الحمد لله رب العالمين والصلاة على خاتم
المرسلين محمد وآله الغرّ الميامين
مقدّمة المركز
من الثوابت المسلّمة في عملية البناء الحضاري القويم استناد الاُمّة إلى قيمها السليمة ومبادئها الاصلية، الامر الذي يمنحها الارادة الصلبة والعزم الاكيد في التصدّي لمختلف التحديات والتهديدات التى تروم نخر كيانها وزلزلة وجودها عبر سلسلة من الافكار المنحرفة والاثار الضالة باستخدام أرقى وسائل التقنية الحديثة.
وإن أنصفنا المقام حقّه بعد مزيد من الدقّة والتأمّل نلحظ أن المرجعية الدينية المباركة كانت ولا زالت هي المنبع الاصيل والملاذ المطمئن لقاصدي الحقيقة ومراتبها الرفيعة، كيف؟! وهي التي تعكس تعاليم الدين الحنيف وقيمه المقدّسة المستقاة من مدرسة آل العصمة والطهارة(عليهم السلام) بأبهى صورها وأجلى مصاديقها.
هذا، وكانت مرجعية سماحة آية الله العظمى السيّد علي السيستاني ـ مد ظله ـ هي السبّاقة دوماً في مضمار الذبّ عن حمى العقيدة ومفاهيمها الرصينة، فخطت بذلك خطوات مؤثّرة والتزمت برامج ومشاريع قطفت وستقطف أينع الثمار بحوله تعالى.
ومركز الابحاث العقائدية هو واحد من المشاريع المباركة الذي اُسس لاجل نصرة مذهب أهل البيت(عليهم السلام)وتعاليمه الرفيعة.
ولهذا المركز قسم خاص يهتم بمعتنقي مذهب أهل البيت(عليهم السلام)على مختلف الجهات، التي منها ترجمة ما تجود به أقلامهم وأفكارهم من نتاجات وآثار ـ حيث تحكي بوضوح عظمة نعمة الولاء التي مَنّ الله سبحانه وتعالى بها
وهذا المؤلَّف «وإسقر بي النوى» الذي يصدر ضمن «سلسلة الرحلة إلى الثقلين» مصداق حي وأثر عملي بارز يؤكّد صحة هذا المدعى.
على انّ الجهود مستمرة في تقديم يد العون والدعم قدر المكنة لكل معتنقي المذهب الحقّ بشتى الطرق والاساليب، مضافاً إلى استقراء واستقصاء سيرة الماضين منهم والمعاصرين كي يتسنى جمعها في كتاب تحت عنوان «التعريف بمعتنقي مذهب أهل البيت».
مركز الابحاث العقائدية
فارس الحسون
سورة يونس: 35 ـ 36
فمنذ أن حدثتْ تلك العاصفة الهوجاءُ في حياتي سنة 1412 هـ(1) وأناأبحث في المذاهب وأدرسُها وأرحل منها إليها!
لستُ أدري إلى | أين يمضي القطار |
خلتُ أن يكتفي | من حطام ونار |
فانبرى منكراً | فكرتي ذا القطار |
إن نيرانه | من شظايا الفِكَر |
وبما غيرها | ليس يحلو السفر(2) |
____________
1) عندماتركتُ مدينة «صَعْدَة» التي كنتُ أدرس بها متجهاً نحو صنعاء متنقِّلاً بين محافلهاالثقافية والفكرية باحثاً عن فكرة أحمِلُها يُذعن لها عقلي وتطمئنُّ لها روحي.
2) المقطع الاخير من قصيدة «شظايا فِكر» من ديوان «إلى الله» للكاتب (صاحب هذه السطور) مخطوط.
كنتُ قد اعتكفتُ ـ شِبْه اعتكاف!! لمدّة قصيرة ـ متصوِّفاً في جامع النهرين بصنعاء ممارساً ـ كما أسميتُ تلك المرحلة من حياتي ـ بـ «دور النقه الروحي» أمضي بعدها سبيلي في الصراع مع أمواج أفكار العالم وأطروحات صراع الحضارات... !
حين أتى ذلك الاخ المؤمن وقال لي: ما الذي أتى بكَ إلى هنا؟
قد سمعنا عنك أنك قد لويت عنانك لعالم الافكار الحديثة(1) والمنهج العلمي المادّي(2) فما أنت وهذا المكان؟!
____________
1) أردت بالافكار الحديثة ما كان من قبيل الطرح الفلسفي المعاصر كفلسفة الاخلاق وفلسفة العلوم ومناهج ونظريات البحوث الابستمولوجية المعاصرة وحوار الاديان وحوار الحضارات أو صراعها و...
2) المنهج هو الطريق المتبوع، وهو بالمعنى العلمي: مجموعة الاجراءات التي ينبغي اتخاذها بترتيب معين لبلوغ هدف معين، وتتوقف طبيعة هذه الاجراءات وتفاصيلها على الغاية منها، وتتنوع بتنوع العلوم، وتختلف في العلم الواحد من عالم إلى عالم ومن عصر إلى عصر... انظر: الموسوعة الفلسفية: 471.
وقصدت بوصف «المادّي»: المعنى الفلسفي للنزعة القائلة: بأن كلّ ما هو موجودٌ ماديٌّ... انظر: الموسوعة الفلسفية المختصرة: 284.
قال: وما زلتَ في مطالعاتكَ كما كنت؟
قلتُ: لا.
قال: وكيف تدير رحى «نقهك الروحي» هذا إذن؟
قلت: بما يعنيني ولا يعنيك!
____________
1) التجريبية: تعاليم نظريّة المعرفة التي تذهب إلى أنّ التجربة الحسيّة هي المصدر الوحيد، وتؤكّد أن كل معرفة تقوم على أساس التجربة، ويتم بلوغها عن طريق التجربة. انظر: الموسوعة الفلسفية (السوفياتية): 110.
وحاولت ـ بربطي لـ «التجريبي» بـ «الفكر الحديث» ـ النظرَ إلى التجريبية المنطقية الحديثَة التي تقصر التجربة على المجموع الكلي للاحساسات أو الافكار، منكرة أنّ التجربة تقوم على أساس من العالم الموضوعي.
قلت: لي في كتاب الله سلوةٌ وعزاء!
قال: لجدّك الامام يحيى بن حمزة(2) كتابٌ اسمه «تصفية
____________
1) التصوف: مصدر الفعل الخماسي المصوغ من «صوف» للدلالة على لبس الصوف، ومن ثم كان المتجرِّدُ لحياة الصوفيّة يُسمَّى في الاسلام صوفيّاً.
وورد لفظ «الصوفي» لقباً مفرداً لاوّل مرة في التاريخ في النصف الثاني من القرن الثامن الميلادي، إذ نُعِتَ به جابر بن حيّان، ولا يستطيع الباحث في تاريخ الصوفية أن يظفربتعريف جامع مانع للتصوف.
ويقول الانصاري (ت 929 هـ) «التصوف علمٌ تُعرَفُ به أحوال تزكية النفوس، وتصفية الاخلاق وتعمير الظاهر والباطن لنيل السعادة الابدية. انظر: حقائق عن التصوف: 13، دائرة المعارف الاسلامية: 5/265، التصوّف منشؤه ومصطلحاته: 21.
2) الامام المؤيّد بالله أوالمؤيّد بربّ العزّة يحيى بن حمزة بن علي (669 ـ 749 هـ) يُعتبر من أكابر أئمة الزيدية، ويجعله الدكتور أحمد محمود صبحي في كتابه «الزيدية»: «قمة اللقاء» بين الزيدية والمعتزلة، وألّف حوله كتاب «الامام المجتهد يحيى بن حمزة وآراؤه الكلامية»، ادّعى يحيى بن حمزة الامامةَ سنة (748 هـ) ويُروى أن كراريس تصانيفه زادت على عدد أيام عمره، وهو صاحب موقف سِلْميٍّ ـ إن لم يكن مدافعاً ـ في حقّ «الخلفاء» الذين تقدّموا جدَّه الامام أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، وله مشربٌ معتزليٌّ ملحوظ، من أهم كتبه: «الشامل» في علم الكلام، و«الانتصار» في الفقه المقارن ـ وهو موسوعة فقهية ضخمة تقع في 18 مجلّداً ـ وله كتاب «تصفية القلوب من درن الاوزار والذنوب» يتصل نسب يحيى بن حمزة بالامام الجواد علي بن محمّد الهادي(عليهما السلام) الامامين العاشر والتاسع من أئمة أهل البيت الاثني عشر(عليهم السلام) عن طريق جعفر بن الامام الجواد. انظر: التحف شرح الزلف: 185، لوامع الانوار: 2/72، البدر الطالع: 2/184، الاعلام: 8/143، الموسوعة اليمنية: 2/1019، أعيان الشيعة: 10/289.
قلت: ذاك كتابٌ قرأتُه منذ زمن !
قال: «فإحياء علوم الدين»(2) .
____________
1) «تصفية القلوب عن درن الاوزار والذنوب» لابي إدريس يحيى بن حمزة «المؤيد بالله» كتابٌ يتناول الاخلاق الفاضلة والاوصاف الحميدة، وهو ـ كما قيل ـ على نمط «إحياء علوم الدين ـ للغزالي» مرتب في عشر مقالات، طبع بتحقيق إسماعيل بن أحمد الجرافي ـ المكتبة السلفية ـ القاهرة 1985، وطبع ـ مؤخراً ـ بتحقيق سلفيٍّ للاهدل.
2) كتاب «إحياء علوم الدين»: من كتب المواعظ، رتّبه مؤلّفه أبو حامد محمّد بن محمّد الغزّالي الشافعي (505) على أربعة أقسام: ربع العبادات وربع العادات وربع المهلكات وربع المنجيات في كلٍّ منها عشرة كتب...، طبع مراراً.
وسير بها في معارج العرفان؟
قلتُ: لا بأس!
قال: آتيك به.
____________
1) «والشيعة: القوم الذين يجتمعون على أمر، وكل قوم اجتمعوا على أمر فَهُمْ شيعة، وكل قوم أمرُهم واحد يتبع بعضهم رأي بعض... قال الزجاج: والشيعة أتباع الرجل وأنصاره... قال الازهري: والشيعة قوم يهوون هوى عترة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ويوالونهم. وقد غلب هذا الاسم على من يتولّى عليّاً وأهل بيته (رضوان الله عليهم أجمعين) حتى صار لهم اسماً خاصّاً، فإذا قيل: فلانٌ من الشيعة عُرِفَ أنه منهم، وفي مذهب الشيعة كذا، أي عندهم، وأصل ذلك من المشايعة، وهي المتابعة والمطاوعة» انظر: التشيّع نشأته معالمه: 24، لسان العرب: 8/188 ـ 189.
«ولقد استعمل القرآن الكريم كلمةَ الشيعة بمعنى الانصار والاتباع الفكريين فقال: (وَإنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لاَِبْراهِيمَ) الصافات: 83» التشيع: 24.
«] التشيّع [ على التخصيص لا محالة لاتباع أميرالمؤمنين ] عليّ بن أبي طالب [صلوات الله عليه على سبيل الولاء والاعتقاد لامامته بعد الرسول ـ صلوات الله عليه وآله ـ بلا فصل ونفي الامامة عمّن تقدّمه في مقام الخلافة...»: أوائل المقالات: 2.
«الشيعة: هم الذين شايعوا علياً(رضي الله عنه)على الخصوص، وقالوا بإمامته وخلافته نصاً ووصيّةً، إمّا جليّاً، وإمّا خفيّاً، واعتقدوا أنّ الامامة لا تخرج من أولاده، وإن خرجت فبظلم يكون من غيره، أو بتقية من عنده، وقالوا: ليست الامامة قضيّة مصلحيّة تناط باختيار العامة، وينتصب الامام بنصبهم، بل هي قضية أصولية، وهي ركن الدين...» الملل والنحل للشهرستاني: 146 ـ 147.
«والشيعة: ثلاث فرق: زيدية، وإمامية، وباطنية» الملل والنحل لابن المرتضى (مقدمة كتاب البحر الزخّار): 40.
«وإذا ثبت ما بيّناه بالسمة بالتشيّع ـ كما وصفناه ـ وجبت للاماميّة والزيديّة الجارودية من بين سائر فرق الامة...» أوائل المقالات: 3.
«... والعمدة في التشيّع مذهب الزيدية وعدلية الامامية...» الشافي لابن حمزة: 1/139.
والاثنا عشرية هم الاماميّة القائلون بوجود النصّ على اثني عشر إماماً ـ بعد الرسول ـ نصّ عليهم هو نفسه صلوات الله عليه وآله.
«باب الفرق بين الامامية وغيرهم من الشيعة وسائر أصحاب المقالات: فأمّا السمة للمذهب بالامامة ووصف الفريق من الشيعة بالامامية فهو علم على من دان بوجوب الامامة ووجودها في كلّ زمان، وأوجب النصّ الجليّ والعصمة والكمال لكلِّ إمام، ثمّ حصرَ الامامةَ في وُلْد الحسين بن علي(عليهما السلام)وساقها إلى الرضا عليّ بن موسى(عليهما السلام)، لانّه ـ وإن كان عَلَماً على من دان من الاصول بما ذكرناه، دون التخصيص لمن قال في الاعيان بما وصفناه ـ فإنه قد انتقل عن أصله لاستحقاق فرق من معتقديه ألقاباً بأحاديث لهم بأقاويل أحدثوها فغلبتْ عليهم في الاستعمال دون الوصف بالامامية، وصار هذا الاسم ـ في عُرْف المتكلّمين وغيرهم من الفقهاء والعامّة ـ علماً على من ذكرناه» أوائل المقالات: 4.
«واتفقت الامامية على أنّ الائمة بعد الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) اثنا عشر إماماً...» أوائل المقالات: 6.
«مذهب الامامية هو أحد المذاهب الاسلامية الكلامية والفقهية.. يرجع في انتمائه العقيدي والفكري إلى أئمة أهل البيت(عليهم السلام)، وبه سمّي بالامامي وأتباعه بالامامية، وقد يُسمّى بالمذهب الجعفري نسبةً إلى الامام السادس من أئمة أهل البيت(عليهم السلام): أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق(عليه السلام) المتوفى سنة 148 هـ، وذلك لوفرة عطائه الفكري بالنسبة إلى بقية الائمة من أهل البيت(عليهم السلام)، ولانه عاش فترة انطلاقة الفكر الكلامي والخلافات الفكرية في مفاهيم العقيدة وشؤونها الاخرى، وبروز أعلام الفكر الكلامي ومدارسه الاولى كالجبرية والمعتزلة، وفترة توسع الفكر الفقهي وظهور أصحاب المذاهب الفقهية أمثال: مالك بن أنس وأبي حنفية، حيث كان المسلمون آنذاك يتمايزون بالانتماء، فيقال: هذا من أتباع المذهب الكلامي المعين أو المذهب الفقهي المعيّن.
ويعرف هذا المذهب أيضاً بمذهب الامامية الاثني عشرية في مقابلة المذهبين الشيعيين الاخرين: الزيدي والاسماعيلي اللذين تستمر الامامة ـ في اعتقادهما ـ متجاوزة الحصر بعدد معين.
ويطلق عليه ـ غالباً ـ المذهب الشيعي لكثرة أتباعه مقارنةً بأتباع المذهبين الشيعيين الاخرين الزيدي والاسماعيلي.
ويشكل الشيعة الامامية ـ في الوقت الحاضر ـ نصف مسلمي آسيا وثلث مسلمي العالم» مذهب الامامية: 7 ـ 8.
وبعدها بأيام جاءني ذلك الاخ بكتاب آخر حول جهاد النفس.
وحصلتُ بعدها على كتب أُخرى في تهذيب النفس، ويالتلك الذكريات العذبة التي مازالت مخيّلتي تحتفظ بها عن تلك الايّام.
إنّه لم يكن ليأتيَ بشيء من عنده ومن جعبته الخاصة!!
كلّ ما هناك أنوارٌ وأحاديث لاهل البيت (عليهم السلام).
وأغرقتُ في التساؤل والاستعجاب!
قلت: ولكن أوليس «المؤلّف» من «الاثني عشرية» وهم من هم في
____________
1) الزيديّة: «أتباع زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، ساقوا الامامة في أولاد فاطمة رضي الله عنها، ولم يجوزوا ثبوت الامامة في غيرهم، إلاّ أنهم جوّزوا أن يكون كل فاطمي عالم شجاع سخي خرج بالامامة، أن يكون إماماً واجب الطاعة. سواءاً كان من أولاد الحسن، أو من أولاد الحسين رضي الله عنهما...
وهم أصناف ثلاثة: جارودية، وسليمانية، وبتريّة» الملل والنحل: 1/154 ـ 157.
«وأمّا الزيديّة فهم القائلون بإمامة أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب والحسن والحسين وزيد بن علي(عليهم السلام) وبإمامة كل فاطمي دعى إلى نفسه وهو على ظاهر العدالة ومن أهل العلم والشجاعة وكانت بيعته على تجريد السيف للجهاد» أوائل المقالات: 4.
«] عبدالله بن حمزة [: وكلّ آبائنا عليهم السلام زيدٌ إمامُه لانه ـ عندنا أهل البيت ـ إمام الائمة لفتحه باب الجهاد.
وزيد بن علي ومحمد بن علي وعبدالله بن الحسين وإبراهيم بن الحسن، لم يختلفوا في حرف واحد من أصول دينهم، فلما قام زيد بن علي(عليهما السلام) ـ دونهم ـ على أئمة الجور تبعه فضلاء أهل البيت(عليهم السلام) في القيام.
فقال محمد بن عبدالله النفس الزكية(عليه السلام): ألا إن زيد بن علي فتح باب الجهاد وأقام الحجة وأوضح المحجة ولن نسلك إلاّ منهاجه ولن نقفوا إلاّ أثره...
فأقول: أخبرني أبي تلقيناً وحكايةً عن العدل والتوحيد وصدق الوعد والوعيد... والنبوة والامامة لعلي بن أبي طالب(عليه السلام) بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) بلا فصل ولولديه الحسن والحسين(عليهما السلام) بالنصّ، وأن الامامة بعدهما فيمن قام ودعا من أولادهما وسار بسيرتهما واحتذى حذوهما كزيد بن علي ومن حذا حذوه من العترة الطاهرة سلام الله عليهم واختصّت الفرقة هذه من العترة وشيعتهم بالزيدية، وإلاّ فالاصل علي(عليه السلام) والتشيّعُ له لخروج زيد بن علي(عليه السلام)على أئمة الظلم وقتالهم في الدين فمن صوَّبهم ـ من الشيعة ـ وصوّبه وحذا حذوه من العترة فهو زيدي...» انظر: لوامع الانوار: 1/502 ـ 503.
«ونسبة الزيدي إلى الزيدية تعني النسبة إلى الفكر الزيدي وهي نسبة انتماء واعتزاء...
والحقيقة هي: أن المذهب الفقهي المعروف بالمذهب الزيدي في اليمن... لم يكن مذهب إمام معين...
الزيدية لا تعتقد بأن الامام زيد بن علي أولى بالتقليد من غيره كالامام جعفر الصادق...
إن هذه النسبة ] الزيدية [ لم يطلقها الامام زيد على أتباعه، ولا أطلقها ـ في البداية ـ أتباعه على أنفسهم...» راجع: الزيدية نظرية وتطبيق: 11 ـ 14.
____________
1) كتاب «الافحام لافئدة الباطنية الطغام» كتبه الامام يحيى بن حمزة ردّاً على عقائد الباطنيّة ـ كما ظاهرٌ من اسمه ـ وفيه خلطٌ بينهم وبين الامامية الاثنى عشرية، طبع بتحقيق الدكتور علي سامي النشار وفيصل عون سنة 1966 م ـ منشأة المعارف ـ الاسكندرية.
2) كتاب «مشكاة الانوار الهادمة لقواعد الباطنية الاشرار» ليحيى بن حمزة، هو كسابقه «الافحام» ـ تقريباً ـ طبع بتحقيق الدكتور السيّد الجليند، دار الفكر الحديث.
وأعقبتْ ذلكم السؤال محاورات تَترى بيني وبين نفسي ومخزوني الفكري والعقائدي والمذهبي.
كانت رياح توجّهي «الحديث» حينها تصرفه عن ما هو فيه إلاّ أني كنتُ أرجعها إليه في مفارقات عدّة لا مجال لتسطيرها هنا!!
ومن ثمَّ رجعت في نهاية المطاف إلى نفسي وقلت: أولستَ قد أخذت على نفسك عهداً أن لا تدع قول فرقة في فرقة قائدك ومقنعك إلا
____________
1) الامام المنصور بالله عبدالله بن حمزة بن سليمان (561 ـ 614) من البلغاء والفصحاء والفقهاء ومن أشهر علماء وأئمة الزيدية في القرن السادس، يعتبر كتابه «الشافي» من أهم كتب الزيدية، ادّعى الامامة في 594، حارب المطرفية وكفّرهم ـ وهم من الزيدية ـ لمخالفتهم له في الرأي وعدم مبايعتهم له، انظر ترجمته في: التحف شرح الزلف: 164، الحدائق الوردية: 2/133، الاعلام: 4/83، الموسوعة اليمنية: 2/619.
2) «العقد الثمين في تبيين أحكام الائمة الهادين» كتابٌ في الفرق بين الزيدية والامامية والردّ على الامامية، وهو كتابٌ مليءٌ بالشبه، ولم يتحرّ مؤلّفه عبدالله بن حمزة فيه ـ مع الاسف ـ الموضوعيةَ والدقّة; كحال أكثر الكتب عند كثير من المذاهب والتي تؤلّف لهذا الغرض. والكتاب مازال مخطوطاً.
أيقبلُ عقلُك أن يكون «للزيدية» هذه الردود والنقوض على مذهب الاثني عشرية وتظلُّ واقفةً حائرة لا تردّ ولا تدافع عن نفسها، وهي من عرفتَ في ردودها على أهل السنّة(1) ودحض أقاويلهم عليها.
وكم لهم من المؤلفات في ذلك!! اضرب بطرفك لا ترى إلاّ «الغدير»(2) و«عبقات الانوار»(3) و«إحقاق الحقّ»(4)
____________
1) أهل السنة: «هم القائلون بخلافة أبي بكر وعمر عن استحقاق ويقابلهم الشيعة» المعجم الوسيط: 456.
«أما لفظ «السنّة» فلم يظهر مقروناً بلفظ «الجماعة» في بادئ الامر، بل ظهر بمفرده أوّلاً في العهد الاُمَويّ أيضاً للتمييز بين المنتظمين في سلك «الجماعة» وبين الاخرين الذين مازالوا يؤمنون بقداسة الدين التي تأبى أن يكون رجال بني أمية هؤلاء زعماء له ناطقين باسمه...» تاريخ الاسلام الثقافي والسياسي: 577.
وأهل السنة ـ في نظر البغدادي (429) ـ ثمانية أصناف: الصفاتية من المتكلمين وأئمة الفقه من فريقي الرأي والحديث والمحدّثون (أهل الحديث) وبعض النحاة والادباء والقرّاء والزّهاد والمرابطون في الثغور وعامة البلدان التي غلب فيها شعار أهل السنة. انظر: الفرق بين الفرق: 276.
2) كتاب «الغدير في الكتاب والسنة والادب» كتابٌ ديني، علمي، فني، تأريخي أدبي، أخلاقي...، يُبْحَث فيه عن حديث الغدير كتاباً وسنة وأدباً ويتضمن تراجم أُمة كبيرة من رجالات العلم والدين والادب من الذين نظموا هذه الاثارة من العلم وغيرهم، كما يصفه مؤلّفه العلاّمة الشيخ عبدالحسين أحمد الاميني النجفي (1320 ـ 1390)، ظهرت طبعته المحققة سنة 1416 هـ ـ 1995 م في قم، وهو في طبعاته السابقة أحد عشر مجلّداً.
3) «عبقات الانوار في إمامة الائمة الاطهار» للسيّد ميرحامد حسين الموسوي الهندي (1246 ـ 1306) كتبه ردّاً على «التحفة الاثني عشرية لعبد العزيز الدهلوي السني» طبع بالهند سنة (1293 هـ)، قال عنه السيّد علي الحسيني الميلاني: أجلُّ ما كُتب في الامامة من صدر الاسلام إلى الان، طبع منه أحد عشر مجلّداً ضخاماً.
4) «إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل» للقاضي السيّد الشهيد نورالله الحسيني المرعشي التستري (956 ـ 1019) كتبه رداً على كتاب «إبطال نهج الباطل لابن روزبهان» نشرته مكتبة آية الله المرعشي النجفي مع ملحقاته والفهارس في أربعة وثلاثين مجلّداً ضخماً.
____________
1) «المراجعات» أبحاث جديدة في أصول المذهب والامامة العامة وهي رسائل متبادلة بين عميد السنة في مصر وهو الاستاذ سليم البشري شيخ الجامع الازهر وبين السيد شرف الدين العاملي، وهو من أشهر الكتب المعاصرة، طبع الطبعة العشرون بالقاهرة سنة 1399 هـ / 1979 م.
... وللعلم أن هذه الكتب لا تختص مباحثها ـ الاختصاصَ التامّ ـ بعقائد السنة ونقاشها ـ كما يحلو لبعض أن يتصوّر، حتى يُلقيَ عن كاهله عبأَ الاطلاع عليها وقراءتها بإدّعاء أنّها لا تناقش مذهب الزيدية ولا تتعرض له ـ فكثيرٌ كثير من مباحث هذه الكتب ومناقشاتها تدخل في نقاش أكثر المذاهب ـ إن لم يكن كلها ـ في صميم بحوث الامامة ـ كالبحث عن العصمة وضرورتها وعقيدة اللطف والنصوص على الائمة(عليهم السلام) ممّا لا يختص البحث فيه بالزيدية وحدها.
البحث العلمي والمنهجي يتطلّب موضوعيةً بحتة، أي أن يرتكز على نقاط أُسُسيّة مبدئيّة ويناقش فقرات مفصلية في عقيدة أي نحلة أو فرقة.
والبحث في «الزيدية» و«الاثني عشرية» هو البحث في «الشيعة» و«التشيع».
إذن هو البحث في «الامامة» و«الخلافة».
البحث عن «التقية والمتعة والمسح على الارجل و(أشهد أن علياً وليّ الله) والسجود على التربة»(1) للوصول إلى حلّ جذري وحاسم عند
____________
1) قال الشيخ الانصاري (1282): التقية: اسم لا تقى يتّقي... والمراد هنا التحفّظ عن ضرر الغير بموافقته في قول أو فعل مخالف للحق.
وعرّف محمّد رشيد رضا (1354) ـ من علماء أهل السنة ـ التقية بقوله: (ما يقال أو يُفعل مخالفاً للحقّ لاجل توقّي الضرر).
ويدلّ على جوازها من كتاب الله الكريم قوله تعالى: (... إِلاّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً...) آل عمران: 28.
وقد تعرّض ثامر هاشم حبيب العميدي لبحث التقية عند المذاهب الاسلامية بحث موضوعي في كتابه «واقع التقيّة عند المذاهب والفرق الاسلامية من غير الشيعة الامامية» وقد طبع هذا الكتاب وصدر عن مركز الغدير للدراسات الاسلامية سنة 1416 هـ / 1995 م ـ قم ـ ايران.
المتعة: هي النكاح بعينه إلاّ أنها محدّدةٌ بالمدة وتشترط فيها شروط العقد الدائم (في الزواج) قال الله تعالى: (... فَما اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ اُجُورَهُنَّ...) النساء: 24.
للتوسّع انظر: «المتعتان بين النصّ والاجتهاد من كتاب الغدير الشيخ الاميني(رحمه الله)»، المتعة وأثرها في الاصلاح الاجتماعي، زواج المتعة حلال ـ محاكمة المنهج الفقهي عند أهل السنة.
المسح على الارجل: أحد أركان الوضوء وجاء به الكتاب العزيز في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ..) المائدة: 6.
انظر: القول المبين عن وجوب مسح الرجلين للكراجكي: 449، المسح على الرجلين للمفيد: 413.
الشهادة الثالثة: أشهد أنّ عليّاً وليّ الله، والمقصود التلفظ بهذه الشهادة بعد «أشهد أنّ محمّداً رسول الله» في الاذان، والشيعة لا يأتون بها بقصد الجزئيّة، جاء في منهاج الصالحين / فتاوى آية الله العظمى السيّد علي الحسيني السيستاني حفظه الله: 1/191: «... والشهادة لعليّ(عليه السلام) بالولاية وإمرة المؤمنين مكمِّلة للشهادة بالرسالة ومستحبة في نفسها وإن لم تكن جزءاً من الاذان والاقامة...». وانظر: «سر الايمان الشهادة الثالثة في الاذان».
السجود على التربة: من المسائل التي يُستدلَّ لها عند الشيعة ـ على سبيل الاحتجاج ـ بأحاديث وتصريحات وردت عند السنّة أنفسهم بل وغير السنّة أيضاً. إلاّ أن الشيعة كادت أن تكون الوحيدة من بين الفرق التي أصرّت على هذه المسألة إن لم تكنها، واختصّ التهويل في هذه المسألة على فتوى الاستحباب بالسجود على التربة المأخوذة من أرض كربلاء أو التربة الحسينية ـ عند الشيعة الامامية ـ وفي الاحكام للهادي يحيى بن الحسين (ت/ 298) حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن المسوح واللبود وأشباههما فقال: أحبُّ لكل مصلٍّ أن يضع جبهته على التراب وحضيض الارض...».
وفي صحيح البخاري ـ من أهل السنة ـ عن أبي سعيد الخدري: «... فصلّى بنا النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) حتى رأيت أثر الطين والماء على جبهة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)...» صحيح البخاري: 1/207. انظر: السجود على التربة الحسينية عند الشيعة الامامية، السجود على الارض.
وليس المقصود ـ لا سمح الله ـ أن لا تُناقش تلك المسائل وأن لا تطرح، إذ قد تكون في أغلب الاحيان هي القضيّة المحورية للنقاش ـ وإن كان هذاالنقاش ممّا لا أراه مجدياً من أجل التوصّل إلى أحقيّة فرقة عن أُخرى ـ
أقصد أن هنالك ما هو أكبر في دائرة النقاش، بل وما هو أهمّ عند الحديث عن فرقتين من فرق الشيعة كتب لهما البقاء مع أُختهما الثالثة «الاسماعيليّة»(1) حتّى هذا العصر، ولم تنقرض كما انقرضت الفرق الاُخرى سواءاً من الشيعة أو السنّة.
إن البحث في المذاهب ومنها «الاثنا عشرية» و«الزيدية» يختزل اختلافاًـ قد يكون واسعاً في بعض أطروحاته ـ في شتّى مناحي التفكير عند تلك المذاهب بدءاً من «العقيدة» وما فيها من: «عدل» و«نبوّة» و«معاد»
____________
1) الاسماعيليون: هم القائلون بإمامة إسماعيل بن جعفر الصادق(عليه السلام) بعد أبيه جعفر وبذلك اختلفوا عن الشيعة الامامية الاثنى عشرية (الجعفرية) الذين قالوا بإمامة موسى الكاظم بعد جعفر الصادق(عليهما السلام).
وأشهر فرق الاسماعيلية ـ إن لم تكن الاسماعيلية منحصرة في العصر الحاضر بهما ـ النزارية والمستعلية (البهرة) ويتواجدون في كثير من نقاط العالم الاسلامي.
للتوسّع انظر: بحوثٌ في الملل والنحل / الجزء الثامن، الاسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي، تاريخ الدعوة الاسماعيلية.
من هنا: كان لابدّ من تلمّس أشدِّ المواضيع صلةً برأس الاختلاف وأُسُّ الانشقاق حيث نرى أن للشيعة بمذاهبها الثلاثة المعاصرة: الاثنى عشرية والزيدية والاسماعيلية قاسماً مشتركاً من عنده افترقت.
فما هو أصل اختلاف «الاثني عشرية» و«الزيدية»؟
من المعلوم أنّ الفرقتين شيعيّتان أي أنهما تقولان بـ: بأحقيّة أهل البيت النبوي في الخلافة «الامامة» بل وتتفقان على النصّ على «علي(عليه السلام)والحسنين(عليهما السلام)».
بغضّ النظر عن كونه «جليّاً» أو «خفيّاً»!
ومن بعد الحسين (عليه السلام)يبدأ الخلاف:
فالاثنا عشرية تقول: النصُّ ثابتٌ في من بعد الحسين (عليه السلام) وهو ابنه الامام زين العابدين (عليه السلام) وفي من بعده... هكذا حتّى «الامام الثاني عشرالمهدي المنتظر (عليه السلام)».
والزيدية تقول: لا نصّ بعد الحسين (عليه السلام) إلاّ ما كان نصاً على أهل البيت صلوات الله عليهم بشكل عام، كقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «تركت فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي».
إذن أصل خلاف الفرقتين في «الامامة» ومنها
ومنهجية خلاف الفرقتين «الزيدية» و«الاثني عشرية» يتم مروراً بالخطوات التالية:
1 ـ تعريف «الامامة» عند المذهبين الزيدي والاثني عشري.
2 ـ صفات الامام أو شروط الامام عند المذهبين الزيدي والاثنى عشري.
3 ـ الطريق إلى معرفة الامام عند المذهبين الاثني عشري والزيدي.
وبطرح آخر:
إنّ قول «الزيدية» بأنّ «طريق معرفة الامام هو الدعوة والقيام» ضرورة اقتضاها قولهم بأنّ «شروط الامام شروط أفضلية بشريّة وملكات احتيازية» ـأوصلوها إلى أربعة عشر شرطاً ـ وهذا القول كان ـ هو الاخر ـ ضرورة اقتضاهاقولهم بأنّ «الامامة رئاسة عامة في أُمور الدنيا لم يوجبها اللطف بل المصلحة».
ومن المنطق أن يقول شخصٌ: بأنّ طريق معرفة الامام هو قيامه ودعوته مادام وقد قال بأنّ الشروط المتطلّبة في الامام هي شروط كماليّة بالامكان حصولها في أي شخص اتّفق، والقول الاخير هذا يفرضه المنطق أيضاً!! ـ بناءاً على القول بأنّ «الامامة رئاسة عامة لاحتياج الناس لللطف الذي يُطرح في بحث النبوّة وأن الامامة ليست في طول النبوّة أو في عرضها».
والقول بهذا ضرورة تقتضيها العقيدة بأنّ «الامامة رئاسة عامة في الدين والدنيا لللطف الالهي» وأن «الامامة لطفٌ واستمرارٌ للنبوّة».
إذن من النقطة الاُولى «يتمنهج» البحث بشكل أكثر منطقيّةً!!
وكما يعبّر «القدماء» إن قالوا فنقول وإن قلتَ قلتُ!!
إن قلنا: ـ كما هو رأي الزيدية ـ إنّ «الامامة» رئاسة عامّة لشخص معيّن في الدنيا وأُمور الناس; فسنقول ـ ضرورةً ـ إنّ مواصفات هذا الامام كماليّة بشرية أو فقل: «أربعة عشر شرطاً».
وعليه فسنقول: إن طريق معرفته قيامُه ودعوته لنفسه إذ لا طريق غيره.
أما لو قلنا كما تقول «الاثنا عشرية»: إن الامامة لطف واستمرارٌ للنبوّة أو رئاسة عامة في الدين والدنيا يقتضيها اللطف فلا بدَّ من القول بعصمة صاحبها «الامام» وعندها فلا طريق لمعرفة إمامته إلاّ «النصّ».
وكم كان صعباً ذلك التحوُّل والاعتناق الجديد!لو لم تكن للنفحات الرحمانيّة جولات وصولات هدّأت النفس وطمأنت القلب وعقّلت العقل!!
محمد بن حمود العمدي
ذمار ـ اليمن
15 شوال 1419 هـ
تُعَرَّف الامامة عند الزيدية بأنّها «تابعة للنبوّة في الوجه الذي وجبت له، لانّ الائمّة (عليهم السلام) يقومون مقام الانبياء (عليهم السلام) في تبليغ الشريعة وإحياء مااندرس منها ومقاتلة من عَنَدَ عنها، ولهذا لم تكن إلاّ بإذن من الشارع واختيارمنه كالنبوّة.
ومسألة الامامة من أكبر مسائل أُصول الدين وأعظمها، لانّه يترتبُ عليهاطاعة الله وطاعة الرسول والقيام بالشرائع والجهاد والموالاة والمعاداة والحدود وغير ذلك...
وشرعاً ـ أي في عرف الشرع ـ رئاسة عامة ـ أي على جميع الناس ـ تثبت باستحقاق شرعي أي بدليل من الشرع; أي باختيار من الشارع لصاحبها لانّها، تالية للنبوّة...
وهي واجبةٌ عقلاً وسمعاً.
وقال بعض أئمتنا (عليهم السلام) وهم بعض المتأخرين منهم والجمهور من غيرهم: بل وجبت سمعاً فقط!!
قالوا: ولا إشكال أن الامام لطف ومصلحة للخلق، لكن العلم بكونه لطفاً ومصلحةً إنّما طريقه الشرع كالنبوّة عندهم»(1) .
____________
1) عدة الاكياس: 2/109 ـ 115.
1 ـ لانّ للزيدية نصوصاً أُخرى تدلُّ على عدم اعتقادهم باللطف في مسألة الامامة.
يقول أحمد بن يحيى بن المرتضى(1) :
«... لا طريق إلى اللطف الخاصّ إلاّ السمع، والعام ـ كالمعرفة ـ لابدّ له من وجه يقتضي اللطفية; ولا وجه هنا»(2) .
وهو رأي «يحيى بن حمزة» أيضاً:
____________
1) هو أحمد بن يحيى بن المرتضى (764 ـ 840) الحسني، الامام المهدي لدين الله، العالم، الفقيه، المجتهد، ادّعى الامامة في 793، وخسرو ألقى به في السجن وألف في السجن كتابه الفقهي الشهير «الازهار» عمدة المذهب الزيدي ومرجع طلابه وفقهائه، خلّف كتباً كثيرة في أصول الدين والفقه وفي علوم اللغة وغيرها، يعتبره صبحي في كتابه الزيدية «زيديّاً اعتزل» وله «طبقات المعتزلة».
من آرائه: صحة حكم (قضاء) أبي بكر بن أبي قحافة في «فدك» التي أنحلها رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمة الزهراء(عليها السلام)!!
انظر: التحف: 193، مقدمة البحر الزخار: 14 ـ 26، الاعلام: 1/269، الموسوعة اليمنية: 1/66، الزيدية: 410، أعيان الشيعة: 3/203.
2) مقدّمة كتاب البحر الزخّار: 91.
... والمختار عندنا من هذه المذاهب ما عليه أئمة الزيدية وشيوخ المعتزلة ومحققو الاشعرية هو: أنّ الطريق إلى وجوب الامامة هو الشرع»(1) .
2 ـ والزيدية رغم إجلالها الكبير لعقيدة الامامة; حتّى لتكاد بعض تصريحات علمائهم الكبار تقارب نوعاً ما ما عليه الاثنا عشرية من القول بـ: «اللطف» كهذا التصريح «لابن حابس»(2) والذي يعتبره في الاصل قول أئمة الزيدية:
«قلت: الامامة في الدين ـ عند أئمتنا (عليهم السلام) ـ عظيمة الشأن، شامخة البنيان،وبها نظام أمر الاُمّة وحفظ دينها ودنياها، والحاجة إلى الامام في
____________
1) الامام المجتهد يحيى بن حمزة وآراؤه الكلامية، صبحي: 144، 145، وأهم مرجع لصبحي في نقل آراء يحيى بن حمزة هو كتابه «الشامل» كما يذكر هو نفسه ذلك في كتابه «الامام المجتهد يحيى بن حمزة...»: 11.
2) هو أحمد بن يحيى حابس الصَّعْدي (1061) تولّى القضاءَ بصعدة حتى توفِّي، أحد مشاهير علماء الزيدية، برع في علوم عدِّة وصنف تصانيف يقول عنها الشوكاني: «جميع تصانيفه مقبولة، منها «المقصد الحسن» و«تكملة الاحكام» انظر: البدر الطالع: 1/86، الاعلام: 1/270.
فإنّ أساس ذلك ورأسه عِظَمُ أمر الامامة أو عدم عظمه، فمن عَظُمَ في صدره شأنُها وولج في ذهنه ما ذكرنا من الدليل الذي استعلى به بنيانها جَعَلها أصلاً قطعيّاً وركناً للدين قويّاً، وذلك هم أئمتنا (عليهم السلام) وشيعتهم الاعلام.
لكن منهم من جعلهامن فروض العلماء فقط ومنهم من رقّاها إلى درجة فروض الاعيان، بل من أهل هذا القول من جعلها أصلاً من أُصول الدين، ولذا جعلوا معرفةَ إمامة عليٍّ (عليه السلام) وولديه الحسنين خصوصاً ومعرفة إمامة القائم بعدهما عموماً من فروض الاعيان، ووجه خصوصية إمامة علىٍّ وولديه كون معرفة أحوال الامام مترتبةٌ على معرفة إمامتهم، والله
ومن صَغر عنده أمرُ الامامة وسَهَّل في جانبها، جعلها حكماً ظنيّاً، حتّى تفاحش الامر على من وقع في تلك الورطة فجعل كلَّ مجتهد ـ فيها ـ مُصيباً وصوّب (...) معاوية وعليّاً معاً، وزاد في الفحش من أنكر حكم وجوبها وترك الجماعة فوضى شايعاً فيها قبيح عيوبها وجنح إلى التسهيل في باب الدين، وانتظم في سلك الظلمة المعتدين»(1) .
رغم إجلالها هذا العقيدة الامامة لم تستطع أن تقول باللطف!! وذلك لاسباب كثيرة، لا تستطيع أن تكون مقنعةً للباحث المدقق والمتعامل مع الاقوال بروح موضوعيّة منطقية; جوُّها الدائمُ تحكيم العقل والمنطق في الاراء الكلامية والعقائدية والفلسفية، ولعلّ أهمَّ تلك الاسباب هي التخلّص من تبعات القول بـ: «اللطف» الضروريةوالتي على رأسها ـ كما أسلفنا ـ القول بالحاجة إلى «إمام معصوم»وبالتالي القول: بالحاجة إلى «النصّ» الطريق الوحيد لمعرفة «المعصوم» وهو الشيء الذي لا تملكه الزيدية على آحاد أئمتها; وإن كانت قد افتعلت نصوصاً ما في حق بعض أئمتها(2) إن سُلّم بها; وهو بعيدٌ جدّاً!! ـ فلا تعدو أن تكون فضائل ومناقب
____________
1) المقصد الحسن: 291 ـ 292.
2) انظر: التحف شرح الزلف: 52، 79، 100، 102، 114، وغير «التحف» من الكتب التي تعرضت لسير أئمة الزيدية، وهذا يجعلنا في ريب من موقف الزيدية من النصِّ; فهذه المرويات في «الناصر الاطروش والمنصور ابن حمزة ويحيى بن الحسين الرسي وغيرهم» تكشف لنا عن توق شديد عند الزيدية ـ كان ولا يزال ـ للنص في الامامة!
وبمجرّد نظرة موضوعية إلى استدلالات الاثني عشرية على القول باللطف، سنجد اللطف الطريق الوحيد والمتكامل لايجاب الامامة، إذ لا معنى للقول بإيجابها «شرعاً» مع ذلك الاستدلال «العقلي» الفريد ـ عند الزيدية ـ مع عدم القول بإيجابها عقلاً!!
ولمَ الانَفَةُ عن القول بوجوبها عقلاً؟!!
هل هو إلاّ التخلّص من القول بلوازم «اللطفية»؟!
خصوصاً ما إذا رُدّت بعض إشكالات زيدية القرن الثامن على القول باللطف كإشكال أحمد بن يحيى بن المرتضى(1) بما ذكرُه أوسع من أن يُعرض هنا، كردود «الحمصي الرازي»(2) و«الشريف المرتضى»(3)
____________
1) مقّدمة البحر الزخّار: 91.
2) الشيخ سديد الدين محمود بن علي بن الحسن الحمصي الرازي: (توفّي في أوائل المائة السابعة) قال في «الفهرست»: علاّمة زمانه في الاصولين، ورع ثقة، له تصانيف» وقال صاحب «مقابس الانوار»: عمدة المحققين، ونخبة المدققين، نزل الرّي ونُسِب إليها، قال فخر الدين الرازي: كان معلّم الاثني عشرية...».
انظر: مقدّمة تحقيق كتابه «المنقذ من التقليد» وانظر: معجم رجال الحديث: 19/97، أعيان الشيعة: 10/105، جاءت بحوثه وردوده في مسألة اللطف في كتابه المنقذ من التقليد: 2/240 ـ 256.
3) الشريف المرتضى عليّ بن الحسين الموسوي (355 ـ 436) ذو المجدين، علم الهدى، يُكنّى بأبي القاسم، تولّى نقابة النقباء وإمارة الحاج وديوان المظالم، قال فيه أبوالعلاء المعرّي:
يا سائلي عنه لمّا جئتُ أسأله ألا هو الرجل العاري من العار
لو جئته لرأيت الناس في رجل والدهرَ في ساعة والارض في دار
قال ابن خلكان: كان هذا الشريف إمام أئمة العراق بين الاختلاف والاتفاق، إليه فزع علماؤها وعنه أخذ عظماؤها...
انظر: مقدّمة تحقيق كتابه «شرح جمل العلم والعمل»، دمية القصر: 1/299، سير أعلام النبلاء: 17/588، تاريخ الاسلام (حوادث 431 ـ 440): 433، معجم رجال الحديث: 12/400، أعيان الشيعة: 8/213، الاعلام: 4/278، دفاعه وبحثه للطلف جاء في «الذخيرة»: 410 ـ 417، وفي كتب أخرى له.
وكإطلالة بسيطة على دفاع الاثني عشرية عن عقيدة «اللطف» والقول بهاومنافحتهم عنها نستعرض هذا النصّ للسيّوري(1) :
«قال(2) : لا يقال: اللطف إنّما يجب إذا لم يقم غيره مقامه، أمّا مع قيام
____________
1) أبو عبدالله المقداد بن عبدالله بن محمّد السيّوري الاسدي الحلّي (ت/826) الشيخ الفاضل الفقيه المتكلم، كان من أعيان العلماء، قال عن تصانيفه العلاّمة المجلسي صاحب البحار: تصانيفه في نهاية الاعتبار والاشتهار.
انظر: معجم رجال الحديث: 19/348، أعيان الشيعة: 10/134، الاعلام: 7/282، وانظر مقدمة تحقيق «إرشاد الطالبين».
2) القائل هو العلاّمة الحلّي، لان كتابَ «إرشاد الطالبين» للسيوري شرحٌ لمتن «نهج المسترشدين» للحلّي.
والعلاّمة الحلّي هو: الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي (647 ـ 726) هو الوحيد الذي أطلق عليه في التاريخ العلمي الشيعي الطويل لقب: «العلاّمة» من مصنفاته: المختلف، التذكرة، القواعد، التبصرة، وغيرها، لم تزل كتبه محطّ أنظار العلماء من عصره إلى اليوم تدريساً وشرحاً وتعليقاً قال عنه الشيخ الحرّ: الشيخ العلاّمة، جمال الدين أبو منصور، الحسن بن يوسف...، فاضل، عالم، علاّمة العلماء، محقق مدقق، ثقة ثقة، فقيه محدّث متكلّم، ماهر، جليل القدر...، لا نظير له في الفنون والعلوم والعقليات والنقليات» انظر مقدّمة «كشف الفوائد في شرح قواعد العقائد». أعيان الشيعة: 5/396، الاعلام: 2/227، معجم رجال الحديث: 6/171.
أو نقول: إنّما يجب اللطف إذا لم يشتمل على وجه قبح، فلم لايجوز استعمال الامامة على وجه قبح لايعلمونه؟ ولانّ الامامة إنّما تكون لطفاً إذا كان الامام ظاهراً مبسوط اليد ليحصل منه منفعة الامامة، وهو انزجار العاصي، أمّا مع غيبة الامام وكفِّ يده فلا يجب، لانتفاء الفائدة.
لاّنا نقول(2) : التجاء العقلاء في جميع الاصقاع والازمنة إلى نصب الرؤساء في حفظ نظامهم، يدلُّ على انتفاء طريق آخر سوى الامامة، وجهة القبح معلومة محصورة، لانّا مكلّفون باجتنابها، فلابدّ وأن تكون معلومة، وإلاّلزم تكليف مالايطاق، ولا شي من تلك الوجوه بمتحقق في الامامة، والفائدة موجودة وإن كان الامام غائباً، لانّ تجويز ظهوره في كلِّ وقت لطفٌ في حقِّ المكلّف.
____________
1) وهو الذي يجب إذا لم يقم غيره مقامه.
2) هذا ردٌ على من قال: إنّه مع غيبة الامام وكفِّ يده لا يجب اللطف في الامامة حينها.
أمّا منع كُبراه فلوجهين:
الاوّل: أنّ لطفيّة الامامة إنّما يتعيّن للوجوب إذا لم يَقُم غيرها مقامها، وهوممنوعٌ، لجواز أن يقوم غيرُها مقامَها، كوعظ الواعظ فإنّه قد يقوم غيره مقامه مع كونه لُطفاً، فلا يكون متعيّنةً للوجوب، كالواحدة من خصال الكفّارة، وهو المطلوب.
الثاني: أنّ الواجب لا يكفي في وجوبه وجهُ وجوبه، بل لابدَّ مع ذلك
____________
1) القائل هو الشيخ جمال الدين مقداد بن عبدالله السيّوري الحلّي.
2) الكبرى في القضيتين هنا هي: القول بتعيّن وجوب لطفّيّة الامام.
3) والصغرى هي: أن الامامة إنّما تكون لطفاً إذا كان الامام ظاهراً مبسوط اليد.
4) يصوغ «السيوري» إشكال المخالفين لمسألة اللطف ـ والذي ذكره العلاّمة الحلّي ـ صياغةً جديدةً تتناسب وما أسماه بالترتيب البحثي.
5) المقدّمتين الصغرى والكبرى.
وحينئذ نقول: الامامة على تقدير تسليم لطفيّتها لايكفي ذلك في وجوبها، بل لابدَّ مع ذلك من انتفاء وجوه المفاسد منها، فَلِمَ قلتم بانتفائها؟ ولِمَلا يجوز اشتمالها على نوع مفسدة لا نعلمها؟(1) .
وحينئذ لا يمكن الجزم بوجوبها عليه تعالى.
وأمّا صغراه: فلانّا نمنع كون الامامة لطفاً مطلقاً، بل إذا كان ظاهراً مبسوط اليد جاز الانزجار عن المعاصي، والانبعاث على الطاعات إنّما يحصل بظهوره وانبساط يده وانتشار أوامره، لا مع كونه خائفاً مستوراً.
والجواب عن الاوّل(2) : أنَّا نختار أن الامام لطف لا يقوم غيره مقامه، كالمعرفة بالله تعالى; فإنّها لا يقوم غيرها مقامها، والدليل على ماقلناه أنّ العقلاء في سائر البلدان والازمان يلتجون في دفع المفاسد إلى نصب الرؤساء
____________
1) ورد التلميح بكون الامامة مشتملةً على مفسدة ـ بناءاً على أنّ العقل يقضي بقبحها ـ في بعض كتب الزيدية كمقدِّمة لوجوبها الشرعي، الذي يحفظها من المفسدة. راجع:ينابيع النصيحة: 250.
2) وهو الاشكال على «لطفيّة الامامة» بأنّها لا تجب إذ أن غيرها يمكن أن يقوم مقامها.
وعن الثاني(1) : أنّ وجوه القبح والمفاسد معلومةٌ محصورةٌ لنا، وذلك لانّا مكلّفون باجتنابها، والتكليف بالشيء من دون العلم به محال، وإلاّ لزم تكليف ما لايطاق، ولاشيءَ من تلك المفاسد موجودةٌ في الامامة.
وفي هذا الجواب نظرٌ(2) : فإنّه إنما يصلح جواباً لمن قال بوجوبها على الخلق «كأبي الحسين»(3) ، لا لمن قال بوجوبها على الله تعالى كأصحابنا،فإنّه إنّما يجب عليه تعالى أن يعرِّفنا المفاسد إذا كانت من أفعالنا أو
____________
1) وهو الاشكال بـ: «لم لا يجوز استعمال الامامة على وجه قبح لا يعلمونه».
2) هذا النظر للسيّوري شارح متن «نهج المسترشدين».
3) أبوالحسين عبدالرحيم بن محمد بن عثمان الخيّاط (م ـ 311) شيخ المعتزلة البغداديّين من نظراء الجُبّائي، كان من بحور العلم، ترجم له «القاضي عبدالجبّار» في «فضل الاعتزال» وقال: «كان عالماً فاضلاً من أصحاب جعفر ] بن مبشر الثقفي المتكلم [ وله كتب كثيرة في النقوض على ابن الراوندي وغيره، من أشهر كتبه «الانتصار» ردّ فيه على كتاب «فضيحة المعتزلة» لابن الراوندي، وله آراء شنيعة في حق الشيعة. انظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء: 14/220، الاعلام: 3/347، بحوث في الملل والنحل: 3/284.
والاجود في الجواب أن نقول: لو كان هناك مفسدةٌ لكانت إمّا لازمةً للامامة، وهو باطلٌ، وإلا لما فعلها الله تعالى، لكنّه فعلها بقوله تعالى (إِنِّيْ جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامَاً...)(1) ، ولاستحال تكليفنا باتّباعه، لكنّا مكلّفون باتّباعه أو(مفارقته) وحينئذ يجوز انفكاكها عنه، فيكون واجبةً على تقدير الانفكاك، وأيضاً هذا السؤال وارد على كلِّ مايوجبه المعتزلة على الله تعالى، فكلّما أجابَ به فهو جوابنا.
وعن الثالث(2) : أنّا نختار أن الامام لطفٌ مطلقاً، أمّا مع ظهوره وانبساط يده فظاهرٌ، وأمّا مع غيبته فلانَّ نفس وجوده لطفٌ، لانّ اعتقاد المكلّفين لوجود الامام وتجويز ظهوره وإنفاذ أحكامه في كلِّ وقت سببٌ لردعهم عن المفاسد ولقربهم إلى الصلاح، وهو ظاهر.
وتحقيق هذا المقام: هو أنّ لُطفيّة الامام تتمُّ بأُمور ثلاثة:
الاوّل: ما هو واجب عليه تعالى، وهو خلق الامام وتمكينه بالقدرة والعلم، والنصِّ عليه باسمه، ونصبه، وهذا قد فعله الله تعالى.
____________
1) سورة البقرة: 124.
2) وهو الاشكال بـ: «أن الامامة إنما تكون لطفاً إذا كان الامام ظاهراً مبسوط اليد».
الثالث: ماهو واجبٌ على الرعيّة، وهو أن ينصروه ويطيعوه، ويذبّوا عنهويقبلوا أوامره، وهذا مالم يفعله أكثر الرعيّة.
فمجموع هذه الاُمور هو السبب التامُّ للطفيّة، وعدم السبب التامّ ليس من الله ولا من الامام لما قلناه، فيكون من الرعيّة.
إن قلت: إنّ الله تعالى قادرٌ على أن يُكَثِّرَ أولياءَه ويحملهم على طاعته، ويقلّلَ أعداءه ويقهرهم على طاعته، فحيث لم يفعل كان مُخِلاًَّ بالواجب.
قلتُ: لمّا كان فعلُ ذلك مؤدّياً إلى الجبر المنافي للتكليف لم يفعله تعالى، فقد ظهر أنّ نفس وجود الامام لطفٌ وتصرُّفه لطفٌ آخر، وعدم الثاني(1) لايلزم منه عدم الاوّل(2) ، فتكون الامامة لطفاً مطلقاً، وهو المطلوب»(3) .
وما أجملَ ما قاله السيّد محسن الامين العاملي(4) :
____________
1) وهو تصرّف الامام «انبساط يده وظهوره».
2) وهو أن وجودَه ـ بحد ذاته ـ لطفٌ.
3) إرشاد الطالبين: 328 ـ 332.
4) السيّد محسن الامين العاملي (1284 ـ 1371) عالم، جليل، ذائع الصيت له مؤلفات عدّة منها موسوعته الكبيرة «أعيان الشيعة». انظر: الحسين والحسينيون: 171، الاعلام: 5/287، أعيان الشيعة: 10/333.
وباللطف يقضي العقلُ حتماً فربُّنا | لطيفٌ وفي كلِّ الاُمورِ له خُبْرُ |
يقرِّبُنا من كلِّ نفع وطاعة | ويبعدُنا عن كلِّ ذنب به الضرُّ |
ومن لطفه أمسى مثيباً معاقِباً | ومن لطفهِ أن تُرْسَل الرُسْلُ والنُذْرُ |
تُبِينُ لنا طُرْق الضلالةِ والهُدى | جميعاً وما في حُكْمِه ابداً قَسْرُ |
لئلاّ يُرى للناس من بعدُ حُجَّةٌ | على اللهِ أو يبدو لهم في غد عُذْرُ |
ويحيى الذي يحيى ويهلِك هالِكٌ | وقد جاءَه التبيان ما دونه سِتْرُ |
فأرسل فينا أنبياءَ تنزَّهُوا | عن الذنب لا يُعصَى له فيهمُ أَمْرُ |
ولو جاز أن يعصوه ما كان أمرُهم | مطاعاً وخيفَ الكذْبُ منهم أوالمَكْرُ |
ومن بعدهم أبقوا رُعاةً لدينهم | يحوطونه من أن يحيقَ به الكـفر |
هم الاوصياءُ الراشدون وكلُّهم | بحورُ علوم لا يُخاضُ لها غَمْرُ |
وكلُّ دليل بالنبوّة قد مضى | فمنه بإثبات الامام قضى الفِكْرُ(1) |
____________
1) البرهان على وجود صاحب الزمان: 39، قادتنا كيف نعرفهم: 7/242 ـ 243.
ترى الاماميةُ الاثنا عشرية ـ بناءاً على قولها باللطف الالهيّ المطلق ـ أنَّ الامامَ لابُدَّ أن يكون معصوماً، وأنّ منصب الامامة منصبٌ لايستحقه إلاّ المعصوم.
يقول الشيخ المفيد(1) في «أوائل المقالات»(2) : «واتَّفَقَتْ الاماميّةُ على
____________
1) محمّد بن محمّد بن النعمان البغدادي الكَرْخي (336 أو 338 ـ 413 هـ) الشيخ المفيد، ابن المعلّم، عالم الشيعة، صاحب التصانيف الكثيرة، شيخ مشائخ الطائفة الامامية الاثني عشرية، لسان الامامية، رئيس الكلام والفقه، كان يناظر أهل كلّ عقيدة، كثير الصدقات، عظيم الخشوع، كثير الصلاة والصوم، خشن اللباس، له أكثر من مائتي مصنّف، كانت جنازته مشهودة، وشيّعه ثمانون ألفاً. انظر: حياة الشيخ المفيد ومصنّفاته، أعيان الشيعة: 9/420، سير أعلام النبلاء: 17/344، تاريخ الاسلام: (حوادث 411 ـ 420 هـ: 332) الاعلام: 7/21، معجم رجال الحديث: 18/213.
2) «أوائل المقالات في المذاهب والمختارات» للشيخ المفيد، كتاب يشتمل على «الفرق بين الشيعة والمعتزلة وفصل مابين العدلية من الشيعة ومن ذهب إلى العدل من المعتزلة والفرق مابينهم من بعد وبين الامامية فيما اتفقوا عليه من خلافهم فيه من الاصول، وذكر ـ في أصل ذلك ـ ما اجتباه هو من المذاهب المتفرّعة عن أصول التوحيد والعدل والقول في اللطيف من الكلام...».
وقد طبع هذا الكتاب عدة طبعات، وهو من أجود الكتب في بابه.
ويُستدل على ذلك بالعقل قبل النقل، جاءَ في «الذخيرة»(2) للشريف المرتضى:
«فأمّا الذي يدلُّ على وجوب العصمة له من طريق العقل، فهو أنّا قد بيّنَا وجوب حاجة الاُمّة إلى الامام، ووجدنا هذه الحاجة تثبت عند جواز الغلط عليهم(3) ، وانتفاء العصمة عنهم، لمابيّنّاه من لزومها لكلِّ من كان بهذه
____________
1) أوائل المقالات: 4، 5.
2) «الذخيرة في علم الكلام أو ذخيرة العالم وبصيرة المعلِّم وهو من تتمة كتاب الملخص في أصول الدين» هو أحد كتابين جليلين في علم الكلام حلاّ في الرعيل الاوّل من الكتب الكلامية التي تناولت بيان مذهب الشيعة الامامية وتبنّت الذبَّ عن أصوله الاعتقادية وتركيز الاسس العلمية التي اعتمدتها في دعم عقيدتها، كما يصفه المحقق السيّد أحمد الحسيني.
3) أي على الاُمّة.
فإن كان الامام مشاركاً لهم في جواز الخطأ عليه فيجب أن يكون مشاركاًلهم في الحاجة إلى إمام يكون وراهُ، لان الاشتراك في العلّة يقتضي الاشتراك في المعلول.
والقول في الامام الثاني كالقول في الاوّل، وهذا يُؤدِّي إلى إثبات ما لا يتناهى من الائمة أو الوقوف إلى إمام معصوم، وهو المطلوب»(1) .
وترى الاثنا عشرية أنّ لقولها بالعصمة أدلةً من النقل أيضاً; فالاية الشريفة (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيْمَ رَبُّهُ بِكَلِمَات فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّيْ جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامَاً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِيْ قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِيْ الظَّالِمِيْنَ)(2) ، دليلٌ كبيرٌ على العصمة من كتاب الله تعالى مع تفصيل وتفسير طويلان جدّاً، ليس هذا مجال بحثهما.!
ولكن على سبيل الاختصار يمكن أن يقال: «إن الظلم بكلِّ ألوانه
____________
1) الذخيرة: 430، 431.
2) سورة البقرة: 124.
وعلى ذلك، فكلّ من ارتكب ظلماً، وتجاوز حدَّاً في يوم من أيام عمره، أو عبد صنماً، أو لاذ إلى وثن، وبالجملة ارتكب ما هو حرام، فضلاً عمّا هو كفر، يُنَادَى من فوق العرش: (لاَ يَنَالُ عَهْدِيْ الظَّالِميْنَ) أي أنتم الظلمة الكفرة المتجاوزون عن الحدّ، لستم قابلين لتحمل منصب الامامة; من غير فرق بين أن يصلح حالهم بعد تلك الفترة، أو يبقوا على ماكانوا عليه.
وهذا يستلزم أن يكون المؤهَّل للامامة طاهراً من الذنوب من لدن وُضِعَ عليه القلم إلى أن أُدْرِجَ في كفنه وأدخل في لحده، وهذا ما نسميه بالعصمة في مورد الامامة»(2) .
ومن أدلة الامامية الاثني عشرية على العصمة من الكتاب العزيز قوله
____________
1) الامامة.
2) الالهيات: 4/122.
على أن وجوب الطاعة في الطاعات ليس من خواص الرسول وأولي الامر، بل تجب طاعة كل آمر بالمعروف، فلابدّ أن يكون المراد بالاية بيان عصمة الرسول وأولي الامر وأنّهم لا يأمرون ولا ينهون إلاّ بحقّ»(2) .
ومن السنة: قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إني تارك فيكم الثقلين ـ أو الخَليفتين ـ: كتاب الله وعترتي أهل بيتي»، فقد قال السيّد محسن الامين العاملي بعد ذكرهذا الحديث وغيره: «دلّت هذه الاحاديث على عصمة أهل البيت من الذنوب والخطأ، لمساواتهم فيها بالقرآن الثابت عصمته في أنّه أحد الثقلين المخلّفين في الناس، وفي الامر بالتمسّك بهم كالتمسّك بالقرآن، ولو كان
____________
1) النساء: 59.
2) دلائل الصدق: 2/17.
____________
1) اشارة إلى رواية لحديث الثقلين فيها (... ولا تعلموهم فإِنَّهم أعلم منكم...) راجع تخريجه في «المراجعات» لشرف الدين ص36 طبع دار الكتاب الاسلامي أو ص16 طبعة (مطبوعات النجاح بالقاهرة). وراجع تخريج حديث الثقلين في: حديث الثقلين تواتره فقهه كما في كتب السنة، الاعتصام: 1/132 ـ 152، لوامع الانوار: 1/51، بحارالانوار: 22/475، 36/329، 45/313، 68/22، نفحات الازهار: الجزء الاوّل.
2) الغدير: 3/297، 298، وراجع: الاصول العامة للفقه المقارن: 164 ـ 189.
يقول الشرفي(1) : «وشروط صاحبها ـ أي شروط الامام ـ أربعة عشر شرطاً:
الاوّل: البلوغ والعقل، للاجماع على أن لا ولاية للصبي والمجنون على أنفسهما فضلاً عن غيرهما».
الثاني: الذكورة، لقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما أفلح قومٌ ولّوا أمرهم امرأةً، ولانّ المرأةلا تولّى جميع أمرها، ولانها ممنوعة من مخالطة الناس وغير ذلك.
والثالث: الحرية....
والرابع:... المنصب، فلا تصح الامامة إلاّ في منصب مخصوص بيّنه الشارع....
الخامس:... الاجتهاد...
والسادس:... الورع...
والسابع: اجتناب المهن المسترذلة.
____________
1) أحمد بن محمد بن صلاح الشرفي (975 ـ 1055) كان من ولاة الامام القاسم ابن محمّد وشرح كتابه الاساس بشرحين صغير وكبير، عالم موسوعي ورع وأديب يصفه صاحب «نسمات الاسحار» بخاتمة المحقِّقين له مؤلفات ومصنفات يُدرس بعضها في حلقات العلم عند الزيدية. انظر: عدة الاكياس: 1/17، البدر الطالع: 1/82، الاعلام: 1/238.
والتاسع: الشجاعة...
والعاشر: التدبير...
والحادي عشر: القدرة على القيام بثمرة الامامة...
والثاني عشر: السخاء بوضع الحقوق في مواضعها..
والثالث عشر: السلامة من المنفرات نحو الجذام والبرص...
والرابع عشر: سلامة الحواس والاطراف...»(1) .
وهي تستدلّ على كلِّ شرط على حدة باستدلالات عقلية ونقلية.
وليس لديهم استقرارٌ على القول بأربعة عشر شرطاً، فهذا «يحيى بن حمزة» يقول:
«... أن طريق الامامة عندنا ـ ممن ليس بمنصوص عليه ـ هي الدعوة، فمن قام منهم ودعا إلى الامام مستجمعاً لاُمور أربعة:... وجب على كافّة المسلمين نصرتُه والدعاءُ إليه، والاحتكام لامره، والتقوية لسلطانه»(2) . ويرى عبدالله بن حمزة أن تلك الشروط «ستة»(3) .
____________
1) عدة الاكياس: 2/120 ـ 134.
2) المعالم الدينية: 144.
3) ديوان عبدالله بن حمزة وعنه دائرة المعارف الاسلامية الشيعية: 7/222.
يقول «الشرفي»:
«قال (عليه السلام)(1) : «ولا دليل عليها» أي على اشتراطها أي العصمة «إلاّ تقدير حصول المعصية من الامام «لو لم يكن معصوماً» أي لادليل لهم(2) على اشتراط العصمة إلاّ تقديرحصول المعصية وهو لا يصلح دليلاً; لما ذكره (عليه السلام)بقوله:
«قلنا: ذلك التقدير حاصل في المعصوم فيفرض حصول المعصية منه كما قال تعالى في سيد المعصومين (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ)(3) .
ولا يلزم من هذا الفرض وقوع الشرك منه (صلى الله عليه وآله وسلم).
____________
1) القائل هو القاسم بن محمّد (1029) صاحب المتن المشروح والمسمّى بـ «الاساس» وقد طبع هذا المتن في بيروت عام 1980 هـ بتحقيق الدكتور البيرنصري نادر عن دار الطليعة، وطبعه بتحقيق آخر / محمد قاسم الهاشمي ـ مكتبة التراث الاسلامي / صعده ـ اليمن وصدرت الطبعة الثانية منه عام 1415 هـ.
2) أي الاثني عشرية.
3) الزمر: 65.
لانّ تقدير موت الامام المعصوم ووقوع المعصية من الامام غير المعصوم سواءٌ في كونهما مبطلين للامامة، فهلاّ منعتم من قيام الامام المعصوم ـ لتقدير موته، كما منعتم من إمامة العدل لتقدير معصيته، وكذلك تقديرالعمى والجذام أو نحو ذلك؟»(1) .
ومع ذلك فهنالك من الزيدية من ذهب إلى اشتراط العصمة في الامام «كأبي العبّاس الحسني»(2) وهو من هو عند الزيدية!!
____________
1) عدّة الاكياس: 2/134، 135.
2) عدة الاكياس: 2/134. وأبوالعبّاس الحسني هو: أحمد بن إبراهيم الحسني المعروف بأبي العبّاس (353) وُصف في كتب الزيدية بـ «السيّد الامام الحافظ، الحجة، شيخ الائمة، ربّاني آل الرسول، وشيخ المعقول والمنقول، لم يبق شيءٌ من فنون العلم إلاّ طار في أرجائه، وهو تلميذ الامام الناصر الاطروش، وشيخ الامامين الجليلين أبي طالب والمؤيد بالله.
قال عنه عبدالله بن حمزة: «الفقيه المناظر المحيط بألفاظ العترة أجمع غير مدافع ولا منازع، كان محل الامامة، ومنزل الزعامة. انظر: التحف: 118، أعيان الشيعة: 2/469.
يقول الهادي يحيى بن الحسين(1) : «وكذلك الاوصياء فلا تثبت للخلايق وصية الانبياء إليهم إلاّ باستحقاق لذلك العلم والدليل، فأمّاالاستحقاق منهم لذلك المقام الذي استوجبوا به من الله العلمَ والدليلَ فهو فضلهم على أهل دهرهم وبيانهم عن جميع أهل ملَّتهم بالعلم البارع والدين والورع والاجتهاد في أمر الله وعلمهم ودليلهم فهوالعلم بغامض علم الانبياء
____________
1) الهادي يحيى بن الحسين بن القاسم الرسّي (245 ـ 298) أوّل أئمة الزيدية في اليمن، له مقام شامخ عند الزيدية لا يكاد يرقى إليه إمام ـ من أئمتهم ـ غيره، كان على ورع شديد، كتب ابن عمّه عليّ بن محمد العبّاسي العلوي سيرته في مجلد ضخم طبع بتحقيق الدكتور سهيل زكّار سنة 1392 هـ ـ دار الفكر بيروت ـ في 418 صفحة.
عالم، فقيه، سياسي، مؤسس دولة الائمة في اليمن، وواضع أسس الهادوية حارب القرامطة حروباً شديدة، وكان له ولفقهه شأن عظيم في تاريخ اليمن، مقامُه بـ «صعدة» مشهور مزور. من كتبه «الاحكام في الحلال والحرام». انظر: الافادة: 128، الاعلام: 8/141، الحدائق الوردية: 2/13، التحف: 99، الموسوعة اليمنية: 2/1018، تاريخ الاسلام (حوادث ووفيات 291 ـ 300 هـ): 321.
وأمّا قول «القاسم بن محمّد»(2) بأنه لا دليل عليها (أي على اشتراطها = العصمة) إلاّ تقدير حصول المعصية; فمجازفة!!
لادلة كثيرة!
منها:
أولاً: أنّ الامامية المتقدمين والمتأخرين(3) لم يذكروا أنّ مستندهم
____________
1) المجموعة الفاخرة: 48.
2) عدّة الاكياس: 2/134 ـ 135.
القاسم بن محمّد بن علي بن الرشيد (967 ـ 1029) فقيه، عالم، قام بدور سياسي بارز في محاربة الاتراك بعد أن ادّعى الامامة سنة 1006، ترك كثيراً من المؤلّفات منها: «الاعتصام» في الحديث و«الاساس» في أصول الدين، أُلّف في ترجمته كتاب باسم «النبذة المعشيرة» لُقّب بالمنصور بالله، انظر: التحف: 229، البدر الطالع: 1/385، الموسوعة اليمنية: 2/738، الاعلام: 5/182.
3) راجع: الذخيرة: 430، مناهج اليقين: 297 ـ 299، أوائل المقالات: 19، عقائدالامامية: 313، أصل الشيعة وأُصولها: 212،الالهيات: 4/116 ـ 130.
ما نراه في كتبهم استدلالاً على العصمة وضرورتها هو:
1 ـ أنّه لو لم يكن ]الامام[ معصوماً لزم التسلسل(1) ، والتالي باطلٌ فالمقدَّم مثله»(2) .
«والدليل على وجوب كونه معصوماً: أنّ الرئاسة إنّما وجبت من حيث كانت لطفاً، يقلُّ الفسادُ ويَكْثُرُ الصلاحُ عندها، وكان الامر منعكساً مع فقدها من كثرة الفساد وقلّة الصلاح، فالرئيس لايخلو من أن يكون معصوماً أو لايكون معصوماً. إن كان معصوماً فهو المقصود، وإن لم يكن معصوماً كان محتاجاً إلى رئيس آخر، ثم الكلام في رئيسه كالكلام فيه، في أنّه إن لم يكن معصوماً احتاج إلى رئيس آخر، فكذا الثالث يحتاج إلى رابع، والرابع إلى
____________
1) أي حاجة «الامام» غير المعصوم إلى «إمام معصوم».
2) «اصطلاح منطقي» بعبارة أُخرى: إن التسلسل باطلٌ، والقول بعدم عصمة الامام يستلزم احتياجه إلى من هو أعلم وأكمل منه وهذا الاعلم والاكمل هكذا يحتاج إلى من هذا أعلم وأكمل منه وهذا يؤدّي إلى التسلسل; إذن القول بعدم العصمة للامام ـ القول الذي يؤدّي إلى التسلسل ـ باطل، فيثبت القول بعصمة الامام مناهج اليقين: 297.
2 ـ آية التطهير:
(إِنّما يُرِيْدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيْراً)(2) .
«وأمّا دلالتها على العصمة، فتظهر إذا اطّلعنا على أنّ المرادَ من الرجس هو القذارة المعنوية لا المادية...
وعلى ضوء هذا، فالمراد من الرجس في الاية: كل عمل قبيح عرفاً أو شرعاً، لا تقبله الطباع، ولذلك قال سبحانه بعد تلك اللفظة: (وَيُطَهِّرَكُم تَطْهِيْرَاً) ، فليس المراد من التطهير، إلاّ تطهيرهم من الرجس المعنوي الذي تُعدُّالمعاصي والمآثم من أظهر مصاديقه.
وقد ورد نظيرالاية في حقّ السيدة مريم، قال سبحانه (إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِيْنَ)(3) .
____________
1) المنقذ من التقليد: 2/278 ـ 279.
2) الاحزاب: 33.
3) سورة آل عمران: 42.
3 ـ ما سبق ذكره من استشهاد الامامية بآية الامامة(2) ، وطريقة استدلالها بتلك الاية.
وغيرها من الادلّة.
ثانياً:
أنّ من عرف «مبنى» الامامية الاثني عشرية ـ وهو «قاعدة اللطف» ـ جزم ـ بإنصاف ـ بأنّ قولهم بعصمة الامام إنما هو نابعٌ من صميم النتائج العقلية الضرورية لمن التزم بقاعدة اللطف في مسألة الامامة.
ثالثاً:
أنّ الزيدية ـ نفسها ـ احتارت أمام الدلائل التي تفرض نفسها للعصمة، فاضطرّت إلى القول بالعصمة، ولكنّها وقعت في مأزق خطير وهو ادّعاء العصمة في العترة ـ هكذا، مُطْلَقةً ـ في أولاد الحسنين!!(3) ، وكما يعبّر
____________
1) الالهيات: 4/128، 129.
2) سورة البقرة: 124.
3) عدة الاكياس: 2/188.
وحديث «الثقلين» القارن «العترة = أهل البيت بالقرآن = المعصوم» ـ بحد ذاته ـ كاف ليكون أباً لكل أدلّة القائلين بعصمة الامام.
وكم قد رأينا ـ علماً وعملاً ـ جرّاء عدم القول بضرورة عصمة الامام ولابدّيتها: أن كلَّ الشروط التي تطرح تحت عنوان «صفة الامام» لم تكن سوى شروط كمالية مثالية قلَّ من رقى إليها.
وهذا هو الذي جعل كثيراً من أئمة الزيدية لا يعتبرون بعض الشروط، كما هو المعروف عن «يحيى بن حمزة» وعدم اعتباره للاجتهاد شرطاً في الامام(2) .
وأمّا مراجعة تاريخ اليمن وتاريخ أئمة اليمن بوجه خاص ففيه الادلّة الكثيرة التي تؤيد «مثاليّة» الشروط التي اعتبرت في الامام(3) .
____________
1) شرح الازهار: 1/15 وكتب أصول الفقه عند الزيدية.
2) وقال ـ بعدم اشتراط الاجتهاد في الامام ـ الامام المطهّر والامير الحسين والحسن بن وهّاس والقاضي جعفر والقاضي مغيث والسيّد عبدالله بن يحيى أبو العطايا. انظر: شرح الازهار: 4/520.
3) الموسوعة اليمنية: 1/447 ـ 459 و496 ـ 499. ومن أجل حقيقة ـ أكثر صراحةً ـ لابُدّ من القول بأنّ عمليّة وضع تلك الشروط تمَّ بطريقة تجميعيّة دفعت بها خلفيّة عقليّة ثيوقراطيّة تجعل من المصلحة السياسية والسلطويّة ـ المبتنية على مرتكزات دينيّة وعقيدية; لم يكن بدٌّ من الاعتماد عليها ـ مشرِّعاً جديداً وفق ضوابط «المصالح المرسلة» و«الاستحسان» أو لا وفقها !
إلى أين أوصلنا القول بأن لا ضرورة للقول بالعصمة؟
ألم يوصلنا ـ في فترة من الزمن; امتدتْ إلى هذه الفترة ـ إلى أن نضرب صفحاً عن مناهج أهل البيت (عليهم السلام) ونجعل منابع شريعتنا غيرها(1) !؟
ألم نصل إلى القول تارة «بالنصّ الخفىّ» في الامامة وتارة «بالنصّ الجلىّ» ونكون قد ارتكبنا جُرماً عقائدياً ـ إن صحَّ التعبير ـ عندما نقول بالاوّل منهما!!
ألم نصل إلى أن نُصْبِحَ حيارى في أخذ ديننا عن من؟ بل حتّى العلماء صاروا حيارى; إن لم يكونوا أوّلَ من احتار !!
وندندنَ كالسيد الحافظ إسحاق بن يوسف بن الامام المتوكّل على الله(2) :
____________
1) شرح الازهار: 1/8، مقدّمة البحر الزخّار: 196.
2) السيّد إسحاق بن يوسف بن الامام المتوكّل على الله إسماعيل بن الامام القاسم بن محمد (1111 ـ 1173) قال عنه الشوكاني: «إمام الاداب، والفائق في كلِّ باب، على ذوي الالباب»، كان كريماً وشاعراً، فقيهاً محدِّثاً، من كتبه رسالة (الوجه الحسن المذهب للحزن)، وتفريج الكروب في مناقب الامام أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب(عليه السلام). انظر ترجمته: البدر الطالع: 1/91، الاعلام: 1/297.
أيها الاعلام من ساداتنا | ومصابيح دياجي المُشكلِ |
خبِّرونا هل لنا من مذهب | يُقتفى في القول أو في العمل؟ |
أم تُركْنا هَمَلاً نَرعى بلا | سائم نقفوهُ نَهْجَ السُبُلِ! |
فإذا قلنا «ليحيى»(1) قيل لا | ها هنا الحقُ لزيد بن علي!(2) |
____________
1) الهادي: يحيى بن الحسين بن القاسم الرسّي. 2) زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (75 ـ 122) أخ الامام الباقر(عليه السلام) وعمّ الامام الصادق(عليه السلام) وابن الامام السجّاد(عليه السلام)، كان يُعرف بـ «حليف القرآن» ويعتبر من فقهاء ومحدثي أهل البيت(عليهم السلام). قام مخلصاً لله تعالى أمام الجبّارين في عصره، وقال فيه الامام الصادق(عليه السلام) «رحم الله عمّي زيداً لو ظفر لوفى، إنما دعا إلى الرضا من آل محمّد و...» قال الشيخ المفيد في «الارشاد»: كان زيد بن علي(عليه السلام) عين إخوته بعد أبي جعفر الباقر(عليه السلام)وأفضلهم وكان عابداً ورعاً فقيهاً سخياً شجاعاً، واعتقد كثير من الشيعة فيه الامامة وكان سبب اعتقادهم ذلك فيه خروجه بالسيف يدعو إلى الرضا من آل محمد فظنّوه يريد بذلك نفسه ولم يكن يريده لمعرفته باستحقاق أخيه للامامة من قبله...
انظر: الافادة: 61، التحف: 43، الحدائق الوردية: 1/137 (الامام زيد شعلة في ليل الاستبداد) لمحمد يحيى سالم عزّان، معجم رجال الحديث: 8/357 ـ 369، زيد الشهيد، سير أعلام النبلاء: 5/389، تاريخ الاسلام (حوادث 121 ـ 140 هـ): 105، الارشاد: 2/171، زيد بن علي ومشروعيّة الثورة عند أهل البيت(عليهم السلام)، أعيان الشيعة: 7/107، الاعلام: 3/59.
وإذا قلنا «لزيد» حكموا | أن «يحيى» قوله النصُّ الجلي |
وإذا قلنا لِهذا ولِذا | فهمُ خيرُ جميعِ الملل |
أو سواهم من بني فاطمة | أُمناءِ الوحي بعدَ الرُسُل |
قرّروا المذهب قولاً خارجاً | عن نصوص الالِ فابعثْ وسلِ!(1) |
____________
1) البدر الطالع: 1/91.
وتبقى مسألة النصّ كمرحلة أخيرة للتدرج الذي اتبعناه في بحث نظرية الاماميّة تدرّجاً هَرَميّاً!!
ولنا في البداية «وقفة» عند النصّ عند الزيدية.
فالزيدية تختلف اختلافاً جِدَّ خطير في مسألة النصّ!!
منشأه من «مسألتين» اختلفت فيهما اختلافاً واسعاً:
أّما المسألة الاُولى: فهي أنّ الائمة قسمان:
فالقسم الاوّل: مَن نُصَّ عليه «بالامامة» وهؤلاء هم: أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالب والامام الحسن بن علي والامام الحسين بن علي (عليهم السلام).
والثاني: من لم يُنصَّ عليه بالامامة، وقد اختلفوا في هذا القسم أيضاً!!
فبعضهم قال: بل نُصَّ عليه نصٌّ جُمليٌّ وهم العترة، ـ واختلفوا في هذاالنص الجملي أيضاً!! فبعضهم قال: إنما هم أولاد عليٍّ (عليه السلام) من الحسن والحسين(عليهما السلام)ابني فاطمة(عليها السلام)، وعبروا عن قولهم هذا بـ «حصر الامامة في البطنين»، والبعض الاخر قال بدخول أولاد عليٍّ (عليه السلام) من غير الحسنين (عليهما السلام)
والمسألة الثانية: أصل «النصّ» هل هو جليٌّ أو خفي؟
والحقُّ يقال!!: أنه لم يكن للقائلين «بالنص الخفي» «غرضٌ» سوى تنزيه مقام المتقدّمين على أمير المؤمنين صلوات الله عليه وسلامه ممّا يمكن أن يلحق بهم من تفسيق أو تكفير!!; جرّاء مخالفة النصوص القطعية على أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه بالامامة الكبرى(2) .
وللاسف أن هذه الشنشنة ـ شنشنة أنّ النصّ على أمير المؤمنين علىِّ بن أبي طالب صلوات الله عليه نصٌّ خفيٌّ غير جلي ـ قد بدأتْ تأخذُ مساراً وئيد الخُطى في الوسط الزيدي المعاصر مع غفلة هروّجية والدعاة إليه عن «أضراره» الكبيرة بالعقيدة الزيدية فضلاً عن غيرها.
____________
1) عدة الاكياس: 2/122.
2) حتّى أن كثيراً من مؤلفي «الزيدية» في العقائد كانوا يعقدون فصلاً أو باباً في سياق ذكرهم«للامامة» تحت عنوان: «حكم من تقدّم أمير المؤمنين (عليه السلام)». انظر: عدة الاكياس: 2/ 166، وراجع: أنوار اليقين للحسن بن بدر الدين، وحقائق المعرفة لاحمد بن سليمان وغيرها، ومن المضحك ـ وشرّ المصائب ما يضحك ـ أن يؤدِّي هذا الدَوَران ـ بعد عناء ـ إلى القول بالنص «الجلي» في الامامين الحسن والحسين(عليهما السلام) والنصِّ «الخفيّ» في أميرالمؤمنين(عليه السلام) !! انظر: شرح الازهار: 4/522.
وهذا خطرٌ ـ بحمد الله ـ قد توجَّه له بعض علماء الزيدية المعاصرين، ولم يدعوا المجال مفتوحاً أمامَ من يُريدَ ـ في الحقيقة ـ التعرضَ للثوابت عند الزيدية، ولله القائل منهم(1) :
____________
1) ردّاً على من قال:
عليُّ بايعَ الصديق حقاً | وناداهُ ليغزو فاستجابا |
وللفاروق بايع بعد هذا | وزوّجه ابنةً طابت وطابا |
وبايع لابن عفّان ووالى | وما عنه صوابُ الرأي غـابـا |
تولّى ذا وهذا بعد هذا | فهل في دينه والحقِّ حـابـا |
اجيبوني على هذا بصدق | أأخطأ في الطريقة أم أصابا |
فإن أنكرتموا ما كان هذا | لعنّا فيه أكذبنا جوابا |
عليٌّ خالف الخلفاء فيما | زعمتم أنه فيه أجـابا |
ولو كان الذي فعلوه حقّاً | لما حضروا سقيفتهم وغـابـا |
وما سبب التقاعد عن «عتيق»(1) | إذا كانت خلافته صوابـا |
اجيبونا على هذا بصدق | أأخطأ في التقاعد أم أصابا |
فإن أنكرتم ما كان هذا | لعنَّا فيه أكذبنا جوابا |
____________
1) عتيق: أبو بكر بن أبي قحافة.
إليكَ مقالة عني أجبها | فقد عارضت بالوشل العبابا |
إذا رضي الوصي لهم فعالا | ولم يكُ عندكم سكت ارتيابا |
فلم غضبَ الوصي غداةَ جاءوا | إليه ولم أنالَهم عتابـا |
ولم هدرتْ شقاشقه عليهم | وكاد يفضُّ مقولُه الصلابا |
ولم هجر السقيفة حين كانت | بها الاصواتُ تصطخب اصطخابا |
وقلتم في الوصي لنا مقالاً | ولم تخشوا من الله العقـابـا |
وبايع لابن عفّان زعمتُم | وتابعه ولان له الجنـابـا |
فلمْ في قتْل عثمان تأنّى | واغدف يوم مقتله النقـابـا |
ولم قتلتهُ(1) أقوامٌ وكانوا | كحيدرة وعترتهِ صحـابـا |
ولم ردَّ القطائع من تراهُ | وكان لسافكي دمه مـآبـا |
فكيف جوابُ ما قلناه هاتوا | لنا عن بعض ما قلنا الجـوابـا |
إذا والى بزعمكم عتيقاً | ولم يَرَ في خلافته اضطرابا |
ووالى صاحبيه كما زعمتم | وما في دينه والحقِّ حـابـا |
فلم دفنَ البتولَ الطُهر ليلاً | ولم يحثوا بحفرتها ترابا |
ولم غضبت على الاقوامِ حتّى | غدت فيهم مجرّعة مصـابـا |
ولم أخذوا عطيّتها عليها | وسوف يرون في غد الحسابا |
____________
1) أي: عثمان.
ولم طلبوا عيادتها فقالت | ابينوا القومَ حسبهمُ احتقابا |
ولِم لعقايل الانصار قالتْ | وقد جاءت تسالمها خطـابـا |
لقد أصبحتُ عائفةً وإني | لمن لم يُرْضِ فىَّ أبي آبا |
ولم ماتت بغُصتها ترى في | أكفِّ القوم نحلتها نهابا |
وماتت وهي غاضبة روته | غطارفةٌ بها شرفوا انتسابا |
هم غضبوا لفاطمة وإنَّ الـ | ملائكَ في السماءِ لها غضـابـا |
فكيف يُقال والاهُم عليٌّ | وهم أسقوا أبا الحسنين صـابـا |
فمن زعم الوصيَّ لهم موال | فقد عَظُمَتْ خطيئَتُه ارتكابا(1) |
فالزيديّة ـ بشكل عام ـ(2) لا ترى النصَّ على من بعد الحسين تخصيصاً، ولكنها تراهُ عاماً في العترة(3) !!
ولكنّ المشكلة ستكون حينها في نفس مستمسك الزيدية على «إمامة»العترة أو قُل: أحد مستمسكاتها وهو: حديث الثقلين.
فإنّ هذا الحديث ـ بحد ذاته ـ يُلحُّ علينا أن نطالب بالمنصوص عليه،
____________
1) لوامع الانوار: 2/142 ـ 144، وهذا كلّه باعتبار أنّ من أكبر أدلّة القائلين بالنصّ الخفىّ:مخالفة الصحابة له ببيعتهم لابي بكر وظنّهم بأن أميرالمؤمنين علي ابن أبي طالب(عليه السلام) وافقهم وسار معهم على خطتهم غافلين أو متغافلين عن كثير من القضايا التي أشار إلى بعض منها الشاعر.
2) لانّ لهم كلاماً في الوصية إلى زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام) راجع: التحف: 42.
3) عدة الاكياس: 2/188.
أضف إلى ذلك أن الاحاديث التي قد «خصصت» العترة في «اثني عشر إماماً» أو «خليفةً» قد كفتنا عناءَ البحث والتكلّف وتجشم «الالتواء» على «النصوص» وعرقلة مسيرتها الطبيعية التكوينيّة(1) !!
ونعود لنتساءلَ ـ كما تساءَلنا في مبحث العصمة ـ ما الذي جنته الزيدية من عدم إيمانها بالنصِّ على اثني عشر إمام!؟
كم هو حصاد الائمة الذين تقاتلوا في ما بينهم; ولم توقف سيفَ أحد منهم بحوثُ المتكلِّمين من الزيدية حول جواز قيام إمامين في عصر واحد!؟
بل كم هو حصاد النفوس البشرية التي كانت تسفك في جند هذا الامام أو ذاك الامام؟
ما الذي جعل اليمن حدود ألف ومائتي عام مسرحاً للارهاب الامامي؟ حتّى نفدت كلمات المتكلمين في فسق الطوائف التي كانت تُحارب، فاتجهت إلى البحث عن «تُهَم» جديدة للائمة الذين كانوا يُحارَبون بدل الطوائف والفرق المسلمة الاُخرى(2) .
____________
1) تاريخ الخلفاء: 10 ـ 12، أنوار التمام (تتمة الاعتصام للقاسم بن محمد): 5/400 ـ 402.
2) ومن المؤسف عدم وجود إقدام جاد على مستوى دراسة وإحصاء وتحليل الحروب التي كانت تقع بين الائمة المتنافسين وتقديمها ـ تأريخاً صادقاً ـ لجيل ناهض يُربأُ به عن أن يعيش حالة تقدّس أجوف لحالة الصراع المريرة التي عاشتها اليمن في تلك الحقبة الرهيبة والطويلة من تاريخها، ويمثّل أكثرُ ما في الايدي من ذلك «نُبذاً ونتفاً ومقتطفات. أكثر ما تمنحه تصور أشبه بالتخيّل لما كان يحدث... !
وسرّ «المأساوية» فيها أنّ أمرَ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)في الرجوع إلى اثني عشرإمام معصوم من بعده لم يُتَّبعْ ولم يراعَ، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
وأمّا الاثنا عشرية فقد قالت: أن الائمة من بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اثنا عشر إماماً(1) .
واستدلّوا على حصرهم ذلك بالنقل والعقل!!
يقول «الشريف المرتضى»:
____________
1) وليست الاثنا عشرية وحدها هي التي قالت هكذا; بل أنَّ أكثر محدِّثي المذاهب الاسلامية أوردوا في صحاحهم ومسانيدهم حديث الائمة الاثني عشر، إما إجمالاً أو تفصيلاً. انظر: صحيح البخاري: 9/147/79، صحيح مسلم: 3/1452/5 (1821)، مسند أحمد بن حنبل: 1/398، 406، ينابيع المودّة: 3/281. للتوسّع انظر: إعلام الورى: 2/157 ـ 208، نفحات الازهار: 2/337، دلائل الصدق: 2/485، بحارالانوار: 36/192 ـ 418، الالهيّات: 4/109 ـ 115، وراجع: إثبات الهداة للحرِّ العاملي.
ومن قويِّ ما اعتمد في ذلك: أن عصمة الامام واجبة في شهادة العقول،كما أن ثبوت الامامة في كل عصر واجب، وإذا اعتبرنا زمان كل واحدمن هؤلاء الائمة صلوات الله عليهم وجدنا كلَّ من يدعى الامامة له غيرُه في تلك الحال: إما غير مقطوع به على عصمته فلا يكون إماماً، لفقد الشرط الذي لابُدَّ منه، لو تُدَّعى الامامة لميّت ادّعيت حياته كدعوى الكيسانية في محمّدبن الحنفية والناووسية في الصادق (عليه السلام)، والذاهبين إلى امامة اسماعيل بن جعفر(عليه السلام)، وابنه محمّد بن اسماعيل، والواقفة على موسى (عليه السلام) فيعود بالضرورة والانقياد للادلّة إلى إمامة من عيّناه في كلِّ زمان.
والذي يبطل ـ زائداً على ما ذكرناه ـ قول من خالفنا في أعيان الائمة ـ ممّن يوافقنا على الاُصول المقدّم ذكرها ـ شذوذ كل فرقة منهم وانقراضها وخلوّ الزمان من قائل بذلك المذهب، وإن وُجِدَ ذاهبٌ إليه فشاذٌّ جاهل لا
وقد دخل الردّ على الزيدية في جملة كلامنا لفقد القطع على عصمة صاحبهم، وهي الصفة التي لا بُدَّ منها في كل إمام، فلا معنى لاختصاصهم بكلام مفرد.
وإذا بطلت الاُصول بطل ما يُبْنى عليها من الفروع»(1) .
ويقول «الشيخ المفيد»:
«واتفقت الامامية على أن الائمة بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) اثني عشر إماماً، وخالفهم في ذلك كلُّ من عداهم من أهل الملّة(2) ، وحججهم في ذلك على خلاف الجمهور ظاهرةٌ من جهة القياس العقليّ والسمع المرضيّ في البرهان الجلىّ الذي يفضي التمسّك به إلى اليقين»(3) .
____________
1) الذخيرة: 502، 503.
2) ومخالفة من عداهم إنّما هي مخالفة الاتباع والاقتداء والسير على نهج الائمة الطاهرين وأمّا رواياتهم للنصوص على الائمة فهي ما شاء الله في كتبهم كثرةً وايراداً.
3) أوائل المقالات: 6.
وجولتنا الاخيرة ـ في هذا الطواف السريع على الاسس الهرمية لنظرية الامامة عند الزيديّة والاثني عشرية ـ هي في نظرية القيام والدعوة عند الزيدية.
وفي البداية نقول: إنه قد أصبح من شبه البديهي أن الزيدية تقول بقيام الامام ودعوته، خصوصاً لمن عرف تاريخها ودرسه ابتداءاً بزيد بن علي(عليه السلام)وانتهاءاً بآخر إمام لهم في اليمن على اختلاف لهم فيه!! هل هو هو أم أبوه(1) ؟!
ولندع صاحبة النظرية نفسها تُرينا تعريف القيام والدعوة وكيف صارت طريقاً لتعيين الامام ومعرفته بعد الحسين(عليه السلام).
يقول الشرفي:
«قال أئمتنا(عليهم السلام) وشيعتهم: وطريقها ـ أي الامامة ـ أي الطريق إلى كون الشخص إماماً تجب طاعته بعد الحسنين(عليهما السلام): القيام والدعوة ممّن جمع شرائطها التي تقدّم ذكرها.
____________
1) ومع التسليم ـ فرضاً ـ بأنّ زيد بن علي يُعتبَر محوراً لتلك الدائرة او ابتداءاً لخطّ الزيدية الذي نمى ـ من بعده ـ مذهباً وفكراً حركةً وسلطةً.
وجاء في كتاب شرح الازهار:
«واعلم أنّه لابدّ من طريق إلى اختصاص الشخص بالامامة، وقد اختلف الناس في الطريق إلى ثبوت الامامة، فعند الزيدية أن طريقها الدعوة فيما عدا علياً(عليه السلام) والحسن والحسين، ومعنى الدعوة أن يدعو الناس إلى جهاد الظالمين وإقامة الحدود والجُمَع وغزو الكفّار والبغاة ومباينة الظالمين حسب الامكان»(2) .
إذن فقد عَرَّفَنا هذان النصّان على «لُبّ لباب» في مسألة القيام والدعوة.
ولكن ما هو دليل القول بهذه المسألة؟!
هذا ما يحدّثنا به الامام يحيى بن حمزة في هذا النصّ التالي:
«اتفقت الامة على أنّ الرجل لا يصير إماماً بمجرد صلاحيته للامامة، واتفقوا على أنّه لا مقتضى لثبوتها إلاّ أحد أمور ثلاثة: النص والاختيار
____________
1) عدة الاكياس: 2/192.
2) شرح الازهار: 4/522.
ومن هذا النصّ الجامع لعقيدة الزيدية في مسألة القيام والدعوة قد تتضح لنا أمورٌ عدّة يهمّنا منها الان:
1 ـ أن بعض الزيدية لم يقولوا بالقيام والدعوة، بل قالوا بالاختيار كإخوان لهم من أهل السنة.
____________
1) المعالم الدينية: 130، 131.
3 ـ أنّ «يحيى بن حمزة» لا يرى الاجماع على مسألة القيام والدعوة ويخالف بذلك بعض أئمة الزيدية، إن لم يكن كلّهم، أو أنّ الائمة الزيدية لهم نظريات متعدّدة في الدليل على القيام والدعوة!!
4 ـ وهكذا يتركنا يحيى بن حمزة حيارى بعده دون أن يعطينا دليلاً قاطعاً على «القيام والدعوة»!!
وأما «الاثنا عشرية» فالمسألة محلولة عندهم سلفاً وذلك بقولهم بالنصّ من الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) على اثني عشر إمام.
ولكن لا بأس بذكر نموذج من استدلالاتهم العقلية والموضوعية على القول هذا وردّ آراء مخالفيهم:
«فأمّا الطريق إلى تعيين الامام فعندنا إنّما هو النصُّ من جهته تعالى عليه أو ما يقوم مقامه من المعجز، وعند أكثر مخالفينا طريقة الاختيار والعقد، وعند الزيدية طريقه النصّ أو الخروج أو الدعوة، ونحن ندلّ على صحّة ما ذهبنا إليه نفي صحّة بطلان قول جميع من خالفنا في ذلك.
والذي يدلّ على صحّة ما ذهبنا إليه هو ما قد دللنا عليه من وجوب عصمة الامام، والعصمة لا طريق إلى معرفتها إلاّ إعلام الله تعالى بالنصّ على لسان نبي صادق أو بإظهار معجزة على الامام نفسه، فأمّا اختيار الامّة وعقدهم وبيعتهم فلا يصلح أن يكون طريقاً إلى معرفة المعصوم، فبطل أن يكون الاختيار طريقاً إلى تعيين الامام، وكذلك الخروج والدعوة لا يكونان
____________
1) المنقذ من التقليد: 2/296.
وإلى هنا تنتهي بنا «رحلة عقل» مصغَّرة، استوقفتنا ـ فيها ـ محطّاتٌ جادّة للمباني الهرمية الاسسية في نظرية الامامة عند الزيدية والاثني عشرية.
آملُ أن تكون هذه الاوراق والتساؤلات «إثارات» للباحثين عن الطريق الصحيح، و«برنامج عمل عقائدي بحثي موضوعي» لمن يريد لنفسه «الخلاص» من الموروث العقائدي الذي لم يُقم على «إقناعات» تامّة وجلية، وتَرَكَ فراغات واسعة; لم تحلّ ـ ولن تُحَلَّ ـ إلاّ بغربلة واسعة النطاق لكلِّ مفردات ذلك الموروث العقائدي.
محمّد العمدي
ـ القرآن الكريم.
ـ إثبات الهداة:
محمّد بن الحسن الحرّ العاملي (1104)، المطبعة العلمية قم.
ـ الاحكام في الحلال والحرام:
يحيى بن الحسين الهادي الرسي (298)، ط 1، 1410/1990م.
ـ الارشاد في معرفة حجج الله على العباد:
محمّد بن محمّد البغدادي المفيد (413)، مؤسسة آل البيت(عليهم السلام) لاحياء التراث، ط 1، قم 1413.
ـ إرشاد الطالبين إلى نهج المسترشدين:
المقداد بن عبدالله السيّوري الحلّي (826)، تحقيق مهدي الرجائي، منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي قم، 1405 هـ.
ـ الاسماعيليون والمغول ونصيرالدين الطوسي:
حسن الامين، مركز الغدير للدراسات الاسلامية، ط 2، 1417 هـ / 1997 م قم.
ـ أصل الشيعة وأُصولها:
ـ الاصول العامة للفقه المقارن:
محمّد تقي الحكيم، مؤسسة آل البيت(عليهم السلام)، ط 2، قم 1979 م.
ـ الاعتصام بحبل الله المتين:
القاسم بن محمّد (1029)، مكتبة اليمن الكبرى، 1408 هـ / 1987 م.
ـ الاعلام:
خير الدين الزركلي (1396)، دارالعلم للملايين، ط 9، بيروت 1990م.
ـ إعلام الورى بأعلام الهدى:
الفضل بن الحسن الطبرسي (القرن السادس)، مؤسسة آل البيت(عليهم السلام)لاحياء التراث، ط 1، قم 1417 هـ.
ـ أعيان الشيعة:
محسن الامين (1371)، حققه وأخرجه: حسن الامين، دارالتعارف للمطبوعات، 1403 هـ / 1983م بيروت.
ـ الافادة في تاريخ أئمة الزيدية:
يحيى بن الحسين بن هارون الحسني (424)، تحقيق: محمّد يحيى سالم عزّان، دارالحكمة اليمانية، ط 1، صنعاء 1417 هـ / 1996 م.
ـ الالهيات:
محاضرات جعفر السبحاني، بقلم: حسن محمّد مكّي العاملي، المركز العالمي للدراسات الاسلاميّة، ط 3، قم 1412 هـ.
أحمد محمود صبحي، منشورات العصر الحديث، ط 1، 1410هـ / 1990م.
ـ أنوار التمام:
أحمد بن يوسف بن الحسين زبارة (1252)، طبع مع الاعتصام للقاسم بن محمد.
ـ أوائل المقالات في المذاهب والمختارات:
محمّد بن محمّد بن النعمان البغدادي (المفيد 413)، انتشارات مؤسسة مطالعات إسلامي، دانشگاه تهران، 1372هـ ش/ 1413 هـ ق. طهران.
ـ بحارالانوار:
محمّد باقر المجلسي (1111)، المكتبة الاسلامية، ط 2، طهران 1405هـ.
ـ بحارالانوار:
محمّد باقر المجلسي (1111)، (الاجزاء /29 ـ 30 ـ 31) تحقيق: عبدالزهراء العلوي، دارالرضا بيروت.
ـ البحر الزخّار الجامع لمذاهب علماء الامصار:
أحمد بن يحيى بن المرتضى (840)، دار الحكمة اليمانية، 1409هـ /1988م، صنعاء.
ـ البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع:
محمّد بن علي الشوكاني (1250)، تحقيق: خليل المنصور، دار الكتب العلمية، ط 1، 1418هـ، بيروت.
محسن الامين (1371)، مكتبة نينوى، طهران.
ـ بحوث في الملل والنحل:
جعفر السبحاني، مؤسسة الامام الصادق(عليه السلام)، ط 1، قم 1418هـ.
ـ تاريخ الاسلام:
محمّد بن أحمد الذهبي (748)، تحقيق: الدكتور عمر عبدالسلام تدمري، دارالكتاب العربي، ط 2، بيروت 1417 هـ / 1997م.
ـ تاريخ الاسلام الثقافي والسياسي:
صائب عبدالحميد، الغدير، ط 1، بيروت 1417 هـ / 1997 م.
ـ تاريخ الخلفاء:
عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي (911)، تحقيق: محمد محيي الدين عبدالحميد، المكتبة التجارية الكبرى، ط 3، القاهرة 1383 هـ / 1964م.
ـ تاريخ الدعوة الاسماعيلية:
الدكتور مصطفى غالب، دارالاندلس، ط 2، بيروت 1965 م.
ـ التحف شرح الزلف:
مجدالدين بن محمّد المؤيّدي، تحقيق: محمّد يحيى سالم عزّان، علي أحمد الرازحي، مؤسسة أهل البيت للرعاية الاجتماعية، ط 1، صنعاء
ـ التشيّع نشأته معالمه:
هاشم الموسوي، مركز الغدير للدراسات الاسلامية، ط 2، 1417هـ/ 1997 م.
ـ التصوّف منشؤه مصطلحاته:
الدكتور أسعد السحمراني، دارالنفائس، ط 1، بيروت 1407 هـ / 1987م.
ـ الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية:
حميد بن أحمد المحلّى (652)، طبعة أوفست.
ـ حديث الثقلين تواتره فقهه كمافي كتب السنة، نقد لما كتبه الدكتور السالوس:
علي الحسيني الميلاني، قم 1413 هـ.
ـ الحسين والحسينيّون:
نورالدين الشاهرودي، ط 1، طهران 1413 هـ / 1992 م.
ـ حقائق عن التصوّف:
عبدالقادر عيسى، مكتبة دارالعرفان، ط 5، حلب / سوريا 1414هـ / 1993 م.
ـ حياة الشيخ المفيد ومصنفاته:
محمدرضا الانصاري، عبدالعزيز الطباطبائي، المؤتمر العالمي للذكرى الالفية للشيخ المفيد، الحوزة العلمية، قم 1413 هـ.
ـ دائرة المعارف الاسلامية:
ـ دائرة المعارف الاسلامية الشيعية:
حسن الامين، دارالتعارف للمطبوعات، ط 5، بيروت 1418 هـ / 1997 م.
ـ دلائل الصدق:
محمد الحسن المظفّر (1375 هـ)، دار المعلّم للطباعة، ط 2، القاهرة 1396هـ.
ـ دمية القصر:
علي بن الحسن بن علي الباخرزي (467)، تحقيق ودراسة: الدكتور محمد ألتونجي، دارالجيل، ط 1، بيروت 1414 هـ / 1993 م.
ـ الذخيرة في علم الكلام:
علي بن الحسين الموسوي (الشريف المرتضى 436)، تحقيق: أحمد الحسيني، مؤسسة النشر الاسلامي، قم 1411هـ.
ـ زواج المتعة حلال:
صالح الورداني، كنوته، ط 1، 1417 هـ / 1997 م.
ـ زيد بن علي ومشروعية الثورة عند أهل البيت (عليهم السلام):
نوري حاتم، مركز الغدير للدراسات الاسلامية، ط 2، قم 1416 هـ /1995م.
ـ زيد الشهيد:
عبدالرزاق الموسوي المقرّم (1391)، انتشارات الشريف الرضي،
ـ الزيدية:
دكتور أحمد محمود صبحي، منشأة المعارف، الاسكندرية 1980 م.
ـ الزيدية نظرية وتطبيق:
علي بن عبدالكريم الفضيل شرف الدين، جمعية عمّال المطابع التعاونية، ط 1، عمان 1405 هـ / 1985 م.
ـ السجود على الارض:
علي الاحمدي، دارالتبليغ الاسلامي، بيروت 1399 هـ / 1978 م.
ـ السجود على التربة الحسينية عند الشيعة الامامية:
عبدالحسين الاميني (1390)، دارالزهراء، ط 2، بيروت 1397 هـ / 1977 م.
ـ سرّ الايمان الشهادة الثالثة في الاذان:
عبدالرزاق الموسوي المقرّم (1391)، ط 3، قم 1412 هـ.
ـ سير أعلام النبلاء:
محمّد بن أحمد الذهبي (748)، مؤسسة الرسالة، ط 11، بيروت 1419هـ / 1998 م.
ـ الشافي:
عبدالله بن حمزة (المنصور بالله 614)، مؤسسة الاعلمي، بيروت، منشورات مكتبة اليمن الكبرى، ط 1، 1406 هـ / 1986 م صنعاء.
عبدالله بن مفتاح (877)، توزيع مكتبة اليمن الكبرى، صنعاء، طبعة حجازي ـ القاهرة 1357هـ.
ـ شرح جمل العلم والعمل:
الشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي (436)، صححه وعلّق عليه: يعقوب الجعفري المراغي، دارالاسوة، ط 2، إيران 1419هـ.
ـ شرح منهاج الكرامة في معرفة الامامة:
علي الحسيني الميلاني، مؤسسة دار الهجرة، ط 1، قم، 1418هـ.
ـ صحيح البخاري:
محمد بن اسماعيل البخاري (256)، دار إحياء التراث العربي، عالم الكتب، ط 5، بيروت 1406 هـ / 1986 م.
ـ صحيح مسلم:
مسلم بن الحجاج النيسابوري (261)، دار الفكر، ط 2، بيروت، 1398 هـ / 1978 م.
ـ عدّة الاكياس في شرح معاني الاساس:
أحمد بن محمّد الشرفي (1055)، دار الحكمة اليمانية، ط 1، صنعاء 1415هـ.
ـ عقائد الاماميّة:
ـ الغدير:
عبدالحسين أحمد الاميني (1390)، دار الكتب الاسلامية، ط 6، طهران، 1374 هـ. ش.
ـ الفرق بين الفرق:
عبدالقاهر البغدادي (429)، دارالمعرفة، ط 1، بيروت 1415هـ / 1994م.
ـ قادتنا كيف نعرفهم:
محمّد هادي الحسيني الميلاني (1395)، تحقيق: محمّد علي الميلاني، مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) لاحياء التراث، ط 2، قم 1413هـ.
ـ القول المبين عن وجوب مسح الرجلين:
أبوالفتح محمّد بن علي الكراجكي (449)، تحقيق: علي موسى الكعبي، مؤسسة آل البيت(عليهم السلام) لاحياء التراث، ط 1، قم 1417 هـ.
ـ كشف الفوائد في شرح قواعد العقائد:
الحسن بن يوسف الحلّي (726)، دارالصفوة، ط 1، بيروت 1413 هـ /1993 م.
ـ لسان العرب:
محمّد بن مكرم بن منظور (711)، دار صادر، بيروت.
ـ المتعتان بين النصّ والاجتهاد (من كتاب الغدير للشيخ الاميني):
إعداد: طاهر الموسوي، مركز الغدير للدراسات الاسلامية، ط 1،
ـ المتعة وأثرها في الاصلاح الاجتماعي:
توفيق الفكيكي (1389)، تحقيق: هشام شريف همدر، دارالاضواء، ط 5، بيروت 1418 هـ / 1998 م.
ـ مذهب الاماميّة:
عبدالهادي الفضلي، مركز الغدير للدراسات الاسلامية، ط 2، 1417هـ / 1997 م.
ـ المراجعات:
عبدالحسين شرف الدين (1377)، تحقيق وتعليق: حسين الراضي، مؤسسة دارالكتاب الاسلامي، وطبعة مطبوعات النجاح، ط 20، القاهرة 1399هـ / 1979م.
ـ مسألة في النبوّة والامامة:
يحيى بن الحسين بن القاسم (الهادي) (298)، مكتبة اليمن الكبرى، صنعاء. (ضمن المجموعة الفاخرة).
ـ المسح على الرجلين:
محمّد بن محمّد بن النعمان (المفيد) (413)، تحقيق: مهدي نجف، المؤتمر العالمي لالفية الشيخ المفيد، ط 1، قم 1413 هـ.
ـ المسند:
أحمد بن حنبل (241)، دارالفكر، بيروت.
ـ المعالم الدينيّة في العقائد الالهيّة:
يحيى بن حمزة (المؤيد بالله 749)، تحقيق: سيّد مختار محمّد أحمد حشّاد،
ـ المعجم الوسيط:
مجمع اللغة العربية / القاهرة، دارالدعوة، اسطامبول / تركية 1989م.
ـ معجم رجال الحديث:
أبوالقاسم الموسوي الخوئي (مرجع الطائفة) (1992م)، ط 5، 1413 هـ / 1992م.
ـ مقدّمة البحر الزخّار (يشمل عدّة مختصرات ومقدّمات):
أحمد بن يحيى بن المرتضى (840)، طبع مع البحر الزخّار.
ـ المقصد الحسن:
أحمد بن يحيى حابس (1061)، مخطوط.
ـ الملل والنحل:
عبدالكريم الشهرستاني (548)، تحقيق: محمّد سيّد كيلاني، دارالمعرفة، بيروت.
ـ مناهج اليقين في أُصول الدين:
الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي (726)، تحقيق: محمّد رضا الانصاري القُمّي، ط 1، 1416هـ.
ـ المنقذ من التقليد:
سديد الدين محمود الحمصي الرازي (القرن السابع)، تحقيق ونشر: مؤسسة النشر الاسلامي، ط 1، قم 1414هـ.
فتاوى آية الله العظمى السيّد علي الحسيني السيستاني دام ظلّه، مكتب السيّد السيستاني، ط 5، قم 1417 هـ.
ـ الموسوعة الفلسفية:
عبدالمنعم الحفني، دار ابن زيدون / مكتبة مدبولي، ط 1، بيروت.
ـ الموسوعة الفلسفية:
وضع لجنة من العلماء والاكاديمين السوفياتيين / بإشراف: م. روزنتال / ي. يودين، ترجمة: سميركرم، ط 2، دارالطليعة، بيروت 1980م.
ـ الموسوعة الفلسفية المختصرة:
نقلها عن الانجليزية: فؤاد كامل وآخران، بإشراف: الدكتور زكي نجيب محمود، مكتبة الانجلو المصرية، القاهرة 1963 م.
ـ الموسوعة اليمنيّة:
مؤسسة العفيف الثقافية، ط 1، 1412 هـ / 1992 م.
ـ نفحات الازهار في خلاصة عبقات الانوار في الردّ على التحفة الاثني عشرية:
علي الحسيني الميلاني، ط 1، 1414 هـ.
ـ ينابيع المودّة:
سليمان بن إبراهيم القندوزي (1294)، تحقيق: سيّد علي جمال أشرف الحسيني، دارالاسوة، ط 1، 1416 هـ.
ـ ينابيع النصيحة في العقايد الصحيحة:
الحسين بن محمد بن أحمد (662)، دار ومكتبة الخير، صنعاء.
السيد محمد بن حمود بن أحمد العمدي.
ولد في مدينة ذمار باليمن عام 1975 م في أسرة تعتنق المذهب الزيدي.
اتجه لطلب العلم منذ صغره في مدينتي ذمار وصعدة.
عمل في التوجيه الإسلامي والأرشاد خطيباً وكاتباً وشاعراً.
اعتنق مذهب أهل البيت (عليهم السلام) الإمامي الإثني عشري سنة 1413 هـ
للمؤلف من الكتب والأبحاث:
«رحلة عقل»: دراسة موضوعية مقارنة لمباني نظرية الإمامة عند الزيدية والإمامية
«الزيدية والإمامية جنباً إلى جنب»: أطروحة توحيدية تأصلية
«الى الله»: ديوان شعر