عبيد ليزيد.

ولاحظ حقد الحجّاج على من لم ينصر عثمان، فما بالك بمن حارب عثمان ودعى لقتله، وقد فعل هذا كثير من الصحابة كعائشة وطلحة والزبير وعمرو بن العاص وغيرهم كثير، وبهذا تعرف لماذا صارت لعثمان فضائل كثيرة مزعومة ومثالب وشتائم لمن عارضه أو قتله أو رضي بذلك، فافهم!!

نكتفي بهذا القدر، ولو أردنا التوسع فيما لقيه الصحابة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)من التنكيل والتبعيد والقتل والسب والشتم لاحتاج كلّ ذلك إلى كتاب على أقل تقدير، ثم يقال بعد هذا إنّ سبّ الصحابي كفر وزندقة؟!

____________

1) أُسد الغابة 2: 472، ترجمة سهل بن سعد الساعدي.


الصفحة 68

رأي التابعين في الصحابة

في الواقع إنّ الباحث الفطن يكتشف أن مسألة عدالة الصحابة أجمعين أو فقل: إنّ لُغز عدالة الصحابة جميعاً هي مسألة محبوكة وموضوعة لكي تقف حجر عثرة أمام الوصول إلى الحقيقة، ولا يوجد أدنى شكّ في أنّها خطة أُمويّة أسّسها معاوية بن أبي سفيان حتّى لا يفتضح هو وأمثاله من أرثّاء وأخسّاء الصحابة وحتّى لا تصل الاُمة بعد ذلك إلى فهم القرآن الكريم وآياته ـ والتي تتضمّن طعناً بكثير من الصحابة كما أشرنا ـ وبالتالي عدم فهم السنّة الشريفة، وبعبارة أُخرى فقل: أراد معاوية الذي أسلم يوم فتح مكة ثم صار فيما بعد أميراً للمؤمنين، أراد أن لا يستغرب أحد من الاُمة هذه القفزة النوعيّة ولا تُثار الشكوك حولها، وبعبارة أدقّ قام معاوية بعمليّة خلط الاوراق حتّى لا يميّز المسلم يمينه من يساره ولا ناقته من جمله.

وبعد هذا الاستعراض القصير جدّاً لما شجر بين الصحابة من السب والتنابز، نأتي إلى طبقة التابعين لنرى رأي بعضهم في الصحابة.

لو كان كلّ الصحابة عدولاً كما يقال، فما كان هذا الامر ليخفى على أحد مشاهير وأعلام التابعين، وهو الحسن البصري الفقيه البصري المعروف والذي أبدى رأيه في معاوية ـ الصحابي ـ صراحة حيث يقول:

«أربع خصال كُنّ في معاوية ولو لم يكن فيه منهنّ إلاّ واحدة لكانت

الصفحة 69
موبقة:

  • انتزاؤه على هذه الاُمة بالسفهاء حتّى أبتزّوها أمرها بغير مشورة منهم وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة.

  • استخلافه ابنه ـ يقصد يزيد الشر ـ بعده سكّيراً خميراً يلبس الحرير ويضرب الطنابير.

  • ادعاؤه زيادًا وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الولد للفراش وللعاهر الحجر.

  • قتله حجر وأصحابه ـ يقصد حجر بن عدي الصحابي الجليل ـ ويل له من حجر وأصحابه ويل له من حجر وأصحابه»(1) .

    فهذا التابعي يشنّع على معاوية ـ الصحابي ـ أمورا منها أنه انتزى على حكم المسلمين بالقوّة والباطل رغم وجود بقية باقية من خيار الصحابة، ولم يكتف معاوية بهذا بل جعل أناساً مجرمين ولاة على الامارات الاسلامية كتوليته زياد بن أبيه (الذي جعله أخاً له) وتولية بسر بن أرطأة السفاح وكتولية المغيرة بن شعبة والضحاك بن قيس الفهري على الكوفة وغيرهم.

    كذلك يشنّع الحسن البصري على معاوية توليتهُ يزيداً ابنه خليفة ـ ملكاً على الاصح ـ على المسلمين مع ما اشتهر عنه من فسق وفجُور، حتّى قال فيه الحسين بن علي (عليه السلام) قولته الشهيرة عندما رفض مبايعة يزيد: «وعلى

    ____________

    1) تاريخ الطبري 5: 279.


    الصفحة 70
    الاسلام السلام إذ بُليت الاُمة براع مثل يزيد».

    ولا ينسى الحسن البصري حادثة قتل معاوية لحجر بن عدي الصحابي الجليل الذي دفنه حيّاً في مرج عذراء قرب دمشق مع ثلّة من أصحابه. وَسجِلّ معاوية مليء بالاغتيالات والتصفيات التي طالت حتّى كبار الصحابة فضلاً عن غيرهم. فقد سمّ الامام الحسن بن علي (عليه السلام) ريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وسيّد شباب أهل الجنة، وقتل محمد بن أبي بكر وعمّار بن ياسر الذي قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «ويح عمّار تقتله الفئة الباغية»، وعلى هذا يكون معاوية رئيس الفرقة الباغية، ثمّ يأتي من يقول بعد ذلك إنّ جميع الصحابة ـ بمن فيهم معاوية ـ عدول، ثقات، مغفور لهم، مشهود لهم بالجنة وأنّ منهم من اجتهد فأصاب ومنهم من اجتهد فأخطأ كمعاوية ولهذا فله أجر واحد فقط؟!

    اللّهم احفظ لنا عقولنا فإنّك ما كرّمت بني آدم على الدواب إلاّ بها.

    الصفحة 71

    الصفحة 72

    صحابة تحت المجهر

    ولكي يتبيّن الصّبح لذي عينين، لنضع بعض الصحابة الذين كان لهم أعمق الاثر في أن يوجد لدينا اليوم إسلام ذو شكل عجيب وغريب لا يمتّ إلى إسلام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بأىّ صلة اللّهم إلاّ الاشتراك اللّفظي، تحت المجهر.

    1 ـ أبو هريرة الدوسي:

    أبو هريرة، وما أدراك ما أبو هريرة، راوية الاسلام الاعظم.

    واختُلف في اسم أبي هريرة اختلافاً شديداً، لكن طغى عليه هذا الاسم.

    وقد أسلم هذا الرجل في السنة السابعة للهجرة بعد غزوة خيبر، يعني أنه لم يصاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلاّ مقدار ثلاث سنوات أو أقلّ، لكن العجيب أنه أكثر الصحابة رواية، حيث بلغ مجموع أحاديثه (5374) حديثاً، علماً أنّ مجموع ما رواه الخلفاء الاربعة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي (عليه السلام) هو (1421) حديثاً، وكما يقول السيد عبد الحسين شرف الدين العاملي فإنّ نسبة حديث هؤلاء الذين طالت صحبتهم للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى حديث أبي هريرة هو أقل

    الصفحة 73
    من 27 في المائة(1) .

    وليت الامر وقف عند هذا الحدّ، بل إنّ أبا هريرة يقول: «حفظت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعاءين فأمّا أحدهما فبثثته، وأمّا الاخر فلو بثثته قُطع هذا البلعوم»(2) .

    وقد استنكر كثير من الصحابة على هذا الرجل كثرة حديثه، ومنهم عمر بن الخطاب، وحتّى قال فيه علي بن أبي طالب (عليه السلام): «إنّ أكذب الاحياء على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لابو هريرة الدوسي»(3) .

    وحتّى تتيقّن بنفسك أيها القارئ الكريم أنّ أبا هريرة كان مخرّفا ولم يكن محدّثاً فتعال معي لنضع جزءاً يسيراً جدّاً جدّاً من أحاديثه وانظر مخالفتها للعقل أولاً وللقرآن والسنّة ثانيًا حتّى تعلم أنّ حديث أبي هريرة ليس إلاّ زخرف من الكلام ولا يمكن أن يكون كلام شخص عاقل فضلاً عن نبىّ،

    ____________

    1) كتاب أبو هريرة للعلاّمة شرف الدين الموسوي العاملي: 45.

    هذا وقد أعتبر ابن حزم أن مجموع ما رواه الخلفاء الاربعة هو (1361) حديثاً في كتابه «أسماء الصحابة الرواة، وعلى كلٍّ الفارق شاسع بين ما روَوْه جميعاً وبين ما رواه أبو هريرة.

    2) صحيح البخاري باب حفظ العلم 1: 24.

    3) كتاب أبوهريرة للعلاّمة شرف الدين الموسوي العاملي: 186، وأيضاً كتاب أبو هريرة شيخ المضيرة لمحمود أبو رية المصري: 119.


    الصفحة 74
    وإليك هذا البعض اليسير:

  • عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «اختتن إبراهيم (عليه السلام) وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم»(1) .

    ربمّا لا يدري أبو هريرة أنّ الانبياء هم أكمل خلق الله تعالى، فلا حاجة أن يختتنوا بل يولدون مختونين مقطوعي السرّة، كما كان شأن نبيّنا (صلى الله عليه وآله وسلم).

    ثمّ لماذا يبقى إبراهيم غير مختون إلى هذا العمر المتأخّر؟!

  • عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «بينما أيوب يغتسل عُرياناً خرَّ عليه رجل جراد من ذهب، فجعل يحثي في ثوبه، فنادى رَبُّهُ: يا أيوّب ألم أكن أغنيتك عمّا ترى؟ قال: بلى يا ربّ ولكن لا غنى لي عن بركتك»(2) .

    تعليق: إنّ هذا الحديث متهاو من عدة وجوه:

    أوّلاً: إذا كان أيوب (عليه السلام) يغتسل عرياناً فكيف كان يضع الجراد الذهبي في ثوبه؟!

    ثانياً: لماذا يعاتب الله أيوّب على أخذ هذا الجراد، أليس هو الذي أنزله عليه؟! أم كان الامر اختباراً لايوّب؟! وإذا كان اختباراً فكيف يكون أيوّب

    ____________

    1) صحيح البخاري 4: 170، ومسند أحمد 2: 322.

    2) صحيح البخاري 4: 184، وكذلك في المستدرك للحاكم المجلّد 2: 582.


    الصفحة 75
    حريصاً لهذه الدرجة على جمع الذهب؟!

    إنّ أيوّب مدحه الله تعالى وجعله أُسوة في الصبر، وكذلك باقي الانبياء ليس همّهم جمع الذهب والفضّة، وماذا يعني لهم الذهب والفضّة وكل كنوز الدنيا أمام طاعة الله ورضاه؟! نعم إذا كان أبو هريرة يقيس نبي الله أيوّب بنفسه فحينئذ لا نستغرب منه هذا التصرف.

  • ويمضي أبو هريرة في تطاوله على رُسل الله وأنبياءه فيقول: «قيل يا رسول الله من أكرم الناس؟! قال: أتقاهم، فقالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: فيوسف نبيّ الله ابن نبىّ الله ابن نبي الله ابن خليل الله. قالوا: ليس عن هذا نسألك قال: فعن معادن العرب تسألون خيارهم في الجاهلية خيارهم في الاسلام إذا فقهوا»(1) .

    تعليق: ما بال القوم لا يكتفون، بقوله (صلى الله عليه وآله وسلم)«أتقاهم؟!» أليس الله تعالى يقول: (إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُم) ؟! ثم ما معنى كرامة يوسف على الناس جميعاً حتّى على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهل الكرامة بالنسب فقط وإذا كان كذلك فإخوة يوسف هم كذلك أبناء وأحفاد أنبياء.

  • عن أبي هريرة قال: «سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «قرصتْ نملة نبيّاً من الانبياء، فأمر بقرية النمل فأُحرقت، فأوحى الله إليه: أن قرصتك نملة أحرقتَ أُمّة من الاُمم تسبّح»(2) .

    ____________

    1) صحيح البخاري 4: 170.

    2) صحيح البخاري 4: 75.


    الصفحة 76
    تعليق: ليس هذا الذي يحكي عنه أبو هريرة بنبيّ، بل إنسان مجنون أو رجل بعقل طفل مشاغب، وهل يعمل هذا الفعل عاقل؟! نعم ربمّا قرصت نملة باليمن رِجل أبي هريرة الحافية فأحرق قرية النمل ثم نسب الحديث إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).

  • عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «التثاؤب من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليردّه ما استطاع، فإنّ أحدكم إذا قال ها ضحك الشيطان»(1) .

    تعليق: ما أكثر ضحك الشيطان إذاً !!

  • عن أبي هريرة قال: قال النبىّ (صلى الله عليه وآله وسلم): كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبيه بإصبعه حين يولد غير عيسى بن مريم ذهب يطعن فطعن في الحجاب(2) .

    تعليق: لم يبيّن لنا أبو هريرة لماذا أخطأ الشيطان عيسى بن مريم؟! وما أدراه فلعلّ كثيرون أفلتوا من طعنة الشيطان؟! وعلى هذا الحديث يكون رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ممّن طعن الشيطان في جنبيه، نعم هذا ما أراد أن يقوله بنو أُميّة حقداً على الرسول والرسالة، لكن عن طريق بوقهم الكبير أبي هريرة خليل الرسول؟!

  • عن أبي هريرة: «أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا

    ____________

    1) صحيح البخاري 4: 152.

    2) صحيح البخاري 4: 151.


    الصفحة 77
    الله من فضله فإنّها رأت ملكاً، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوّذوا بالله من الشيطان فإنّه رأى شيطاناً»(1) .

    تعليق: الكلام موجّه إلى أهل الحديث: ما أكثر تعوّذكم في اليوم واللّيلة، اعملوا بهذا الحديث إذاً فإن راويه ثقة، أو بيعوا أحمرتكم حتّى تخلصوا من هذه الورطة، لكن ربمّا يكون ركوبكم للسيارة بدعة! فاختاروا ما شئتم.

  • عن أبي هريرة «أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه، فإنّ في إحدى جناحيه داء والاُخرى شفاء»(2) .

    تعليق: لم يذكر لنا أبو هريرة أي نوع من الذباب يقصد، هل الذباب الازرق أم الذبابة اللّولبيّة أم ذبابة الـ«تسي تسي»؟!

  • عن أبي هريرة: «عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة وغبرة، فيقول له إبراهيم: ألم أقل لك لا تعصني، فيقول أبوه: فاليوم لا أعصيك، فيقول إبراهيم: يا ربّ إنّك وعدتني أن لا تخزيني يوم يبعثون، فأىّ خزي أخزى من أبي الابعد، فيقول الله تعالى: إنّي حرّمت الجنة على الكافرين، ثم يقال له: يا إبراهيم ما تحت رجليك؟ فينظر

    ____________

    1) صحيح البخاري 4: 155، ومسند أحمد 2: 321.

    2) صحيح البخاري 4: 158، وكذلك في مسند أحمد 2: 246.


    الصفحة 78
    فإذا هو بذيخ ملتطخ فيؤخذ بقوائمه فيُلقى في النار»(1) .

    تعليق: ما بال إبراهيم خليل الله ينخدع بقول أبيه أنه لا يعصيه يومذاك؟! ألم يقل الله تعالى في قصته مع أبيه (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لاَِبِيهِ إلاّ عَنْ مَوْعِدَة وَعَدَهَا إيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ للهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إبْرَاهِيمَ لاََوَّاهٌ حَلِيمٌ)(2) .

    وما بال إبراهيم يرى حكم الله العادل خزياً؟! وما باله يدافع عن الكافرين والمشركين وهو رافع لواء التوحيد؟! وهذه إساءة أُخرى من أبي هريرة للانبياء.

  • عن أبي هريرة «عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من قال أنا خير من يونس بن متّى فقد كذب»(3) .

    تعليق: إذن وعلى هذا الحديث يصبح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أقل رتبة من الانبياء أُولي العزم، ويصبح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) متناقضاً في كلامه حيث ورد في الاحاديث أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) سيّد ولد آدم ولا فخر، وكذلك يصبح قول الله تعالى: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْض)(4) لغواً.

    ____________

    1) صحيح البخاري 4: 169.

    2) سورة التوبة: 114.

    3) صحيح البخاري 6: 63.

    4) سورة البقرة: 253.


    الصفحة 79
    وقصد معاوية وبني أُميّة من هكذا أحاديث واضح، فإنّ غايتهم هي استنقاص رسول الله الذي لم يقدروا على هزيمته وإماتة دعوته، فعمدوا بداع الحقد الذي لهم عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى وضع هكذا حديث(1) لكن الله بالمرصاد (إِنَّ الَّذينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالاخِرَةِ)(2) .

  • عن أبي هريرة: «عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إنّ موسى كان رجلاً حيّياً ستيراً، لا يرى من جلده شيء استحياء منه، فآذاه من آذاه من بني إسرائيل فقالوا: ما يستتر هذا التستر إلاّ من عيب بجلده، إمّا برص وإمّا أدرة وإمّا آفة، وإنّ الله أراد أن يبرّئه ممّا قالوا لموسى، فخلا يوماً وحده فوضع ثيابه على الحجر ثم اغتسل، فلمّا فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها وإنّ الحجر عدا بثوبه، فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر فجعل يقول: ثوبي حجر ثوبي حجر، حتّى انتهى إلى ملا من بني إسرائيل فرأوه عرياناً أحسن ما خلق الله وأبرأه ممّا يقولون، وقام الحجر فأخذ ثوبه فلبسه وطفق بالحجر ضرباً

    ____________

    1) من ذلك هذا الحديث: «اللّهمّ إنّما أنا بشر فلا تعاقبني بشتم رجل من المسلمين» مسند أحمد 6: 160.

    فهل كان الرسول يشتم بدون وعي ؟!

    2) سورة الاحزاب: 57.


    الصفحة 80
    بعصاه، فوالله إنّ بالحجر لندباً من أثر ضربه ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً، فذلك قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذين آمنوا لاَ تَكُونُوا كَالذِينَ آذَوا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً) »(1) .

    تعليق: إنّ الانسان والله يخاف أن ينزل عليه حجر من السماء لفظاعة هذا الافك، ولا أدري هل أراد الله أن يبرّأ موسى أم أراد أن يفضحه.

    وما معنى أن يعدو الحجر ويهرب؟! وما بال موسى يسرع وراءه كالمجنون غير آبه بأحد ولا ملتفت لحاله؟! وما باله يضرب الحجر حتّى جعل فيه أثراً؟! إنّ هذا الفعل لا يفعله مجنون قبيلة دوس التي ينتمي إليها أبو هريرة فما بالك بكليم الله ونجيّه وأحد الانبياء أُولي العزم؟! هل يجرأ أبو هريرة الذي كان ينام في مسجد رسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان من أصحاب الصفة بل من أشهرهم والذي كان يُغمى عليه من الجوع والذي كان يرافق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لشبع بطنه، هل يجرأ أن يفعل هذا الفعل وهو هو من الحقارة والذلّة وخفاء الاسم بين جميع الصحابة؟! ولا ندري لماذا هذا الحقد من أبي هريرة على أنبياء الله؟! لكن إذا عُرف السبب بطل العجب، فإنّ بني أُميّة بدءاً بمعاوية وغيره أمروه فقال، وهل يستطيع ردّ قولهم وأمرهم وهم الذين جعلوه أميراً على المدينة المنوّرة وبنوا له فيها قصراً وكان يأكل مع معاوية ألذّ ألوان الطعام بعد أن كان مجهولاً طول عمره في اليمن يخدم الاشراف بشبع بطنه وبعد إسلامه

    ____________

    1) صحيح البخاري 4: 190.

    والاية في سورة الاحزاب: 69.


    الصفحة 81
    كان ينام في المسجد ولا يجد أحداً يطعمه إلاّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبعض صحابته الكرماء؟! ألم يعزله عمر بن الخطاب عن البحرين بعد أن لعبت أصابعه في مال الله حتّى علاه عمر وأنهكه ضرباً بالدرة.

    وليس الغريب أن يصدر هذا من أبي هريرة، لكن الغريب ممّن يأخذ منه ويتبع قوله كالبخاري ومسلم وغيرهما وبقية المسلمين!!

    أيها المسلمون الحذر الحذر عمّن تأخذون منه دينكم، فليس كل من هبّ ودبّ بمأمون على الدين، ولعن الله زمناً صار فيه معاوية عدوّ الله ورسوله وابن عدوّ الله ورسوله وابن عدوّة الله ورسوله ملكاً أو خليفة على المسلمين، فصبّ أحقاده كلّها على الرسول والرسل والصالحين ثأراً لدم أخيه وخاله وجدّه يوم قتلوا ببدر ولعن الله زماناً صار فيه أبو هريرة الدوسي راوية الاسلام الاوّل يقول فيُسمع منه، وعلي بن أبي طالب وغيره من أجلاّء الصحابة مغلوبون على أمرهم.

    (فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ)(1) .

    2 ـ خالد بن الوليد:

    بعد أبي هريرة نتناول واحداً من كبار الصحابة، وهو خالد بن الوليد بن المغيرة، لنرى ما فعله خالد وهل كان فعله مطابقاً للقرآن والسنّة أم...؟!

    ____________

    1) سورة البقرة الاية: 79.


    الصفحة 82
    يقول ابن الاثير في كتابه أُسد الغابة في تمييز الصحابة في ترجمة مالك بن نويرة المقتول المزنيّ بزوجته في نفس اللّيلة مايلي: «... إلاّ أنّه لم تظهر عليه ردة (يقصد مالك بن نويرة الصحابي الجليل) وأقام بالبطاح، فلمّا فرغ خالد من بني أسد وغطفان سار إلى مالك وقدم البطاح، فلم يجد به أحداً، كان مالك قد فرّقهم ونهاهم عن الاجتماع (لو كان مالك مرتداً فعلاً لاعدّ العدّة لقتال خالد) فلمّا قدم خالد البطاح بثّ سراياه، فأُتي بمالك بن نويرة ونفر من قومه. فاختلفت السرية فيهم، وكان فيهم أبو قتادة، وكان فيمن شهد أنهم أذّنوا وأقاموا وصلّوا، فحبسهم في ليلة باردة وأمر خالد فنادى: أدفئوا أسراكم ـ وهي في لغة كنانة القتل ـ فقتلوهم (انظر إلى دهاء خالد ومكره) فسمع خالد الواعية فخرج وقد قُتلوا، فتزوّج خالد امرأته، فقال عمر لابي بكر: سيف خالد فيه رهق وأكثر عليه، فقال أبوبكر: تأوّل فأخطأ ولا أشيم سيفاً سلّه الله على المشركين، وودّى مالكاً، وقَدِم خالد على أبي بكر فقال له عمر: يا عدوّ الله قتلت امرأً مسلماً ثم نزوت على امرأته، لارجمنّك...».

    إلى أن يقول: «فهذا جميعه ذكره الطبري وغيره من الائمة ويدلّ على أنّه لم يرتد، وقد ذكروا في الصحابة أبعد من هذا، فتركهم هذا عجب، وقد اختلف في ردّته، وعمر يقول لخالد: قتلت امرأً مسلماً، وأبو قتادة يشهد أنهم أذنوا وصلّوا، وأبو بكر يردّ السبي ويعطي دية مالك من بيت المال، فهذا جميعه

    الصفحة 83
    يدلّ على أنّه (مالك) مسلم»(1) انتهى كلام ابن الاثير.

    إنّ لنا أن نحلّل هذه الحادثة بكلّ موضوعية وبعيداً عن أي تحيّز فنقول:

    أولاً: إنّ مالك بن نويرة رجل مسلم بشهادة عمر وأبو قتادة ولم يرتدّ.

    ثانياً: إنّ خالد بن الوليد أراد قتله لكي يظفر بزوجته وكانت من أجمل نساء العرب، ولهذا قال مالك قبل قتله هذه التي قتلتني ولهذا استعمل خالد كلمة ادفئوا أسراكم وكان يقصد قتلهم بالتأكيد وليس ادفاءهم من البرد.

    ثالثاً: وهذا أعجب لماذا لم يُقم أبو بكر الحدّ على خالد لقتل مسلم وللزنى بزوجته لانّه تزوّجها بدون عدّة بل في نفس تلك الليلة.

    رابعاً: كان عمر غاضباً جدّاً من خالد وقال له ما قد مرّ، ومن هنا نفهم لماذا عزل عمر خالداً عندما صار خليفة وعيّن مكانه أبا عبيدة على جيوش المسلمين، ثم ما معنى قول أبي بكر: تأوّل خالد فأخطأ؟! وهل في حدود الله مزاح وخطأ وصواب؟!

    وليت الامر وقف بخالد عند هذا الحدّ، لكنّه كما كان سيفاً مسلولاً ـ بالباطل ـ على المسلمين في أُحد وغيرها، فإنّه أوغل في دماء المسلمين بعد

    ____________

    1) أسد الغابة 5: 52 ـ 53 في ترجمة مالك بن نويرة.


    الصفحة 84
    إسلامه، فهو فعلاً سيف، لكنّه سيف مسلّط على المسلمين والمؤمنين، ولتزداد يقيناً أنّ السياسة هي التي أسمت خالداً هذا بسيف الله المسلول، تعال إلى هذه الحادثة:

    «لمّا فتح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مكّة بعثه إلى بني جذيمة من بني عامر بن لؤي فقتل منهم من لم يجز له قتله فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): اللّهم إنّي أبرأ إليك ممّا صنع خالد فأرسل مالاً مع علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) فودّى القتلى وأعطاهم ثمن ما أخذ منهم، حتّى ثمن ميلغة الكلب...»(1) .

    انظر إلى خالد بن الوليد يبعثه الرسول بكلّ سلم وسلام فيقتل من شاء ويدع من شاء، انظر إلى دعاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يبرأ من فعل خالد بن الوليد.

    ثم يأتي من يقول إنّ خالداً سيف الله المسلول، نعم هو سيف مسلول، لكن ليس من أسياف الله تعالى.

    ولو شئنا التفصيل في فعل خالد وفعاله في الاسلام لما صدّق الانسان ما يرى من هول وعظم ما أتاه خالد، لكن للاختصار نكتفي بهذا المقدار.

    3 ـ المغيرة بن شعبة:

    هو صحابي، وهو أحد النُزّاق الفسّاق الذين فتقوا في الاسلام فتقاً لايجبر

    ____________

    1) أسد الغابة ترجمة خالد بن الوليد، وكذلك أنظر الحديث في مسند أحمد 2: 151.


    الصفحة 85
    إلى يوم القيامة.

    ورد في ترجمته في كتاب أسد الغابة ما يلي: «دهاة العرب أربعة: معاوية ابن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، وزياد...».

    «... وولاّه عمر بن الخطاب البصرة ولم يزل عليها، حتّى شُهد عليه بالزنا، فعزله، ثم ولاّه الكوفة، فلم يزل عليها حتّى قُتل عمر، فأقرّه عثمان عليها...».

    «... وهو أوّل من وضع ديوان البصرة وأوّل من رشى (أعطى رشوة) في الاسلام أعطى «يرفأ» حاجب عمر شيئاً حتّى أدخله إلى دار عمر...»(1) .

    إنّ السكوت عن التعليق هنا أبلغ من التعليق، لكن نقول: العجب من عمر إذ بعد أن عزله عن البصرة بسبب زناه يعيده والياً على الكوفة وخيار الصحابة أحياء يرزقون كعلي بن أبي طالب الذي كان جليس بيته وكأبي ذرّ والمقداد وخزيمة وغيرهم...؟!

    4 ـ ثعلبة بن حاطب:

    وهو أحد الصحابة من الانصار، وقد ورد في ترجمته في كتاب أسد الغابة ما يلي:

    «جاء ثعلبة بن حاطب الانصاري إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا رسول

    ____________

    1) أسد الغابة 5: 248 ترجمة المغيرة بن شعبة.


    الصفحة 86
    الله أدع الله أن يرزقني مالاً، فقال: ويحك يا ثعلبة قليل تؤدّي شكره خير من كثير لا تطيقه، ثم أتاه بعد ذلك فقال: يا رسول الله أدع الله أن يرزقني مالاً، قال: أما لك فِىَّ أُسوة حسنة؟! والذي نفسي بيده لو أردتُ أن تسير الجبال معي ذهباً وفضّة لسارت، ثم أتاه بعد ذلك فقال: يا رسول الله أدع الله أن يرزقني مالاً، والذي بعثك بالحق لئن رزقني الله مالاً لاعطينّ كلّ ذي حق حقه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اللّهم ارزق ثعلبة مالاً... وحين أنزل الله آية الزكاة أرسل إليه الرسول رجلين لجمع الحقوق فلم يُعط ثعلبة شيئاً...».

    إلى أن يقول ابن الاثير... «فأقبلا، فلمّا رآهما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل أن يكلّماه قال: يا ويح ثعلبة، ثم دعا للسلمي بخير، وأخبراه بالذي صنع ثعلبة، فأنزل الله عزّوجلّ (وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ ءاتانا مِنْ فَضْلِهِ...)(1)

    وعند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رجل من أقارب ثعلبة سمع ذلك، فخرج حتّى أتاه فقال: ويحك يا ثعلبة قد أنزل الله عزّوجلّ فيك كذا وكذا، فخرج ثعلبة حتّى أتى النبىّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فسأله أن يقبل صدقته، فقال: إنّ الله تبارك وتعالى منعني أن أقبل منك صدقتك، فجعل يحثي التراب على رأسه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): هذا عملك، وقد أمرتك فلم تطعني، فلمّا أبى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقبض

    ____________

    1) سورة التوبة: 75 ـ 78.


    الصفحة 87
    صدقته رجع إلى منزله وقُبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يقبض منه شيئاً ثم أتى أبا بكر (رضي الله عنه) حين استُخلف، فقال: قد علمت منزلتي من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)وموضعي من الانصار فاقبل صدقتي، فقال أبو بكر: لم يقبلها رسول الله منك، أنا أقبلها؟ فقبض أبوبكر (رضي الله عنه) ولم يقبلها»(1) .

    وتوفي ثعلبة في خلافة عثمان، ولم تقبل منه الحقوق أبداً.

    وعندنا تعليق لا بدّ منه هنا: إذا كان منع الزكاة ردّة كما سمّى ذلك أبو بكر وقال والله لاقاتلن من فرّق بين الصلاة والزكاة، فلماذا لم يقتل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثعلبة ولا أمر به الله؟!

    نعم قد يقال: إنّ مانعي الزكاة على عهد أبي بكر كفروا بإنكارهم ضرورة من ضروريّات الدين، وثعلبة فعل ذلك بل سمّى الزكاة الجزية أو أخت الجزية كما قال، والواقع أنّ مانعي الزكاة على عهد أبي بكر لم ينكروا أنّها من الدين وكانوا يصلّون كما رأيت في قصة مالك بن نويرة، فليلاحظ ذلك.

    ____________

    1) أسد الغابة 1: 284، ترجمة ثعلبة بن حاطب.


    الصفحة 88

    صحابيّات تحت المجهر

    1 ـ حفصة بنت عمر بن الخطّاب:

    زوجة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولكن هذه المكانة التي تتمنّاها كلّ أنثى لم تمنع حفصة من ارتكاب الاهوال ومخالفة الله تعالى ورسوله، ولا عجب فحفصة أنزل الله فيها وفي عائشة سورة كاملة ـ وهي سورة التحريم ـ فيها من التهديد والوعيد من الله بالطلاق والابدال بزوجات خير منهما وبعذاب النار ما لا يخفى على أيّ شخص يفهم لغة العرب، وقد تقدّمت في باب «الصحابة في القرآن» هذه السورة.

    وقد ورد في ترجمة حفصة من كتاب أسد الغابة ما يلي:

    «... وتزوّجها بعد عائشة، وطلّقها تطليقة واحدة ثمّ ارتجعها، أمره جبريل بذلك وقال: إنّها صوّامة قوّامة، وإنّها زوجتك في الجنّة...»(1) .

    وأورد كذلك: «طلّق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حفصة تطليقة، فبلغ ذلك عمر، فحثا التراب على رأسه وقال: ما يعبأ الله بعمر وابنته بعدها، فنزل جبريل(عليه السلام)وقال: إنّ الله يأمرك أن تراجع حفصة بنت عمر، رحمة

    ____________

    1) أسد الغابة 7:66 ترجمة حفصة بنت عمر.


    الصفحة 89
    لعمر»(1) .

    وكما ترى فالحديثان مُختلفان، ولذلك لا يعتدّ بهما، لكن نقول: لو كانت حفصة صوّامة قوّامة فلماذا طلّقها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ؟! هل كان رسول الله يريد من النساء أكثر من ذلك وهو الذي يوصينا بذات الدين ؟! ثمّ أليس الطلاق أبغض الحلال عند الله تعالى ؟! فما بال الرسول يطلق دونما سبب ؟! وإذا كان هناك سبب فلماذا لا يذكره لنا أصحاب السير والتواريخ ؟!

    أمّا كون حفصة زوجة الرسول في الجنّة فهو أعجب من الاوّل، فمع وجود سورة التحريم الّتي تُتلى إلى يوم القيامة فإنّا نشكّ في ذلك.

    وعلى الحديث الثاني فيكون سبب إرجاع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لحفصة ليس منزلتها عند الرسول، بل لمنزلة عمر كما يزعم الراوي.

    وحفصة هذه ممّن آذت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكذبت عليه في قصّة المغافير (الثوم) المشهورة والتي يرويها الصّحاح، كما آذت وحسدت زوجات رسول الله الاخر كصفيّة بنت حي اليهودي التي تزوّجها الرسول بعد خيبر بعد أن أعتقها من الاسر، وفي ترجمة هذه المرأة الصالحة من كتاب أسد الغابة تقرأ على لسانها: «... دخل عليَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد بلغني عن حفصة وعائشة كلام، فذكرتُ ذلك لرسول الله (رحمهما الله) فقال: ألا قلتِ: وكيف تكونان خيرا

    ____________

    1) المصدر السابق.


    الصفحة 90
    منّي وزوجي محمّد وأبي هارون وعمّي موسى ؟!...»(1) .

    وبهذا الكلام من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على لسان صفيّة تعلم كذب الحديث المرويّ في الصحاح والمسانيد حول فضل عائشة حيث فيه: «وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على باقي الطّعام ؟!»(2) .

    وحسبنا قول الله في سورة التحريم حيث هدّد عائشة وحفصة بالطلاق وبأن يبدلهنّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بزوجات أفضل منهنّ في صفات عديدة ذكرتها السورة، فلو كانت عائشة أفضل نساء العالمين فضلاً عن زوجات الرسول فكيف يهدّدها الله تعالى بنساء أفضل منها في كلّ شيء ؟!

    ولكي تتيقّن أنّ حفصة وعائشة هما المقصودتان من تهديد الله تعالى في سورة التحريم اقرأ هذا الخبر:

    «عن ابن عبّاس قال: أردت أن أسأل عمر فما رأيتُ موضعاً، فمكثت سنتين، فلمّا كنّا بمر الظهران وذهب ليقضي حاجته فجاء وقد قضى حاجته فذهبتُ أصبّ عليه من الماء، قلت: يا أميرالمؤمنين مَن المرأتان اللّتان تظاهرتا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ؟! قال: عائشة وحفصة»(3) .

    2 ـ فاطمة بنت عتبة:

    ____________

    1) أسد الغابة 7: 170 ترجمة صفية بنت حي بن أخطب.

    2) مسند أحمد 3: 264 و6: 159.

    3) مسند أحمد بن حنبل 1: 48.


    الصفحة 91
    هي أخت هند بنت عتبة، وفي رواية هي التي قالت لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إنّه ما كان على ظهر الارض...» الحديث.

    وقد أسلمت أسوة بذلك البيت الخبيث الذي أسلم بأفواهه ولم يسلم حقيقة يوم فتح مكّة، فهي من جملة الطلقاء الذين لا فضل لهم ولا فضيلة، تزوّجها في خبر عقيل بن أبي طالب فماذا كانت قصّته معها ؟! تقرأ في كتاب الاصابة ما يأتي:

    «عن ابن أبي مليكة قال: تزوّج عقيل بن أبي طالب فاطمة بنت عتبة بن ربيعة، فكانت تقول له إذا دخل: أين عتبة بن ربيعة (والدها وأحد رؤوس الكفر وقد هلك يوم بدر غير مأسوف عليه) ؟ فقال لها يوماً وقد أضجرته: عن يسارك إذا دخلتِ النار، فقالت: لا يجمع رأسي ورأسك بيت، وأتت عثمان...»(1) .

    ولا ندري ماذا تريد هذه الصحابيّة بقولها هذا الملىء بالاسف على أبيها المشرك؟! ولماذا تخاطب عقيلاً زوجها بذلك وقد أجمع المسلمون أنّه كان في صفوف المشركين يوم بدر ولم يقتل أباها عتبة ولا أخاها الوليد، لكن هي الرواسب الجاهليّة والاحقاد البدريّة والتي صبّها بالفعل بنو أميّة فيما بعد على رسول الله من خلال حربهم لعليّ بن أبي طالب أخو رسول الله وصنوه، ومن خلال سمّ معاوية للامام الحسن ريحانة رسول الله وسيّد شباب أهل الجنّة ومن خلال قتل يزيد للامام الحسين بن علي وسبي بنات الرسالة بنات فاطمة

    ____________

    1) الاصابة 8: 68 ترجمة فاطمة بنت عتبة.


    الصفحة 92
    الزهراء.

    وكيف لا ترى بعد ذلك وصول أحاديث تتّهم الرسول بكثرة الجماع، وباستماع الغناء، وبأنّه يسبّ ويشتم بل ويضرب من لا يستحق، وبأنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ذكر آلهة قريش (حديث الغرانيق)، وأنّه يخطأ ويصيب، وأنّه بشّر أصحابه كلّهم بمن فيهم معاوية بالجنّة...؟!

    وكيف لا يكون جميع من حارب الامام عليّا بدءًا بمعاوية وعائشة ومروراً بطلحة والزبير وغيرهم أصحاب فضائل ومناقب ؟! إنّ معاوية لم يغتصب الخلافة لذاتها فقط بل ليحرّف ويبدّل ويغيّر كما يحلو له ومن يعارض فالويل له أو الدّراهم.

    إنّ فاطمة بنت عتبة تعلم أنّ عقيلاً من بني هاشم قبيلة رسول الله وعلي وحمزة وهم الذين ضربوا بسيوفهم ـ في حين فرّ الاخرون ـ حتّى قالت هند ومُعاوية وغيرهم من العرب لا إله إلاّ الله، فحقد فاطمة بنت عتبة على بني هاشم واضح من كلامها.

    3 ـ هند بنت عتبة:

    هي زوجة حربة الكفر ورئيس الاحزاب أبي سفيان، وكانت قد استسلمت لجيش رسول الله كما فعل بقية الطلقاء، وهي التي لاكت كبد حمزة سيّدالشهداء يوم أُحد بعد أن أمرت وحشيّا بأن يطعنه من الخلف، وإذا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد ذلك ـ بعد الفتح ـ كلّما رأى وحشيّاً يقول له: «غيّب وجهك عنّي» فكيف به (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما كان يرى من لاكت كبد عمّه ومثّلت بجسده ؟!


    الصفحة 93
    لكن القوم جعلوها مؤمنة مسلمة، بل حسن إسلامها، بل لها فضائل ومناقب يُصرف عليها الحِبر والكتابة.

    والكيّس يدرك أنّ ما ورد فيها وفي زوجها أبي سفيان وفي معاوية ابنهما من الفضائل لا تعدو أن تكون زخرفاً من القول وكذباً، وذلك أنّ معاوية ابنهما لمّا ملك رقاب المسلمين طمس تلك المثالب وأظهر لهم مناقب لم يقلها الرسول ولم يسمع بها الصحابة.

    وهل تريدون من معاوية (أميرالمؤمنين) أن يترك أهله ونفسه للفضيحة ؟! وهل تريدون منه وهو يصعد منبر رسول الله أن ينبزه الصحابة ومن يأتي من بعدهم ؟! هيهات.

    واقرأ معي هذه المنقبة المزعومة:

    «لمّا كان يوم الفتح أسلمت هند بنت عتبة ونساء معها وأتين رسول الله وهو بالابطح فبايعنه، فتكلّمت هند فقالت: يا رسول الله الحمد لله الذي أظهر الدين الذي اختاره لنفسه لتنفعني رَحِمُك، يا محمّد (لم يتعوّد لسانها على مخاطبته بالرسول) إنّي امرأة مؤمنة بالله مصدّقة برسوله، ثم كشفت عن نقابها وقالت: أنا هند بنت عتبة، فقال رسول الله: مرحبا بك، فقالت: والله ما كان على الارض أهل خباء أحبّ إليّ من أن يذلّوا من خبائك، ولقد أصبحت وما على ظهر الارض أهل خباء أحبّ إليّ من أن يعزّوا من خبائك...»(1) .

    ____________

    1) طبقات ابن سعد 8: 236 ترجمة هند بنت عتبة.


    الصفحة 94
    سبحان مغيّر الاحوال، ولكن لتتيقّن من كذب هذه الفضيلة الواهية اقرأ الصفحة التالية من نفس هذا الكتاب (طبقات ابن سعد) لترى كيف أنّ هذه المرأة التي صار رسول الله أحبّ الناس إليها وأعزّهم لديها تسيء الادب معه:

    «عن الشعبي يذكر: أنّ النساء جئن يبايعن فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): تبايعن على أن لا تشركن بالله شيئا، فقالت هند: إنّا لقائلوها (تقصد كلمة الشهادة)، قال: فلا تسرقن، فقالت هند: كنت أصيب من مال أبي سفيان قال أبو سفيان: فما أصبت من مالي فهو حلال لك، قال: ولا تزنين، فقالت هند: وهل تزني الحرّة ؟ قال: ولا تقتلن أولادكنّ، قالت هند: أنتَ قتلتَهم»(1) .

    تقصد هند بقولها: أنتَ قتلتهم، هلاك ابنها فيمن هلك يوم بدر كأبيها وعمّها وأخيها.

    نعم هذه حقيقة هند، خسّة ونذالة وأحقاد جاهلية رغم عفو وسماحة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) معهم يوم الفتح، ولو كان مكانه (صلى الله عليه وآله وسلم)أيّ قائد دنيوي آخر لذبح رؤوس رجالهم وبقر بطون أطفالهم ولسبى نساءهم جواريا، فهم الطلقاء لا فضل لهم ولا فضيلة ولا هجرة ولا منقبة ولا غزوة ولا... بل ولا كلمة طيّبة. وسيفضحهم الله يوم القيامة بما كان يكذبون في إسلامهم، وهم أبطنوا الكفر.

    ____________

    1) طبقات ابن سعد 8: 237.


    الصفحة 95
    هذه هي هند وأمثال هند، هذه التي يصبح ابنها معاوية الافعى خليفة للمسلمين (وكفى بها مصيبة) بلا سابقة ولا جهاد، وهي جدّة يزيد الخمور الذي ارتضع من أسلافه الحقد على الرسول فقتل ذرّية رسول الله في كربلاء وهجم على مدينة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)(1) لانّها موطىء الانصار الذين ساعدوا رسول الله بأموالهم وأسيافهم، فكانوا بنظر يزيد شركاء للنبي في قتل أجداده ببدر.

    وإنّي أقولها صريحة: إنّ من يقرأ تاريخ هؤلاء الخبثاء ويطّلع على فعالهم قبل إسلامهم وبعد استسلامهم ثمّ يعتقد لهم بفضيلة بل ويعتقد بأنّهم أسلموا، اقول: هكذا شخص بليد الذهن عديم الفطنة.

    ____________

    1) مع أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول في حديث له: «من أبغض الانصار أبغضه الله» مسند أحمد 2: 501 ـ 527.

    ويقول: «من أخاف أهل المدينة أخافه الله وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» مسند أحمد 4: 55.


    الصفحة 96

    والخلاصة

    هكذا ترى أنّ الشيعة لا يسبّون الصحابة كما قال أعداؤهم، لكن الشيعة أخذت طريقاً وسطاً وعقلانيّاً ينطبق مع الكتاب والسنّة، فلم يقولوا بعصمتهم جميعاً كأهل السنّة، وكيف يقولون ذلك وفي الصحابة من زنى ومن شرب الخمر ومن قتل النفس ومن حارب سنّة الرسول ومن أشعل الفتن؟!

    ثم إنّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه كان يقيم الحدود كحدّ السرقة والزنا وشرب الخمر، فعلى من كان يقيم تلك الحدود؟! أليس على أصحابه المسلمين، وإلاّ فالكافر بعيد عن المجتمع المدني بطبيعة الحال.

    ولو نظرت إلى كتب الشيعة لرأيتها مليئة بمدح الصحابة الذين لم يغيّروا ولم يتغيروا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وتجد هذا كذلك في دعاء أئمة أهل البيت كالصحيفة السجادية للامام علي بن الحسين (عليهما السلام).

    فهذه الضوضاء التي يُثيرها بعض الغوغاء على الشيعة ليست بأكثر من زوبعة في فنجان، وهكذا كلّ عقائد الشيعة في الواقع كلّها متطابقة مع العقل والنقل، لكن الاعراب أبوا إلاّ التهريج وجعلوا أصابعهم في آذانهم.

    وكما عرفت فإنّه تسقط بعد هذا عدّة أحاديث مكذوبة، كحديث «أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم» فالصحابة اختلفوا وتنازعوا

    الصفحة 97
    وأفتى بعضهم بخلاف الاخر، فبأىّ واحد أم بأي فريق نقتدي؟!

    نعم لقد أوصانا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي لا ينطق عن الهوى بأن نتبّع أهل بيته (عليهم السلام)فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «تركت فيكم الثقلين، ما إن تمسّكتم بهما، لن تضلّوا بعدي أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما»(1) ، وهكذا حدّد لنا لمن نرجع بعده (صلى الله عليه وآله وسلم)، والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ما كان ليخفى عليه ما سيقع في أُمته من الفتن خاصة ما سيحدث بين أصحابه، ولهذا كان من غير المعقول أن يوصي رسول الله والله من وراءه بجميع الصحابة، فهذا بمثابة اجتماع النقيضين كما يقال.

    وارجع إلى كتاب الله لترى قوله تعالى: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ والَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ...)(2) .

    أو قوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ

    ____________

    1) مسند أحمد 3: 17، مستدرك الحاكم 3: 148 وورد في مسلم بألفاظ أخرى، أنظر مسلم، كتاب الفضائل: فضائل علي بن أبي طالب.

    2) سورة المائدة: 55.

    وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): «من كنت مولاه فعليّ مولاه» مسند أحمد 1: 84 و 118 ـ 119.


    الصفحة 98
    وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(1) .

    وارجع إلى قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «أنا مدينة العلم وعليّ بابها»(2) ، أو قوله: «يا علي لا يحبّك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق»(3) وغيرها كثير كثير.

    وهذه الخاتمة لا تسع لئن نستعرض كلّ ما جاء في القرآن والسنّة والسيرة من فضائل أهل البيت (عليهم السلام) وهم بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) علي والحسن والحسين وأبناء الحسين من الائمة إلى الامام الثاني عشر الامام المهدي الغائب (عليهم السلام).

    كذلك هذا بحث آخر فمن شاء فليتوسّع في هذه المسائل، لكن وصيّتي لكلّ قارئ حرّ عنده عقل يُميّز به الحق من الباطل أن يقرأ عن الشيعة والتشيّع من كتب أهل الشيعة أنفسهم لا من كتب المستشرقين والنواصب، حتّى لا ينطبق علينا قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا إنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قوماً بِجَهَالَة)(4) .

    والسلام على عباد الله الصّالحين

    ____________

    1) سورة الاحزاب: 33.

    2) المستدرك للحاكم 3: 126 كتاب معرفة الصحابة.

    3) أنظر الحديث في سنن ابن ماجة 1: 42 فضائل علي.

    4) سورة الحجرات: 6.


    الصفحة 99

    المصادر

    ـ القرآن الكريم.

    ـ أبو هريرة:

    شرف الدين العاملي، طبعة مؤسسة أنصاريان، قم، إيران.

    ـ أسد الغابة:

    ابن الاثير، (ت 630 هـ)، طبعة دار إحياء التراث العربي، بيروت.

    ـ الاصابة في تمييز الصحابة:

    ابن حجر العسقلاني، (ت 852 هـ)، طبعة دار الكتب العلمية، بيروت.

    ـ الامامة والسياسة:

    ابن قتيبة الدينوري، طبعة منشورات الشريف الرضي، قم.

    ـ تاريخ الامم والملوك:

    الطبري، (ت 310 هـ)، طبعة دار سويدان، بيروت، تحقيق محمد أبوالفضل إبراهيم.

    ـ تفسير روح المعاني:

    الالوسي، (ت 1270 هـ)، طبعة دار الكتب العلمية، 1996، بيروت.

    ـ تفسير الطبري:

    طبعة دار المعرفة، بيروت، 1400 هـ.

    ـ تفسير الدر المنثور:

    السيوطي، طبعة دار الفكر، بيروت.

    ـ التفسير الكبير:

    الفخر الرازي، (ت 606 هـ)، طبعة دار إحياء التراث العربي، 1995، بيروت.

    ـ سنن ابن ماجة:

    طبعة دار الفكر، بيروت، بتحقيق محمد فؤاد عبدالباقي.

    ـ شيخ المضيرة أبو هريرة الدوسي:

    محمود أبوريّة، طبعة منشورات الشريف الرضي، 1414 هـ، قم.

    ـ صحيح البخاري:

    طبعة دار إحياء التراث العربي، بيروت.

    ـ صحيح الترمذي:

    الترمذي، (ت 297 هـ)، طبعة دار إحياء التراث العربي، بيروت، بتحقيق إبراهيم عطوة عوض.

    ـ صحيح مسلم:

    مسلم النيسابوري، (ت 261 هـ)، طبعة دار الفكر، بيروت، بتحقيق محمد فؤاد عبدالباقي.

    ـ الطبقات الكبرى:

    ابن سعد، طبعة دار بيروت للطباعة والنشر، 1985 م، وطبعة مؤسسة النصر، طهران.

    ـ العين:

    الخليل بن أحمد الفراهيدي، (ت 175 هـ)، طبعة دار أسوة، 1414 هـ، قم.

    ـ المستدرك:

    الحاكم النيشابوري، طبعة دار الفكر، 1978 م، بيروت.

    ـ مسند أحمد بن حنبل:

    (ت 241 هـ)، طبعة إحياء التراث العربي، بيروت، 1993 م، وطبعة دار الفكر، بيروت.

    ـ الموطّأ:

    الامام مالك، (ت 179 هـ)، طبعة دار الفكر، 1989 م، بيروت، بتعليق سعيد اللّحام.

    ـ نهج البلاغة:

    اميرالمؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، طبعة دار أسوة، 1415، قم.


    الصفحة 100

    المؤلف في سطور


    الهاشمي بن علي رمضان

    ولد في مدينة قابس بتونس عام 1968 م في أسرة تعتنق المذهب المالكي.

    حصل على شهادة الليسانس في اللغة الانجليزية والإيطالية سنة 1994 م من جامعة تونس. يجيد اللغة الفرنسية.

    اعتنق مذهب أهل البيت (عليهم السلام) سنة 1989 م.

    له كتاب:

    «حوار مع صديقي الشيعي»:سيصدر قريباً انشا الله عن مركز الأبحاث العقائدية.