كلمة أخيرة:
وآخر كلمة نقولها هي:
إننا نتمنى على أولئك الذين يتصدون للشأن العلمي، أن لا
يسترسلوا كثيرا في إطلاق الدعاوى، قبل التمحيص لما هو الصواب والحق
فيها، فإن ذلك من شأنه أن يربك الساحة، ويشغل الناس بأمور لا يحسن
إشغالهم بها.. لا سيما وأن الناس لا يطلب منهم التصدي لحصحصة الحق في
كل الأمور، لأن ذلك لن يكون في مقدورهم أو ليس ميسورا لهم على أقل
تقدير.
إلى جانب ذلك، فإنني أرجو أن يكون هذا الكتاب قد استطاع
بما قدمه من إيضاحات وأدلة ظاهرة، ونصوص متواترة ومتضافرة قد أوضح
جوانب هذه القضايا المطروحة. مع تأكيدنا على أننا حرصنا على الابتعاد
عن الدخول في الجوانب الشخصية، من دون أي تأثر بما يشاع من أجواء،
وإثارات موجهة من قبل هذا الفريق أو ذاك.
أعود وأذكر بأننا لا زلنا نأمل في أن يكون الحوار
الهادئ والرصين بكل مفرداته وأساليبه هو الخيار للجميع، مع كل محبتنا
وإخلاصنا ثم إن ما حفل به هذا الكتاب من نصوص لم يكن الهدف منه
الاستقصاء والاستيعاب، بل مجرد تقديم، إضمامة من النصوص القريبة
المأخذ، لتكون أنموذجا يشير إلى أن دعوى عدم تعرض فاطمة «عليها السلام»
للضرب أو لكسر الضلع، وتحريق بيتها، وما إلى ذلك، وكذلك دعوى عدم وجود
أبواب ومصاريع لبيوت المدينة، وغير ذلك ما هي إلا سخرية بعقول الناس،
أو استهتار، وعبث بالقيم العلمية وهي ملهاة أو تضييع لأوقات الناس،
وتبديد لجهودهم وجهود المخلصين من علماء الأمة على مدى التاريخ.
ونعتبر أن ما ذكرناه في هذا الكتاب يكفي لقطع العذر،
وبوار الدعوى التي استندوا إليها، واعتمدوا عليها.
وأعود فأؤكد على أنه ليس من المصلحة الاستمرار في أن
تطرح برسم التداول، أمور قديمة في الأكثر وموهونة، في محاولة للاستفادة
منها في الترويج لشكوك أريد لها أن تحل محل الحقائق التاريخية،
والدينية والإيمانية الثابتة بالنصوص القاطعة، والبراهين الساطعة.
حيث أن هذا يجعلنا بين خيارين، فإما أن نسكت، ونتحاشى
كل هذا الواقع القائم، ونتجاهله، مهما تفاقم وتعاظم.
وإما أن نحاول رأب الصدع، ولملمة الجراح، ومواجهة
الموقف بمسؤولية، فنعمل على التوضيح والتصحيح، لا سيما ونحن نخشى أن
ينجرف الكثيرون في تيار الشبه، ورياح التشكيك التي لا تستند إلى دليل،
ولا تعتمد على برهان، وإنما هي كسراب بقيعة، يحسبه الظمآن ماء، حتى إذا
جاءه لم يجده شيئا.
نسأل الله تعالى أن يعصمنا، ويسددنا، ويبعد عنا مضلات
الفتن، ويحصننا من أوبئة الأوهام والتخييلات، ويرزقنا التسليم له
سبحانه عند الشبهات، إنه ولي قدير.
والحمد لله، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى،
محمد وآله الطيبين الطاهرين.
20 / شوال / 1417 ه. ق
جعفر مرتضى الحسيني العاملي |