صفحة : 151   

لا نريد إلا محمداً وعلياً:

واللافت هنا: أن هؤلاء الأعداء يعلنون لأبي بكر حين جاء لمواجهتهم بأنهم لا يريدون إلا شخص رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ونفس علي «عليه السلام».

والأغرب من ذلك: أن لا تظهر من أبي بكر ردة فعل على طلبهم هذا، بل هو يرضى بالرجوع عنهم.. مع أن مقتضيات الإيمان، ومن مقتضيات البيعة للرسول هو الذب عنها، وعن صاحبها وأهل بيته، فموقف أبي بكر هذا لا بد أن يكون قد أعطى انطباعاً غير حميد، من حيث أنه يوحي بأن المسلمين لا يهتمون بالدفاع عن دينهم، وعن نبيهم ووصيه.

بل هم إن وجدوا أن الحرب قد حادت عنهم، ولم تعد تستهدف أشخاصهم، فربما ينصرفون عنها، ولا تعود تعني لهم شيئاً ليتولاها ذلك المعني بها، والمطلوب لها.. أي أنهم يسلمون نبيهم ووصيه لمصير يقرره أعداؤه وفق ما يحلو لهم.

ومن شأن هذا التصور أن يزيد أولئك المشركين تصميماً على الحرب، وحماساً واندفاعاً لها وحرصاً على الوصول إلى شخص النبي «صلى الله عليه وآله»، ونفس علي «عليه السلام» فيها.

وربما يفكر هؤلاء المشركون بالبحث عن قنوات تصلهم بهذا أو بذاك من رجال المسلمين، لإغداق الوعود عليهم، وإغرائهم بما يثبط عزائمهم عن نصرة النبي «صلى الله عليه وآله» وعلي «عليه السلام»..

ثم إننا لا ندري إن كان أبو بكر ومن معه قد فكروا في السبب الذي دعا هؤلاء للكف عنهم، ولتقصُّد النبي «صلى الله عليه وآله» وعلي «عليه السلام» بالسوء، دون سائر المسلمين، أليس لأن النبي «صلى الله عليه وآله» هو صاحب الدعوة، التي كانت السبب في منابذة المشركين له، ولأن علياً «عليه السلام» شريكه الأساس فيها، وهو سبب حفظها وبقائها بعده، وهو السيف الإلهي المسلول للدفاع عنها، وعن صاحبها، وعن كل من آمن بها؟!

ألم يكن هؤلاء الراجعون يعتبرون أنفسهم من أتباع صاحب الدعوة، ومن المؤمنين بها، والمكلفين بالدفاع عنها، وعمن جاء بها؟!

 
   
 
 

موقع الميزان