3 ـ الشيخ الطوسي (ت 460هـ)

   

صفحة :   

3 ـ الشيخ الطوسي (ت 460هـ):

وقال شيخ الطائفة، الشيخ محمد بن الحسن الطوسي «رحمه الله» تعالى.

«ومما أنكر عليه: ضربهم لفاطمة «عليها السلام»، وقد روي: أنهم ضربوها بالسياط، والمشهور الذي لا خلاف فيه بين الشيعة: أن عمر ضرب على بطنها حتى أسقطت، فسمي السقط (محسناً). والرواية بذلك مشهورة عندهم. وما أرادوا من إحراق البيت عليها ـ حين التجأ إليها قوم، وامتنعوا من بيعته.

وليس لأحد أن ينكر الرواية بذلك، لأنا قد بينا الرواية الواردة من جهة العامة من طريق البلاذري وغيره، ورواية الشيعة مستفيضة به، لا يختلفون في ذلك.

وليس لأحد أن يقول: إنه لو صح ذلك لم يكن طعنا، لأن للإمام أن يهدد من امتنع من بيعته إرادة للخلاف على المسلمين.

وذلك: أنه لا يجوز أن يقوم عذر في إحراق الدار على فاطمة وأمير المؤمنين والحسن والحسين «عليهم السلام». وهل في مثل ذلك عذر يسمع؟!

وإنما يكون مخالفا للمسلمين وخارقا لإجماعهم إذا كان الإجماع قد تقرر وثبت، وإنما يصح ذلك ويثبت متى كان أمير المؤمنين ومن قعد عن بيعته ممن انحاز إلى بيت فاطمة «عليها السلام» داخلا فيه غير خارج عنه.

وأي إجماع يصح مع خلاف أمير المؤمنين «عليه السلام» ـ وحده، فضلا عن أن يبايعه على ذلك غيره؟! ومن قال هذا من الجبائي وغيره ـ بانت عداوته، وعصبيته، لأن قصة الاحراق جرت قبل مبايعة أمير المؤمنين «عليه السلام» والجماعة الذين كانوا معه في منزله، وهم إنما يدعون الإجماع ـ فيما بعد ـ لما بايع الممتنعون.. فبان: أن الذي أنكرناه منكر»([1]).

وقال الشيخ الطوسي أيضاً:

وقد روى البلاذري، عن المدائني، عن مسلمة بن محارب، عن سليمان التميمي عن أبي عون: أن أبا بكر أرسل إلى علي «عليه السلام» يريده على البيعة، فلم يبايع ـ ومعه قبس ـ فتلقه فاطمة «عليها السلام» على الباب، فقالت: يا ابن الخطاب، أتراك محرقا علي بابي؟!

قال: نعم([2])، وذلك أقوى فيما جاء به أبوك. وجاء علي «عليه السلام»، فبايع.

قال الشيخ الطوسي: وهذا الخبر قد روته الشيعة من طرق كثيرة، وإنما الطريف أن يرويه شيوخ محدثي العامة، لكنهم كانوا يروون ما سمعوا بالسلامة. وربما تنبهوا على ما في بعض ما يروونه عليهم، فكفوا منه، وأي اختيار لمن يحرق عليه بابه حتى يبايع؟!([3]).


 

([1]) تلخيص الشافي: ج 3 ص 156 و 157.

([2]) تلخيص الشافي: ج 3 ص 76، والشافي للسيد المرتضى: ج 3 ص 261. وراجع: البحار: ج 28 ص 389 و 411، وهامش ص 268، وأنساب الأشراف: ج 1 ص 586. وراجع: المصادر التالية، فإن بعضها أبدل كلمة: بابي، بكلمة: بيتي: العقد الفريد: ج 4 ص 259 و 260، وكنز العمال: ج 3 ص 149، والرياض النضرة: ج 1 ص 167، والمختصر في أخبار البشر: ج 1 ص 156، والطرائف: ص 239، وتاريخ الخميس: ج 1 ص 178، ونهج الحق: ص 271، ونفحات اللاهوت، ص 79، وراجع: العوالم ج 11 ص 602 و 408، والشافي لابن حمزة: ج 4 ص 174.

([3]) تلخيص الشافي: ج 3 ص 76.

 
   
 
 

موقع الميزان