العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المواضيع

 

سماع الأموات وأحاسيسهم

>/

حوار هادئ بين موالي ومخالف

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين الذين طهرهم الله من الرجس وعصمهم من الخطأ ، وبعد أحبتي الأفاضل أتواصل معكم في عدد جديد من هذه البحوث وهو العدد السابع عشر.

فبعد أن إنتهيت من العدد السادس عشر والذي كان مدار البحث فيه مسألة البكاء على الميت قررت أن أتكلم في هذا العدد ، عن أحوال الميت بعد الموت والخروج من الدنيا.

فكان السؤال المطروح وبقوة هو هل أن الميت يسمع كلام الأحياء أم لا ؟ وهذا السؤال من الأسئلة المهمة جداً في المجتمع الإسلامي

وأهميته هذه تأتي من الطقوس التي نفعلها للميت ومع الميت منها تلقين الميت والسلام على الميت وزيارة الميت.

فإذا تبين لنا بأن الميت لا يحس ولا يشعر ولا يسمع إعتقد بأن كل هذه الطقوس ينبغي علينا أن نتركها ونبتعد عنها لأنها لا تفيد الحي ولا الميت بل فيها دلالة على السذاجة وعدم العقلأنية.

وإن تبين لنا أن الميت يشعر ويحس ويدرك ويسمع فعند ذلك نتواصل في تلك الطقوس ونشجعها وننشرها في المجتمعات الإسلامية لكي نبين للذين لا يدركون هذه الحقيقة ونسكت المعاندين الذين يكرهون الحق ويحبون التهجم على الآخرين من دون حجة أو برهان.

 


 

المخالف : ومن أين سوف يكون بحثك في هذه المسألة ؟.

 

الموالي : سوف يكون بحثي ، عن الحياة البرزخية أو الحياة في القبر.

 


 

المخالف : ولماذا إخترت هذه المرحلة من مراحل تنقلات الإنسان ؟.

 

الموالي : إخترت هذه المرحلة لأنها هي نقطة الخلاف بيننا وبين غيرنا ففي الدنيا لا خلاف بين الجميع أن الإنسان يسمع ويتكلم ويمارس حياته بكل ما فيها وكذلك لا خلاف بيننا على الآخرة وهي مرحلة ما بعد البرزخ فالكل يرى أن الإنسان في تلك المرحلة يتكلم ويتحرك ويمارس حياته كاملة وإنما الخلاف في مرحلة البرزخ.

 


 

المخالف : وما هي مرحلة البرزخ وما هو البرزخ ؟.

 

الموالي : الإنسان يمر بمجموعة من المراحل مرحلة عالم الذر ومرحلة عالم الأصلاب والأرحام ومرحلة الدنيا ومرحلة القبر أو البرزخ ومرحلة الآخرة ، وأما لماذا سمي بهذا الإسم ؟ ، فالجواب: البرزخ في اللغة :هو الحاجز بين الشيئين ، المانع من اختلاط أحدهما بالآخر.

قال تعالى : ( مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان ) - ( الرحمن / 19و20 ) ، وفي الاصطلاح :هي المدة الفاصلة بين الدنيا والآخرة

قال : الراغب في مفردات القرآن : قوله تعالى : ( بينهما برزخ لا يبغيان ) البرزخ في القيامة الحائل بين الإنسان وبين بلوغ المنازل الرفيعة في الآخرة ، وذلك إشارة إلى العقبة المذكورة في قوله عز وجل : ( فلا اقتحم العقبة ) وقال تعالى : ( ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ) وتلك العقبة مانعة من أحوال لا يصل إليها إلاّ الصالحون. وقيل : البرزخ ما بين الموت إلى القيامة.

 


 

المخالف : وهل الإنسان حي في هذه المرحلة أم لا ؟.

 

الموالي : نعم الإنسان حي في هذه المرحلة لأن الله يقول ، عن عباده أصحاب النفس المطمئة الذين يموتون وهم قسم من الأموات ( يا أيتها النفس المطمئنة إرجعي إلى ربك راضية مرضية ، فإدخلي في عبادي وأدخلي جنتي ) - ( الفجر / 27 إلى 30 ) ، وهذا الكلام واضح أنه يراد منه بعد الموت مباشرة وليس حين الحساب والآخرة ، ويقول تعالى ، عن الشهداء والذين هم قسم من الأموات ( ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن تشعرون ) - ( الرحمن / 159 ).

 


 

المخالف : الآيات التي تفضلت بذكرها تتكلم ، عن مجموعة خاصة ولا تشمل كل الأموات فلماذا عممت الحكم وأعطيته الصفة الشمولية ؟.

 

الموالي : أقول بأن الآيات هي التي أعطت هذا الحكم أي الحكم الشمولي فبينت أن الميت هو حي ولكن خصصت مراحل هذه الحياة ومفارقاتها فهناك حياة فيها السعادة والسرور عند الله تعالى ولذلك الله يقول ، عن الشهداء ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ) - ( آل عمران / 169 ) ، أي حياة متميزة خاصة فراجع التفاسير لهذه الآية والآية الأخرى ( يا أيتها النفس المطمئنة ) وهذا الكلام ينطبق على الدنيا أيضاً فهناك حياة سعيدة طيبة وهناك حياة تشبه حياة الأنعام ( أولائك كالأنعام بل هم أضل ) بل تكون كالأموات ( إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء صم بكم عمي فهم لا يعقلون فهم لا يرجعون ) ، فإذا تبين من هذا أن الحياة لا تخص الشهداء وليس الشهداء أفضل من غيرهم قاطبة فالأنبياء أفضل من الشهداء ولهم حياتهم البرزخية الخاصة والعلماء أيضاً أفضل من الشهداء لقوله (ص).

 

- ففي الفردوس : 8839 - جابر بن عبد الله يوزن حبر العلماء ودم الشهداء فيرجح ثواب حبر العلماء على ثواب دم الشهداء ، المصدر ( الفردوس بمأثور الخطاب ج:5 ص:485 ).

 

- وفيه أيضاً : 488 - أبو هريرة ، يحاسب الناس بأعمالهم والعلماء على حسب عملهم فيوزن عمل أحدهم مع عمله وإن مداد العلماء في الميزان أثقل من دم الشهداء وأكثر ثواباً يوم القيامة ، المصدر ( الفردوس بمأثور الخطاب ج:5 ص:486 ).

 

- وفيض القدير : وزن حبر العلماء بدم الشهداء فرجح عليهم أي فرجح ثواب حبر العلماء على ثواب دم الشهيد كما جاء مبينا هكذا عند الديلمي في مسنده والحديث يشرح بعضه بعضاً ثم هذا خرج مخرج ضرب المثل بما يفيد أفضلية العلماء على المجاهدين وبعد ما بين درجتيهما لأنه إذا كان مداد العلماء أفضل من دم الشهداء وأعظم ما عند المجاهد دمه وأهون ما عند العالم مداده فما ظنك بأشرف ما عند العالم من المعارف والتفكر في آلاء الله وتحقيق الحق وبيان الأحكام وهداية الخلق ، المصدر ( فيض القدير ج:6 ص:362 ).

 

- وفي الدر المنثور : وأخرج المرهبي في فضل العلم ، عن عمران بن حصين (ر) قال : قال رسول الله (ص) يوزن يوم القيامة مداد العلماء ودماء الشهداء فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء ، وأخرج الديلمي من حديث إبن عمر وأبن عمرو مثله ، المصدر ( الدر المنثور ج:3 ص:423 ).

 

وهذا الحديث وأن نوقش فيه ولكن له طرق يقوي بعضها الآخر وهناك تعليق لطيف للشوكاني فيقارن بين الشهداء والعلماء فيقول المدار على النتائج وليس على ذات الصفة فصفة العلم بذاتها ليس لها ذلك العطاء وكذلك صفة الشهيد بذاتها فقال :

 

- فقال : الشوكاني : وورد ما يدل على تساويهما في الدرجة والأنصاف أن ما ورد للشهيد من الخصائص وصح فيه من دفع العذاب وغفران النقائص لم يرد مثله للعالم لمجرد علمه ولا يمكن أحد أن يقطع له به في حكمه وقد يكون لمن هو أعلى درجة ما هو أفضل من ذلك وينبغي أن يعتبر حال العالم وثمرة علمه وماذا عليه وحال الشهيد وثمرة شهادته وما أحدث عليه فيقع التفضيل بحسب الأعمال والفوائد فكم من شهيد وعالم هون أهو ألاوفرج شدائد وعلى هذا فقد يتجه أن الشهيد الواحد أفضل من جماعة من العلماء والعالم الواحد أفضل من كثير من الشهداء كل بحسب حاله وما ترتب على علومه وأعماله ، المصدر ( فيض القدير ج:6 ص:466 ).

 


 

المخالف : بعد أن بينت لنا في هذه المقدمة أنهم أحياء في مرحلة البرزخ فماذا تريد أن تبين لنا الأن ؟.

 

الموالي : بعد أن بينت أن البشر كل البشر أحياء في مرحلة البرزخ فلابد وأن نتعرف على نوع هذه الحياة هل يسمعون أم لا؟ هل يحسوا بالراحة والسرور أم لا؟ هل يحسوا بالألم والعذاب أم لا ؟هل لهم القدرة في الطلب والدعاء أم لا ؟ هذه مجموعة أسئلة لابد وأن نحاول أن نبحث ، عن أجوبة مقنعة لها أدلة من الشريعة الغراء وليس من أي مصدر.

 


 

المخالف : وبماذا سوف تكون البداية ؟.

 

الموالي : البداية سوف تكون بالسؤال هل الميت يسمع أم لا ؟ وسوف أقدم للقاري هذه الطوائف من الروايات كدليل على سماع الميت

الطائفة الأولى التي تتكلم ، عن التلقين :

- ففي سنن أبي داود : 3117 - حدثنا : مسدد ، ثنا : بشر ، ثنا : عمارة بن غزية ، ثنا : يحيى بن عمارة قال : سمعت أبا سعيد الخدري يقول ، قال رسول الله (ص) لقنوا موتاكم قول لا إله إلاّ الله ، المصدر ( سنن أبي داود ج:3 ص:190 ).

 

- وفي شعب الإيمان : وقد روينا ، عن النبي (ص) : إنه قال : اقرأوها على موتاكأولقنه الشهادتين من غير أن يلح عليه بها ولكنه يذكرها عنده لعله يتلقنها وقد ذكرنا الحديث في التلقين وفيمن كان آخر كلامه لا إله إلاّ الله في الدعوات وغيرها ، المصدر ( شعب الإيمان ج:6 ص:545 ).

 

9232 - أخبرنا : أبو نصر عمر بن عبد العزيز بن قتادة أنا أبو الحسن محمد بن الحسن السراج نا : مطين نا : جعفر بن حميد نا : بن المبارك ، عن التيمي ، عن أبي عثمان وليس بالنهدي ، عن أبيه ، عن معقل بن يسار قال : قال رسول الله (ص)قرأوها عند موتاكم يعني يس ، المصدر ( شعب الإيمان ج:6 ص:545 ).

 

9233 - أخبرنا : أبو عبد الله الحافظ نا : أبو العباس محمد بن يعقوب نا : محمد بن إسحاق الصنعاني أنا معلي بن منصور نا : عبد العزيز بن محمد ، عن عمارة بن غزية ، عن يحيى بن عمارة ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله (ص)لقنوا موتاكم لا إله إلاّ الله رواه مسلم في الصحيح ، عن قتيبة ، عن عبد العزيز بن محمد بن عبد الله الدراوردي ، المصدر ( شعب الإيمان ج:6 ص:545 ).

 

- وفي الروح : وقد روى أبو داود في سننه بإسناد لا بأس به أن النبي (ص) حضر جنازة رجل فلما دفن قال : سلوا لأخيكم التثيب فإنه الأن يسأل فأخبر أنه يسأل حينئذ وإذا كان يسأل فإنه يسمع التلقين ، المصدر ( الروح ج:1 ص:13 ).

 

- وفي الآيات البينات : قوله والمراد الذي قرب من الموت مثل لفظ القتيل في قوله عليه الصلاة والسلام من قتل قتيلاً فله سلبه وأما التلقين من بعد الموت وهو في القبر فقيل يفعل لحقيقة ما روينا ونسب لأهل السنة والجماعة وخلافه إلى المعتزلة وقيل لا يؤمر به ولا ينهى عنه ، المصدر ( الآيات البينات في عدم سماع الأموات ج:1 ص:12 ).

 

- وفيه أيضاً : ويشكل عليهم ما في مسلم إن الميت ليسمع قرع نعالهم إذا إنصرفوا اللهم ألا إن يخصوا ذلك بأول الوضع في القبر مقدمة للسؤال جمعاً بينه وبين الآيتين فإنهما تفيدان تحقيق عدم سماعهم فإنه تعالى شبه الكفار بالموتى لإفادة تعذر سماعهم وهو فرع عدم سماع الموتى ألا إنه على هذا ينبغي التلقين من بعد الموت لأنه يكون حين إرجاع الروح فيكون حينئذ لفظ موتاكم في حقيقته وهو قول طائفة من المشايخ أوهو مجاز بإعتبار ما كان نظرا إلى أنه الأن حي إذ ليس معنى الحديث إلاّ من في بدنه الروح ، المصدر ( الآيات البينات في عدم سماع الأموات ج:1 ص:16 ).

 

- وفي الآيات البينات في عدم سماع الأموات : تتمة في التلقين بعد الدفن ، أعلم أن مسألة التلقين قبل الموت لم نعلم فيها خلافاًً وأما بعد الموت وهي التي تقدم ذكرها في الهداية وغيرها فإختلف الأئمة والعلماء فيها فالحنفية لهم فيها ثلاثة أقوال :

 

الأول : أنه يلقن بعد الموت لعود الروح للسؤال.

والثاني : لا يلقن ،

والثالث : لا يؤمر به ولا ينهى عنه.

 

- وعند الشافعية يلقن كما قال إبن حجر في التحفة ويستحب تلقين بالغ عاقل أو مجنون سبق له تكليف ولو شهيداً كما اقتضاه إطلاقهم بعد تمام الدفن لخبر فيه وضعفه اعتضد بشواهد على أنه من الفضائل فاندفع قول إبن عبد السلام أنه بدعة إنتهى.

 

- وأما عند الإمام مالك نفسه فمكروه قال الشيخ علي المالكي في كتابه كفاية الطالب الرباني لختم رسالة إبن أبي زيد القيرواني ما لفظه

وأرخص بمعنى استحب بعض العلماء هو إبن حبيب في القراءة عند رأسه أورجليه أو غيرهما ذلك بسورة يس لما روي أنه (ص) قال : ما من ميت يقرأ عند رأسه سورة يس إلاّ هون الله تعالى عليه ولم يكن ذلك أي ما ذكر من القراءة عند المحتضر عند مالك (ر) إمرأ معمولا وإنما هو مكروه عنده وكذا يكره عند تلقينه بعد وضعه في قبره إنتهى.

 

- وأما الحنبلية فعند أكثرهم يستحب قال الشيخ عبد القادر بن عمر الشيباني الحنبلي في شرح دليل الطالب ما لفظه ، وإستحب الأكثر تلقينه بعد الدفن إنتهى ، واستفيد منه أن غير الأكثر من الحنابلة يقول بعدم التلقين بعد الموت أيضاً ، المصدر ( الآيات البينات في عدم سماع الأموات ج:1 ص20 إلى ص:22 ).

 

- وفي شرح الصدور : وقد جزم أصحابنا الشافعية بأن الطفل لا يلقن بعد الدفن وأن التلقين يختص بالبالغ هكذا ذكره النووي في الروضة وغيرها وهو دليل على أن الأطفال لا يسألون وقد أفتى به الحافظ إبن حجر كما تقدم نقله عنه ، المصدر ( شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور ج:1 ص:152 ).

 


 

المخالف : وهل هناك دليل آخر على سماع الميت غير هذا الدليل لأن هذا الدليل قد يقال : أنه قبل الموت أوفي أول حالات الموت ونحتاج إلى دليل آخر يدل على إستمرار السماع ؟.

 

الموالي : نعم سوف أنقل لكم دليل آخر يدل على سماع الميت للحي وهذا الدليل تنص عليه ، الطائفة الثانية التي تتكلم عنسمع نعال المشيعيين :

 

- ففي تفسير إبن كثير : ، حدثنا : يونس بن محمد ، حدثنا : شيبان بن عبد الرحمن ، عن قتادة ، حدثنا : أنس بن مالك قال : قال رسول الله (ص) : إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه وإنه ليسمع قرع نعالهم فيأتيه ملكان فيقعدانه فيقولان له ، المصدر ( تفسير إبن كثير ج:2 ص:533 ).

 

- وفي البخاري : 1273 - حدثنا : عياش ، حدثنا : عبد الأعلى ، حدثنا : سعيد ، قال : وقال لي خليفة ، حدثنا : بن زريع ، حدثنا : سعيد ، عن قتادة ، عن أنس (ر) ، عن النبي (ص) قال : العبد إذا وضع في قبره وتولي وذهب أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فأقعداه فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل محمد (ص) فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله فيقال : أنظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعدا من الجنة قال النبي (ص) فيراهما جميعاً وأما الكافر أو المنافق فيقول : لا أدري كنت أقول ما يقول الناس فيقال : لا دريت ولا تليت ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلاّ الثقلين ، المصدر ( صحيح البخاري ج:1 ص:448 ).

 

- وفي مسلم : 2870 - حدثنا : عبد بن حميد ، حدثنا : يونس بن محمد ، حدثنا : شيبان بن عبد الرحمن ، عن قتادة ، حدثنا : أنس بن مالك قال : قال :

نبي الله (ص) : إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم ، قال : يأتيه ملكان فيقعدانه فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل قال : فأما المؤمن فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله ، قال : فيقال له : أنظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة قال : نبي الله (ص) فيراهما جميعاً قال قتادة وذكر لنا أنه يفسح له في قبره سبعون ذراعاً ويملأ عليه خضراً إلى يوم يبعثون ، المصدر ( صحيح مسلم ج:4 ص:2200 ).

 

- وفي سنن أبي داود : 3231 - حدثنا : محمد بن سليمان الأنباري ، ثنا : عبد الوهاب يعني بن عطاء ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أنس ، عن النبي (ص) : إنه قال : إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم ، المصدر ( سنن أبي داود ج:3 ص:217 ).

 

- وفي سنن النسائي : 2049 - أخبرنا : أحمد بن أبي عبيد الله الوراق ، قال : ، حدثنا : يزيد بن زريع ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أنس : أن النبي (ص) قال : إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه أنه ليسمع قرع نعالهم ، المصدر ( سنن النسائي (المجتبى) ج:4 ص:96 ).

 

- وفي السنن الكبرى : 2176 - أنبأ أحمد بن أبي عبيد الله الوراق ، قال : ، حدثنا : يزيد بن زريع ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أنس : أن النبي (ص) قال : إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه أنه ليسمع قرع نعالهم ، المصدر ( السنن الكبرى ج:1 ص:658 ).

 

- وفي مسند الإمام أحمد : 12293 - حدثنا : عبد الله ، حدثني : أبي ، ثنا : روح بن عبادة ، ثنا : سعيد ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ويونس ، ثنا : شيبان ، ثنا : قتادة ، ثنا : أنس بن مالك : أن نبي الله (ص) قال : أن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل لمحمد (ص) فأما المؤمن فيقول أشهد إنه عبد الله ورسوله فيقال : أنظر إلى مقعدك من النار فقد أبدلك الله به مقعدا في الجنة قال رسول الله (ص) فيراهما جميعاً قال : روح في حديثه قال قتادة فذكر لنا إنه يفسح له في قبره سبعون ذراعاً ويملأ عليه خضراً إلى يوم يبعثون ثم رجع إلى حديث أنس بن مالك قال : وأما الكافر والمنافق فيقال له : ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول : لا أدري كنت أقول ما يقول الناس فيقال له : لا دريت ولا تليت ثم يضرب بمطراق من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة فيسمعها من يليه غير الثقلين وقال : بعضهم يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه ، المصدر ( مسند الإمام أحمد بن حنبل ج:3 ص:126 ) ، وراجع هذه المصادر ( السنن الكبرى ج:1 ص:659 وصحيح إبن حبان ج:7 ص:390 وسنن أبي داود ج:4 ص:239 و سنن البيهقي الكبرى ج:4 ص:80 وسنن النسائي (المجتبى) ج:4 ص:97 والمحلى ج:5 ص:137 ومسند عبد بن حميد ج:1 ص:356 والترغيب والترهيب ج:4 ص:193 وإثبات عذاب القبر ج:1 ص:33 وإثبات عذاب القبر ج:1 ص:35 والإيمان ج:2 ص:966 وفوائد أبي علي الصواف ج:1 ص:12 والإمتاع بالأربعين المتباينة السماع ج:1 ص:89 وفتح الباري ج:3 ص:237 وغرر الفوائد ج:1 ص:299 وعمدة القارئ ج:8 ص:142 ).

 

- هذه الروايات التي تفضلت بها صحيحة ولكن السماع هنا ليس دائما وإنما للمساءلة فقط وبعد إنتهاء المساءلة من الملكان ينتهي الأمر وترفع روحه منه أليس كذلك؟ وهناك بعض الروايات تشير إلى ذلك منها هذه النقولات :

 

- ففي الدر المنثور : فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك ، المصدر ( الدر المنثور ج:3 ص:455 ).

 

- وفي تفسير إبن كثير : قال : فتعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك فيقول ربي الله فيقولان له : ما دينك فيقول ديني الإسلام ، المصدر ( تفسير إبن كثير ج:2 ص:532 ).

 

الجواب: أقول نعم هذا الكلام الذي تفضلت به محتمل في ذاته لو تركنا نحن وهذه الرواية ولكن هناك روايات أخرى تتكلم ، عن نعيم القبر وعذابه وهذا يستدعي الإحساس وألا كيف نفترض الفائدة من هذا النعيم أو العذاب على من لا يشعر ولا يحس ولا يدرك

الطائفة الثالثة من الروايات تدور حول نعيم القبر وعذابه :

 

- ففي البخاري : 6005 - حدثنا : عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا : جرير ، عن منصور ، عن أبي وائل ، عن مسروق ، عن عائشة قالت : دخلت علي (ع)جوزان من عجز يهود المدينة فقالتا لي إن أهل القبور يعذبون في قبورهم فكذبتهما ولم أنعم أن أصدقهما فخرجتا ودخل علي النبي (ص) فقلت له : يا رسول الله إن عجوزين وذكرت له ، فقال : صدقتا إنهم يعذبون عذابا تسمعه البهائم كلها فما رأيته بعد في صلاة إلاّ تعوذ من عذاب القبر ، المصدر (صحيح البخاري ج:5 ص:2341 ).

 

- وفي صحيح مسلم : 586 - حدثنا : زهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم كلاهما ، عن جرير قال : زهير ، حدثنا : جرير ، عن منصور ، عن أبي وائل ، عن مسروق ، عن عائشة قالت : دخلت علي (ع)جوزان من عجز يهود المدينة فقالتا إن أهل القبور يعذبون في قبورهم ، قالت : فكذبتهما ولم أنعم أن أصدقهما فخرجتا ودخل علي رسول الله (ص) فقلت له : يا رسول الله إن عجوزين من عجز يهود المدينة دخلتا علي فزعمتا أن أهل القبور يعذبون في قبورهم فقال : صدقتا إنهم يعذبون عذابا تسمعه البهائم قالت : فما رأيته بعد في صلاة إلاّ يتعوذ من عذاب القبر ، المصدر ( صحيح مسلم ج:1 ص:411 ).

 

- وفي السنن الكبرى : 2193 - أنبأ هناد بن السري ، عن أبي معاوية ، عن الأعمش ، عن شقيق ، عن مسروق ، عن عائشة دخلت يهودية عليها فإستوهبتها شيئاً فوهبت لها عائشة فقالت أجارك الله من عذاب القبر قالت عائشة فوقع في نفسي من ذلك حتى جاء رسول الله (ص) فذكرت ذلك له ، فقال : إنهم ليعذبون في قبورهم عذابا تسمعه البهائم ، المصدر ( السنن الكبرى ج:1 ص:662 ).

- وفي المستدرك : 118 - أخبرنا : أبوبكر بن إسحاق الفقيه أنبأ علي بن الحسين بن الجنيد ، ثنا : المعافى بن سليمان الحراني ، ثنا : فليح بن سليمان ، حدثني : هلال بن علي وهو بن أبي ميمونة ، عن أنس بن مالك قال : بينا رسول الله (ص) وبلال يمشيان بالبقيع فقال رسول الله (ص) : يا بلال هل تسمع ما أسمع قال : لا والله : يا رسول الله ما أسمعه ، قال : إلاّ تسمع أهل القبور يعذبون هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ إنما إتفقا على حديث شعبة ، عن قتادة ، عن أنس ، عن النبي (ص) : إنه قال : لولا أن تدافنوا لسألت الله عنه أن يسمعكم عذاب القبر ، المصدر ( المستدرك على الصحيحين ج:1 ص:98 ).

 

- وفي تفسير إبن كثير : ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : إذا وضع يعني الكافر في قبره فيرى مقعده من النار قال : فيقول رب ارجعون أتوب وأعمل صالحاً قال : فيقال : قد عمرت ما كنت معمرا قال : فيضيق عليه قبره ويلتئم فهو كالمنهوش ينام ويفزع تهوي إليه هوام الأرض وحياتها وعقاربها وقال أيضاً ، حدثنا : أبي ، حدثنا : عمر بن علي ، حدثني : سلمة بن تمام ، حدثنا : علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب ، عن عائشة (ر) : أنها قالت : ويل لأهل المعاصي من أهل القبور تدخل عليهم في قبورهم حيات سود أو دهم حية عند رأسه وحية عند رجليه يقرصانه حتى يلتقيا في وسطه فذلك العذاب في البرزخ الذي قال الله تعالى ( ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ) ، المصدر ( تفسير إبن كثير ج:3 ص:256 ص257 والمسند المستخرج على صحيح مسلم ج:2 ص:184 وسنن النسائي (المجتبى) ج:4 ص:105 ).

 

وهذه الروايات واضح منها كل الوضوح أن الإنسان في قبره يحس بالعذاب ويحس بالنعيم وهذا يدل على أنه حي ويتأثر.

 


 

المخالف : ولكن قد يقال : لكم بأن الذي تسمعه البهائم ليس صراخ الموتى وإنما تسمع العذاب فلا دليل على حياة الميت وألمه ؟.

 

الموالي : نقول إذا كان الميت لا يحس فما فائدة النعيم والعذاب والروايات صريحة في احساسه بذلك ، بل لقد صرحت الروايات إنه يصيح وأنه كما هو الأن وبكامل عقله ووعيه وهذه بعض منها :

 

- ففي البخاري : 1308 - حدثنا : عياش بن الوليد ، حدثنا : عبد الأعلى ، حدثنا : سعيد ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك (ر) : أنه حدثهم أن رسول الله (ص) قال : إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه وإنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان ما كنت تقول في هذا الرجل لمحمد (ص)فأما المؤمن فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله فيقال له : أنظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة فيراهما جميعاً قال قتادة وذكر لنا أنه يفسح في قبره ثم رجع إلى حديث أنس قال : وأما المنافق والكافر فيقال له : ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول : لا أدري كنت أقول ما يقول الناس فيقال : لا دريت ولا تليت ويضرب بمطارق من حديد ضربة فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين  ، المصدر ( صحيح البخاري ج:1 ص:462 ).

 

- وفي كتاب الروح لإبن القيم : قال رسول الله فيراهما جميعاً قال قتادة وذكر لنا أنه يفسح له في قبره سبعون ذراعاً يملأ عليه خضراً إلى يوم يبعثون ثم رجع إلى حديث أنس قال : فأما الكافر والمنافق فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول : لا أدرى كنت أقول ما يقول الناس فيقولان لا دريت ولا تليت ثم يضرب بمطراق من حديد بين أذنيه فيصيح صيحة فيسمعها من عليها غير الثقلين ، المصدر ( الروح ج:1 ص:55 ).

 

- وفي معارج القبول : ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلاّ الثقلين ورواه مسلم من طرق ، عن قتادة بنحوه وزاد فيه ، قال قتادة وذكر لنا أنه يفسح له في قبره سبعون ذراعاً يعني المؤمن ويملأ عليه خضراً إلى يوم يبعثون ، المصدر ( معارج القبول ج:2 ص:722 وقطف الثمر ج:1 ص:132 وصحيح إبن حبان ج:7 ص:390 و إثبات عذاب القبر ج:1 ص:34 وإثبات عذاب القبر ج:1 ص:35 ومعارج القبول ج:2 ص:725 ومعارج القبول ج:2 ص:735 والعقيدة الواسطية ج:1 ص:32 والنبوات ج:1 ص:41 والسنة -إبن أبي عاصم ج:2 ص:416 وإعتقاد أهل السنة ج:6 ص:1132 وقصيدة إبن أبي داود ج:1 ص:52 وشرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور ج:1 ص:122 والسنة - عبدالله بن أحمد بن حنبل ج:2 ص:599 وتوحيد الألوهية ج:3 ص:145 ).

 


 

المخالف : وهل هناك دليل أكثر وضوحا على حياة الإنسان في قبرر وأنه بكامل وعيه وإدراكه ؟.

 

الموالي : نعم فهذه الطائفة وهي الطائفة الرابعة من الروايات فيها الرد الكافي الشافي لمن يريد البحث ، عن الحقيقة وإليكم هذه النقولات :

 

- ففي الدر المنثور : وأخرج أحمد وأبن أبي الدنيا والطبراني والآجري في الشريعة وأبن عدي ، عن عبد الله بن عمرو (ر) أن رسول الله (ص) ذكر فتاني القبر فقال عمر (ر) أترد إلينا عقولنا يا رسول الله ، فقال رسول الله (ص) نعم كهيئتكم اليوم ، فقال عمر بفيه الحجر ، المصدر ( الدر المنثور ج:5 ص:36 ).

 

- وفي صحيح إبن حبان : 3115 - أخبرنا : أحمد بن علي بن المثنى قال : ، حدثنا : أحمد بن عيسى المصري قال : ، حدثنا : بن وهب قال : ، حدثني : حيي بن عبد الله المعافري أن أبا عبد الرحمن الحبلي حدثه ، عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله (ص) ذكر فتاني القبر فقال عمر بن الخطاب أترد علينا عقولنا يا رسول الله ، فقال : نعم كهيئتكم اليوم قال : فبفيه الحجر ، المصدر ( صحيح إبن حبان ج:7 ص:384 ).

 

- وفي موارد الظمآن : 778 - أخبرنا : أحمد بن علي بن المثنى ، حدثنا : أحمد بن عيسى المصري ، حدثنا : إبن وهب ، حدثني : حيي بن عبد الله المعافري أن أبا عبد الرحمن الحبلي حدثه ، عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله (ص) ذكر فتاني القبر فقال عمر بن الخطاب (ر) أترد علينا عقولنا يا رسول الله ، قال : نعم كهيئتكم اليوم قال : فبفيه الحجر ، المصدر ( موارد الظمآن ج:1 ص:196 ).

 

- وفي مسند الإمام أحمد : 6603 - حدثنا : عبد الله ، حدثني : أبي ، ثنا : حسن ، ثنا : بن لهيعة ، حدثني : حيي بن عبد الله أن أبا عبد الرحمن حدثه ، عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله (ص) ذكر فتان القبور فقال عمر أترد علينا عقولنا يا رسول الله ، فقال رسول الله (ص) نعم كهيئتكم اليوم فقال عمر بفيه الحجر ، المصدر ( مسند الإمام أحمد بن حنبل ج:2 ص:172ونوادر الأصول في أحاديث الرسول ج:1 ص:175 وحاشية إبن القيم ج:13 ص:68 ونوادر الأصول في أحاديث الرسول ج:4 ص:159 ).

 

- بعد أن إنتهينا من عرض هذه الأخبار الدالة على سماع الميت لنعل المشيعيين له وإنه يرد على أسئلة الملكين وإنه يحس بالعذاب وبالنعيم في قبره وهذه الأمور كلها تدل بوضوح على كون الميت يسمع كلامنا معه لو كلمناه ، وقد ثبت أن الأنبياء السابقين قد تكلموا مع أقوامهم بعد هلاكهم وكذلك الرسول الأكرم ثبت إنه تكلم معهم وهذه طائفة من الآيات والروايات : كلام الأنبياء مع قومهم :

 

1 ـ النبيّ صالح يكلّم قومه بعد هلاكهم : قال تعالى : ( فَأخَذَتْهُمُ الرَجفةُ فأصبَحوا في دارِهِمْ جاثِمينَ * فَتولَّى عَنهمْ وقال :َ يا قومِ لَقدْ أبلغتُكُمْ رِسالةَ رَبِّي ونَصحتُ لَكُمْ ولكنْ لا تُحبُّونَ الناصحينَ ) - ( الأعراف / 78 و 79 ).

 

2 ـ النبي شعيب يخاطب قومه الهالكين : قال تعالى : ( فأخَذَتْهُمُ الرَجفةُ فـأصبحوا في دارِهِمْ جاثِمينَ * الَّذِينَ كذَّبوا شُعيباًً كأنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها الَّذينَ كذَّبوا شُعيباًً كانُوا همُ الخأسرينَ * فَتولَّى عَنهُمْ وقال :َ يا قَومِ لقدْ أبلغتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي ونَصحتُ لَكُمْ فَكيفَ آسي عَلي قوم كافرين ) - ( الأعراف /  91 و 92 و 93 ).

 

1 ـ النبي الأكرم محمد (ص) يكلّم أهل القليب :

 

- ففي الدر المنثور : الخامس من حديثه من طريق عبد القدوس ، عن أبي صالح ، عن إبن عباس (ر) في قوله ( فإنك لا تسمع الموتى ) - ( الروم / 52  ) ( وما أنت بمسمع من في القبور ) قال : كان النبي (ص) يقف على القتلى يوم بدر ويقول هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً يا فلان بن فلان ألم تكفر بربك ألم تكذب نبيك ألم تقطع رحمك فقالوا : يا رسول الله أيسمعون ما نقول قال : ما إنتم بأسمع منهم لما أقول ، المصدر ( الدر المنثور ج:7 ص:18 ).

 

- وفي صحيح البخاري : 1304 - حدثنا : علي بن عبد الله ، حدثنا : يعقوب بن إبراهيم ، حدثني : أبي ، عن صالح ، حدثني : نافع أن بن عمر (ر) أخبره قال : إطلع النبي (ص) على أهل القليب فقال : وجدتم ما وعد ربكم حقاً فقيل له تدعو أمواتا فقال : ما إنتم بأسمع منهأولكن لا يجيبون ، المصدر ( صحيح البخاري ج:1 ص:462 ).

 

1305 - حدثنا : عبد الله بن محمد ، حدثنا : سفيان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة (ر) قالت : إنما قال النبي (ص) : إنهم ليعلمون الأن أن ما كنت أقول حق وقد قال الله تعالى ( إنك لا تسمع الموتى ) ، المصدر ( صحيح البخاري ج:1 ص:462 ).

 

- وفي صحيح مسلم : 2874 - حدثنا : هداب بن خالد ، حدثنا : حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك : أن رسول الله (ص) ترك قتلى بدر ثلاثاً ثم أتاهم فقام عليهم فناداهم فقال : يا أبا جهل بن هشام يا أمية بن خلف يا عتبة بن ربيعة يا شيبة بن ربيعة أليس قد وجدتم ما وعد ربكم حقاً فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقاً فسمع عمر قول النبي (ص) ، فقال : يا رسول الله كيف يسمعوا وأنى يجيبوا وقد جيفوا قال : والذي نفسي بيده ما إنتم بأسمع لما أقول منهأولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا في قليب بدر ، المصدر ( صحيح مسلم ج:4 ص:2203 ).

 

- وفي مسند الإمام أحمد : 14096 - حدثنا : عبد الله ، حدثني : أبي ، ثنا : عفان ، ثنا : حماد ، عن ثابت ، عن أنس : أن رسول الله (ص) ترك قتلى بدر ثلاثة أيام حتى جيفوا ثم أتاهم فقام عليهم فقال : يا أمية بن خلف يا أبا جهل بن هشام يا عتبة بن ربيعة يا شيبة بن ربيعة هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقاً قال : فسمع عمر صوته فقال : يا رسول الله أتناديهم بعد ثلاث وهل يسمعون يقول الله عز وجل ( إنك لا تسمع الموتى ) فقال : والذي نفسي بيده ما إنتم بأسمع منهأولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوا ، المصدر ( مسند الإمام أحمد بن حنبل ج:3 ص:287 ).

 

وفي مسند الطياليسي : 40 - حدثنا : أبو داود قال : ، حدثنا : سليمان بن المغيرة ، عن ثابت البناني ، عن أنس قال : ترائينا الهلال فما من الناس أحد يزعم أنه رآه غيري فقلت لعمر : يا أمير المؤمنين أما تراه فجعلت أريه إياه فلما أعيى أن يراه قال : سأراه وأنا مستلق على فراشي ثم أنشأ يحدثنا ، عن يوم بدر فقال : أن رسول الله (ص) ليخبرنا بمصارع القوم بالأمس هذا مصرع فلان إن شاء الله غداً فوالذي بعثه بالحق ما أخطأوا تلك الحدود وجعلوا يصرعون عليها ثم ألقوا في القليب وجاء النبي (ص) ، فقال : يا فلان بن فلان هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً فقد وجدت ما وعدني ربي حقاً فقلت : يا رسول الله أتكلم أجسادا لا أرواح فيها فقال النبي (ص) والذي نفسي بيده ما إنتم بأسمع منهأولكنهم لا يستطيعون أن يردوا علي ، المصدر ( مسند الطيالسي ج:1 ص:9 )

 

وفي إثبات عذاب القبر : 71 - أخبرنا : أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ ، ثنا : أبو الحسين علي بن محمد بن سختويه ، ثنا : محمد بن أيوب أنا :موسى بن إسماعيل وعلي بن عثمان و هدبة بن خالد قالوا : ، ثنا : حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك أن رسول الله (ص) ترك قتلى بدر ثلاثاً ثم أتاهم فقام عليهم فقال : يا أبا جهل بن هشام يا أمية بن خلف يا عتبة بن ربيعة يا شيبة بن ربيعة أليس قد وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً فإني وجدت ما وعدني ربي حقاً فسمع عمر (ر) قول النبي (ص) ، فقال : يا رسول الله كيف يسمعون وأني يجيبوا وقد جيفوا فقال : والذي نفسي بيده ما إنتم بأسمع منهأولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا في قليب بدر رواه مسلم في الصحيح ، عن هداب إبن خالد ، المصدر ( إثبات عذاب القبر ج:1 ص:64 ).

 

- وفي صحيح إبن حبان : 6498 - أخبرنا : الحسن بن سفيان ، حدثنا : هدبة بن خالد ، حدثنا : حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس بن مالك : أن رسول الله (ص) لما ورد بدراً أو ما فيها إلى الأرض فقال : هذا مصرع فلان وهذا مصرع فلان فوالله ما أماط واحد منهم ، عن مصرعه وترك قتلى بدر ثلاثاً ثم أتاهم فقام عليهم فقال : يا أبا جهل بن هشام يا أمية بن خلف يا عتبة بن ربيعة يا شيبة بن ربيعة أليس قد وجدتم ما وعد ربكم حقاً فإني وجدت ما وعد ربي حقاً قال : فسمع عمر قول النبي (ص) ، فقال : يا رسول الله كيف يسمعون قولك أو يجيبون وقد جيفوا فقال : والذي نفسي بيده ما إنتم بأسمع لما أقول منهأولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا في قليب بدر ، المصدر ( صحيح إبن حبان ج:14 ص:423 ).

 

- وفي مسند أبي يعلي : 3326 - حدثنا : هدبة ، حدثنا : حماد ، عن ثابت ، عن أنس : أن رسول الله (ص) ترك قتلى بدر ثلاثاً ثم أتاهم فقام عليهم فناداهم فقال : يا أبا جهل بن هشام يا أمية بن خلف ياعتبة بن ربيعة ياشيبة بن ربيعة هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقاً فسمع عمر قول النبي (ص) ، فقال : يا رسول الله كيف سمعوا وأنى يجيبوا (ص) قال : والذي نفسي بيده ما إنتم بأسمع لما أقول منهم غير أنهم لا يقدرون أن يجيبوا ثم أمر بهم فسحبوا إلى قليب بدر ، المصدر ( مسند أبي يعلى ج:6 ص:72 ).

 

- وفي عمدة القارئ : قوله فقيل له أي للنبي (ص) والقائل هو عمر (ر) وصرح به في رواية مسلم في رواية أنس (ر) : أن رسول الله (ص) ترك قتلى بدر ثلاثاً ثم أتاهم فقام عليهم فناداهم فقال : يا أبا جهل إبن هشام يا أمية بن خلف يا عتبة بن ربيعة يا شيبة بن ربيعة أليس قد وجدتم ما وعد ربكم حقاً فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقاً فسمع عمر (ر) قول النبي (ص) ، فقال : يا رسول الله كيف يسمعوا وأنى يجيبوا (ص) ، فقال (ص) والذي نفسي بيده ما إنتم بأسمع لما أقول منهأولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا في قليب بدر قوله ولكن لا يجيبون أي لا يقدرون على الجواب فعلم أن في القبر حياة فيصلح العذاب فيه ، المصدر ( عمدة القارئ ج:8 ص:201 ).

 

سؤال : قد يقول قائل من القوم أن السيدة عائشة إحتجت على هذه الرواية فقالت في ردها مايلي :

 

- ففي البخاري : 3760 - حدثني : عثمان ، حدثنا : عبدة ، عن هشام ، عن أبيه ، عن بن عمر (ر) قال : وقف النبي (ص) على قليب بدر فقال : هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً ثم قال : إنهم الأن يسمعون ما أقول فذكر لعائشة فقالت : إنما قال النبي (ص) : إنهم الأن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق ثم قرأت ( إنك لا تسمع الموتى ) حتى قرأت الآية ، المصدر ( صحيح البخاري ج:4 ص:1462 ).

 

- وفي مسند الإمام أحمد : 4958 - حدثنا : عبد الله ، حدثنا : أبي ، ثنا : عبدة بن سليمان أبو محمد الكلابي ، ثنا : هشام ، عن أبيه ، عن بن عمر : إن النبي (ص) وقف على قليب بدر فقال : هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً ثم قال : إنهم ليسمعون ما أقول فذكر ذلك لعائشة فقالت وهل يعني بن عمر : إنما قال رسول الله (ص) : إنهم الأن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم لهو الحق ، المصدر ( مسند الإمام أحمد بن حنبل ج:2 ص:38 ).

 

- وفي إعتقاد أهل السنة : 2179 - أنا محمد بن أبي بكر قال : نا : محمد بن مخلد قال : نا : أحمد إبن منصور قال : نا : أبوبكر بن أبي شيبة قال : نا : عبده ، عن هشام ، عن أبيه ، عن إبن عمر : إن النبي وقف على قليب بدر فقال : هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً ثم قال : إنهم يسمعون ما أقول فذكرت ذلك لعائشة فقالت وهل إبن عمر : إنما قال ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق.أخرجه البخاري ، عن عثمان ، عن عبده ومسلم من حديث هشام ، المصدر ( إعتقاد أهل السنة ج:6 ص:1156 ).

 

الجواب : على السيدة عائشة أتركه لهذا العالم غير الشيعي حيث قالا :لشنقيطي في ( أضواء البيان - الشنقيطي ج:6 ص129 إلى ص:142 ) أعلم أن الذي يقتضي الدليل رجحانه هو أن الموتى في قبورهم يسمعون كلام من كلمهم وأن قول عائشة (ر) ومن تبعها إنهم لا يسمعون استدلالا بقوله تعالى ( إنك لا تسمع الموتى ) وما جاء بمعناها من الآيات غلط منها (ر) وممن تبعها ، وإيضاح كون الدليل يقتضي رجحان ذلك مبني على مقدمتين :

 

الأولى : منهما إن سماع الموتى ثبت ، عن النبي (ص) في أحاديث متعددة ثبوتا لا مطعن فيه ولم يذكر (ص) : إن ذلك خاص بإنسان ولا بوقت

والمقدمة الثانية هي أن النصوص الصحيحة عنه (ص) في سماع الموتى لم يثبت في الكتاب ولا في السنة شىء يخالفها وتأويل عائشة (ر) بعض الآيات علي معنى يخالف الأحاديث المذكورة لا يجب الرجوع إليه لأن غيره في معنى الآيات أولى بالصواب منه فلا ترد النصوص الصحيحة ، عن النبي (ص) بتأول بعض الصحابة بعض الآيات وسنوضح هنا إن شاء الله صحة المقدمتين المذكورتين وإذا ثبت بذلك أن سماع الموتى ثابت عنه (ص) من غير معارض صريح علم بذلك رجحان ما ذكرنا أن الدليل يقتضي رجحانه.

 

- أما المقدمة الأولى وهي ثبوت سماع الموتى ، عن النبي (ص) فقد قال البخاري : في صحيحه ، حدثني : عبد الله بن محمد سمع روح بن عبادة ، حدثنا : سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة قال : ذكر لنا أنس بن مالك ، عن أبي طلحة أن نبي الله (ص) أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلاً من صناديد قريش فقذفوا في طوى من أطواء بدر خبيث مخبث وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال ، فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشد عليها رحلها ثم مشى واتبعه أصحابه ، وقالوا : ما نرى ينطلق إلاّ لبعض حاجته حتى قام على شفة الركي فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم يا فلان إبن فلان ويا فلان إبن فلان أيسركم إنكم أطعتم الله ورسوله فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً قال : فقال عمر : يا رسول الله ــ ? ــ ما تكلم من أجساد لا أرواح لهاا فقال رسول الله (ص) والذي نفس محمد بيده ما إنتم بأسمع لما أقول منهم ، قال قتادة أحياهم الله له حتى أسمعهم توبيخا وتصغيرا ونقمة وحسرة وندما ، فهذا الحديث الصحيح أقسم فيه النبي (ص) : إن الأحياء الحاضرين ليسوا بأسمع لما يقول (ص) من أولئك الموتى بعد ثلاث وهو نص صحيح صريح في سماع الموتى ولم يذكر (ص)في ذلك تخصيصا وكلام قتادة الذي ذكره عنه البخاري إجتهاد منه فيما يظهر.

 

وقال البخاري : في صحيحه أيضاً ، حدثني : عثمان ، حدثني : عبدة ، عن هشام ، عن أبيه ، عن إبن عمر (ر) قال : وقف النبي (ص) على قليب بدر فقال : هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً ثم قال : إنهم الأن يسمعون ما أقول : فذكر لعائشة فقالت : إنما قال النبي (ص) : إنهم الأن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق ثم قرأت ( إنك لا تسمع الموتى ) حتى قرأت الآية إنتهى من صحيح البخاري وقد رأيته أخرج ، عن صحابيين جليلين هما إبن عمر وأبو طلحة تصريح النبي (ص)بأن أولئك الموتى يسمعون ما يقول لهم ورد عائشة لرواية إبن عمر بما فهمت من القرءان مردود كما سترى إيضاحه إن شاء الله تعالى.... إلى أن يقول.

 

وقال البخاري : في صحيحه أيضاً ، حدثنا : عياش ، حدثنا : عبد الأعلى ، حدثنا : سعيد ، قال : وقال لي خليفة ، حدثنا : إبن زريع ، حدثنا : سعيد ، عن قتادة ، عن أنس (ر) ، عن النبي (ص) قال : إن العبد إذ وضع في قبره وتولى عنه أصحابه وإنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان ما كنت تقول في هذا الرجل محمد (ص) فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله فيقال : أنظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعدا في الجنة الحديث

وقد رأيت في هذا الحديث الصحيح تصريح النبي (ص) بأن الميت في قبره يسمع قرع نعال من دفنوه إذا رجعوا وهو نص صحيح صريح في سماع الموتى ولم يذكر (ص) فيه تخصيصا.

 

وقال مسلم بن الحجاج رحمه الله في صحيحه ، حدثني : إسحاق بن عمر بن سليط الهذلي ، حدثنا : سليمان بن المغيرة ، عن ثابت قال : قال أنس كنت مع عمر (ح) ، وحدثنا : شيبان بن فروخ واللفظ له ، حدثنا : سليمان بن المغيرة بن ثابت ، عن أنس بن مالك قال : كنا مع عمر بين مكة والمدينة فتراءينا الهلال الحديث وفيه فقال : أن رسول الله (ص) كان يرينا مصارع أهل بدر بالأمس يقول هذا مصرع فلان غداً إن شاء الله ، قال : فقال عمر فوالذي بعثه بالحق ما أخطأوا الحدود التي حد رسول الله (ص) فجعلوا في بئر بعضهم على بعض فإنطلق رسول الله (ص) حتى إنتهى إليهم فقال : يا فلان إبن فلان ويا فلان إبن فلان هل وجدتم ما وعدكم الله ورسوله حقاً فإني قد وجدت ما وعدني الله حقاً قال عمر : يا رسول الله ــ ? ــ كيف تكلم أجسادا لا أرواح فيها قال : ما إنتم بأسمع لما أقول منهم غير أنهم لا يستطيعون أن يردوا علي شيئاً.

 

، حدثنا : هداب بن خالد ، حدثنا : حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك : أن رسول الله (ص) ترك قلتى بدر ثلاثاً ثم أتاهم فقام عليهم فناداهم فقال : يا أبا جهل بن هشام يا أمية بن خلف يا عتبة بن ربيعة يا شيبة بن ربيعة أليس قد وجدتم ما وعدكم الله حقاً فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقاً فسمع عمر قول النبي (ص) ، فقال : يا رسول الله كيف يسمعوا وأنى يجيبوا وقد جيفوا قال : والذي نفسي بيده ما إنتم بأسمع لما أقول منهأولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا في قليب بدر ، ثم ذكر مسلم بعد هذا رواية أنس ، عن أبي طلحة التي ذكرناها ، عن البخاري ، فترى هذه الأحاديث الثابتة في الصحيح ، عن عمر وأبنه وأنس وأبي طلحة (ر) فيها التصريح من النبي (ص) بأن الأحياء الحاضرين ليسوا بأسمع من أولئك الموتى لما يقوله (ص) وقد أقسم (ص) على ذلك ولم يذكر تخصيصا.

 

وقال مسلم رحمه الله في صحيحه أيضاً ، حدثنا : عبد بن حميد ، حدثنا : يونس بن محمد ، حدثنا : شيبان بن عبد الرحمان ، عن قتادة ، حدثنا : أنس بن مالك قال : قال : نبي الله (ص) : إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم ، قال : يأتيه ملكان فيعقدانه الحديث وفيه تصريح النبي (ص) بسماع الميت في قبره قرع النعال وهو نص صحيح صريح في سماع الموتى وظاهره العموم في كل من دفن وتولى عنه قومه كما ترى.

 

ومن الأحاديث الدالة على عموم سماع الموتى ما رواه مسلم في صحيحه ، حدثنا : يحيـى بن يحيـى التميمي ويحيـى بن أيوب وقتيبة بن سعيد ، قال يحيى بن يحيى أخبرنا : وقال الآخراًن ، حدثنا : إسماعيل بن جعفر ، عن شريك وهو إبن أبي نمر ، عن عطاء بن يسار ، عن عائشة (ر) : أنها قالت : كان رسول الله (ص) كلما كان ليلتها من رسول الله (ص) يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون غداً مؤجلون وأنا إن شاء الله بكم لاحقون اللهم إغفر لأهل بقيع الفرقد ولم يقم قتيبة قوله وأتاكم ما توعدون.

 

وفي رواية في صحيح مسلم عنها قالت : كيف أقول لهم يا رسول الله ــ ? ــ قال : قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وأنا إن شاء الله بكم للاحقون ، ثم قال : مسلم رحمه الله ، حدثنا : أبوبكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب قالا ، حدثنا : محمد بن عبد الله الأسدي ، عن سفيان ، عن علقمة بن مرثد ، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه قال : كان رسول الله (ص) يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر فكان قائلهم يقول في رواية أبي بكر السلام على أهل الديار.

 

وفي رواية زهير السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وأنا إن شاء الله بكم للاحقون نسأل الله : لنا ولكم العافية إنتهى من صحيح مسلم ، وخطابه (ص) : لاهل القبور بقوله السلام عليكم وقوله وأنا إن شاء الله بكم ونحو ذلك يدل دلالة واضحة على أنهم يسمعون سلامه لأنهم لو كانوا لا يسمعون سلامه وكلامه لكان خطابه لهم من جنس خطاب المعدوأولأشك أن ذلك ليس من شأن العقلاًء فمن البعيد جداً صدوره منه (ص)  وسيأتي إن شاء الله ذكر حديث عمرو بن العاص الدال على أن الميت في قبره يستأنس بوجود الحي عنده

وإذا رأيت هذه الأدلة الصحيحة الدالة على سماع الموتى فإعلم أن الآيات القرءانية كقوله تعالى ( إنك لا تسمع الموتى ) وقوله ( وما أنت بمسمع من فى القبور ) لا تخالفها وقد أوضحنا الصحيح من أوجه تفسيرها وذكرنا دلالة القرائن القرءانية عليه وأن استقراء القرءان يدل عليه

وممن جزم بأن الآيات المذكورة لا تنافي الأحاديث الصحيحة التي ذكرنا.

 

أبو العباس إبن تيمية فقد قال : في الجزء الرابع من مجموع الفتاوي من صحيفة خمس وتسعين ومائتين إلى صحيفة تسع وتسعين ومائتين ما نصه وقد تعاد الروح إلى البدن في غير وقت المسألة كما في الحديث الذي صححه إبن عبد البر ، عن النبي (ص) : إنه قال : ما من رجل يمر بقبر الرجل الذي كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلاّ رد الله عليه روحه حتى يرد (ع) وفي سنن أبي داود وغيره ، عن أوس بن أبي أوس الثقفي ، عن النبي (ص) : إنه قال : إن خير أيامكم يوم الجمعة فأكثروا على من الصلاة يوم الجمعة وليلة الجمعة فإن صلاتكم معروضة علي قالوا : يا رسول اللها كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت ، فقال : إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء وهذا الباب فيه من الأحاديث والآثار ما يضيق هذا الوقت ، عن استقصائه مما يبين أن الإبدأن التي في القبور تنعم وتعذب إذا شاء الله ذلك كما يشاء وأن الأرواح باقية بعد مفارقة البدن ومنعمة أو معذبة ولذا أمر النبي (ص) بالسلام على الموتى كما ثبت في الصحيح والسنن أنه كان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين وأنا إن شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين نسأل الله : لنا ولكم العافية اللهم لا تحرمنا أجرهأولا تفتنا بعدهم وإغفر لنا ولهم وقد انكشف لكثير من الناس ذلك حتى سمعوا صوت المعذبين في قبورهم ورأوهم بعيونهم يعذبون في قبورهم في آثار كثيرة معروفة ولكن لا يجب أن يكون دائما على البدن في كل وقت بل يجوز أن يكون في حال

وفي الصحيحين ، عن أنس بن مالك (ر) : أن النبي (ص) ترك قتلى بدر ثلاثاً ثم أتاهم فقام عليهم فقال : يا أبا جهل بن هشام يا أمية بن خلف يا عتبة بن ربيعة يا شيبة بن ربيعةا أليس قد وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً فإني وجدت ما وعدني ربي حقاً فسمع عمر (ر) قول النبي (ص) ، فقال : يا رسول الله كيف يسمعون وقد جيفوا فقال : والذي نفسي بيده ما إنتم بأسمع لما أقول منهأولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا في قليب بدر ، وقد أخرجاه في الصحيحين ، عن إبن عمر (ر) : أن النبي (ص) وقف على قليب بدر فقال : هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً وقال : إنهم ليسمعون الأن ما أقول فذكر ذلك لعائشة فقالت وهم إبن عمر : إنما قال رسول الله (ص) : إنهم ليعلمون الأن أن الذي قلت لهم هو الحق ثم قرأت قوله تعالى ( إنك لا تسمع الموتى ) حتى قرأت الآية.

 

وأهل العلم بالحديث إتفقوا على صحة ما رواه أنس وأبن عمر وإن كانا لم يشهدا بدراً فإن أنساً روى ذلك ، عن أبي طلحة وأبو طلحة شهد بدراً كما روى أبو حاتم في صحيحه ، عن أنس ، عن أبي طلحة (ر) : أن النبي (ص) أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلاً من صناديد قريش فقذفوا في طوى من أطواء بدر وكان إذا ظهر على قوم أحب أن يقيم في عرصتهم ثلاث ليال فلما كان اليوم الثالث أمر براحلته فشد عليها فحركها ثم مشى وتبعه أصحابه ، وقالوا : ما نراه ينطلق إلاّ لبعض حاجته حتى قام على شفاء الركي فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم يا فلان بن فلان أيسركم إنكم أطعتم الله ورسوله فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً قال عمر بن الخطاب يا رسول الله ــ ? ــ ما تكلم من أجساد ولا أرواح فيها فقال النبي (ص) والذي نفسي بيده ما إنتم بأسمع لما أقول منهم ، قال قتادة أحياهم الله حتى أسمعهم توبيخا وتصغيرا ونقمة وحسرة وتنديما وعائشة قالت : فيما ذكرته كما تأولت ، والنص الصحيح ، عن النبي (ص) مقدم على تأويل من تأول من أصحابه وغيره وليس في القرءان ما ينفى ذلك فإن قوله تعالى ( إنك لا تسمع الموتى ) إنما أراد به السماع المعتاد الذي ينفع صاحبه

فإن هذا مثل ضربه الله للكفار والكفار تسمع الصوت لكن لا تسمع سماع قبول بفقه واتباع كما قال تعالى ( ومثل الذين كفروا كمثل الذى ينعق بما لا يسمع إلاّ دعاء ونداء ) فهكذا الموتى الذين ضرب بهم المثل لا يجب أن ينفى عنهم جميع أنواع السماع بل السماع المعتاد كما لم ينف ذلك ، عن الكفار بل انتفى عنهم السماع المعتاد الذي ينتفعون به وأما سماع آخر فلا ينفى عنهم وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما إن الميت يسمع خفق نعالهم إذا ولوا مدبرين فهذا موافق لهذا فكيف يرفع ذلك.

 

إنتهى محل الغرض من كلام أبي العباس إبن تيمية وقد تراه صرح فيه بأن تأول عائشة لا يرد به النص الصحيح عنه (ص) وأنه ليس في القرءان ما ينفي السماع الثابت للموتى في الأحاديث الصحيحة ، وإذا علمت به أن القرءان ليس فيه ما ينفي السماع المذكور علمت أنه ثابت بالنص الصحيح من غير معارض.

 

- والحاصل أن تأول عائشة (ر) بعض آيات القرءان لا ترد به روايات الصحابة العدول الصحيحة الصريحة عنه (ص) ويتأكد ذلك

بثلاثة أمور :

 

الأول : هو ما ذكرناه الأن من أن رواية العدل لا ترد بالتأويل.

الثاني : أن عائشة (ر) لما إنكرت رواية إبن عمر ، عن النبي (ص) : إنهم ليسمعون الأن ما أقول قالت : إن الذي قاله (ص) إمهم ليعلمون الأن أن الذي كنت أقول لهم هو الحق فأنكرت السماع ونفته عنهم وأثبتت لهم العلم ومعلوم أن من ثبت له العلم صح منه السماع كما نبه عليه بعضهم.

الثالث : هو ما جاء عنها مما يقتضي رجوعها ، عن تأويلها إلى الروايات الصحيحة :

 

قال إبن حجر في فتح الباري ومن الغريب أن في المغازي لإبن إسحاق رواية يونس بن بكير بإسناد جيد ، عن عائشة مثل حديث أبي طلحة وفيه ما إنتم بأسمع لما أقول منهم وأخرجه أحمد بإسناد حسن فإن كان محفوظا فكأنها رجعت ، عن الأنكار لما ثبت عندها من رواية هؤلاء الصحابة لكونها لم تشهد القصة إنتهى منه وإحتمال رجوعها لما ذكر قوي لأن ما يقتضي رجوعها ثبت بإسنادين :

 

قال إبن حجر إن أحدهما جيد والآخر حسن ثم قال إبن حجر قال : الإسماعيلي كان عند عائشة من الفهم والذكاء وكثرة الرواية والغوص على غوامض العلم ما لا مزيد عليه لكن لا سبيل إلى رد رواية الثقة إلاّ بنص مثله يدل على نسخه أو تخصيصه أو استحالته إنتهى محل الغرض من كلام إبن حجر.

 

وقال إبن القيم في أول كتاب الروح المسألة الأولى وهي هل تعرف الأموات زيارة الأحياء وسلامهم أم لا ، قال إبن عبد البر ثبت ، عن النبي (ص) : إنه قال : ما من مسلم يمر على قبر أخيه كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلاّ رد الله عليه روحه حتى يرد (ع) فهذا نص في أنه يعرفه بعينه ويرد (ع).

 

وفي الصحيحين عنه (ص) من وجوه متعددة أنه أمر بقتلى بدر فألقوا في قليب ثم جاء حتى وقف عليهم وناداهم بأسمائهم يا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً فإني وجدت ما وعدني ربي حقاً فقال له عمر : يا رسول اللها : ما تخاطب من أقوام قد جيفوا فقال : والذي بعثني بالحق ما إنتم بأسمع لما أقول منهأولكنهم لا يستطيعون جواباً.

وثبت عنه (ص) : إن الميت يسمع قرع نعال المشيعين له إذا إنصرفوا عنه وقد شرع النبي (ص) : لأمته إذا سلموا على أهل القبور أن يسلموا عليهم سلام من يخاطبونه فيقول السلام عليكم دار قوم مؤمنين وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل ولولا ذلك لكان هذا الخطاب بمنزلة خطاب المعدوم والجماد والسلف مجمعون على هذا وقد تواترت الآثار عنهم أن الميت يعرف زيارة الحي له ويستبشر له ، قال أبوبكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن أبي الدنيا في كتاب القبور.

 

باب في معرفة الموتى بزيارة الأحياء : ، حدثنا : محمد بن عون ، حدثنا : يحيى بن يمان ، عن عبد الله بن سمعان ، عن زيد بن أسلم ، عن عائشة (ر) قالت : قال رسول الله (ص) ما من رجل يزور قبر أخيه ويجلس عنده إلاّ أستأنس به ورد عليه حتى يقوم ، حدثنا : محمد بن قدامة الجوهري ، حدثنا : معن بن عيسى القزاز أخبرنا : هشام بن سعد ، حدثنا : زيد بن أسلم ، عن أبي هريرة (ر) قال : إذا مر الرجل بقبر أخيه يعرفه فسلم عليه رد (ع) وعرفه وإذا مر بقبر لا يعرفه فسلم عليه رد (ع).

 

وذكر إبن القيم في كلام أبي الدنيا وغيره آثارا تقتضي سماع الموتى ومعرفتهم لمن يزورهم وذكر في ذلك مرائي كثيراً جداً ثم قال : وهذه المرائي وإن لم تصلح بمجردها لإثبات مثل ذلك فهي على كثرتها وإنها لا يحصيها إلاّ الله : قد تواطأت على هذا المعنى وقد قال النبي (ص) أرى رؤياكم قد تواطأت على أنها في العشر الأواخر يعني ليلة القدر فإذا تواطأت رؤيا المؤمنين على شىء كان كتواطىء روايتهم له ومما قاله إبن القيم في كلامه الطويل المذكور.

 

وقد ثبت في الصحيح أن الميت يستأنس بالمشيعين لجنازته بعد دفنه فروى مسلم في صحيحه من حديث عبد الرحمان بن شماسة المهري قال ح :ضرنا عمرو بن العاص وهو في سياق الموت فبكى طويلاً وحول وجهه إلى الجدار الحديث وفيه فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار فإذا دفنتموني فسنوا علي التراب سناً ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر الجزور ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي

فدل على أن الميت يستأنس بالحاضرين عند قبره ويسر بهم اهـ.

 

ومعلوم أن هذا الحديث له حكم الرفع لأن استئناس المقبور بوجود الأحياء عند قبره لا مجال للرأي فيه ومما قاله إبن القيم في كلامه الطويل المذكور ويكفي في هذا تسمية المسلم عليهم زائرا ولولا أنهم يشعرون به لما صح تسميته زائرا فإن المزور إن لم يعلم بزيارة من زاره لم يصح أن يقال : زاره وهذا هو المعقول من الزيارة عند جميع الأمم وكذلك السلام عليهم أيضاً فإن السلام على من لا يشعر ولا يعلم بالمسلم محال وقد علم النبي (ص) أمته إذا زاروا القبور أن يقولوا السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وأنا إن شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين نسأل الله : لنا ولكم العافية وهذا السلام والخطاب والنداء لموجود يسمع ويخاطب ويعقل ويرد وإن لم يسمع المسلم الرد.

 

ومما قاله إبن القيم في كلامه الطويل قوله وقد ترجم الحافظ أبو محمد عبد الحق الأشبيلي على هذا فقال : ذكر ما جاء أن الموتى يسألون ، عن الأحياء ويعرفون أقوالهم وأعمالهم ثم قال : ذكر أبو عمر بن عبد البر من حديث إبن عباس ، عن النبي (ص) ما من رجل يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه فيسلم عليه إلاّ عرفه ورد (ع).

 

ويروى من حديث أبي هريرة مرفوعاً ، قال : فإن لم يعرفه وسلم عليه رد (ع) قال : ويروى من حديث عائشة (ر) : أنها قالت : قال رسول الله (ص) ما من رجل يزور قبر أخيه فيجلس عنده إلاّ أستأنس به حتى يقوم.

 

وإحتج الحافظ أبو محمد في هذا الباب بما رواه أبو داود في سننه من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص) ما من أحد يسلم علي إلاّ رد الله علي روحي حتى أرد (ع).

 

ثم ذكر إبن القيم ، عن عبد الحق وغيره مرائي وآثارا في الموضوع ثم قال : في كلامه الطويل ويدل على هذا أيضاً ما جرى عليه عمل الناس قديماً وإلى الأن من تلقين الميت في قبره ولولا أنه يسمع ذلك وينتفع به لم يكن فيه فائدة وكان عبثا وقد سئل عنه الإمام أحمد رحمه الله فاستحسنه وإحتج عليه بالعمل.

 

ويروى فيه حديث ضعيف ذكر الطبراني في معجمه من حديث أبي إمامة قال : قال رسول الله (ص) إذا مات أحدكم فسويتم عليه التراب فليقم أحدكم على رأس قبره فيقول : يا فلان إبن فلأنة الحديث وفيه أذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة إلاّ إلاه إلاّ الله وأن محمداً رسول الله وإنك رضيت بالله ربا وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً وبالقرءان إماماً الحديث ثم قال إبن القيم فهذا الحديث وإن لم يثبت فاتصال العمل به في سائر الأمصار والأعصار من غير إنكار كاف في العمل به وما أجرى الله سبحانه العادة قط بأن أمة طبقت مشارق الأرض ومغاربها وهي أكمل الأمم عقولا وأوفرها معارف تطبق على مخاطبة من لا يسمع وتستحسن ذلك لا ينكره منها منكر بل سنه الأول للآخر ويقتدي فيه الآخر بالأول فلولا أن الخطاب يسمع لكان ذلك بمنزلة الخطاب للتراب والخشب والحجر والمعدوم وهذا وإن استحسنه واحد فالعلماء قاطبة على استقباحه واستهجانه.

 

وقد روى أبو داود في سننه بإسناد لا بأس به أن النبي (ص) حضر جنازة رجل فلما دفن قال : سلوا لأخيكم التثبيت فإنه الأن يسأل فأخبر أنه يسأل حينئذ وإذا كان يسأل فإنه يسمع التلقين وقد صح ، عن النبي (ص) : إن الميت يسمع قرع نعالهم إذا ولوا مدبرين ثم ذكر إبن القيم قصة الصعب بن جثامة وعوف بن مالك وتنفيذ عوف لوصية الصعب له في المنام بعد موته وأثنى على عوف بن مالك بالفقه في تنفيذه وصية الصعب بعد موته لما علم صحة ذلك بالقرائن وكان في الوصية التي نفذها عوف إعطاء عشرة دنانير ليهودي من تركة الصعب كانت ديناً له عليه ومات قبل قضائها.

 

قال إبن القيم وهذا من فقه عوف بن مالك (ر) وكان من الصحابة حيث نفذ وصية الصعب بن جثامة بعد موته وعلم صحة قوله بالقرائن التي أخبره بها من أن الدنانير عشرة وهي في القرن ثم سأل اليهودي فطابق قوله : ما في الرؤيا فجزم عوف بصحة الأمر فأعطى اليهودي الدنانير وهذا فقه إنما يليق بأفقه الناس وأعلمهم وهم أصحاب رسول الله (ص) ولعل أكثر المتأخرين ينكر ذلك ويقول : كيف جاز لعوف أن ينقل الدنانير من تركة صعبة وهي لأيتامه وورثته إلى يهودي بمنام ثم ذكر إبن القيم تنفيذ خالد وأبي بكر الصديق (ر) وصية ثابت بن قيس بن شماس (ر) بعد موته وفي وصيته المذكورة قضاء دين عينه لرجل في المنام وعتق بعض رقيقه وقد وصف للرجل الذي رآه في منامه الموضع الذي جعل فيه درعه الرجل الذي سرقها فوجدوا الأمر كما قال : وقصته مشهورة.

 

وإذا كانت وصية الميت بعد موته قد نفذها في بعض الصور أصحاب رسول الله (ص) فإن ذلك يدل على أنه يدرك ويعقل ويسمع ثم قال إبن القيم في خاتمه كلامه الطويل والمقصود جواب السائل وأن الميت إذا عرف مثل هذه الجزئيات وتفاصيلها فمعرفته بزيارة الحي له وسلامه عليه ودعائه له أولى وأحرى اهــ.

 

فكلام إبن القيم هذا الطويل الذي ذكرنا بعضه جملة وبعضه تفصيلا فيه من الأدلة المقنعة ما يكفي في الدلالة على سماع الأموات وكذلك الكلام الذي نقلنا ، عن شيخه أبي العباس بن تيمية وفي كلامهما الذي نقلنا عنهما أحاديث صحيحة وآثار كثيرة ومرائي متواترة وغير ذلك ومعلوم أن ما ذكرنا في كلام إبن القيم من تلقين الميت بعد الدفن أنكره بعض أهل العلم وقال : إنه بدعة وأنه لا دليل عليه ونقل ذلك ، عن الإمام أحمد وأنه لم يعمل به إلاّ أهل الشام.

 

وقد رأيت إبن القيم إستدل له بأدلة منها أن الإمام أحمد رحمه الله سئل عنه فاستحسنه وإحتج عليه بالعمل ومنها أن عمل المسلمين إتصل به في سائر الأمصار والأعصار من غير إنكار ومنها أن الميت يسمع قرع نعال الدافنين إذا ولوا مدبرين واستدلاله بهذا الحديث الصحيح استدلال قوي جداً لأنه إذا كان في ذلك الوقت يسمع قرع النعال فلان يسمع الكلام الواضح بالتلقين من أصحاب النعال أولى وأحرى واستدلاله لذلك بحديث أبي داود سلوا لأخيكم التثبيت فإنه الأن يسأل له وجه من النظر لأنه إذا كان يسمع سؤال السائل فإنه يسمع تلقين الملقن والله أعلم

والفرق بين سماعه سؤال الملك وسماعه التلقين من الدافنين محتمل احتمالا قوياً وما ذكره بعضهم من أن التلقين بعد الموت لم يفعله إلاّ أهل الشام يقال : فيه إنهم هم أول من فعله ولكن الناس تبعوهم في ذلك كما هو معلوم عند المالكية والشافعية قال الشيخ الحطاب في كلامه على قول خليل بن إسحاق المالكي في مختصره وتلقينه الشهادة وجزم النووي باستحباب التلقين بعد الدفن وقال الشيخ زروق في شرح الرسالة والإرشاد وقد سئل عنه أبوبكر بن الطلاع من المالكية فقال : هو الذي نختاره ونعمل به وقد روينا فيه حديثاًًً ، عن أبي إمامة ليس بالقوي ولكنه اعتضد بالشواهد وعمل أهل الشام قديماً إلى أن قال : وقال في المدخل ينبغي أن يتفقده بعد إنصراف الناس عنه من كان من أهل الفضل والدين ويقف عند قبره تلقاء وجهه ويلقنه لأن الملكين (ع) إذ ذاك يسألأنه وهو يسمع قرع نعال المنصرفين.

 

وقد روى أبو داود في سننه ، عن عثمان (ر) قال : كان رسول الله (ص) إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال : استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الأن يسأل إلى أن قال : وقد كان سيدي أبو حامد بن البقال : وكان من كبار العلماء والصلحاء إذا حضر جنازة عزى وليها بعد الدفن وإنصرف مع من ينصرف فيتوارى هنيهة حتى ينصرف الناس ثم يأتي إلى القبر فيذكر الميت بما يجاوب به الملكين (ع) إنتهى محل الغرض من كلام الحطاب وما ذكره من كلام أبي بكر بن الطلاع المالكي له وجه قوي من النظر كما سترى إيضاحه إن شاء الله تعالى ثم قال : الحطاب وإستحب التلقين بعد الدفن أيضاً القرطبي والثعالبي وغيرهما ويظهر من كلام الأبي في أول كتاب الجنائز يعني من صحيح مسلم وفي حديث عمرو بن العاص في كتاب الإيمان ميل إليه إنتهى من الحطاب وحديث عمرو بن العاص المشار إليه هو الذي ذكرنا محل الغرض منه في كلام إبن القيم الطويل المتقدم.

 

قال : مسلم في صحيحه ، حدثنا : محمد بن المثنى العنزي وأبو معن الرقاشي وإسحاق بن منصور كلهم ، عن أبي عاصم واللفظ لإبن المثنى ، حدثنا : الضحاك يعني أبا عاصم قال : ، أخبرنا : حيوة بن شريح قال : ، حدثني : يزيد بن أبي حبيب ، عن إبن شماسة المهري قال : حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت فبكى طويلاً وحول وجهه إلى الجدار الحديث وقد قدمنا محل الغرض منه بلفظه في كلام إبن القيم المذكور وقدمنا أن حديث عمروهذا له حكم الرفع وأنه دليل صحيح على استئناس الميت بوجود الأحياء عند قبره.

 

وقال النووي في روضة الطالبين ما نصه ويستحب أن يلقن الميت بعد الدفن فيقال : يا عبد الله إبن أمة الله أذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة إلاّ إلاه إلاّ الله وأن محمداً رسول الله وأن الجنة حق وأن النار حق وأن البعث حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور وأنت رضيت بالله ربا وبالإسلام ديناً وبمحمد (ص) نبياً وبالقرءان إماماً وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين إخوانا ورد به الخبر ، عن النبي (ص) ، قلت هذا التلقين استحبه جماعات من أصحابنا منهم القاضي حسين وصاحب التتمة والشيخ نصر المقدسي في كتابه التهذيب وغيرهم ونقله القاضي حسين ، عن أصحابنا مطلقاًً والحديث الوارد فيه ضعيف لكن أحاديث الفضائل يتسامح فيها عند أهل العلم من المحدثين وغيرهم وقد اعتضد هذا الحديث بشواهد من الأحاديث الصحيحة كحديث اسألوا له التثبيت ووصية عمرو بن العاص أقيموا عند قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم وإعلم ماذا أراجع به رسل ربي رواه مسلم في صحيحه ولم يزل أهل الشام على العمل بهذا التلقين من العصر الأول وفي زمن من يقتدى به اهــ محل الغرض من كلام النووي.

وبما ذكر إبن القيم وأبن الطلاع وصاحب المدخل من المالكية والنووي من الشافعية كما أوضحنا كلامهم تعلم أن التلقين بعد الدفن له وجه قوي من النظر لأنه جاء فيه حديث ضعيف واعتضد بشواهد صحيحة وبعمل أهل الشام قديماً ومتابعة غيرهم لهم ، وبما علم في علم الحديث من التساهل في العمل بالضعيف في أحاديث الفضائل ولا سيما المعتضد منها بصحيح وإيضاح شهادة الشواهد له أن حقيقة التلقين بعد الدفن مركبة من شيئين :

 

أحدهما : سماع الميت كلام ملقنه بعد دفنه والثاني انتفاعه بذلك التلقين وكلاهما ثابت في الجملة أما سماعه لكلام الملقن فيشهد له سماعه لقرع نعل الملقن الثابت في الصحيحين وليس سماع كلامه بأبعد من سماع قرع نعله كما ترى وأما انتفاعه بكلام الملقن فيشهد له انتفاعه بدعاء الحي وقت السؤال في حديث سلوا لأخيكم التثبيت فإنه يسأل الأن وإحتمال الفرق بين الدعاء والتلقين قوى جداً كما ترى فإذا كان وقت السؤال ينتفع بكلام الحي الذي هو دعاؤه له فإن ذلك يشهد لأنتفاعه بكلام الحي الذي هو تلقينه إياه وإرشاده إلى جواب الملكين فالجميع في الأول سماع من الميت لكلام الحي وفي الثاني انتفاع من الميت بكلام الحي وقت السؤال وقد علمت قوة إحتمال الفرق بين الدعاء والتلقين.

 

وفي ذلك كله دليل على سماع الميت كلام الحي ومن أوضح الشواهد للتلقين بعد الدفن السلام عليه وخطابه خطاب من يسمع ويعلم عند زيارته كما تقدم إيضاجه لأن كلا منهما خطاب له في قبره وقد انتصر إبن كثير رحمه الله في تفسير سورة الروم في كلامه على قوله تعالى ( فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء ) إلى قوله ( فهم مسلمون ) لسماع الموتى وأورد في ذلك كثيراً من الأدلة التي قدمنا في كلام إبن القيم وأبن أبي الدنيا وغيرهما وكثيراً من المرائي الدالة على ذلك وقد قدمنا الحديث الدال على أن المرائي إذا تواترت أفادت الحجة ومما قال : في كلامه المذكور وقد استدلت أم المؤمنين عائشة (ر) بهذه الآية ( فإنك لا تسمع الموتى ).

على توهيم عبد الله بن عمر (ر) في روايته مخاطبة النبي (ص) القتلى الذين ألقوا في قليب بدر بعد ثلاثة أيام إلى أن قال : والصحيح عند العلماء رواية عبد الله بن عمر (ر) لما لها من الشواهد على صحتها من أشهر ذلك ما رواه إبن عبد البر مصححا له ، عن إبن عباس مرفوعاً ما من أحد يمر بقبر أخيه المسلم كان يعرفه الحديث.

 

وقد قدمناه في هذا المبحث مراراًً وبجميع ما ذكرنا في هذا المبحث في الكلام على آية النمل هذه تعلم أن الذي يرجحه الدليل أن الموتى يسمعون سلام الأحياء وخطابهم سواء قلنا إن الله يرد عليهم أرواحهم حتى يسمعوا الخطاب ويردوا الجواب أو قلنا إن الأرواح أيضاً تسمع وترد بعد فناء الأجسام لأنا قد قدمنا أن هذا ينبني على مقدمتين ثبوت سماع الموتى بالسنة الصحيحة وأن القرءان لا يعارضها على التفسير الصحيح الذي تشهد له القرائن القرءانية واستقراء القرءان.

 

وإذا ثبت ذلك بالسنة الصحيحة من غير معارض من كتاب ولا سنة ظهر بذلك رجحانه على تأول عائشة (ر) ومن تبعها بعض آيات القرءان كما تقدم إيضاحه وفي الأدلة التي ذكرها إبن القيم في كتاب الروح على ذلك مقنع للمنصف وقد زدنا عليها ما رأيت والعلم عند الله المصدر ( أضواء البيان - الشنقيطي ج:6 ص129 إلى ص:142 ).

 

لقد تبين لكم من رد الشنقيطي على السيدة عائشة ما فيه الوضوح التام على سماع الاموات وأن السيدة عائشة كانت على خطاً وإشتباه

لو سألكم سائل وقال : ماهو ردكم على قوله تعالى : ( إنك لا تسمع الموتى ) - ( النحل/80 ).

 

أقول لقد مر عليكم في رد الشنقيطي على عائشة وأظيف بهذه الأقوال :

 

- ففي تفسير إبن أبي حاتم : 16581 - حدثنا : أبي ، ثنا : هشام بن خالد ، ثنا : شعيب بن إسحاق ، ثنا : سعيد ، عن قتادة قوله ( إنك لا تسمع الموتى ) قال هذا مثل ضربه الله للكافر كما لا يسمع الميت كذلك لا يسمع الكافر ولا ينتفع به ، وفي قوله ( ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين ) يقول لو أن اصما ولى مدبراً ثأناديته لم يسمع كذلك الكافر لا يسمع ولا ينتفع بما يسمع قوله تعالى ( وما أنت بهادي العمي ، عن ضلالتهم ) آية 81 ، المصدر ( تفسير إبن أبي حاتم ج:9 ص:2921 ).

 

- وفي الدر المنثور : قوله تعالى ( إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولو مدبرين وما أنت بهادي العمي ، عن ضلالتهم إن تسمع إلاّ من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون ) ، أخرج عبد بن حميد وأبن المنذر وأبن أبي حاتم ، عن قتادة في قوله ( إنك لا تسمع الموتى ) قال هذا مثل ضربه الله للكافر كما لا يسمع الميت كذلك لا يسمع الكافر ولا ينتفع به ( ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين ) يقول لو أن أصأولى مدبراً ثأناديته لم يسمع كذلك الكافر لا يسمع ولا ينتفع بما يستمع والله أعلم ، المصدر ( الدر المنثور ج:6 ص:376 ).

 

- وفي تفسير إبن كثير : كل آية ولهذا قال تعالى ( إنك لا تسمع الموتى ) أي لا تسمعهم شيئاً ينفعهم فكذلك هؤلاء على قلوبهم غشاوة وفي آذانهم وقر الكفر ولهذا قال تعالى ( ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين وما أنت بهادى العمى ، عن ضلالتهم إن تسمع إلاّ من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون ) أي إنما يستجيب لك من هو سميع بصير السمع والبصر النافع في القلب والبصيرة الخاضع لله ولما جاء عنه على ألسنة الرسل (ع) الآيات ( 27 82 82 ) ، المصدر ( تفسير إبن كثير ج:3 ص:375 ).

 

- وفي تهذيب الآثار : وقوله ( إنك لا تسمع الموتى ) محتملا من التأويل أوجها سوى التأويل الذي تأوله الموجه تأويله إلى أنه لا ميت يسمع من كلام الأحياء شيئاً ، فمن ذلك أن يكون معناه فإنك لا تسمع الموتى بطاقتك وقدرتك إذ كان خالق السمع غيرك ولكن الله تعالى ذكره هو الذي يسمعهم إذا شاء إذ كان هو القادر على ذلك دون من سواه من جميع الأنبياء وذلك نظير قوله ( وما أنت بهادي العمي ، عن ضلالتهم ) سورة النمل 81 ، وذلك أن الهداية من الكفر إلى الإيمان والتوفيق للرشاد بيد الله دون من سواه فنفي جل ثناؤه ، عن محمد (ص) : إن يكون قادراً أن يسمع الموتى إلاّ بمشيئته كما نفي أن يكون قادراً على هداية الضلال إلى سبيل الرشاد إلاّ بمشيئته.

 

وذلك يبين أنه كذلك في قوله ( إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور ) أنه جل ثناؤه إثبت لنفسه من القدرة على إسماع من شاء من خلقة بقوله ( إن الله يسمع من يشاء ) ثم نفى ، عن محمد (ص) القدرة على ما أثبته وأوجبه لنفسه من ذلك فقال له ( وما أنت بمسمع من في القبور ) ولكن الله هو المسمعهم دونك وبيده الإفهام والإرشاد والتوفيق وإنما إنت نذير فبلغ ما أرسلت به فهذا أحد أوجهه والثاني أن يكون معناه فإنك لا تسمع الموتى إسماعا ينتفعون به لأنهم قد إنقطعت عنهم الأعمال وخرجوا من دار الأعمال إلى دار الجزاء فلا ينفعهم دعاؤك إياهم إلى الإيمان بالله والعمل بطاعته فكذلك هؤلاء الذين كتب ربك عليهم أنهم لا يؤمنون لا يسمعهم دعاؤك إلى الحق إسماعا ينتفعون به لأن الله تعالى ذكره قد ختم عليهم أن لا يؤمنوا كما ختم على أهل القبور من أهل الكفر أنهم لا ينفعهم بعد خروجهم من دار الدنيا إلى مساكنهم من القبور إيمان ولا عمل لأن الآخرة ليست بدار امتحان وإنما هي دار مجازاة وكذلك تأويل قوله تعالى ( إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور ) وغير ذلك من وجوه المعاني فإذ كان ذلك محتملا من المعاني ما وصفنا فليس لموجهه إلى أنه معنى به أنه لا يسمع ميت شيئاً بحال حجة إذ كان لا خبر بذلك ، عن رسول الله (ص) يصححه ولا في الفعل شاهد بحقيقته بل تأويل مخالفيه في ذلك على ما ذكرنا أولى بالصحة لما روينا ، عن رسول الله (ص) من الأخبار الواردة عنه أنهم يسمعون كلام الأحياء علي وردت به عنه الآثار.........الخ الرد ، المصدر ( تهذيب الآثار ج:2 ص519 وص:520 ).

 

- وفي تهذيب الآثار مسند علي : والثاني أن يكون معناه فإنك لا تسمع الموتى إسماعا ينتفعون به لأنهم قد إنقطعت عنهم الأعمال وخرجوا من دار الأعمال إلى دار الجزاء فلا ينفعهم دعاؤك إياهم إلى الإيمان بالله والعمل بطاعته فكذلك هؤلاء الذين كتب ربك عليهم أنهم لا يؤمنون لا يسمعهم دعاؤك إلى الحق إسماعا ينتفعون به لأن الله تعالى ذكره قد ختم عليهم أن لا يؤمنوا كما ختم على أهل القبور من أهل الكفر أنهم لا ينفعهم بعد خروجهم من دار الدنيا إلى مساكنهم من القبور إيمان ولا عمل لأن الآخرة ليست بدار امتحان وإنما هي دار مجازاة ، المصدر ( تهذيب الآثار مسند علي ج:2 ص:520 ).

 

- وفي مسند الإمام أحمد : 14096 - حدثنا : عبد الله ، حدثني : أبي ، ثنا : عفان ، ثنا : حماد ، عن ثابت ، عن أنس : أن رسول الله (ص) ترك قتلى بدر ثلاثة أيام حتى جيفوا ثم أتاهم فقام عليهم فقال : يا أمية بن خلف يا أبا جهل بن هشام يا عتبة بن ربيعة يا شيبة بن ربيعة هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقاً قال : فسمع عمر صوته فقال : يا رسول الله أتناديهم بعد ثلاث وهل يسمعون يقول الله عز وجل ( إنك لا تسمع الموتى ) فقال : والذي نفسي بيده ما إنتم بأسمع منهأولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوا ، المصدر ( مسند الإمام أحمد بن حنبل ج:3 ص:287 ).

 

- وفي تأويل مختلف الحديث : وأما قوله تعالى : إنك لا تسمع الموتى وما أنت بمسمع من في القبور فليس من هذا في شيء لأنه أراد بالموتى ههنا الجهال وهم أيضاً أهل القبور يريد إنك لا تقدر على إفهام من جعله الله تعالى جاهلا ولا تقدر على إسماع من جعله الله تعالى أصم ، عن الهدى وفي صدر هذه الآيات دليل على ما نقول لأنه قال : لا يستوي الأعمى والبصير يريد بالأعمى الكافر وبالبصير المؤمن ولا الظلمات ولا النور يعني بالظلمات الكفر وبالنور الإيمان ولا الظل ولا الحرور يعني بالظل الجنة وبالحرور النار ، المصدر ( تأويل مختلف الحديث ج:1 ص:152 )

- وفي فتح الباري : 1304- قوله (ص) ما إنتم بأسمع لما أقول منهم أورده هنا مختصراً وسيأتي مطولاً في المغازي وصالح المذكور في الإسناد هو بن كيسان ثالثها حديث عائشة قالت : إنما قال النبي (ص) : إنهم ليعلمون الأن ما إن كنت أقول لهم حق وهذا مصير من عائشة إلى رد رواية بن عمر المذكورة وقد خالفها الجمهور في ذلك وقبلوا حديث بن عمر لموافقة من رواه غيره عليه وأما استدلالها بقوله تعالى.

 

1305 - ( إنك لا تسمع الموتى ) فقالوا معناها لا تسمعهم سماعاً ينفعهم أولاًً تسمعهم ألا إن يشاء الله ، وقال السهيلي عائشة لم تحضر قول النبي (ص) فغيرها ممن حضر أحفظ للفظ النبي (ص) وقد قالوا : له : يا رسول الله اتخاطب قوماً قد جيفوا فقال : ما إنتم بأسمع لما أقول منهم ، قال : وإذا جاز أن يكونوا في تلك الحال عالمين جاز أن يكونوا سامعين أما بآذان رؤوسهم كما هو قول الجمهور أو باذان الروح على رأي من يوجه السؤال إلى الروح من غير رجوع إلى الجسد ، المصدر ( فتح الباري ج:3 ص:234 ).

 

- وفي حاشية السندي : 2076 - وهل بن عمر بكسر الهاء أي غلط وزنا ومعنى كذا قاله السيوطي ( إنك لا تسمع الموتى ) الحديث لا يقتضي أنه المسمع لهم بل يقتضي أنهم يسمعون فليكن المسمع لهم في تلك الحالة هو الله تعالى لا هو (ص) على أنه يمكن أن الله تعالى أحياهم فلا يلزم أسماع الموتى بل الأحياء كما قال قتادة وأيضا الآية في الكفرة والمراد أنك لا تجعلهم منتفعين بمايسمعون منك كالموتى والحديث لا يخالفه ولا يثبت الأنتفاع للميت وبالجملة فالحديث صحيح وقد جاء بطريق فتخطئته غير متجهة والله تعالى أعلم قوله ، المصدر ( حاشية السندي ج:4 ص:111 ).

 

- وفي شرح السيوطي لسنن النسائي : 2076 - وهل بن عمر بكسر الهاء أي غلط وزنا ومعنى وإنما قال النبي (ص) : إنهم الأن يعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق ثم قرأت قوله ( إنك لا تسمع الموتى )قال البيهقي العلم لا يمنع من السماع والجواب ، عن الآية أنهم لا يسمعهم وهم موتى ولكن الله أحياهم حتى سمعوا كما قال قتادة ولم ينفرد بن عمر بحكاية ذلك بل وافقه والده عمر وأبو طلحة وبن مسعود وغيرهم بل ورد أيضاً من حديث عائشة أخرجه أحمد بإسناد حسن فإن كان محفوظا فكأنها رجعت ، عن الأنكار لما ثبت عندها من رواية هؤلاء الصحابة لكونها لم تشهد القصة ، المصدر ( شرح السيوطي لسنن النسائي ج:4 ص:111).

- وفي فيض القدير : وأخذ إبن تيمية من مخاطبته للموتى أنهم يسمعون إذ لا يخاطب من لا يسمع ولا يلزم منه أن يكون السمع دائما للميت بل قد يسمع في حال دون حال كما يعرض للحي فإنه قد لا يسمع الخطاب لعارض وهذا السمع سمع إدراك لا يترتب عليه جزاء ولا هو السمع المنفي في قوله ( إنك لا تسمع الموتى ) ( النمل / 80 ) إذ المراد به سمع قبول وامتثال أمر جاء في كثير من الروايات كان إذا وقف على القبور قال : السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأنا إن شاء الله بكم لاحقون قال : البطليوسي وهذا مما استعملت فيه إن مكان إذا فإن كلا منهما يستعمل مكان الآخر ، المصدر ( فيض القدير ج:5 ص:131 ).

 

- وفي غريب الحديث : وعلى هذا المعنى يتأول قوله تعالى ( فإنك لا تسمع الموتى ) يريد والله أعلم الكفار أي إنك لا تقدر أن تهديهم وتوفقهم لقبول الحق وقد كانوا يسمعون كلام الله بآذانهم إذا تلي عليهم ألا إنهم إذ لم يقبلوه صاروا كأن لم يسمعوه ، قال : الشاعر أصم عما ساءه سميع ، المصدر ( غريب الحديث ج:1 ص:342 ).

 

كلمات مهمة لإبن القيم وأبن تيمية لأخذته من أحد الأعزاء وهو أبو أحمد ( الحزب ) فأثبته هنا للذكرى الحلوة الطيبة ، وسئل رحمه الله - إبن تيمية - هل الميت يسمع كلام زائره ويرى شخصه وهل تعاد روحه إلى جسده في ذلك الوقت أم تكون ترفرف على قبره فى ذلك الوقت وغيره.......... الخ ، فأجاب.. الحمد لله رب العالمين نعم يسمع الميت فى الجملة كما ثبت فى الصحيحين ، عن النبي أنه قال : ( يسمع خفق نعالهم حين يولون عنه ) وثبت ، عن النبي أنه ترك قتلى بدر ثلاثاً ثم أتاهم فقال : يا أبا جهل بن هشام يا أمية بن خلف ياعتبة بن ربيعة يا شيبة بن ربيعة هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً فإني وجدت ما وعدنى ربى حقاً ) فسمع عمر (ر) ذلك فقال : يا رسول الله كيف يسمعون وأنى يجيبون وقد جيفوا فقال : ( والذى نفسى بيده ما إنت بأسمع لما أقول منهأولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا ) ثم أمر بهم فسحبوا فى قليب بدر وكذلك فى الصحيحين ، عن عبد الله بن عمر ( أن النبي (ص) وقف على قليب بدر فقال : هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً وقال : إنهم يسمعون الأن ما أقول.

 

وقد ثبت عنه فى الصحيحين من غير وجه أنه كان يأمر بالسلام على أهل القبور ويقول ( قولوا السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وأنا إن شاء الله بكم لاحقون ويرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين نسأل الله : لنا ولكم العافية اللهم لا تحرمنا أجرهأولا تفتنا بعدهم وإغفر لنا ولهم )فهذا خطاب لهم وإنما يخاطب من يسمع وروى إبن عبد البر ، عن النبي ( ما من رجل يمر بقبر رجل كان يعرفه فى الدنيا فيسلم عليه إلاّ رد الله عليه روحه حتى يرد (ع) ).

 

وفى السنن عنه أنه قال : ( أكثروا من الصلاة على يوم الجمعة وليلة الجمعة فإن صلاتكم معروضة على فقالوا : يا رسول الله وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت يعنى صرت رميما فقال : إن الله تعالى حرم على الأرض أن تأكل لحوم الأنبياء ) وفى السنن أنه قال : ( إن الله وكل بقبرى ملائكة يبلغونى ، عن أمتي السلام ).

 

فهذه النصوص وأمثالها تبين أن الميت يسمع فى الجملة كلام الحي ولا يجب أن يكون السمع له دائما بل قد يسمع فى حال دون حال كما قد يعرض للحي فإنه قد يسمع أحياناً خطاب من يخاطبه وقد لا يسمع لعارض يعرض له وهذا السمع سمع إدراك ليس يترتب عليه جزاء ولا هو السمع المنفي بقوله : إنك لا تسمع الموتى فإن المراد بذلك سمع القبول والامتثال فإن الله جعل الكافر كالميت الذى لا يستجيب لمن دعاه وكالبهائم التى تسمع الصوت ولا تفقه المعنى فالميت وأن سمع الكلام وفقه المعنى فإنه لا يمكنه إجابة الداعى ولا امتثال ما أمر به ونهى عنه فلا ينتفع بالأمر والنهى وكذلك الكافر لا ينتفع بالأمر والنهي وأن سمع الخطاب وفهم المعنى كما قال تعالى ولو علم الله فيهم خيراًً. لأسمعهم ، المصدر ( كتاب مجموع الفتاوى، الجزء 24، صفحة 362 ).

 

- قال إبن القيم : المسألة الأولى وهي هل تعرف الأموات زيارة الأحياء وسلامهم أم لا ؟ ، قال إبن عبد البر ثبت ، عن النبي أنه قال : ما من مسلم يمر على قبر أخيه كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلاّ رد الله عليه روحه حتى يرد (ع) فهذا نص في أنه بعينه ويرد (ع) وقد شرع النبي لأمته إذا سلموا على أهل القبور أن يسلموا عليهم سلام من يخاطبونه فيقول السلام عليكم دار قوم مؤمنين وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل ولولا ذلك لكان هذا الخطاب بمنزلة خطاب المعدوم والجماد والسلف مجمعون على هذا وقد تواترت الآثار عنهم بأن الميت يعرف زيارة الحي له ويستبشر به ، المصدر ( كتاب الروح ( 1 / 5 ) ).

 

- ثم قال إبن القيم في ص 8 : ويكفي في هذا - سماع الأموات للأحياء - تسمية المسلم عليهم زائرا ولولا أنهم يشعرون به لما صح تسميته زائرا فإن المزور إن لم يعلم بزيارة من زاره لم يصح أن يقال : زاره هذا هو المعقول من الزيارة عند جميع الأمم وكذلك السلام عليهم أيضاً فإن السلام على من لا يشعر ولا يعلم بالمسلم محال وقد علم النبي أمته إذا زاروا القبور أن يقولوا سلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وأنا إن شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين نسأل الله : لنا ولكم العافية.

 

وهذا السلام والخطاب والنداء لموجود يسمع ويخاطب ويعقل ويردوإن لم يسمع المسلم الرد وإذا صلى الرجل قريباً منهم شاهدوه وعلموا صلاته وغبطوه على ذلك... فصل ويدل على هذا أيضاً ما جرى عليه عمل الناس قديماً وإلى الأن من تلقين الميت في قبره ولولا أنه يسمع ذلك وينتفع به لم يكن فيه فائدة وكان عبثا وقد سئل عنه الإمام أحمد رحمه الله فاستحسنه وإحتج عليه بالعمل ، المصدر ( الروح ( 1 / 13 ).

 

- فابن تيمية يقول : فهذه النصوص وأمثالها تبين أن الميت يسمع فى الجملة كلام الحي ولا يجب أن يكون السمع له دائما بل قد يسمع فى حال دون حال كما قد يعرض للحي فإنه قد يسمع أحياناً خطاب من يخاطبه وقد لا يسمع لعارض يعرض له وهذا السمع سمع إدراك.

 

وأبن القيم يقول : وقد شرع النبي لأمته إذا سلموا على أهل القبور أن يسلموا عليهم سلام من يخاطبونه فيقول السلام عليكم دار قوم مؤمنين وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل ولولا ذلك لكان هذا الخطاب بمنزلة خطاب المعدوم والجماد والسلف مجمعون على هذا وقد تواترت الآثار عنهم بأن الميت يعرف زيارة الحي له ويستبشر به.، المصدر ( كتاب الروح ( 1 / 5 ) ).

 

أن بعض أهل العلم شكك في نسبة كتاب الروح لإبن القيم المنقول منه النصوص السالفة ، ألا إنه قد دُرس الكتاب وحُقق في رسالة دكتوراة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية على يد الدكتور / بسام علي سلامة العموش في عام 1410 هجرية ، وأثبت أن الكتاب لإبن القيم كما قال بعض أهل العلم.

 

- ذكر محقق الكتاب - يوسف علي بديوي - العديد من المصادر المعاصرة لإبن القيم والمتاخرة عنه التي ترجمت إبن القيم ونسبت الكتاب اليه ومنها مصادر إبن القيم نفسه.. نذكر الأعيان منهم ( الذهبي في المعجم المختص بالمحدثين مخطوط ورقة 145 ، صلاح الدين الصفدي في الوافي بالوفيات ( 2 / 170 - 172 ) ، إبن كثير في بدايته ( 14 / 234 ) ، إبن حجر في الدرر الكامنة ( 3 / 400 ) )، فمن شكك بنسبة الكتاب إلى إبن القيم - كما ادعيت - لا يعقل من العلم شيئاً ، وبهذا إنتهيت من الإجابة على مسألة سماع الميت للحي وثبت أن الميت يسمع الحي.

 


 

المخالف : ويبق سؤال:آخر وهو ما هي العلاقة بين الحي والميت وهل هناك تواصل بين الإثنين أم لا؟.

 

الموالي : نعم هناك تواصل بين الإثنين في نقاط متعددة سوف أتعرض لذكرها في العدد القادم إن شاء الله تعالى ، وبهذا أختم هذا البحث المختصر حول مسألة إحساس الميت وسماعه أسأل الله أن يكون الهدف خالصا لوجهه وأن ينفع به من أراد أن يصل للحقيقة إنه سميع مجيب والحمد لله رب العالمين على نعمته علي و صلى الله على سيدنا محمد وآله الأطهار.

 

تم في يوم الخميس 29شوال 1406هجري الموافق 2/112/2005م

أبو حسام خليفة بن عبيد الكلباني العماني

 

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المواضيع