يقين علي
عليه السلام
وريب غيره:
أظهرت النصوص
المتقدمة
أن الفضل في كشف الرسالة لدى حاملتها كان لعلي «عليه السلام» وحده.
أما الآخرون،
فقبلوا منها، وأرادوا تخلية سبيلها، بل حكم الزبير ببراءتها. وهذا خطأ
من جهات:
أولاها:
إن ذلك كشف عن أن قول رسول الله «صلى الله عليه وآله» لم يوجب للزبير
وأضرابه اليقين الكافي بوجود الرسالة معها.. بل هم قد صدقوها، أو حكموا
ببراءتها، ولزوم إخلاء سبيلها..
وتصديقها
معناه تكذيب رسول الله «صلى الله عليه وآله».. وواجب النصيحة لرسول
الله يفرض عدم إطلاق سراح المرأة، بل أن يحتفظوا بها، ويراجعوه في
أمرها، حتى لو فتشوها ولم يجدوا عندها شيئاً..
ثانيها:
إنهم لم يراعوا حتى أبسط القواعد في المهمة التي أوكلت إليهم، فإن
تصرفات تلك المرأة، وأحوالها تشي بلزوم الريبة في أمرها، فإنها قد تركت
الطرقات السهلة، التي اعتاد الناس سلوكها، واختارت السير في القفار
والشعاب فترة طويلة، ثم عادت إلى الطريق في العقيق، فأخذوها هناك، ولا
يسلك تلك المسالك إلا هارب، أو خائف من انكشاف أمر خطير يخفيه معه،
ويريد أن ينفذ به إلى بلاد أخرى..
ثالثها:
إنهم لم يستقصوا تفتيشها ليحكموا ببراءتها.. ولو حصل ذلك لم يكن معنى
لتهديد علي «عليه السلام» لها.. مع قيام احتمال أن تكون قد أخفته أو
رمته بصورة خفية في مكان قريب حين أحست بالخطر، لتعود إليه وتأخذه من
ذلك الموضع بعد أن تأمن الطلب والرقباء..
رابعها:
بالنسبة
لتهديد علي «عليه السلام» بكشفها أو بتجريدها نقول:
إن هذا
التهديد منه «عليه السلام» يهدف إلى تلافي الكشف والتجريد. ولو فرض
أنها أصرت على الإنكار، فإن تجريدها وكشفها يمكن أن يتم بواسطة امرأة
مثلها، وليس بالضرورة أن يتولى ذلك الرجال، ولو فرض عدم وجود نساء ـ
وهو فرض غير واقعي ـ فإنها تكون هي التي أسقطت حرمة نفسها.. ويصبح
الحفاظ على الدين وأهله، وصيانته من كيد المدسوسين والجواسيس أهم عند
الله من كشف رأس امرأة تتعمد الإيقاع بالإسلام وأهله.
|