منتديات موقع الميزان

منتديات موقع الميزان (http://www.mezan.net/vb/index.php)
-   أرشيف تفسير الأحلام ( السيد جلال الحسيني ) (http://www.mezan.net/vb/forumdisplay.php?f=176)
-   -   رحلة الى عرش الله (http://www.mezan.net/vb/showthread.php?t=28825)

سيد جلال الحسيني 13-Oct-2011 07:43 AM

الفصل : 26




((شِيعَتَنَا حَوَارِيُّونَا))


وعندما سارت بنا السيارة صدرت من هذا الرجل المبتلى حكميات جعلتني اضطرب في معادلاتي وذلك حينما سار السائق من الكاظمية الى النجف الاشرف في طريق غير مالوف وكان الشارع مزدحما جدا فبدء الركاب بانتقاد السائق واخذ بعضهم يستهزء به لجهله في سيره في الطريق الغير المالوف .
ولكن هذا الرجل المبتلى برجله اخذ ينتقدهم بعبارات جميلة جدا كانت توحي لعقل رصين ووعي جذاب ؛ مما غير نظرتي عنه من نظرة ترحم الى نظرة وقار وان كانت عالقة في ذهني رواية نبي الله ايوب بعدم ابتلائه بنتن رائحته .
وهكذا تاخرت السيارة في سيرها الى النجف الاشرف وكلما استهزء احد الركاب بالسائق سكّتهم هذا المبتلى بعبارات جعلتني اتكلم معه واستانس به ؛ واخذت عنوان دكانه في الكوفة .
اتصل بي اخي ابو بشير من الكوفة واظهر قلقه لتاخري؟
فقلت له: لاباس اننا في الطريق وسبب تاخرنا هطول الامطار حيث لا يستطيع السائق ان يسير بسرعة .
واخيرا وصلنا الى الكوفة العلوية و حينما نزلت من السيارة ؛ سلمت على مسلم بن عقيل عليه السلام وهاني بن عروة والمختار رضوان الله عليهما لان بيت اخي قريب منهم والحمد لله تعالى .
ولما وصلت الى بيت اخي وجدت هناك بعض الاقرباء لقد جاؤا من الامارات فسالتهم عن علة مجيئهم من الامارات ؟
فقالوا: نريد ان نمشيي من النجف الاشرف الى كربلاء الحزن والبلاء والنور والحقيقة .
فقلت لهم: وهل ستذهبون مع قافلة معينة؟
فقالوا: نعم مع الهيئة الكبيرة القادمة من مشهد الامام الرضا عليه السلام .
وتعشينا معا ثم نمت وفي الصباح ذهبت لزيارة الامام امير المؤمنين عليه السلام وانا اسير الى النجف الاشرف اتصل اخي ابو ميثم فدعاني للغداء ولبيته حيث قال في :
وسائل‏الشيعة 17 288
مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام فِي وَصِيَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه واله لِعَلِيٍّ عليه السلام قَالَ: يَا عَلِيُّ لَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ وَ لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ لَأَجَبْتُ .
وعند الظهر تناولت الطعام في بيت اخي ابو ميثم ثم نمت واسترحت وذهبت للحرم الشريف وعند امير المؤمنين عليه السلام شكرت الله سبحانه كثيرا ان هداني لولايته ورزقني اليقين بامامته لان الهداية من الله تعالى :
ِاّنَكَ لا تَهْدي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ يَهْدي مَنْ يَشاءُ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدينَ (56)
فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَ مَنِ اتَّبَعَنِ وَ قُلْ لِلَّذينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَ الْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَ إِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَ اللَّهُ بَصيرٌ بِالْعِبادِ (20)
لان الله سبحانه ان لم يفتح مسامع قلوبنا وينور بصيرتنا لكنا كما عليه الكثير من المسلمين المنكرين لامامته روحي فداه والذين يقدمون المفضول على الفاضل :
قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى‏ فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ .
ولو وعظنا المؤمنون لما اتعضنا لولا ان تداركتنا الرحمة كما قال تعالى :
*إِنَّ الَّذينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (6)
*وَ سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (10)
* خَتَمَ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ وَ عَلى‏ سَمْعِهِمْ وَ عَلى‏ أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظيمٌ (7)
فان الهداية لولاية امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام هي السعادة الكبرى والهداية العظمى ؛ نشكرك يا مولاي كما قال امير المؤمنين عليه السلام في هذه الرواية :
الكافي 8 268
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ إِنَّ حَوَارِيَّ عِيسَى عليه السلام كَانُوا شِيعَتَهُ وَ إِنَّ شِيعَتَنَا حَوَارِيُّونَا وَ مَا كَانَ حَوَارِيُّ عِيسَى بِأَطْوَعَ لَهُ مِنْ حَوَارِيِّنَا لَنَا وَ إِنَّمَا قَالَ عِيسَى عليه السلام لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ فَلَا وَ اللَّهِ مَا نَصَرُوهُ مِنَ الْيَهُودِ وَ لَا قَاتَلُوهُمْ دُونَهُ وَ شِيعَتُنَا وَ اللَّهِ لَمْ يَزَالُوا مُنْذُ قَبَضَ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ رَسُولَهُ صلى الله عليه واله يَنْصُرُونَّا وَ يُقَاتِلُونَ دُونَنَا وَ يُحْرَقُونَ وَ يُعَذَّبُونَ وَ يُشَرَّدُونَ فِي الْبُلْدَانِ جَزَاهُمُ اللَّهُ عَنَّا خَيْراً وَ قَدْ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام وَ اللَّهِ لَوْ ضَرَبْتُ خَيْشُومَ مُحِبِّينَا بِالسَّيْفِ مَا أَبْغَضُونَا وَ وَ اللَّهِ لَوْ أَدْنَيْتُ إِلَى مُبْغِضِينَا وَ حَثَوْتُ لَهُمْ مِنَ الْمَالِ مَا أَحَبُّونَا .
فشكرت الله كثيرا امام ضريح سيدي ومولاي امير المؤمنين عليه السلام على نعمة الهداية وخرجت الى بيت اخي ابي ميثم لأستعد يوم غد من الصباح الباكر للسير الى كربلاء الحبيبة الحزينة .
وجلست نصف الليل افكر في عظمة الامام الحسين عليه السلام ؛ وقلت في نفسي ان الله سبحانه الذي اعزّ حجرا اسودا ولآلآف السنين وجعل الطواف حوله للملوك شرفا وللشرفاء عزا ؛ فمن من العقلاء يشك بان الامام الحسين عليه السلام وهو ريحانة الرسول الكريم صلى الله عليه واله وهو حجة الله على من في السماء وفوق الارض وما بينهما ؛ اعظم مقاما وأجل شانا من ذلك الحجر؛ فحقيق علينا ان ننجذب اليه روحي فداه مشيا على اقدامنا ونحن وجلين ان لا نكون اهلا ان يُقبل منا . وبعد ان تناولت الافطار نهضت مسرعا نحو سيدي ومولاي امير المؤمنين عليه السلام ؛ ووقفت امامه ذليلا لما عملته من معاصي وهو رقيب على كل لحظة من لحظاتي وكان يراقبني بعينيه التي تخترق نظراته الثاقبه اضلاعي ونياط قلبي ويعلم وساوس نفسي ؛ واحسست باني قد تمسكت باذيال ثوبه وانا اذرف الدموع واتوسل اليه ان يشفع لي ولا يذكر لي اي ذنب من ذنوبي التي استحي منها واتمنى ان اموت ولا اذكرها ما ثلة امامي خجلا من امامي .
آه يا ويلي كيف لم اذكر وانا اعصي الله تعالى هذه اللحظات التي اقف فيها امام الانبياء والمرسلين والائمة المعصومين عليهم السلام وتفتح امام جميعهم صحيفة اعمالي ولا مفر من ذلك الخزي والعار وجهنم امامي والخزي والعار يحيط بي .
ثم ودعت امامي ووقعت وانا خارج من الحرم الشريف على عتبة الباب اقبلها وكلي امل ان يقبل ندمي على ما فرطت في حياتي ؛ واستاذنته سلام الله عليه في سفري الى كربلاء ماشيا على اقدامي عساه ان يكون سببا لغفران ذنوبي .
وسرت مع من يمشي من الزوار وجعلت مروري على وادي السلام ؛ المقبرة التي هي ساحات الجنان ومجلس المؤمنين حلقا في عالم البرزخ واخذت افكر متى سيكون جلوسي بينهم؛ ام انا في برهوت وهو الوادي الذي في اطراف اليمن تنقل له ارواح الظالمين ؛ ثم قلت يارب انت قلت المرء مع من احب واشهدك اني احب اعمال من نقلتهم من المؤمنين الذين رضيت عنهم الى وادي السلام

سيد جلال الحسيني 16-Oct-2011 05:40 AM

الفصل : 27



((وادي السلام))

ان اول دخولك الى النجف الاشرف من جهة مدينة الكوفة او من جهة كربلاء المقدسة او من جهة الحجاز ستجد وادي السلام الكبير والمترامي الاطراف والذي لايخلو عادة من دفن الاموات في كل ساعة .
وحينما تاتي من جهة الحجاز سيواجهك مقبرة صافي صفا ؛ وقصة صاحب المقبرة هو كما جاء في كتاب حافظ البرسي هكذا :
بحارالأنوار 41 357
الْبُرْسِيُّ فِي الْمَشَارِقِ، عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام كَانَ يَوْماً جَالِساً فِي نَجَفِ الْكُوفَةِ فَقَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ مَنْ يَرَى مَا أَرَى فَقَالُوا وَ مَا تَرَى يَا عَيْنَ اللَّهِ النَّاظِرَةَ فِي عِبَادِهِ فَقَالَ أَرَى بَعِيراً يَحْمِلُ جِنَازَةً وَ رَجُلًا يَسُوقُهُ وَ رَجُلًا يَقُودُهُ وَ سَيَأْتِيكُمْ بَعْدَ ثَلَاثٍ فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ قَدِمَ الْبَعِيرُ وَ الْجِنَازَةُ مَشْدُودَةٌ عَلَيْهِ وَ رَجُلَانِ مَعَهُ فَسَلَّمَا عَلَى الْجَمَاعَةِ فَقَالَ لَهُمَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام بَعْدَ أَنْ حَيَّاهُمْ مَنْ أَنْتُمْ وَ مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتُمْ وَ مَنْ هَذِهِ الْجِنَازَةُ وَ لِمَا ذَا قَدِمْتُمْ فَقَالُوا نَحْنُ مِنَ الْيَمَنِ وَ أَمَّا الْمَيِّتُ فَأَبُونَا وَ إِنَّهُ عِنْدَ الْمَوْتِ أَوْصَى إِلَيْنَا فَقَالَ إِذَا غَسَّلْتُمُونِي وَ كَفَّنْتُمُونِي وَ صَلَّيْتُمْ عَلَيَّ فَاحْمِلُونِي عَلَى بَعِيرِي هَذَا إِلَى الْعِرَاقِ فَادْفِنُونِي هُنَاكَ بِنَجَفِ الْكُوفَةِ فَقَالَ لَهُمَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام هَلْ سَأَلْتُمَاهُ لِمَا ذَا فَقَالَا أَجَلْ قَدْ سَأَلْنَاهُ فَقَالَ يُدْفَنُ هُنَاكَ رَجُلٌ لَوْ شَفَعَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِأَهْلِ الْمَوْقِفِ لَشُفِّعَ فَقَامَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام وَ قَالَ صَدَقَ أَنَا وَ اللَّهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ .(انتهى)
مدينة النجف الاشرف لا تخلو ساعة واحدة عادة من دخول الجنائز من كل اطراف العالم الوسيع من الشيعة الذين يوصون بان يدفنوا في وادي السلام حتى في زمن حياة الامام عليه السلام ؛ كما قدمنا ذلك عن صافي صفا.
وقد ورد عن وادي السلام في :
الكافي 3 131
َ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه واله لِعَلِيٍّ عليه السلام: أَنْتَ أَخِي وَ مِيعَادُ مَا بَيْنِي وَ بَيْنَكَ وَادِي السَّلَام‏
الكافي 3 243
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ قُلْتُ لَهُ إِنَّ أَخِي بِبَغْدَادَ وَ أَخَافُ أَنْ يَمُوتَ بِهَا.
فَقَالَ: مَا تُبَالِي حَيْثُمَا مَاتَ أَمَا إِنَّهُ لَا يَبْقَى مُؤْمِنٌ فِي شَرْقِ الْأَرْضِ وَ غَرْبِهَا إِلَّا حَشَرَ اللَّهُ رُوحَهُ إِلَى وَادِي السَّلَامِ قُلْتُ لَهُ: وَ أَيْنَ وَادِي السَّلَامِ قَالَ: ظَهْرُ الْكُوفَةِ أَمَا إِنِّي كَأَنِّي بِهِمْ حَلَقٌ حَلَقٌ قُعُودٌ يَتَحَدَّثُونَ
بحارالأنوار 18 384
عن كتاب تفسير العياشي‏:
لَقَدْ صَلَّى فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه واله حَيْثُ انْطَلَقَ بِهِ جَبْرَئِيلُ عَلَى الْبُرَاقِ فَلَمَّا انْتَهَى بِهِ إِلَى وَادِي السَّلَامِ وَ هُوَ ظَهْرُ الْكُوفَةِ وَ هُوَ يُرِيدُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ قَالَ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ هَذَا مَسْجِدُ أَبِيكَ آدَمَ عليه السلام وَ مُصَلَّى الْأَنْبِيَاءِ فَانْزِلْ فَصَلِّ فِيهِ فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ فَصَلَّى ثُمَّ انْطَلَقَ بِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَصَلَّى ثُمَّ إِنَّ جَبْرَئِيلَ عليه السلام عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ
بحارالأنوار 53 97
عن كتاب الكافي‏:
عَمَّنْ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ فِي صِفَةِ قَبْضِ رُوحِ الْمُؤْمِنِ قَالَ:
ثُمَّ يَزُورُ آلَ مُحَمَّدٍ فِي جِنَانِ رَضْوَى فَيَأْكُلُ مَعَهُمْ مِنْ طَعَامِهِمْ وَ يَشْرَبُ مَعَهُمْ مِنْ شَرَابِهِمْ وَ يَتَحَدَّثُ مَعَهُمْ فِي مَجَالِسِهِمْ حَتَّى يَقُومَ قَائِمُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فَإِذَا قَامَ قَائِمُنَا بَعَثَهُمُ اللَّهُ فَأَقْبَلُوا مَعَهُ يُلَبُّونَ زُمَراً زُمَراً فَعِنْدَ ذَلِكَ يَرْتَابُ الْمُبْطِلُونَ وَ يَضْمَحِلُّ الْمُحِلُّونَ وَ قَلِيلٌ مَا يَكُونُونَ هَلَكَتِ الْمَحَاضِيرُ وَ نَجَا الْمُقَرَّبُونَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه واله لِعَلِيٍّ عليه السلام أَنْتَ أَخِي وَ مِيعَادُ مَا بَيْنِي وَ بَيْنَكَ وَادِي السَّلَامِ .
إرشادالقلوب 2 440
و روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال:
ما من مؤمن يموت في شرق الأرض و غربها إلا حشر الله جل و علا روحه إلى وادي السلام قيل و أين وادي السلام ؟قال: بين وادي النجف و الكوفة كأني بهم خلق كبير قعود يتحدثون على منابر من نور .
مدينة النجف - محمد علي جعفر التميمي - 86
جاء في الأخبار المروية عن الأئمة عليهم السلام إن قبور آدم ونوح وهود وصالح ( عليه السلام ) موجودة في الغري ( وهو النجف الاشرف ) واستنادا لهذا نثبت أدناه تلك الأخبار بسندها مع المراجع الموثوقة .
وجاء ايضا في
كتاب مدينة النجف - محمد علي جعفر التميمي - 90 92
فضل الدفن في النجف الأشرف حسب روايات المحدثين الكبار عن الأخبار المروية بأن تربة النجف لفضلها وعظيم شأنها قد إشتراها إبراهيم الخليل ( عليه السلام ) كما جاء ذلك في موضوع باتقيا في
( معجم البلدان ) كما مر ذكره . وكذلك جاء في فرحة الغري : على ما رواه أبو عبد الله محمد ابن علي بن الحسن بن عبد الرحمن العلوي الحسيني في كتاب فضل الكوفة بإسناد رفعه إلى عقبة بن علقمة أبي الجنوب ، قال : اشترى أمير المؤمنين علي عليه السلام ما بين الخورنق إلى الحيرة إلى الكوفة من الدهاقين بأربعين ألف درهم وأشهد على شرائه قال : فقيل له يا أمير المؤمنين تشتري هذا بهذا المال وليس ينبت حطبا؟! فقال سمعت من رسول الله ( صلى الله عليه واله ) يقول :
كوفان يرد أولها على آخرها يحشر من ظهرها سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب واشتهيت أن يحشروا في ملكي. وروي أن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) نظر إلى الكوفة فقال: ما أحسن منظرك وأطيب قعرك اللهم اجعله قبري ، ومن خواص تربته إسقاط عذاب القبر وترك محاسبة منكر ونكير للمدفون هناك كما وردت به الأخبار الصحيحة عن أهل البيت ، وكتب الفاضل ملا مهدي المعروف بالنراقي إلى العلامة آل بحر العلوم ( ره ) .
ألا قل لسكان أرض الغري * هنيئا لكم في الجنان الخلود
أفيضوا علينا من الماء فيضا * فنحن عطاشا وأنتم ورود.........الخ(انتهى ما اردت نقله عن وادي السلام)

سيد جلال الحسيني 16-Oct-2011 05:41 AM

الفصل : 28



((خروج النساء مشيا الى عرش الله))

وسرت من بين القبور وكلي امل ان يكون مضجعي بين هؤلاء الذين اُحبهم من اعماق قلبي لانهم ضيوف عند مولاً كريم وهم باقون حتى القيامة تحت ظله الا وهو امير المؤمنين عليه السلام.
ومن وادي السلام ؛ وادي الامل بلطف حيدر ؛ الذي هو منبع الجود والكرم ؛ ومعدن الرحمة والشيم ؛ الى الشارع العام وهو شارع مستقيم من النجف الاشرف الى كربلاء الحزن .
نظرت واذا بالشارع مكتظ بالزوار من الجانبين وبشكل جدا عجيب ؛ اخذت اتامل بدقة في الشارع والزوار واقيس بين هذه المناظر الجذابة وبين ما كان في العصور الدموية تحت سياط تعذيب القساة الاجلاف الكفرة ؛ وكان من الفروق التي لاحظتها ما يلي :
اول تغيير شاهدته هو وجود النساء و كثرتهن من بنات صغار يتراوح اعمارهن من اقل من الثلاث سنين الى نساء عجائز قد يزيد عمرهن على السبعين اواكثر - الله اعلم - وكلهن يسرن بنشاط؛ وبكاء . وبعضهن تقص مصائب السيدة الحوراء المخدرة زينب الكبرى عليها السلام ؛ وقسم منهن ذهبن في الخيام المعدة للنساء بكل اجلال واحترام يبكين ويلطمن ؛ وكثير من النساء كانت تحمل حقيبة صغيرة فوق رأسها او انها معلقة على جبينها بعروة الحقيبة .
وحسب ما عرفت من احد الموظفين ان كثير من هؤلاء النساء لهن مستويات عالية في الدراسات ومنهن متخصصات في اقسام متنوعة من التخصصات الطبيبة والتدريس وهكذا؛ والبعض الاخر منهن ربات بيوت . قد جئن باطفالهن وهن يحملن الطفلة والطفل الواحد والاثنين .
و قد اُعد للنساء الاماكن الخاصة لاستراحتهن على طول الطريق وفيها كامل الخدمات والتطبيب وكل ما يخص شأن المرأة واحتياجهن .
سألني احد الزوار بعد ما وصلت الى كربلاء المقدسة قائلا :
ان احد النواصب سألني قائلا أصحيح خروج النساء الى كربلاء مشاة مع الرجال ؟ فكيف تقبل غيرتكم يا شيعة ان كنتم حقا اهل الغيرة والحياء ان تخرج النساء مشاة الى كربلاء مع الرجال ؟
فاجبته قائلا :
ان الرجال في الطريق يرتدون كامل الملابس ؛ والنساء بكامل الحجاب وكثير منهن يلبسن القناع او البوشية ؛ بينما في الحج تجد الرجال قد لبسوا الاحرام والذي يُظهر الكثير من اجسادهم والنساء محرمات وكلهم يطوفون ويسعون ويؤدون مراسم الحج كلها معا ؛ فلماذا لا ينتقد هذا الناصبي رب العالمين الخالق العزيز الحكيم سبحانه وتعالى عما يصفون .
ثم يا اخي لا تصغ للنواصب ولا للجهلاء بل عليك ان تسلم لائمتك الذين هم رسل رب العالمين اقرء هذه الروايات وتدبرها لتجد ان الائمة لم يمنعوا النساء من زيارة الامام الحسين عليه السلام بل اوجبوا عليهن الزيارة :
كامل‏الزيارات 140 الباب الرابع و الخمسون ثواب من زار
عن قائد عن عبد صالح عليه السلام قال دخلت عليه فقلت له جعلت فداك إن الحسين عليه السلام قد زاره الناس من يعرف هذا الأمر و من ينكره و ركبت إليه النساء و وقع حال الشهرة و قد انقبضت منه لما رأيت من الشهرة قال فمكث مليا لا يجيبني ثم أقبل علي فقال : يا عراقي إن شهروا أنفسهم فلا تشهر أنت نفسك فو الله ما أتى الحسين عليه السلام آت عارفا بحقه إلا غفر الله له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر .
فتأدب واسكت عن الزائرات فانهن ضيوف الحسين الشهيد عليه السلام وانشغل بزيارتك .
كامل‏الزيارات 110 الباب السابع و الثلاثون ما روي ..
عن عبد الله بن سنان عن أم سعيد الأحمسية قالت : دخلت المدينة فاكتريت البغل أو البغلة لأزور عليه قبور الشهداء قالت قلت : ما أحد أحق أن أبدأ به من جعفر بن محمد عليه السلام قالت: فدخلت عليه فأبطأت فصاح بي المكاري حبستينا عافاك الله فقال لي أبو عبد الله : كأن إنسانا يستعجلك يا أم سعيد؟
قلت : نعم جعلت فداك إني اكتريت بغلا لأزور عليه قبور الشهداء فقلت ما آتي أحدا أحق من جعفر بن محمد عليه السلام قالت فقال : يا أم سيعد فما يمنعك من أن تأتي قبر سيد الشهداء؟!
قالت : فطمعت أن يدلني على قبر علي بن أبي طالب عليه السلام فقلت : بأبي أنت و أمي و من سيد الشهداء؟
قال : الحسين بن فاطمة عليه السلام يا أم سعيد من أتاه ببصيرة و رغبة فيه كان له حجة و عمرة مبرورة و كان له من الفضل هكذا و هكذا .
وقال في رواية اخرى : قالت قلت و ما لمن زاره قال حجة و عمرة مبرورة و من الخير كذا و كذا ثلاث مرات بيده .
كامل‏الزيارات 122 الباب الثالث و الأربعون إن زيارة........
عن أبي داود المسترق عن أم سعيد الأحمسية عن أبي عبد الله عليه السلام قالت قال لي يا أم سعيد تزورين قبر الحسين؟ قالت: قلت : نعم؛ فقال لي : زوريه فإن زيارة قبر الحسين واجبة على الرجال و النساء .






سيد جلال الحسيني 16-Oct-2011 05:41 AM

الفصل : 29



((الصَّمْتَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْحِكْمَةِ))

تابعت اجابتي على سؤال الزائر قائلا له :واعلم بان الله سبحانه قد قال في محكم الكتاب الكريم :
وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَ نَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَريدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمينِ وَ عَنِ الشِّمالِ قَعيدٌ (17) ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقيبٌ عَتيدٌ (18)(ق)
هل تعلم ؛ لعلنا نتكلم بالكلمة الواحدة ونحن نضحك ولا نعلم بان تلك الكلمة التي اضحكتنا ونحن ندير عيوننا بحثا عن الخدود الضاحكة للذي قلنا انها قد ادخلتنا النار :
وسائل‏الشيعة 12 251 140- باب تحريم الكذب في الصغير ....
عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه واله فِي وَصِيَّتِهِ لَهُ قَالَ يَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ مَلَكَ مَا بَيْنَ فَخِذَيْهِ وَ مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ قُلْتُ : وَ إِنَّا لَنُؤَاخَذُ بِمَا تَنْطِقُ بِهِ أَلْسِنَتُنَا ؟
فَقَالَ : وَ هَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي النَّارِ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ إِنَّكَ لَا تَزَالُ سَالِماً مَا سَكَتَّ فَإِذَا تَكَلَّمْتَ كُتِبَ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ ؛ يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَيُكْتَبُ لَهُ بِهَا رِضْوَانُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؛ وَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ فِي الْمَجْلِسِ لِيُضْحِكَهُمْ بِهَا فَيُهْوَى فِي جَهَنَّمَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ ؛ يَا أَبَا ذَرٍّ : وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ فَيَكْذِبُ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ وَيْلٌ لَهُ وَيْلٌ لَهُ وَيْلٌ لَهُ ؛ يَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ صَمَتَ نَجَا فَعَلَيْكَ بِالصَّمْتِ وَ لَا تَخْرُجَنَّ مِنْ فِيكَ كَذِبَةٌ أَبَداً . قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : فَمَا تَوْبَةُ الرَّجُلِ الَّذِي يَكْذِبُ مُتَعَمِّداً؟ قَالَ: الِاسْتِغْفَارُ وَ صَلَوَاتُ الْخَمْسِ تَغْسِلُ ذَلِكَ .
وليتنا نعلم ماذا سيقول عن كلامنا امام زماننا روحي فداه . حذاري ...حذاري من هفوات اللسان فانه عقرب غدّار ؛ وما يضرنا ان صمتنا عن انتقاد الناس؛ وما شأننا في هذه الدنيا التي لا يعرف اولها ولا نهايتها الا الله سبحانه ؛ وقد جاء فيها المعصوم وفاز ؛ وجاء فيها الغارق في بحر اللوم وهوى؛ وجاء فيها المسرور والغارق في بحر الهموم ؛ واين هم؟ واين حلوا ورحلوا ؟؛ فكر بعد مائة سنة اين سنكون ؟ واين لساننا الدوار بين اشواك النقد والانتقاد ؟؟
لذلك قال الامام الرضا عليه السلام :
الكافي 2 113
عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ قَالَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا عليه السلام : مِنْ عَلَامَاتِ الْفِقْهِ الْحِلْمُ وَ الْعِلْمُ وَ الصَّمْتُ إِنَّ الصَّمْتَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْحِكْمَةِ إِنَّ الصَّمْتَ يَكْسِبُ الْمَحَبَّةَ إِنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى كُلِّ خَيْرٍ .
تامل الرواية المباركة والتي تكتب في بعض الايام على جدران حرم الامام الرضا عليه السلام وتدبر ربط هذه الرواية المباركة بهذه الاية المباركة :
يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثيراً وَ ما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ (269)
لتعلم الصلة الوثيقة بين القرآن الناطق والقرآن الصامت
فالذي يريد ان يصل الى الخير الكثير فان الخير الكثير في الحكمة والحكمة بابها الصمت .
اذن فاصمت عن المؤمنات الطيبات الزائرات للشهيد العطشان عليه السلام مشيا على الاقدام فانهن ضيفه لا ضيفك :






سيد جلال الحسيني 16-Oct-2011 05:42 AM


الفصل : 30
((المجد والخلود للشيعة الاسخياء))


كل ما فات كان في النقطة الاولى التي لاحظتها من الفوارق بين السابق والحاضر اما :
النقطة الثانية التي الفتت نظري هي النظافة التي لم اتذكر لها نظير فيما سبق ؛ وقد ورد التاكيد على النظافة عن محمد واله الطاهرين عليهم صلوات الله اجمعين
الكافي 1 20
في عد جنود الجهل والعقل قال الامام عليه السلام :وَ النَّظَافَةُ وَ ضِدَّهَا الْقَذَر
مستدرك‏الوسائل 3 236
عن الْعَلَّامَةُ الْكَرَاجُكِيُّ فِي كَنْزِ الْفَوَائِدِ، وَ كَانَ صلى الله عليه واله يَحُثُّ أُمَّتَهُ عَلَى النَّظَافَةِ وَ يَأْمُرُهُمْ بِهَا وَ أَنَّ مِنَ الْمَحْفُوظِ عَنْهُ فِي ذَلِكَ قَوْلَهُ صلى الله عليه واله : إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الرَّجُلَ الْقَاذُورَةَ فَقِيلَ : وَ مَا الْقَاذُورَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟قَالَ الَّذِي يَتَوَقَّفُ بِهِ جَلِيسُهُ .
ورد عن كلمة يتوقف في كتاب مجمع‏البحرين : 5 : 129
(وقف) قوله تعالى : و لو ترى إذ وقفوا على النار [6/27] هو مجاز عن الحبس للسؤال و التوبيخ.
فالذي فهمته من الرواية والله سبحانه العالم لايكونن احدكم قاذورة يحتبس عنه المؤمن لقذارته
مستدرك‏الوسائل 16 319
وَ قَالَ صلى الله عليه واله : تَخَلَّلُوا فَإِنَّهُ مِنَ النَّظَافَةِ وَ النَّظَافَةُ مِنَ الْإِيمَانِ وَ الْإِيمَانُ وَ صَاحِبُهُ فِي الْجَنَّةِ .
انقل لكم ماشاهدته بعيني ولا انقل لكم عن اذني والحق ما رأيت ؛ كانت سيارة البلدية وهي سيارة نظيفة وجديدة بيضاءاللون تسير في الطريق من بين الزوار لتجمع النفايا ؛ وكثير من العمال الذين يجمعونها ليرموها في السيارة المخصصة لذلك ؛ كذلك وجدت في كثير من الهيئات هناك افراد وكانهم وظفوا للكنس والتنظيف بشكل تفهم منه ان ذهاب الطاغية سمح للعراق ان يظهر ابداعاته بالنظافة والاناقة ؛ فشكرت الله وحمدته كثيرا لان التفرغ للتنظيف يعني الكثير الكثير .
ان وجود الامن والاستقرار وارتفاع المستوى الثقافي هما دافعان اساسيان للتفكير بنظافة البلد ؛ ان الحاكم الظالم لعنة الله عليه كان يهدم المناطق الشيعية ويتعمد تخريب مدنهم ؛ بينما كان يهتم بمدن قد تعلق بها ويسعى لعمرانها ؛ فعلينا ان نشكر الله تعالى للفرج الذي اتاحه الله سبحانه للعراقيين وللشيعة اجمعين .
والامر الثالث الذي يجذبك في طريق الزوار المشاة هو كثرة الانفاق نسبة للاعوام السابقة ؛ وتقارب خيام الخدمة الموزعين للطعام والشراب ،بحيث لا تجد ارضا خالية بين كل خيمتين
واختلاف نوعية الطعام في الجودة وطريقة التوزيع .
اولا تجد ان المنصات المنصوبة لتوزيع الشاي قد لا ابالغ ان كتبت لك قارئي العزيز كانت متصلت من النجف الاشرف الى كربلاء الحزن ؛ وكلها جاهزة ونظيفة وتجد عدد من الافراد يسكبون الشاي للزائرين وهم مبتهجين ومستبشرين بخدمتهم لزوار امامهم المظلوم؛ فهو يتلقاك بطلاقة الوجه قبل ان يتلقاك بالشاي لان طلاقة وجه المنفق تهنئ المنفق عليه
وسائل‏الشيعة : 12: 160
عَنِ الْفُضَيْلِ قَالَ قَالَ: صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ وَ حُسْنُ الْبِشْرِ يَكْسِبَانِ الْمَحَبَّةَ وَ يُدْخِلَانِ الْجَنَّةَ وَ الْبُخْلُ وَ عُبُوسُ الْوَجْهِ يُبْعِدَانِ مِنَ اللَّهِ وَ يُدْخِلَانِ النَّارَ .
فان البسط في الوجه له اهمية جدا كبيرة
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه واله رَجُلٌ فَقَالَ :يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي؛ فَكَانَ فِيمَا أَوْصَاهُ أَنْ قَالَ :الْقَ أَخَاكَ بِوَجْهٍ مُنْبَسِطٍ
فان افضل الضيافة ان تكون ذا بشاشه في وجه ضيفك وهذا ما تجده جليا جدا في وجوه خدمة الامام الحسين عليه السلام وهذا ما يجعلك تحبهم وتودهم :
مستدرك‏الوسائل 16 242
عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام أَنَّهُ قَالَ : الْبَشَاشَةُ أَحَدُ الْقَرَاءَيْنِ
وسائل‏الشيعة 12 225
عَلِيٍّ عليه السلام فِي حَدِيثِ الْأَرْبَعِمِائَةِ قَالَ: إِذَا لَقِيتُمْ إِخْوَانَكُمْ فَتَصَافَحُوا وَ أَظْهِرُوا لَهُمُ الْبَشَاشَةَ وَ الْبِشْر........
بحارالأنوار 71 165
وَ قَالَ عليه السلام : الْبَشَاشَةُ مُخُّ الْمَوَدَّةِ
ومما شاهدته من الفوارق عن السنين السابقة هو الاهتمام الكثير والزائد بمنظر ورونق منصة الشاي ؛ وكان يوزع الحامض ايضا ؛ وهو من العادات العراقية اللذيذة ؛ لذلك تجد فيبعض المقاهي العراقية الشاي والحامض وهو "الليمون البصرة" المصنوع كالشاي ؛ وفي الصباح كان يوزع بالاضافة الى الشاي والحامض ؛ الحليب وكان الجو باردا لذلك كانت المشروبات الحارة لها طعمها ولذتها الخاص .
واما الوجبات الغذائية للصبح والظهر والعصر والمساء كانت بالصورة التالية :
ان الوجبة الصباحية تبدء من بعد صلاة الصبح وهي : الحليب الحار مع انواع الكيك والكعك العراقي ابو السمسم ؛ .. والحليب المعطر بالعطر الحسيني؟؟
وكثير منهم يوزع البيض مع الخبز بانواعه وكذلك الهريسة الصباحية والتي اوصى بها اهل البيت عليهم السلام
الكافي ج : 6 ص : 320
عَنْ صَالِحِ بْنِ رَزِينٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام عَلَيْكُمْ بِالْهَرِيسَةِ فَإِنَّهَا تُنْشِطُ لِلْعِبَادَةِ أَرْبَعِينَ يَوْماً وَ هِيَ مِنَ الْمَائِدَةِ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه واله .
وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ رَفَعَهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه واله شَكَا إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَجَعَ الظَّهْرِ فَأَمَرَهُ بِأَكْلِ الْحَبِّ بِاللَّحْمِ يَعْنِي الْهَرِيسَةَ .
ونوع آخر من الغذاء الصباحي العراقي اللذيذ اللذيذ والحمد لله ويسمى" الآش" ولا يخفى انني وجدت في هذه الزيارة ظاهرة جديدة وهي اتصال طاولات التمر والتي نصبت وسط الطريق من النجف الاشرف الى كربلاء الحزن والالم ؛ عليها التمر الجيد ُيخرج من اكياس خاصة ومعها الراشي وهو تقريبا معجون السمسم لينال منها من يشتهيها بالعافية والهنا .
اما لماذا التاكيد على التمر في كل الطريق فالجواب لان حُب التمر هو من اخلاق اهل البيت عليه السلام :
الكافي 6 345
عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ جَعْفَرٍ الْجَعْفَرِيِّ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه السلام وَ بَيْنَ يَدَيْهِ تَمْرٌ بَرْنِيٌّ وَ هُوَ مُجِدٌّ فِي أَكْلِهِ يَأْكُلُهُ بِشَهْوَةٍ فَقَالَ لِي يَا سُلَيْمَانُ ادْنُ فَكُلْ قَالَ فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَأَكَلْتُ مَعَهُ وَ أَنَا أَقُولُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي أَرَاكَ تَأْكُلُ هَذَا التَّمْرَ بِشَهْوَةٍ فَقَالَ نَعَمْ إِنِّي لَأُحِبُّهُ قَالَ قُلْتُ وَ لِمَ ذَاكَ قَالَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ تَمْرِيّاً وَ كَانَ عَلِيٌّ عليه السلام تَمْرِيّاً وَ كَانَ الْحَسَنُ عليه السلام تَمْرِيّاً وَ كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ عليه السلام تَمْرِيّاً وَ كَانَ زَيْنُ الْعَابِدِينَ عليه السلام تَمْرِيّاً وَ كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام تَمْرِيّاً وَ كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام تَمْرِيّاً وَ كَانَ أَبِي عليه السلام تَمْرِيّاً وَ أَنَا تَمْرِيٌّ وَ شِيعَتُنَا يُحِبُّونَ التَّمْرَ لِأَنَّهُمْ خُلِقُوا مِنْ طِينَتِنَا وَ أَعْدَاؤُنَا يَا سُلَيْمَانُ يُحِبُّونَ الْمُسْكِرَ لِأَنَّهُمْ خُلِقُوا مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ .
واما وجبة الظهر وكنت اكاد ان ادهش حينما اسمع خدام الامام الحسين عليه السلام يصرّون على الزوار تعالوا تغدوا على زاد ابو علي وعلة تعجبي لانهم ينادون للغداء الساعة حدود العاشرة صباحا فكنت ادهش واقول في نفسي؛ ياعالم واي غداء هذا والساعة قريب العاشرة صباحا.
وحينما سالت اخي العزيز ابو بشير لانه هو من هؤلاء الخدم الذين يتشرفون بخدمة الزائرين المشاة قال لي انما يوزعوه صباحا لانهم يتسابقون في الخدمة وكل هيئة تحب ان يتناول منها الزوار ؛ لذلك يحاولون الاسراع والتنافس في تقديم الخدمة وكانت وجبات الظهر هي عبارة عن الرز مع انواع المروقات .
وفي بعض الهيئات كانوا يقدمون الدجاج مع الرز وعلى طول الطريق كانت تمر السيارات الحاملة للفواكه وتوزعه على الزوار وكذلك انواع العصير وكثير منهم يوزع انواع الاطعمة بسياراته ومعهم نساؤهم واطفالهم وهذا المنظر كان يعجبني لان الاب بفعله هذا كان يربي ابناءه على هذا الشرف العظيم الذي يعجز عن وصفه الواصفون
واما الوجبة المسائية وكانت عادة تبدء في العصر للتنافس على فعل الخير كما ذكرت لكم وهي اما رز مع الدجاج او المرق المنوع او دجاج مع خيار وطماطم مع الخبز بالاضافة الى الفواكه ؛
فليخسأ الوهابيون الجبناء البخلاء ويعيش الحسين عليه السلام ومحبيه الاسخياء بالنفس قبل النفيس.
واما وجبة العصر فكانت متنوعة حقا؛ انها كانت شهية جدا تجذب الزائر نحو ساحته وان كان شبعانا وتجره اليها وان كن مبطانا لان غذاء الحسين عليه السلام شفاء للجائع والشبعان ؛
وكانت عبارة عن الشاورمة و"الدهين النجفي" وهو عبارة عن الحلوى الخاصة بالنجف الاشرف والفواكه؛ وشاهدت من بين الخيام هناك مكان يجعل الطماطم والخضار والبصل الشهي في الخبز ويلف الخبز عليه ؛حقا كان شهيا لذيذا؛ لا يوصف جمال منظره وترى احدهم يغسل الخضار واخر يجهز البصل والاخر يلف الجميع في قاعة الخبز لتتعانق فرحة بانها ستذهب الى خدمة زوار الحسين عليه السلام ؛
ورأيت منظرا حقا ابكاني جلست بالقرب منهم واخذت ابكي لشذى الاخلاص وعطر الولاء الذي تشمه حقا من منظرهم؛ حيث رأيت مجموعة من النساء وقد جلبن التنانير "وهي الافران التي يصنعون بها الخبز" قريب الشارع الذي يمر منه الزوار ؛ وهن يخبزن بنشاط مدهش واخلاص قليل النظير وتفهم منه ان هذه الموالية حقا تريد ان تدخل بنفسها في الفرن وتلتصق بجداره ؛ لعلها تلفت نظر امامها لها وتعرف رضاه منها ؛
الله اكبر
حقا ان العالم لم يفهم الشيعة ولا يفهم معنى الامامة وعلى طول التاريخ ابادونا وشتتونا ولم نزدد الا تألقا ونورا ؛ رحم الله والدينا اللذين كانا السبب في هدايتنا لهذا النور .
احد اساتذة الجامعات العربية تشيع؛ وعندما سالوه عن علة استبصاره ؟؟ قال : كنت اطالع التاريخ فوجدت ان المذهب الوحيد الذي اتفق العالم على ابادته على طول التاريخ هم الشيعة ووجدت ان المذهب الوحيد الذي يزداد كل يوم كماً وكيفاً وتالقا وازدهارا ؛ هم الشيعة ففهمت انهم هم الحق بلا ادنى شك لان هذا لا يكون الا بتسديد رباني غيبي .
واما المياه فكانت اكثرها ان لم اقل كلها مياه معدنية مصفاة وبقناني صحية وحتى وجدت كتيبة كبيرة كتب عليها لا تشربوا المياه غير الصحي؛ وان كان الله تعالى يحفظ الزوار من كل سوء ؛ وهذا الطريق كنت اسلكه مشيا قبل اكثر من خمس وثلاثين سنة الى الان وكنا نشرب المياء من الانهار الجارية ولم نزدد الا عافية وشفاء ؛ ولكنني احب ان انقل كل ما شاهدته من الاوضاع في هذه الزيارة وما شاهدت بعيني كما اخبرتكم

سيد جلال الحسيني 16-Oct-2011 05:42 AM


الفصل : 31



((ثمار مهجتنا للحسين))



ومنذ ان بدأت بالمشي من النجف الاشرف كانت اصوات الرواديد الحزينة تسمعها من كل مكان ومن السيارات التي تمر في كل لحظة وكل سيارة قد جعل صاحبها مكبرات الصوت على سيارته ؛ ويلعلع منها الاصوات المبكية من مختلف الرواديد ..رحم الله الماضين منهم وثبت الباقين على طريقة ترضي الحسين عليه السلام وامام العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف وابعد الله رواديدنا عن ارضاء اليهود الذين يتمنون ان يرفعوا سمات الحزن عن مصائب الحسين عليه السلام ويدخلوا فيها الفرح والطرب اللذين هما مما حرم الله سبحانه ولا يشك في ذلك مؤمن

وبادخال الطرب في مصائب كربلاء هي اكبر فرحة للامويين واذنابهم :

بحارالأنوار 76 243 باب 99- الغناء .....
عن كتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام‏: عَنِ الرَّيَّانِ بْنِ الصَّلْتِ قَالَ سَأَلْتُ الرِّضَا عليه السلام يَوْماً بِخُرَاسَانَ فَقُلْتُ : يَا سَيِّدِي إِنَّ هِشَامَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْعَبَّاسِيَّ حَكَى عَنْكَ أَنَّكَ رَخَّصْتَ لَهُ فِي اسْتِمَاعِ الْغِنَاءِ؟ فَقَالَ كَذَبَ الزِّنْدِيقُ إِنَّمَا سَأَلَنِي عَنْ ذَلِكَ فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّ رَجُلًا سَأَلَ أَبَا جَعْفَرٍ عليه السلام عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام إِذَا مَيَّزَ اللَّهُ بَيْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ فَأَيْنَ يَكُونُ الْغِنَاءُ فَقَالَ مَعَ الْبَاطِلِ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام قَدْ قَضَيْتَ .
لاحظت قارئي العزيز غضب الامام الرضا عليه السلام وسمى الرجل الذي اتهم الامام عليه السلام بانه يحلل الغناء بانه زنديق .
ومما جلب انتباهي في هذه السفرة هو ان عددا لا باس بهم من المشاة قد كان بايديهم حبلا معانقا لعنق شاة صغيرة وهي تركض معهم وكأنها تعلم اين ياخذها صاحبها ؛ واحسست انها تشارك بمشاعرها مشاعر صاحبها في المواسات لمصائب آل محمد عليهم السلام حيث انها تركض بنشاط ووتلفت نظر المشاة بركضها فاخرجت الجوال واخذت لها فلما ؛ حيث اعجبني طريقة مشيها ؛ وكنت اظن ان هذه الشاة الوحيدة الموفقة للزيارة واذا بي ارى الكثير ممن اخذ معه الواحدة والاثنين من هذه الشياه ومنها يفهم عادة ان وضع العراقيين في تطور وتحسن والحمد لله رب العالمين ؛ والنقطة الاخرى التي التفت اليها ايضا هي :ان الشيعي مجرد ان ينمو ماله يحصد ثمارها لامامه روحي فداه .
اللهم أسالك بكل دمعة سُكِبت فرضيتها وادخرتها عندك الا ما رزقت الشيعة والمحبين لامير المؤمنين عليه السلام وعلى الاخص الشعب العراقي السخي الكريم العلم والفهم والمعرفة الكاملة بك وبرسلك وبكتابك المنزل وما فيه وبائمتهم صلوات الله عليهم اجمعين ؛ لان الرزق مقدر ومقسوم ولكن العلم والمعنويات هي ما نطلبها من ربنا تعالى.

بحارالأنوار 1 187
قال امير المؤمنين عليه السلام :

يَا كُمَيْلُ الْعِلْمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَالِ الْعِلْمُ يَحْرُسُكَ وَ أَنْتَ تَحْرُسُ الْمَالَ وَ الْمَالُ تَنْقُصُهُ النَّفَقَةُ وَ الْعِلْمُ يَزْكُو عَلَى الْإِنْفَاق‏.

سيد جلال الحسيني 16-Oct-2011 05:43 AM

الفصل : 32


((إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلُوا فِيهِ بِرِفْقٍ))

كنت امشي في الطريق لوحدي فصادفني رجل كبير السن يرتدي الزي العراقي (عقال ويشماغ ) فقال لي هل انت تمشي لوحدك ؟
فقلت له : نعم
فقال هل تاذن لي ان أسير معك ؟؟
فقلت له : تفضل ؛ ولكنني تحيرت لاني احب ان اكون سائرا باستقلال في مثل هذا الطريق ولكن المداراة تلزمني ان ارضى بمسايرته ؛ واذا بهذا الرجل الذي يوحي لك منظره انه لا يحسن ان يقرء صفحة من كتاب .
قال لي : هل نبدء بقراءة زيارة عاشوراء فقلت له : لم احفظ الزيارة فقال لي: انا احفظه اقرء معي فقرءناها الى اخر اللعن والسلام والسجدة فلما انتهينا من قراءة زيارة عاشوراء قال : وهل نقرء زيارة امين الله؟
تعجبت من حفظه وسلاسة تلاوته ؛ سبحان الله ؛ قلت في نفسي : حقا ابى الله الا ان يخفي عباده بين اوليائه ؛ كنت اتصور ساترحم عليه بذكر عدد من الروايات لانه قروي لا يعي شيئا الا المحراث والطين ولكن هذا هو شغل الانبياء والفلاح المؤمن المخلص يسدده ربنا تعالى .
فقلت له: تفضل ياعم فقرءنا زيارة امين الله ثم قال هل نزور الحسين عليه السلام ونحن نمشي قلت له: نزور تفضل ولما اتم قال: وهل نزور العباس عليه السلام فقلت له: نعم ثم توجه قلبي نحو الحسين عليه السلام وقلت له : سيدى ارجوك رجاء عبد من مولاه انا تعبان سيدي واخاف ان يبدء بقراءة دعاء كميل ثم دعاء ابو حمزة الثمالي والعاقبة مع سورة البقرة !! يارب ارجوك لا تخرب زيارتي بسوء ادبي
وسائل‏الشيعة 4 70
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الرَّضِيُّ فِي نَهْجِ الْبَلَاغَةِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ لِلْقُلُوبِ إِقْبَالا وَ إِدْبَاراً فَإِذَا أَقْبَلَتْ فَاحْمِلُوهَا عَلَى النَّوَافِلِ وَ إِذَا أَدْبَرَتْ فَاقْتَصِرُوا بِهَا عَلَى الْفَرَائِضِ .
وانا الان في مسيري تعبان ونفسي عن المستحبات مدبرة واحب ان افكر بمحاسبة النفس وارتب ما ساكتبه من مواضيع ونتائج ؛ وافكر بمعانات آل محمد عليهم السلام في كربلاء وأسْر عمتي زينب عليها السلام ولكن المداراة فرض لازم .
فقرءت معه فقال: تعال الان لنستريح ؛ الله اكبر كم سررت وفرحت وما ان وضعت رأسي على الارض وكانت عيني بين الغفوة والصحوة واذا به يحركني بيده ثم قال :
قم الان لنصلي صلاة الليل ؛ وكيف تزور وانت لم تصل صلاة الليل ؛ فكرت في نفسي ان صلاة الليل مستحبة
وانا في طريقي لاداء وفاء العهد للامامة بهذه الزيارة كما نقلت لكم الرواية عن الامام الرضا عليه السلام :
روضةالواعظين 1 246
قال الرضا عليه السلام إن لكل إمام عهدا في عنق أوليائهم و شيعتهم و من تمام الوفاء و العهد و حسن الأداء زيارة قبورهم من زارهم رغبة في زيارتهم و تصديقا لما رغبوا فيه كان أئمتهم شفعاءهم يوم القيامة .
وعليه فكيف احمل نفسي الان ما لا اطيقه ولعل عدم طاقتي لضعف ايماني او لتعبي وعلى اي حال اصبحت كالسفينة في خضم الامواج من اضطرابي مع نفسي وعبادة ربي ومداراة هذا الزائر لكن اهل البيت عليهم السلام قالوا في هذا الموضع
الكافي ج2 ص86
ِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه واله : إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلُوا فِيهِ بِرِفْقٍ وَ لَا تُكَرِّهُوا عِبَادَةَ اللَّهِ إِلَى عِبَادِ اللَّهِ فَتَكُونُوا كَالرَّاكِبِ الْمُنْبَتِّ الَّذِي لَا سَفَراً قَطَعَ وَ لَا ظَهْراً أَبْقَى
وسائل‏الشيعة 1 110
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه واله : يَا عَلِيُّ إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ وَ لَا تُبَغِّضْ إِلَى نَفْسِكَ عِبَادَةَ رَبِّكَ إِنَّ الْمُنْبَتَّ يَعْنِي الْمُفْرِطَ لَا ظَهْراً أَبْقَى وَ لا أَرْضاً قَطَعَ فَاعْمَلْ عَمَلَ مَنْ يَرْجُو أَنْ يَمُوتَ هَرِماً وَ احْذَرْ حَذَرَ مَنْ يَتَخَوَّفُ أَنْ يَمُوتَ غَداً .
واخيرا ؛ انتظرته الى ان بدء بالصلاة وما ان كبر حتى فررت منه مهرولا ومولولا وحثثت السير الى جدي المظلوم عليه السلام مسرعا والحمد لله الذي نجاني من قلقي لخراب زيارتي خوف ان اسيئ الادب مع زائر الشهيد المظلوم وانا افتخر ان اكون تراب تحت قدميه .






سيد جلال الحسيني 16-Oct-2011 05:43 AM


الفصل : 33



((مُرُوا شِيعَتَنَا بِزِيَارَةِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ))



وقد نصب على الطريق كله الكراسي من الجهتين لاستراحة الزوار فكنت كلما تعبت جلست على احدى تلك الكراسي لاني كنت قد قررت مع نفسي ان اطول الطريق مهما استطعت لكي لا ينتهي الزمن واخسر وجودي في ضمن زوار الامام الحسين عليه السلام ؛ كان صديقنا الشهيد الحسيني الشيخ محمد علي الجابري يزور الامام عليه السلام ثم يعود ليمشي مع الزوار فقلت له مرة ولماذا تعود للزيارة مشيا قال يا جلال هذه المرة السابعة اذهب واعود لازيد عدد الزوار فرحمة الله عليه لقد استشهد وهو عاشق للحسين عليه السلام ويعرفه اهل النجف الاشرف كاملا :
تهذيب‏الأحكام 6 42
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: مُرُوا شِيعَتَنَا بِزِيَارَةِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ عليه السلام فَإِنَّ إِتْيَانَهُ يَزِيدُ فِي الرِّزْقِ وَ يَمُدُّ فِي الْعُمُرِ وَ يَدْفَعُ مَدَافِعَ السُّوءِ وَ إِتْيَانَهُ مُفْتَرَضٌ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ يُقِرُّ لَهُ بِالامَامَةِ مِنَ اللَّهِ .
كامل‏الزيارات 151 الباب الحادي و الستون إن زيارة ....
فلا تدعوا زيارته يمد الله في أعماركم و يزيد في أرزاقكم و إذا تركتم زيارته نقص الله من أعماركم و أرزاقكم فتنافسوا في زيارته و لا تدعوا ذلك فإن الحسين شاهد لكم في ذلك عند الله و عند رسوله و عند فاطمة و عند أمير المؤمنين .
كامل‏الزيارات 151 الباب الحادي و الستون إن زيارة الحس
أبي عبد الله عليه السلام قال من لم يزر قبر الحسين عليه السلام فقد حرم خيرا كثيرا و نقص من عمره سنة .
وحينما حل المساء بدء خدمة الامام الحسين عليه السلام بالنداء تعالوا يا زوار للاستراحة والعشاء والنوم ؛ فدخلت الى المضيف ..
..وكان كبيرا وقد فرش بالبساط وكانت حسينية كبيرة ؛ فجلست لاستريح ؛ واذا بالسفر الكبيرة قد مدت وجلس الزوار على جانبيها وجلست معهم فجيئ بقناني اللبن والماء ثم بصحن فيه قطعة دجاج وطماطم وخيار وخبز ؛ وكان الطعام منظما بشكل يعجبك وانت شبعان فكيف بنا ونحن جياع ؛ ولكن القلق بدء يدب في قلبي لاني كنت اغار على قبول زيارتي كغيرة المؤمن على عروسه وكان سبب قلقي ان هناك روايات تمنع من اكل الدجاج في طريق زيارة الامام الحسين عليه السلام ولذلك فان بعض المؤمنين يجعل مبيته في النجف الاشرف لقرب البلدين النيرين ولتجنب سوء الادب في زيارت الحسين عليه السلام ولكنني الان وانا في طريق المشي الى كربلاء ماذا اصنع وان تركته ولم اكل فهنا محذورات اخرى وهي :
انكسار قلب المضيف وهم مجموعة من خدمة الامام الحسين عليه السلام فكيف اقوم عن المائدة ولم اكل و الكل يروني قد تركت ما لا يتركه عاقل الا لعذر موجّه ؛ وان احترام عواطف الناس واحساساتهم من لوازم المؤمن العاقل فماذا اصنع؟
فاخذت اراجع الروايات الناهية لعلني ارى فجوة تنقذني من هذا المخمص

سيد جلال الحسيني 16-Oct-2011 01:40 PM

الفصل : 34



((حمل السفر في زيارة الامام الحسين))


لقد ورد في كتاب :
كامل‏الزيارات 129 ش
عن بعض أصحابنا قال قال أبو عبد الله عليه السلام بلغني أن قوما أرادوا الحسين عليه السلام حملوا معهم السفر فيها الحلاوة و الأخبصة و أشباهها لو زاروا قبور أحباءهم ما حملوا معهم هذا .
كامل‏الزيارات 129
قال لي أبو عبد الله عليه السلام تأتون قبر أبي عبد الله عليه السلام ؟ قلت نعم . قال: أفتتخذون لذلك سفرا؟ قلت: نعم فقال: أما لو أتيتم قبور آبائكم و أمهاتكم لم تفعلوا ذلك! قال: قلت أي شي‏ء نأكل؟ قال: الخبز و اللبن قال و قال: كرام لأبي عبد الله عليه السلام جعلت فداك: إن قوما يزورون قبر الحسين عليه السلام فيطيبون السفر قال فقال لي أبو عبد الله عليه السلام أما إنهم لو زاروا قبور أمهاتهم و آباءهم ما فعلوا ذلك .
ان هذه الروايات ان اخذنا بظاهرها بان لا ياكل الانسان في طريق الزيارة سوى انواع معينة من الاطعمة فسيقع الانسان في حرج مما يقدم اليه في طريق زيارته فلابد من فهم المراد من هذه الروايات وما الذي يقصدونه سلام الله عليهم :
لاحظ ان الامام عليه السلام قال في الرواية الاولى :
قال أبو عبد الله عليه السلام بلغني أن قوما أرادوا الحسين عليه السلام "حملوا معهم السفر"فيها الحلاوة و الأخبصة و أشباهها .
فهو واضح الذم للذي يحمل بنفسه هذه القضايا التي ذكرها الامام عليه السلام في حين ان الذي يقدمه خدمة اهل البيت عليهم السلام للزوار لم يحمله الزائر معه وانما تهدى له .
وفي الرواية الثانية قال الامام عليه السلام :
قال قال لي أبو عبد الله عليه السلام تأتون قبر أبي عبد الله عليه السلام ؟ قلت نعم قال: أفتتخذون لذلك سفرا؟ قلت: نعم فقال: أما لو أتيتم قبور آبائكم و أمهاتكم لم تفعلوا ذلك! قال: قلت أي شي‏ء نأكل؟ قال: الخبز و اللبن قال...
وهنا ايضا يقول الامام عليه السلام لو اتيتم بينما هنا الخدام هم من يقدموا هذه الاطعمة الطيبة للزائرين ولا يحملها الزوار معهم
ثم هناك رواية في كامل الزيارات تقول
كامل‏الزيارات 140 الباب الرابع و الخمسون ثواب من زار ...
*عن قائد عن عبد صالح عليه السلام قال دخلت عليه فقلت له جعلت فداك إن الحسين عليه السلام قد زاره الناس من يعرف هذا الأمر و من ينكره و ركبت إليه النساء و وقع حال الشهرة و قد انقبضت منه لما رأيت من الشهرة قال: فمكث مليا لا يجيبني ثم أقبل علي فقال :
يا عراقي إن شهروا أنفسهم فلا تشهر أنت نفسك فو الله ما أتى الحسين عليه السلام آت عارفا بحقه إلا غفر الله له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر.
.فاكلت متوكلا على الله سبحانه لانني لم اكن لاحب اذى الخدمة بجهلي وكلما توصلت له هو ان لا احمل بنفسي ما امر الامام بعدم حمله معي؛ اما اذا قدم لي شيئأ آكله متوكلا على الله تعالى احتراما لاخذ الهدية التي قدمت للزوار باسم الحسين عليه السلام .
وأخيرا تمددت على فراش كان معد للزوار هناك لانام ولكن بعد قليل وحينما اردت ان انام واذا بزائر آخر جاء وقال: اخي اعتذر هذا المكان لي؛ ففكرت ان اقول له ان هذا مكان عام وليس هو وقف على شخص معين ثم انك لم تضع هنا شيئ ليدل على ان المكان لك واقول له الم تقرء هذه الرواية :
الكافي 4 546 باب النوادر .....
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ قُلْتُ نَكُونُ بِمَكَّةَ أَوْ بِالْمَدِينَةِ أَوِ الْحِيرَةِ أَوِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُرْجَى فِيهَا الْفَضْلُ فَرُبَّمَا خَرَجَ الرَّجُلُ يَتَوَضَّأُ فَيَجِي‏ءُ آخَرُ فَيَصِيرُ مَكَانَهُ قَالَ مَنْ سَبَقَ إِلَى مَوْضِعٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ يَوْمَهُ وَ لَيْلَتَهُ .
ولكن فكرت ان الاماكن جدا كثيرة وخِدْمَة الزوار كرامة يجب ان يتسابق اليها ؛ فسكت وتركت المكان وغادرت وانا اسير نحو كربلاء الحزن والمصاب وانا اسير وجدت رجلا واقفا بهدوء وسكينة وهو متكأ على عصا له؛ ولما دققت النظر واذا به لايملك الا رجل واحدة ؛ فقلت في نفسي لبيك يا حسين


"يَا سَيِّدِي وَ مَوْلَايَ إِنْ كَانَ لَمْ يُجِبْكَ بَدَنِي عِنْدَ اسْتِغَاثَتِكَ فَقَدْ أَجَابَكَ رَأْيِي وَ هَوَايَ أَنَا أَشْهَدُ أَنَّ الْحَقَّ مَعَكَ وَ أَنَّ مَنْ خَالَفَكَ عَلَى ذَلِكَ بَاطِلٌ فَيَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَكُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيما"


ها هم انصارك يا ابا عبد الله ياتوك وان لم يملكوا الاقدام والأرجل بل ياتوك زحفا على قلوبهم حبا لك يا حبيب قلوبنا ....

سيد جلال الحسيني 16-Oct-2011 04:41 PM

الفصل : 35



((دمعة رقية))


واخيرا خرجت من هذا المضيف الحسيني واتجهت نحو كربلاء الحبيبة واذا بي اشعر بالبرد ؛ فوقفت لاشرب الشاي اللذيذ في ذلك الجو البارد وكانك تريد معانقة قدح الشاي اوالقدح يحتضنك لانك زائر لامامه وامامك .
وبعد قليلا من المشي واذا بي اشعر بالتعب والاعياء والنعاس ؛ فذهبت الى خيمة منصوبة وسلمت على اهلها وتمددت فجيئ لي ببطانية ؛ والظاهر انها حديثة العهد في خدمة الزائرين الكرام؛ وانا نائم سمعت صريخ لرجل كبير السن لعله بالثمانين او اقل وهو غضب ويمزج غضبه بحلمه الحسيني ويقول: اريد انام لا تقولوا: (ماكو مكان) واخيرا نام بيننا ؛ وبعد سويعات قليلة خرجت لاتوضأ واذا بالبرد اخذني وبدأت ارتعش كثيرا وان الارتعاش ان جاءني من البرد يبقى لدقائق معي فوجهت وجهي لحبيب بن مظاهر عليه السلام وقلت له سيدي .
انا في طريقي الى مواساة عمتي زينب عليها السلام فارحمنى ونجني ومن ارتعاش البرد فخلصني ؛ فزال البرد عني والحمد لله ببركة سيدي ومولاي حبيب بن مظاهر روحي فداه فخرجت من الخيمة وكانت الساعة حدود الثانية بعد منتصف الليل فلما خرجت من الخيمة واذا بالطريق يموج بالزوار؛ ولهدوء الليل فلا تسمع الا همسا ؛ وكأن الزائرين وهم يمشون يتسامرون مع بعضهم ويذكرون اقدام آل الله تعالى على الاشواك وعلى رؤوسهم السياط والاطفال يتساقطون من على ظهر الابل ولامن راحم يرحمهم ولا من يانسون بهم الا قاتلي الابرار والسادة النجباء .
ورقية رق الحسود لضعفها ***وغدا ليعذرها الذي لم يعذر
وكانت الذكريات لا تتركني وانا افكر بيتيمة الامام الحسين عليه السلام وهي فاطمة الصغرى واسمها ايضا السيدة رقية حيث قرات في كتاب مصائب الهنداوي عنها ما ادمى قلبي وهذا نصه :
"في ليلة الحادي عشر: طلبت زينب خيمة من عمر بن سعد تجمع فيها النساء والأيتام، لأن النار لم تبق لهم خيمة، فلما جاءوا لهم بالخيمة وجمعت فيها النساء والأيتام،وإذا بها تفتقد فاطمة الصغرى بنت الإمام الحسين (عليه السلام) فجاءت إلى أختها أم كلثوم سألتها عنها، قالت: أطلبيها عند جسد المولى أبي عبد الله لعلها هناك ؛ قامت الحوراء زينب (عليها السلام) وقصدت جسم الحسين في ذلك الليل الدامس، تتعثر بأشلاء القتلى، وهي تقول: عمه فاطمةأين أنت؟ حتى قربت من الجسد الشريف، وإذا بها تسمع أنينا، وحنينا، وقائلة تقول: أبهيا حسين من الذي حزَّ وريديك؟ أبه من الذي أيتمني على صغر سني؟"
واخيرا وصلت الى شعلة نار قد احاط بها الزوار ؛ فجلست معهم وكانني جلست على مائدة قد ملأت من ارقى ما انعم الله تعالى من الفواكه؛ حقا كما قيل النار فاكهة الشتاء .
وبعد ان ان توضأت لمواسات النار لي بتخفيف قرصة البرد تابعت المسير الى كربلاء .


الساعة الآن »08:39 AM.

المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc