صفحة : 135-136   

هل أغار عليهم وهم غارّون؟!:

تقدم قولهم : إن علياً أغار على هؤلاء المشركين، وهم غارون..

ونقول:

إننا على يقين من أن علياً «عليه السلام» لا يحارب قوماً إلا بعد أن يحتج عليهم، ويعظهم، ويذكرهم، فإن أصروا على الحرب استعان بالله عليهم، وهذه هي وصية رسول الله «صلى الله عليه وآله» له: «يا علي، لا تقاتل أحداً حتى تدعوه إلى الإسلام([1]).

وعن الإمام الصادق «عليه السلام»: «ما بيّت رسول الله «صلى الله عليه وآله» عدواً قط ليلاً»([2]).

وعن الإمام الصادق «عليه السلام»: «كان أمير المؤمنين «عليه السلام» لا يقاتل حتى تزول الشمس، ويقول: تفتح أبواب السماء، وتقبل الرحمة، وينزل النصر».

ويقول: هو أقرب إلى الليل، وأجدر أن يقل القتل، ويرجع الطالب، ويفلت المهزوم([3]).

فإن كان «عليه السلام» قد هاجمهم على حين غرة منهم ليلاً ـ وهذا ما نفته الرواية التي قدمناها عن الإمام الصادق «عليه السلام» ـ فلا بد أن يكون ذلك قد حصل بعد إقامة الحجة عليهم، وظهور عدوانيتهم، وإصرارهم على القتال، ووقوع مواجهات عسكرية معهم من خلال أبي بكر، وعمر، وعمرو بن العاص، وإن كانت هذه المواجهات قد انتهت لغير صالح المسلمين، ولا تجب دعوتهم مرة أخرى في مثل هذا الحال، كما دلت عليه الرواية عن الإمام الصادق «عليه السلام»([4]).

بل تقدم: أنه «صلى الله عليه وآله» أمر علياً «عليه السلام» أن يدعوهم إلى الإسلام قبل أن يقاتلهم، وقد فعل «عليه السلام» ذلك.

وقد يجوز أن يكون هؤلاء القوم قد تمردوا وتآمروا مرتين، فأرسل إليهم النبي «صلى الله عليه وآله» فلاناً وفلاناً في المرأة الأولى فهزموهم، ثم أرسل إليهم علياً «عليه السلام»، فأقام عليهم الحجة.

ثم نكثوا، فتكرر ما يشبه المرة الأولى، ولكن علياً «عليه السلام» لم يعد بحاجة إلى إقامة الحجة فأغار عليهم ليلاً.


 

([1]) بحار الأنوار ج19 ص167 وج97 ص34 وج98 ص364 ووسائل الشيعة (ط دار الإسلامية) ج11 ص30 و (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص43 وفي هامشه عن تهذيب الأحكام ج2 ص47 وغيره، والكافي ج5 ص36 ومستدرك الوسائل ج11 ص30 وج17 ص210 وكتاب النوادر ص140 ومستدرك سفينة البحار ج10 ص502 ومنتهى المطلب (ط ق) ج2 ص904 وتذكرة الفقهاء (ط ج) ج9 ص44 و 45 ورياض المسائل (ط ج) ج1 ص486 و 493 ومشكاة الأنوار ص193.

([2]) وسائل الشيعة (ط دار الإسلامية) ج11 ص46 و (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص63 وفي هامشه عن فروع الكافي ج1 ص334 ومنتهى المطلب (ط ق) ج2 ص909 وتذكرة الفقهاء (ط ق) ج1 ص412 ورياض المسائل (ط ق) ج1 ص489 و (ط ج) ج7 ص511 وجواهر الكلام ج21 ص82 وتهذيب الأحكام ج6 ص174.

([3]) وسائل الشيعة (ط دار الإسلامية) ج11 ص46 و (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص63 وفي هامشه عن علل الشرايع ج2 ص603 وعن تهذيب الأحكام ج2 ص56 وبحار الأنوار ج33 ص453 وج97 ص22 والكافي للحلبي ص256 ورياض المسائل (ط ج) ج7 ص511 وجواهر الكلام ج21 ص81 والكافي للكليني ج5 ص28.

([4]) وسائل الشيعة (ط دار الإسلامية) ج11 ص30 و (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص43 وراجع: جواهر الكلام ج21 ص18 والكافي (ط دار الكتب الإسلامية) ج5 ص20 وتهذيب الأحكام (ط دار الكتب الإسلامية) ج6 ص135.

 
   
 
 

موقع الميزان