يقول السيد محمد حسين فضل الله:

ثم أن أب إبراهيم إن والده كان كافراً... ولكن المفسرين وكما ورد أيضاً ربما في بعض الروايات لا يوافقون على هذا الظاهر القرآني فيقلون أن إبراهيم كان مؤمناً أن أباء إبراهيم كانوا مؤمنين والدليل على ذلك أن إبراهيم هو من أجداد النبي صلى الله عليه وآله والله يقول عن النبي يخاطب النبي {قل وتقلبك في الساجدين} يعني أنك تقلبت في كل مسيرة وجودك في آباءك تقلبت في الساجدين يعني كنت تنقل من صلب يسجد صاحبه لله ورحم تسجد صاحبته لله إلى رحم كذلك وصلب كذلك.يعني هذا يقول هذه الآية هكذا يقول المفسرون... فالنبي صلى الله عليه وآله من قريش، وقريش تنتسب إلى إسماعيل ملة أبيكم إبراهيم انه الله يقول أن إبراهيم هو الأب القديم لقريش.أباء إبراهيم هم أباء النبي أيضا" فلا بد أن يكونوا من الساجدين وإلا النبي ما تقلب في الساجدين.. إذاً الفكرة هي أن كل أباء النبي منذ عبد الله إلى آدم كانوا مؤمنين نتيجة أن والد إبراهيم الذي هو من أجداد النبي ما يمكن إلا أن يكون مؤمن هذه خلاصة الفكرة ولكن أحن لنا مناقشة مع المفسرين في استفادة وتقلبك في الساجدين لا تدل على أن النبي صلى الله عليه وآله يعني تقلب في الساجدين بمعنى أن كل آبائه كانوا.. تقلب في الساجدين يعني كان هناك بعض آبائه يصدق أنه تقلب فيهم ما قال تقلب في كل الساجدين أو كان ما في دلالة على الشمول والعموم غاية ما تدل أن النبي صلى الله عليه وآله قد تقلب في نسبه إذا كان المراد من تقلب هو التقلب في تقلب حركة الوجود فلا تدل على شمولية السجود في آبائه وإنما تدل على أن النبي تقلب في الساجدين تقلب في الطاهرين فهذا ليس من الضروري أن يكون كل آبائه كذلك ربنا اغفر فنحن لا نرى أن هذا الدليل على أن استغفار إبراهيم لوالديه دليل على أن آذر هذا لم يكن أباه ولكن كان عمه ما في دليل ليس  نقص في النبي أن يكون أبوه كافراً  ليس نقصاً فيه. [ للإستماع إضغط هنا]

ونقول:

إننا لا نريد أن نتصدّى في هذه العجالة لبحث هذا الموضوع فنأتي بالروايات التي رويت في كتب الفريقين، مما دل على إيمان آباء رسول الله (صلى الله عليه وآله).. فإن هذا الكتاب ليس كتاب بحث واستدلال، وإنما هو مخصص لبيان أقاويل جاء بها السيد محمد حسين فضل الله.. لا مجال لقبولها في نفسها، أو في سياقها الذي وضعت فيه.

ويكفي أن نشير هنا إلى أنه حتى أهل السنة، فإنهم قد ألفوا كتباً في هذا الموضوع، وذكروا فيها الروايات التي تفيد في بيان هذا الأمر..

ومنهـا:

ألف: مسالك الحنفا في والدي المصطفى.

ب: الدرج المنيفة في الآباء الشريفة.

ج: المقامة السندسية في النسبة المصطفوية.

د: التعظيم والمنة في أن أبوي رسول الله (ص) في الجنة

هـ: السبل الجلية في الآباء العلية.

وكلها مطبوعة بعنوان الرسائل التسع ـ للسيوطي في الهند ـ حيدر آباد الدكن سنة 1380هـ.

2 ـ إنه إذا كان السيد محمد حسين فضل الله يلتزم بأن النفي يحتاج إلى دليل، كما الإثبات يحتاج إلى دليل.. فأين هو دليله على النفي، فإن غاية ما جاء به هو أن علق على بعض أدلة المثبتين.. ولم يأت بدليل يثبت مقولته هذه..

3 ـ إن الدليل المطلوب من السيد محمد حسين ضل الله ـ على الخصوص ـ لابد أن يكون مفيداً لليقين، ولا يكفيه الإستدلال بالظواهر الظنية، وبالأدلة المعتبرة في خصوص الأحكام.. لأنه هو نفسه يقرر لزوم هذا النوع من الأدلة فيما يرتبط بالتاريخ، وبالأشخاص، وبالتفسير، وفي مختلف شؤون الحياة، وسائر المعارف.. ويرفض الاستدلال عليها بالأدلة المعتبرة في الأحكام الشرعية الفقهية ويقول: هي حجة فيها دون سواها.

4 ـ إن السيد محمد حسين فضل الله  قد ناقش الاستدلال بالآية، على أساس أنه يكفي في صدق تقلبه أن يكون بعض آبائه من الساجدين.

ولكن من الواضح: إنها مناقشة لا تصح.

فأولاً: ان الظاهر هو أن هذه الآية واردة مورد الإمتنان على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فحملها على العموم والشمول يكون هو الأظهر، والأنسب بمقام الإمتنان الإلهي.. وبيان الرعاية الإلهية له (صلى الله عليه وآله)..

ثانياً: إن الجمع المحلى بالألف واللام يفيد العموم بإجماع العلماء كما هو مقرر في علم الأصول راجع: مفاتيح الأصول. وكلمة الساجدين جمع محلى بالألف واللام، فهي تدل على العموم.

5 ـ إن دعواه أن ظاهر الآية هو تقلب النبي (صلى الله عليه وآله) بين عباد الله الساجدين باعتبار استغراقه في السجود لله سبحانه.. لا مجال لقبولها.. فإن غاية ما هناك أن يكون ذلك محتملاً في معنى الآية بصورة بدوية.. فإذا جاء التفسير عن المعصوم ليعيّـن أحد الإحتمالين.. فإنه يتعين، وينتفي الإحتمال الآخر.. لأن الأئمة أعرف بمقاصد القرآن من كل أحد.. فلا تكون الرواية المروية عنهم مخالفة لظاهر القرآن لمجرد أنها عينت هذا الإحتمال وأكدت أنه هو المقصود دون ذاك.

فلا يصح قوله:

"إذا كانت بعض الأحاديث تدل على إرادة خلاف الظاهر.. الخ"

6 ـ بقي أن نشير إلى قوله:

"ليس المقصود أن أجداد النبي (ص) بأجمعهم أنبياء.. بل يكفي في صدق الآية أن يتقلب في أصلاب بعضهم، دون أن تنفي تقلبه في أصلاب غيرهم.."

فقد ظهر: أن إرادة هذا المعنى لا تنسجم مع مقام الإمتنان، كما أن نفس الرواية ظاهرة في العموم والشمول لجميع أجداده (صلى الله عليه وآله)، حيث تقول: يرى تقلبه في أصلاب النبيين، من نبي إلى نبي حتى أخرجه من صلب أبيه.

فإن التعبير بحتى التي جاءت لبيان الغاية، قد أظهر.. أن تقلبه في الأنبياء قد استمر من نبي إلى نبي حتى أخرجه من صلب أبيه.. ولا يتناسب هذا التعبير مع إرادة الموجبة الجزئية..

7 ـ إن من الواضح: أن النبوة لها حالاتها، فهناك نبي مرسل إلى الأمة وهناك من أرسل إلى قوم، وإلى عشيرة، وإلى حيّ، وقد يكون نبياً يكلمه الملك، ويخبره عن الله، وليس مرسلاً لأحد.. بل يعيش هو حالة الصلاح في نفسه، ويكون الكمال المتجسد الذي يرى فيه الناس ـ دون أن يكون مأموراً بشيء تجاههم ـ الإنسان الإلهي المتوازن، والمرضي في كل حالاته.. فيهيؤهم ذلك لأجواء الإيمان، ويثير في فطرتهم كوامن الخير والصلاح، والإيمان والتقوى..

وعلى هذا الأساس، فلا ضير في أن يكون جميع آباء النبي الذين خرج من أصلابهم أنبياء إلى آدم، وإن لم تكن لهم دعوة، ولا رسالة تختص بهم، فيكون عبد الله والد النبي (صلى الله عليه وآله)، وعبد المطلب وكذلك آباؤه جميعاً لهم هذه الصفة، وإن اختلفت مقاماتهم، ومهماتهم.. حسبما ذكرنا.

8 ـ ويؤيد ذلك أيضاً: ما ورد من أن الأرض لا تخلو من حجة، إما ظاهر مشهور، أو غائب مستور، ومَن أولى من آباء رسول الله (صلى الله عليه وآله) بهذا المقام؟!

9 ـ ويبقى إجماع شيعة أهل البيت (عليهم السلام)، الذي لم يقبل هذا البعض بأن يكون تعبدياً، لأن من المحتمل أن يكون مستندهم فيه هو أدلة الشيخ المفيد..

ونقول:

إن حديثه عن تعبدية الإجماع هنا غريب وعجيب، فإن هذا الإجماع ليس على حكم شرعي، ليوصف بالتعبدية تارة وتنفى عنه أخرى.. بل هو إجماع يكشف لنا عن أن هذا الأمر الذي لا يُعرف إلا من أهله ولا طريق إلى معرفته بالعقل، قد قرره أهله وهم الأئمة الطاهرون المعصومون، وتحدثوا عنه وذكروه للناس وصرحوا به، وقالوا: إن آباء النبي كلهم مؤمنون من آدم (عليه السلام) إلى عبد الله أبي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لأن العلماء لا يقولون ذلك من عند أنفسهم، فهو علم من ذي علم.

وواضح أن من يريد التعرف على أي مذهب، فإنه يرجع إلى الأتباع الذين هم أعرف بقول إمامهم.

أضف إلى ما تقدم: أنه لو كان الإجماع تعبّدياً للزم أن يكون الإجماع على الإمامة تعبّدياً أيضاً، فهل يحكم السيد محمد حسين فضل الله برده لكونه مستنداً إلى الأدلة؟!.. فهل هذا المنهج الإستدلالي صحيح أيضاً؟!..

10 ـ وقال السيد محمد حسين فضل الله في آخر كلامه:

"لا قبح من ناحية العقل في كونهم كفاراً، إذا كان النكاح شرعياً لا زنا".

وظاهر كلامه هذا: أن القبح موجود فيما إذا لم يكن النكاح شرعياً..

فهل يريد أن يقول: إن شرك الآباء لا قبح فيه من ناحية العقل، أما الزنا ففيه قبح من هذه الناحية العقلية؟!

والسؤال هو: ما هو الفرق بين الأمرين؟ من الناحية العقلية البحتة؟! ولماذا قبح هذا ولم يقبح ذاك؟!

 إن ما قدمناه يكفي لبيان عدم صحة ما ذكره هذا البعض هنا.. ولسنا بحاجة إلى التذكير بأنه إذا كان أهل البيت قد فسروا الآية الشريفة بأن المقصود بها: أن الله سبحانه يرى تقلب نبيه في أصلاب النبيين من نبي إلى نبي حتى أخرجه من صلب أبيه. فلا بد من قبول ذلك منهم؛ فإن أهل البيت أعرف من كل أحد بمعاني القرآن، وبأهدافه ومراميه..

وكما قال الإمام الصادق(ع): (فليذهب الحسن يميناً وشمالاً فإن ما قدمناه في الفقرة السابقة يكفي لبيان عدم صحة ما ذكره السيد فضل الله هنا.. ولسنا بحاجة إلى التذكير بأنه إذا كان أهل البيت قد فسروا الآية الشريفة بأن المقصود بها: أن الله سبحانه يرى تقلب نبيه في أصلاب النبيين من نبي إلى نبي حتى أخرجه من صلب أبيه. فلا بد من قبول ذلك منهم؛ فإن أهل البيت أعرف من كل أحد بمعاني القرآن، وبأهدافه ومراميه..

وكما قال الإمام الصادق(ع): (فليذهب الحسن يميناً وشمالاً فوالله ما يوجد العلم إلا هاهنا) الكافي ج1 ص 51.

ولن نصغي ولن نقبل من أحد أن يقول لنا: قال الإمام الصادق عليه السلام. وأقول، فما ذكره هذا البعض في تفسيره لا بد أن يردّ عليه، وأن يؤخذ فقط بكلام أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم.

2 ـ والأعجب من ذلك قول السيد محمد حسين فضل الله هنا: "وأما الرواية فلا دلالة فيها إلا على طهارة الآباء من الولادة بالزنا".

مع أن الرواية صريحة في أن الرسول لم يزل يتقلب في أصلاب النبيين: من نبي إلى نبي حتى أخرجه من صلب أبيه.

مما يعني: أن جميع آبائه صلى الله عليه وآله قد كانوا مؤمنين أتقياء أبراراً. بل كانوا من الأنبياء، حتى والده عبد الله.. ولا مانع من أن يكونوا كذلك، فقد كان ثمة أنبياء تقتصر نبوتهم على أنفسهم، وعلى المحيط المحدود الذي يعيشون فيه، وقد تمتد نبوتهم إلى العشيرة أو الحي أو البلد الصغير أو الكبير.. من أجل أن يحفظوا الحق والخير في الناس بالمقدار الممكن لهم، بحسب ما يوجههم الله سبحانه إليه، ويأمرهم به.

 وكما قال الإمام الصادق(ع): (فليذهب الحسن يميناً وشمالاً فوالله ما يوجد العلم إلا هاهنا) الكافي ج1 ص 51.

ولن نصغي ولن نقبل من أحد أن يقول لنا: قال الإمام الصادق عليه السلام. وأقول، فما ذكره هذا البعض في تفسيره لا بد أن يردّ عليه، وأن يؤخذ فقط بكلام أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم.

2 ـ والأعجب من ذلك قول هذا البعض هنا: "وأما الرواية فلا دلالة فيها إلا على طهارة الآباء من الولادة بالزنا".

مع أن الرواية صريحة في أن الرسول لم يزل يتقلب في أصلاب النبيين: من نبي إلى نبي حتى أخرجه من صلب أبيه.

مما يعني: أن جميع آبائه صلى الله عليه وآله قد كانوا مؤمنين أتقياء أبراراً. بل كانوا من الأنبياء، حتى والده عبد الله.. ولا مانع من أن يكونوا كذلك، فقد كان ثمة أنبياء تقتصر نبوتهم على أنفسهم، وعلى المحيط المحدود الذي يعيشون فيه، وقد تمتد نبوتهم إلى العشيرة أو الحي أو البلد الصغير أو الكبير.. من أجل أن يحفظوا الحق والخير في الناس بالمقدار الممكن لهم، بحسب ما يوجههم الله سبحانه إليه، ويأمرهم به.

العودة