![]() |
دورس في أسرار الصلاة على محمد وآله
اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واللعن عدوهم . كتبت هذا الموضوع سوف نتطرق إلى عدة دروس في أسرار الصلاة على محمد وآل محمد وعجل فرجهم ، وسوف يكون كل يوم وضع درس جديد حتى تنتهي رغم لو حصينا أسرارها لن تعد ولا تحصى ولكن بعض جواهر الأسرار أفضل من عدمها . وأيضا أهلا وسهلا لمن أراد وضع أسرار تخفى علينا . الدرس الأول : {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}. هنا بحث هامّ فيما يتعلق بالصلاة وسرّ الصلاة، ومجموعة الأبحاث متركزة على بيان هذا السرّ. فما المراد بالصلاة التي تارةً تكون عن الله، واُخرى تكون عن الملائكة، وثالثة تكون عن المؤمنين؟ هناك روايات كثيرة ومستفيضة وردت بهذه المضامين تؤكّد وتحثّ بما لا يمكن أن تسعه طامحات العقول في بيان هذا السرّ المجهول الذي أكّدت عليه الروايات المتضافرة وبيّنت الأخبار أمره هنا وهناك، فمن أجل أن نتعرف على حقيقة سرّ الصلاة، ومن أ»ل أن نصل إلى عمق المراد، فلابد من كشف النّقاب عن هذه الحقيقة بما يسع من بيانات، وإن لم يتعرض كما أخال وأعتقد من ذي قبل إلى هذا السرّ الملكوتي بشكله الوسيع الذي لابدّ أن يكشف حتّى يتعرف النّاس على هذه الحقيقة. فطالما نباشر الصلوات في صباحنا ومسائنا وفي أدعيتنا وزياراتنا، حتّى أنه أتفق جميع المسلمين على وجوب الصّلاة في التّشهد في الصّلوات المفترضات، وكذلك أوجبوها في مقامات اُخرى، كلّ ذلك إنما يشير إلى أمر هامّ نباشره في سائر الليالي والأيام، فما من دعاء أو زيارة إلاّ ويسبق بذكر النبيّ وآله بالصلاة المخصوصة. فما المراد هنا من الصلاة على النبيّ؟ وما المراد من الصلاة على آل النبيّ؟ هل المراد بها الدعاء؟ وهل المراد بها التزكية؟ أو المراد بها الرحمة؟ كل ذلك معانٍ مطروحة في الأخبار، ولكننا إذا تأملنا لا يمكن حمل هذه المعاني الظاهرة على المراد إطلاقاً. إنّ هناك أبحاثاً هامّة في أنّ للصلاة كيفيةً عرضها المفسرون، وقد أفردت رسائل في هذا المضمار، وهناك رسالة صدرت في مكّة حول الصلاة، وقد أفرد هذا البحاث فيما يتعلق بالصلوات بحثاً مستقلاً في كتب المسانيد والصحاح والتي يتعرّض لها في صحيح مسلم ووصحيح البخاري وابن ماجة وغيرهم ممّن صرح بكيفية الصلاة في هذه الآية، فقد رووا أنّه لمّا أمر الله سبحانه المؤمنين بأن يصلوا على النبيّ قالوا: عرفنا التسليم عليك، أما الصلاة، كيف نصلّي عليك يا رسول الله؟ يقول الرازي وجملة من المفسرين: لمّا عرضوا هذا التساؤل على النبيّ صلّى الله عليه وآله فأجابهم أن يقولوا: «اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد». "خاص لمواقع الميزان" إذاً كلّ الروايات متّفقة على هذه الكيفية، وإن كان هناك تخلّف في مجال التطبيق حتّى أنّك تجد العنوان في صحيح البخاري في الصلاة على النبيّ صلّى الله عليه وآله بدون الصلاة على الآل، ثمّ ينقل روايات وجوب الصلاة على النبيّ وآله وهكذا في بقية المسانيد؟! وفي ذلك من الردّ على الله تعالى والعناد لرسوله صلّى الله عليه وآله ما لا يخفى على ذي لبّ. معنى الصلاة على النبيّ وآله وأسرارها هنا بحث في معنى الصلاة وفي سرّ هذه الجوهرة الربانية. ما معنى أن نصليّ على النبيّ وآله؟ الروايات تؤكد بأنّ الصلاة من الله عبارة عن الرحمة. وأنّ الصلاة من الملائكة هي التزكية. وأنّ الصلاة من المؤمنين هي الدعاء. أولاً: الصلاة من قبل الله تعالى على النبيّ صلّى الله عليه وآله : إذا كانت الصلاة من قبل الله على النبيّ وآله بمعنى الرحمة، فما معنى ذلك؟ يعني يا ربّ ترحّم على النبيّ وآله، هذا المعنى هل يمكن قبوله وفق القواعد القرآنية والقواعد الروائية وما يتعلق بمقامات النبيّ العالية؟ الجواب: لا يمكن قبوله؛ لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله هو معدن الرحمة وأصلها ومبدؤها وشروعها ومنتهاها، كما نصّ القرآن الكريم في هذه الآية المحكمة الواضحة {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} . يعني كل العوالم سواء كانت عوالم إنس، أو عوالم جنّ، أو من في السماوات، أو من في الأرض، أو ما فوق ذلك أو ما دونه، كلّ هذه العوالم إنما هي فرع وجودك، وهي تأخذ الرحمة منك لأنّك الرحمة المطلقة، أنت منشأ الرحمة للعالم، والعالم هو الذي يفتقر إلى رحمتك، لا أنّك تفتقر إلى رحمة العالمين. "خاص لمواقع الميزان" ولكن الرحمة يقصد بها معنىً آخر كما يقول الإمام الكاظم عليه السلام «صلاة الله رحمة من الله»، لا هذا المعنى الذي ينسبق إليه الذهن، وإنّما إشارة إلى أهمّ الأسرار التي طرحها بعض الأكابر والأبرار، ولم يكن يعرف هذا المعنى من قبل. يقول: الرحمة من الله بهذا المعنى أنّ الصلاة الإلهية على الحضرة النّبوية إشارة إلى طلب إبراز الوجود الكليّ المطلق ورتبه ومراتبه وحقيقته وتنزّلاته من عوالم الفوق إلى عوالم الدون. يعني يا ربّ أبرز لنا تلك الحقائق التي تحلّى بها محمّد وآل محمّد صلّى الله عليه وآله في العوالم كلّها. إذاً هنا معنى الرحمة يراد بها إبراز الله وكشف الله عن تلك المراتب التي وصل إليها النبيّ صلّى الله عليه وآله كما عبّر القرآن عنه: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى* فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}. ويؤيّد ذلك أيضاً ما ورد عن سيّد الساجدين عليّ بن الحسين صلّى الله عليه وآله في الصحيفة السجادية: «اللّهمّ وابسط لسانه في الشّفاعة لاُمّته، وأرِ أهل الموقف من النبيّين وأتباعهم تمكّن منزلته، وأوهل أبصار أهل المعروف العُلى بشعاع نور درجته، وَقِفه في المقام المحمود الذي وعدته... اللّهمّ أحضره ذكرنا عند طلبته إليك في اُمّته، واخطرنا بباله لندخل في عدّة من ترحمه بشفاعته، وأرِه من أشرف صلواتنا وسبحات نورها المتلألئة بين يديه، ما تُعرّفه به أسماءنا عند كل درجة ترقى به إليها ويكون وسيلةً لديه، وخاصةً به، وقربةً منه، ويشكرنا على حسب ما مننت به علينا من الصلاة عليه» . "خاص لمواقع الميزان" إذاً المراد من الرحمة المنصبة في معنى الصلاة على النبيّ هو كشف المراتب والمنازل والمقامات، فكأنّ المصلّي يطلب من الله هذا المعنى؛ يعني يا رب اكشف لنا وبيّن لنا تلكم المراتب التي تجاوزها وعبرها النبيّ وآله حتّى بلغ مقام قاب قوسين أو ادنى، وهذه هي حقيقة الصلاة التي طالب بها الحقّ وقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ }. إذاً المراد من الصلاة في هذه الآية التي تخص الحق هو كشف المراتب وبيان الحقائق التي تجوهر بها ذات النبيّ باعتباره أول صادر وأول نورٍ وأول عقلٍ وأول موجودٍ، كما في الروايات الكثيرة المتواترة التي تصب لنا هذا المعنى. نكمل ماتبقى من الدرس لاحقا بحول الله |
اللهم صل على محمد وآل محمد اللهم صل على محمد وآل محمد اللهم صل على محمد وآل محمد اللهم صل على محمد وآل محمد اللهم صل على محمد وآل محمد اللهم صل على محمد وآل محمد اللهم صل على محمد وآل محمد اللهم صل على محمد وآل محمداللهم صل على محمد وآل محمد موضوع جدا مميز ألــ1000ــف شكر للأخت: منتظرة المهدي على السطور المحمدية العلوية الفاطمية اقتباس:
يقول في سر معنى الصلاة على محمد وآل محمد: هو ظهور الباري تعالى فيهم. والظهور بمعنى التجلي كتجلي الشخص المقابل للمرآة بصورته فيها. أخوكم: شعاع المقامات |
بسم الله الرحمن الرحيم .. الحمدالله رب العالمين والصلاة على محمد واله الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم اجمعين ... يا أهل بيت رسول اللّه حبكم... فرض من اللّه في القرآن انزله ُ يكفيكم من عظيم الفخر انكم... من لم يصل عليكم لا صلاة له ُ متابعين معكم بقية الموضوع .. بوركتم اختنا منتظرة على النقل المبارك ... |
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين اللهم صل على محمد وآل محمد صلاة كثيرة تكون لهم رضًا ولحق محمد وآل محمد أداءًا وقضاءًا بحول منك وقوة يا رب العالمين... سلمت يداك اختي" منتظرة المهدي" بارك الله فيك... متابعين ان شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته نسألكم الدعاء |
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وال محمد للصلاه على محمد وال محمد فوائد كثيره نرجو منكم ان تذكروها |
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وال محمد أللَّهُمَّ يَا مَنْ خَصَّ مُحَمَّداً وآلَهُ بِالْكَرَامَةِ وَجَعَلَهُمْ وَرَثَةَ الانْبِياءِ وَجَعَلَ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إلَيْهِمْ. فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ، بارك الله فيك اختي" منتظرة المهدي والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته |
اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وأهلك يارب عدوهم من الأولين والأخرين . طابت وسلمت أناملكم التي سطرت تحت هذه السطور تعبيرها وحسن جميلها فجزاكم الله خير الجزاء في الدنيا والأخرة بحق الصلاة على محمد وآل محمد وعجل فرجهم |
اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واللعن عدوهم يا أرحم الرحمين . نكمل ما تبقى من الدرس الأول : ثانياً: صلاة الملائكة على النبيّ: يراد بها في الروايات التزكية. فإذا أخذنا المعنى الظاهري تنقلب كلّ الحقائق، فهل الملائكة تزكّي النبيّ وآله؟ هذا المعنى لا يمكن قوله بهذه العجالة بهذا المعنى الظاهريّ القشريّ، وإنّما يراد بالتزكية هو التنزيه. فعندما نقول زكّى فلانٌ نفسه، أي خلّصها من الشوائب وهذَّبها من الزوائد. هنا التزكية بمعنى: التنزيه والتقديس للمراتب الحقّة لمحمّد وآل محمد صلّى الله عليه وآله. إذاً التزكية بالنسبة لصلاة الملائكة عبارة عن تنزيه هذه الحقائق التي تجوهرت بالنبيّ وآل النبيّ عن أن يمسّها أحدٌ من الخلائق. يعني كأنّ الملائكة تقول تنزّهتم يا آل رسول الله ووصلتم إلى مقامات ندعو الله تعالى أن يكشف لنا تلك الحقائق لتكون السجدة لآدم، سجدةً لسيد خلق الله النبيّ الخاتم صلّى الله عليه وآله. من هنا يشار إلى هذه الحقيقة في تزكية الملائكة، أي يا أهل بيت النبوة أنكم فوق الحدّ وفوق ما نتصور، تنزّهتم عن مجانسة مخلوق من المخلوقات فيما فيهم من الصفات، وأنّكم وصلتم إلى درجة أعلى من المخلوقين لا يرقى إليكم راق، ولا يفوقكم فائق، ولا يسبقكم سابق، ولا يطمع في إدراككم طامع، ولا يبلغ مبلغكم بالغ، فأنتم فوق كل هذه المقامات المدوّنة «آتَاكم الله مَا لَم يُؤتِ أحَداً مِن العَالَمِين». " خاص لمواقع الميزان" فقد آتاهم الله تعالى مراتب فوق تلك المراتب التي هي مسجّلة للخلق أجمعين؛ لأنّه بإجماع المسلمين وبإجماع العقلاء أن النبيّ أفضل الخلق بمن فيهم أولي العزم على الإطلاق، فليس أحدٌ ممن عرف الشهادتين وتوجه إلى القبلة، وأدى ما عليه من الفرائض إلاّ ويشهد بأفضلية المصطفى صلّى الله عليه وآله على جميع الخلق والورى، وهذا إجماع لا يشك فيه أحدٌ، فإذا تمّ هذا المقام وهو تامّ بالنسبة إلى النبيّ صلوات الله تعالى عليه وآله، فهو بتمامه منطبق بالنسبة إلى الوليّ (عليّ بن أبي طالب عليه السلام)، لأنّه نفسه بنص القرآن الكريم {وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ} . إذا ثبت المراد بالتزكية فيما يخصّ الملائكة عبارة عن تنزيه هذه الحقائق عن أن تمسّ وعن أن يبلغ أحد مبلغها، أو يتصف بصفاتها، أو يتجوهر بجواهرها، أو يتلون بصبغتها، فهي حينئذٍ الحقيقة الملطقة المقصودة من صلاة الله تعالى وصلاة ملائكته. ثالثاً: الصلاة المخصوصة بالمؤمنين: عندما تقول: اللّهمّ صلِ على محمّد وعلى آل محمّد، فما المقصود بهذا الذكر؟ هل تريد رفع مقام النبي صلّى الله عليه وآله؟ إنّ هذا أدنى تصور وأدنى مرتبة من الفهم، لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله ما الذي ينقصه حتّى تزيده صلواتي وصلواتك مرتبة عليا، أليس هو صاحب الشفاعة الكبرى؟ أليس هو صاحب المرتبة العظمى؟ أليس هو الذي وصل إلى مقام قاب قوسين أو أدنى؟ فهل أوصلته صلواتنا إلى تلك المرتبة العليا؟ الإجابة: طبعاً لا. إذاً ما المقصود عندما أُصلّي في صباحي ومسائي في ليلتي ونهاري؟ المراد من هذا إننا نطلب من الحقّ تبارك وتعالى أن يخلي نفوسنا من كلّ ما يتعلق بها من شوائب وزوائد وملوثات حتّى نلتحق بالحقيقة المحمّدية ونلتصق بالسرّ المحمّدي ونندك فيه نصبح متلونين بصبغة محمّد وآل محمّد. وقد أشار الكبار من الأولياء والعرفاء إلى أنّ حقيقة صلواتنا هي عبارة عن تخليتنا عن عوالمنا والالتصاق بعوالمهم، بمعنى: يا ربّي أريد منك أن أصلي على النبيّ وآله لأكون معه، ولألتصق بتلكم الصفات حتّى أخرج من دار الظلمات، فإنّ الخروج من الظلمات إنما يكون ببركة ذكر الصلوات على محمّد وعلى آل محمّد صلّى الله عليه وآله . قال أبو الحسن العسكري عليه السلام: «إنما اتخذ الله إبراهيم خليلاً لكثرة صلاته على محمّد وأهل بيته صلوات الله عليهم». فهذا الذكر هو الذي كان الواسطة في الخلّة واتّخاذ النبيّ إبراهيم عليه السلام خليلاً؛ لأنّه كان يكثر من ذكر النبيّ وآله، وكذلك لما انكشفت له هذه الحقائق ورأى ملكوت السماوات وكان من الموقنين، إنما كان ببركة المصطفى محمّد صلّى الله عليه وآله. يقول المحدث النوري: حدّثني مشافهة وحيد العصر وفريد الدهر الشيخ الأوحد الشيخ أحمد الشيخ زين الدين، قال: رأيتُ في المنام سيّدنا زين الدين عليّ بن الحسين؛ عليه السلام فشكوت إليه عدم الاعتداد من حمل الزاد ليوم المعاد، وعدم التوفيق للتوبة الخالصة والأعمال الصالحة، فأجابني سيّد الساجدين بأن الذي عليك أن تكثر من الصلاة على محمّد وآله، ونحن نعمل بذلك، ونجعله لك عوض صلواتك على محمّد وآله صلى الله عليه وعليهم أجمعين إلى يوم الدين . " خاص لمواقع الميزان" إنّ هذا هو السرّ المسرور والكنز المكنون فيما يتعلق في هذه الصلوات. إنّ الإنسان يصبح ويقرأ الأدعية، سابقاً كل لفظ بالصلوات وذكر النبيّ وآله، وهكذا في الزيارات، وهكذا في مجموعة طويلة، وما نجده في أيّ دعاء سواء في كتب العامة أو كتب الخاصة، إلاّ وتجد هذا السرّ مذكور في أول الدعاء ومختوماً به الدعاء، وحينما نطالع ذلك لابد أن نتعرف على هذه الحقيقة، وهذه الجوهرة الفريدة، وهي أننا إذا صلّينا على النبيّ وآله ليس بمعنى أننا نطلب الرحمة من الله للنبيّ صلّى الله عليه وآله لأنه هو الرحمة النازلة على الخلق، وليس معناه أننا نطلب من الله أن يرفع مقام النبيّ صلّى الله عليه وآله ، فالنبيّ صلّى الله عليه وآله لا ينقصه شيء حتّى تزيده صلواتنا شيئاً، وإنما هي طلبة من الحق في رفع مقامنا لأن نرقى إلى مقامهم ونتعرف على أسرارهم. إنّ حقيقة الصلوات كملة واحدة وهي عبارة عن طلب التلوّن والتّصبغ بصبغة المصطفى، والاصطفاء بما اصطفاه الله عز وجل من صفات ومن مقامات حتّى نخرج من دائرة الظلمات إلى دائرة النور المحمّدي المطلق. {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ }. {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ }. بمعنى يكشف لكم المقامات {لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ }، وهذا معنى إرادة السرّ في الصلوات، هو معرفة النبيّ في المقامات العليا، في مقامات قاب قوسين أو أدنى، إنّ هناك آيات فيها أسرار. وكما نتدبّر ونحن المأمورون بالتدبر في القرآن الكريم، وكما نتدبر هذه الآية أو تلك، علينا أن نتدبر هذه الآية من سورة النجم فكما نتدبر في آيات الأحكام، وفي آيات الأخلاق، وفي آيات الفروع، وفي المعاشرة، وفي الحكمة، نحن مأمورون بالتأمل والتدبر في آيات هذه السورة التي فيها بيان مقامات المصطفى الذي أراه الآية الكبرى {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}. ولقد أراه من الآيات الكبرى الجامعة لصور عوالم الملك والملكوت. ما المراد بهذه الآية الكبرى؟ هل هي الملائكة أو المخلوقات؟ وهل لله تعالى آية أكبر من عليّ وآل عليّ؟ كلّ هذه مظاهر، وحقيقة هذه المظاهر تلكم المخابر التي هي الآيات العظمى والكبرى، محمّد وآل محمّد صلوات الله عليهم أجمعين. إذن المقصود من الآية المباركة {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ}. أن كلّ ما في الوجود من بارئ ومبروء وخالق ومخلوق، كلّه يصلّي على النبيّ صلّى الله عليه وآله ، الله بعظمته يأمر الخلق أجمعين بالصلاة على النبيّ وآله إبتداءً من الحقّ، صاحب الأزل الله جل وعلا، وأنتهاءً بأضعف المخلوقات، والخطاب إنما هو لكل المخلوقات وكل ما في الوجود، بأن يصلّي كل حسب مقامه، كل حسب مرتبته وفهمه، هذا هو ما نستفيده من حقيقة الصلوات. إذاً عندما نصلّي على النبيّ وآله، فلسنا في مقام طلب الرحمة والشفاعة للنبيّ وآله، فهم أصحاب الشفاعة الكبرى، وهم أصحاب الرحمة المطلقة، هم معدن الرحمة، هم مبدؤها، فكيف نطلب لهم الرحمة إذا كانوا هم أربابها، وإنّما نكون كناقل التمر إلى هَجَر، وكمن يطلب الحلم لله وهو الحليم، تماماً كما يتعامل مع الله تعالى في صفاته يتعامل مع الأولياء في صفاتهم. " خاص لمواقع الميزان" استشفع رجل «بالإمام الجواد عليه السلام» فقال: يا ابن رسول الله، إنّ أبي مات وكان له مال، ففاجأه الموت، ولست أقف على ماله، ولي عيال كثير، وأنا من مواليكم، فأغثني. فقال له أبو جعفر عليه السلام: «إذا صلّيت العشاء الآخرة، فصلّ على محمّد وآل محمّد، فإن أباك يأتيك في النوم، ويخبرك بأمر المال». فعل الرجل ذلك، فرأى أباه في النوم فقال: يا بني مالي في موضع كذا، فخذه واذهب به إلى ابن رسول الله فاخبره أني دللتك على المال. فذهب الرجل، فأخذ المال وأخبر الإمام بخبر المال، وقال: «الحمد لله الذي أكرمك واصطفاك». هذه الصلوات التي نذكرها في مجالسنا يتباهى بها الملائكة، وهذا من أهمّ أسرارها تابعونا للدرس الثاني لسر أخر من أسرار الصلاة على محمد وآله |
موفقة وبارك الله بك
|
اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واللعن عدوهم . الدرس الثاني {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}. البحث في أسرار الصلوات على النبيّ وآله. فما المقصود وما المراد بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ }؟ إنّ هذا التعبير من أهمّ التعابير، وكل التعابير القرآنية مهمّة ورائعة، لأنّها تكشف لنا جملة من الأسرار، ولكن هذا التعبير له معنى عميق ومغزى دقيق. إنّ الله تعالى خالق الوجود والموجود، وبيده جلّ وعلا عوالم التكوين وعوالم التشريع، فإذا به ينادي {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ } كلهم من فوق العرش ودونه، يتوجّهون بالصلاة على محمّد وعلى آله الميامين. الشيخ الصدوق أعلى الله مقامه في كتابين من كتبه، في (عيون الأخبار) وفي (علل الشرائع)، ينقل هذا النص الذي فيه سرّ عظيم، وستجد من خلاله علاجاً، ببركة الصلاة على النبيّ وآله، لكل ما يختلجنا في حياتنا، في مجتمعنا، في صنوف تقلّبات أنفسنا، وفي علاج أوضاعنا الخاصة من خلال هذا السرّ الصلواتي. سأل الخضر الإمام الحسن بن عليّ عليه السلام، فقال: أخبرين عن الرجل كيف يذكر وينسى؟ قال: «إنّ قلب الرجل في حُقّ، وعلى الحقّ طبق». المقصود بالحُقّ: البيت أو الوعاء الخشبي، والطبق: الغطاء إذا كلّ واحد منّا قلبه في وعاء يسمى حُقّاً، وعلى هذا الوعاء طبق «فإذا صلّى الرجل على محمّد وآل محمّد صلاة تامة، انكشف ذلك الطبق عن ذلك الحُق، فأضاء القلب ــ يعني صار في حال وهجان ولمعان للأنوار ــ فإذا انكشف ذلك الغطاء عن ذلك الحُقّ أضاء القلب، وذكر الرجل ما كان ينسى، فإذا نسيت أذكر محمّداً وآل محمّد. وإن هو لم يصلّ على محمّد وآل محمّد، أو نقص من الصلاة عليهم، انطبق ذلك الطبق على ذلك الحُقّ، فأظلم القلب ونسي الرجل ما كان ذكره». إذاً هناك طبق على أوعية فيها قلوبنا، فإن ذكرنا النبيّ وآله انفتح ذلك الغطاء، وانكشف السرّ الأعظم، أضاء القلب وارتبط بالمصدر الأول {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} . فمن لم يذكر النبيّ وآله، انطبق ذلك الغطاء على ذلك الوعاء، فأصبح قلبه مظلماً، ونسي ما كان ذكر، ويصبح كالحيران استهوته الشياطين يميناً وشمالاً، تتلاعب به الأهواء وتتطاير به الشياطين من متاهةٍ إلى متاهة، لأنّه نسي سرّ الله الأعظم محمّداً وآل محمّد صلوات الله عليهم. ما هو الدليل على أنّ ذكر النبيّ يكشف الغمّة، ويحوّل القلب إلى ضياء؟ وبذكرهم يصل الإنسان إلى هذه المرتبة وبعد ذكرهم يعمى القلب وينسى؟ وللإجابة على هذا التساؤل نعرض لك واقعة يونس النبيّ عليه السلام، ذكر النبيّ وآله يفتق بطن الحوت، قال تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}. الفلك يعني السفينة، وكانت في بداية حركتها، فاستنجد بهم النبيّ يونس بن متّى عليه السلام قال: اركبوني، وكان فارّاً من قومه غاضباً عليهم، وهذا يعني {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ}. فركب السفينة، ووصل الأمر إلى أن يعترضه جنديّ من جنود الله المقرّبين، ذلك الجنديّ المسمّى بنون وهو الحوت، فوقف تارة يروح على مقدّم السفينة واُخرى على مؤخرها باحثاً عن يونس، أين يونس؟ فقالوا: إنّ هنا رجلاً اسمه يونس، {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ}، فعملت القرعة وأعيدت ثلاث مرات، وفي كلّ كان يخرج اسم يونس بن متّى، فألقوه في البحر، {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ *فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ * وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ}. إذاً كان النبيّ يونس عليه السلام وهو من المرسلين وهو من المقربين وآتاه الله من العلوم، وإذا به يكون في الظلمات ليكتشف السرّ العميق، فلما وقع في ظلمات ثلاث: ظلمة الليل، وظلمة البحر، وظلمة بطن الحوت، فلم يكن في بطن الحوت شيء عنده إلاّ شيء أنقذه، فلولا أنّه كان من المسبحين بذكر لا إله إلاّ الله، والصلاة على محمّد وآل محمّد؛ كما جاء في الروايات، لما أنجي من بطن الحوت، فإذا أطبق الحوت فاه على من كان فيه، فلم يفتح هذا الطبق عمن فيه، إلاّ بالتسبيح والذكر. ومن أهمّ الأذكار عند الله تعالى {إنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} بمعنى أنّ كلّ الأسرار وكلّ ما في هذا الوجود منطوٍ في قلب النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله ، فكان عروج النبيّ صلّى الله عليه وآله إلى أعظم مقامات الجبروت، وكان عروج يونس عليه السلام إلى بطن الحوت، فما الفرق حينئذ؟ أين عوالم الجبروت، وأين عوالم الحوت؟ وبهذا تعرف سرّ محمّد وآل محمّد وسرّ ذكرهم صلّى الله عليهم عدد ما في علمه آمين. {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} إذا كان البعض يناقش في معاجز وكرامات أهل البيت عليه السلام، فعليه أن يلاحظ القرآن الكريم، ونحن المأمورون بأن نتدبّر القرآن العظيم، وينادي الحق {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى *فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}. الآية الكبرى هي عليّ وآله، فاذكروا محمّداً بالمقام الأعظم، وعليّاً بالمقام الأكرم. هذا معنى أنّ ارتباط كل الوجود حتى الوجود البدني، وحتّى الذكر، وحتّى التعقل كله متعلق بالنور المحمدي، ولا يمكن أن يرقى ابن آدم، وأن يبلغ لتلك المقامات ما لم يتنّور بهم، {يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ}، {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا}. أين تكون عوالم الأنوار؟ وأين تكون عوالم الظلمات؟ ولا يمكن الخروج منها إلا ببركة الصلوات الزاكيات. هناك دعاء عجيب المضامين وعلي المحتوى عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام أنّه قال: «اللّهمّ إنّ محمّداً صلّى الله عليه وآله كما وصفته في كتابك حيث تقول: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}. فأشهد أنّه كذلك، وأنّك لم تأمر بالصلاة عليه إلاّ بعد أن صلّيت عليه أنت، وملائكتك، وأنزلت في محكم قرآنك {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}. لا لحاجة إلى صلاة أحد من المخلوقين بعد صلواتك عليه»، إذن نحن المحتاجون إلى الصلوات لا النبيّ وآله. ولذلك فإنّ الصلوات عبارة عن الرقيّ إلى المقامات للمصلّي لا للمصلّى عليه، وإلاّ فإنّ النبيّ فوق هذه المقامات، وفوق هذه المراتب، وفوق هذه المنازل، ولا حاجة به إلى صلاة أحد من الخلق عليه بعد صلاتك عليه. إذا كان المصلّي على النبيّ وآله هو الله تعالى، فحينئذ ما قيمة صلاتنا نحن الممكنات المخلوقون من ماء مهين، مَن أنا حتّى أكون في مقام الصلاة على النبيّ وآله، وإنما ذلكم مقام الله تعالى. ثمّ يقول: «ولا إلى تزكيّتهم إيّاه بعد تزكيتك، بل الخلق جميعاً همُ المحتاجون إلى ذلك؛ لأنّك جعلته بابك الذي لا تقبل إلاّ ممّن أتاك إلاّ منه». ثم يقول: «بابك، وجعلت الصلاة عليه قربة منك ووسيلةً إليك وزلفة عندك، ودللت المؤمنين عليه، وأمرتهم بالصلاة عليه، ليزدادوا إثرةً لديك وكرامةً عليك ووكّلت بالمصلّين عليه ملائكتك يصلّون عليه ويبلّغونه صلاتهم وتسليمهم، اللّهمّ ربّ محمّد فإنّي أسئلك بما عظّمت به من أمر محمّد صلّى الله عليه وآله وأوجبت من حقّه أن تطلق لساني من الصلاة عليه بما تحبّ وترضى وبما لم تطلق به لسان أحد من خلقك، ولم تعطه إيّاه، ثم تؤتيني على مرافقته حيث أحللته على قدسك وجنات فردوسك ثمّ لا تفرق بيني وبينه»، وهذا من أسرار أهل البيت صلوات الله عليهم، هذه أسفار الميامين وزبور آل محمّد صلّى الله عليه وآله . إذاً في هذه الآية أسرار فيما يتعلق بالجانب الفكري والنفسي والبدني والروحي، وكل ما في وجود الإنسان من أسرار. روى أنّه صلّى الله عليه وآله قيل له: يا رسول الله، أرأيت قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ }. كيف هو؟ فقال صلّى الله عليه وآله «هذا من العلم المكنون، ولولا أنكم سألتموني ما أخبركتم، إن الله تعلى وكّل بي ملكين فلا أذكر عند مسلم فيصلي عليّ إلاّ قال له ذلك الملكان: غفر الله لك، وقال الله وملائكته: آمين، ولا اُكر عند مسلم فلا يصلّي عليّ إلاّ قال له الملكان: لا غفر الله لك وقال الله، وملائكة: آمين . يعني إنما هذا سرّ لا يرقى إليه راق، ولا يبلغ إليه بالغ، مهما كان أو يكون، ولذلك كان يردع الفجرة والفسقة الذين ظلموا شعوبهم وشعوب المنطقة، فما كان يخيفهم إلاّ الصلوات على محمّد وآل محمّد، وكلما كانت السياط تضرب على أبدان المؤمنين في سجون بغداد، كان البعض وهو تحت السياط يقول: السلام عليكم يا رسول الله، صلى الله عليك وعلى آل بيتك، حيث كانت كلمة آلك تصب على الظالمين العذاب، لقد حارب المتجبرون وبنو أُمية وبنو العباس آل الرسول، وهكذا كان مبدأ حكمهم، محاربة آل النبيّ؛ لأنّهم يعرفون ما يحملون من أسرار. العجيب أنّ عمر بن سعد وأمثاله عندما كانوا يصلّون وكانوا يقولون حال التشهد: اللّهمّ صلِ على محمّد وآله، وهم قتلة الإمام الحسين، مِن آل محمّد؟ شمر يصلّي، وعمر بن سعد يؤمّ أصحابه بالصلاة، يصبح إماماً لهؤلاء، فلمّا كان في التشهد الوسطى الذي أجمع المسلمون على أن التشهد الوسطى لابد أن نقول فيه: وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله، اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم، يقوله وهو قبل قليل سفك دماء آل محمّد صلّى الله عليه وآله ، ثم يصلّي عليهم في صلاته! |
اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واللعن عدوهم . الدرس الثالث {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}. في هذه الصلوات مضامين سامية لا يرقى إليها إلاّ من حباه الله بمعرفة آل الله، محمّد وآل محمّد، وقد عبّر عن هذا السرّ الصلواتي المصطفى صلّى الله عليه وآله ، لمّا سئل: أرأيت قول الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}. قال: «هذا من العلم المكنون، ولو لا أنكم سألتموني ما أخبرتكم، إنّ الله تعالى وكلّ بي ملكين، فلا اُذكر عند مسلم فيصلي عليّ إلاّ قال له ذلك الملكان: غفر الله لك، وقال الله وملائكته: آمين». الله تبارك وتعالى يؤمّن على دعاء الملكين اللذين سمعا صلاة المصلي على البنيّ وآله: «ولا اُذكر عند مسلم فلا يصلّي عليّ إلاّ قال له الملكان: لا غفر الله لك، وقال الله تعالى وملائكته: آمين». هذا سرّ عجيب، هذا العلم المكنون الذي لم يطلع عليه أحد، إلاّ من اُشرب حبّ آل محمّد صلوات الله عليهم أجمعين، فينكشف له السرّ في معرفة العلم المكنون المخزون المصون الذي استأثر به الله عن سائر الخلق إلاّ لأتباع عليّ وآل عليّ صلوات الله عليهم أجمعين. روى الشيخ المجلسي في (البحار) بالإسناد إلى الإمام الكاظم عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال في جواب اليهودي الذي سأله عن فضل النبيّ صلّى الله عليه وآله على سائر الأنبياء عليهم السلام، فذكر اليهودي أنّ الله أسجد ملائكته لآدم عليه السلام فقال عليه السلام: «وقد أعطى الله محمّداً صلّى الله عليه وآله أفضل من ذلك، وهو أنّ الله صلّى عليه وأمر ملائكته أن يصلوا عليه، وتعبّد جميع خلقه بالصلاة عليه إلى يوم القيام، فقال جلّ ثناؤه: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}. فلا يصلّ عليه أحد في حياته ولا بعد وفاته إلاّ صلّى الله عليه بذلك عشراً، وأعطاه من الحسنات عشراً بكل صلاة يصليها عليه، ولا يصلّ عليه أحد بعد وفاته إلا وهو يعلم بذلك، ويردّ على المصلي السلام مثل ذلك؛ لأنّ الله جلّ وعزّ جعل دعاء اُمته فيما يسألون ربّهم جل ثناؤه موقوفاً عن الإجابة حتّى يصلّوا عليه صلّى الله عليه وآله ، فهذا أكبر وأعظم مما أعطى الله آدم عليه السلام . إنّ السجدة كم كانت مدتها؟ وكم طالت؟ ما المدة الزمنية لها؟ كانت السجدة لآدم لمدّة محدودة، أما حقيقة الصلاة الإلهية التي تستفاد من فعل المضارعة {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} أي ما دامت الدنيا وما دام الوجود لا تنقطع صلاة الله وصلاة ملائكته على النبيّ وآله على الإطلاق، فتلك سجدة زمنية محدودة بحدّ، وهذه الصلاة ربوبيّة لا انقطاع لأمرها ولا منتهى لعددها، صلاة عددها في علم الله، صلاة تشحن الهواء وتملأ الأرض والسماء، يتنفّس بها الأولياء والأزكياء، آدم فمن دونه، لأنّهم هم المخاطبون في المقطع القرآني { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} من المؤمنين آدم، ومن المؤمنين نوح، وإبراهيم، وهكذا موسى وعيسى وكلّ أولي العزم وكلّ الأنبياء ممن يصدق عليهم {الَّذِينَ آمَنُوا}، فهم مشمولون كلهم أجمعون بهذا الخطاب صلّوا عليه وسلموا تسليماً. وهناك بيان عميق، وهو أنّ تلك الحالة حالة آنية، وهذه حالة زمنية تمتد بامتداد الوجود لا انقطاع لها، وقد صلّى الله من فوق عرشه على النبيّ وآله، ومن هنا تجد أنّ المراد بالتسبيح والذكر ليس فقط إله إلاّ الله. الذكر يصدق على لا إله إلاّ الله، ويصدق على الله أكبر، ويصدق على التحميد، ويصدق على التمجيد، ويصدق على الصلوات على النبيّ وآله، ومن هنا ورد {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً} . ما نوع هذا التسبيح؟ لا إشكال عند أولي البصيرة والأبصار، بأنّ حقيقة التسبيح لا تكون تسبيحاً إلاّ إذا كانت مسبوقة بذكر محمّد وآل محمّد صلى الله عليهم أجمعين. قال رسول الله صلّى الله عليه وآله، لعليّ عليه السلام في حديث: «إذا صلّى عليّ ولم يتبع بالصلاة على أهل بيتي، كان بينها وبين السماء سبعون حجاباً » . فكل دعاء كما قال أمير المؤمنين عليه السلام محجوب بأكثر من سبعين حجاب، تلو حجاب حتّى يسبق دعاءه بذكر محمّد وآل محمّد صلّى الله عليه وآله، ولذا ينبغي أن نعرف ما سرّ الصلوات عندما نقول: اللهم صلِ على محمد وآل محمّد، في الصباح والمساء، والدعاء، والزيارات، وفي الأذكار. بعض أجاب فقال: بأنّ الصلاة تعني أن نطلب الرحمة للنبيّ، أي يا ربّ ارحم النبيّ، القرآن صريح {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}(، يعني أنّ كل العوالم العلوية والسفلية، إنما برحمة محمّد صارت علويّة، وصارت في هذا الموقع، فالكل من العوالم محتاج للمدة المحمدي ولا عكس، ذلك لأنّه إذا إنعكس الأمر، لم يصبح للعالمين، وإنما صار العالم رحمة له. إذاً كيف نقول بأن الصلاة هي الرحمة؟ أطلقها المعصوم وأراد منّا التأمل في معنى الرحمة كما قال ذلك الذي سقاه الإمام الرضا عليه السلام، شربةً من ماء، فارتوى وشرح الزيارة الجامعة الشريفة، وشرح الصلوات، فقال: المراد بالرحمة كشف وإبراز تلك المقامات التي وصل إليها المصطفى صلّى الله عليه وآله مقام قاب قوسين أو أدنى، حتّى نتعرف على حقيقته وننضمّ في هويته، ونصبح من أتباع ملّته وعلى طريقته، الرحمة بمعنى يا رب اكشف لنا حقائق هذا النبيّ العلوي الملكوتي النوراني {يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً * رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}. لن يهدأ للعارف بال، ولن يستكين له حال، حتّى يرقى إلى معرفة تلكم الأسرار، ببركة محمّد وآله خير الوسيلة إلى تلك المعارف. اللّهمّ عرّفنا قدر هذه الصلوات، اللّهمّ اكشف لنا هذه المقامات والشؤونات، وأخرجنا من قعر الظلمات، وسجن الطبيعة والجمود على الألفاظ المشؤومات، شؤم بقاء الإنسان متقيّداً ومتغلّفاً لا فرق بينه وبين أبي حنيفة وأتباعه، يجب أن يخرج الإنسان من هذه الظلمة ليخرق حجب كلّ شيء. يقول المتقي الهندي في (كنز العمال) وهو رجل من المخالفين ينقل بأن أمير المؤمنين عليه السلام قال: «سلوني قبل أن تفقدوني، فإني لا أسال عن شيء دون العرش إلاّ أخبرتُ عنه». إنّ الذي يريد أن يصل إلى المعرفة الحقّة، عليه أن يحكّم أصوله، ثم يذهب للأمور الفرعية الأخرى، ففي الخبر الصحيح في الكافي الشريف: «ذروة الأمر وسنامه ومفتاحه وباب الأشياء ورضا الرحمن تبارك وتعالى، الطاعة للإمام بعد معرفته». هذه هي الذروة، يريد عليه السلام أن يقول: إن من يريد الوصول إلى المعرفة الحقة، عليه أن يحكّم أصوله، ثمّ يذهب للأمور الفرعية الأخرى، اعرف الحق وأهله أولاً. إذاً معرفة النبيّ وأسراره، ومعرفة آل النبيّ وأسرارهم، إذا لم تتحقق فلا فائدة بدونها ونبقى في تخلّف وظلمات. القرآن الكريم يقول: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ}، إذاً الأمر سهل يتمّ بالعلم والمعرفة، ومحمّد وآل محمّد صلّى الله عليه وآله هم أهل العلم والمعرفة. المرتاضون إذا أرادوا أن يرتاضوا يشرعون في ذكر الصلاة على النبيّ وآله، فكم من معارف وأسرار تنكشف لهم، سلوا أهل الذكر «واسأل به خبيراً» علماؤنا كيف وصلوا إلى ما وصلوا إليه؟ في نهاية البحث أوّد أن أشير إلى شخصية عملاقة في الزهد والعبادة والعلم وهو شيخ الفقهاء مرتضى الأنصاري قدّس سرّه صاحب كتابي (الرسائل في الأصول والمكاسب في الفقه)، بانّ كلّ ما عنده من أسرار في العلوم والفنون المختلفة منشأؤه أمران: الأول: مواظبته على زيارة المولى قطب دائرة الصلوات والتحيات أمير المؤمنين عليه السلام وإكثاره الصلوات على النبيّ وآله. الثاني: ملازمته زيارة عاشوراء في كلّ يوم، لما فيها من اللعن والبراءة من أعداء آل محمّد عليهم السلام وأسرار أخرى يعرفها أهلها. |
اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واللعن عدوهم . الدرس الرابع {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} في هذه الآية أسرار، ولكشف بعض هذه الأسرار، ورد عن أهل بيت الطهارة، أنّه دخل رجل على الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام فقال له: يا ابن رسول الله، القرآن الكريم يقول: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ} وفي آية اخرى يقول {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} إذاً كيف يمكن الجمع بين تسبيح الملائكة ليل ونهار، لا يقترون ولا يملّون ولا يسكنون، وبين قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} كيف يمكن الجمع بين الذكر الدائم الذي لا يفتر فيه الملك من ذكر الله سبحانه وتعالى، وبين الصلاة على النبيّ وآله؟ فيجيبه الإمام الصادق عليه السلام: «إنّ الله تعالى لمّا خلق محمّداً صلّى الله عليه وآله أمر الملائكة فقال: انقصوا من ذكري بمقدار الصلاة على محمّد، فقول الرجل: صلّى الله على محمّد، في الصلاة مثل قوله: سبحانه الله، والحمد لله، ولا إله إلاّ الله، والله أكبر». إذا ينقص الله عزّ وجلّ من ذكره، لذكر المصطفى وآله، وهذا يعني أنّ تأكيد الحق من فوق عرشه على أهمية هذا الذكر، وأنّه هو السرّ في الوصول إلى حقيقة الكلمات الأربعة، ولا يمكن فقه الكلمات الأربعة ـ وهي سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلاّ الله، والله أكبر ـ ما لم يعرف محمّداً وآل محمّد عليهم الصلوات عدد الذّاكرين والذّاكرات. إذاً فالتسبيح والصلوات سيان في حساب العمل، إن شئت سبّحت، وإن شئت صليت، بل هناك من قال بأفضلية الصلوات، فإنه الذكر الذي تنكشف به الحقائق، وهناك روايات تشير إلى أن هذا الذكر الصلواتي يخرق الحجب السبعة، ولا يدع بينك وبين الله حجاباً. في مسألة بكاء الطفل: هناك نصّ غريب في مضامينه، النّص يقول عن رسول الله صلّى الله عليه وآله : «لا تضربوا أطفالكم على بكائهم، فإنّ بكاءهم أربعة أشهر، شهادة أن لا إله إلاّ الله، وأربعة أشهر الصلاة على النبيّ وآله، وأربعة أشهر الدعاء لوالديه». أولاً: بكاء الطفل في الأربعة الأشهر الأولى وارتباطه بالتوحيد: إنّ بكاءهم في الأربعة الأشهر الأولى، هي شهادة لا إله إلاّ الله، ويكون فيها موحّداً بذكر لا إله إلا الله. وبكاءهم في الأشهر الأربعة الثانية: اللّهمّ صلّ على محمّد وآله. وبكاءهم في الأشهر الأربعة الثالثة: الدعاء للوالدين، اللّهمّ اغفر لوالديّ. هنا تحليل عميق لهذا النص، ما هو السرّ في صراخ الطفل في الأربعة الأشهر الأولى وبين الشهادة في التوحيد. وبين صراخه في الأشهر الأربعة الثانية وبين الصلوات الزاكيات، وبين صراخه في الأشهر الأربعة الثالثة وبين الدعاء لوالدين. عندما يولد الطفل لا يعرف في هذا الوجود أمّاً ولا أباً، وإنما يعرف الذي خلقه معرفة بالفطرة، ولذا عندما يصرخ إنما يلتجئ إلى من خلقه وإلى من هداه، وأخرجه من ذلك القبر الرحمي، فلهذا يلتجئ بالفطرة الأولى ويهتدي بها إلى التوحيد الربوبيّ، وهذه معاني عميقة، لذا يعبر عنها بأنها أسرار. إذاً هذا النص يصرّح بعدم ضرب الطفل، لأنّه في حال ذكر وفي حال توحيد حيث لا يهتدي إلاّ إلى بارئه، إنّ هناك أسراراً في الكون، والدليل من القرآن {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}. فالذي ألهمه التسبيح هو الله تعالى {عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}. ألهمه بصراخه التوحيد والشهادة بالربوبية. وبما أن الشهادة بالربوبية والتوحيد والوحدانية لا يمكن أن نكتفي بها، إلاّ إذا ضمّ إلى ذلك الشهادة للنبيّ بالرسالة والصّلاة عليه وعلى آله، حتّى في الصراخ يشترك الأمر الموَلوَي وحقيقة الولاية، الولاية عندما تكون اللّهم صلّ على محمّد وآل محمّد في صراخ هؤلاء الأطفال وعمرهم أربعة أشهر، إنما يشير أنّ كل شيء مداره وقطبه ومركزه ومحوره عليّ وآل عليّ {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}. يعني الرسالة السماوية المحمدية التي هي خاتمة الرسالات، وجامعة النبوات، وفيها تبيان كل شيء، وفيها أحصى الله أمر كل شيء {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}. تبيان لكل شيء، كل ذلك متوقف على إبلاغ الولاية، فلا رسالة محمّدية بلا ولاية علوية، لذلك فإن هذا الارتباط بين التوحيد والرسالة والولاية ارتباط وثيق {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}. الشيخ الفريد يقول: الله غنيّ عن العالمين، الله غنيّ بالذات عن كلّ شيء، الله غنيّ لا يريد من الخلق شيئاً، وكل شيء مفتقر إليه، وإذا احتاج للغير أصبح مفتقراً، ولم يصبح ربّاً، وحاشا لله، فهو تعالى غير محتاج لعباده أحد، ولا لذكر أحد، ولا لصلاة أحد، وإنما أراد للغير، والغير هم صلوات الله عليهم لا غير، وهذا سرّ الصلوات، يريد الله تعالى أن يقول: عندما أصلّي من فوق العرش والملائكة المقربون وجميع الأنبياء والمرسلين، الغرض في الإرادة هم لا غيرهم، فالعبادة لله بلا إشكال، ولكنّ الله تعالى لا يريد منّا هذه العبادة لحاجة فيها، ولفقره لها ولعوزه، وإنما شرّع هذه العبادة لتكون الحقيقة في الأجر والثواب، إنما هي منصبّة على أوليائه، وهذا المعنى عميق ودقيق. إذاً مما سبق يتضح معنى ارتباط الصراخ بالتوحيد في الأشهر الأربع الأولى من حياة الطفل. ثانياً: بكاء الأطفال في الأربعة الأشهر الثانية وارتباطه بالولاية: يبدأ الطفل في الأربعة الأشهر الثانية، بالتقام ثدي أمّه ليتناول اللبن، ولكنّه لا يعرف اُمّه على نحو التعيين، وإنما يلتجئ إلى هذه الواسطة، يشعر هذا الطفل بالفطرة بأن هذا اللبن الذي يغذيه وهذه الواسطة التي تنميه، إنما هي حقيقة محمّد وآل محمّد، لأنّهم الواسطة في الإفاضة في كلّ شيء بما فيه اللبن، فيهم صلوات الله عليهم يكشف الله الضرّ، وبهم يطعم الخلق، وبهم ينزل الغيث، فإذا كان المطر وهو الواسطة في إنماء الأرض، وإفاضة الحياة على التراب، أفلا يكون من به نسقى الماء هو الواسطة في إفاضة الحياة وغيرها على الخلق، لذا فإن الطفل لا يعرف غير إلتقام الثدي الذي يشكل الواسطة في إنمائه، ولذا يحس بالفطرة بأن إنمائه هو ببركة المفيض على من في الوجود محمّد وآله، ولذا يكون صراخه: اللّهم صلّ على محمّد وآل محمّد، لينبت اللّحم ويشتدّ العظم. ثالثاً: بكاء الطفل في الأربعة الأشهر الأخرى وارتباطه بالدعاء للوالدين: إنّ صراخ الطفل يكون عبارة عن دعاء للوالدين، لأنّه يصل إلى حد المعرفة، فإذا وحّد وصلّى عرف ما عليه من تكليف بالفطرة الأولى، لذا يتوجه إلى أمه، فبمجرد أن يراها يعرف أنّها أمّه فيقول بصراخه: اللّهم اغفر لهذه الأمّ، فيطلب المغفرة لوالديه، فصراخ الطفل يمثل مبرّة لوالديه، وهذا تفسير عميق لهذا الصراخ للطفل الرقيق في أوائل أيامه. هناك نص يشير إلى أهمية هذا السرّ، يقول النبيّ صلّى الله عليه وآله : «رأيت في ما يرى النائم عمي حمزة بن عبد المطلب وأخي جعفر بن أبي طالب، وبين يديهما طبق فيه نبق، فأكلا ساعة، فتحول النبق عنباً فأكلا ساعة، فتحول العنب لهما رطباً فأكلا ساعة، فدنوت منهما، وقلت: بأبي أنتما أيّ الأعمال وجدتما أفضل قالا: فديناك بالآباء والأمّهات، وجدنا أفضل الأعمال الصلاة عليك، وسقي الماء، وحب عليّ ابن أبي طالب». هذهِ أسرار صلواتية منشؤها كتاب الله، ومستفادة من الأخبار النبويّة العلويّة. |
اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واللعن عدوهم . الدرس الخامس {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}. الملاحظ في سجّل الأنبياء وأوصياء الأنبياء، أنّهم إذا داهمهم الخطب ونزل بهم الكرب، كانوا يتوجهون إلى الله تعالى، بأزكى الخلق وأشرفهم وأعلاهم مرتبة، لما علّمهم الله من الأسماء، ولما آتاهم من معارف هذه الأسماء، كانوا يتوجّهون إلى الله تعالى وهم في بطون الظلمات، أو إلى جانب النار، وما إلى ذلك من شدائد ذكرها القرآن الكريم، كانوا يتوسّلون بسيد المرسلين وأشرف الخلق محمّد وآله صلوات الله عليهم ما طلعت كواكب الأسحار واختلف الليل والنهار. ولمعرفة هذا السرّ الصلواتي نبدأ بأول خليقة على وجه الأرض وهو آدم عليه السلام واقترانه بحواء. كيف حصل الاقتران بين آدم وحواء؟ لابد من صيغة مخصوصة يحصل بها الاقتران، ولابد من مسمّى لهذا الصيغة وهذا العقد، ويلزم أن يكون هناك شيء ثابت وفق شريعة السماء، ولا يكون بينهما إلاّ من حيث يريد الله، وحتّى يتحقّق النكاح شرعياً فلابد أن يكون هناك مهر، فما هو مهر آدم لحواء؟ كان مهر آدم لحواء الذكر الملكوتيّ: اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد. إذاً ابتداء الخليقة وإنماء النسل البشري، كان على أساس هذا المسمّى وهذه التسمية. ومن هنا نشرع في البحث عن أسرار الصلوات في الشعوب التي سبقت الإسلام، بذكر بني إسرائيل، لنرى هل كانت الصلوات مرسومة ومكتوبة ومفروضة على أصحاب الشرائع السابقة وعلى أتباعها، كما أصبح في هذه الشريعة من الواجبات المفروضة على أتباعها أم لا؟ يقول الله تعالى: {وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ}. يسومونكم، أي يعذّبونكم فما هي وسيلة النجاة لبني إسرائيل؟ أوّلاً نذكر أقسام المعذبين من بني إسرائيل على أيدي الفراعنة: القسم الأول من الرجال والشباب: كانوا يعقدون على أرجلهم سلاسل ويربطونها حتّى لا يفرّ أحدٌ منهم، فكانوا يحملون الطين والرمال إلى أعالي الجبال، وكان البعض منهم يتعرّض للسقوط، ويكون مصيره الهلاك، أو يفتك به المرض، أو يتحول إلى معلول أو مشلول، فكان هذا الطاغوت الفرعونيّ يتعامل مع رجال بني إسرائيل بهذه الكيفية، وكانت هذه شدّة عظيمة عليهم. القسم الثاني من النساء: مرّت النساء من بني إسرائيل بأفظع الفجائع في التاريخ، وقد مرّت بحالتين من الامتهان. الحالة الأولى: كانت تطارد كل امرأة حامل، وكان يشق بطنها فتموت على أثر ذلك، ويموت جنينها، فاتّفقت النساء مع القابلات على أن يعطين للقابلات أموالاً، لكي لا تخبر القابلة السلطة الفرعونية عن الحمل، فكانوا يأخذون المولود ويرمونه على الجبال، فمهما صرخ واستغاث لا يسمعه أحد، فكانت المرأة تأخذ طفلاً وطفلين، وهكذا كان كل بني إسرائيل في كل طبقاتهم يعذّبون بهذه الكيفية، فاتّجهوا لنبيّ الله موسى عليه السلام ليخلّصهم من هذا العذاب ومن هذه الشدة، اشتكى موسى عليه السلام لربّه تعالى، وإذا بالنداء يقول: يا موسى، قل لرجال بني إسرائيل أن يتعلموا هذا الذكر من هذا اليوم. قال موسى: وما هو هذا الذكر؟ قال تعالى: ألم تسمع بأفضل الخلق محمّد وآل محمّد؟ قال: علّمهم التوسّل إلى الله تعالى بجاه محمّد وآل محمّد الطيبين الطاهرين. فذهب موسى عليه السلام إلى قومه وقال لهم: قولوا: اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، فكان يرفع عنهم العذاب، وقال لهم موسى: عليكم بهذا السرّ الصلواتي، فكانت هذه الطبقة تتشفع وتتوسل بالنبيّ وآله صلوات الله عليهم أجمعين، فكان من أمرها أن رفع عنها العذاب {وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ} فحصلت النجاة لهم بالوسيلة العظمى صلوات الله عليهم، بهم رفع عن هذه الطبقة من بني إسرائيل الذلّ والامتهان. أما الحالة الثانية التي مرّت بها النساء: فكن يفترشن لجلاوزة بني إسرائيل، أي إتخذوهن إماءً، فكانت تنتهك أعراضهن، فقال موسى عليه السلام: أين النساء عن ذكر محمّد وآل محمّد، فكانت المرأة من بني إسرائيل تتوجّه إلى الله تعالى متوسّلةً بهذا الاسم الأعظم، وهذا السرّ الأقوم، محمّد وآله صلوات الله عليهم، فكن يعفين من العذاب ومن الإفتراش والإنتهاك. أما الأطفال فكانت كل امرأة منهم عندما تذهب إلى الجبل تقرأ عشر مرات اللّهم بجاه محمّد وآل محمّد الطيبين الطاهرين إلاّ ما نجّيت ولدي، فكان الله تعالى ينزل ملائكة على هؤلاء الأطفال لرعايتهم، فكان الملك يضع إصبعاً في فم الطفل فيتحول إلى لبن وآخره إلى غذاء، فكانوا يرتضعون بأمر الله تعالى عبر الملائكة التي كانت تحرسهم وترعاهم، لأنّهم قد طُلْسِموا بمحمّد وآل محمّد صلّى الله عليه وآله. قال الله عز وجل: {وَفِي ذَلِكُمْ} أي في ذلك الانجاء الذي أنجاكم منهم ربّكم {بَلاء} نعمة {مِن رَبِّكُم عَظِيم} كبير. يا بني إسرائيل، اذكروا إذ كان البلاء يصرف عن أسلافكم ويخفّ بالصلاة على محمّد وآله الطيّبين، أفما تعلمون أنّكم إذا شاهدتموه وآمنتم به، كانت النعمة عليكم أعظم وأفضل وفضل الله عليكم أكثر وأجزل؟ والبحرين مدينة تعرض سكانها لداء يصيب بمرض العيون، فكانت العين تكبر ثم تنطبق ثم تصاب بالعمى، فطلسمَ السيّد هاشم البحراني ذلك المكان بذكر محمّد وآل محمّد، فرفع عنهم البلاء. ما الدليل على هذه المعاني من القرآن الكريم؟ ما من نبيّ يأتي إلاّ ويبشّر بمن بعده، ويقصّ أخباره، لعلمه بما سوف يكون، ولهذا يقصّ القرآن فيما يقصّ قضية عيسى عليه السلام {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}. مبشّراً أي أزفّ إلى الخلق الذي سوف يظهر بشارة بالذي لم يكن في اسمه فارق إلاّ «ميم» علم الإمكان، لم يكن في اسمه فارق بينه وبين «أحد» إلاّ «الميم» أحمد، الميم التي بواسطتها خلق عالم الإمكان، فهو الواسطة في كلّ هذا السرّ الوجودي، فكيف لا يكون إذاً محمّد وآل محمّد نجاة للشعوب والأُمم {وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ} فابدّ من وسيلة لنجاة الشعوب، الوسيلة هي أشرف الخلق وأزكى الناس محمّد وآل محمّد، عليهم الصلوات التامّات. ومن هنا كانت تعقد حلقات وجلسات بين الأنبياء والأولياء، وأهمّ ذكر كانوا يرتاضون عليه، وأشرف ورد كانوا يمارسونه، هو ورد اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد في الصبح والمساء في الليل والنهار، ولهذا كان ينجي كلّ واحد منهم سواء كان في بطن الحوت، أو اُوريد أن يلقى به في النار، أو ينشر بالمناشير وما إلى ذلك، ما كانت وسيلتهم إلاّ نجنّا بمحمّد وآل محمّد {وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}بالأئمة صلوات الله عليهم أجمعين. وهناك أسرار اُخرى في تاريخ بني إسرائيل، فلمّا ضرب موسى عليه السلام البحر بالعصا، كان كل فرق كالطود العظيم، فإذا به ييبس ويصبح ممرّاً لنبي إسرائيل، وهناك روايات صريحة بأنّ الضربة كانت باسم محمّد وآل محمّد، فكيف لا والقرآن يقول: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى}؟ فكيف لا يتوجّه إليه موسى عليه السلام؟ وكيف لا يتوجّه إليه عيسى عليه السلام؟ كلمة عجيبة لأحد العرفاء، يقول: لو اجتمع الأنبياء والمرسلون وكبّروا تكبيرة واحدة، فما كانت تكبيراتهم مجتمعة في آن واحد تعادل تكبيرة واحدة من تكبيرات عليّ وآل عليّ. ولهذا كانت زينب صلوات الله عليها عندما تنزل بها نازلة تتوجّه إلى رأس أخيها الحسين عليه السلام وترسل الصلوات الزاكيات والتحيات التامّات على النبيّ وآله أفضل الموجودات. |
اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واللعن عدوهم . الدرس السادس {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}. من الأسرار التي تنطوي في هذه الصلوات، فيما يتعلق بما مرّ من الحوادث والوقائع لدى الشعوب التي سبقت الإسلام، ومن هنا يقع البحث في دراسة مستوعبة لما كان يمارسه أبناء الشعوب آنذاك، ماذا كان عندهم من ممارسات وعبادات وتكاليف، لأنّه ما من اُمّة إلاّ وخلا فيها نذير، لابدّ أن يكون هناك نذير {وَلِكُلّ قَومٍ هَادٍ} ولابد أن يكون الهادي، فبأي شيءٍ تقع الإنذارات، وبأي شيء تتحقق البشارات، هذا ما سيتم بحثه بشكل قرآني وواقعي حتّى نكون على بيّنة من أنّ الشعوب السابقة والأمم الماضية والأديان الغابرة، كلها كانت تمثّل ما يمثّل هذه الاُمة من دين ورسالة، وكان هناك سرّ مشترك في جميع الأحوال والظروف، وسوف نصل إلى هذا السرّ. ما هو هذا الارتباط بين الشرايع والسماوات والأديان، وعوالم الملكوت، وعوالم الروح، وعوالم المجردات، وعوالم الدنيا وما إلى ذلك من شئونات ووجودات؟ ما الذي يربط بينها من سرّ جامع مشترك؟ هذا السرّ سوف نكتشفه من خلال القرآن الكريم. هناك واقعة مهمة أعرضها بشكل تفصيلي، حتّى نصل إلى أسرار هذه الواقعة من خلال القرآن الكريم قال تعالى: {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ}. هنا سرّ، كيف نجى هؤلاء، وكيف عبروا البحر، والبحر لا يمكن أن يتوزه أحد، والمشي عليه دون الوسائط والوسائل الخاصة. هناك سرّ آخر {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ * ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}. إذاً هناك أسرار أبيّنها بمقدمة ثم أدخل في مجرى البحث. القرآن عندما يعرض هذه الحوادث، ويخاطب نبيّ الإسلام فماذا يقصد بها؟ لماذا يعرضها على النبيّ صلّى الله عليه وآله؟ ما الحكمة في عرض هذه القصة مع أنّ القوم قد مضى عليهم الألوف من السنوات. يريد القرآن أن يربط بين ما عليه الأسلاف وما عليه الأحفاد، بأنّ القوم الذين عايشوا النبيّ صلوات الله عليه وآله، لهم ارتباط وامتداد بأسلافهم الماضين، فأراد أن يذكّرهم بأنّ الله تعالى قد منّ عليهم منناً عظيمة، وأهمّ تلك النعم وتلك المنن، نعمة لابد أن يتوجّهوا إليها، وهي تحقّق النجاة للأسلاف بتلك النعمة، فبنفس هذه النعمة ينجو الأحفاد، وهذا الغرض الأقصى والمدى الأبعد ـ على مستوى فهمنا ـ لمرام هذه الآيات. يعني يا ملّة بني إسرائيل، يا ملّة الإسلام، ويا ملّة النصارى، لكم أجداد قد منّ الله تعالى عليهم بنعمة هامّة، وسرّ هام، ذلك السرّ الذي تحقق به النجاة لأولئك الأجداد هو نفس السرّ الذي يتحقّق به النجاة لهؤلاء الأحفاد، هذا هو الوجه في الربط بين القصص الماضية وبين الوقائع الجارية حتّى يكون هناك فهم دقيق للحقائق. من أهمّ العبر أنّ هناك سرّاً جامعاً مكنوناً مخزوناً محفوظاً، كان يتوجه إليه الأسلاف من بني إسرائيل فينجون، فكيف كانت نجاتهم من فرعون؟ عندما اشتدت الأزمة ببني إسرائيل قالوا لموسى عليه السلام: نحن بين مقتول ومذبوح وأسير وسجين، خلّصنا من هذه المشكلة، فأمرهم الله تعالى أن يتوجهوا إلى البحر، فلما وصلوا أراد منهم أن يقتحموا البحر، قالوا: كيف نعبر البحر؟ فقام احدهم اسمه كالب بن يوحنا، فقال لموسى عليه السلام: من أمرك بأن نقتحم هذا البحر؟ قال موسى عليه السلام: ربّي الله أمرني، وقال كالب بن يوحنا: وكيف أقتحمه؟ قال موسى عليه السلام: بأن تشهد لله بالوحدانية، وأن تقّر لمن سيأتي من بعدنا، وسيكون هو السرّ في هذا الوجود. قال: وما هو هذا السرّ؟ قال موسى عليه السلام: أن تقول: اللّهم بجاه محمّد وآله الطيبين لمّا أعنتني بجواز البحر. قال: نحن تعلّمنا هذا الذكر من نبيّ إلى نبيّ، ومن أولي عزم إلى أولي عزم، إننا إذا أردنا أن نقتحم الشدائد ذكرنا النبيّ وآله أفضل الخلق، فإنّه بهذا الطلسم الملكوتي يتحول الماء إلى تراب، والتراب إلى ماء. قال هذا الرجل: اللّهمّ بجاه محمّد وآله الطيبين الطاهرين، ثمّ اقتحم البحر وإذا به وكأنّه يمشي على الأرض، ركض للطرف الآخر من الخليج، ثم عاد راكضاً، فلماء رأوا ذلك اطمأنّت قلوبهم، ثم قال لهم: الآن توجهوا واعبروا البحر، اذكروا نبيّ الإسلام وأشرف الخلق الكرام محمّداً صلّى الله عليه وآله وسلم واعبروا. قالوا: إذا لم تجفف الماء، لا يمكن أن نعبر، وسأل موسى ربّه وقال: ربّي ماذا أفعل؟ قال الله تعالى: أدعو بالسرّ الأعظم محمّد صلّى الله عليه وآله، وبمجرد أن ذُكِر محمّد صلّى الله عليه وآله وإذا به يجفّ، ما هذا الارتباط بين هذا السرّ وبين هذا البحر؟ ثمّ قالوا: نحن اثنتا عشرة قبيلة، اجعل لكل قبيلة طريقاً، فإذا كان الطريق واحداً فسوف تحصل مشاكل؛ لأن كلّ قبيلة تريد أن تتقدم، وبالتالي تخرج من الدين، فدعا الله بهم صلوات الله عليهم، وإذا بهم يحصل اثنا عشر طريقاً. قال لهم: اعبروا، قالوا: اجعل لنا طيقاناً، الطيقان: هي ما يمكن أن يرى من خلاله مثل الجدران المعطوبة كالأقواس، لأننا نريد أن يشرف بعضنا على بعض حال العبور، ولأننا نخشى أن يحدث لأحد منا مكروه، فقال: اللّهم بجاههم اجعل لهم طيقاناً، فجعل لهم طيقاناً فعبروا. فلمّا عبروا ووصلوا إلى الطرف الآخر من البحر، وصل فرعون، وجنوده فلمّا همّ أولهم أن يخرج وآخرهم قد دخل، أمر الله تعالى بأن يطبق البحر عليهم، فانطبق واغرقوا والقوم ينظرون إليهم، ولما وقف قوم موسى هناك، أشار إليهم بأنّ نجاتكم، إنما كانت ببركة التوسل المحمّدي العلويّ. ولما وصلوا وعبروا، صار القرار بأن يتوجهوا إلى الله، فقال موسى عليه السلام بأنّه سوف يذهب ليحضر كتاب الله وفرقانه، فطلب منهم أن ينتظروا وغاب عنهم شهراً إمتدّ إلى أربعين ليلة، وإذا بالقوم قد توجهوا إلى عبادة العجل، فلما رجع موسى وشاهد هذه القضية، أراد أ، يكشف السرّ في وصول هؤلاء إلى عبادة العجل مع أنّهم رأوا آيات الله، ورأوا البحر قد أصبح معبّداً وغرق قوم فرعون أمامهم. يقول الإمام العسكري عليه السلام: ما كان من أمر بني إسرائيل في عبادتهم العجل إلاّ لتهاونهم بالصلاة على محمّد وآله. يا موسى بن عمران، ما خذل هؤلاء في عبادتي واتخاذي إلهاً إلاّ لتهاونهم بالصلاة على محمّد وآل محمّد. والعبرة هنا كما يقول الإمام العسكري عليه السلام: إذا كان الله تعالى قد خذل عبدة العجل لتهاونهم بالصلاة على محمّد وآله، أفلا تخافون من الخذلان الأكبر في معاندتكم محمّداً وآله، وقد شاهدتم الدلائل والآيات. إذاً كلّ السرّ في نجاح هذه الاُمّة، أو في خذلان تلك الاُمّة، إنما هو بالارتباط بسرّ الصلوات، هذا الارتباط عندما يحكم يتحول المجتمع إلى مجتمع بحاره طرق، وأنهاره سبل، وسماؤه تغدق على الخلق. فكل ما في الغابر والماضي وفي الحاضر والآتي، إنما يرتبط في سر الصلوات على محمّد وآل محمّد، وهذا المعنى نستوحيه من القرآن، ولهذا ورد في شواهد عجيبة أنّ حياة الشعوب بذكر المصطفى وآله. ولهذا ورد أنّ إبراهيم عليه السلام ما كان خليلاً لله، إلاّ لكثرة صلواته على محمّد وآل محمّد. وهنا إشارة إلى أن هناك سرّاً عظيماً، وهذا السرّ هو أنّ أنبياء الله ما وصلوا إلى ما وصلوا إليه من درجات إلاّ ببركة الصلوات. هذا اللفظ المركب من هذه الحروف ليس مجرد كلمات عادية، وإنما فيها أسرار، لذا ينبغي علينا مراعاة حرمة المصطفى وآله حتّى في الكتابة. ينقل الشيخ القمي قصة لطيفة فيقول: كان أحد العلماء من العامة، إذا كتب اسم النبيّ كان يكتب (صلعم) بدل( صلّى الله عليه وآله) فصارت هذه الكلمة مورد استهزاء، فقال له أحد العلماء: إنّ هذا غير مناسب لمقام النبيّ صلّى الله عليه وآله لأن كتابة( صلّى الله عليه وآله) لا تأخذ من السطر إلاّ قليلاً، فكتابة هذا خير من أن تكتب كملة مشوشة، فلم يرتدع هذا العالم، فكتب (صلعم) فكان من أثرها أن شلّت يده، وبقيت كذلك إلى آخر عمره، حتّى إن يده اليسرى لم يستطع الكتابة بها. هنا يجب علينا ملاحظة التأكيد على هذا السرّ وأدائه بشكله التامّ الوارد عن النبيّ صلّى الله عليه وآله، يقول الحديث «إذا صلّى عليّ ولم يتبع بالصلاة على أهل بيتي كان بينهما وبين السماء سبعون حجاباً». إذاً نجاة تلكم الاُمم وعزها وانتصارها على فرعون وقومه ما كان إلاّ بالصلوات الزاكيات. اللّهمّ إني أسألك برحمتك التي وسعت كلّ شيء، البحر شيء، والنهر شيء، والقارات والمحيطات شيء كلها غارقة بالرحمة، والرحمة التي وسعت كلّ شيء هي تلك الرحمة التي ورد ذكرها في الزيارة الجامعة الكبيرة «وأنتم معدن الرحمة». فيا اُمّة الثقلين، يا من يتلى عليكم القرآن، يا أُمّة النبيّ، إنما نجاتكم تكون بهذا الذي شاهدتموه عياناً، أولئك كانوا يذكرونه غيباً ويتوسلون به، ولم يكن حاضراً كحضوره أمامكم بدناً وخلقاً. فيريد القرآن أن يربط بين ما مضى من القصص وبين الحكمة من النجاة، وبين ما هم عليه من حالات، حتّى ينجو منهم من ينجو ببركة محمّد وآله صلوات الله عليهم ما غرّدت الأطيار وأورقت الأشجار وأينعت الثمار. |
الله يعطيك العافيه وجعل الله في ميزان حسناتك
|
اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واللعن عدوهم . الدرس السابع {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} الشعوب السابقة كانت لها استغاثات كما هو شأن الشعوب اللاحقة بعد الإسلام، وهكذا حال كل الشعوب، والاُمم، فإذا داهمتها الخطوب ونزلت بها الشدائد استغاثت. إذاً الإستغاثة أمر متقبّل في جميع الشرائع السابقة والاُمم الغابرة، ولكن كيف كانت هذه الإستغاثة، وما هي صيغتها؟ القرآن الكريم يشير إلى شيء يلفت النظر {وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ}. إذاً هذا الاستفتاح على الذين كفروا بأيّ شيء كان؟ كان اليهود قبل الإسلام يمرون بشدائد وامتحانات، القرآن يبيّن أمر اليهود عندما كان ينزل بهم أمر وخطب جسيم. عن الإمام العسكري عليه السلام يقول: إنّ طائفة من اليهود في أيام موسى عليه السلام وبعده، كانت تتعرض لحالات قصوى من الهجوم، مثلاً منهم الذين كانوا يعيشون في الجزيرة العربية، كانوا يتعرضون لهجوم عنيف من قبل عشيرتي أسد وغطفان، إذ قرروا إبادة اليهود ونزلوا إليهم بثلاثة آلاف فارس، وكان عدد هؤلاء اليهود ثلاثمائة، فلما هجمت هاتان القبيلتان بأسحلتهم وإمكاناتهم، وحاصروا اليهود، فأوشكت الإبادة أن تقضي عليهم قضاءً حتمياً، فبدأوا يتداولون أمرهم فيما بينهم، أصحاب الرأي السديد من اليهود رأوا عزم العشيرتين على إبادتهم إبادة كلية، فقالوا لليهود: لنتأمل الكتب، ونقرأ ماذا كان الناس يفعلون أيام كليم الله موسى إذا نزلت بهم ملمة أو شدة، وإذا بهم يجدون أنّ آباءهم عندما كانوا يستغيثون، كانت استغاثتهم أن يستفتحوا دعاءهم بهذا السرّ: اللّهم بجاه محمّد وآله الطيبين الطاهرين صلّ عليهم أجمعين، نسألك كشف الغمة عنا، فيكشفها الله تعالى عنهم. فتوجه الكل من بني إسرائيل لمواجهة هاتين العشيرتين بالاستغاثة المحمدية، فتوجهوا إلى الله بهذا الذكر «اللّهم بجاه محمّد وآله الميامين إلاّ ما كشفت عنا هذه الظلمة»، فبمجرد أن استغاثوا، أصبح لكل واحدٍ منهم قوّة وهمّة مائة رجل، عددهم ثلاثمائة فأصبح العدد مضاعفاً {فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ}، بالصبر والاستقامة وبذكر النبيّ وآله، قاموا كلهم بمواجهة الثلاثة آلاف، وبعد قتال عنيف انتهى بهزيمة هذا العدد الهائل من العشيرتين الكافرتين آنذاك. فلمّا رجعوا فكّر أبناء العشيرتين بنتيجة القتال القاسية، ثلاثمائة يغلبوا ثلاثة آلاف رجل، فقرروا بعمل عقد مشترك بينهم وبين العشائر كلها، فوصل عددهم إلى ثلاثين ألف مقاتل، وقرروا أن يحملوا على اليهود حملة رجل واحد، فحاصروا اليهود مرة أخرى، فلما رأى اليهود ذلك العدد، فكّروا ماذا يصنعون؟ فقال البعض من أوليائهم وأماثلهم: إن الذي نجّاكم وكنتم عدد ثلاثمائة على ثلاثة آلاف مقاتل، لهو قادر على أن ينجيكم بهذه العدة والعدد مرة أخرى، إنّ الذي نجاكم هناك ينجيكم هنا، فتوجهوا بالإستغاثة بمحمّد وآل محمّد، فإنه لا مفرّ غير ذلك، وهذا استفتاحكم، فإذا لم يكن استفتاحكم بهم فكلّ شيء معطلّ، لأن الوجود بدأ بهم ويختم بهم {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ}. قيل: ما المراد هنا بمفاتيح الغيب؟ قال: هم، فتوجهوا بالإستغاثة، فنزل المطر في حمّارة القيظ، فأقعدهم عن آخرهم، أما اليهود الذين استغاثوا كانوا في أتمّ الحال، هذه هي الصفة الرحمانية على الوجود، رحمانية آل محمّد على الوجود والموجود. كان المطر بالنسبة لليهود رحمة لأنّه لم يكن عندهم ماء، لأنّ المهاجمين سدّوا عن اليهود المحاصرين كل شيء، وأغلقوا عنهم الأنهار، فالمطر صار قسمين، قسم نقمة على المهاجمين، وقسم رحمة على اليهود المدافعين، وهذا ببركة الرحمة الملطقة لمحمّد وآل محمّد صلّى الله عليه وآله. ثمّ لمّا تخلّص اليهود من مشكلة العطش، قالوا: كيف نحصل على الطعام، فقالوا: لا سبيل لنا، فقال أماثلهم: إستغيثوا بمحمّد وآله، إنّ الله نصركم على الثلاثمائة، ثمّ على الثلاثة آلاف، فتوسلوا بمحمّد وآله إلاّ ما أطعمتنا كما سقيتنا، وإذا بالقوم ينزل عليهم نعاساً فناموا، ومرت مجموعة كبيرة من البغال والجمال والحمير تحمل الحنطة والشعير، مرت على القوم وهم لا يشعرون، فمرت عليهم إلى أن وصلت الأمتعة وأنزلوها عند هؤلاء المستغيثين بمحمّد وآله، وإذا بالصباح يصبح، قال المهاجمون: سوف نهاجم اليوم اليهود وهم محاصرون جياع، وبأقل حركة سوف يموتون، وعندما أرادوا أن يتحركوا فإذا بهم يرون الأمتعة واليهود واقفون ينتظرون القتال، فوقع القتال فطحنوهم وتمّ الأمر لليهود المدافعين، هذه ثلاثمائة حملوا على الثلاثين ألف، وكلّ واحد منهم يقول يا محمّد يا عليّ، هجموا على القوم فأبادوهم عن بكرة أبيهم، هذا هو نصر الله تعالى. قال رسول الله في نصرة الله لليهود على المشركين بذكرهم لمحمّد وآله: ألا فاذكروا يا اُمّة محمّد محمّداً وآله عند نوائبكم وشدائدكم لننصر به ملائكتكم على الشياطين الذين يقصدونكم، فإنّ كل واحد معه ملك عند يمينه يكتب حسناته، وملك عند يساره يكتب سيئاته، ومعه شيطانان من عند إبليس يغويانه، فإذا وسوسا في قلبه، فذكر الله، وقال: لا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم، وصلّى الله على محمّد وآله خنس الشيطانان وماتا. فقد كانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا بمحمّد وآل محمد عليهم السلام، هذا السرّ الأعظم{فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا} يعني ما عرفوا ذكر محمّد وآله الذين تعرفوا عليه، فلما جاء النبيّ وآله كفروا به في الشدائد، علماً بأنّ آباءهم وأسلافهم كانوا يستغيثون بمحمّد وآله. فالعبرة في هذه القصة أنكم بماذا كنتم تستفتحون؟ إنّهم كانوا يستفتحون بذكرنا، بذكر محمّد وآله، وهذا الذكر الآن أمامكم، فلمّا جاءهم ما عرفوا، أي الذي عرفوا من الإستفتاح، كفروا به بعد رسالة المصطفى صلّى الله عليه وآله، فلعنة الله على الظالمين الذين ينكرون الحق بعد معرفته. إذاً هذه عبرة عظيمة نستفيد منها، وهي أنّ كل شعب مهما بلغ من الجحد والكفر، فإذا استغاث بمحمّد وآل محمّد، كشف الله عنه الغمّة، كل ذاك من أسرار الصلوات الزاكيات. |
اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واللعن عدوهم . الدرس الثامن {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}. الأسرار وكل الأسرار إنما هي منضمّة ومندكّة في الصلوات على محمّد وآله الأبرار، ولهذا نطلعكم في هذا البحث بذكر النبيّ وآله على سرّين هامّين من أسرار هذه الصلوات الملكوتية، بل الجبروتية، بل فوق الجبروت في عوالم اللاهوت وعوالم ما لا ندرك ولا نفقه، وبهذه الصلوات تكتشف خبايا وزوايا المعارف الحقّة في الملأ الأعلى وما فوقه، وفي الملأ الأدنى وما تحته وما بينهما، كلها منطوية في اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد. روي أنّ رجلاً طاف وأتمّ الطواف فجاء إلى الإمام وقال: لم يأتني ذكر سوى الصلوات، فقال الإمام: وأي شيء أعظم من هذا وقد ساوى المعصوم عليه السلام بين الصلوات، والتسبيحات والتهليلات والتحميدات والتمجيدات على حد سواء، فهي ذكر بل أعظم الذكر كما في النّص الشريف. {َسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} التسبيح تارة: الله أكبر، وتارة: سبحان الله، وتارة أخرى: اللّهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} يا نوح، يا إبراهيم، يا عيسى، يا مائة وأربع وعشرين ألف نبي، يا مائة وأربع وعشرين ألف وصي {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} محور كلّ شيء ذكر النبيّ وآله. السرّ الأول: لقد سدّت الآفاق وأُنطقت الإبل في ذكر النبيّ وآله، ففي حديث زيد بن ثابت، قال: خرجنا جماعة من الصحابة في غزاة من الغزوات مع رسول الله صلّى الله عليه وآله حتّى وقفنا في مجمع طرق، فطلع أعرابي بخطام بعير حتّى وقف على رسول الله صلّى الله عليه وآله وقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته. فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله: وعليك السلام. قال: كيف أصبحت، بأبي أنت واُمّي، يا رسول الله. قال له: أحمد الله إليك كيف أصبحت. قال: وكان وراء البعير الذي يقوده الأعرابي رجل فقال: يا رسول الله، إنّ هذا الأعرابي سرق البعير، فرغا البعير ساعة، فأنصت له رسول الله صلّى الله عليه وآله يسمع رغاءه. قال: ثمّ أقبل رسول الله صلّى الله عليه وآله على الرجل فقال: انصرف عنه، فإن البعير يشهد عليك أنّك كاذب. قا: فانصرف الرجل، وأقبل رسول الله صلّى الله عليه وآله على الأعرابي فقال: أيّ شيء قلت حين جئتني؟ قال: قلت: اللّهمّ صلّ على محمّد لا تبقى صلاة، اللّهمّ بارك على محمّد لا تبقى بركة، اللّهمّ سلّم على محمّد حتّى لا يبقى سلام، اللّهمّ ارحم محمّداً لا تبقى رحمة. فقال: رسول الله صلّى الله عليه وآله: إنّي أقول: مالي أرى البعير ينطق بعذره، وأرى الملائكة قد سدّوا الآفق. إنّ البعير قد نطق بعذره، يريد أن يقول: إنّ فعل هذه الصلوات وتأثيرها في عوالم الإمكان، أن جعلت الآفاق مغلقة ومطبقة، وقد أنطقت الحيوان بالحقّ وبالعذر وبالحجة، هذه هي الصلوات، وهي الإكسير الأعظم. إنّ الدعاء يكون محجوباً بسعين حجاباً ما لم يتصدّر بذكر الصلاة على محمّد وآل محمّد. السرّ الثاني: لماذا جعل مهر خمسمائة درهم، قيل لأبي الحسن عليه السلام: كيف صار مهر النساء خمسمائة درهم: اثنتي عشرة أوقية ونش؟ قال: «إنّ الله تبارك وتعالى أوجب على نفسه أن لا يكبّره مؤمن مائة تكبيرة ويسبحه مائة تسبيحة، ويحمده مائة تحميدة ويهلله مائة مرة، ويصلّي على محمّد وآله مائة مرة، ثم يقول: اللّهم زوّجني من الحور العين إلاّ زوّجه الله عزّ وجل، فمن ثمّ جعل مهر النساء خمسمائة درهم، وأيما مؤمن خطب إلى أخيه حرمة، وبذل له خمسمائة درهم، فلم يزوجه، فقد عقّه واستحق من الله عزّ وجل أن لا يزوجه حوراء». يعني كلّ شيء لابد أن يرتبط تمام الارتباط بهذه الأذكار، هناك ارتباط وهذا الإرتباط شديد ومهمّ، فيما نجده في الأخبار عن الأئمة عليهم السلام، وأنه ببركة الصلوات كان عقد أبينا آدم على حواء، لما أراد أن يصلها قالت الملائكة: قف يا آدم، قال: وَلِمَ، أليست هي مخلوقة لي، أليست هذه حواء خلقت لي؟ قالت الملائكة: حتّى يأذن الله، قال آدم: وكيف يأذن لي؟ قالت: بالمهر، لابد أن تسمّي المهر حتّى تكون زوجةً لك، قال: وما مهرها؟ قالت: ــ الدعاء الربانيّ من العليّ الأعلى ــ، وهو: اللّهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد. يعني هذه البشرية كلها إنما كانت آتية ببركة عقد شرعي لأوّل مخلوق ومخلوقة وكان مسمّى المهر الشرعي هو الذكر المحمدي، هذا أصل الوجود في ما يتعلق بتكاثر النسل، ولهذا فإنّ البيت الذي تكثر فيه الصلوات بيت محفوظ من الشرك والشيطان والأبالسة. هناك امرأة توفيت وعليها بعض الذنوب، وكانت معذّبة بذنوبها في قبرها، فلمّا دخل بعض المصلّين وبعض الأولياء تلك المقبرة، ووصل إلى قبرها، إذا به يقول: اللّهم صلِ على محمّد وآل محمّد ــ يراها فيما يرى النائم ــ أقرب الناس إليها وهي تبشّره أنّ العذاب مهما كان شديداً وقوياً ومؤكداً، فلمّا ذُكِر النبيّ وآله وإذا بالنداء كفّوا عن عذابها، ألم يذكر محمّد وآل محمّد، وكيف يجتمع النور مع الظلمة؟ إنّ هذا الأمر عظيم حقيقة. إنّ هذا الكون كله بما فيه من عوالم، الله تعالى قادر أن يخلق مثله، وبما فيه من عجائب ودقائق ما يرى وما لا يرى يمكنه أن يخلق مثلها بلايين بلايين المرات، فإذا كان اله قادراً على أن يصنع هذا الملك والملكوت وتلكم العوالم، وهو الغنيّ المطلق عن كلّ شيء، وهو غنيّ عن العالمين، يملّكها محمّداً وآله، فهل ينقص ذلك من خزائنه شيئاً؟ ما قيمة هذا الوجود بالنسبة للمحمود محمّد وآله صلّى الله عليه وآله؟ إذا كان الله تعالى قد خلق الكون لأعزّ مخلوق «ما خلقت سماءً مبنيّةً ولا أرضاً مدحية ولا قمراً منيراً ولا شمساً مضيئة ولا ملكاً يدور ولا بحراً يجري ولا فُلكاً تسري، إلاّ في محبة هؤلاء الخمسة» لا تزيد كثرة العطاء إلاّ جوداً وكرماً، وقد أخذ على نفسه أن يملّك الكون لمحمّد وآله، ولذا ينبغي للإنسان أن يعرج بروحه ويصعد بعقله إلى معارف آل محمّد حتّى يبلغ الذروة العليا، ولا يظلّ دائماً شأنه شأن البهائم {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} من هم هؤلاء الذين يمثّلهم القرآن تارة بالحمير وتارة بالأنعام واخرى بالبهائم، على ألسن الأئمة عليهم السلام، إنما إشارة إلى الذين يقفون حائلاً دون معارف آل محمّد صلوات الله عليهم، هذه هي كل الحقيقة، ولو تقرأ الروايات المتعلقة بهذه الأمثلة، لوجدتها تشير إلى هذا الصنف الذي يحول دون معرفة الناس الحقّة لآل البيت، هناك نص صحيح وصريح ومن حيث السند فهو في غاية الكمال، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام « الحجّة قبل الخلق ومع الخلق وبعد الخلق». ما المقصود بالخلق؟ آدم من الخلق، نوح من الخلق، وإبراهيم وهكذا جميع الأنبياء وجميع الكائنات والمكنونات مخلوقة، ولكن ما المقصود بالحجّة قبل الخلق؟ تجد الجواب مسطوراً بأحرف النور في الزيارة الجامعة الكبيرة الشريفة «خلقكم الله أنواراً فجعلكم بعرشه محدقين». والحجّة مع الخلق أي لا تخلو الأرض من الحجّة. والحجّة بعد الخلق، يعني إذا فني كلّ شيء سوى الحق، يكون بعد فناء كل شيء الحجّة «وبوجهك الباقي بعد فناء كل شيء» {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} الوجه هو الحجّة عليه السلام قبل الخلق ومع الخلق وبعد الخلق، إذا كان الإنسان لا يفهم هذه المعاني يصبح كالريش في مهبّ الريح. نحن مطالبون بمعرفة الأئمّة الميامين، فكل شيء متفرّع على معرفة الحقّ، والحقّ آل محمّد عليهم الصلاة والسلام. |
اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واللعن عدوهم . الدرس التاسع {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} من أسرار هذه الصلوات التي أمر الله بها من فوق السماوات، والتي باشرها هو سبحانه قبل الملائكة والمؤمنين والمؤمنات، وإذا به يهتف من لدن رحمته فوق كل هذا الوجود والموجود والمحيط به {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ}، أي مقام هذا؟ وأيّ منزلة هذه؟ إنّ منازل الرسول صلّى الله عليه وآله ومراتبه وعلمه وما إلى ذلك من شئونات فوق حدّ العقل الذي قال عنه القرآن {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى}. فيما يتعلق بأسرار الصلوات، ذكر علماء أهل السنة في جُلّ صحاحهم وتفاسيرهم ومروياتهم، أنّ الصلاة لا تكون صلاة مرضية عند الله تعالى حتّى تكون صلاة كاملة، والمراد بالصلاة الكاملة أي غير البتراء، وصيغة هذه الصلاة الكاملة أن تقولوا: «اللّهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد». هذه الصلوات موجودة في أغلب الصحاح والمسانيد، وهذه هي اللفظة الصحيحة، وعندما نراجع تفسير الرازي في (مفاتيح الغيب) وغيره من التفاسير، نجد أنّهم قد رووا في تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} أنّه قل لرسول الله صلّى الله عليه وآله : عرفنا كيف نسلّم عليك فنقول السلام عليك، فكيف نصلّي عليك؟ قال النبي صلّى الله عليه وآله : قولوا: «اللّهم صلِ على محمّد وآل محمّد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمّد وعلى آل محمّد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد». وللأسف نلاحظ المحاضر والمفسر والخطيب في البلاد العربية وغيرها في المساجد وعبر الإذاعات يبتر الصلاة على آل النبيّ، وهذه مخالفة صريحة للمنصوص في التفاسير والصحاح والمسانيد، فمن قال ذاكراً النبيّ وقال صلّى الله عليه فهي صلاة مردودة ومحجوبة وغير مقبولة وغير مرضية لله عزّ وجلّ، لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله أمر أن تقرن بآل محمّد صلّى الله عليه وآله وإلا فليست بصلاة. في التشهّد الوسطي تقول: أشهد أن لا إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله اللّهم صلِّ على محمّد وآل محمّد كما صلّيت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم. قضية الآل مذكورة في التشهدات الوسطية في الصلوات المفروضة وفي الصلاة المندوبة، ماذا نعني بالآل؟ ولماذا يقرنون مع النبيّ حتّى في الصلوات؟ لا شكّ أنّ المراد بالآل هم عليّ وفاطمة والحسن والحسين والتسعة المعصومين من ذرّية الحسين عليهم السلاموهذا من المطالب ال قطعية، وأنّهم هم صنو النبيّ، ولا ينقطعون عنه، وأيضاً هم ورّاثه بالحق من قبل الله لا وراثة ملوكية، وإنّما نصّ قرآنيّ {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً}. الجعل ليس جعل أندية وسقائف وشورى وما أشبه، وإنما الجعل فرض من الله. {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ} الجعل فرض من الله لا يمكن أن يدع هذه الاُمة الكاملة المتكاملة بدون أن يجعل لها وصيّاً، والحال أنّه بإجماع المسلمين ما من نبيّ إلاّ وله وصيّ، وهذا كتاب الله ينطق علينا بالحق، فإنّ موسى أوصى إلى أخيه هارون، وهكذا كل الأنبياء ما استخلفهم أحد، من غير صنف الأنبياء أو الأوصياء، لا يوجد في التاريخ النبوي أن أنبياء الله قد استخلفوا في مقامهم أحداً من الناس، أو أحداً من الأقرباء أو الأوصياء أو ما شابه، وإنما هو نص من الله إلى ذلك النبيّ، هذا هو الحقّ وما بعد الحقّ إلا الضلال. وفي شأن أسرار الصلوات، قال أحد علماء أهل السنة واسمه محمّد بن سعيد: عاهدت نفسي أن أصلّي على النبي صلّى الله عليه وآله قبل النوم بعدد معين، فنمت ليلة مع أهلي في بعض الغرف، فرأيت النبيّ صلّى الله عليه وآله قد دخل فيها، وأشرق بنور جماله جدرانها، فالتفت إلي وقال: أين الفم الذي كان يصلّي عليّ حتّى أقبّله؟ فاستحييت من تقديم فمي فقدمت وجهي فقبله، فانتبهت من كثرة الفرح وأنبهت أهلي، فكانت الغرفة تفوح من طيب رائحته، كأنّها ملئت من المسك الأذفر، وكانت تلك الرائحة تفوح من وجنتي إلى ثمانية أيام تشمّها كل الأنام. خصائص النبيّ صلوات الله عليه وعلى آله: 1 ـ أنّه لا فيء له، فإذا كان يمشي لم يكن له ظلّ، لأنّه كان كما يقول الشيخ المجلسي: كان إذا مشى في ضوء الشمس غلب نوره الشمس والقمر والمصباح، النبيّ صلّى الله عليه وآله ليس له ظل حتّى في أوّل النهار وآخره، لأن نوره غلب نور كلّ شيء، فما سبب ذلك؟ لم يكن للنبيّ ظلّ، أوَ تعلم سرُّ ذلك؟ لأن في ظل النبيّ شمس المولى عليّ، هذا البيت مترجم عن الفارسية. ما الدليل من القرآن؟ قال تعالى في آية المباهلة {وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ}، أنفسنا هو عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فإذا كان عليّ عليه السلام نفس رسول الله صلّى الله عليه وآله فهو نوره الذي كان مندمجاً، معه فهما نور واحد. قال صلّى الله عليه وآله: خلقت أنا وعليّ بن أبي طالب من نور واحد، نسبّح الله يمنة العرش قبل أن خلق آدم بألفي عام. 2 ـ ما مرّ على مكان إلاّ وكان طيبه وعرف طيبه منتشراً في ذلك المكان لمدة ثلاثة أيام أو أكثر(. 3 ـ ما مرّ على حجر ومدر إلاّ وسجد للمصطفى صلّى الله عليه وآله وقد رأى يوسف عليه السلام ـ ورؤياه صادقة ـ أن الشمس والقمر والكواكب قد سجدت له {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ}وأمر الله تعالى الملائكة أن تسجد لآدم، فمن هو أفضل آدم أم الخاتم؟ خاتم الأنبياء محمّد صلّى الله عليه وآله هو أشرف الخلق على الإطلاق. ومن أسرار الصلوات روي أنه دخل رجل على الصادق عليه السلام: فقال: إني دخلت البيت، فلم يحضرني شيء من الدعاء إلاّ الصلاة على النبيّ صلّى الله عليه وآله، فقال عليه السلام: «ولم يخرج أحدٌ بأفضل مما خرجت». كان عندما يمرّ على هذه الرواية في البحث الفقهي يقول: ومن هنا نفتي بأن أفضل الأعمال وأفضل الأذكار وأفضل المندوبات ذكر محمّد وآله بالصلوات، هذا الذكر هو الإكسير الأعظم. وكان نبي الله عيسى يقول دائماً: أبشركم بنبيّ الإسلام الأعظم {وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ } كان عيسى عليه السلام وهو من أولي العزم يخاطب الحواريين أنّ هناك بشارة لكم، إنها أعظم بشارة، سيأتي الموعود وأفضل الأنبياء والمرسلين من قبل المعبود الحق تبارك وتعالى، سيأتيكم محمود أحمد محمّد صلوات الله عليه وعلى آله، الأنبياء يبشرون، الأولياء يبشرون، وكلهم مدارهم عليه. |
الساعة الآن »12:07 AM. |