تحريض علي عليه السلام على خطبة فاطمة عليها السلام

   

صفحة : 18-19  

تحريض علي عليه السلام على خطبة فاطمة عليها السلام:

ولا بد أن نتساءل عن سبب طلب أبي بكر وعمر  من علي «عليه السلام» أن يخطب فاطمة  وذلك بعد أن ردهم رسول الله «صلى الله عليه وآله»!!! وأي شأن لهما في تزويج فاطمة من هذا أو ذاك، أو عدم تزويجها؟! أم أنهما أرادا بذلك أن يرده رسول الله «صلى الله عليه وآله» كما ردّهما؟! وبذلك تتساوى الأقدام، ويرد النقص الجميع؟!

أم أن الهدف هو تسجيل الإعتراض على رسول الله «صلى الله عليه وآله»، لأنه منعهم وزوّج علياً «عليه السلام»؟!

حتى جاءهم الجواب: «ما أنا منعتكم وزوجته، بل الله منعكم وزوجه».

وقد تضمنت هذه الإجابة:

أولاً: إن هذا التصرف النبوي لم يكن نابعاً من شخص النبي «صلى الله عليه وآله»، بحيث يجعله رأياً شخصياً له، لا ارتباط له بالوحي، ليمكن أن يتوهم أحد أن هذا الرأي قد لا يكون مستجمعاً لسائر الشرائط التي تجعله يعبر عن أمور واقعية، لها مساس بأهلية ومزايا الخاطبين.

ثانياً: هل يدل التدخل الإلهي في هذا الأمر، لمنع هذا أو ذاك، ورفض الطلب المطروح من قبلهم على وجود ما يقتضي هذا المنع في واقع أولئك الخاطبين، بسبب منافرته لواقع وحقيقة العصمة القائمة في تلك الذات الطاهرة.

أو يدل على أنه لا يصح الجمع بين هذا القاصر الناقص مع تلك الذات المعصومة التي بلغت الغاية في الكمال لأنه يوجب إخلالاً بل إعاقة لمسيرة الكمال الإنساني نحو الله، وإرهاقها بما يدخل هذا التصرف في دائرة الظلم غير المستساغ، أو التصرف غير المقبول من المدبر الحكيم والعليم..

أو لا هذا ولا ذاك! إن كان ثمة من يجرؤ على التسويق لهذا الاحتمال الأخير.

ثالثاً: هل لنا أن نقول: إن التزويج الإلهي لعلي بفاطمة

 «عليهما السلام» يمثل شهادة له بأن لديه من المزايا ما يجعله في موقع النقيض لأولئك الخاطبين الذين منعهم الله تبارك وتعالى؟!

ولتكن هذه الشهادة الإلهية من أدلة انحصار الأهلية للإمامة والخلافة بعد رسول الله «صلى الله عليه وآله» به «عليه السلام»، إذا كان هذا الكمال هو السمة الظاهرة التي تفرض الفطرة والعقل السليم تلمسها، والإطمئنان لتوفرها في الإمام والراعي والخليفة بعد رسول الله «صلى الله عليه وآله».

رابعاً: قد عرفنا أن هذا التزويج الإلهي: أنه لم يكن استجابة لداعي النسب، أو التعصب للعشيرة، أو الرحم، أو لأجل الإلفة والمحبة، والإندفاع العاطفي.. وإنما كان سياسة الهية لخصها رسول الله «صلى الله عليه وآله» بقوله: «إنما أنا بشر مثلكم، أتزوج فيكم، وأزوجكم، إلا فاطمة فإن تزويجها نزل من السماء»([1]).


 

([1]) الكـافي ج5 ص568 ومن لا يحضره الفقيـه ج3 ص249 و (ط مركـز النشر = = الإسلامي) ج3 ص393 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج20 ص74 و (ط دار الإسلامية) ج14 ص49 ومكارم الأخلاق للطبرسي ص204 وبحار الأنوار ج43 ص144 وجامع أحاديث الشيعة ج20 ص82 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج6 ص614.

 
   
 
 

موقع الميزان