فصول هذا الكتاب

   

صفحة :    

فصول هذا الكتاب:

وبعد.. فقد حان الوقت لعرض طائفة من النصوص التي حفلت بها الكتب التاريخية والحديثية. والتي تضمنت الكثير مما يدل على مهاجمة بيت الزهراء، وهتك حرمتها، حيث تناولتها أيدي المهاجمين بالضرب والأذى..

والظاهر: أن ذلك قد تكرر منهم، بتكرر مهاجماتهم لأهل بيت النبوة، فنتج عن ذلك كله إسقاط جنينها، وفوزها بدرجة الشهادة. وأجد أنني في غنى عن التأكيد على النقاط التالية:

1 ـ إن هذه القضية لا يمكن استيفاء التقصي فيها، فلا بد من الاقتصار على ما لا يرتاب فيه المنصف.. وإلا، فإن المؤلفات كثيرة تعد بالألوف، ولا يسعنا استقصاؤها جميعا.

2 ـ إنه حتى أولئك الذين تصدوا لتنقية التراث من شوائب يرون أنها قد علقت به لم يعتبروا هذا الحدث واحدا منها، فها هو العلامة المتبحر السيد محسن الأمين مثلا، الذي تصدى لتهذيب مجالس العزاء، بالاعتماد على المصادر الموثوقة على حد تعبيره ـ وقد ذكر منها: كتاب سليم بن قيس ـ قد ذكر هذه الأحداث، وقررها، ونظم فيها الأشعار. فاستمع إليه حيث يقول:

«ولما ألفنا المجالس السنية هذبناها والحمد لله من جميع ذلك، وميزنا القشر من اللباب، والخطأ من الصواب الخ..»([1]).

وقال:

«..لما ألفنا لواعج الأشجان صارت قراءة المقتل فيه. وصارت قراءة الذاكرين في المجالس السنية، فخلصت الأحاديث، وصفت من تلك العيوب»([2]).

لكن ما جرى على الزهراء موجود في معظمه في الكتب الموافقة للمواصفات التي شرطها على نفسه لجمع هذه المجالس وتهذيبها.

وهذا يعني: أنه يرتضي ذلك، ولا يعتبره موضع نقاش.

3 ـ لقد ذكرنا في قسم النصوص عدة فصول لا بد من ضم بعضها إلى بعض، فلاحظ ما يلي:

ألف: فصل يتضمن حوالي أربعين رواية من بينها ما هو صحيح، ومعتبر. يتحدث عما لاقته الزهراء «عليها السلام» من مصائب وبلايا بعد وفاة أبيها.

ب: وآخر يتضمن أشعار الشعراء حيث ذكرنا مجموعة صالحة منها.

ج: ثم ذكرنا نصوصاً كثيرة في فصل ثالث أيضاً، تتحدث عن المحسن.

د: هذا بالإضافة إلى فصل الاحتجاجات المذهبية بهذا الأمر عبر العصور.

هـ: ذكرنا فصلاً آخر، بعنوان الحدث في كلمات المحدثين، والمؤرخين، ذكرنا فيه أيضا عشرات النصوص التي تؤكد ما حصل للزهراء من أذى بعد وفاة أبيها.

فإذا ضممنا كل ذلك بعضه إلى بعض، فسوف يتحصل لدينا قدر كبير من النصوص لا يمكن أبدا أن تكون جميعها مكذوبة وموضوعة، وهو معنى التواتر.

ولو أردنا أن نقنع أنفسنا بزيفها وبطلانها، وهي بهذه الكثرة الكاثرة، فلن نستطيع أن نقتنع بأية حقيقة دينية أو تاريخية أخرى.. أوفقل: إننا سنجد أنفسنا في موقع العجز عن الاقتناع بكثير منها.

4 ـ وقد يلاحظ وجود بعض التشابه فيما بين بعض النصوص، الأمر الذي يوحي بعدم لزوم إعادة كتابة النص. ولكننا إنما أعدنا كتابته، من أجل الإلفات إلى وجود اختلاف أو خصوصية جديدة في الرواية، أو في المروي عنه.

وقد حصل ذلك في موارد يسيرة قد لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة فليلاحظ ذلك.

5 ـ إننا قد ذكرنا عدداً يسيراً جداً من النصوص التي أوردها بعض المتأخرين من المؤلفين، لأننا وجدناها تشتمل على خصوصيات

لم نوفق للبحث عنها في كتب المتقدمين، فليلاحظ ذلك أيضاً.

6 ـ وأخيراً.. فإنه إذا كان البعض يستند في «فتاواه أحياناً إلى خبر واحد ممدوح أو موثق أو ضعيف لا مقتضي ـ عنده ـ للكذب فيه، ويريد من الناس في جميع أقطار الأرض أن يعملوا بمقتضاه، فهل يعقل: أن يرفض أو يشكك في ثبوت مضمون هذا القدر العظيم من النصوص، والذي يمكن أن يجد روافد مستمرة تؤكد مضمونه، وترسخ اليقين بصدوره.

ومهما يكن من أمر، فإننا نضيف ما يأتي إلى ما تقدم، ونعتذر للقارئ الكريم على الاكتفاء بهذا القدر. وبإمكان كل واحد أن يجد المفيد، والمزيد، والتجربة أدل دليل.

فإلى ما يلي من مطالب ومن الله نستمد العون، وعليه نتوكل.

 

([1]) أعيان الشيعة: ج 10 ص 173.

([2]) أعيان الشيعة: ج 1 ص 343.

 
   
 
 

موقع الميزان