يقول السيد محمد حسين فضل الله:

ولقد همت به وهما بها بعض التفاسير تقول هم بضربها ولكننا نرجح التفسير الآخر انجذب إليها تماماً كما ينجذب الجائع إلى رائحة الطعام الطيبة وكما ينجذب العطشان إلى الماء وهكذا الانجذاب الغريزي الانفعالي لا الاختياري وعند ذلك عندما شعر أن الضغط يزداد عليه وأن الإثارة تتوجه إليه بشكل لا يحتمل قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه إنه شعر بأن الضغط أصبح بدرجة عالية يخاف منها على نفسه لأن بشريته كانت تتحرك  بشكل غير عادي ولذلك التجأ إلى الله سبحانه وتعالى من أجل أن يعينه على الموقف الصعب وعلى الرفض القاسي الذي يؤدي به إلى السجن عندما دعا ربه ربي السجن أحب إلي مما يدعونني إليه كان كأنه يجاهد نفسه ليتقبل السجن لأن الخيار أصبح بين السجن وبين الاستجابة ولذلك كان دعائه يمثل حركة في استنفار طاقته الإيمانية ليقبل السجن عن رضا ليستطيع أن يرفض الرفض الذي يؤدي به إلى السجن ليكون السجن هو الطموح الذي يسعى إليه فراراًً من موقفه هذا. [ للإستماع إضغط هنا]

ويقول:

ان هم بها أيضاً هو عزم على أن ينال منها ما تريد نيله منه لولا أن رأى برهان ربه يعني ما هما به وما همت به واحد ولكن الفرق بينها وبينه أنها همت من خلال عزيمة وإصرار وهو كان يعيش هذه الفكرة لولا أن رأى برهان ربه. [ للإستماع إضغط هنا]

ويقول:

ولقد همت به وهما بها لولا أن رأى برهان ربه هنا همت به مفهوم أن هي اندفعت إليه لتضغط عليه ، هما بها في كما سيأتي إن شاء الله نفصل بعض الروايات تقول هما بضربها ، لكن إحنا نستقرب الروايات تقول هما بها يعني انجذب إليها لكن الإنجذاب الغريزي العفوي كيف الإنسان لمن يشوف طعام أمامه ما يشعر بالإنجذاب اللا شعوري كيف العطشان اللي بشوف ماء يشعر بالإنجذاب إليه بشكل طبيعي من خلال الإفرازات الجسدية ممكن هما بها على أساس صار عنده حالة إنجذاب لولا أن رأى برهان ربه ونلاحظ على أن يوسف (ع) كان يشعر أنه بشر يعني أنه الطاقة عندما يزداد الضغط عليها نلاحظ على أن الطاقة ربما تسقط الإنسان عندها يقدر يتماسك يتماسك يتماسك ويزداد الضغط عليه إلى أن يفقد قوته الإنسان ، ولذا وألا تصرف عني كيدهن أصبوا إليهم إذا أنت ما تركت لي مخرج ومنفذ إلى أن أتحرر من هذا الضغط فأنا بطبيعتي الجسدية وبالضغط الذي هذا عندما أنا أعيش في الطريق المسدود بحيث ما عندي مجال إلا أن أبقى في هذا الجو الضاغط فأنا يمكن على أن أسقط لأن طاقتي وحدها فأريد يا ربي أن تعاونني بأن تلهم هذه المرأة أن تسجنني تعاوني على مواصلة الرفض وتعاوني على الإنفتاح على السجن . [ للإستماع إضغط هنا]

ويقول:

يعني تصير المسألة هكذا ولقد همت به هما بها يعني انجذب إليها وتوجه لا شعوريا نحوها كما يتوجه الجائع إلى ما يجده من طعام ، هما بها يعني أقبل عليها وانجذب إليها وكاد أن يفعل من خلال طبيعة الانجذاب الطبيعي الغريزي وهذا أمر تقتضيه طبيعة الأجواء ، فإذاً يوسف لم يكون منه عزمٌ على القبيح ولكنه عندما عاش جو الإثارة انجذب غريزياً إلى عناصر الإثارة ولكن برهان ربه جعله يتوقف فلا يتحرك في خط هذه الوسوسة التي أثارتها فيه هذه العناصر ولا يبعد أن يكون هذا الوجه هو أقرب الوجوه التي تنسجم مع طبيعة جو يوسف ومع طبيعة الآية ومع طبيعة التعبير وربما نعود إلى مزيد من التفصيل إن شاء الله في الدرس القادم والحمد لله رب العالمين. [ للإستماع إضغط هنا]

ويقول:

ولقد همت به انطلاقا من مشروعها الذي انطلقت فيه من أجل أن تقوده إلى السوء والفحشاء وهما بها انجذب إليها انجذاب إرادياً لولا أن رأى برهان ربه وبهذا لا تكون هناك أي مشكلة فكرية تتصل بمسألة يوسف انه يقولوا كيف نبي يمكن أن يقدم على فعل القبيح كيف أنه نبي يمكن أن يتوجه؟ النبي بشر مثل بقية البشر يعيش جسده التقلصات والأحاسيس والمشاعر الغريزية ولكنه لا يندفع إليها اندفاعا عملياً بل أنه يوقفها عن حدها حتى لا تخرج عن دور المشاعر الطبيعية والمشاعر الغريزية. [ إضغط هنا للإستماع]

ونقول:

إن آيات القرآن الكريم لا تؤيد ما ذكره السيد فضل الله ، إن لم نقل: إنها تدل على عدم صحته. ونحن نبين المراد من الآيات الشريفة بمعزل عما ذكره السيد فضل الله، فنقول:

1 ـ إننا قبل كل شيء هنا نذكر سؤالا وجه إلى السيد فضل الله ، وأجاب عليه.. والسؤال والجواب هما كما يلي:

س: إذا نوى الإنسان أن يفعل فعلا سيئا مثلا، وصمم أن يرتكب فاحشة الزنا فهل يحاسب هذا الإنسان وكيف يمكن أن نتخلص من مقولة (إنما الأعمال بالنيات) إذا كان الجواب بالنفي؟

"ج: المعروف أن الإنسان لا يحاسب على نيته إذا لم يحولها إلى واقع فالإنسان تخطر في باله أعمال يعبرون عنها في علم الأصول بالقول (فعل قبيحٌ وفاعل قبيحٌ) بمعنى أن هذا يدل على قبح الفاعل، أي أنه إنسان سيئ ذاك الذي يفكر بالجريمة لكنه لم يفعل" [ الندوة 1-640]

فهل يلتزم السيد محمد حسين فضل الله بنسبة القبح إلى نبي الله يوسف عليه السلام؟ وهل يجوز أن يقول عنه : إنه (إنسان سيئ) أو إنه (فاعل قبيح)؟! لا سيما وأن هذا القائل قد صرح في مورد آخر بأن يوسف (ع) قد عزم على أن ينال منها، ما كانت تريد هي أن تناله منه راجع فقرة أقاويل السيد فضل الله بصوته

2 ـ إن قوله تعالى: {لولا أن رأى برهان ربّه} يفيد: أنه لم يحصل منه أي شيء مما ذكره السيد محمد حسين فضل الله، فإنك إذا قلت: لولاي لوقع الطفل عن السطح، فمعناه أن الطفل لم يقع، فيوسف عليه السلام ـ إذن ـ لم ينو هذه المعصية، ولم تدخل في دائرة اهتماماته.. فالله سبحانه ينفي أن يكون قد صدر عن النبي يوسف أي فعل قلبي، ويقول: إن هذا الأمر قد كان خارج دائرة نواياه..

3 ـ أضف إلى ما تقدم أن الشيطان قد استثنى عباد الله المخلصين من إمكانية تأثيره فيهم، فقال: {لأغوينهم أجمعين، إلا عبادك منهم المخلصين} سورة الحجر الآية40 وقال تعالى: {إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطان} سورة الحجر الآية42

وقد صرحت الآية هنا بأن بُعْدَ يوسف عن هذا الأمر، وإبعاده له عن دائرة نواياه، إنما هو لأنه كان من عباد الله المخلصين. فقد قال تعالى: {كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء، إنه من عبادنا المخلصين} سورة يوسف الآية 24 حيث ظهر من الآية: أن سبب صرف ذلك عنه هو كونه مخلَصاَ.

4 ـ إن وجود نوايا قبيحة مرفوضة ستكون نتيجتها سقوط الإنسان عن درجة الإعتبار وأنه سينظر إليه بعين الإحتقار والنقص، فلو أنّ إنسانا نوى الفاحشة مع امرأة محصنة، فإنه لن يكون محترما عند الذين يعلمون منه ذلك، فكيف إذا كانت هذه النية من أحد الأنبياء المخلصين، فإنها تكون أشنع وأقبح، وقد تقدّم تصريح السيد فضل الله : بأنّ من ينوي ذلك، فهو إنسان سيء، وأن ذلك من مصاديق القبح الفاعلي على حد تعبيره، وفقا لما عند علماء الأصول.

5 ـ إن المخلَص ـ بالفتح ـ هو الخالص لله، بحيث لا يكون فيه أية شائبة لغيره، فمن ينجذب نحو الفاحشة انجذاب الجائع إلى الطعام، ومن عزم على أن يفعل ما طلبته منه امرأة العزيز، ومن تتحرك فيه قابلية الإندفاع نحو الفعل الحرام، هل يكون خالصا لله، وصافيا بحيث لا تكون فيه أية شائبة؟!.

6 ـ هذا مع العلم: أن الله سبحانه قد قرر قبل ذلك مقام يوسف، وعلوّ درجته حيث قال: {..ولما بلغ أشدّه آتيناه حكما وعلما، وكذلك نجزي المحسنين} سورة يوسف الآية22 ولم يُشِرْ بعد ذلك، لا من قريب ولا من بعيد ولو حتى بالعتاب، إلى ما ربما يتوهم منه عزمه على أن ينال منها ما كانت تريد نيله منه كما يدعيه السيد فضل الله.

7 ـ ومع غض الطرف عن ذلك كله، فإن كلمة (همّ به) ليس معناها همّ بنكاحه، بل معناها: همّ بضربه وإيصال الأذى إليه، حيث يقال: جاء فلان وتكلم بكلام سيء، فهممت به، أي هممت بإيصال الأذى إليه أو بضربه.

وقد ذكر هذا المعنى في الروايات عن الأئمة الطاهرين عليهم السلام، وأن المراد: همّ يوسف(ع) بضربها.

مناقشة وردّها:

قال المرجع الديني سماحة الشيخ التبريزي وهو يرد على مقولات السيد فضل الله: (إن لفظ "لولا" دال على امتناع همّه بالمعصية لرؤية برهان ربه)..

فردّ عليه ذلك البعض بقوله:

".. إن التعبير الصحيح أو البليغ لهذا المعنى هو: لولا أن رأى برهان ربه لهمّ بها، لتفيد معنى حصول الفعل الذي يحصل بالمستقبل، فلا يصح أن نقول: (جاء زيد لولا القوم)، بل الصحيح أن نقول: (لولا القوم لجاء زيد)" [ رد السيد فضل الله على المرجع التبريزي]

                      

ونقول:

إننا نسجل هنا ما يلي:

إن السيد المرتضى هو ممن لا يُشكّ في تضلعه في علوم اللغة والبيان والفقه حتى قيل فيه: "لو قيل إن المرتضى أعلم العرب بلغتهم لم نتجاوز" وهو من أبرز أعلامنا.. منذ مطلع القرن الخامس وإلى يومنا هذا.. وقد ذكر هذا العلم هنا عدة أجوبة هذه النقاط مقتبسة مما ذكره علم الهدى في كتابيه تنزيه الأنبياء ص 80 ـ 85 ط الأعلمي، وأمالي المرتضىج1ص477 ـ 481

الأول: إن الآية قد علقت ـ في ظاهرها ـ كلمة (همّ) بذاتيهما، فقالت: {همّت به، وهمّ بها}، ولا يجوز تعلق الهمّ بالذات بمعنى الإرادة والعزم، فلا بد من تقدير محذوف، وليس بعض الأفعال أولى بالتقدير من بعضها الآخر، فهل همّ بالضرب؟ أو الإكرام؟ أو أي شيء آخر؟ ويترجح أن يكون يوسف قد همّ بالضرب، كقولك: همّ فلان بفلان، أي بأن يوقع به ضربا أو مكروها..

أما من ناحيتها، فالمحذوف هو الفعل القبيح، وإنما فرّقنا بينها وبينه في هذا الأمر، لما ظهر من أنها قد راودته عن نفسه، فجاز عليها فعل القبيح فهمّت به، أما يوسف (ع) فلا يجوز ذلك عليه، لأنه رفض واستعصم، حسبما دل عليه القرآن..

والسبب في أن برهان ربه قد صرفه عن ضربها هو أنه لو فعل ذلك لأهلكه أهلها وقتلوه، أو أنها تدعي عليه المراودة على القبيح، وتقذفه به، وأنه إنما ضربها لامتناعها، وسيصدق الناس عليه ذلك.

وعلى هذا التفسير لا يكون جواب (لولا) متقدما عليها، بل هو مقدر ومتأخر عنها، والتقدير: همّت به وهمّ بدفعها أو ضربها، لولا أن رأى برهان ربّه لفعل ذلك.

وحذف الجواب هنا كحذفه في قوله تعالى: {ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رؤوف رحيم} سورة النور آية 20 والتقدير لهلكتم.

أضف إلى ما تقدم:

أن من يقول: المراد أنه عليه السلام قد همّ بالقبيح كما همت هي به، يحتاج هو الآخر أيضا إلى تقدير جواب، كأن يقال: همت بالقبيح وهم به لولا أن رأى برهان ربه لفعله..

الثاني: أن يحمل الكلام على التقديم والتأخير، أي: لقد همّت به، ولولا أن رأى برهان ربه لهمّ بها، وهذا كقولك: قد كنت هلكت لولا أني تداركتك، وقتلت لولا أني خلصتك، أي لولا تداركي لك لهلكت، ولولا تخليصي لك لقتلت، وقال الشاعر:

فلا يدعني قومي ليوم كريهة         لئن لم أعجل طعنه لم أعجل

وقال الآخر:

ولا يدعني قومي صريحا لحرة       لئن كنت مقتولا ويسلم عامر

فقدم جواب (لئن) في كلا البيتين.

ومما يشهد على ذلك أنهم يقولون: قد كان زيد قام لولا كذا كذا (و) قد كنت قمت لولا كذا (و) قد كنت قصدتك لولا أن صدني فلان" وإن لم يقع قيام ولا قصد، وهذا هو الذي يشبه الآية.

وخلاصة الأمر: أن في الآية شرطا، ويحتاج إلى جواب، وليس تقديم جواب (لولا) بأبعد من حذف الجواب من الأساس..

وإذا جاز عندهم الحذف ـ لئلا يلزمهم تقديم الجواب ـ جاز لغيرهم تقديم الجواب حتى لا يلزم الحذف.

تذكير:

إن الملفت للنظر هنا: أن أبا علي الجبائي المعتزلي ـ تبعا لغيره ـ هم أصحاب مقولة: أن معنى هم بها اشتهاها، ومال طبعه إلى ما دعته إليه.. وقد روي هذا التأويل عن الحسن البصري، من علماء العامة أيضا.

 قال المرتضى رحمه الله: "ويجب على هذا الوجه أن يكون قوله تعالى: {لولا أن رأى برهان ربه}، متعلقا بمحذوف، كأنه قال: لولا أن رأى برهان ربه لعزم أو فعل" انتهى أمالي المرتضى ج1 ص481 هذا مع أن قوله تعالى: {وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كانت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين}، يدل على صحة تقديم لولا عليها.

وفي رواية عن الإمام الرضا عليه السلام:

لما جمع المأمون لعلي بن موسى الرضا عليه السلام أهل المقالات من أهل الإاسلام والديانات من اليهود والنصارى والمجزس والصابئين وسائر أهل المقالات فلم يقم أحد إلا وقد ألزم حجته كان قد القم حجراً ، فقام إليه علي بن محمد بن الجهم فقال يابن رسول الله أتقول بعصمة الأنبياء ؟ قال : بلى ، قال فما تعمل في قول الله عز وجل :  { وعصى آدم ربه فعوى } وقوله عز وجل { وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه } وقوله في يوسف { ولقد همت به وهم بها } وقوله عز وجل في داوود { وظن داوود أنما فتناه} وقوله في نبيه محمد صلى الله عليه وآله { وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه} ؟ فقال موىنا الرضا عليه السلام : ويحك يا علي اتق الله ولا تنسب الى انبياء الله الفواحش ولا تتأول كتاب الله برأيك ، فإن الله عز وجل يقول : { وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم} أما قوله عز وجل في آدم عليه السلام : { وعصى آدم ربه فغوى} فإن الله عز وجل خلق آدم حجة في الأرض ، وخليفته في بلاده ، لم يخلقه للجنة ، وكانت معصية آدم عليه السلام في الجنة لا في الأرض لتتم مقادير أمر الله عز وجل ، فلما اهبط إلى الأرض وجعل حجة وخليفة عصم بقوله عز وجل  { إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين} وأما قوله عز وجل : { وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه} إنما ظن أن الله عز وجل ر يضيق على أحد رزقه ألا تسمع قوله عز وجل { وأما إذا ابتلاه فقدر عليه رزقه}؟ أ يضيق عليه ، ولو ظن أن الله لا يقدر عليه لكان كفر. وأما قوله عز وجل في يوسف: { ولقد همت به وهم بها } فإنها همت بالمعصية ، وهم يوسف بقتلها إن أجبرته لعظم ما داخله، فصرف الله عنه قتلها والفاحشة ، وهو قوله : { كذلك لنصرف عنه السوء } يعني القتل ، والفحشاء يعني الزنا. وأما داود فما يوقل من قبلكم فيه ؟ فقال علي بن الجهم : يقولون أن داود كان في محرابه يصلي إذا تصور له إبليس على صورة  طير أحسن ما يكون من الطيور ، فقطع صلاته وقام ليأخذ الطير فخرج إلى الدار ، فخرج في أثره فطار الطير إلى السطح فصعد في طلبه فسقط الطير في دار اوريا بن حنان ، فاطلع داود في أثر الطير فإذا بإمرأة اوريا تغتسل ، فلما نظر إليها هواها ،وكان اوريا قد أخرجه في بعض غزواته ، فكتب إلى صاحبه أن أقدم اوريا أمام الحرب ، فقدم فظفر اوريا بالمشركين ، فصعب ذلك على داود ، فكتب ثانية أن قدمه أمام التابوت ، فقتل اوريا رحمه الله ، وتزوج داود بإمرأته ، فضرب الرضا عليه السلام بيده على جبهته وقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، لقد نسبتم نبياً من أنبياء الله إلى التهاون بصلاته حتى خرج في أثر الطير ، ثم بالفاحشة ، ثم بالقتل ، فقال يابن رسول الله فما كانت خطيئة ؟ فقال: ويحك إن داود إنما ظن أن ما خلق الله عز وجل خلقاً هو أعلم منه ، فبعث الله عز وجل إليه الملكين فتسورا الحراب فقالا: خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط * إن هذا أخي له تسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب * فجعل داود عليه السلام في المدعى عليه فقال : لقد ظلمك بسؤال نعجتك إل نعاجه ، فلم يسأل المدعي البينة على ذلك ، ولم يقبل على المدعى عليه فيقول : ما تقول ؟ فكان هذا خطيئة حكمه ، لا ما ذهبتم إليه ، ألا تسمع قول الله عز وجل يقول : { يا دتود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق} إلى آخر الآية ، فقلت يابن رسول الله فما قصة اوريا ؟ فقال الرضا عليه السلام إن المرأة في أيام داود إذغ مات بعلها أو قتل لا تتزوج بعده أبداً ، وأول من أباح الله عز وجل أن يتزوج بامرأة قتل بعلها داود فذلك الذي شق على اوريا ، وأما محمد نبيه صلى الله عليه واله وقوله عز وجل له: { وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه } فإن الله عز وجل عرف نبيه أسماء أزواجه في دار الدنيا وأسماء أزواجه في الآخرة ، وأنهن امهات المؤمنين ، وأحد من سمى له زينب بنت جحش وهي يومئذ تحت زيد بن حارثة ، فأخفى صلى الله عليه واله اسمها في نفسه ولم يبد له لكيلا يقول أحد من المنافقين ، إنه قال في امرأة رجل : إنها أحد أزواجه من أمهات المؤمنين ، وخشى قول المنافقين ، قال الله عز وجل { والله أحق أن تخشاه في نفسك} وأن الله عز وجل ما تولى تزويج أحد من خلقه إلا تزويج آدم وحواء ، وزينب من رسول الله صلى الله عليه واله ، وفاطمة من علي عليه السلام ، قال فبكى علي بن الجهم وقال : يابن رسول الله أنا تائب إلى الله عز وجل أن أنطق في أنبياء الله عز وجل بعد يومي هذا إلا بما ذكرته.

عيون أخبار الرضا للشيخ الصدوق ج-2 ص170 ، الأماي للشيخ الصدوق ص150 ،  الفصول المهمة في الأصول ج-1 ص 442 ،  بحار الأنوار ج- 11 ص 72 وج 49 ص179 ،  مستند الإمام الرضا (ع) ج-2 ص 93 ، تفسير نور الثقلين ج-3 ص 404 ، تفسير الميزان ج-1 ص 145 و11 ص 166 ،  قصص الانبياء للجزائري ص 13 .

 

فلماذا لم يمتثل إلى أمر الإمام الرضا عليه السلام وينسب الفواحش الى الأنبياء عليهم السلام  وعدم الإمتثال لهم عليهم السلام  كالراد عليهم والراد عليهم كالراد على رسول الله صلى الله عليه وآله والراد على رسول الله صلى الله عليه وآله فقد رد على الله جل وعلا .

 

عن عبد الرحمن بن مسلم قال : دخلت على الكاظم عليه السلام فقلت له : أيهما أفضل ، الزيارة لأمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه أو لأب عبد الله عليه السلام أو لفلان أو لفلان وسميت الأئمة واحد واحد ؟  فقال:  يا عبد الرحمن بن مسلم  من زار أولنا فقد زار آخرنا ومن زار آخرنا فقد زار أولنا ومن تولى أولنا فقد تولى آخرنا ومن تولى آخرنا فقد تولى أولنا ، ومن قضى حاجة لاحد من أوليائنا فكأنما قضاها لجميعنا ، يا عبد الرحمن أحببنا وأحبب فينا وأحبب لنا وتولنا وتول من يتولانا وأبغض من يبغضنا ألا وأن الراد علينا كالراد على رسول الله صلى الله عليه واله جدنا ومن رد على رسول الله صلى الله عليه وآله فقد رد على الله ، ألا يا عبد الرحمن من أبغضنا فقد أبغض محمداً ومن أبغض محمداً فقد أبغض الله جل وعلا ، ومن أبغض الله جل وعلا كان حقاً على الله أن يصليه النار وما له من نصير . بحار الأنوار ج- 97 ص 122 ، كامل الزيارات ص 552-553

 

وفي رواية عمر بن حنضلة : سألت الإمام أبا عبد الله عليه السلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان والى القضاء أيحل ذلك ؟ قال من تحاكم إليهم في حق أو باطل فانما تحاكم إلى الطاغوت ، ومن يحكم له فإنما يأخذ سحتاً ، وإن كان حقاً ثابتاً لأنه أخذه بحكم الطاغوت وقد أمر الله أن يكفر به قال الله تعالى { يريدون أن يتحاكموا الى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به } قلت : فكيف يصنعان ؟ قال ينظران إلى من كان منكم قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف من أحكامنا فليرضوا به حكماً فان] قد جعلته عليكم حاكماً فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فانما استخف بحكم الله وعلينا رد ، والراد علينا كالراد على الله وهو على حد الشرك بالله ، قلت: فان كان رجلا فرضينا أن يكون الناظرين بأدنى اختلاف قال : قلت : في رجلين اختار كل واحد منهما رجلاً فرضياً أن يكونا الناظرين في حقهما ، فاختلفا في حديثنا ، قال : الحكم ما حكم أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأروعهما ، ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر .

 

من لا يحضره الفقيه ج-3 ص 8 ، الكافي ج-1 ص 67 ، الفصول المهمة ج-1 ص 538 ، تهذيب الأصول ج-1 ص 147 ، جامع المدارك ج- 6 ص 5 ، الحدائق الناضرة ج- 13 ص 259

العودة