منتديات موقع الميزان

منتديات موقع الميزان (http://www.mezan.net/vb/index.php)
-   ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام (http://www.mezan.net/vb/forumdisplay.php?f=128)
-   -   أفلا تذكّرون.. (http://www.mezan.net/vb/showthread.php?t=10358)

خادم الزهراء 10-Jul-2009 12:08 PM

أفلا تذكّرون..
 
نقدم هذا الحوار بين سماحة آية الله المحقق الجليل السيد جعفر مرتضى العاملي وأحد النواصب فرحان المالكي بعنوان

أفلا تذكّرون..
حوارات في الدين والعقيدة



باهتوهم!!

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.

فقد كـان العزم منعقداً على أن يكون عنوان واسم هذا الكتاب، هو (باهتوهم!).

لكنني عدلت عن ذلك في اللحظة الأخيرة، أي في الوقت الذي كان فيه الكتاب يأخذ طريقه إلى المطبعة.. وذلك لكي لا يساء فهم ما أرمي إليه، أو يجعل ذلك ذريعة للطعن في النوايا، الأمر الذي قد يؤثر على كثير من الإخوة الأعزاء، ويصرفهم عن السعي للاطلاع على مجريات هذا الحوار، وعلى المفردات التي طرحت فيه، وعلى الطريقة التي تعاطى بها الطرف الآخر مع محاوريه، ومع أسئلتهم ومع أدلتهم.

وأما لماذا كنا عازمين على تسميته باسم: (باهتوهم) وهو اسم ينضح بالتحدي؟!، فهو أمران:

أحدهما:

أنه هو الاسم المعبر عن الحقيقة بدقة وأمانة.. حيث قد ظهر: أن الطرف الآخر في هذا الحوار، وهو حسن بن فرحان المالكي، يصر على تسويق مقولة جارحة وخطيرة، وهي: ادعاء وجود غلو وأكاذيب في التسنن وفي التشيع، ولدى أهل السنة والشيعة على حد سواء..

بل إن المراجع لمجمل طروحاته وكلماته يشعر: أنه ليس لهذا الرجل همٌّ وشغل إلا متابعة ونشر وإلقاء هذا النوع من المقولات في أذهان الناس وعقولهم، مشفوعاً ذلك منه بسعي آخر هادف إلى تشكيك الناس في عقائدهم، سنة كانوا أو شيعة، وإن كان ضغطه على الطرف الشيعي أشد وأعنف!!..
وفي ظل تلك الادعاءات وهاتيكم الاتهامات، وفي أجواء هذا التشكيك، والعمل على إحداث خلل ووهن وضعف في عقائد الناس، وزعزعة ثقتهم بما لديهم، بل بكل ما يحيط بهم، تجده يطرح البديل على شكل شعار مثير، وغائم، ومطاط، هو شعار (الاعتدال)، ليكون هو المرجع بعد إسقاط ما يزعم أنه حالات غلو، وبعد نبذ الأكاذيب من الطرفين، كما يحلو له أن يقول..

وحين تطالبه بتحديد المفردات التي يعتبرها أكاذيب، وبيان الضابطة التي تحدد ما هو الغلو، وما فيه اعتدال وتميزه عن غيره، فإنه يحاول التملص والتخلص بشتى الوسائل، ولكنه لما أعيته الحيلة، اعترف في رسالته الأخيرة بعجزه عن تحديد ذلك..

وعلى كل حال، فإن أسلوبه هذا يشير إلى: أن وراء الأكمة ما وراءها.. وأن فسح المجال للدعوة لنبذ ما في التسنن والتشيع معاً، ثم الإتيان بدين جديد، مما لا مجال للسماح به، في أي ظرف، ومهما رفعوا لنا من شعارات غائمة ومطاطة، ليس لها معيار، ولا ضابطة لها، سوى أذواق هذا النوع من الأشخاص، وآرائهم واستحساناتهم.

إن هذه المحاولات لا بد من التصدي لها، والوقوف بوجهها، وفضح أساليب وطرائق المتصدين لها، وتحذير الناس من الوقوع في حبائلهم.

هذا، وقد واجه الشيعة حالة من هذا القبيل في السنوات الأخيرة، حيث ظهر شخص ما فتئ يرفع شعار التجديد والاعتدال، ويدعو إلى نبذ التخلف، و التعصب، والغلو..

ثم بدأ يطرح أموراً غريبة عن التشيع، وكثير منها غريب عن التسنن أيضاً.. وهي بمجموعها تؤسس لدين جديد..

فتصدى له علماء الشيعة ومراجعهم، وفندوا آراءه، وفضحوا أهدافه، وأسقطوا مقولاته بالأدلة العلمية، وبالبراهين الصحيحة والقاطعة، وأعلنوا عن فسادها بصراحة وقوة ومسؤولية.

فمني المشروع الكبير الذي كان يحلم به هذا الشخص، ويخطط له، بالفشل الذريع، وبالسقوط المحتم، بعد أن سقطت المقولات التي تؤسس له، ويراد له أن يقوم عليها.

ولذا فقد ازداد عطف واهتمام أركان هذا التيار المتستر بشعارات التجديد والاعتدال عليه، ومنهم حسن بن فرحان المالكي في رسالته الأخيرة، وما زالوا يظهرون سخطهم على علماء الشيعة، لأنهم واجهوا ذلك الرجل بالحق الصريح، وبالكلمة المسؤولة والواعية.

وقد لوحظ أيضاً أن من أنصاره المتحمسين له، والمدافعين، عنه دعاة التغريب والعلمنة، الذين يريدون إسلاماً يفسح لهم المجال لممارسة كل رغباتهم، ويريدون أن يحملوا هوية الإسلام، ليستفيدوا من خيراته، ويضعوا أنفسهم على قمة الهرم في المجتمع الإسلامي، مع احتفاظهم بكل ملذات وشهوات، وطريقة وأسلوب حياة، وارتكاب موبقات المدنية المادية الحاضرة، والحصول على كل ما هو حسن وسيء، وصالح وفاسد فيها..

ومهما يكن من أمر، فإن ما يدعو إليه حسن بن فرحان المالكي تقريباً هو نفس ما يدعو إليه هذا الرجل الذي تحدثنا عنه، ويصب في نفس الاتجاه، ويتابع نفس المشروع.
وسيظهر هذا الحوار: أننا قد سعينا إلى طرح القضايا التفصيلية على بساط البحث، وفقاً للمناهج العلمية الصحيحة التي يرضاها العقل والوجدان، ولا يشذ عنها باحث، يعيش روح المسؤولية والالتزام..

وإذا به وقد أحرجه ذلك، ولم يجد في من حوله من يستطيع أن يسعفـه بشيء.. وواجه أنـوار الـحقائق الساطعة، وأدلتها القـاطعة، قد بـهـت وسكت، وأسقط في يده، ولم يجد سبيلاً للتغطية على عجزه الظاهر، سوى معاودة كيل الشتائم، والإصرار على الاتهام الباطل، واللجوء إلى التعريضات المؤذية، والكلمات الجارحة، وإطلاق الادعاءات الفارغة من جديد، مع تجاهل فاضح لكل ما قيل لـه ومـا يمكن أن يقـال فيه، وعنه.

فظهر مما قدمناه: أن مقصودنا بكلمة (باهتوهم) هو التعبير عن حالة هذا الرجل حينما واجهته الأدلة، ووضعت له النقاط على الحروف، حيث بهت، ولجأ إلى الاتهام والتجريح.
الثاني:

إن كلمة (باهتوهم) قد وردت في الروايات الشريفة، التي تحث على التصدي لمن يسعى للابتداع في الدين، ومواجهته بالحقائق ليبهت، ويسقط ما في يده، فقد روي بسند صحيح عن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
(إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي، فأظهروا البراءة منهم، وأكثروا من سبهم، والقول فيهم، وباهتوهم، كي لا يطمعوا في الفساد في الإسلام. ويحذرهم الناس، ولا يتعلمون من بدعهم يكتب لكم بذلك الحسنات، ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة)[1].

فقوله (باهتوهم) إنما يقصد به إلزامهم بالحجج القاطعة، وجعلهم متحيرين، لا يحيرون جواباً كما قال الله تعالى: {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ}[2] وهذا هو ما استظهره المجلسي (رحمه الله) أيضاً[3].

وهذا بالذات هو ما جرى لحسن بن فرحان المالكي، الذي ظهر في بادئ الأمر يوزع التهم يميناً وشمالاً، ويصنف الناس وينال من المذاهب الإسلامية المختلفة، وخصوصاً الشيعة والتشيع..
مع أن محاوريه وهم يكلمونه بأدب وبموضوعية، وهو يمعن في توجيه الإهانات، بالكناية تارة وبالتصريح أخرى، حتى لقد وصف الشيعة بأنهم أكذب الفرق، واعتبر قوله هذا مستنداً إلى مراجعة علمية، جعلته يتيقن بصحة قوله هذا.

ووصفهم بالغلو أيضاً تارة، وبأن عندهم مشكلة في التوحيد أخرى، إلى غير ذلك مما يجده المتتبع في كلماته المختلفة.

ولكنه حين واجه الـرد العلمي الحـازم والصريح، صعق أمـام الحقائق الدامغة، وانتهى به الأمر إلى الإحجام عن الإجابة على أي مناقشة علمية صريحة، وإذا بذلك الرجل المنافق، الذي يتكلم بفوقية ظاهرة، وبزهوٍ مثير، ينكمش على نفسه، ويتضاءل، ويتضاءل، ثم ينسحب من ساحة البحث العلمي، بصورة لا يحسد عليها. وقد بخل حتى بإبلاغ المحاورين عن أسباب انسحابه، ربما لأن يصعب عليه أن يظهر بمظهر الضعيف المتهالك.. فيا سبحان الله.. كيف كانت البداية.. ثم كيف جاءت النهاية..

نعم.. وهذا مصير من يتجرأ على الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، صلوات الله وسلامه عليها.. ويسعى إلى المساس بحقائق الدين، تحت شعار الاعتدال.
والحمد لله رب العالمين.

-----

[1] الكافي ج2 ص375 والبحار ج71 ص202 وج72 ص161 و235 ومستدرك سفينة البحار ج1 ص264.
[2] سورة البقرة / 258.
[3] بحار الأنوار ج71 ص204.


يتبع >>>

خادم الزهراء 10-Jul-2009 04:36 PM

{ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }
تقديم:
بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين، محمد وآله الطيبين الطاهرين.. واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، من الأولين والآخرين، إلى قيام يوم الدين..

وبعد..

فإن للحوار العلمي والموضوعي الهادف أثراً عظيماً في تجلي الحقائق وبلورتها، وإزالة الشوائب، التي تعلق بها، مما تنسجه حولها الأوهام القاصرة حيناً، أو المتغافلة عن تقصير أخرى، فلا تقوم بما يفرضه عليها الواجب من رصد دقيق للحيثيات والجوانب التي لا بد من الإحاطة بها، ليمكن حصحصة الحق بصورة قاطعة للعذر، ومرضية للوجدان، وللضمير.

وربما تكون الشبهات، والشوائب قد علقت بتلك الحقائق، نتيجة عمل غير أخلاقي، يمارسه ثلة من الناس عن سابق عمد وإصرار، خضوعاً منهم لبعض العصبيات، أو انسياقاً مع مشاعر أفقدتهم حالة التوازن، وأبعدتهم عن جادة التعقل والإنصاف.

وربما يكون لحالات خوف من متسلط، أو طمع بمقام أو نوال، ما يحفزهم للعمل على طمس معالم الحق، واتخاذ سبيل الباطل.

وعلى كل حال، فإنه بمقدار ما يكون الحوار جاداً، ومخلصاً، وأخلاقياً ومسؤولاً، وخاضعاً للرقابة الشرعية، والوجدانية، والإنسانية، وملتزماً بالضوابط العلمية بدقة، فإنه يكون حواراً كثير الفوائد، جم العوائد، من شأنه أن يغني الفكر، ويعمق الإيمان، ويقوي العقيدة، ويصونها.

بل إنه حتى لو تجلى هذا الإخلاص والجدية في طرف دون طرف، فإنه سيكون أيضاً حواراً مباركاً، يحبه الله تعالى، ويوفق من أخلص لله فيه في الدنيا والآخرة, لأنه سيسهم في ظهور الحق، بمقدار ما يبذله ذلك الطرف من جهد، وما يتعرض له هذا الجهد من نفحات إخلاص وتقوى..

وهذا الحوار الذي بين يدي القارئ، قد جاء ليعبر عن هذه الحقيقة بالذات، فلا غرو أن يجد قارئه فيه الكثير الكثير من الأمور التي تفيد في فتح نوافذ متنوعة، ستعطي الإطلالة منها استشرافاً لآفاق جديدة ورحبة، فيها الكثير مما يلذ لكل أحد أن يلم به، ويتعرف عن كثب عليه.

كما أن في هذا الحوار الكثير مما يفيد في إيجاد منافذ، سيجد المتعمق فيها نفسه أمام الكثير من الكنوز التي طالما تشوق للوصول إليها، وسعى للحصول عليها.

وإنها، أعني هذه المنافذ وتلك النوافذ، لتخاطب اللبيب الأريب بألف لسان، وتغنيه عن كل بيان.

ولن يعكر عليه صفو هذا المعين الزلال إلا شيء واحد، وهو ما سيلمسه من عدم وجود تكافؤ في صراحة الكلمة، والاستسلام للحق، والبخوع له، حيث سيلمس جرأة ظاهرة وإصراراً قوياً على قول الحق وفي البخوع له لدى طرف، وإحجاماً وتردداً، بل وغمغمة، ولجلجة، تصل إلى درجة التعمية العمدية، والتجاهل السافر للحق الصراح، وللأدلة الواضحة لدى الطرف المقابل..

وفي جميع الأحوال، فإنه قد جاء حواراً قوياً، ومؤثراً، وحماسياً. ولكن جاءت هذه القوة موزعة في اتجاهين متقابلين:

أحدهما: اتجاه تجلت فيه الجرأة على قول الحق، مع قوة حجاج واحتجاج، وإصرار، والتزام، وملاحقة لكل صغيرة وكبيرة. ومتابعة لأدق التفاصيل.

والثاني: ذلك الاتجاه الآخر الذي ظهر فيه الإصرار والحرص على حشد واستنفار كل القوى للحفاظ على موروث أظهرت الدراسات العلمية المنصفة أنه بات عبئاً، لا يجد أية مبررات مقبولة أو معقولة لحمل ثقله، إلا تحمل الضنا والتعب بلا سبب، وهذا هو السفه الظاهر، الذي لا يرضى أحد أن يتهم به، أو أن ينسب إليه..

بل إن ما أظهره هذا الحوار من جنوح ظاهر لدى طرف بعينه، للإيغال في تأويلات وتبريرات تذهب بماء الوجه، وتسقط الشعارات المرفوعة التي تدعي العلمية والإنصاف و.. و.. إلخ.. لهو أمر يزيد الإنسان العاقل حيرة، وعجباً!

وهو يرى أن هذا الثمن الباهظ الذي يدفع لحفظ بعض اللمعان لصورة ذلك الموروث التي مزقتها التشوهات القبيحة، سيكون أغلى بكثير من القيمة الحاضرة لذلك الموروث نفسه، الذي كان حتى وهو في أفضل حالاته، وأرضى صفاته، مجرد تشوهات حزينة وقاسية، قد ظهرت في شنٍّ بالي، أو خيال ساري، فكيف.. وقد بادت معالمه تحت ظلال مرهفات السيوف، وفي معترك حداد الأسنة عبر الأحقاب الخالية، و الأجيال المتمادية..

ولكن رغم هذا وذاك نقول: رب ضارة نافعة، ورب خافضة رافعة، فهناك من يرى أن هذا التناقض في الاتجاهين هو الذي يعطي لهذا الحوار قيمته، ويزيده حيوية وبهجة، ويجعله أكثر إثارة.. وأعظم إسهاماً في إظهار الحق لمن أراد الحق..

فإلى القارئ الكريم نقدم هذا الحوار وقد كان على الإنترنت، وبالتحديد على موقع (شبكة الميزان) المباركة، وكان أحد طرفي الحوار هو (الشيخ حسن بن فرحان المالكي).

وفقنا الله جميعاً لكل خير وسداد، وأخذ بأيدي الجميع في طريق الهدى والرشاد.

والحمد لله، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى، محمد وآله الطاهرين.

يتبع >>>
نسألكم الدعاء

خادم الزهراء 11-Jul-2009 10:49 AM

القسم الأول: حوار حاسم

السؤال المثير: من العاملي إلى المالكي


بسم الله الرحمن الرحيم

الأخوة الكرام في (صفحة الميزان)..

وفقكم الله لما فيه خير هذا الدين، وكتبكم من المدافعين عنه، والهادين إليه.

سماحة الشيخ حسن فرحان المالكي حفظكم الله.

أسأل الله أن ينفعنا وإياكم بهذا اللقاء المبارك إن شاء الله، وأن يهدينا سواء السبيل. شيخنا العزيز السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

السؤال:
من كان إمام الزهراء(عليها السلام)، مع أنها لم تمت ميتة جاهلية بلا شك، وقد ماتت وهي مهاجرة لأبي بكر، فهو لم يكن إمامها فعلاً.

يتبع>>>

نسألكم الدعاء

والسلام عليكم ورحمة الله.

خادم الزهراء 11-Jul-2009 10:53 AM

الفصل الأول: الإجابة الأولى.. والرد..
1 ـ الإجابة الأولى..

قال المالكي:

الأخ هادي العاملي:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

سبق الجواب على سؤالك فيما مضى.. فقد سبق أن ذكرت أن مسألة أحاديث الوعيد من الأمور المتعلقة بـ (الأسماء والأحكام) التي خاض المسلمون بطوائفهم حروباً كلامية كثيرة، ليس كل من خرج على الإمام مات ميتة جاهلية بالمعنى الحرفي للحديث، وقد ذكر له العلماء تأويلات كثيرة لتعارض ظاهره مع أدلة أخرى، فنحن ينبغي أن ننظر في مجمل الأدلة كلها، لا أن نتمسك بأحاديث الوعيد، أو أحاديث الرجاء..

وأنا لا أقول ببطلان إمامة أبي بكر، ولا بموت الزهراء ميتة جاهلية، لكن من رأى بطلان إمامة أبي بكر أو موت الزهراء ميتة جاهلية يبقى مسلماً، وإن ارتكب في هذا الرأي خطأ عظيماً..

فالخوارج كفروا علياً، وهو كالزهراء في الفضل، ولم يكفرهم علي بذلك..

أيضاً إغضاب الزهراء بتأويل، أو لغضب عارض، أو نحوه، يختلف عن إغضابها بغضاً ومعاداة، بل حتى إغضاب النبي (ص) بحسن نية واجتهاد ليس كفراً، أما إغضابه تعمداً وعناداً فهو من علامات النفاق والكفر..

الأمور تحتاج أن نبحثها بهدوء، بعيداً عن ضيق المذهبيات..
حسن بن فرحان المالكي

يتبع>>>

نسألكم الدعاء

خادم الزهراء 13-Jul-2009 10:15 AM

2 ـ الرد..
 
ـ الرد..
هذا هو الرد:
بسم الله الرحمن الرحيم
حضرة الشيخ فرحان المالكي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بالنسبة لإجابتكم على سؤالنا عن الذي كانت الزهراء تعتقد إمامته، وهل أنها حين لم تر إمامة أبي بكر ماتت ميتة جاهلية أم لا..

نقول:

إن لنا على إجابتكم عدة ملاحظات نأمل أن يتسع لها صدركم. وهي التالية:

1 ـ إنه ليس لجنابكم أو لأحد غيركم أن يدعي: أن هذا الشخص، أو تلك الفئة تنطلق في مواقفها أو في فهمها للأمور من ضيق المذهبية، الذي لوّحتم بالاتهام به في نهاية إجابتكم، وهي الصفة الطاغية على كثير من أجوبتكم، التي قرأناها في هذه المحاورة.

ومعرفة كون الداعي هو الضيق المذهبي أو غيره يحتاج إلى علم الغيب.

لذا فإن على هذا الشخص أن ينظر في أدلة هؤلاء وأولئك ليناقشها، فإما أن يقبلها، أو أن يردها بالدليل والبرهان.. وإلا فإن الآخرين أيضاً قد يجيزون لأنفسهم أن يقولوا عنه: إنه هو الآخر يتظاهر بالاعتدال، ليخدع الناس بالكلمات المعسولة، وليمرر ما يمكنه تمريره على حين غفلة من الناس البسطاء والسذج.. إنه يتهم الآخرين بالضيق المذهبي على سبيل الإسقاط على الطرف الآخر.. أي أنه هو الذي يعاني من هذا الأمر الذي يسقطه على الآخرين بالتذاكي عليهم، وإظهار خلاف الواقع لهم..
إننا نحب أن نبتعد في البحث معك عن هذه الأجواء، لنعيش أجواء البحث العلمي الموضوعي والمنصف..

2 ـ من أين عرفت أن الإغضاب بتأويل، أو لغضب عارض (على حد تعبيرك) يختلف عن الإغضاب بغضاً ومعاداة، من حيث إن هذا يوجب إغضاب الله ورسوله دون ذاك.

فإن قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): يرضيها ما يرضيني، ويغضبها ما يغضبني، أو يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها، قد ورد مطلقاً غير مقيد بشيء مما ذكرتم.

فهل هذا الذي ذكرتموه إلا تخرص ورجم بالغيب، واقتراح وتبرع يخالف ظاهر كلام الرسول، الدال على أن كل إغضاب لها هو إغضاب له، بل هو إغضاب لله تعالى؟!..

3 ـ إننا لم نسأل عن حكم من يقول:

إن الزهراء (عليها السلام) ماتت ميتة جاهلية، وهل هو مسلم أو لا؟

ولـم نسأل عن حكم من يـرى بطلان إمامة أبي بكر، هل هو مسلم أم لا؟

لتقول لنا: إن من رأى بطلان إمامة أبي بكر أو موت الزهراء ميتة جاهلية يبقى مسلماً..

4 ـ قد ذكرت في إجابتك: أنك لا تقول: ببطلان إمامة أبي بكر، ولا بموت الزهراء ميتة جاهلية..

مع أن سؤالنا هو عن إمام الزهراء من هو؟

فإنها لم ترض بإمامة أبي بكر قطعاً، فإما أن تكون قد ماتت بلا إمام، فتكون مصداقاً لقول الرسول (صلى الله عليه وآله) في ذلك. وتكون قد ماتت ميتة جاهلية. أو أن إمامها كان غير أبي بكر، وليس هو إلا علي (عليه السلام)، وقد سلَّمَت له بذلك، ووافَقَت على إمامته، وأصابها ما أصابها في هذا السبيل.

فإن كانت إمامة أبي بكر قد انعقدت قبل ذلك وجب عليكم الحكم بوجوب قتل علي والزهراء، وإن لم تكن قد انعقدت فمتى تم انعقادها يا ترى؟

وهل غضب الزهراء (عليها السلام) على بيعة أبي بكر وسخطها لهـا، ومحاربتها لها يسقطها عن الشرعية، لأنها تصير بيعة، وإمامة مغضبة لله وللرسول؟!، لأنها أغضبت من يغضب الله ورسوله لغضبها..

ولقد أوردنا لك هذا التوضيح لسؤالنا، لأننا أدركنا: أن الأمر يحتاج إلى ذلك ونعود فنقول:

لقد ماتت الزهراء (عليها السلام) مهاجرة لأبي بكر، وأوصت أن تدفن ليلاً حتى لا يحضر هو ولا عمر جنازتها.

وهي إنما غضبت في سياق الاعتراض على تصديه لأمر الإمامة، من جهة، ولاغتصاب فدك من جهة أخرى.
وقد أوضحت أنها تتهمه في أمر فدك بأحد أمرين:

أولهما: أنه لم يعرف معاني القرآن، وأنه قد خالف آياته..

ثانيهما: أنه يتعمد ذلك.

وكلا الأمرين مضر جداً في أهليته للإمامة باعتقادها. فكيف يمكن حل هذه المعضلة؟!.. لنخرج بنتيجة: أن الزهراء لم تمت ميتة جاهلية من جهة، وأن أبا بكر قد انعقدت إمامته بطريقة سليمة وقويمة من جهة أخرى..

وأحب أن يكون الجواب دقيقاً، وفي صلب الموضوع مورد البحث.

5 ـ قد ذكرت في إجابتك:

أن إغضاب النبي (ص) باجتهاد ليس كفراً..

وهو أمر عجيب وغريب، أفلا يدخل الإغضاب في الأذى الذي هو مدلول قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً}[4].

إن هذه الآية ظاهرة الدلالة على أن أذى النبي يوجب اللعنة في الدنيا والآخرة، والعذاب المهين.

وإغضاب النبي أليس أذى له؟!..

وهذه الآية لم تفرق بين الأذى عن اجتهاد وتأويل وحسن نية، وبين الأذى عن غير اجتهاد.

وهل الاجتهاد والتأويل سائغ فيما يغضب الله ورسوله؟!.

وحين يشعر المؤذي بغضب الله ورسوله، ألا يفترض فيه أن يتراجع، وينقاد ويستسلم.. لما يريده الله ورسوله منه، لتزول اللعنة عنه؟! أم يبقى مصراً على اجتهاده وتأويله؟!..

فهل تراجع أبو بكر عن اجتهاده، لكي لا يؤذي الله ورسوله بأذى فاطمة؟ أم بقي مصراً عليه؟!..

واستمر هذا الغضب وهذا الأذى إلى حين الموت، حتى أوصت أن تدفن ليلاً ولا يحضر من آذاها جنازتها؟!.

وهل هذا التفريق بين أنواع الأذى إلا من قبيل التبرع، والاقتراح، والاجتهاد، في مقابل ظهور النص وإطلاقه وعمومه؟!.

وإذا لم يكن تبرعاً واقتراحاً، فنحن نطالب بالشاهد الدلالي عليه..

6 ـ لقد قلت في إجابتك: إن الخوارج كفروا علياً، ولم يكفروا بذلك..

وهذا أعجب وأغرب، لأنه يستبطن الرد على الرسول (صلى الله عليه وآله)، الذي حكم على الخوارج بأنهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، وأنهم يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم.

وهو حديث لا ينكره مسلم. ولا مجال للتأويل فيه، إلا إذا كانت تأويلات باردة، وتوجيهات سقيمة وفاسدة، ليس لها شاهد، ولا يقوم بها برهان.

هذا بالإضافة إلى ما ورد من أن من كفّر مسلماً فإنه يكفر هو بذلك. وعلي (عليه السلام) كان صفوة الإسلام.

وقد طهره الله تعالى بنص كتابه الكريم.

وقد ثبت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): أن سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. فما بالك بقتال علي؟! وما ظنك بمن يخرج على إمام زمانه ويقاتله، كما هو حال الخوارج؟!..

7 ـ وإذا قيل: إن الخوارج قد قاتلوا بتأويل واجتهاد، فهم معذورون في ذلك، وإن أخطأوا في اجتهادهم..

فإنه يقال:

أولاً: من أين ثبت لكم اجتهاد هؤلاء القوم الذين وصفهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بما ذكرناه آنفاً؟!

فإن قوله (صلى الله عليه وآله) فيهم يدل على أنهم ليس لهم أي قدم في هذا الدين، فكيف يدعى الاجتهاد لهم؟!

وما هي شروط الاجتهاد المفروض؟!

وهل هذه الشروط متوفرة فيهم؟!

وكيف ثبت لكم توفر تلك الشروط فيهم، وبلوغهم مرتبة الاجتهاد؟!

ثانياً: إذا كانت دعوى التأويل والاجتهاد تبرِّئ من ادعيت له، فإن ذلك سيجر إلى تبرئة عبد الرحمن بن ملجم في قتله علياً، وتبرئة يزيد، بل تبرئة عمر بن سعد، والشمر، وحرملة في قتلهم الحسين (عليه السلام) وأطفاله.. وتبرئة قتلة عثمان من الصحابة والتابعين، وتبرئة قاتل عمار بن ياسر.. بل تبرئة أبي لؤلؤة قاتل عمر أيضاً.. حيث إن دعوى مجوسيته ليس لها شاهد، ولا تثبت بدليل قاطع.

ثالثاً: إن فتح باب التأويل. وإعذار المتأولين يفتح الباب أمام مقولات لا يمكن الالتزام بها، إذ ما الفرق بين دعوى التأويل في قتل الإمام أو في تكفيره، وبين ادعاء التأويل في آيات القرآن، بحيث يفسح بذلك المجال لادعاء نبوة بعد نبينا (صلى الله عليه وآله).. كقول بعض أهل الضلال: إن آية: {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} يقصد بها إحاطة النبي (صلى الله عليه وآله) بالأنبياء، وعلومهم، كإحاطة الخاتم بالإصبع.

وبذلك أمكنهم أن يضللوا الناس بادعاء النبوة لهذا ولذاك، كما نشاهده عبر التاريخ..

وإذا ارتكب بعضهم جريمة قتل الوصي والإمام بناء على التأويل والاجتهاد، أو ادعى النبوة بناء على ذلك، فاللازم أن لا يقتل، لأنه مجتهد مأجور، قد حرم من أجر واحد، ونال أجراً على اجتهاده ذاك الذي انتهى بضلال الناس، أو بقتل مؤمن، أو طفل في كربلاء، أو إمام كالإمام علي في مسجد الكوفة.

بل لماذا لا تعم هذه العصا السحرية حتى الاجتهاد في الألوهية، وما يؤدي إلى الزندقة والإلحاد؟!!

8 ـ قد ذكرتم في إجابتكم أن من قال: إن الزهراء ماتت ميتة جاهلية يبقى مسلماً.
ونقول:

كيف يبقى من يقول ذلك مسلماً، وهو يكذب بذلك نص القرآن الكريم في آية التطهير؟!.

إلا أن يقال: إن الميتة الجاهلية ليست رجساً!! ولا نظن أن مسلماً يجرؤ على هذا القول.

كما أن من يقول بذلك يكذب قول الرسول حول أن إغضابها وإيذاءها أذى لله ولرسوله.. فإن الذي يموت ميتة جاهلية لا يمكن أن يكون إغضابه بهذه المثابة.. بل لا بد من إغضابه، إذا كان إرجاعه إلى الصواب وإلى حظيرة الإسلام يحتاج إلى ذلك..

9 ـ لقد ظهر من جوابكم على السؤال: أنكم تحاولون التشبث ببعض التعميمات، والإحالة على مبهمات، فقلتم: إنه ليس كل من خرج على الإمام مات ميتة جاهلية. على أساس أن قول النبي مقيد، وليس بمطلق. ولم تستطيعوا أن تفصحوا عن هذا الذي أوجب التقييد، إلا بإطلاق القول على سبيل الفتوى والاجتهاد..

ثم قلتم: إن للعلماء تأويلات عديدة لقول النبي (ص) هذا، وأما ظاهره فيتعارض مع أدلة أخرى.
ونقول لكم:

لا بد من طرح هذه التأويلات على بساط البحث لنرى مدى صحتها.

ولا بد أيضاً من عرض الأدلة، للنظر في صحة دعوى التعارض..

فإن مجرد دعوى التأويل لا تكفي، خصوصاً إذا كانت على سبيل التبرع والاقتراح، فإن ذلك لا يوجب تقييد النص..

ومجرد دعوى التعارض لا تقبل.. ولا يلتفت إلى إطلاق عبارات عامة ورنانة، إذ ما هو الربط بين أحاديث الوعيد وأحاديث الرجاء، وبين حديث الميتة الجاهلية؟.

10 ـ نأمل أن يتسع صدركم لملاحظاتنا هذه.. فإنها إذا ظهر فيها بعض القسوة فإنما هي قسوة الصراحة في القول.. والإخلاص للحق..

نقول هذا رغم أن في أجوبتكم الكثيرة التي رأيناها (على صفحة الميزان) الكثير من الهنات، وعليها العديد من المؤاخذات التي نرغب في مناقشتها معكم، لكن ذلك يتوقف على مدى تجاوبكم معنا في هذا الحوار الذي بدأناه معكم حول الزهراء (عليها السلام).. وذلك من حيث سلامة التعاطي، والتزام الصراحة، واعتماد الطريقة العلمية الدقيقة والعميقة في الاستدلال، والابتعاد عن التعميمات الغائمة، والتأويلات البعيدة. على أننا نكبر فيكم هذه الروح المنفتحة، والأمر راجع إليكم ومتوقف عليكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

[4] الأحزاب: الآية57.
يتبع>>>

نسألكم الدعاء

خادم الزهراء 16-Jul-2009 10:21 AM

الفصل الثاني: جرأة.. وتمحلات..


1 ـ تمحل الأعذار إلى حد الجرأة على الزهراء(عليها السلام)..

قال المالكي:
الأخ المحترم هادي العاملي.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

سأجيب على نقاطك باختصار ومثلما تنطلق من قناعات فأنا انطلق من قناعات كذلك، وما تسمح به لنفسك فاسمح به للآخرين، لا بد أن نحكم بالإسلام لمن أخطأ في حق فاطمة الزهراء أو أخطأ في حق أبي بكر فلا يوجد سني أو شيعي ـ إذا كان مؤمناً ـ عاقلا وهو يريد مخالفة النصوص الشرعية.

لكن أخي هذه اختلافات يبني كل طرف على أدلة ويضخمها ويقلل أدلة الطرف الآخر.

إذا لم نرتفع فوق المذهبيات ـ ما أمكن ـ فلن نستطيع أن نلتقي على الحد الأدنى الذي تتم به الوحدة الفكرية العامة بين المسلمين وسنبقى في التمزق والفشل..

الإجابات باختصار:
1 ـ نعم أنا أركز على الطائفية والمذهبية وأرى لي الحق في ذلك فمعظم السنة والشيعة متمذهبون هذا رأيي على الأقل ولا أدعي فيه الصواب، وأنا أقلب السؤال عليك وأقول:

من أين عرفت أن إغضاب أبي بكر لفاطمة كان (بغضا ومعاداة)! أنت تحتمل أن إغضاب أبي بكر لفاطمة من باب البغض والمعاداة وأنا أفترض أنه من باب التأويل، ومن القرائن التي تدل على ذلك صلاح أبي بكر وفضله وهجرته وبذله ونصرته للنبي (ص) فتاريخ أبي بكر تاريخ طويل قطعي في نصرة النبي (ص) فكيف تترك هذا القطعي لمخالفة يحتمل فيها التأويل، وكان أبو بكر يحلف أن قرابة النبي (ص) أحب إليه من قرابته وهذا ثابت عنه، فهذه القرائن تدل على أن أبا بكر تأول بغض النظر عن الصواب والخطأ هنا.

2 ـ ما أذكره من التأويل ليس تخرصاً ولا رجماً بالغيب وإنما عملا بالقرائن القوية وجمعا بين النصوص والآثار.

3 ـ تأخذ علي مخالفة الظاهر ولا تأخذ على الشيعة مخالفة ظاهر قوله تعالى:

{وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأنْهَارُ} فإما أن تنكر على الجميع مخالفة الظاهر أو تتركه للجميع، والذي أعلمه ـ وقد أكون مخطئا ـ أن الشيعة الإمامية من أكثر الفرق قولا بالتأويل ومخالفة للظاهر.

4 ـ لا يجب قتل الممتنع عن البيعة ما لم يشق العصا بالسيف (الثورة) وقد ترك علي بعض من لم يبايعه ـ على رأي كثير من السنة والشيعة ـ وترك أبو بكر وعمر سعد بن عبادة فإجبار كل شخص على البيعة غير شرعي، وهذا من كمال الحرية المتاحة في الشرع..

5 ـ سواء اعتقدت فاطمة إمامة أبي بكر أو بطلانها لا يكفر أبو بكر ولا فاطمة والتمسك بالظاهر سبق الجواب عنه..

6 ـ ما ثبت عند السنة هو اختلاف فاطمة وأبي بكر في مسألة الإرث وأموال بخيبر، وفدك، ولم يرد بسند صحيح فيما أعلم أن السبب في الخلاف هو (بيعة أبي بكر).

الشيعة قد يرون أن هذا هو السبب، ويروون في ذلك أسانيد ويبنون عليها ما يبنون، فهذا شأنهم.
لكن هذا لم يصح عندنا السنة، وإذا صح عند قوم دون قوم فلا يكون حجة للطرف الأول على الثاني، ولا بد من معرفة أسباب الخلاف وكيف نحتويه، بدلا من تبادل التكفير المبني على الظنون..

7 ـ سبق أن ذكرت أن بعضهم أغضب النبي (ص) ولم يكفّره النبي (ص). والشيعة يثبتون أن الصحابة في مواضع كثيرة كانوا يغضبون النبي (ص)، ومع ذلك لم يثبت أنه كفّر أحداً بعينه، لأنه يراعي جانب الجهل وحسن النية في ذلك الصحابي، أو جانب الضعف البشري من عصبية لقومه أو نحو هذا.

اقرأ السيرة ستجد كثيرا من القصص التي فيها إغضاب النبي (ص) ولم يأمر النبي (ص) ذلك المغضب له بتفريق زوجته ولا بقتله ولا بمنع أبنائه من ميراثه ولا نحو هذا مما هو معروف في حكم المرتد، وكانت زوجات النبي (ص) يغضبنه أحياناً حتى يهجرهن شهراً كاملاً لكن لم يكفّرهن بذلك فتنبه لهذا!!.

8 ـ كون الزهراء ترى أن أبا بكر لا يعرف معاني القرآن وأنه خالف آياته ـ لو صح ـ لا يكفي دليلا على ثبوت هذا، فالجهل ببعض معاني القرآن لا يتبرأ منه أبو بكر ولا غيره والمخالفة باجتهاد وحسن نية لا تضر إنما تضر المخالفة بعناد وهوى وهو ما نبرئ منه أبا بكر رضي الله عنه..

9 ـ علي لم يكفّر الخوارج وعاملهم معاملة المسلمين وأبقى عليهم فيأهم وأنت الآن تراهم كفاراً مستدلاً بالحديث وترى علياً معصوماً فكيف تجتمع هذه الأمور؟ كيف تجمع القول بعصمة علي وتكفير الخوارج وهو لم يكفّرهم؟

10 ـ دعوى التأويل لا يتم إطلاقها في أهل الدنيا كقتلة عمار ويزيد بن معاوية ومعاوية نفسه وقاتل عمار وقتلة الحسين ونحوهم ممن ذكرت ولا تناول غير المسلم كقاتل عمر..

11 ـ من قال إن الزهراء ماتت ميتة جاهلية ـ ولا أعلم من يقول ذلك ـ فإن من يدعي الإسلام ويتمسك بما تذكره من ظواهر الأحاديث فلا ريب أنه مخطئ خطأ عظيماً، وكذا من يقول بكفر الصحابة من المهاجرين والأنصار يكون مخطئا خطأ عظيما، لكن الفريقين ما دام أنهما يدعيان الإسلام ويؤمنون بالله ورسوله ويقيمون الصلاة ويجتنبون المحرمات.. فإنه يبقى لهما حكم الإسلام..

فالذي يكفّر فاطمة لن تكون عنده من أهل البيت وإنما يكون عنده معنى آخر لأهل البيت بأنهم أمهات المؤمنين وسائر بني هاشم وعلى هذا يمكن أن يبني على (لكل قاعدة شواذ) فيخرج فاطمة (عليها السلام)..

وهذا خطأ بلا ريب عندي لكن صاحبه لا نحكم عليه بالكفر، وكذلك من يكفّر الصحابة له تأويلات للآيات المثنية عليهم لأنه يرى أن هذه الآيات مرتبطة بالاستمرار على الاستقامة، والصحابة ـ على رأيه ـ ارتدوا فبطل الثناء عليهم ومن يقول هذا القول فحكمه كمن يقول بالقول السابق مرتكبا لأمر عظيم ويبقى الحكم له بالإسلام..

لا يجوز أن نتهم أحد الطرفين بتكذيب القرآن الكريم، ولو سألته هل يكذب بهذه الآية أو تلك لأنكر ذلك وأبدى اعتذارات وتأويلات وتلك التأويلات وإن لم تكن صحيحة لكنها تمنع من إطلاق الكفر عليه فتنبه لهذا..

وللأسف أن الشيعة والسنة كل فريق يدعي في الآخر تكذيب نص القرآن، وهذا تظالم من الفريقين فليس هناك من يدعي الإسلام ويكذب القرآن لكنها الخصومات المذهبية فحسب..

ولو رجع أحدنا لأحاديث الترغيب لحكم على الأمة كلها بدخول الجنة ولو رجعنا لأحاديث الترهيب وأخذنا بظواهرها لحكمنا على أكثر الأمة بالنار، وهذا تعامل (ظاهري) منتقى مع النصوص الشرعية وفهمها بعيداً عن الأدلة المعارضة، فنحن نجد مثلاً (لا يدخل الجنة نمام).

ونجد أحاديث أخرى مثل (من بنى لله مسجداً بني له بيتاً في الجنة).

فلو وجد شخص نمام لكنه بنى مساجد فهل نحكم له بالجنة أم بالنار؟.

هنا لا بد من تضعيف أحد الحديثين أو تضعيفهما معاً أو تأويل ذلك بعدم وجود معارض، يصبح المعنى أن (النميمة) من أسباب دخول النار وبناء المساجد من أسباب دخول الجنة.

أما التمسك بالظواهر فيوقع في التناقض والمصادمة بين النصوص.

12 ـ أما قسوتكم فمقبولة ولكن البسط في بحوث هذه المسائل سيأخذ مساحة كبيرة ووقتا طويلا ونحن لا ندعي إحاطة العلم بها وإنما نجيب بما حضر في الذاكرة ولكنني أوصيك وأوصي نفسي بمحاولة معرفة وجهة النظر الأخرى وأدلتها، كما تريد من الآخرين معرفة وجهة نظرك وأدلتها..
حسن بن فرحان المالكي

يتبع>>>

نسألكم الدعاء

خادم الزهراء 16-Jul-2009 10:45 AM

2 ـ الرد الدقيق والشامل..
هذا هو الرد:
بسم الله الرحمن الرحيم

وله الحمد، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين..

حضرة حسن فرحان المالكي..

السلام عليك ورحمة الله وبركاته..

وبعد..
فقد ألمحت في جوابك إلى قسوة في الخطاب معك.. ولكنني راجعت كلامي فلم أجد فيه إلا قسوة الصراحة، وعفوية البيان وصفاءه، وعدم المواربة، والابتعاد عن الإحالة على مجهول.. ولم أرم أي إنسان بالتعصب ولا بغيره.

وآمل أن لا تجد في خطابي هذا معك أيضاً إلا الجهر بالحق، وإلا صراحة في البيان. وأن لا يكون ذلك سببا في تكدر خاطرك، فإن البحث العلمي يهدف إلى بيان الحق، لا إلى النيل من الأشخاص.. ولو أردنا أن نربط بينهما لانسد باب البحث العلمي مع كل أحد..

فليتسع صدرك إذن، ولتطب نفسك. وها أنا في إجابتي على النقاط التي ذكرتها. أقول، وأتوكل على خير مسؤول ومأمول..

1 ـ لقد ذكرت في إجابتك، انه لا بد أن نحكم بالإسلام لمن أخطأ في حق الزهراء. أو أخطأ في حق أبي بكر.

ونقول:
إن الأخطاء ليست على حد واحد، فإن هناك أخطاء في أمور عادية.. ولا يلزم منها محذور خطير، وهناك أخطاء يلزم منها ذلك.. وقد بين رسول الله (صلى الله عليه وآله): أن الخطأ في حق فاطمة (عليها السلام) ليس على حد الخطأ في حق غيرها، بل هو خطير إلى درجة أنه يغضبه هو، ويغضب الله أيضاً.. فلو كان أبو بكر معذوراً في خطئه، فلا معنى لأن تغضب منه فاطمة (عليها السلام)، ولا معنى لأن يغضب الرسول (صلى الله عليه وآله)، ثم لا معنى لأن يغضب الله تعالى.. إلا إذا كانت فاطمة (عليها السلام) لم تدرك معذوريته، فكيف أدركتها أنت إذن؟! فهل ظهر لك ما غاب عنها؟!
2 ـ قلتَ: إن إغضاب أبي بكر لفاطمة كان من باب التأويل. ومن القرائن الدالة على ذلك تاريخ أبي بكر الطويل في نصرة النبي (صلى الله عليه وآله)، وهو تاريخ قطعي، فكيف يترك القطعي بمخالفة يحتمل فيها التأويل؟!

وأقول:
أولاً: لماذا لم تأخذ فاطمة نفسها بهذه القرينة، فهجرته إلى أن ماتت.. فهل كانت عالمة بها أم كانت جاهلة؟.

فإن كانت عالمة بها فكيف لم تعمل بمقتضاها؟.

وإن كانت جاهلة بها، فكيف جهلتها الزهراء (عليها السلام) وعرفها الآخرون بعد ألف وأربعمائة سنة؟.

وعلى كلا التقديرين، لماذا لم ينهها الصحابة ـ وعلي معهم ـ عـن المنكر، وإن كانت جاهلة بهذه القرينة القطعية ـ عندكم ـ فلماذا لم يعلموها ـ وعلي معهم ـ ما جهلته؟ بل هم جميعاً قد تركوها، ووقف علي (عليه السلام) إلى جانبها في ذلك، فلم يبايع أبا بكر إلى أن ماتت..
ثانياً: لا نريد أن نناقش في صحة القرينة التي ذكرتموها حول نصرته وغير ذلك، فإن أبا بكر قد فرّ في أحد، وفي حنين، وفي خيبر، وفي الأحزاب، ولم يبادر إلى الحصول على الجنة التي وعد الرسول (صلى الله عليه وآله) بها من يبرز لعمرو بن عبد ود.

وإنما نريد أن نفترض صحتها، ولكن السؤال هو:كيف أصبحت هذه القرينة قطعية؟!.
أليس نرى أن كثيرين تكون حياتهم حياة صلاح، ثم يضلهم الشيطان في آخر عمرهم؟! وكذلك العكس، فإن كثيرين يعيشون عمراً طويلاً في الضلال، بل في الكفر والشرك، ثم يهتدون إلى طريق الصلاح؟!.
ألم يكن هناك من ارتدّ عن الإسلام في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ ثم حارب الرسول (صلى الله عليه وآله)؟!.. وألم يكن هناك من ارتدّ في عهد أبي بكر، ثم حارب أبا بكر؟! ومنهم طليحة بن خويلد، والأسود العنسي، ومسيلمة و.. و.. الخ..

فلماذا لا تفترضون: أن هذا الصلاح السابق لا يمنع من أن تحلو الدنيا في أعين البعض، فيحاولون الحصول على شيء من حطامها ـ سواء أكان ذلك عن تأويل أم لا؟ فيفعل ما يغضب فاطمة (عليها السلام)، ويغضب الرسول (صلى الله عليه وآله)، ويغضب الله تعالى.. فإن التأويل لا ينفع مع وجود هذا الغضب، لأن التأويل لا بد أن يكون في دائرة العلم برضى الله ورسوله (صلى الله عليه وآله)، لا مع العلم بغضب الله ورسوله (صلى الله عليه وآله)، مع تصريحهم لذلك المتأول ولغيره بهذا الغضب.
ثالثاً: إنك تعلن أنك تحسن الظن في الصحابة وتقول: إنهم لا يتفقون على مخالفة أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهم الذين آووا ونصروا، وضحّوا، وجاهدوا.. وكان فيهم الأبرار والأخيار، وذلك يدل على أنه لا يوجد نص من الله ورسوله على علي (عليه السلام)..

ولعلك تجعل نفس هذا الكلام مبررا لنسبة التأويل إلى أبي بكر، وأنه لا يعقل أن يقدم على إغضاب الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) من دون تأويل..

ونقول لك:
أولاً:

قد عرفت آنفاً: أن التأويل لا ينفع مع وجود التصريح بالغضب، فإن هذا التصريح يلغي ذلك التأويل ويزيل أثره..

ثانياً: قد ثبت أن الرسول (صلى الله عليه وآله) قد حدد أن الخلافة في قريش..

والأنصار كلهم كما نص عليه البخاري في كتاب الحدود، باب رجم الحبلى ـ وهم قد آووا ونصروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم ـ قد اتفقوا على مخالفة هذا النص ـ فاجتمعوا في السقيفة، ليولوا أمرهم سعد بن عبادة، وهو ليس من قريش.

وقد التحق بهم بضعة رجال من المهاجرين، وهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة؟!.

فلماذا جاز أن يُجْمِعَ الأنصار كلهم على مخالفة نص رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أن الخلافة والإمامة في قريش، وهو نص لا ريب فيه، ولم يجز أن يسعى أفراد من المهاجرين إلى نيل الخلافة، وإقصائها عن صاحبها الحقيقي؟! ثم تسير الأمور باتجاه فرض هذا الأمر على الأنصار، وعلى علي (عليه السلام) وبني هاشم، بالاستعانة ببني سليم، وبغير ذلك من وسائل سجلها التاريخ!!

3 ـ بالنسبة لحلف أبي بكر:
إن قـرابـة النبي (صلى الله عليه وآله) أحب إليه من قرابته، قلتَ: إن ذلـك ثـابـت عنه.
وأقول لك: إنا لا نريد أن نناقشك في ثبوته.. ولكنني أثير أمامك أسئلةً، أحدها: ألا يحتمل أن يكون ذلك قد جاء منه على سبيل السياسة، بهدف امتصاص الأثر الذي تركه هجران فاطمة (عليها السلام) له حتى ماتت؟!.

الثاني: لو كان الأمر كما يقول أبو بكر، فلماذا لم يرضِ الزهراء (عليها السلام)، ويتجنب غضبها، وغضب الله ورسوله (صلى الله عليه وآله)؟

وهل وجود التأويل يبيح لأبي بكر أن يقدم على إغضاب من يعلم أن غضبها موجب لغضب الله ورسوله؟.

وكيف أصبحت بعد كل ما ذكرناه قرائنك التي اعتمدتها قوية؟! وكيف يمكن أن تكون مبرراً للجمع بين النصوص على أساسها؟!.

على أننا لسنا بحاجة إلى التذكير بالعصفور الذي رأى صياداً يذبح عصفوراً آخر، فقال لرفيقه: انظر إلى هذا الصياد كم هو رقيق القلب، فقال له العصفور: أنظر إلى فعل يديه، ولا تنظر إلى دموع عينيه.
وقد عرفت أن هذا الرجل قد كشف بيت فاطمة (عليها السلام)، وأعلن بندمه على ذلك قبل موته، وقال: ليتني لم أكشف بيت فاطمة[5] وأخذ منها فدكاً، وإرثها من أبيها، وقد هجرته هي لذلك، كما تقوله أنت. فكيف نجمع بين هذا كله.. وبين تلك المحبة التي ذكرت ثبوتها عنه؟!!

4 ـ بالنسبة لقولك: إن الشيعة يخالفون ظاهر قوله تعالى:
{وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأنْهَارُ}[6].. وأن الشيعة من أكثر الفرق تأويلاً.

نقول:
أولاً: هذا خروج عن موضوع البحث.

ثانياً: لولا أن ذلك يجر إلى بحوث خارجة عن الموضوع لطلبنا منك فهرساً بالموارد التي ترى أنها من التأويل والخروج عن الظاهر..

وستأتي إشارة أخرى هامة إلى هذا التأويل الذي تنسبه إلى الشيعة، وأنه ما هو إلا التزام بالظواهر.. وفقا لقواعد الخطاب، ولضوابط الجمع بين الأدلة، والأخذ بالمجازات والكنايات، وذلك في إجابتنا على الفقرة الحادية عشرة في كلامك، فانتظر..

ثالثاً: بالنسبة للآية الشريفة وتطبيقها على أبي بكر، نقول:
ألف: إن هناك قرائن تدل على تأخر إسلام أبي بكر عن البعثة إلى أن مضت سنوات عديدة، ففي الطبري: أنه أسلم بعد أكثر من خمسين.

ولا نريد أن نقول: إنها ـ أعني هذه القرائن ـ تفيد اليقين، بل نقول: إنها تسقط اليقين بكونه من السابقين الأولين، وذلك لأن الآية قد حصرت الكلام لا بالسابقين وحسب، بل بالسابقين بقيد كونهم أولين. وذلك يدل على أن الحديث إنما هو عن أفراد قلائل جداً.. وهذا التفسير للآية إنما هو تمسك بالظاهر، وليس من التأويل.

ب: أما القرائن التي أشرنا إلى أنها تضعف اليقين بكون أبي بكر من السابقين، فضلا عن كونه من الأولين، فيمكن مراجعتها في كتاب: الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) ج:2 ط: دار السيرة بيروت، تأليف: جعفر مرتضى العاملي.

5 ـ قولكم: لا يجب قتل الممتنع عن البيعة ما لم يشق العصا بالسيف.. وقد ترك علي (عليه السلام) بعض من لم يبايعه.. وترك أبو بكر وعمر سعد بن عبادة، فإجبار كل أحد على البيعة غير شرعي..

نقول فيه:
أولاً: إن ترك أبي بكر وعمر قتل سعد بن عبادة لا يدل على أنهم كانوا لا يرون جواز قتله.. فلعلهم تركوا قتله لأجل أن ذلك يوجب ثورة الأنصار ضدهم، وذهاب الأمر من أيديهم.. فإن ثورة الأنصار أو الخزرج على الأقل تسقط خلافتهم كلها.. أو هي ـ على أقل الفروض ـ تشكل خطراً جدياً على حكمهم.

ثانياً: ألم يذكر التاريخ لنا: أن عمر قد طلب من الناس أن يقتلوا سعداً في السقيفة، حيث قال: اقتلوا سعداً، قتل الله سعداً؟!.

ثالثاً: أليس قد حدثنا التاريخ أيضاً: أن سعداً قد اغتالته يد السياسة بعد ذلك.. بل لقد حدثنا كذلك: أن قاتله هو خالد بن الوليد، وليس الجن.. كما زعموا.. فراجع كتاب الغدير للعلامة الأميني (رحمه الله)..
رابعاً: إن الحكم بوجوب قتل الزهراء (عليها السلام) وعلي (عليه السلام) إنما جاء على سبيل الإلزام لكم، انطلاقاً من قول عمر نفسه، وذلك لأن الزهراء (عليها السلام) إن كانت قد بايعت علياً (عليه السلام) فإن عمر قد أوجب قتل من يبايعه الناس، حيث قال: لقد كانت بيعة أبي بكر فلتة، وقى الله شرها. وهدد بقتل من بايع ومن بويع معاً. في صورة حدوث ذلك بعد وفاة الخليفة (راجع صحيح البخاري، كتاب الحدود، باب رجم الحبلى).

ورويتم أيضاً: إذا بويع لخليفتين، فاقتلوا الآخر منهما[7]، فاشتراطكم أن يصاحب رفض البيعة ثورة، لم نعرف مأخذه، فإنه يخالف قول عمر الآنف الذكر، ويخالف هذا الحديث الثابت أيضاً.

خامساً: أما ترك علي (عليه السلام) لقتل بعض من لم يبايعه، فلعله لأنهم لم يتخذوا إماماً آخر، ولم يبايعوا غيره، فلم ينطبق عليهم الحديث المذكور آنفاً..

وأما الزهراء (عليها السلام) فقد ذكرنا حسب الفرض في كلامنا: أنها كان لها إمام آخر، ولم تمت ميتة جاهلية. وقد كانت في عنقها بيعة له..

ومن الواضح: أن حكمها وفقاً لهذه القواعد عندكم هو القتل. وعدم حصول ذلك لعله لأجل أنهم لا يقدرون على قتلها جهاراً..

ولكن لابد من التوضيح: أننا نحن لـم نحكم بقتلهـا وقتـل علي (صلى الله عليه وآله)، فإن كلامنا إنما كان معكم..

وقد قلنا لكم: إن عليكم أنتم أن تحكموا بـأنـهـا تستحق القتل ـ وإن لم يمكنهم قتلها لأكثر من سبب ـ لأنها قد فعلت ما تستحق به ذلك وفق موازينكم..

6 ـ وأما قولكم في النقطة الخامسة:
سواء اعتقدت فاطمة (عليها السلام) إمامة أبي بكر أو بطلانها، لا تكفر فاطمة ولا أبو بكر..

فنقول فيه:
إننا لم نقل: إن أبا بكر قد كفر لأن فاطمة لم تعتقد إمامته.

بل قلنا: إن إغضاب النبي (صلى الله عليه وآله) وأذاه هو الذي يوجب الكفر، وقد ذكرنا كيف أن القرآن قد نص على أن أذى النبي يوجب اللعنة الإلهية في الدنيا والآخرة، والعذاب المهين.. فلماذا غيرتم سياق الكلام، ولماذا أهملتم الإجابة على هذه النقطة بالذات، كما أهملتم الإجابة على نقاط أخرى أساسية وحساسة.

أضف إلى ذلك: أن الأمر قد تجاوز الاعتقاد عند الزهراء (عليها السلام) إلى الممارسة، واتخاذ الموقف، ورفض الاعتراف بخلافته، والهجران.. الدال على وجود مخالفة، إما من الزهراء (عليها السلام)، بأن تكون قد هجرته تعديا وظلما له.. أو يكون قد فعل ما استحق به الهجران والمقاطعة..

كما أن رفض البيعة له تبعاته على صعيد الإيمان والأحكام.. فلا بد لكم من حل هذه المعضلة.

7 ـ وأما ما ذكرتموه في الفقرة رقم (6) فإننا نقول:
قد ذكرتم: أنكم لا تعلمون بأن الخلاف بين أبي بكر وبين فاطمة كان على البيعة..

وسؤالنا موجه لكم: هل بايعت فاطمة أبا بكر؟ أم أنها ماتت ولم تبايعه؟! فاختر في الجواب ما شئت!!

وسنرى أن أي جواب اخترته، سوف تنتج عنه أسئلة أخرى، تحتاج إلى جواب..

ولماذا لم يبايع علي (عليه السلام) أبا بكر إلى أن مضت ستة أشهر، أي إلى أن ماتت فاطمة (عليها السلام) ـ حسب رواية البخاري وغيره ـ ؟!

ولو سلمنا أن سبب الخلاف هو الإرث وفدك، فإن ذلك يكفي لإثبات أن أبا بكر قد أغضب فاطمة (عليها السلام) التي يرضى الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) لـرضاها.. والأمـر في غضبها أيضاً كذلك. فهل من يـكـون الله ـ وكذلك الرسول ـ غاضباً عليه، يصلح للإمامة والخلافة؟!..

وإذا كان النزاع حول فدك، فإن هناك أسئلة كثيرة لا بد لكم من الإجابة عنها..

ومنها: هل كانت الزهراء (عليها السلام) تعلم بأن النبي (صلى الله عليه وآله) لا يورث؟ أم تجهل؟!..

والذي يجهل الأحكام، هل يحق له أن يغضب؟! وإذا كان لا يحق له ذلك، فهل يصح أن يقال: إن الله يغضب لغضبه، وأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يغضب لغضبه؟!..

وبعد إجابتكم على هذه الأسئلة نطرح عليكم سواها..

وأما حديثكم في هذه النقطة (السادسة) عن تبادل التكفير، فهو عجيب، فإن البحث يجري بيننا وبينكم في سياق علمي، يستند إلى الدليل والبرهان، ويعتمد الأصول المرعية في الكتاب والسنة.. واللغة العلمية لا بد أن تأخذ مداها. وإذا كان الدليل القرآني، أو الوارد في السنة يسوق إلى أمر بعينه، فلماذا لا ننساق معه؟! ويكون سبباً في وقوفنا على حدود الله، وتراجعنا عن كل ما يخالف قول الله ورسوله؟!

8 ـ وأما حديثكم في الفقرة رقم 7 عن أن بعضهم قد أغضب النبي (صلى الله عليه وآله) ولم يكفّره النبي (صلى الله عليه وآله).

فيرد عليه:
أولاً: هل من أغضبوا النبي (صلى الله عليه وآله) في حياته أو بعد وفاته ـ حتى لو سكت النبي (صلى الله عليه وآله) عنهم ـ يصلحون لمقام الإمامة والخلافة لرسول الله (صلى الله عليه وآله)؟!..

وهل يؤمَنُ هؤلاء الذين يغضبون الرسول (صلى الله عليه وآله) ويؤذونه، ويغضبون الله بذلك، على دماء الناس وأعراضهم، وأموالهم، وعلى دينهم، وسياساتهم، ومصيرهم فلا يغضبون الله ورسوله فيها؟!.

وهل يمكن أن يوكل إليهم أمر تربية الأمة تربية صالحة، وفق ما يرضى الله ورسوله (صلى الله عليه وآله)؟!..

ثانياً: إن رفق النبي (صلى الله عليه وآله) بهم وتألفهم على الإسلام، وهم حديثو عهد بجاهلية، وسكوته (صلى الله عليه وآله) عنهم؛ لا يعني أنهم بإغضابهم لرسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يكفروا.. وليس ذلك بأكثر مما فعله طليحة بن خويلد، الذي أسلم ثم ارتد، ثم عاد إلى الإسلام، وقد قلتم: إن من فعل ذلك، فإن ارتداده يذهب صحابيته، فإذا عاد عادت إليه!!..

ثالثاً: قولكم: إنه (صلى الله عليه وآله) كان يراعي جانب الجهل، وحسن النية فيهم، أو جانب الضعف البشري..

لا يعني: أنهم لم يكفروا بذلك كما قلنا، ولكنهم لما ندموا عادوا إلى الإسلام، فلم ير (صلى الله عليه وآله) من داع لهذا التفريق بينهم وبين زوجاتهم. ولا لغير ذلك. وليكن سكوت النبي (صلى الله عليه وآله) عن ذلك دليلاً على أن من فعل ذلك قد عاد إلى الصلاح.

ولكن كيف يمكن إثبات العودة إلى الصلاح لمن أحدث بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله)؟ ولا يوجد وحي، ولا أنبياء يطلعهم الله على غيبه ليعرف الناس إن كانوا قد عادوا إلى الصلاح، أم لا..

أضف إلى ذلك: أن النبي (صلى الله عليه وآله) قد قبل المنافقين في مجتمعه ولم يعلن بحربهم، ولا اتخذ إجراءات عملية ضدهم، كالتفريق بينهم وبين زوجاتهم، وإجراء أحكام الإرث فيهم، وغير ذلك.
وقد كانوا من الكثرة بين المسلمين إلى حدّ أن عبد الله بن أبي قد انخذل بثلث الجيش في أحد.. ولعل من بقي، ولم يظهر نفسه كان أكثر من الذين ذهبوا مع ابن أبي..

وأما بالنسبة للحديث عن إغضاب زوجات النبي (ص) للنبي (صلى الله عليه وآله)، وأن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يتخذ أي إجراء ضدهن، فراجع ما ذكرناه آنفاً، ولا أحب إثارة هذا البحث على صفحات الإنترنت، لأن فيه مهالك ومزالق، لا أراك تتحمل الدخول في البحث فيها وحولها.. ويكفي أن نشير لك إلى ما ورد في سورة التحريم، من تعريض قوي لزوجاته اللواتي كن يؤذينه (صلى الله عليه وآله).

فكيف إذا عطفنا النظر إلى قول من تقول له منهن: أنت الذي تزعم أنك نبي. وغير ذلك؟!..

وكيف إذا أخذنا بما ذكرته في رسالتك هذه، في الفقرة الرابعة، من أن شق عصا المسلمين بالثورة يوجب القتل. وأردنا تطبيقه على الذين حاربوا علياً (عليه السلام) من الصحابة وغيرهم.. فتنبه لهذا..

9 ـ وأما ما ذكرته في الفقرة رقم 8 من عدم ضرر الجهل ببعض معاني القرآن.. فيرد عليه:
أن الجهل ببعض معاني القرآن، ولا سيما إذا كانت بديهية وظاهرة، كتلك التي ذكرتها له الزهراء (عليها السلام) يكفي دليلاً على عدم أهلية الجاهل بها للحلول في موقع النبي (صلى الله عليه وآله)، هذا الموقع الخطير جداً، الذي يطلب منه فيه تعليم الناس أحكام دينهم، وتربيتهم، وتزكية نفوسهم، والحكم فيهم بما أنزل الله سبحانه، وسياستهم وفق شرائعه وأحكامه..

وقولكم: إن المضر هو المخالفة بعناد، لا المخالفة بحسن نية واجتهاد.

غير دقيق، فإن هذه المخالفة إذا كانت بحسن نية في بادئ الأمر، فهل تبقى كذلك بعد التعليم، والاستدلال والبيان، وإطلاق الصرخة، ثم الهجران؟!

وكيف لا تضر المخالفة، إذا كانت في أمور أساسية وحساسة، من شأنها تدمير وحدة المسلمين، وزرع الفتنة بينهم، وإحداث الشقاق الموجب لانقسامهم إلى فرق ومذاهب، لا يزال الصراع قائماً بينها إلى يومنا هذا، ولا نرى أي فرصة للخروج من هذه الصراعات القاتلة.. في المستقبل القريب على الأقل؟!.

10 ـ أما ما ذكرته في الفقرة التاسعة، فيما يرتبط بتكفير علي(عليه السلام) للخوارج، فيرد عليه:
أولاً:

قولكم: إن علياً (عليه السلام) لم يكفر الخوارج لم تأتوا عليه بدليل. فإن مجرد معاملتهم بالرفق من قبله (عليه السلام)، لا يكفي دليلاً على ذلك. وقد منَّ النبي (صلى الله عليه وآله) على بعض المشركين، ثم قتلهم بعد بدر بعد أن تكرر عدوانهم..

كما أن معاملته (صلى الله عليه وآله) للمنافقين، والمؤلفة قلوبهم، حتى لقد أعطاهم الغنائم في حنين، معروفة وظاهرة..

ثانياً: إن مراتب الكفر، وحالاته وأحكامه مختلفة. وأنتم تعرفون الفرق في الأحكام بين أهل الكتاب، وهم كفرة، وبين غيرهم من المشركين، وغيرهم ممن ليس لهم كتاب سماوي.. كما أن من يكفر بإنكار ضروري من ضروريات الدين، أو بإكفاره أخاه المسلم، كما ورد في الروايات، أو بخروجه على الإمام أو نحو ذلك، له أحكام تختلف عن أحكام غيره. وكذلك الحال في الكافر ببعض الأسباب الأخرى، كمن سب النبي (صلى الله عليه وآله) فإن فيئه لا يؤخذ، ولا تسبى نساؤه، ولا يحرم أولاده من إرثه..
ثالثاً: قد ذكرت لك في الإجابة السابقة: أن النبي (صلى الله عليه وآله) قد وفّر الأمر وسهله على علي (عليه السلام)، وأغناه عن أي بيان، بعد أن حكم بكفر الخوارج. فهل ثبت لك: أن علياً (عليه السلام) خالف رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وحكم بإيمانهم؟!

11 ـ وأما ما ذكرتموه في الفقرة العاشرة.. حول التفريق بين أهل الدنيا وغيرهم.. فيرد عليه.
أولاً: ما هو الميزان في تحديد: أن هذا الإنسان من أهل الدنيا، وأن ذلك ليس من أهلها، فحكمتم على يزيد، وقاتل عمار، وعلى معاوية بأنهم من أهل الدنيا، ولم تحكموا على غير معاوية ويزيد بذلك؟!
فإن قلت: إن سوابق معاوية جعلتنا نحكم عليه بذلك، أما سوابق أبي بكر ففرضت الحكم بالعكس.

قلنا لك:
ألف: لعل هذا الزاهد العابد الذي زعمت أنه جاهد ونصر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قد طمع الآن في الدنيا. وما أكثر الذين يعيشون عمرهم في الزهد والتقوى.. أو على طريق الهدى، ثم يضلون، أو تغرهم الدنيا في آخر حياتهم. وكذلك العكس..

ب: إن سوابق أبي بكر في نصرة النبي (صلى الله عليه وآله) تظهر أنه لم يكن بالمثابة التي تتحدث عنها، ولأجل ذلك نجده يفر في أحد، وفي حنين، وخيبر، ولا يرغب في الجنة في الأحزاب، حين نادى رسول الله (صلى الله عليه وآله): من لعمرو، وأضمن له على الله الجنة.. ووإلخ..

ثانياً: قد ذكرت أن قاتل عمر مجوسي، فكيف ثبت لك ذلك..

ثالثاً: وبغض النظر عن ذلك، فماذا تقول في قتلة عثمان. ومن ألب عليه، وساعد على قتله، هل يجب قتلهم جميعاً؟ وهل كفروا بخروجهم عليه، وثورتهم ضده، وشقهم العصا بالسيف؟! كما ذكرته في الفقرة الرابعة؟!

وكيف لم يقتلهم علي (عليه السلام)، ولا غير علي (عليه السلام)؟! هل خالفوا فيهم هذا الحكم القطعي الثابت عمداً؟! أم أنهم قد تأولوا ذلك؟ وهل كان تأويلهم هو أن عثمان كان مستحقاً للقتل؟! أم أنهم يرون أن من يُقتل نتيجة الاجتهاد فإنه لا يُقتص من قاتله؟..

وأين جاء هذا الاستثناء لقاتل المؤمن؟ ولماذا لا يدعي القتلة في كل زمان الاجتهاد والتأويل، للتخلص من القصاص على جرائم القتل، ومن حدود الزنى، والسرقة، وشرب الخمر، وما إلى ذلك؟!.

12 ـ بالنسبة للفقرة الحادية عشرة نقول:

أولاً: إننا لم نقل لك: إن هناك من المسلمين من يقول: إن الزهراء (عليها السلام) قد ماتت ميتة جاهلية.. فلماذا حولت الكلام بهذا الاتجاه، وإنما قلنا ـ على سبيل الإلزام بالحجة، لك، ولمن يـرى إمامة أبي بكر ـ: هل ماتت الزهراء (عليها السلام) ميتة جاهلية، حيث لم يكن في عنقها بيعة لأبي بكر؟! أم أنها لم تمت كذلك؟!

ثانياً: لماذا تحيل على الآخرين، وتنأى بنفسك عن إعطاء الرأي الحاسم؟

إننا نسألك أنت: هل تكفر الزهراء (عليها السلام) لأنها لم تبايع أبا بكر فتكون عندك (حسب نص مسلم في كتاب الإمارة حديث 58) قد ماتت ميتة جاهلية؟!.. أو لا؟

وإن زعمت أنها قد كان لها إمام، فمن كان إمامها الذي بايعته؟! فإن كان إمامها أبا بكر، فكيف يمكنك إثبات بيعتها لأبي بكر؟!.. فإن علياً (عليه السلام) قد امتنع عن بيعة أبي بكر ستة أشهر إلى أن ماتت فاطمة(عليها السلام)[8] ، وكان امتناعه ـ كما تقولون ـ لأجلها، فهل بايعته فاطمة (عليها السلام) وامتنع علي (عليه السلام)؟!

ثالثاً: إننا لم ندّع كفر الصحابة من المهاجرين والأنصار، بل قلنا: إنه لا بد لك من الإجابة على الأسئلة التي طرحناها عليك، والتي تستند إلى الضوابط المستخلصة من الكتاب والسنة، لكي يتم لك تصحيح إمامة أبي بكر.

رابعاً: إنك قلت: إن من يكفر فاطمة (عليها السلام) لا بد أن يكون معنى كلمة أهل البيت عنده هم أمهات المؤمنين، فيخرج منهم فاطمة.. ولكنك لا تكفّر من يكفّر فاطمة (عليها السلام)، ولكنك قلت: إنك ترى أنه خطأ بلا ريب..

ونقول لك:
ألف: إنك بقولك هذا تمهد الطريق للجرأة على مقام الزهراء (عليها السلام) الأقدس. وتسهِّل ـ باسم الاعتدال ـ على الناس تكفيرها.. وتقول لهم: إنكم معذورون في ذلك، إذا كان عندكم حسن نية، أو تأويل، مهما كان ذلك التأويل باطلاً..

فهل سيأتي يوم تقول فيه أيضاً: إن من يجترئ على الرسول (صلى الله عليه وآله) ويرميه بالجهل والكفر، والزندقة، وشرب الخمر، ثم يحاول التشبث لذلك بما رواه الحاقدون، وافتراه عليه الكذابون من قصة الغرانيق، وأساطير روايات الخمر، التي أريقت عند المسجد الذي سموه بمسجد الفضيخ، أو حادثة تأبير النخل المزعومة، وغير ذلك من ترهات، لديه تأويل أيضاً.. ولكنه مخطئ بلا ريب. ولا يكفر بذلك؟!

وهل إذا تأول أحد آيات خلق عيسى، خصوصاً قوله تعالى:
{وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا}[9]..

فادعى صحة قول النصارى: إن في عيسى عنصراً إلهياً، وأنه يكون بذلك ابن الله، هل يكون بتأويله هذا معذوراً، ويبقى على ملة الإسلام؟!

ب: إن اتهام من يكفّر فاطمة (عليها السلام) بتكذيب القرآن غير مقبول عندك، ويبقى تكفيره لفاطمة (عليها السلام) مجرد خطأ!!

فأنت تريد بذلك أن تحفظ أولئك الجهلة عن أن توجه إليهم تهمة تكذيب القرآن، أما فاطمة (عليها السلام) فما أهون شأنها، وما أحط مقامها عندك؟! فإن اتهامها بالكفر أهون من اتهام أولئك بتكذيب القرآن الذي حكم بطهارتها، وتكذيب الرسول الذي حكم بأن من يغضبها يغضبه، ومن يغضبه يغضب الله!!.

أو لعل هذا التسهيل قد جاء إكراماً لأبي بكر، لكي تقر عينه بتصحيح خلافته، ولو بقيمة تكفير الزهراء، والحكم عليها بأنها قد ماتت ميتة جاهلية..

لا ندري! ولعل الفطن الذكي يدري.

ج: إنك بفتح هذا الباب تكون قد وجهت ـ بصورة ضمنية ـ اتهاماً لله أولاً، ثم لرسوله (صلى الله عليه وآله) ثانياً. بعجزهما عن البيان القاطع للعذر، والمثبت للحجة، والقاطع لدابر الخلاف في شأن فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وطهارتها، وإيمانها..

فلماذا إذن تطلب الوحدة في الفكر، وفي الاعتقاد؟!

وكيف يمكن جمع الناس على الحق؟!..

وكيف يقول الله تعالى في وصف كتابه الكريم: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}[10]؟!..

وكيف يطلب من الناس أن يردوا ما اختلفوا فيه إلى الله ورسوله.. ليبين لهم؟!.

د: لقد قلت: إنه ليس هناك من يدعي الإسلام ويكذب القرآن لكنها، الخصومات المذهبية وحسب..

ونقول لك:
ما هو دليلك على هذا الادعاء؟!

وكيف تفسر الكذب على الله وعلى رسوله (صلى الله عليه وآله) في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟! وقد استمر ذلك بعده مئات السنين، حتى إنه (صلى الله عليه وآله) قال: ألا وإنه قد كثرت علي الكذابة، فمن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار..

ولماذا ألف العلماء كتب الموضوعات؟! ألم يكن الوضاعون يدّعون الإسلام؟ فكيف تجرؤوا وكذبوا على الله ورسوله؟! وكيف جاز للعلماء أن يرموا آلاف الرواة بالكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟..

هـ : وبماذا تحكم على المدعين للنبوات بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ حيث أنشأوا مذاهب وأدياناً، وهم يتظاهرون بأنهم إنما يتأولون القرآن، ويبررون بدعتهم من خلال التلاعب بآياته الكريمة، ومن خلال التأويلات الشيطانية، وتفسير القرآن بآرائهم؟!..

و : قد روي في صحاح أهل السنة: عن ابن عمر، وأبي هريرة عنه (صلى الله عليه وآله): إذا قال الرجل لأحد: يا كافر، فقد باء به أحدهما[11].

وفي نص آخر، عن ابن عمر: أيما امرئ قال لأخيه: يا كافر فقد باء به أحدهما، إن كان كما قال، وإلا رجعت عليه[12].

وفي نص آخر عن النبي (صلى الله عليه وآله): أيما رجل كفر رجلاً، فإن كان كما قال، وإلا فقد باء بالكفر[13].

وفي نص أبي داود: أيما رجل مسلم أكفر رجلاً مسلماً، فإن كان كافراً، وإلا كان هو الكافر[14].
وعن أبي ذر، عن النبي (صلى الله عليه وآله): لا يرمي رجل رجلاً بالفسوق، ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه، إن لم يكن صاحبه كذلك[15].

خامساً: أما قولك: لو رجع أحدنا إلى أحاديث الترغيب لحكم على الأمة كلها بدخول الجنة.. ولو رجعنا إلى أحاديث الترهيب وأخذنا بظواهرها لحكمنا على أكثر الأمة بالنار، ثم تمثيلك لذلك بالنمام، وباني المساجد..

فهو كلام غير دقيق، فإن حمل العام على الخاص، وتقييد المطلقات، والجمع بين الأخبار مع وجود قرينة وشاهد.. ليس من موارد مخالفة الظهورات المستقرة، بل هي ظهورات بدوية، فإذا وجد ذو القرينة قرينته، واجتمع العام مع الخاص، والمطلق مع المقيد، حصل الظهور المستقر، الذي بنيت عليه الحجج، وعرف به الدين وأحكامه.. واستقامت به حياة الناس في محاوراتهم، وفي مجالات التفهيم، والتفهم وتبادل المفاهيم والأفكار، ونقلها إلى الآخرين، وتسجيلها للأجيال اللاحقة، لتستفيد منها عبر العصور، وعلى مر الدهور..

وإذا أحببت الاستزادة في البيان، فبإمكانك مراجعة كتب الأصول..

13 ـ وأما بالنسبة للفقرة الثانية عشرة في كلامكم..

فإنني أقول:
لا أخفيكم أنني قد أصبت بخيبة أمل حين رأيت إجابتكم هذه، فقد لاحظت أنكم تجاهلتم نقاطاً أساسية، فلم تجيبوا عليها، واكتفيتم بالإشارة إلى أمور جانبية، مما ليس هو محط النظر بصورة أساسية، وها أنتم تعتذرون هنا بأن البسط سيأخذ مساحة كبيرة؟!..

ولا ندري ما هو المانع من هذا البسط، إذا كان من شأنه أن يفتح القلوب على الحق.. في أشد المسائل حساسية، وأعظمها أثراً في جمع كلمة المسلمين.. ولم شعثهم، وتأكيد قوتهم بوحدتهم. فعلى أساس هذه المسألة بالذات تفرقت الفرق، ونشأت المذاهب، بل لقد قال الشهرستاني في الملل والنحل:
(وأعظم خلاف بين الأمة خلاف الإمامة، إذ ما سل سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثلما سل على الإمامة في كل زمان).. انتهى.

وأما قولك: إنك تجيب بما حضر في الذاكرة.. فهو مثير للقلق، ويدعو إلى الريب في صدقية الكلام، فإن ذلك يعني: أن الأجوبة قد تكون غير دقيقة.

مع أن بإمكانك مراجعة الكتب، وهي في متناول يدك، إن لم يكن في بيتك، ففي جهاز الكومبيوتر، أو عبر الإنترنت أو أي وسيلة أخرى.

ونرى أن المسؤولية الشرعية تفرض عليك السعي لإقناع الآخرين بالحق.. فإن المقام ليس مقام إطلاق إجابات سريعة، ولا هو لأجل مجرد الدعاية والإعلام.. ولا هو مقام إطلاق الفتاوى، والاقتصار على إعطاء النتائج..

كما أن محاولة رمي الآخرين بالتعصب، لا يعفي من مسؤولية العمل على تليين القلوب، وتقديم حقائق الدين بصورة مقنعة، وذلك لا يكون إلا بالاستدلال، ومراجعة المصادر، والاعتماد على الأدلة القاطعة للعذر.

ولا يكفي فيه الاعتماد على الذاكرة.. إلا إذا كنتم لا ترون أن ثمة من يستحق إتعاب النفس، وتحمل المشاق.. فإن كان هذا هو السبب فالأمر يعود إليكم..

وأما إذا كان ذلك يتخذ ذريعة لتجنب الخوض في البحث.. فلماذا لا تصرحون بالحقيقة..

وأما وصيتك بالاطلاع على وجهة النظر الأخرى.. فها نحن نحاول الاطلاع على وجهة نظرك، ولكنك ـ كما يظهر ـ تحاول أن تسد الطريق أمامنا، بحجة أن ذلك يأخذ مساحة كبيرة ووقتاً طويلاً.. وأنك إنما تجيب بما حضر في الذاكرة، فهل تريد حرماننا ـ من مواصلة البحث معك بجدية وعمق.

وفي جميع الأحوال نقول: الأمر إليك.. ولن نحاول الإلحاح عليك بأكثر من هذا..

ونلاحظ على إجاباتك أيضاً:
أنك مع معرفتك باطلاعنا على آراء الآخرين، تحاول باستمرار أن تطرح تلك الآراء على أنها من أسباب ضعف استدلال الطرف الآخر، مع أنك تعلم أن آراء الناس ليست من جملة الحجج، فإن الحجج لا بد أن تنتهي إلى ما ثبت من عقل أو شرع.

وبعد.. فإننا نريد منك إجابات علمية، ولا نريد مواعظ إلا بعد بيان الحق، بالدليل، ولم نكن بحاجة إلى إطلاق اتهامات بالمذهبية والتعصب..

ونريد أن تعطينا رأيك أنت، لا أن تلجأ إلى الإحالة على الغير، وإظهار وجود رأي كذا وكذا. فإن هذا لا ينفع لأنك تعرف أننا على اطلاع على آراء الناس ومذاهبهم..

وإن ذلك لا يقدم ولا يؤخر في إثبات الحق، ولا يعفي أحداً من تقديم الدليل على ما يدعيه.

ونريد منك أن تجيب عن جميع النقاط المطروحة، لا أن تتعامل مع ما يطرح عليك بطريقة انتقائية، بأن تجيب عن هذه النقطة وتهمل تلك..

وأخيرا.. فإن الأمانة العلمية تفرض طرح الدعوى والاستدلال عليها، ثم الاعتراف بصحة دليل الطرف الآخر، إن كان الأمر كذلك.

وفي الختام، فإننا نرجو أن لا تصدق توقعاتنا في أن تكون الإجابة على كل هذا الذي ذكرناه: أن لا فائدة من هذا البحث، وأن هناك ما هو أهم.

وأن العصبيات المذهبية هي التي تدفعنا إلى كتابة هذه الحقائق.

وأنه ليس ثمة من أفقٍ للحوار، بل الهدف هو تسجيل النقاط..

وما إلى ذلك من أعذار تسهل الاستقالة من البحث، مع ترك انطباع سيء، واتهام ظالم للآخرين. الذين يطرحون القضايا بجدية وبإخلاص..

كما أننا نرجو أن لا يكتفى بإثارة بعض الأسئلة على أمور جزئية وهامشية، مع ترك سائر النقاط الرئيسية الحساسة بلا جواب، ويكون العذر هو أن لدينا ما هو أهم، ونفعه أعم..

نعم، إننا نسأل الله سبحانه وتعالى أن لا تصدق هذه التوقعات.. فإننا نحب الحق، ونحب أهل الحق..

ونسأل الله أن يحشرنا معهم، وهو ولينا، وهو الهادي إلى سواء السبيل..

والحمد لله رب العالمين..

[6] سورة التوبة: الآية 100.
[7] صحيح مسلم كتاب الإمارة 61.
[8] راجع: صحيح البخاري ط مصطفى البابي الحلبي سنة 1387هـ القاهرة ج5 ص177 وصحيح مسلم ج3 ص1380 ط دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
[9] سورة التحريم: الآية12.
[10] سورة الشعراء: الآية 195.
[11] البخاري ج4 ص43 ط سنة 1309هـ. ومسلم ط مشكول ج1 ص56 ومسند أحمد 2/142 و60 وفيه : من كفر أخاه فقد باء به أحدهما.
[12] صحيح مسلم 1/57 وراجع 5/22.
[13] مسند أحمد 2/23.
[14] سنن أبي داود 4/221.
[15] البخاري 4/38 ومسند أحمد 2/181.



يتبع >>>

نسألكم الدعاء

خادم الزهراء 17-Jul-2009 12:05 PM

الفصل الثالث: هذا ما لديهم
1 ـ غاية الجهد..

قال المالكي:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..

1 ـ الموضوع الأول عن (غضب السيدة فاطمة) على أبي بكر فالفرق هنا بين السنة والشيعة خلاف في مسألة الوعيد فالشيعة ينزلون أحاديث الوعيد على أبي بكر وكل من أغضب السيدة فاطمة والسنة لا ينزلونها ويؤولونها إما لوجود قرينة معارضة لهذا الوعيد أو لتخصيص الحديث بمن تغضب عليه محقة... الخ، والنواصب ينزلون هذه الأحاديث في حق الإمام علي زعما منهم أنه أغضب فاطمة... الخ..

أما كون فاطمة (عليها السلام) تأخذ بهذه القرينة فمنطقي ومنطقك مختلفان، أنت ترى السيدة فاطمة معصومة وعلى هذا فإذا لم تأخذ هي بقرينة فهو الصواب قطعا.

ونحن مع احترامنا وحبنا لها وتفضيلنا لها إلا أننا لا نراها معصومة ونجوز عليها الخطأ كما نجوزه على أبي بكر وهذه نقطة افتراق كبرى لا يمكن أن يتفق عليها السنة والشيعة إلا بعد بحث طويل في مسألة (العصمة) نفسها.

وكذا قولك (لماذا لم ينهها الصحابة ومنهم علي) فالصحابة يوم السقيفة كانوا ثلاث فرق فرقة أبي بكر وفرقة سعد بن عبادة وفرقة علي بن أبي طالب، وكل فرقة ـ نحن السنة ـ نجوز عليها الخطأ والصواب، والبكرية لا يجوزونه في حق أبي بكر، وبعض الأنصار قد لا يجوزونه في حق سيدهم وكذا بعض العلوية لا يجوزون الخطأ على علي وفاطمة.

ونحن لنا رأي لا بد من ذكره وهو أننا مع اعترافنا بفضل الجميع إلا أننا نجوز الخطأ على كل فرقة وعلى هذا لا يمكن الاستدلال بفعل فرقة ضد الأخرى إلا بدليل وبرهان خاصة مع القرائن المضادة القوية.

ولو كان الخلاف بين فرقة علي والطلقاء، أو بين فرقة أبي بكر والأعراب، أو بين سعد بن عبادة وأحد الوفود لجاز للقائل أن يعتقد أن لا قرائن على مساواة هذا بهذا، ولا بد أن يكون هذا الطرف محق وهذا مبطل، لأن القرائن مفقودة.

أما عند وجودها فيصعب علي ضرب حقيقة بظن، فأضرب حقيقة إيمان أبي بكر بظن العصمة، نعم قد يخطئ أبو بكر لكن الحكم عليه بالكفر أو النفاق بسبب اعتقاد أن الزهراء معصومة فهذا صعب، وموقف الفرقة التي كانت مع فاطمة أيضا يجوز عليها الخطأ مثلما يجوز على فرقة أبي بكر مع حبنا للجميع واعتذارنا للجميع وليس هنا مجال التفصيل في المصيب والمخطئ وإنما يهمني أننا إن خطأنا هذا أو ذاك ألا نحكم عليه بكفر أو نفاق بسبب هذا الخطأ.

2 ـ فرار أبي بكر يوم أحد كان مع الهجمة الأولى المفاجئة، هذا ما ذكره البلاذري وغيره وهذا إن صح قد يكون من التحرف للقتال أما الذين فروا ونزل القرآن بعتابهم فلم يرجعوا وكان منهم عثمان بن عفان.

وكذا الحال في حنين وخيبر لا أعلم أن الفرار كان كفرار عثمان بن عفان ومن معه مع أن الدليل في فرار أبي بكر يوم حنين ضعيف وأما يوم خيبر فحدثت هزيمة لا فرار، ثم الذين فروا كعثمان قد أخبر الله بالعفو عنهم فكيف بمن كان فراره قريباً وعاد للقتال؟.

أما الأحزاب فلم أعلم في فرار أبي بكر إسنادا صحيحا ولا ضعيفا ويمكن أن تدلني على المصدر الذي ذكر ذلك أما مسألة عدم مبارزة عمرو بن عبد ود فقد امتنع عن المبارزة من يفضلهم الشيعة كعمار وسلمان والمقداد.

علماً بأنني اعترف أن علياً كان من اكبر الثابتين في هذه المواطن كلها، كان الرقم الثابت في الثبات هذا حق من حقوق هذا السيد أراد النواصب وغلاة السنة أن يحرموه هذا الحق، لكننا لا نتابعهم كما لا نتابع الشيعة على الطعن بالمظنونات.

3 ـ أما ما ذكرته من أن بعض الناس يكون صالحا ثم ينتكس آخر عمره، هذا صحيح لكن هذه قاعدة عامة لا يجوز إنزالها في رجل مؤمن إلا بدليل قطعي، بمعنى أننا ننكر أن يكون أبو بكر رضي الله عنه قد انتكس وكفر بعد هذه المدة من الهجرة والجهاد والتشرد شأنه في ذلك شأن بقية المهاجرين الأولين، فهو لم يدخل الإسلام خوفا ولا طمعا كما فعل بعض الطلقاء والأعراب.

أما اتهامك لي بالضيق المذهبي فهو اتهام متبادل بين السنة والشيعة، كل يدعي التحرر من التقليد، لكن الأقوال شيء والواقع شيء آخر، وأظنك مطالب بترك التقليد ومراجعة المنظومة الشيعية كلها كما أنا مطالب بالشيء نفسه مع المنظومة السنية.

أما (البحث الموضوعي المنصف) الذي تنادي به فلا أرى منه تكفير أبي بكر وعمر وبقية المهاجرين والأنصار.

4 ـ عرفت أن إغضاب أبي بكر لفاطمة كان بتأويل لإيمان أبي بكر المتواتر.

5 ـ حاول أخي الكريم ألا تتمسك بحرفية نص حديثي آحاد وتترك حرفية نصوص قرآنية متواترة فنحن بحاجة للمراجعة لنتعايش ويقبل بعضنا بعضا على تأويله واجتهاده، سعة الأفق هنا مطلوبة ثم هذه الأحاديث وصلتنا مبتورة المناسبات والتخصصات وهذا يدعونا لتقديم القطعي من نصوص القرآن على الظني الثبوت من نصوص السنة، وهذا أمر ـ للأسف ـ ليس عليه لا السنة ولا الشيعة.

فالسنة والشيعة يدورون حول نصوص حديثية خاصة أكثرها مظنون الثبوت أو مظنون الصراحة، ويتركون نصوص القرآن متأولين تارة ومعارضين لها بنصوص أخرى تارة أخرى... الخ.

وأنت ترى (أن كل إغضاب لفاطمة إغضاب لله). ولكن حتى لو سلمنا بهذا فما كل إغضاب لله كفرا كما أسلفنا، فالله يغضب من مرتكب الذنب كشارب الخمر والسارق والزاني، وما من أحد إلا وهو يرجو الله المغفرة من ذنبه، فهبوا إغضاب أبي بكر لفاطمة ذنبا من الذنوب التي تصدر من المسلم الذي يكون له من الحسنات ما هو أعظم فالله عدل ولن يذهب أحد عباده للنار في خطأ واحد ولن يذهب للجنة في طاعة واحدة، وإلا فلماذا وضع الله الموازين؟

أرى الأخوة الشيعة يتمسكون بحرفية نصوص كحديث إغضاب فاطمة رغم أنه آحاد ويدعون قطعية نصوص قرآنية من الوعد للمهاجرين والأنصار بالجنة {وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأنْهَارُ} فهذا النص القطعي لا يقبله كثير من الشيعة ويقبلون أن يكون إغضاب فرد من أهل البيت مساويا لإغضاب الله تعالى.

إذن فإغضاب الله تعالى يفعله شارب الخمر والسارق والزاني ولا يصبح الفاعل كافرا بذلك بينما مغضب فاطمة أو علي أو أحد الأئمة يعده الشيعة كفراً! وهذا غلو بلا شك.

6 ـ أما ما ذكرته من أن مسيلمة والعنسي وطليحة بن خويلد ارتدوا فهؤلاء ليسوا كالمهاجرين والأنصار فكيف يجوز في أبي بكر (وهو من أول الناس إسلاماً) ما نجوز في مسيلمة... هذا ظلم لا بد أن نضع الرجل في درجته المناسبة وقرائن البراءة مطلوبة حتى في المجرمين فكيف بالسابقين من المهاجرين؟.

7 ـ أحاديث القرشية كلها فيها نظر، حتى ما ورد منها في الصحيحين آحاد مختلفة الألفاظ ومروية بالمعنى وبعضها تخالف الواقع مخالفة ظاهرة، والنبي (ص) لا يقول إلا حقاً، من تلك الأحاديث (هذا الأمر في قريش ما بقي الناس اثنان)!! وأين هم الآن؟!.

ثم المهاجرون لم يحتجوا على الأنصار بأحاديث القرشية مما يدل على أنها إما ضعيفة أو مخصصة بمناسبة أو نحو ذلك مما قصر المحدثون في استيفائه.

8 ـ أما قولك بأن التأويل لا ينفع مع وجود التصريح بالغضب فهذا صحيح بشروط منها أن يعلم المتأول هذا النص وهذا غير معروف في حق أبي بكر، وأن يعرف أنه بإطلاق وليس مخصصاً بأمر وهذا غير معروف تحققه في أمر أبي بكر.

اعني لا نعرف هل يعلم أبو بكر النص أم لا، وإن صح عنه فهل يعممه أم يخصصه بمناسبته وإن عممه فهل هناك قرائن تدفع إنزاله على كل أحد أم لا؟.

ونحو ذلك من التأويلات التي يمكن أن يعتذر بها بسهولة عن أبي بكر.

نعم يمكن تخطئته أما الحكم عليه بالكفر لهذا وترك كل تاريخه وراء هذا فهذا لا أراه من العلم ولا العدل.

9 ـ أما سؤالك لماذا يجمع الأنصار كلهم على مخالفة رسول الله (ص)؟! فهذا سؤال غريب يمكن أن يسأل أحد البكريين مثله ويقول (لماذا أجمع أهل البيت على مخالفة النص في الوصية لأبي بكر وتقديمه في الصلاة.. الخ).

كثير من الأحاديث تم توليدها فيما بعد، ولم تكن مشهورة، أو تم الاستدلال بها في غير موقعها.. ولم يكن الإسلام حكراً على عائلة من العوائل لا قريش ولا بني هاشم ولا الأنصار.

والسنة والشيعة يسيئون للإسلام عندما يعرض كل فريق منهم بأن (الحكم خاص بالقرشيين) وفريق يخصه بفرع من القرشيين، والإسلام أوسع من هذا؟ والمهم هو مضمون السلطة لا شكل السلطة (من قريش أو من غير قريش).

10 ـ أما حلف أبي بكر على محبة أهل البيت فلا نعتقد إلا أنه كان صادقاً يعني ما يقول، أما لماذا لم يرض الزهراء فهذا دليل آخر على أنه متأول وأنه مع هذه المحبة رأى أن الحق فيما فعله أما كونه قد يخطئ ويصيب فليس كلامي في الحديث عن هذا، وإنما كلامي في أنه رجل صالح متأول سواء أصاب أو أخطأ، وليس كافرا ولا منافقاً كما يردد كثير من الشيعة.

11 ـ وما ذكرته من ندم أبي بكر على كشف بيت فاطمة يدل أيضاً على صلاح الرجل فيكون اجتهاده قد تغير وظهر له من الأدلة ما كان يجهلها فالحمد لله.

12 ـ أما قولك بأن أبي بكر لم يسلم إلا بعد مضي سنوات عديدة من البعثة فهذا لم يقل به أحد من أهل السير والتواريخ، فـ (سنوات عديدة) هكذا لفظة غير علمية.

صحيح أن بعض السنة بالغ وذكر إسلامه قبل علي وزيد بن حارثة ولكن هذه المبالغة لا تدل على أنه أسلم بعد مضي (سنوات عديدة) بل كان من السابقين الأولين فقد أسلم قبل دخول النبي (ص) دار الأرقم وكان المهاجرون إلى الحبشة وحدهم أكثر من مئة وأسلم عمر وهم في الحبشة ومعلوم أن عمر أسلم بعد أبي بكر بمدة (السنة السادسة).

نعم هناك من يقول: إن خالد بن سعيد ونحوه أسلموا قبل أبي بكر لكن حتى لو أسلم بعد خمسين فالمهاجرون الأولون هم (500) شخص وكلهم من المرضي عنهم في الكتاب والسنة وأبو بكر من أوائل هؤلاء.

13 ـ لم يثبت أن الزهراء اتخذت إماما آخر، ولم يثبت أن علياً نصب نفسه للإمامة بعد النبي (ص) حتى المؤرخين الشيعة كالمسعودي واليعقوبي وأبي مخنف لم يذكروا هذا.

14 ـ وبقية النقاط التي أوردتها قد سبق الجواب عليها في ثنايا الإجابات السابقة فلا أرى داعياً للتكرار، وأعترف بأننا لو توسعنا في قضية واحدة لأخذت منا وقتا طويلا وأنا لا أدعو الناس للتقيد بما أقول وإنما أدعوهم للبحث والمراجعة، وهذا اللقاء هو تواصل أكثر منه إجابة من مسؤول لسائل لأنني أعرف أن من الجمهور الكريم من هو أعلم مني وأفضل، وإنما طلب مني اللقاء فأجبت والإجابات الحاضرة سواء مني أو من غيري تختلف عن (الإجابات البحثية) لكن هذه الأخيرة مكانها الكتب والأبحاث لا اللقاءات.

15 ـ عدالة الصحابة مسألة لم تحدث إلا في كتب المتأخرين الحديثية ولم يكن عند الصحابة ولا التابعين هذه (العدالة) إلا للعدل حقا ثم الصحابي (الصحبة المقصودة بالثناء في النصوص الشرعية) إنما هي حجة المهاجرين والأنصار.

كثير ممن أسلم من الأعراب والطلقاء لم يكن عدلا وإنما كان سوء السيرة عليهم غالبا وفيهم من (اتبع بإحسان).

16 ـ قد ناقشنا موضوع (عدالة الصحابة) في كتابنا الصحبة (موجود على موقع المالكي) وتوصلنا فيه إلى رأي رأيناه، ليس عليه أكثر السنة ولا أكثر الشيعة.

17 ـ العدالة العامة تعني صلاح السيرة وهناك عدالة خاصة تعني الصدق في الرواية وكلا العدالتين موجودتان في (مجموع المهاجرين والأنصار ومن تبعهم بإحسان) وقد يشذ من هذا العموم من يشذ.
إضافة إلى أن كثيراً من الطلقاء والأعراب وكثيراً من قبائل العرب لم تتحقق فيهم هذه العدالة فكانوا بين مرتد أو مسيء السيرة وفيهم من أحسن الاتباع فكان عدلاً.

وعلى هذا فمعظم الاستشكالات التي أوردتها أنت هي على الغلو السني أو السلفي لا على ما أراه وقد سبق أن ذكرت أنني خالفت كثيراً من السنة في هذه المسألة مقتصراً على النصوص والآثار الأولى لخيار الصحابة والتابعين وبعض علماء السنة كالمازري الذي يقول (في الصحابة عدول وغير عدول).

18 ـ ذكرت أن أحاديث النبي (ص) ضد قريش إلا بني هاشم والصواب أن أحاديثه ضد الكفار من قريش وضد مسيئي السيرة من بني هاشم وغيرهم، أما الصالحون من بني هاشم وقريش فلا تتناولهم أحاديث الذم كما أن بعض بني هاشم لا تتناولهم أحاديث الثناء على بني هاشم.

أما قولك: (هل وصلت الأمة إلى قبضة شارون إلا منهم) فقد وصلت لقبضة شارون نتيجة لسياسات مختلفة من قريش ومن سائرهم بل ومن بني هاشم (خاصة المعاصرين منهم) أنا ضد المدح المطلق أو الذم المطلق لقبيلة أو شعب.. معايير الصلاح والفساد تدور حول إحسان العمل وإساءته، حول التزام الطاعات وارتكاب المحرمات وهذا خلاصة العدل الإلهي والبشري.

19 ـ صحيح أن الفساد قد يغلب على قبائل كبني أمية وثقيف وبني حنيفة، والصلاح قد يغلب على قبائل كبني هاشم والأنصار وغفار.. لكن التعميم غير علمي.

يتبع>>>

نسألكم الدعاء

خادم الزهراء 21-Jul-2009 02:06 PM

2 ـ وضع النقاط على الحروف..
 
2 ـ وضع النقاط على الحروف..
وكان الرد على المالكي:
بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله، والصلاة على محمد وآله الطاهرين. واللعنة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين..
إلى حسن فرحان المالكي..

لقد قرأت جوابك الأخير، فأخذتني الدهشة مما قرأت.. ولا أريد أن أقول أكثر من ذلك.. غير أني أسجل على جوابك ما يلي:

مقدمة تشير إلى عدة نقاط هي:
1 ـ إن الفقرات الأخيرة الثامنة عشرة والتاسعة عشرة لا ربط لها بما تحدثنا عنه في رسالتنا السابقة لك..

2 ـ إنني أطلب وألح في الطلب من كل من يطلع على رسالتي إليك وجوابك عليها.. أن يقارن بين أجوبتك وبين تلك الرسالة، ليجد أنك لم تجب على أكثر الأدلة التي وردت في رسالتي لك. كما أنك لم تشر إلى قبولك أو رفضك لما سكتّ عنه..

3 ـ والغريب في الأمر أن رسالتك هذه تلح على أن تلقي في روع القارئ أن نزاعي معك واستدلالاتي عليك إنما هي لإثبات كفر أبي بكر وعمر.. أو كفر غيرهم من الصحابة.. ولأجل ذلك فأنا أطلب أيضاً من كل قارئ منصف أن يقرأ رسائلي إليك عشر مرات. وأن يرصد كل حروفها وكلماتها ليدلني على الموارد التي حكمت فيها على الصحابة أو على أبي بكر وعمر بالكفر والارتداد..

فلماذا تسعى إلى عطف مسار البحث إلى ذلك الاتجاه، أم أنك تريد أن تثير حماس وعواطف الناس وحميتهم، ضد إجاباتي وذلك لكي لا يلتفتوا إلى قوتها أو أنك تريد التستر على ضعف أجوبتك عليها..

وبعد هذه المقدمة ورغم كل هذا، فإنني سأذكر النقاط التي تعرضت لها في جوابك واحدة فواحدة، وأسجل ملاحظاتي عليها كما يلي:

1 ـ بالنسبة لما ذكرته تحت رقم (1) أقول:أ ـ إننا لا نتكلم عن مذاهب السنة والشيعة والنواصب حول أحاديث الوعيد، هل هي في أبي بكر أو في غيره.. ولكن السؤال هو عن ما ورد في البخاري وغيره من أن فاطمة قد ماتت وهي واجدة على أبي بكر.. وأن من يكون كذلك فإنه يكون ـ بنص البخاري وغيره أيضاً ـ قد أغضب الرسول.. وأن من يفعل ذلك لا يكون أهلاً لمقام إمامة الأمة وقد صرحنا بذلك في الفقرة رقم 8 في رسالتنا السابقة إليك، فنحن نسألك أنت ما هو موقفك من هذا الأمر وكيف تحل هذه المشكلة.. ولا يعنينا ما يقوله السنة والشيعة والنواصب.

ب ـ قد ذكرنا لك في الفقرة رقم 12 في رسالتنا السابقة: أننا لم ندع كفر الصحابة.. بل طرحنا عليك أسئلة لا بد لك من الإجابة عنها لتتمكن أنت من تصحيح خلافة أبي بكر، وإلا فإنك تكون قد أوقعت نفسك في المحذور الكبير..

ج ـ قد ذكرنا أن مناقشتك فيما تستدل به لا يعني إلا إبطال قولك، ولا يعني أننا نلتزم بالمحاذير التي تواجهها أنت بسبب استدلالاتك التي لو قُبِلَتْ، استلزمت القبول بأمور خطيرة.

ولأجل ذلك قلنا لك: إن كل دليل إنما يصح الاستدلال به بعد إثبات بطلان كل احتمال يعارضه وينافيه..

وأنت قد استدللت ببعض الاحتمالات ولم تبطل الاحتمالات الأخرى.. فقلت إن إغضاب النبي (صلى الله عليه وآله) لا يوجب الكفر بدليل: أن هناك من أغضب النبي (صلى الله عليه وآله) في حياته، ولم يكفّره النبي (صلى الله عليه وآله) فأجبناك بأن هذا غير صحيح.. لأن رفق النبي (صلى الله عليه وآله) بالناس وتألفهم على الإسلام لا يعني أن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يكفّر من يؤذيه. فراجع رسالتنا السابقة الفقرة رقم8.

فلماذا طبقت ذلك على أبي بكر وعمر، أو على المهاجرين والأنصار، ولم تطبقه على ابن أبي المنافق مثلاً الذي كان يغضب النبي (صلى الله عليه وآله) باستمرار، وكان النبي (صلى الله عليه وآله) يرفق به.

د ـ وأما حديثك عن عصمة الزهراء.. فنحن لم نذكر عصمتها ولم نستدل بها عليك..

والذي قلناه: إن النبي (صلى الله عليه وآله) هو الذي قال: من أغضبها فقد أغضبني ولم يستثن أبا بكر ولم يستثن الأذى بتأويل.

ولم يقل: إلا إذا كانت مخطئة باعتقاد أبي بكر، أو باعتقادي أو باعتقادك.. وأنت لم تجب عن هذا بل حورت كلامنا، وعطفت اتجاهه، وحشرت عصمة الزهراء في الاستدلال من دون مبرر ظاهر.

هـ ـ وأما جوابك عن سؤال: لماذا لم ينهها الصحابة أو علي.. بأن أهل السنة يجوزون الخطأ..

على علي وعلى غيره من الصحابة. ولا يجوز الاستدلال بفعل فرقة ضد الأخرى إلا بدليل.. إلخ.

والقرائن قوية على إيمان أبي بكر، فلا يرفع اليد عنها بظن العصمة فلا يصح الحكم على أبي بكر بالكفر أو النفاق..

فهو جواب عجيب، وذلك لما يلي:
أولاً: إنك قلت: إن إيمان أبي بكر قرينة قطعية على أن إغضابه للزهراء كان من باب التأويل..

فأجبناك: بأن القرينة لو كانت قطعية لعرفتها فاطمة، ولكان الصحابة أرشدوها إليها ولم يتركوها تهجر أبا بكر إلى أن ماتت حسب نص الصحاح وغيرها..

فأجبت على هذا: بأن أهل السنة يجوزون الخطأ على علي وغيره من الصحابة.

ونقول لك: هل جميع الصحابة قد أخطأوا في عدم إرشادهم الزهراء إلى هذه القرينة التي زعمت أنها قطعية؟!

وألا يدل سكوتهم جميعاً عن ذلك، على عدم قطعية القرينة التي أشرت إليها؟!

وألا يسقط ذلك استدلالك على صحة خلافة أبي بكر بأن من غير المعقول أن يقدم الصحابة على مخالفة الرسول (صلى الله عليه وآله) وهم الموصوفون بالأوصاف الحميدة في القرآن.. وهم الذين ضحوا في سبيل هذا الدين..

إن استدلالك هذا لا بد أن يسقط، فإنهم جميعاً لم يعملوا بواجبهم هنا وقد تركوا فاطمة واجدة على أبي بكر إلى أن ماتت.. وكانوا السبب في بقاء غضبها عليه، مع أن هذا الغضب، يوجب الشك على الأقل في صلاحيته للخلافة..

ثانياً: إننا حين شككنا بقوة القرائن التي ذكرتها لم نستدل على ذلك بالعصمة لتقول إنها ظنية، والظني لا يوجب رفع اليد عن القطعي..

ثالثاً: إننا لم نحكم على أبي بكر بالكفر والنفاق.. بل قلنا إن القرائن على أن أبا بكر قد أغضبها من باب التأويل ليست قطعية كما زعمت.. بل هي ظنية أيضاً إذ يمكن للإنسان بعد مرور عمر طويل على طاعته لله تعالى أن تحلو الدنيا في عينيه، ولا سيما في أمر عظيم، كالخلافة والملك.. فمع وجود هذا الاحتمال لا تكون القرينة التي ذكرتها قطعية ولا يصح الاستدلال بها..

رابعاً: إننا لم نقل: إن ذلك قرينة على نفاق أو كفر أبي بكر، بل قلنا: إن ذلك لا يصلح قرينة على أنه أغضب فاطمة من باب التأويل كما زعمت.. فلماذا تحشر هذا الموضوع في سياق الرد علينا، ألا يوجب ذلك وقوع القارئ في وهم أن نكون نحن الذين ادعينا ذلك؟!.

خامساً: إنك قد جوزت الخطأ على أبي بكر، وعلى غيره من الصحابة.. ولم تجوز عليه المعصية. بل زعمت أن خطأه عن تأويل.. فما الذي أثبت عصمة أبي بكر عن المعاصي يا ترى؟ حتى قطعت بأن خطأه ليس من المعصية.. فإذا كان التاريخ الطويل في الطاعة دليلاً على عصمة أبي بكر عن المعصية ـ مع أن ذلك لا يصلح دليلاً كما أوضحناه أكثر من مرة ـ فلماذا لا تكون آية التطهير، وجعل غضب فاطمة هو الميزان في رضا الله وغضبه دليلاً على عصمة الزهراء عن المعاصي، وعن الأخطاء أيضاً.. إذ لا يجوز إناطة رضا الله وغضبه برضاها وغضبها إلا في حالة عصمتها عن ارتكاب الخطأ، وعن ارتكاب المعصية..

فإن من يخطئ ويعصي لا بد أن يردع عن خطئه ومعصيته، فإذا غضب، فإن الله لا يهتم لغضبه، بل سوف يكون راضياً ممن يغضبه..

سادساً: قولك: إن ما يهمك هو أن لا تنجر التخطئة لهذا أو ذاك إلى الحكم بالكفر والنفاق.

نقول في جوابه: إن التخطئة هنا تجر إلى الحكم بعدم أهليته لمقام الخلافة والإمامة وهذا يكفي.

2 ـ بالنسبة لما ذكرته تحت رقم (2) نقول:
أولاً: سواء فر أبو بكر في الهجمة الأولى في أحد، أو في الأخيرة فإن ذلك لا يؤثر في كونه من الفارين الذين تركوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليموت بسيوف الأعداء.

ثانياً: دعوى كون فرارهم تحرفاً للقتال.. تحتاج إلى إثبات بالدليل..

ثالثاً: لو كان فرارهم تحرفاً لقتال لم يؤنبهم الله عليه في العديد من الآيات الصريحة، التي نزلت في هذه المناسبة، فراجع الآيات الشريفة في سورة آل عمران..

رابعاً: إن تخصيصك الآيات بمن فر ولم يرجع كعثمان تخصيص بلا دليل ما هو إلا تبرع منك.

خامساً: إن فرارهم في حنين هو الآخر قد وقع مورداً للذم الإلهي في الآيات القرآنية فلا معنى لأن يذمهم الله على أمر إذا لم يكن فيه مخالفة.

سادساً: ليتك تعرفنا الفرق بين الهزيمة والفرار، مع أن الآيات القرآنية قد تحدثت عن الهزيمة، وقد عبرت عنها بالتولي يوم التقى الجمعان.

ويقول: {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ}[16].
عن حنين يقول الله سبحانه: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ}[17].

فهل توليهم مدبرين شيء آخر سوى الهزيمة؟!

سابعاً: وأما أن الله سبحانه قد عفا عن عثمان فيحتاج إلى إثبات بالأدلة القطعية.

ثامناً: وأما قولكم إن الدليل على فرار أبي بكر يوم حنين كان ضعيفاً. فنكتفي في جوابه بما رواه الحاكم: عن العباس بن عبد المطلب قال:

(شهدت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم حنين فلقد رأيته وما معه إلا أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وهو آخذ بلجام بغلة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو راكبها، وأبو سفيان لا يألو أن يسرع نحو المشركين)..

قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.. ووافقه الذهبي[18].
وهناك حديث آخر[19] وتلخيصه للذهبي وصححاه على شرط الشيخين أيضاً. فليراجع، وقد قال فيه الذهبي أخرجه مسلم.

وذكر الحاكم أيضاً: (أن العباس مكث معه ـ أي النبي (صلى الله عليه وآله) ـ يوم حنين في أهل بيته حين انكشف الناس عنه)[20].

*وروى البخاري ومسلم ما جرى في حنين، وقالا:
(فأدبروا عنه ـ أي عن النبي (صلى الله عليه وآله) ـ حتى بقي وحده)[21].
فكيف تقول: إن الحديث عن فرار أبي بكر يوم حنين ضعيف.. فإن هذه الأخبار قد رويت في الصحاح..

وقد أضربنا عن ذكر ما روي في مسند أحمد وغيره.. اعتماداً على حصافة القارئ، الذي سيكون قادراً على متابعة البحث عن صحاح الروايات إن أحب ذلك.

ولست بحاجة إلى تذكيرك بأنك لا تستطيع أن تدعي أن هذه الروايات تدل على فرار غير أبي بكر أيضاً.. فإن ذلك إنما يصح لك لو كان غيرك يلزم نفسه بما تلزم به نفسك من الأخذ بما في كتب الصحاح التي هي معتبرة لدى فريق من المسلمين دون فريق..

ثامناً: إننا لم نقل لك: إن أبا بكر قد فر في الأحزاب، بل قلنا: إنه لم يرغب في الجنة التي ضمنها الرسول (صلى الله عليه وآله) لمن يبرز لعمرو بن عبد ود حين قال: من لعمرو، وأضمن له على الله الجنة.

فلماذا تنسب ما لم نقله..

وكيف تطالبني بمصدر لكلام نسبته أنت إلي، وأنا منه بريء؟

تاسعاً: إن ذكرك لعمار وسلمان والمقداد في من لم يبارز عمرواً، لا يحل الإشكال، فإن هؤلاء لم يتصدوا لأمر الإمامة والخلافة.. ولم يغضبوا فاطمة ورسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد وفاته..

ولم يسترضوها حتى ماتت.. ثم يأتي من يقول: رجماً بالغيب: إنهم قد أغضبوا فاطمة (عليها السلام) بتأويل. ولم يدعوا لهم أنهم يجمعون كافة الصفات التي تؤهلهم لمقام الخلافة والإمامة.. ولم يقل أحد إنهم معصومون عن الخطأ مبرؤون من الزلل.

عاشراً: لماذا لا زلت تطعن بالشيعة تارة وبالسنة أخرى.. و من قال لك إن من يخاطبك ويحاورك هو من السنة، أو من الشيعة الإمامية، أو الزيدية، أو من غير هؤلاء..

3 ـ وحول ما ذكرته في الفقرة رقم (3) نقول:
قولك: إن قاعدة أن بعض الناس قد ينتكسون في آخر عمرهم لا يجوز إنزالها برجل مؤمن إلا بدليل قطعي..

نقول في جوابه:
أولاً: ما المانع من أن يكون هناك رجل مؤمن، ثم تغره الدنيا في آخر عمره فيسعى لها سعيها، ويهيء الظروف التي تمكنه من الحصول عليها، ولا يلزم من سعيه للحصول على الدنيا أن يكون محكوماً بالكفر أوالنفاق.

وأما فيما يرتبط بأبي بكر، فإننا نقول: إننا حين تحدثنا عن وقوعه في الخطأ في حق الزهراء، قد جئنا بالدليل والبرهان والحجة التي أمرنا بالأخذ بها.. والدليل قد يكون آية وقد يكون نصاً محكوماً بالصحة..

وقد قلنا: إن حديث من أغضب فاطمة فقد أغضب الرسول (صلى الله عليه وآله) موجود في الصحاح، وكذا حديث: أنها ماتت وهي واجدة على أبي بكر موجود في الصحاح أيضاً.. وهذا دليل وحجة لا بد من الالتزام بها كما نلتزم بالحديث الصحيح في أحكام الصلاة والحج وغير ذلك، فإننا إذا خالفناه بلا برهان يزيل حجيته ويسقطها، فإن الله سبحانه سيحاسبنا على ذلك..

ثانياً: إننا لا زلنا نكرر لك: أن حديثنا يتلخص في أن أبا بكر قد عمل عملاً يجعله غير مؤهل لمقام الخلافة. حتى لو كان هو إغضاب الرسول (صلى الله عليه وآله) بإغضاب فاطمة (عليها السلام).. ولم نقل إن ذلك الذنب هو الكفر، فلماذا عدتم إلى تكرار هذه المقولة..

ثالثاً: إننا قد قلنا: إن دعواكم أن أبا بكر لم يدخل الإسلام خوفاً ولا طمعاً تحتاج إلى دليل قاطع..

رابعاً: قد قلنا لك: لم يثبت أن أبا بكر كان من المهاجرين الأولين بصورة قاطعة لأن في الطبري رواية تقول: إنه قد أسلم بعد أكثر من خمسين بالإضافة إلى دلائل أخرى على تأخر إسلامه..

وتحديد المهاجرين الأولين بخمس مئة رجل كما ذكرت في بعض النقاط التالية ما هو إلا دعوى تفتقر إلى البرهان القاطع والدليل والحجة..

خامساً: أما مطالبتك لي بترك المنظومة الشيعية، وترك التقليد فمن أين علمت أنني شيعي، ومن أين علمت أنني مقلد للشيعة أو للسنة..

وها نحن نراك تطعن بالشيعة تارة, وتطعن بالسنة أخرى، ثم تنسب نفسك إليهم كما فعلت في النقطة الأولى.. فلماذا تنسب نفسك لمن لا زلت تطعن فيهم؟..

سادساً: متى قلنا لك: إن تكفير أبي بكر وعمر وبقية المهاجرين والأنصار هو من مفردات البحث الموضوعي المنصف.. ولماذا تمارس في بحثك العلمي (!!) هذه الأساليب التحريضية المبطنة.

4ـ وأما ما ذكرته في الفقرة رقم (4) فنقول فيه ما يلي:إن إصرارك على أن إغضاب أبي بكر لفاطمة كان بتأويل لإيمان أبي بكر المتواتر..

يرد عليه:
أولاً: إنه إذا كان متواتراً عندك فهو ليس متواتراً عند غيرك، فأين هذه الأخبار التي أظهرت باطن هذا الرجل، وأطلعتك على حقيقة ما في قلبه.. فلا يصح دعوى التواتر جزافاً حتى لو كان أبو بكر مؤمناً في الواقع فإن التواتر هو صفة للخبر.

ثانياً: نحن لا نقول لك: إن أبا بكر قد كفر، بل نقول لك: إنه قد فعل فعلاً يسقطه عن الأهلية لمقام الإمامة.. كأي إنسان يتصدى لمقام له شرائط، ويكون ذلك المتصدي فاقداً لبعض تلك الشرائط. فإن أستاذ الجامعة يحتاج إلى شهادة الدكتوراه فإذا فقدها لم يكن أهلاً لذلك المقام وذلك لا يعني أنه أصبح كافراً.

5 ـ بالنسبة للفقرة رقم (5) نقول:
قد طلبت منا أن لا نتمسك بأحاديث الآحاد ونترك النصوص القرآنية المتواترة..

ونقول:
أولاً: بأي نص قرآني استدللت علينا ورفضناه.. وأي خبر آحاد قدمناه على نص قرآني، فهل يمكنك أن تبين لنا ذلك؟!

ثانياً: لماذا لا يكون سعيك إلى إحقاق الحق، والالتزام له، وتوحيد الفكر والاعتقاد والسلوك. بدلاً من أن يكون سعيك إلى قبول الناس بعضهم بعضاً مع بقاء الاختلاف في الاجتهاد والتأويل.

ولماذا إذن تفتح حواراً علمياً مع الآخرين؟ وهل الحوار العلمي بمثابة قبلات فيما بين صديقين، وتبادل عبارات المجاملة بين فريقين مختلفين في الفكر وفي الاعتقاد..

وهل الإصرار على الاختلاف في وجهات النظر سعة أفق؟ أم السعي إلى توحيد النظرة على أساس الدليل، ونبذ التعصب هو الأفق الأرحب والموافق لما يريده الله ورسوله منا..

ثالثاً: ما معنى هذا الطعن في الأحاديث بزعم أنها أتتنا مبتورة؟! وهل يمكنك تسرية هذا النهج إلى سائر الموارد التي جاءت الأحاديث لتثبتها أو لتنفيها؟! أم أن ذلك تشكيك تبرعي بخصوص ما دل على مظلومية الزهراء، وما فيه إدانة لما جرى عليها؟!

وأي خبر ظني طلبنا منك تقديمه على القطعي من نصوص القرآن؟! فهل خلافة أبي بكر قطعية بنص القرآن، وموت الزهراء واجدة على أبي بكر حديث ظني..

بل نقول لك: إن القطعي من نصوص القرآن يدعونا لالتزام إمامة علي بنص آية إنما وليكم الله ورسوله وغيرها من الآيات..

رابعاً: أما حديثك عن دوران السنة والشيعة حول نصوص حديثية وتركهم لنصوص القرآن فهو حجة عليك من جهة، واتهام لفريق تخالفه، وتعمل على التخلص من فكره وأدلته من جهة أخرى..

فلا بد أن يؤخذ باعترافك، أما دعواك على غيرك، فليس على من ردها عليك جناح، بل ذلك هو حقه الطبيعي، لأنك تعترف بهذا الأمر وبغيره من أمور لا زلت تعترف بها، مع أنها تدين أهل نحلتك من جهة، ثم تدعي أن من يخالفك أيضاً مبتلى بهذا البلاء، وما كنا نحب لك أن تسجل هذا الاعتراف المهين، ولا ذلك الادعاء الذي يحق لغيرك رده عليك. وذلك في كلا الحالتين يمثل اتهاماً للفريقين من السنة والشيعة إما بقلة الدين أو بقلة الفهم..

والسنة والشيعة أمة كبيرة تعد بالمليارات، ولا سيما إذا أخذنا هذا الامتداد عبر مئات السنين، ولن يكون من الإنصاف أبداً توجيه هذا الاتهام لهم جميعاً، وتبقى أنت وربما أفراد آخرون مثلك في دائرة الإنصاف، أو في دائرة الالتزام الديني..

خامساً: ثم عدت إلى الحديث عن أن إغضاب فاطمة ليس كفراً..

ونعود لنقول لك: إن هذا الأسلوب لن يجدي نفعاً. فإن إغضاب فاطمة حتى لو كان معصية صغيرة فإن من شأنه أن يسقط أبا بكر عن صلاحية الإمامة. فانظر كيف تخرج من هذا المأزق..

وتمثيلك بشارب الخمر والسارق والزاني.. وتسليمك بأن إغضابها ذنب من الذنوب.. يكفي للدلالة على سقوط الأهلية بذلك، ولا يحتاج أحد إلى إثبات كفر أبي بكر أبداً، فلماذا تصر على هذه المقولة، وعلى اتهام الشيعة أو غيرهم بها، إمعاناً منك في التحريض غير المبرر ولا المقبول.. خصوصاً مع هذه التعميمات التي يظلم فيها الكثيرون ممن تشملهم وهم منها براء.

سادساً: إن الكلام ليس في الذهاب إلى النار وعدمه، فإن المعصية وإن لم توجب الذهاب للنار لكنها قد توجب عدم صلاحية فاعلها لمقام الإمامة..

وذلك لأن كثيرين يكونون في الجنة، لكنهم لا يصلحون للإمامة والخلافة، فهناك نساء مؤمنات لايصلحن للإمامة ويدخلن الجنة.

وهناك أناس يدخلون الجنة ولكنهم لضعف معرفتهم بالأحكام لا يصلحون للقضاء أو للإمامة..
سابعاً: لقد حكمت على حديث إغضاب فاطمة بأنه حديث آحاد..

ونقول لك: إن خبر الواحد حجة عليك وعلى غيرك، وليست الحجج محصورة بالمتواترات، ولو انحصرت بها لمحق الدين، وطمست معالمه. وعفيت آثاره..

فأخبار الآحاد هي التي تتعبد بها أنت وغيرك من المسلمين.. فالمهم هو ثبوت الحجة، التي يؤاخذ الله سبحانه على تجاهلها..

وأما ادعاؤك أنهم يتركون النص القرآني فأي نص قرآني تركناه، وأخذنا بحديث إغضاب فاطمة الذي هو خبر واحد بزعمك؟!

لقد قدمنا لك الأدلة التي تؤمن بها.. وتحتج بها على غيرك، فإن كان مرادك هو آية: {وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ} فسيأتي الحديث عنها.. في أكثر من مناسبة في ردنا في هذه الرسالة.

ثامناً: وأمـا آيـة: {وَالسَّابِقُـونَ الأوَّلُـونَ مِنَ الْمُهَاجِـرِيـنَ وَالأنْصَارِ}[22].. فقد زعمت أنها نص قطعي لا يقبل به الشيعة..

ونقول:
ألف: إن الشيعة يقبلون بالقرآن كله.. ولا يرفضون حرفا منه، وما هذا منك إلا افتئات منك عليهم.

ب: إنك تستدل بآية السابقون، وهي وإن كانت قطعية السند لكنها ليست قطعية الدلالة، بل هي ليست ظنية الدلالة على مطلوبك.. وإنما تدل على خلاف مطلوبك، حيث قد ذكرنا أن أبا بكر لم يثبت أنه من المهاجرين الأولين، ولا سيما بعد أن ذكر الطبري ما هو صريح في أنه قد أسلم بعد أكثر من خمسين هذا بالإضافة إلى قرائن أخرى قلنا لك إن بعضها مذكور في الجزء الثاني من كتاب الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله)..

وأي دليل قطعي قد حدد لك عدد السابقين الأولين؟! فهل ثلاثة أو خمسة أو عشرة أو عشرون أو خمسون..

إن استدلالك بهذه الآية يتوقف على تحديد ذلك.. وإلا فإن الآية تكون مجملة غير صالحة لإثبات ما ترمي إليه أبداً..

ج: إنه بعد ثبوت أن أبا بكر قد أغضب فاطمة وجاء به النص الصحيح الذي هو حجة فإن هذا يكون مخصصاً لظهور الكتاب في العموم فإن قوله والسابقون الأولون عام.. وحديث إغضاب فاطمة ووجدها عليه مخصص لذلك العموم فكأنه قال: السابقون الأولون كذا وكذا إلا من أغضب فاطمة منهم.. ويكون من قبيل قولك: العلماء حماة الدين.. ثم يأتي دليل آخر يخصص هذا العام ويقول: إن فلاناً العالم ليس حامياً للدين لأنه ممن آتاه الله آياته فانسلخ منها.

والعلماء يقولون إن تخصيص الكتاب بخبر الواحد صحيح ومقبول.. فيكون هذا الحديث قرينة قطعية على المراد بالآية.. وأن المراد بها الغالب والأكثر. وليس المراد جميع أفراد المهاجرين..

وبذلك يكون الشيعة قد عملوا بالآية وبالحديث الشريف معاً، وليس في ذلك أي إشكال من الناحية العلمية..

د: ما المانع من أن يكون إغضاب فرد من أهل البيت مساوياً لإغضاب الله تعالى.. خصوصاً إذا كان الله تعالى هو الذي قرر ذلك على لسان الرسول (صلى الله عليه وآله)، وقد قال الله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ}[23].. فهو قد جعل طاعة فرد من أهل البيت وهو رسول الله مساوية لطاعة الله.. وقال النبي (صلى الله عليه وآله) ـ كما في القرآن الكريم ـ {اتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ}[24]..

هـ : ثم عدت في نهاية هذه الفقرة لتتحدث من جديد عن أن إغضاب الله بإغضاب فاطمة لا يوجب الكفر كما أن إغضاب الله بفعل شارب الخمر والسارق لا يجعله كافراً..

وقد قلنا لك:
أولاً: إن إسقاط أبي بكر عن الأهلية للخلافة لا يتوقف على إثبات كفره..

ثانياً: إن إغضاب الله بشرب الخمر لا يجب أن يكون في مستوى إغضاب الله بإغضاب فاطمة وإغضاب الرسول، فإن إغضاب الله بإغضاب الرسول أعظم بكثير من إغضاب الله بشرب الخمر والسرقة..

لأن المعاصي تختلف في خطورتها وآثارها، وفي شدة غضب الله على فاعل هذه المعصية أو تلك كما أن إغضاب الله تعالى بالنظر إلى الأجنبية ومصافحتها ليس مثل إغضابه تعالى بقتل مؤمن أو بقتل الحسين مثلاً.

6 ـ وأما بالنسبة لما ذكرته في الفقرة (6) فإننا نقول:
إن تفريقك بين العنسي وطليحة ومسيلمة وبين المهاجرين والأنصار يرد عليه..

أولاً: إننا لم نقل: إن هؤلاء مثل أولئك لتجيبنا بهذا الجواب، بل قلنا لك: إن البعض قد يقضي عمره في الطاعة ثم يرتد في آخر عمره وقد يكون العكس. وذلك لنثبت لك أن من الممكن أن يكون الإنسان مؤمناً تقياً ثم تحلو الدنيا في عينه، فيقدم على إغضاب الزهراء لأجل الحصول على هذه الدنيا أو على ذلك الحكم والسلطان..

ثانياً: إن كون أبي بكر من أول الناس إسلاماً لا يمنع من أن تحلو الدنيا في عينه في آخر عمره..

ثالثاً: قد تقدم أن هناك قرائن تدل على أنه لم يكن من الأوائل بل تأخر إسلامه عدة سنوات. ومن يسلم بعد أكثر من خمسين ـ بناء على رواية الطبري ـ لا يصح وصفه ـ بصورة قاطعة ـ بأنه من أول الناس إسلاماً..

رابعاً: وأما قرائن البراءة المطلوبة التي تحدثتم عنها.. فنقول عنها: إن قضية أبي بكر ليست من هذا القبيل، فإن إغضابه لفاطمة قطعي الثبوت بالحجة التي هي الروايات الصحيحة ولا يراد إثبات أكثر من ذلك، فالإغضاب قطعي وقرائن البراءة ظنية حسب زعمك ولا يقدم الظني على القطعي..

خامساً: قد قدمنا: أن آية مدح المهاجرين والأنصار لا بد أن تخصص بحديث إغضاب فاطمة كما هو معلوم، فلا بد لك من التماس الجواب المقنع عن هذا الاستدلال..

7ـ وأما ما ورد في الفقرة رقم (7) فيرد عليه..أولاً: إن حديث: (هذا الأمر في قريش ما بقي الناس اثنان) ليس المراد به الإخبار عن سير الأحداث على صفحة الواقع الخارجي، بل المراد به التشريع والحكم على الناس بأن عليهم أن يسلموا هذا الأمر لقريش، ولا يجوز لهم معارضتها فيه، واغتصابه منها.

فلا معنى لقولك: وأين هم الآن..

ولو جاريناك فإننا نقول: إن هذا الفهم للحديث هو الأولى والأظهر من الاحتمال الذي ذهبت إليه، وبذلك يسقط كلامك عن صلاحية الإثبات لما تريد إثباته..

ثانياً: قولك: إن المهاجرين لم يحتجوا على الأنصار بأحاديث القرشية.. غير صحيح فإنهم قد احتجوا بها في السقيفة بالذات، واحتجوا بأنهم قرابة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأنهم أولياؤه وعشيرته، وبغير ذلك فراجع كتاب: الحياة السياسية للإمام الرضا.. الفصل الأول في هامش مطول ذكر هناك..

ثالثاً: إن طريقة تشكيكك بأحاديث القرشية لم يسبقك إليها أحد، فإنها قد جاءت شبيهة بأحاديث المنجمين أو الذين يكشفون البخت بفنجان القهوة، فراجع قولك: (مما يدل على أنها إما ضعيفة أو مخصصة بمناسبة أو نحو ذلك.. مما قصر المحدثون في استيفائه..)

فهل هذه الإحالة على مجهول تعد طريقة علمية في البحث والاستدلال؟!.

8 ـ وحول الفقرة المذكورة برقم (8) نقول:
قد اعترفت بأن التأويل لا ينفع مع وجود التصريح من الرسول بغضبه (صلى الله عليه وآله) لغضبها.
ثم ذكرت: أنه لا دليل على أن أبا بكر كان يعلم بأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد قال ذلك في حق فاطمة..

ونقول:
أولاً: إذا كان أبو بكر يجهل ذلك فهل الصحابة جميعاً كانوا يجهلونه؟! فلماذا لم ينبهوه عليه..

ثانياً: إنه إذا كان أبو بكر يجهل بهذا الأمر، فإن ذلك يجعلنا نشك في مقدار علم أبي بكر. ولا سيما في أمور خطيرة فيما يرتبط بخلافته للرسول، ونشر أحكام الدين وتعاليمه وحفظ شرائعه وسياسة الناس وفقاً لما جاء به الرسول (صلى الله عليه وآله). فلا مجال بعد هذا للطمأنينة بصحة خلافته إذا كان بهذا المستوى من الجهل بالدين وأحكامه.

ثالثاً: ويتأكد ما ذكرناه آنفاً إذا علمنا أنهم يقولون: إن النبي (صلى الله عليه وآله) قد خطب الناس وأعلن أن من أغضب فاطمة فقد أغضبني[25].

فإذا لم يعلم أبو بكر بأمر خطب به الرسول (صلى الله عليه وآله) الناس، على المنبر فما هو مدى معرفته بالأمور الخفية، أو التي لم يخطب بها والتي جاء بها رسول الله (صلى الله عليه وآله).

رابعاً: لنفترض أنهم أخبروه بالأمر، فلماذا لم يعتذر ويرجع الأمور إلى نصابها بحيث ينال الرضا من جديد؟!. أم أنه لم يكن يهمه رضا فاطمة (عليها السلام)؟

وإذا كان قد اعتذر، فلماذا لم تقبل الزهراء عذره؟!. وما هذه القسوة منها عليه.. فإن كانت محقة في قسوتها هذه فكيف أصبح أهلاً لمقام الإمامة؟!. وإن لم تكن محقة فكيف يجعل النبي (صلى الله عليه وآله) رضاها من رضا الله، وغضبها من غضب الله..

خامساً: قد قلت: إنه يمكن تخطئة أبي بكر.

ونقول لك: إن من يخطئ هنا فما الذي يؤمننا من أن يخطئ فيما هو أعظم..

وقد قلنا: إن الحديث ليس عن كفره وإيمانه، بل عن أهليته لخلافة الرسول (صلى الله عليه وآله)..

سادساً: قد قلنا: إن التاريخ الطويل لأبي بكر في الإيمان والتقوى لا يجعله أهلاً لمقام الخلافة للرسول (صلى الله عليه وآله)..

فإن هذا المقام يحتاج إلى العلم الواسع بالأحكام، وإلى الشجاعة, وإلى السياسة والتدبير، وإلى القدرة على القضاء بالحق.. وإلى.. وإلى..

فتاريخ أبي بكر الطويل الذي تحدثت عنه لا يكفي لجعله حائزاً على تلك الصفات والميزات.

سابعاً: إن التاريخ الطويل.. قد انتقض بما ثبت بالدليل الصحيح من أنه قد أغضب الله و الرسول بإغضاب الزهراء..

ثامناً: وأما بالنسبة لاحتمالات أن يكون أبو بكر قد فهم من النص التعميم أو التخصيص، فهي احتمالات لا تجدي في رفع غضب الزهراء (عليها السلام)، ولا في رفع غضب الرسول. فإنهما ثابتان قطعاً..

واحتمالات أن يكون أبو بكر قد فهم هذا أو ذاك.. إن صلحت عذراً لأبي بكر عند الله، فهي لا تصلح عذراً لنا في اعتقاد إمامته وفي التسويق لمشروعيتها. بل تكون من قبيل من يرتكب ذنباً يوجب الحد. فيجب على القاضي حده وجلده لأجل البينة، ولعله يكون عند الله معذوراً والقاضي لا يدري..

9 ـ أما ما ورد تحت رقم (9) فيرد عليه..
أولاً: قد ذكرنا في الرسالة السابقة: أنه لا يحق لك أن تقول: إننا نحسن الظن بأبي بكر فلا يخالف النص القطعي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله).. ولا يعقل أن يخالف الصحابة أمر النبي (صلى الله عليه وآله) فيبايعون أبا بكر.. وهم يعلمون بالنص على غيره..

وقد أجبنا عن ذلك.. بأن الأنصار قد اتفقوا على مخالفة النص الثابت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأن حديث الأئمة من قريش ثابت قطعاً وقد خالفه الأنصار كلهم.. ولا يعقل أن يكونوا جميعاً جاهلين به. ولو كان بعضهم جاهلاً، فعلى العالم أن يعلمه، أو ناسياً، فعليه أن يذكر به.. وقد ذكرهم به أبو بكر في السقيفة فلم يلتفتوا إليه.

فإذا كان الأنصار كلهم يخالفون حديث القرشية، فلماذا لا يخالف أبو بكر حديث النص على علي (عليه السلام).. ويطمع في هذا الأمر؟! ولماذا لا يخالف حديث من أغضب فاطمة فقد أغضبني؟!

ثانياً: لقد عدت إلى إطلاق التعميمات التي لا يصح إطلاقها في البحث العلمي.. فإننا نحن أيضاً نقول:

إن كثيراً من الأحاديث تم توليدها فيما بعد، ولم تكن مشهورة.. أو تم الاستدلال بها في غير موقعها..
ولم يكن الإسلام حكراً على عائلة إلخ..

فما الذي ثبت بقولنا هذا؟ هل ثبتت صحة إمامة أبي بكر ومشروعيتها؟! أو ثبت أنه أهل للإمامة؟! وثبت أنه لم يرد الدنيا حين طلب هذا الأمر؟

ولماذا لا تكون الأحاديث حول أبي بكر وإمامته وفضائله مولدة..

فإن قلت: لم لا تكون الأحاديث حول علي (عليه السلام) أيضاً كذلك..
فنقول لك: إن الأحاديث في علي مجمع عليها، أما الأحاديث في أبي بكر فيدعيها فريق دون فريق..

يضاف إلى ذلك: أن الأحاديث في علي محاربة من فئات كثيرة من الناس، ومن الحكام وغيرهم..

ومع ذلك فقد وردت في الصحاح، التي يلتزم بها الفريق الحريص على تثبيت إمامة أبي بكر وتشييدها.

ثالثاً: أما قولك: السنة والشيعة يسيئون للإسلام عندما يعرض كل فريق منهم بأن الحكم خاص بالقرشيين. وفريق يخصه بفرع من القرشيين. والإسلام أوسع من هذا..

فهو جرأة عظيمة منك على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وعلى الله أيضاً، حيث إنك تحاول أن تكذِّب أحاديث الرسول (صلى الله عليه وآله) من دون حجة ظاهرة. وتستند في ذلك إلى مجرد الاستحسان. وزعم أن الإسلام أوسع من ذلك..

نعم.. إن الإسلام واسع وسهل وسمح، ولكنه يريدك أن تتكلم في صلاتك بالعربية، ويريدك أن تصلي إلى خصوص الكعبة..

ثم هو يريدك أن تقدس شخصاً اسمه محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله).. ويريدك.. ويريدك.. ويريدك أيضاً أن تعطي الحكم لقريش كما ورد في النص المجمع عليه، والذي عليه اعتقاد علماء الأمة سنة وشيعة إلا من شذ من الخوارج أو من غيرهم..

رابعاً: قولك: إن المهم هو شكل السلطة لا مضمون السلطة.. غير مقبول.. فإن دل الدليل على أن المهم هو الشكل والمضمون معاً، لم يكن لك أن تعترض. وقد علمت أن المهم في الصلاة هو الشكل والمضمون معاً، وفي الحج المهم الشكل والمضمون معاً.. و.. و. إلخ..

فلم لا يكون المهم في السلطة الشكل والمضمون معاً؟!

إن الأمر تابع لتوجيهات رسول الله (صلى الله عليه وآله)، الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، ولا قيمة للتظني وللآراء التي لا تستند إلى علم ولا إلى برهان..

10 ـ وحول النقطة رقم (10) نقول:
قد قلت: إنك لا تعتقد إلا أن أبا بكر كان صادقاً في حلفه على أنه محب لأهل البيت..

ونقول لك:
أولاً: إن اعتقادك إنما هو حجة عليك، وليس من الأدلة العلمية التي يؤخذ بها غيرك.. إلا أن تقدم الدليل النافي لما قلناه من احتمال أن يكون حلفه هذا لأجل امتصاص الأثر السلبي لوجد الزهراء عليه، وغضبها منه إلى أن ماتت حسب نص البخاري وغيره..

ثانياً: قد قلنا: إن دعوى الحب لا بد أن تشفع بأدلة تثبتها، بعد أن ظهر ما يدل على عدم الحب، إلى درجة الإغضاب المستمر إلى الموت. كما حصل للزهراء (عليها السلام).

ثالثاً: إن حلف أبي بكر يشير إلى أنه كان يواجه التشكيك في حبه لأهل البيت، ولم يكن ذلك الشك ليزول بمجرد الدعوى. بل حتى احتاج إلى أن يقسم على ذلك..

ولم يكن القسم الواحد يكفي، بل كان يتكرر هذا القسم منه باستمرار، مما يدل على حجم الشك في هذه الدعوى، وأن الناس كانوا لا يصدقونه فيما يدعيه حتى وهو يقسم لهم..

رابعاً: قولك إن عدم مبادرته إلى إرضاء الزهراء يدل على أنه متأول.. لا يصح.. فإن التأويل الذي تزعمه لا يمنع من المبادرة للإرضاء.

خامساً: إنه لا تأويل في مقابل النص الوارد عن الرسول (صلى الله عليه وآله).. على أن الإغضاب لها إغضاب لله تعالى وللرسول (صلى الله عليه وآله).. ولا يصح لأحد أن يقول: إنني أرى نفسي مصيباً في إغضابي لرسول الله، وفي إغضابي لله سبحانه.

سادساً: لقد عدت إلى الحديث عن الكفر والإيمان في هذه النقطة أيضاً لكي توهم الناس: أنني أسعى إلى إثبات ذلك.. أو لتنفر الناس مني ومن الشيعة حتى لا يتفاعلوا مع ما يقدمونه من حجج..

11 ـ وحول ما جاء في الفقرة رقم (11) نقول:
قولك: إن ندم أبي بكر على كشف بيت فاطمة يدل على صلاحه.. لا يصح:

أولاً: لأن ندمه كما قد يكون لأجل اكتشافه الخطأ كذلك قد يكون لأجل أن ما فعله قد نشأت عنه مشكلة, ولم يستطع أن يحقق أهدافه كاملة.. فأراد أن يمتص الآثار السلبية لما فعله في آل النبي (صلى الله عليه وآله) بإظهار هذا الندم، فلماذا جزمت بالأول.. ولم تلتفت إلى الثاني. مع أننا قد نبهناك عليه في رسالتنا السابقة..

بل إن الأمر ليس فقط لم يحقق له أهدافه المرجوة، وإنما هو تسبب له بفضيحة كبرى، حيث أصبح متهماً ببغض أهل البيت، وأصبح يحتاج إلى الحلف على أنه يحبهم.. ولم تعد الدعوى المجردة تكفيه، ولم يكن الحلف يؤثر في رفع التهمة فكان يحتاج تكراره..

ثانياً: قد اعترفت بأن أبا بكر كان قد اندفع لموقف مغضب لله ولرسوله وللزهراء، بسبب جهله ببعض الأدلة ثم ظهر له من الأدلة ما كان يجهله باعترافك.. فكيف نطمئن بعد هذا إلى أنه يملك من المعرفة والعلم ما يجعله أهلاً لمقام الخلافة وسياسة العباد وفق ما يريده الله تعالى؟!

12 ـ بالنسبة للفقرة رقم (12) نقول:
أولاً: لا معنى لأن تستدل على عدم تأخر إسلامه بأن أحداً لم يقل ذلك.. فإنه إذا دل الدليل على أن أبا بكر لم يسلم إلا بعد سنوات من البعثة، فالدليل هو الميزان، ولا ينظر إلى أقوال هذا أو ذاك من المؤرخين والمحدثين.. لأنهم قد تخفى عليهم بعض الحقائق، وما أكثر ما يخفى عليهم منها. وتلك هي الدراسات والبحوث العلمية تثبت لك ذلك بأيسر طريق..

ثانياً: إن لقائل أن يقول: إن ثمة سعياً لتزوير وطمس الحقائق لصالح أبي بكر، باعترافك أنت حيث قلت:

(صحيح أن بعض السنة بالغ وذكر إسلامه قبل علي وزيد).

فمن بالغ هنا بهذا المقدار، لماذا لا يبالغ بأكثر منه؟! إذا اطمأن إلى قبول كلامه وعدم اكتشاف مبالغاته، فإن من يسرق البيضة قد يسرق الجمل أيضاً إن تمكن من ذلك..

ثالثاً: إذا كان قد أسلم بعد أكثر من خمسين كما رواه الطبري في تاريخه، وإذا وجدت قرائن تدل على هذا التأخير في إسلام أبي بكر لسنوات عديدة. فلماذا يكون قولنا (سنوات عديدة) هكذا لفظة غير علمية؟!

رابعاً: قولك: إنه أسلم قبل دخول دار الأرقم لو صح، فمن الواضح: أن دخول دار الأرقم قد كان بعد عدة سنوات من البعثة.

أضف إلى ذلك: أن هذا الأمر هو محل الإشكال وقد جاءت بعض القرائن لتدل على خلافه. فهل تجعل دعواك هي الدليل مع وجود نصوص توجب الريب في صحة تلك الدعوى؟!

خامساً: لقد قلت: إن عمر قد أسلم في السنة السادسة، ولكن كتاب الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) يقول: إن إسلام عمر قد تأخر إلى ما قبل الهجرة بقليل. فراجع ما أورده ذلك الكتاب من أدلة وشواهد على ذلك.. وهي بلا شك توجب الريب في صحة ما تذكره عن إسلام عمر.

سادساً: ما هو دليلك على أن المهاجرين الأولين كانوا خمس مئة.. ولماذا لا يكونون ثلاثة أشخاص، أو خمسة، أو عشرة، أو عشرين، أو خمسين، أو مئة، أو مئتين أو.. أو.. إلخ..

سابعاً: قولك:
عن المهاجرين الأولين: (وكلهم من المرضي عنهم في الكتاب والسنة، وأبو بكر من أوائل هؤلاء).. لا يصحح لك إمامة أبي بكر. وذلك لما يلي:

ألف: إن الآية قد نصت على المهاجرين الأولين.. وليس ثمة ما يدل على المراد بهم، فهل هم ثلاثة، أو خمسة، أو عشرة، أو أزيد.. فإن هذا غير معلوم، فإن كان لديك دليل قاطع فائتنا به لننظر فيه..

فلا يوجد لديك ما يثبت دخول أبي بكر في مدلول الآية، إذا كان يحتمل أن يكون أبو بكر قد أسلم بعد أكثر من خمسين، وبعد عدة سنوات، فكيف تقول: إنه من أوائل المهاجرين الأولين؟

ب: إن الآية قد جاءت بصيغة العموم، وهي لا تأبى عن التخصيص، بالخبر الثابت في حق بعضهم، ويكون أبو بكر قد خرج من الآية بواسطة الحديث الشريف.. على سبيل التخصيص لعمومها.. كما أوضحناه من قبل..

ج: إن هناك أحاديث كثيرة جداً مروية بأسانيد صحيحة في البخاري ومسلم وغيرهما تدل على أن أكثر الصحابة لا يدخلون الجنة يوم القيامة بل يدخلون النار وأنه لا يبقى منهم إلا مثل همل النعم.. فهي مخصصة للآية الكريمة حسبما ذكرناه فيما سبق.. وإليك طائفة من هذه الأحاديث الصحيحة:

1 ـ عن أبي وائل قال: قال عبد الله: قال النبي(صلى الله عليه وآله وسلم): (أنا فرطكم على الحوض، ليرفعن إليَّ رجال منكم، حتى إذا أهويت لأناولهم اختلجوا دوني، فأقول: أي رب أصحابي، يقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك)[26].

2 ـ عن أبي حازم قال: سمعت سهل بن سعد يقول: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول:

(أنا فرطكم على الحوض من ورده شرب منه، ومن شرب منه لم يظمأ بعده أبداً ليرد عليّ أقوام أعرفهم ويعرفوني، ثم يحال بيني وبينهم..

قال أبو حازم: فسمعني النعمان بن أبي عيّاش وأنا أحدثهم هذا فقال: هكذا سمعت سهلاً ؟ فقلت: نعم، قال: وأنا أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته يزيد فيه قال: إنهم مني، فيقال: إنك لا تدري ما بدّلوا بعدك، فأقول: سحقاً سحقاً لمن بدّل بعدي)[27].

3 ـ عن ابن عمر أنه سمع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول:
(لا ترجعوا بعدي كفاراً. يضرب بعضكم رقاب بعض ونفس ذلك رواه أبو بكرة، وجرير، وابن عباس عنه (صلى الله عليه وآله وسلم))[28].

4 ـ عن عبد الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
(إني فرطكم على الحوض، وإني سأنازع رجالاً فأغلب عليهم، فأقول: يا رب أصحابي. فيقال: لا تدري ما احدثوا بعدك)[29].

5 ـ عن حذيفة: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:

(ليردن علي الحوض أقوام فيختلجون دوني فأقول: رب أصحابي رب أصحابي فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك)[30].

6 ـ عن ابن عباس في حديث له عنه يقول (صلى الله عليه وآله وسلم) فيه: وإن أناساً من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: أصحابي؟ أصحابي؟ فيقول: إنه لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم، فأقول، كما قال العبد الصالح: (وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم.. إلى قول الحكيم)[31].

7 ـ وعن أنس عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:
(ليردن عليّ ناس من أصحابي الحوض، حتى (إذا) عرفتهم اختلجوا دوني فأقول: أصحابي. فيقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك. وعبارة مسلم: ليردنّ عليّ الحوض رجال ممن صاحبني حتى إذا رأيتهم ورفعوا إليّ اختلجوا دوني فلأقولنّ: أي رب أصحابي أصحابي)[32].

8 ـ عن أبي هريرة: أنه كان يحدث أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:
(يرد عليّ يوم القيامة رهط من أصحابي، فيحلؤون عن الحوض، فأقول: يا رب أصحابي فيقول: إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى)[33].

9 ـ عن أبي هريرة عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال:
(ترد عليّ أمتي الحوض وأنا أذود الناس عنه، كما يذود الرجل إبل الرجل عن إبله قالوا: يا نبي الله أتعرفنا قال: نعم لكم سيما ليست لأحد غيركم تردون عليّ غرّاً محجلين من آثار الوضوء وليصدّن عني طائفة منكم فلا يصلون فأقول: يا رب هؤلاء من أصحابي؟ فيجيبني ملك فيقول: هل تدري ما أحدثوا بعدك؟)[34].

10 ـ وعن أبي هريرة أيضاً عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:
(بينا أنا قائم إذا زمرة، حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم فقلت: أين ؟ قال إلى النار والله. قلت: وما شأنهم ؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم. قلت: إلى أين؟ قال: إلى النار والله. قلت: ما شأنكم ؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم)[35].

11 ـ وروي عن عمار أيضاً:
(إن في أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) اثني عشر منافقاً لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط)[36].

12 ـ عن أبي بكرة: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:
(ليردنّ عليّ الحوض رجال ممن صحبني ورآني، حتى إذا رفعوا إلي ورأيتهم اختلجوا دوني فلأقولن: رب أصحابي أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ماذا أحدثوا بعدك)[37].

13 ـ عن أبي سعيد الخدري عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: تزعمون أن قرابتي لا تنفع قومي؟ والله إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة إذا كان يوم القيامة يرفع لي قوم يؤمر بهم ذات اليسار فيقول الرجل: يا محمد أنا فلان بن فلان ويقول الآخر: أنا فلان بن فلان، فأقول: أما النسب قد عرفت ولكنكم أحدثتم بعدي وارتددتم على أعقابكم القهقرى[38].

14 ـ قالت أسماء بنت أبي بكر: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
(إني على الحوض حتى أنظر من يرد علي منكم. وسيؤخذ أناس دوني فأقول: يا رب مني ومن أمتي فيقال: أما شعرت ما عملوا بعدك؟ والله ما برحوا بعدك يرجعون على أعقابهم)[39] الخ..

15 ـ عائشة تقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول، وهو بين ظهراني الصحابة:
(إني على الحوض أنتظر من يرد عليّ منكم فوالله ليقتطعن دوني رجال. فلأقولن: أي رب مني ومن أمتي فيقول: إنك ما تدري ما عملوا بعدك مازالوا يرجعون على أعقابهم)[40].

16 ـ وعن أم سلمة: أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:
(أيها الناس بينما أنا على الحوض جيء بكم زمراً، فتفرّقت بكم الطرق فناديتكم: ألا هلمّوا إلى الطريق، فناداني منادٍ من بعدي، فقال: إنهم قد بدّلوا بعدك، فقلت: ألا سحقاً ألا سحقاً)[41].

17 ـ عن أم سلمة: أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:
(أيها الناس إني لكم فرط على الحوض فإياي لا يأتين أحدكم فيذب عني كما يذب البعير الضال، فأقول: فيم هذا ؟

فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سحقاً)[42].

18 ـ عن أم سلمة قالت: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
(من أصحابي من لا أراه ولا يراني بعد أن أموت أبداً)[43].

19 ـ في كتاب المواهب لمحمد بن جرير الطبري الشافعي عن أبي علقمة قال:
(قلت لسعد بن عبادة وقد مال الناس إلى بيعة أبي بكر: ألا تدخل فيما دخل فيه المسلمون؟ قال: إليك مني فوالله لقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: إذا أنا متُّ تضِلّ الأهواء، ويرجع الناس على أعقابهم فالحق يومئذ مع علي وكتاب الله بيده، ولا تبايع أحداً غيره)[44].

20 ـ وكان طلحة بن عبيد الله وابن عباس وجابر بن عبد الله يقولون: صلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على قتلى أحد وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أنا على هؤلاء شهيد، فقال أبو بكر: يا رسول الله أليسوا إخواننا، أسلموا كما أسلمنا وجاهدوا كما جاهدنا ؟ قال:

(بلى ولكن هؤلاء لم يأكلوا من أجورهم شيئاً ولا أدري ما تحدثون بعدي، فبكى أبو بكر وقال: إنا لكائنون بعدك؟)[45].

21 ـ عن مرة قال: حدثني رجل من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: قام فينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على ناقة حمراء مخضرمة فقال: أتدرون أي يوم هذا؟ إلى أن قال:
(ألا وإني فرطكم على الحوض أنظركم وإني مكاثر بكم الأمم فلا تسوّدوا وجهي. ألا وقد رأيتموني وسمعتم مني، فمن كذب علي فليتبوأ مقعده من النار ألا وإني مستنقذ رجالاً أو إناثاً ومستنقذ مني آخرون فأقول: يا رب أصحابي؟ فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك)[46].

وأخيراً..
فقد قال المقبلي: إن أحاديث (لا تدري ما أحدثوا بعدك) متواترة بالمعنى[47].
وإن أردت التوسع في هذا الموضوع فراجع المصادر الموجودة في الهامش[48].
وبعد كل ما تقدم نقول: إذا كان البخاري وغيره يروون هذه الروايات، ويروون أنه لا يبقى من الصحابة إلا مثل همل النعم. والباقون يكون مصيرهم إلى النار..

كيف يصح قولك: إن أكثر المهاجرين كانوا في خط العدالة وأن الخارج عن هذا الخط شاذ، أو أنه من قبائل العرب، أو من الأعراب أو نحو ذلك؟!

13 ـ وحول ما ذكر برقم (13) نقول:أولاً: إن سؤالنا لا يزال حائراً يطلب منك الجواب، وهذا السؤال هو: أنه إذا لم يثبت أن الزهراء قد اتخذت إماماً آخر غير أبي بكر، وإذا كانت غاضبة على أبي بكر منذ وفاة أبيها، وقد ماتت وهي واجدة عليه، فمن كان إمامها.. فهل ماتت ميتة جاهلية؟

فإن قلت: نعم.. فإنك تكون قد كذبت نص آية التطهير فيها وما دل على أن رضاها رضا الله سبحانه وغير ذلك..

وإن قلت: لا.. لزمك الإفصاح عن الذي كانت تعتقد الزهراء إمامته.. وإن لم يكن قد تسلم زمام الخلافة الزمنية فعلاً..

ثانياً: إذا كان الله ورسوله قد توليا نصب علي للإمامة، فلا يحتاج هو إلى نصب نفسه..

ثالثاً: إن اغتصاب الإمامة من الإمام لا ينفي إمامته الواقعية، لكنه يثبت التعدي عليه في ما جعله الله تعالى له..

14 ـ وأما ما ذكرته تحت رقم (14) فنقول فيه:
ألف: إنك قد ادعيت أنك قد أجبت على بقية النقاط التي ذكرتها في رسالتي إليك، ونحن لا نريد أن نجادلك في هذا، ولكن نحيل الأمر إلى القارئ الكريم ليقارن بين الرسالة وبين جوابك..

ب: أما اعتذاراتك بأنك إنما تجيب بالإجابات الحاضرة، وأن هذا لقاء، وليس محلاً للإجابات البحثية، فهو اعتذار غير مقبول، فإن العنوان المعلن هو حوار.. والحوار فيما نفهم ليس حوار مجاملات، وتقبيل لحى، أو تبادل القصائد الشعرية. بل هو حوار فكري هادف إلى الوصول إلى الحق. بكلمة الصدق..

وعلى كل حال.. فإننا لا نريد أن نظن.. ونسأل الله أن يكون ظننا خاطئاً أنك تمهد بهذه الأقوال.. إلى إنهاء هذا الحوار، والتخلص من تبعاته..

وعلى كل حال.. فإننا نقول..
هذه رسالتنا بين يديك تنتظر الإجابة الصريحة منك، والأمر إليك لتقرر كيف ستتعامل معها.

وأما الفقرة رقم 15 والفقرة رقم 16 فليس فيهما جديد..17 ـ أما ما ورد برقم (17) فنقول فيه:
قد قلت: إن العدالتين وهما: صلاح السيرة.. والصدق في الرواية موجودتان في مجموع المهاجرين والأنصار وقد يشذ من هذا العموم من يشذ، إضافة إلى أن كثيراً من الطلقاء والأعراب، وكثيراً من قبائل العرب لم تتحقق فيهم هذه العدالة، فكانوا بين مرتد، أو سيء السيرة. وفيهم من أحسن الاتباع فكان عدلاً..

ونقول لك..
اولاً:

إن ما ذكرناه برقم 12 يكفي في وضع علامة استفهام كبيرة حول هذا الكلام..
خصوصاً.. وأن بعض الروايات الواردة في البخاري وغيره تصرح بأنه لا يبقى من أصحابه إلا مثل همل النعم..

ثانياً:
إنه لا ريب في أن المنافقين كانوا موجودين في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله) وقد انخذل ابن أبي بحوالي ثلث الجيش في حرب أحد التي كانت في السنة الثالثة من الهجرة، وقد كان ذلك قبل فتح مكة، وقبل ظهور الطلقاء على الساحة، وقبل سنة تسع التي هي عام وفود قبائل العرب، ليعلنوا إسلامهم.

مع العلم بأن الذين انخذلوا في أحد لم يكونوا كل المنافقين، بل هؤلاء هم الذين وجدوا الجرأة أو المصلحة لأنفسهم بإظهار الخلاف.. ولا دليل على أنه لم يبق منهم في جيش النبي (صلى الله عليه وآله) من كان يرى مصلحته في التستر، وفي المشاركة..

ثم إنك لا تستطيع أن تدعي أن النفاق كان مختصاً بالأنصار وتستثني المهاجرين.. فهل ثلث الجيش، والله أعلم، بمقدار من بقي، كانوا أشذاذاً، أو كانوا من قبائل العرب، أو من الأعراب؟!

وهل يجوز لك أن تحددهم بهذه الطريقة؟! وما هو دليلك على هذا التحديد؟!

وإذا كان الله تعالى يقول: {وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ}[49].

ويقول أيضاً: {لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ}[50] إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يعلمهم.. فهل علمتهم أنت بعد ألف وأربع مئة وثلاثة عشر سنة من وفاته (صلى الله عليه وآله)..

إلا أن تقول: إن الناس بمجرد موت رسول الله (صلى الله عليه وآله) صاروا مؤمنين، وخرجوا من النفاق؟!

ثالثاً:
قد ذكرنا أن آية: {وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ}.. خاصة بالسابقين. وخاصة بالأولين. وخاصة بغير المنافقين وخاصة بغير من أغضب الزهراء (عليها السلام) وخاصة بغير همل النعم الذين يبقون بعد أن يؤخذ بالبقية ذات الشمال في يوم القيامة..

فكيف حكمت بهذا الحكم وحددت العدول من الصحابة وميزتهم من غير العدول؟!

وبقيت الفقرتان رقم 18 و19 فإننا لم نجد لهما أي ارتباط بما نحن فيه ونحن لم نتحدث عن وصول الأمة إلى قبضة شارون.. ولا عن غير ذلك مما أوردته فيهما..

ولذلك فنحن نرد بضاعتك في هاتين الفقرتين إليك..

والحمد لله، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى، محمد وآله الطاهرين..

[16] سورة آل عمران /153.
[17] سورة التوبة /25.
[18] راجع مستدرك الحاكم ج3 ص255 وتلخصيه للذهبي بهامشه.
[19] في المستدرك على الصحيحين ج3 ص327.
[20] راجع المستدرك على الصحيحين ج3 ص321.
[21] راجع صحيح البخاري ج5 ص106 وصحيح مسلم ج3 ص106.
[22] سورة التوبة/100.
[23] النساء/80 .
[24] آل عمران /31 .
[25] راجع هذه النصوص في: صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب ذب الرجل عن ابنته في الغيرة والإنصاف. وكتاب الخمس وكتاب المناقب، وصحيح مسلم ج7 ص141، وفي فضائل فاطمة، ومسند أحمد ج4 ص328، وحلية الأولياء ج2 ص40، وسنن البيهقي ج7 ص64، ومستدرك الحاكم ج3 ص158 و159، وغوامض الأسماء المبهمة ص340 و341، وسنن ابن ماجة ج1 ص616، وأسد الغابة ج 5 ص 521، والمصنف ج7 ص301، و302 و300 بعدة نصوص، وفي هامشه عن عدد من المصادر، ونسب قريش ص87 و312، وفتح الباري ج7 ص6، وج9 ص286، وتهذيب التهذيب ج7 ص90، وشرح النهج للمعتزلي ج 12 ص 88 و 51 وج 4 ص 64 ـ 66، ومحاضرة الأدباء المجلد الثاني ص 234، والسيرة الحلبية ج 2 ص 208، وتلخيص الشافي ج 2 ص 276، ونقل عن سنن أبي داود ج 2 ص 326.
وراجع: المناقب لابن شهرآشوب ج 1 ص 4، ونزل الأبرار ص 82 و 83، وفي هامشه عن صحيح البخاري ج 2 ص 302 و 189 وج 3 ص 265، وعن الجامع الصحيح للترمذي ج 5 ص 698.
[26] صحيح البخاري ج9 ص58 كتاب الفتن وج8 ص148 وفي آخره أنه نقل أيضاً عن حذيفة ومسند أحمد ج1 ص439 مع تفاوت يسير.
[27] صحيح البخاري ج9 ص58/59 وج8 ص150 وصحيح مسلم ج7 ص96 والاستيعاب هامش الإصابة ج1 ص159 ومسند أحمد ج5 ص333 وراجع ج3 ص28.
[28] صحيح البخاري ج9 ص63 و64 وصحيح مسلم ج1 ص58.
[29] صحيح مسلم ج7 ص68 بعدة أسانيد ومسند أحمد ج1 ص402 و406 و407 و384 و425 و453.
[30] مسند أحمد ج5 ص388 وراجع ص393 وأشار إليه في صحيح البخاري ج8 ص148/149.
[31] صحيح البخاري ج8 ص169 و204 وج6 ص122 و69 و70 وج8 ص136 وصحيح مسلم ج8 ص157 ومسند أحمد ج1 ص235 و253 والاستيعاب هامش الإصابة ج1 ص160 وعن الجمع بين الصحيحين.
[32] صحيح البخاري ج8 ص149 وصحيح مسلم ج7 ص70 و71 ومسند أحمد ج3 ص381 وعن الجمع بين الصحيحين الحديث رقم 131 وفي إحقاق الحق باب ما رواه الجمهور في حق الصحابة أنهم رووا مثل ذلك عن أم سلمة وأسماء بنت أبي بكر وسعيد بن المسيب وحذيفة وأبي الدرداء.
[33] صحيح البخاري ج8 ص150 وبعده نفس الحديث الذي رواه ابن المسيب عن أصحاب النبي ’.
[34] صحيح مسلم ج1 ص150.
[35] صحيح البخاري ج8 ص150/151 والمصنف لعبد الرزاق ج11 ص406 وعن الجمع بين الصحيحين الحديث 267.
[36] راجع: صحيح مسلم ج7 ص122 و123.
[37] مسند الإمام أحمد ج5 ص48 وص50 بسند آخر.
[38] مسند أحمد ج3 ص39 ويقرب منه ما في ص18 وكنز العمال ج11 رقم 2472.
[39] صحيح البخاري ج8 ص151/152 وصحيح مسلم ج7 ص66 وكنز العمال ج11 رقم 2461.
[40] صحيح مسلم ج7 ص66 والاستيعاب هامش الإصابة ج1 ص159 وكنز العمال حديث رقم 1416.
[41] مسند أحمد ج6 ص297.
[42] صحيح مسلم ج7 ص67.
[43] مسند أحمد ج6 ص298.
[44] ملحقات إحقاق الحق ج2 ص296.
[45] مغازي الواقدي ج1 ص410.
[46] مسند أحمد ج5 ص412 وفي صحيح البخاري ج5 ص159-160: عن العلاء بن المسيب عن أبيه، قال: لقيت البراء بن عازب رض فقلت: طوبى لك، صحبت النبي ص وبايعته تحت الشجرة، فقال: يا بن أخي لا تدري ما أحدثنا بعده.
[47] راجع: أضواء على السنة المحمدية ص350 نقلاً عن العلم الشامخ للمقبلي.
[48] بالإضافة إلى ما تقدم: مصنف عبد الرزاق ج11 ص406 ـ 407، وتنوير الحوالك ج1 ص51، والبحار ج28 كتاب الفتن ص26 حتى 36، وكنز العمال ج11 ص157 رقم 645 وفي ذيله: >إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك مرتدين على أعقابهم< ورقم 746 ورقم 747 وفيه: >ولكنكـم ارتـددتـم بعدي ورجعتم القهقرى< وص155 رقم 776 وفيه: >فلا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم بعضاً< وج11 ص221 رقم 2411 عن أبي هريرة وفيه: >إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى< وفي بعضها عن حذيفة رقم 2412 وعن أنس رقم 2414 وعن سمرة رقم 2481 وعن أبي هريرة رقم 2415 وعن حذيفة رقم 2476 و2471 وعن أم سلمة رقم 417 وعن أنس وحذيفة رقم 2418 وعن زيد بن خالد رقم 2424 وعن ابن مسعود رقم 2470 وعن أسماء بنت أبي بكر وعائشة رقم 2416 وعن أبي سعيد رقم 2472 وغير ذلك مما لا يمكن استقصاؤه في هذه العجالة.
[49] سورة التوبة: الآية 101.
[50] سورة التوبة: الآية 101.


يتبع>>>

نسألكم الدعاء

خادم الزهراء 22-Jul-2009 10:29 AM

الفصل الرابع: لماذا سكت المالكي؟!!
 
الفصل الرابع: لماذا سكت المالكي؟!!

لماذا سكت المالكي؟

وقد انتظرنا إجابة المالكي أياماً وليالي طويلة.. ولما يأتنا الرد، وقد أخذتنا الحيرة..

وازدادت.. وبقي السؤال: لماذا لا يجيب على أي سؤال، وهل غادر الشبكة دون أن يعتذر لمحاوريه عن مواصلة الحوار معهم.

أليس من اللياقة أن يفعل ذلك.. وألا يعد انسحابه من الحوار بهذه الطريقة إساءة أدبية إلى محاوريه..
وهل من مبرر لتعمد الإساءة إليهم؟!

إنهم لم يسيئوا إليه ولو بكلمة واحدة، رغم أنه كان قاسياً عليهم، بل كانت معاملته لهم مهينة لهم، من بداية ظهوره كضيف على شبكة الميزان حتى اللحظات الأخيرة، حيث إنه لم يزل يعرض لهم بالكلام الجارح، وبالإهانة لمذاهبهم، ولطوائفهم، إلى درجة أنه اتهم الشيعة بأنهم أكذب الفرق، وادعى أن ذلك ثابت لديه بالدراسة الموضوعية..

إلى غير ذلك مما ظهر على (صفحة الميزان) بعضه..

أما نحن، فإن غاية ما يمكن أن يعتبره قسوة عليه، هو الإعلان بالحق، والجهر بالحجة وبالدليل، من دون مواربة, وبصورة حاسمة للجدل.. رغم أنه لم يكن ملتزماً بمعايير البحث العلمي، فلماذا يترك ويصمت عن الحديث معهم كل هذا الوقت الطويل مع أنهم قد التزموا بكل آداب الحوار العلمي الهادي والموضوعي كما أظهره هذا الحوار.. والحوارات التالية في القسم الثاني وكذلك سائر ما ورد على (صفحة شبكة الميزان)..

وأخيراً.. فقد أرسل المالكي رسالته التي ترفع الحيرة، وتزيل الشك، وذلك بما تضمنته من إهانات واتهامات لمحاوريه، وهو يعلن انسحابه من الحوار بهذه الطريقة الغريبة..

فلماذا فعل المالكي، ذلك يا ترى؟!..

إن الإجابة على هذا السؤال ستبقى برسم القارئ الكريم، الذي نثق بإنصافه، وبدرايته، وستكون إجابة مسؤولة، وواعية، ومنصفة إن شاء الله تعالى.

ولكننا نطلب أن لا يعجل بهذه الإجابة قبل أن يقرأ رسالة المالكي وردنا عليه.. وسنورد الرسالة والرد في آخر هذا الكتاب، بعد استعراضنا لسائر فقرات هذا الحوار..

فإلى القسم الثاني من هذا الكتاب..

يتبع>>>

نسألكم الدعاء

خادم الزهراء 22-Jul-2009 11:16 AM

القسم الثاني: دفاع عن الحق
 
القسم الثاني: دفاع عن الحق

تقديم هذا القسم :

بسم الله والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله..

وبعد..

فإن هذا القسم من الكتاب، يتضمن أسئلة وجهت لحسن بن فرحان المالكي من قبل آخرين، فأجاب عنها أجوبة كان لا بد من بيان عدم استيفائها لأدنى شروط القبول.. ومناقشته في تلك الردود بصورة علمية صريحة، لكي يعرف المطلعون مواضع الخلل فيها.

فكان التصدي، والرد القوي والحاسم، فاضطر المالكي إلى السكوت، ثم مغادرة ساحة الحوار وهو يتهم ويشتم!! بلا مبرر، وبلا سبب..

هذا وقد تضمن هذا القسم ما يقرب من عشرين رداً، وضعت أمام المالكي قرابة الشهر، فلو أن المالكي وجد فرصة للطعن فيها لانتهزها..

ونحن نذكر هذه الأسئلة الموجهة إليه والأجوبة التي صدرت عنه، ثم الردود القوية والحاسمة عليها، في ضمن الفصول التالية:

يتبع>>>

نسألكم الدعاء

خادم الزهراء 23-Jul-2009 01:11 PM

الفصل الأول : دفاع عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)
 
الفصل الأول : دفاع عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)
{ووجدك ضالاً فهدى}
السؤال رقم (1):
بسم الله الرحمن الرحيم

وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..

سأل الأخ فهد الهاوي:

ورد في كتب السير والأحاديث أن النبي محمد (صلى الله عليه وآله) (كذا. والصحيح: محمداً) كان يتعبد قبل نبوته، فما كيفية تعبده هذا؟؟

وما هي طقوس هذا التعبد؟؟

وما هي مرجعية النبي التي كان يأخذ منها طقوس عبادته وكيفية أدائها؟؟؟

ولكني مع كل أسف لم أجد جواب محدد وواضح (كذا. والصحيح: جواباً محدوداً).

إلا أن أحد المحاورين ذكر لي قصة عن الرسول صلى الله عليه وسلم قبل نبوته، وذكر أن هذه القصة وردت في البخاري، وهي كالتالي: (ذهب الرسول قبل نبوته ومعه أسامة بن زيد ليقدما ذبيحة على نصب من الأنصاب، فلقيا زيد بن عمر بن نفيل، فدعاه الرسول إلى الأكل منها، فرفض.. وقال (زيد بن عمر) انه لا يأكل مما يذبح على النصب) انتهى..

سؤالي: ما مدى صحة هذه القصة؟؟؟

وإذا كان فضيلتكم لا يرى صحتها، فهل هناك جواب مقنع ومحدد لسؤالنا؟؟

وإذا لم يتوفر الجواب المحدد والواضح، فما معنى هذا؟؟؟

(أي ما معنى جهل الأمة بتعبد وطقوس ومرجعية نبيها قبل نبوته)؟؟؟

وأجاب المالكي:
لا أعرف بالضبط كيف كان النبي (ص) يتعبد قبل النبوة، وما هي هيئة التعبد عند الحنيفيين ربما كانت سجوداً ودعاء.. الخ..

أما الحديث الذي ذكرت أن محاورك أخبرك به (وهو أن النبي (ص) ومعه أسامة بن زيد ذهبا ليقدما نصب من الأنصاب فلقيا زيد بن عمرو بن نفيل فدعاه الرسول (ص) إلى الأكل منها فرفض.. الحديث.

(ليس دقيقا وأسامة بن زيد لم يولد يومئذ بعد، وإنما كان مع النبي (ص) والد أسامة: زيد بن حارثة ولفظ البخاري يختلف فهو كالتالي: (النبي (ص) لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح (قرب التنعيم) قبل أن ينزل على النبي (ص) الوحي فَقُدِّمت (بالبناء للمجهول) إلى النبي (ص) سفرة فأبى أن يأكل منها ثم قال زيد إني لست آكل مما تذبحون على أنصابكم ولا آكل إلا مما ذكر اسم الله عليه..) وقد ذكره البخاري في موضعين (كتاب مناقب الأنصار الباب 24 حديث زيد بن عمرو بن نفيل، وكتاب الذبائح الباب 16 باب ما ذبح على النصب والأنصاب). وكلا الموضعين من طريق موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله بن عمر عن ابن عمر..

أقول: وابن عمر لم يكن مولوداً يومئذ فالخبر من مراسيل الصحابة، فلعله رواه مما استفاض بين المشركين وقد يتحدث الصحابة فضلاً عن غيرهم بناءً على استفاضة خاطئة مثلما تحدثوا أن النبي (ص) طلق نساءه حتى صدق هذا بعض الصحابة ومثلما تحدث بعض البدريين في الإفك لأنه استفاض بين الجيش وهو باطل، فما كل مرسلات الصحابة تكون صحيحة خاصة صغار السن كابن عمر وابن عباس ونحوهم وهذا مما قصر أهل الحديث في تتبعه وبيانه لانشغالهم بالخصومة مع أهل الرأي والمعتزلة.

ثم في أثر البخاري أن السفرة قدمت إلى النبي (ص) بالبناء للمجهول، وليس فيه أنه (ص) قدم تلك الصفرة ولا ذبح عند الأنصاب ولا أكل مما ذبح عند الأنصاب، ولو كان شيء من ذلك فهذا قبل النبوة.. أورد الذهبي في تاريخ الإسلام (السيرة النبوية 87) من طريق أسامة بن زيد عن أبيه (زيد بن حارثة) ما يفيد أن النبي (ص) خرج مع زيد في يوم حار إلى نصب من الأنصاب وذبحوا عنده شاة وأنضجوها ولقيهم زيد بن عمرو بن نفيل فحيا كل واحد منهما صاحبه بتحية الجاهلية.. الحديث.
وهذا يخالف حديث البخاري فلعله مروي بالمعنى، وفي بعض رجال الإسناد كلام ليس هنا موضع بيانه.

وعلى كل حال: لو صح فأنا أستبعد أن يكون الذبح عند الأنصاب من شعائر الحنيفية وكون النبي على الحنيفية لا يعني أن الحنيفية عند قريش قبل النبوة لم تتلوث ببعض الأخطاء والمخالفات، ولهذا كان القرآن الكريم صريحا بأن الجميع كانوا على ضلال {وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى} لكن الضلال نسبي بين حنيفي تلبس ببعض الممارسات الخاطئة ومشرك يعبد الأصنام.

يتبع>>>

نسألكم الدعاء

جارية العترة 23-Jul-2009 03:26 PM

اول مرة ادخل هذا الموضوع ساتابعه بتمعن اكثرواضح انه مشوق جدا
جزيتم خيرا اتابع انشاء الله

خادم الزهراء 24-Jul-2009 10:53 AM

الفصل الأول : دفاع عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)
{ووجدك ضالاً فهدى}
السؤال رقم (1):
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..

سأل الأخ فهد الهاوي:
ورد في كتب السير والأحاديث أن النبي محمد (صلى الله عليه وآله) (كذا. والصحيح: محمداً) كان يتعبد قبل نبوته، فما كيفية تعبده هذا؟؟

وما هي طقوس هذا التعبد؟؟

وما هي مرجعية النبي التي كان يأخذ منها طقوس عبادته وكيفية أدائها؟؟؟

ولكني مع كل أسف لم أجد جواب محدد وواضح (كذا. والصحيح: جواباً محدوداً).

إلا أن أحد المحاورين ذكر لي قصة عن الرسول صلى الله عليه وسلم قبل نبوته، وذكر أن هذه القصة وردت في البخاري، وهي كالتالي: (ذهب الرسول قبل نبوته ومعه أسامة بن زيد ليقدما ذبيحة على نصب من الأنصاب، فلقيا زيد بن عمر بن نفيل، فدعاه الرسول إلى الأكل منها، فرفض.. وقال (زيد بن عمر) انه لا يأكل مما يذبح على النصب) انتهى..

سؤالي: ما مدى صحة هذه القصة؟؟؟

وإذا كان فضيلتكم لا يرى صحتها، فهل هناك جواب مقنع ومحدد لسؤالنا؟؟

وإذا لم يتوفر الجواب المحدد والواضح، فما معنى هذا؟؟؟

(أي ما معنى جهل الأمة بتعبد وطقوس ومرجعية نبيها قبل نبوته)؟؟؟

وأجاب المالكي:
لا أعرف بالضبط كيف كان النبي (ص) يتعبد قبل النبوة، وما هي هيئة التعبد عند الحنيفيين ربما كانت سجوداً ودعاء.. الخ..

أما الحديث الذي ذكرت أن محاورك أخبرك به (وهو أن النبي (ص) ومعه أسامة بن زيد ذهبا ليقدما نصب من الأنصاب فلقيا زيد بن عمرو بن نفيل فدعاه الرسول (ص) إلى الأكل منها فرفض.. الحديث.
(ليس دقيقا وأسامة بن زيد لم يولد يومئذ بعد، وإنما كان مع النبي (ص) والد أسامة: زيد بن حارثة ولفظ البخاري يختلف فهو كالتالي: (النبي (ص) لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح (قرب التنعيم) قبل أن ينزل على النبي (ص) الوحي فَقُدِّمت (بالبناء للمجهول) إلى النبي (ص) سفرة فأبى أن يأكل منها ثم قال زيد إني لست آكل مما تذبحون على أنصابكم ولا آكل إلا مما ذكر اسم الله عليه..) وقد ذكره البخاري في موضعين (كتاب مناقب الأنصار الباب 24 حديث زيد بن عمرو بن نفيل، وكتاب الذبائح الباب 16 باب ما ذبح على النصب والأنصاب). وكلا الموضعين من طريق موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله بن عمر عن ابن عمر..

أقول: وابن عمر لم يكن مولوداً يومئذ فالخبر من مراسيل الصحابة، فلعله رواه مما استفاض بين المشركين وقد يتحدث الصحابة فضلاً عن غيرهم بناءً على استفاضة خاطئة مثلما تحدثوا أن النبي (ص) طلق نساءه حتى صدق هذا بعض الصحابة ومثلما تحدث بعض البدريين في الإفك لأنه استفاض بين الجيش وهو باطل، فما كل مرسلات الصحابة تكون صحيحة خاصة صغار السن كابن عمر وابن عباس ونحوهم وهذا مما قصر أهل الحديث في تتبعه وبيانه لانشغالهم بالخصومة مع أهل الرأي والمعتزلة.

ثم في أثر البخاري أن السفرة قدمت إلى النبي (ص) بالبناء للمجهول، وليس فيه أنه (ص) قدم تلك الصفرة ولا ذبح عند الأنصاب ولا أكل مما ذبح عند الأنصاب، ولو كان شيء من ذلك فهذا قبل النبوة.. أورد الذهبي في تاريخ الإسلام (السيرة النبوية 87) من طريق أسامة بن زيد عن أبيه (زيد بن حارثة) ما يفيد أن النبي (ص) خرج مع زيد في يوم حار إلى نصب من الأنصاب وذبحوا عنده شاة وأنضجوها ولقيهم زيد بن عمرو بن نفيل فحيا كل واحد منهما صاحبه بتحية الجاهلية.. الحديث.
وهذا يخالف حديث البخاري فلعله مروي بالمعنى، وفي بعض رجال الإسناد كلام ليس هنا موضع بيانه.

وعلى كل حال: لو صح فأنا أستبعد أن يكون الذبح عند الأنصاب من شعائر الحنيفية وكون النبي على الحنيفية لا يعني أن الحنيفية عند قريش قبل النبوة لم تتلوث ببعض الأخطاء والمخالفات، ولهذا كان القرآن الكريم صريحا بأن الجميع كانوا على ضلال {وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى} لكن الضلال نسبي بين حنيفي تلبس ببعض الممارسات الخاطئة ومشرك يعبد الأصنام.

يتبع>>>

نسألكم الدعاء

خادم الزهراء 25-Jul-2009 11:44 AM

وجاء الرد على المالكي كما يلي:

بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله..

تعليقاً على إجابتك على سؤال فهد الهاوي.. أقول:
إن قوله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى}. لا يدل على أنه (صلى الله عليه وآله) كان ضالاً قبل النبوة ضلالاً نسبياً ولا غير نسبي.

بل هو يدل على حصول الهداية بمجرد وجدانه له ضالاً، ومن دون فصل كما دلت عليه الفاء التي هي للتعقيب بلا فصل.. تماماً. كما دل قوله تعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى}. على أن الإيواء كان بمجرد حصول اليتم لأجل الفاء أيضاً.

وإفاضة النعم عليه قد كانت بمجرد وجدان الحاجة فيه أيضاً. ووجدان الله لها لا ينفصل عن حالة حدوثها..

وإذا كان الله سبحانه قد وفق زيد بن عمرو بن نفيل لتجنب ما يؤكل على النصب، فلا يمكن أن يحجب هذا التوفيق عن نبيه(صلى الله عليه وآله)..

ولزيادة التوضيح حول تفسير قوله تعالى:
{أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى* وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى* وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى}[51].

نذكر ما يلي:
أولاً: بالنسبة لقوله تعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى}.

نقول:
إن ظاهر هذه الآية المباركة:

1 ـ إن الله تعالى قد وجد نبيه (صلى الله عليه وآله) يتيماً.

2 ـ إنه بمجرد أن وجده كذلك آواه.

ونحن نتحدث عن هذين الأمرين هنا، فنقول:

أما بالنسبة لوجدان الله تعالى للنبي (صلى الله عليه وآله) يتيماً، فإننا نقول:

إن من الواضح: أن وجدان الله سبحانه لأمر، يختلف عن وجداننا نحن له.. فإن الوجدان بالنسبة إلينا إنما يكون بعد الفقدان. حيث يكون الشيء غائباً عنا، ثم نجده..

وأما بالنسبة لإيواء الله تعالى له بمجرد أن وجده يتيماً، فإنه تعالى لا يغيب عنه شيء، بل كل شيء حاضر عنده منذ أن أوجده. فلا فصل بين وجود الشيء، وبين وجدان الله تعالى له..

وبعبارة أخرى: إن التقدم تارة يكون من قبيل تقدم الصباح على المساء، أو تقدم ولادة الوالد على ولادة ولده..

وتارة يكون من قبيل تقدم حركة اليد على حركة المفتاح حينما يدار في قفل الباب. فإن التفريق بين الحركتين في هذه الصورة، إنما هو في الذهن. وليس زمانياً..

وتقدم وجود الشيء على وجدان الله تعالى له هو من هذا القبيل، فإن الله تعالى حين أمات عبد الله والد الرسول، قد وجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتيماً. ولم يغب عنه في أي ظرف أو حال.
فلا يوجد أي فصل زماني بين هذين الأمرين.

فهو على حد قوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً}[52].

وقوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِـدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}[53].

أي ليتجسد ذلك على صفحة الوجود، ليكون وجوده العيني عين وجوده العلمي.. وإن اختلفا من حيث التحليل العقلي، فيما يرتبط بالإدراك والتعقل بالنسبة لنا.

وكذلك الحال في الإيواء في الآية الشريفة: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى}. فإنه قد جاء مصاحباً لوجدان الله تعالى له يتيماً. فلم يتركه سبحانه، مدة ثم آواه..

وذلك لأنه تعالى قد عبر هنا بالفاء الدالة على التعقيب بلا فصل، فقال: {فَآوَى}. ولم يأت بكلمة (ثم) الدالة على التعقيب مع المهلة.. فلم يقل (ثم) (َآوَى).

ثانياً: بالنسبة لقوله تعالى: {وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى}.

نقول:
المراد بالعائل: الفقير ذو العيلة من غير جدة.. في إشارة إلى تنوع الحاجات، وإلى عظم المسؤوليات الملقاة على عاتقه (صلى الله عليه وآله) سواء فيما يرتبط بنفسه، أو فيما يرتبط بالآخرين.

وخصوصاً مسؤوليات هداية البشر منذ خلق الله آدم عليه وعلى نبينا وآله الصلاة والسلام..

وقد ذكرت هذه الآية المباركة: أن الله تعالى قد وجد نبيه عائلاً محتاجاً إلى النعم والألطاف، والعون.

سواء في ذلك ما يرجع لنفسه أو لغيره.

(إن الذي يرجع لنفسه يرجع لغيره أيضا بنحو وبآخر.. فإنه (صلى الله عليه وآله) أسوة وقدوة، ومثل أعلى، ثم هو ملجأ ووسيلة إلى الله.. احتاج الأنبياء إليه، وتوسلوا به منذ آدم عليه وعلى نبينا وآله الصلاة والسلام.. فلا بد أن تتجلى كمالاته ومزاياه منذئذٍ..)، من خلاله.. فأفاض عليه منها ما يليق بمقامه الأسمى والأقدس. وما يناسب حاجته، وموقعه، ومسؤولياته في جميع مراحل وجوده، حتى حينما كان نوراً معلقاً بالعرش.

ولسنا بحاجة إلى إعادة التذكير بأنه تعالى قد وجده، واطلع على حاجاته وعلى فقره وعلى كونه عائلاً، بمجرد حدوثها، ولم يغب عنه ذلك لحظة واحدة.

ثم أفاض تعالى نعمه عليه بمجرد وجدانه كذلك، ومن دون أي فصل زماني، أو مهلة، وذلك من خلال التعبير بالفاء الدالة على التعقيب بلا فصل في قوله: {فَأَغْنَى}، ولم يأت بـ (ثم) الدالة على التعقيب مع المهلة، فلم يقل: (ثم) {أَغْنَى}..

ثالثاً: بالنسبة لقوله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى}.

نقول:
إن مـا ذكرنـاه فيما سبق يوضح المراد بقوله: {وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى}. فإنه تعالى بمجرد أن خلق نبيه روحاً أولاً، ثم روحاً وجسداً تالياً قد وجده في جميع مراحل وجوده محتاجاً إلى أنواع الهدايات، فأفاضها عليه مباشرة، ومنذ اللحظة الأولى، وبلا مهلة، كما دل عليه التعبير بالفاء في قوله: {فَهَدَى} حيث لم يقل: (ثم) {هَدَى}..

فأعطاه الهداية التكوينية، بمجرد ظهور حاجته إلى هذه الهداية..

وأعطاه أيضاً هداية الفطرة..

وأعطاه هداية العقل..

وأعطاه هداية التشريع والإلهام والوحي..

ويتجلى أثر هذه الهدايات في موقع الحاجة في نطاق سعيه الدائب، وتطلبه المستمر للوصول إلى مواضع القرب، والحصول على مواقع الزلفى..

فإذا كان الله تعالى يجد حاجة نبيه إلى الهداية من دون حاجة إلى الزمان، لأنه لا يمكن أن يغيب عنه تعالى شيء.. ثم هو يفيض الهدايات عليه مباشرة أيضاً وبلا فصل ولا مهلة. فذلك يعني أن الله سبحانه قد منحه هداية لم يسبقها ضلال، ولو للحظة واحدة.

ويكون هذا الترتيب البياني بين الضلال والهدى، لا يستبطن التدرج في الوجود الخارجي، بمعنى أن يتجسد ضلال، ثم تأتي الهداية فتزيله..

بل هو ترتيب قد جاء في دائرة تمكين الناس من إدراك معنى الهدايات، والنعم، والتفضلات الإلهية على النبي الأقدس (صلى الله عليه وآله)..

أي أنه ترتيب نشأ عن السعي إلى التجزئة بين المدركات، وتلمُّس الحدود القائمة فيما بينها، بالاستناد إلى التحليل العقلي، بهدف تيسير إدراك الحقائق بصورة أعمق وأتم.

من نتائج ما تقدم:
وهكذا.. فإننا نحسب بعد هذا البيان أن بإمكاننا القول لتكن هذه الآية المباركة واحداً من الأدلة الظاهرة على أن الله سبحانه منذ خلق نبينا الأعظم (صلى الله عليه وآله) كان قد أعطاه جميع الهدايات التي يحتاجها، والتي توصله إلى الغايات الإلهية.. ولا بد أن يكون من بينها هداية الإلهام والوحي والتشريع. وذلك هو ما يفرضه إطلاق قوله تعالى: {فَهَدَى}.

بل ربما يستفاد ذلك أيضاً من قـولـه تعالى، خطاباً للمشركين {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى، وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَ وَحْيٌ يُوحَى}[54]. حيث إن الآية قد نفت عنه (صلى الله عليه وآله) الضلال مطلقاً وفي مختلف الحالات والأزمان.

وذلك كله يؤكد لنا: أنه (صلى الله عليه وآله) قد كان نبياً منذ ولد[55].

بل لقد كان نبياً وآدم بين الماء والطين[56]. كما دلت عليه الروايات الشريفة.

وبذلك نستطيع أن نفهم بعمق الإشارة الخفية، التي تضمنتها كلمات أمير المؤمنين (عليه السلام) في نهج البلاغة، حيث يقول:
(.. ولقد قرن الله به (صلى الله عليه وآله) من لدن أن كان فطيماً، أعظم ملك من ملائكته، يسلك به طريق المكارم، ومحاسن أخلاق العالم، ليله ونهاره!!.)[57].

ولا بد من لفت النظر إلى التنصيص على واقع الملك الذي قرنه الله سبحانه وتعالى، برسوله حيث وصفه (عليه السلام) بأنه أعظم ملائكته في إشارة منه (عليه السلام) إلى أن هذه المهمة قد بلغت في أهميتها وخطرها حداً جعلت من هذا الاختيار ضرورة لا بد منها.

وأن هذه الضرورة قد فرضت نفسها في وقت مبكر جداً، أي منذ كان (صلى الله عليه وآله) فطيماً.

توضيح وبيان:
وبعد ما تقدم نقول: إن من يراجع الآيات القرآنية يجد: أنها في بياناتها لبعض القضايا الحساسة تعتمد أسلوباً مميزاً وفريداً، من حيث إنها تورد الحديث عن تلك القضايا بطريقة يصعب معها نيل تلك المعاني إلا بالخروج من حالة الغفلة والاسترخاء الفكري، لأنها تواجه الإنسان بإشارات قوية تضطره إلى استنفار كل قواه العقلية، وتفرض عليه مستوى من المعرفة، والتعمق، والإحاطة الواعية بدقائق وحقائق مختلفة، ونيل معانٍ عالية ودقيقة، تعطيه درجة من المناعة والحصانة عن التأثر بالشبهات، التي تجد فرصتها في حالات الغفلة والسطحية والاستسلام البريء.

إنه تعالى يريد للإنسان أن يأخذ الفكرة بوعي، وبعمق، وشمولية، وبحساسية فائقة، ولتخرج ـ من ثم ـ عن مستوى التصور، لتدخل في دائرة التصديق واليقين المستند إلى البرهان.

ولتتغلغل ـ من ثم ـ في قلب الإنسان، وتصبح فكره، وعقيدته، ووجدانه، وضميره. ويكون ذلك هو الضمانة القوية، والحصن الحصين.

جواب المالكي:
ولم يجب حسن بن فرحان المالكي بشيء..

[51] سورة الضحى 7/9.
[52] سورة الكهف: 12.
[53] سورة محمد: 31.
[54] سورة النجم /2 ـ 4.
[55] البحار ج18 ص277 إلى ص281.
[56] راجع: الغدير ج9 ص287.
[57] نهج البلاغة ج2 ص157 ط دار المعرفة ـ بيروت ـ لبنان واليقين، للسيد ابن طاووس ص196 وراجع: مصادر نهج البلاغة ج3 ص57 و 58.


يتبع>>>

نسألكم الدعاء

خادم الزهراء 27-Jul-2009 01:16 PM

الفصل الثاني : الإمامة.. والظلامة..
1 ـ الصحابة لا يخالفون وصية نبيهم(صلى الله عليه وآله)..
السؤال رقم (2):

سأل نون:
ألا تعتقد أن قولك (صعوبة تصور أن يخالف السابقون من الصحابة نصاً صريحاً ويرضون بالتضحية بكل سابقتهم من أجل الدنيا (نعم قد يخطئون ويتأولون لكن تعمد معاندة النص يصعب تصديقه في أمثال أبي بكر وعمر وأبي عبيدة رضي الله عنهم وغيرهم ممن اختار أبا بكر يوم السقيفة). هو نوع من التقليد والتشدد والتناقض فأنت تقول إنهم يخطئون ومنهم من قاتل الإمام علي ولو ظفر به لقتله ألا يعقل أن يكون منهم من أخذ الخلافة من الإمام علي.

أيهما أشد وقعاً عليك أن يسلب حقك أم أن يسلب رأسك؟

وأجاب المالكي:
سلب الرأس أخف من معاندة النص نعم قد أعقل أن صحابيا يقاتل الإمام علي لخلاف بينهما لكن لا أعقل أن جمهور المهاجرين والأنصار تعمدوا تعطيل وصية النبي (ص) ومعاندتها والتضحية بكل الخيرات السابقة لأجل الرئاسة فهذا صعب التصديق عندي.

وجاء الرد على المالكي كما يلي:

بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..

وأغرب ما قرأناه هو ما أجبت به على السؤال السادس ـ حسب ترتيب الأسئلة التي وردت عليك من هذا السائل.

ونحن نسجل عليه ما يلي:
أولاً: قد ذكرنا فيما سبق: أنك تعقل أن تنسب إلى مئات الملايين من البشر بأنهم حتى لو ظهرت لهم المعايير الشرعية الواضحة، فإنهم يطبقونها على غيرهم، ولا يطبقونها على أنفسهم، انطلاقاً من تعصبهم المذهبي.. مع أن ذلك معصية بلا ريب، إذ يجب عليهم تحري الحق، والالتزام به إذا ظهر لهم..

كما أنك تعقل وتقبل أن يحارب عشرات الألوف علياً، ولو أنهم ظفروا به لقتلوه حسب تصريحك، وذلك ظلما منهم له، وبغيا منهم عليه. وذلك في أكثر من حرب.

ثم إنك تعقل وتقبل أيضاً بأن يسب علي (عليه السلام) على منابر الإسلام في شرق البلاد الإسلامية وغربها من علماء الأمة وجهالها..

ولكنك تقول هنا: إنك لا تعقل أن يتفق جمهور المهاجرون والأنصار على تعطيل وصية النبي (صلى الله عليه وآله).. مع أن المهاجرين والأنصار هم ثلة صغيرة من الناس قد لا يصل عددها إلى ألفي رجل، بين شيخ وشاب، وعالم وجاهل، ومهاجري وأنصاري، والمهاجرون هم القلة القليلة جداً فيهم..

ثانياً: كيف تقبل بأن يتفق الأنصار، وهم الكثرة الكاثرة، ونسبة المهاجرين إليهم نسبة واحد إلى سبعة، وحتى لو كانت أزيد من ذلك.. ـ نعم كيف تقبل بأن يتفقوا على مخالفة حديث: الأئمة من قريش الذي أعلنه النبي(صلى الله عليه وآله) على المنبر في مسجد المدينة..

ولا تقبل بأن يسعى بعض المهاجرين إلى الحصول على مقام الخلافة والإمامة، وهو مقام تهفو إليه النفوس، وتشرئب إليه الأعناق؟..

مع أنه لم يوافقهم على ذلك، لا بنو هاشم، ولا الأنصار، ولا كثيرون من المهاجرين إلا بعد أن ظهر لهم أن عواقب الإصرار ستكون وخيمة، وسوف تجرهم إلى أخطاءٍ جسام.

ثالثاً: إنك قد اعترفت في مورد آخر: أن بني هاشم، والأنصار، وغيرهم قد كانوا مخالفين لخلافة أبي بكر.. ثم لحق الأنصار بأبي بكر، وقبلوا خلافته..

ونقول لك: إن لحوق الأنصار بأبي بكر لم يكن عن اختيار ولا عن قناعة. بل كان بسبب ضعفهم الناشئ عن اختلافهم، الذي نشأ عن خطاب أبي بكر في السقيفة وتذكير الفريقين بإحن الجاهلية.. ثم انحياز أُسيد بن حُضير الأوسي، إليه، لقرابته له من جهة، ولحسده لسعد بن عبادة الخزرجي من جهة أخرى.

ثم كان مجيء قبيلة بني أسلم بصورة مفاجئة وغامضة إلى المدينة حتى تضايق بهم سكك المدينة، فبايعوا أبا بكر، فكان عمر يقول: (ما هو إلا أن رأيت أسلم فأيقنت بالنصر)[58].

وقال ابن الأثير: (وجاءت أسلم فبايعت)[59].

وقال الزبير بن بكار: (فقوي بهم أبو بكر)[60].

وعن أبي مخنف، عن محمد بن السائب الكلبي، وأبي صالح، عن زائدة بن قدامة: أن قوماً من الأعراب دخلوا المدينة ليمتاروا منها، فأنفذ إليهم عمر فاستدعاهم، وقال لهم: (خذوا بالحظ والمعونة على بيعة خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فمن امتنع فاضربوا رأسه وجبينه.

قال: فوالله لقد رأيت الأعراب قد تحزموا، واتشحوا بالأزر الصنعانية، وأخذوا بأيديهم الخشب، وخرجوا حتى خبطوا الناس خبطاً. وجاؤوا بهم مكرهين إلى البيعة)[61].

وقد روى المعتزلي عن البراء بن عازب: أنه فقد أبا بكر وعمر حين وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) (وإذا قائل يقول: القوم في سقيفة بني ساعدة، وإذا قائل آخر يقول: قد بويع أبو بكر. فلم ألبث وإذا أنا بأبي بكر قد أقبل ومعه عمر، وأبو عبيدة وجماعة من أصحاب السقيفة، وهم محتجزون بالأزر الصنعانية، لا يمرون بأحد إلا خبطوه وقدموه، فمدوا يده فمسحوها على يد أبي بكر يبايعه، شاء ذلك أو أبى)[62].

وإجبار الزبير على البيعة، وكذلك سلمان، وبنو هاشم الذين كانوا في بيت علي معروف، ومصادره متوفرة لدى الجميع.

وعلى كل حال فإننا بالنسبة لبني أسلم نقول: لو غضضنا النظر عما رواه المفيد في الجمل، فإننا لابد أن نسأل: لماذا قوي بهم جانب أبي بكر(!!!).

ونسأل أيضاً لماذا لم يقو بهم جانب علي؟ أو سعد بن عبادة؟ أو لماذا لم ينقسموا، فيؤيد فريق منهم هذا، وفريق منهم ذاك؟!!

ولماذا حضر هذا العدد الهائل من خصوص قبيلة أسلم إلى المدينة؟!

ولماذا في هذا الوقت بالذات؟.. وهل في المدينة من المحاصيل ـ وهي قرية صغيرة ـ ما يكفي لتموين هذه الأعداد الهائلة لو صح ما ذكره أبو مخنف من أنهم قد جاؤوا ليمتاروا؟! وهل لذلك كله علاقة بغيبة أبي بكر حين وفاة النبي (صلى الله عليه وآله)، حيث زعموا أنه كان غائباً في السنح؟!

فهل كان في السنح حقاً؟ أم أنه كان يدبر الأمر استعداداً لساعة الصفر، حين وفاة النبي(صلى الله عليه وآله)؟! وكيف يغيب عن الرسول وهو في آخر لحظات حياته، مع أنه رفض الانخراط في جيش أسامة حتى لا يسأل عنه الركبان كما قال؟! رغم أن النبي كان غاضباً جداً من تخلف الأصحاب عن ذلك الجيش، وقد حث الجميع على الالتحاق به.

وعلى كل حال.. فقد توفي الرسول (صلى الله عليه وآله) وأبو بكر غائب، وشكك عمر بوفاة النبي وأصر على ذلك حتى حضر أبو بكر.. فأزال الشك عنه مباشرة في آية قرأها عليه مع أنهم كانوا قد قرأوها عليه في المسجد فلم يقنع ـ وها هو يقنع بها الآن وبينما هم كذلك إذ جاءهم النذير باجتماع الأنصار في السقيفة، فذهبوا مسرعين إليها، وجرى ما جرى هناك، وبويع أبو بكر من قبل عمر وأبي عبيدة وأسيد بن حضير، وربما من رجل آخر أو رجلين أيضاً.. وتركوا الأنصار مختلفين، وخرجوا إلى المسجد ليكونوا أول من يلقى علياً، لأنه هو الذي يخيفهم، فجرى لهم مع فاطمة (عليها السلام) ما جرى، وحاصروا الباب إلى اليوم التالي وجلس أبو بكر على المنبر ليبايع له، وظهرت أسلم على الساحة، فقوي بهم أبو بكر!!

وقد جرت البيعة لأبي بكر في ظل هذه القوة القاهرة، حيث كان الناس في المسجد يجبرون على الجلوس، ويقهرون على البيعة، دون أن يقدر أحد منهم على التكلم..

وقد ظهر لي من سياق الأحداث أن أحداً لم يصلِ على رسول الله (صلى الله عليه وآله) سوى علي، وأنه قد دفن بعد ساعات يسيرة من وفاته (صلى الله عليه وآله)، ولم يبق إلى يوم الأربعاء كما يزعمون.. ولست هنا بصدد إثبات هاتين النقطتين وإنما ذكرتهما عرضاً.

وأقول أخيراً:
سواء أكان كل هذا الذي ذكرناه مقبولاً عندك، أو غير مقبول.. فإننا لم نأت به من عند أنفسنا، بل هو مما روته المصادر التي تسعى لتقوية جانب أبي بكر، ودفع الشبهات عن خلافته..

فإن كانت مكذوبة، فلم يأت هذا الكذب من قبل الروافض ولله الحمد.. وإن كانت صحيحة.. فلا بد من التأمل ودراسة هذا الحدث من جديد..

وفي مجمل الأحوال.. لا بد لك من الإجابة على السؤال التالي..

لماذا قلت: إن جمهور المهاجرين والأنصار لا يعقل أن يخالفوا نص وصية النبي (صلى الله عليه وآله).. مع أن الجمهور لم يكن في وارد تسجيل هذه المخالفة على نفسه، بل كان فريق أبي بكر في البداية هو الفريق الأقل أنصاراً، ثم نشأت ظروف ألزمت حتى علياً بالكف عن المطالبة لمصالح لا بد من مراعاتها..

واضطر الأنصار أيضاً للتخلي عن مشروعهم رغم أن جمهورهم كان يسعى إلى عقد الخلافة لغير أبي بكر..
رابعاً: صحيح: أن سلب النص أخف من معاندة النص. ولكن كيف ترى عاند عشرات الألوف النصوص الكثيرة التي تنهى عن البغي على حكام العدل فحاربوا علياً.. ثم كيف عاند مئات الألوف والملايين من الناس فسبوا علياً طيلة عشرات السنين ـ ولم يلتفتوا إلى النصوص الدالة على لزوم مراعاة حرمة المؤمن على الأقل فكيف بالنصوص التي وردت عن النبي (صلى الله عليه وآله) في حق علي (عليه السلام).. نعم لقد سبه علماء الأمة وجهالها على منابر الإسلام طيلة عشرات السنين..

خامساً: إن التضحية بالخيرات السابقة ليست دائماً دليل قلة الدين، بل قد تكون لظروف قاهرة، فإن أمير المؤمنين (عليه السلام) قد اضطر للكف عن المطالبة لأجل مصالح عليا.. ولعل سكوت بني هاشم قد كان مراعاة لمصالح راعاها أمير المؤمنين..

كما أن سكوت خالد بن سعيد بن العاص ـ وهو أموي، وسكوت المقداد وسلمان و.. وإلخ.. وكذلك سكوت الأنصار قد كان اضطراراً للسكوت.. لأكثر من سبب وسبب لزمهم مراعاته..

وليس بالضرورة أن تكون مجاراتهم ومراعاتهم كاشفةً عن قلة الدين.. بل قد يكون ذلك هو عين التدين. إذا كانوا يخافون على الإسلام.. أو كانوا يخافون على أنفسهم، أو على وحدة المسلمين، أو غير ذلك..

نعم.. لو أثبت لنا: أن سكوت الجميع كان حباً بخلافة أبي بكر، وسعياً لإبطال وصية الرسول (صلى الله عليه وآله)، لأمكن أن نرى لكلامك وجهاً مقبولاً أو معقولاً..
ولكن كيف يمكن إثبات ذلك والشواهد تشير إلى خلافه؟!

جواب المالكي:
ولم يجب حسن بن فرحان المالكي بشيء!!


[58] راجع: تاريخ الطبري ج2 ص 458/459 ط الاستقامة.
[59] راجع: الكامل في التاريخ ج3 ص 331.
[60] راجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي.
[61] الجمل للمفيد ص 119.
[62] راجع: شرح النهج للمعتزلي ج1 ص219.


يتبع>>>

نسألكم الدعاء

خادم الزهراء 28-Jul-2009 10:01 AM

2 ـ مصطلح: ظلامة الزهراء(عليها السلام)
السؤال رقم (3):

سأل البدري:
الشيخ المالكي..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ما رأيك في موضوع بما يسمى (ظلامة الزهراء عليها السلام) الذي يطلقه دائما الشيعة من أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه كسر ضلعها، وأسقط جنينها، إلى غير ذلك من الأحداث؟؟؟. وشكراً..

أجاب المالكي:
الأخ البدري:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

ما يخص ما أسميته بـ (ظلامة الزهراء) لا أعرف هذا المصطلح، أما مداهمة دار الزهراء فقد جاءت فيه روايات سنية مجموعها يقتضي صحة الحادثة، أما المبالغات في سقوط جنين فاطمة ونحو ذلك فلم يثبت وأظنه من الزيادات التي ترمي إلى التشنيع على عمر بن الخطاب وأبي بكر الصديق.

لا يضر الشيعي ولا السني أن يخطّئ أبا بكر وعمر أو عليا وعماراً لكن بأدب ومن باب أن هؤلاء بشر يصيبون ويخطئون، وليس من باب التشنيع لأن هؤلاء وإن صدرت من بعضهم أو من كلهم أخطاء خلال سيرتهم إلا أن الغالب على سيرة الواحد منهم هو الصلاح.

وجاء الرد على المالكي كما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..

تعليقاً على جوابك على البدري.. أقول..

أولاً: لم يسألك أحد عن وجود مصطلح هو (ظلامة الزهراء عليها السلام) فلماذا تقول: لا أعرف هذا المصطلح..

ثانياً: حكمت على سقوط الجنين بالمبالغة، مع أنك تقول: لم يثبت. وتظنه من الزيادات، فحكمك بالمبالغة فرع ثبوت العدم. ولا يصح أن تحكم بالمبالغة ثم تقول لم يثبت[63]..

ثالثاً: أنت تتهم ـ فريقاً ـ بالاختلاق بهدف التشنيع على عمر وأبي بكر، مع أنك تعترف بأن هذا منك مجرد ظن. وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً..

ورغم أنك لم تصف هنا عمر (بالفاروق) وهو لقب أتاه من جهة أهل الكتاب[64].. واكتفيت بوصف أبي بكر (بالصديق) مع أن علياً (عليه السلام) قد أنكر هذا اللقب لأبي بكر.. وحديث الصديقون ثلاثة يوجب الحكم بعدم صحة نسبة هذا اللقب لأبي بكر..

وفي كتاب الصحيح من سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) شواهد كثيرة، وروايات صحيحة السند على ذلك فراجع.

وقولك لا يضر الشيعي أن يخطئ أبو بكر وعلي، غير صحيح، بل هو يضر، لأن الشيعي يعتقد بعصمة علي (عليه السلام). وثبوت عصمة علي (عليه السلام) يضر السني أيضاً ويوجب سقوط حججه..

وقد حكمت بأن علياً (عليه السلام) يصيب ويخطئ مع أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: علي مع الحق والحق مع علي..

والروايات الواردة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في هذا السياق كثيرة..

وقد اتهمت السائل بالتشنيع مرة أخرى.. وليس في السؤال حديث عن التشنيع..
والحمد لله رب العالمين.

جواب المالكي:
ولم يجب حسن بن فرحان المالكي بشيء!!


[63] ولكي نثبت لك هذا الأمر نقول لك، راجع: كتاب مأساة الزهراء÷.
[64] راجع: كتاب الصحيح من سيرة النبي الأعظم’. حين البحث حول إسلام عمر بن الخطاب.


يتبع>>>

نسألكم الدعاء

خادم الزهراء 29-Jul-2009 04:01 PM

3 ـ تواتر أحاديث الإمام المهدي(ع)
السؤال رقم (4):


سأل نون:
قضية المهدي هل هي قضية متواترة عن النبي؟

أجاب المالكي:
قضية المهدي ليست من المتواتر وإن ادعى بعض السنة وأغلب الشيعة تواترها وقد أنكر مسألة المهدي بعض علماء السنة ولا أعرف رأي الاباضية والمعتزلة في هذا الأمر، كذلك لا أعرف رأي الزيدية.

وجاء الرد على المالكي كما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..

وأما عن إجابتك.. فنقول:

أولاً: ما هو ميزان التواتر عندك؟!

ثانياً: بأي ميزان أخذت، فإن تواتر أحاديث الإمام المهدي (عليه السلام) ثابت بلا ريب ويمكن إثبات ذلك.. بأبسط طريق وأيسره.. ونكتفي هنا ـ الآن ـ بالإشارة إلى ما يلي:

أ ـ إن ابن خلدون، ولعله أول من شكك في هذا الأمر، قد ذكر في مقدمته ثمانية وثلاثين حديثاً.

ومحاولته التشكيك في أسانيدها لا قيمة لها، بعد أن كان هذا العدد يكفي لتحقيق التواتر.. إذ لا يشترط صحة الأسانيد في تواتر الأحاديث؛ لأن اليقين بالصدور يحصل من الكثرة، لا من وثاقة الرواة. ولا سيما إذا كان يراد إثبات التواتر الإجمالي، فان اختلاف النصوص يصبح قرينة أخرى على الصدور، إذا كان القاسم المشترك متوفراً، ولم تكن هناك علة أخرى للرد..

كما أن صاحب منتخب الأثر قد ذكر أكثر من ستة آلاف حديث وثلاثمائة وخمسين حديثاً. من طرق الشيعة والسنة، فلو أسقطنا منها ستة آلاف ومئتين وخمسين حديثاً وبقي لنا مئة حديث بل لو بقي لنا خمسون حديثاً لكفى ذلك في الحكم بالتواتر..

مع العلم بأن كثيراً من هذه الأحاديث صحيح أو معتبر سنداً عند أهل السنة أيضاً..

ب ـ لقد بدأ ادعاء المهدية في وقت مبكر في الإسلام، بل لقد قال البعض: إن خالد بن يزيد بن معاوية المتوفى سنة 85 هجرية هو الذي وضع حديث السفياني، ليقابل به حديث المهدي[65].

ولا نريد أن نذكر لك مقالات بعض الفرق بمهدية:
1 ـ محمد بن الحنفية،
2 ـ وابنه أبي هاشم،
3 ـ وعبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر،
4 ـ والإمام الباقر،
5 ـ وإسماعيل بن الإمام الصادق،
6 ـ والإمام الصادق نفسه،
7 ـ والإمام الكاظم،
8 ـ ومحمد بن إسماعيل بن جعفر،
9 ـ ومحمد بن جعفر،
10 ـ ومحمد بن القاسم،
11 ـ ويحيى بن عمر،
12 ـ والحسن بن القاسم، وغيرهم..

بل نقتصر على القول:
إن الناس كانوا يرون: أن موسى بن طلحة بن عبيد الله هو المهدي[66].

ثم ادعيت المهدية لعمر بن عبد العزيز، قال ابن كثير: إن قتادة، وابن المسيب، ووهب بن منبه قالوا: إن كان مهدي في هذه الأمة فهو عمر بن عبد العزيز..[67] وذكر ابن سعد روايات عن عمر، وابن عمر، وغيرهما تؤيد مهدويته.

بل ذكر أن ابن المسيب قد قبل بمهدوية عمر بن عبد العزيز وقال بها[68].

لكن طاووس قال: هو مهدي (أي المعنى اللغوي) وليس به، إنه لم يستكمل العدل كله[69].

بل لقد رووا ذلك عن فاطمة بنت الإمام الكاظم (عليه السلام)، وعن الإمام الباقر (عليه السلام)[70].

ثم ادعيت المهدية لمحمد بن عبد الله بن الحسن المولود سنة مئة. وقد قبل أكثر علماء الأمة بمهديته، وبايعه كبار العلماء، ودعوا إلى بيعته. وعلى رأسهم شيوخ الاعتزال مثل عمرو بن عبيد، وواصل بن عطاء، وحفص بن سالم.

بل لقد قال أبو الفرج الأصفهاني (لم يشك أحد أنه المهدي)[71].

وقد بايعه المنصور، والسفاح، وإبراهيم الإمام، وصالح بن علي. وكان المنصور يفتخر بمهدية محمد هذا ويتبجح بها[72].

وكان فقيه أهل المدينة وعابدهم محمد بن عجلان قد خرج معه، ظناً منه أنه المهدي الذي جاءت به الرواية، وكان الأعمش، وشعبة، وسفيان الثوري، وأبو حنيفة، ومالك بن أنس، يحثون الناس على الخروج معه.

ولا تكاد تعثر على منكر من أعلام الأمة لمهدية محمد بن عبد الله بن الحسن إلا الإمام جعفر الصادق (عليه السلام).

بل إن المنصور قد لقب ولده بالمهدي، سعياً لصرف الناس عن محمد بن عبد الله بن الحسن. وقد وجد من يضع له الأحاديث في ذلك[73].

وقد اعتقد السيد الحميري وسلم الخاسر بمهدية المهدي العباسي.

والحديث حول ذلك يطول[74].

وبعدما تقدم نقول: إن هذا القبول الواسع جداً في الأمة لمهدية محمد بن عبد الله بن الحسن، حتى اضطر المنصور لمقابلة ذلك بادعاء المهدية لولده يشير إلى أن أصل وجود المهدي كان من المسلمات عند الناس، وإنما كان الخلاف والاختلاف في التطبيق.

وقد ظهر قبول هذا الاعتقاد في الأمة قبل ذلك حيث قبل الناس مهدية موسى بن طلحة، وقبل فرقاء آخرون بمهدويات أخرى..

بل لقد قبل بعض كبار علماء الأمة بمهدية رجل أموي.. ولم يناقش أحد، ولا أشـار أي من الناس إلى كذب أصل حديث المهدية..

بل لقد اضطر خالد بن يزيد إلى وضع حديث السفياني، ليقابل به حديث المهدي، حيث لم يمكنه تكذيبه من الأساس..

فكل ذلك يشير إلى التسالم المبكر، وفي عهد الصحابة، والتابعين، وتابعي التابعين، على هذا الأمر.

ونحن نعلم أن هذا الأمر إنما يعلم بالتوقيف عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فمع اختلاف مشارب الناس، ومذاهبهم، وسياساتهم.. لم يختلفوا على هذا الأمر..

فهل يبقى بعد من شك في أخذهم ذلك من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وعنه؟!

ج ـ إن رؤساء المعتزلة قد ناصروا محمد بن عبد الله بن الحسن، وكانوا من دعاته، وكانت البيعة تؤخذ له بهذا العنوان. وذلك يدل على أن المهدية كانت من الوضوح والقوة بحيث لا مجال لإنكارها، حتى إن أكثر الناس اعتماداً على العقل، وهم يقيسون النصوص الدينية على ما تحكم به عقولهم، لم يمكنهم تسجيل أي تحفظ على هذا الأمر، بل هم قد تجاوزوا مرحلة الترقب والسكوت إلى مرحلة التأييد والدعم والمشاركة..

د ـ ولو كان يمكن للسياسيين التشكيك بهذه العقيدة، فإنهم لن يقصروا في ذلك. فقد كانوا يحكمون الناس باسم خلافة الرسول، ويدعون أنهم يحكمون بما أنزل الله، والاعتقاد بالمهدي لا ينسجم مع هذا..

فإنه:

أولاً: يعطي الحق في الحكم والسلطة لغيرهم..

ثانياً: هو يشير بأصابع الاتهام إليهم بأنهم غاصبون ظالمون..

ثالثاً: هو يشير إلى أنهم ليسوا على هدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولا يطبقون شرائع الله سبحانه..

هـ ـ أما بالنسبة للزيدية، فقد ادعى أحمد أمين المصري: أنهم كانوا ينكرون المهدي إنكاراً شديداً[75].

ولكن ذلك غير دقيق. فإن محمد بن عبد الله بن الحسن المدعي للمهدية، وقد قبل ذلك منه على أوسع نطاق، كان زعيم الزيدية في زمانه، ومقدمهم.

ولو أغمضنا النظر عن ذلك باعتبار: أن مذهب الزيدية لم يكن قد ظهر ولا تحددت معالمه، وأن زيدية بني الحسن إنما هي سياسية أكثر منها فكرية وعقائدية، فإننا نقول:

إن المذهب الكلامي الشائع في الزيدية هو مذهب الجارودية ـ قال نشوان الحميري:
(ليس باليمن من فرق الزيدية غير الجارودية، وهم بصنعاء وصعدة، وما يليهما)[76].

والجارودية يعتقدون بالمهدية ـ كما يظهر من كتب الفرق ـ ومنهم من ينتظر محمد بن عبد الله بن الحسن، ومنهم من ينتظر محمد بن القاسم، ومنهم من ينتظر يحيى بن عمر[77].

وأما غير الجارودية فلا تكاد تجد لهم تصريحاً بنفي المهدية.. فراجع..

و ـ ويبقى خيار التأكيد على تواتر أحاديث المهدية قائما. وذلك باعتماد طريقة جمع الأحاديث.. وبيان اختلاف طرقها، وكثرتها إلى حد إفادتها لليقين.. وذلك أمر يسير. فمن أحب أن يطمئن إلى هذا الأمر فما عليه إلا أن يطرق الباب ليسمع الجواب بكل وضوح وقوة..

جواب المالكي:
ولم يجب حسن بن فرحان المالكي بشيء!!


[65] النجوم الزاهرة ج1 ص221.
[66] طبقات ابن سعد ج1 ص120 و121.
[67] راجع: البداية والنهاية ج9 ص200 وتاريخ الخلفاء ص233.
[68] راجع: تاريخ الخلفاء ص234 و235.
[69] البداية والنهاية ج9 ص200 وتاريخ الخلفاء ص235.
[70] طبقات ابن سعد ج5 ص243و245.
[71] مقاتل الطالبيين ص256.
[72] راجع: الحياة السياسية للإمام الرضا ×.
[73] راجع: البداية والنهاية ج6 ص246 و247 وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص259 و260 و272 والصواعق المحرقة ص98و99 وغير ذلك.
[74] راجع: كتاب دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ج1 بحث: المهدية بنظرة جديدة.
وراجع أيضاً: الحياة السياسية للإمام الرضا ×. القسم الأول من الكتاب.
[75] ضحى الإسلام ج3 ص243.
[76] الحور العين ص156.
[77] راجع: الفصل لابن حزم ج4 ص179 والفرق بين الفرق للبغدادي ص31 و32 وراجع: الملل والنحل ج1 ص159 والحور العين ص156 و157.


يتبع>>>

نسألكم الدعاء

خادم الزهراء 30-Jul-2009 05:30 PM

5 ـ حكم الخارج على علي (عليه السلام)
السؤال رقم (6):

سأل الأخ حيدرة:

جاء في صحيح البخاري ج9 ص 145 كتاب الفتن باب سترون بعدي أموراً تنكرونها.

قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم (من كره من أميره شيئاً فليصبر، فإنه من خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهلية). انتهى.

س: ما حكم من خرج على أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام).

هل ماتوا ميتة جاهلية..أو ماذا؟

وكان جواب المالكي:
الأخ حيدرة:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..

أحاديث الوعيد، وخاصة ما يتعلق بالسلطان تحتاج لبحث لجواز تأثير السياسة عليها، لكن من خرج على الإمام العادل يكون في الأصل قد ارتكب محرماً، وآيات وأحاديث الوعيد بشكل عام لا تنزل على الأفراد لاختلاف حال فرد عن آخر، بل حتى لو علمنا أن فلانا خرج على الإمام العادل ظلما وعدوانا فإن هذا يعد ذنبا عظيما لكن قد يختم للخارج بتوبة أو تكون له حسنات ماحية أو مصائب مكفرة أو رجحان حسنات أو غير ذلك..

وهذا الجواب عام في كل من خرج على إمام عادل سواءً كان هذا الإمام عليا رضي الله عنه أو غيره من أئمة العدل لا أئمة الجور لأن الخروج على أئمة الجور كملوك بني أمية وبني العباس قد رأى جوازه بل مشروعيته أكثر السلف كالإمام الحسين وأهل الحرة وابن الزبير وأصحاب ابن الأشعث وزيد بن علي والنفس الزكية والقاسم الرسي والهادي يحيى بن الحسين وابن حزم الأندلسي وغيرهم كثير.

وجاء الرد على المالكي كما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..

تعليقاً على إجابتك على الأخ حيدرة نقول:

إنك قلت:
إن أحاديث الوعيد تحتاج إلى بحث.. فهل بحثتها أنت؟! أم أنك تحيل على مجهول؟! فإن هذا ليس جواباً، فإما أن تقول: قد بحثت وتعطي الجواب، أو تقول: لا أعلم..

ثانياً: لقد ناقضت نفسك، فإنك قلت: تحتاج إلى بحث. ثم أصدرت حكمك قبل أن تبحث. وقلت: لكن من خرج على الإمام العادل إلخ..

ثالثاً: لم؟ وكيف لا تنزَّل أحاديث الوعيد على الأفراد؟! وهي صريحة في الأفراد؟! فإن كلمة من كره من أميره شيئاً إنما هي حديث عن الأفراد ووعيد لهم.. وليس فيها تنزيل.

واستدلالك باختلاف حال الأفراد، لا يرفع الصراحة في الدليل اللفظي..

وزعمك: أنه قد يختم للخارج على الإمام بالتوبة.. لا يكفي لرفع اليد عن صراحة اللفظ، فإن الحديث يصرح بأنه يموت ميتة جاهلية.. فالحديث ينفي التوبة، أو ينفي قبولها على الأقل، وأنت تناقضه وتنافيه..

بالإضافة إلى أن التوبة لا تمنع من ترتب الآثار عليه، وحرمانه من كثير من الأحكام في حقه، ويصبح كمن ثبت عليه حد من حدود الله تعالى، أو لزم الاقتصاص منه. فإن توبته لا ترفع الحد ولا القصاص في أكثر الموارد..

جواب المالكي:
ولم يجب حسن بن فرحان المالكي بشيء!!


يتبع>>>

نسألكم الدعاء

خادم الزهراء 03-Aug-2009 05:31 PM

الفصل الثالث: الشيعة وكذب الطوائف..

1 ـ الروايات المخزية في الكافي..
السؤال رقم (7):
سأل الأخ أبو جواد: عن صحيحي البخاري ومسلم:
سؤالي للشيخ المالكي هو:

يعتبر السنة صحيحي البخاري ومسلم القرآن الناطق (هما الصحيحان بعد كتاب الله تعالى) الذي أنزله وقام بحفظه هل يؤمن فضيلة الشيخ بذلك؟؟؟

وما صحة هذه الروايات المخزية فيهما؟؟؟

وتجدون برفه بعض الروايات المخزية على هذا الرابط
http://mofajr-althawra.8m.com/makhazee_wa_7ojaj.html
الروايات المخزية في البخاري ومسلم. هذا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته والصلاة والسلام على النبي المصطفى والرسول المجتبى محمد وأهل بيته العروة الوثقى ومصابيح الدجى وأنجم الهدى وسفينة النجاة التي من ركبها نجى ومن تخلف عنها غرق وهوى، واللعنة المتواترة المتواصلة على من عاداهم وأنكر حقهم وشكك بفضائلهم من الأولين والآخرين وقد خاب من افترى.

أجاب المالكي:
الأخ أبو جواد:
ما يخص صحيح البخاري ومسلم، سبق الجواب عليه فيما مضى، وأهل السنة لا يعتبرونهما القرآن الناطق، لكن أعترف لك أن عند أكثر السنة غلواً في الصحيحين، وأنا ممن يرى أنهما من أفضل ما ألفه أهل السنة لكنني في الوقت نفسه أعرف أن البخاري ومسلماً فيهما أحاديث ضعيفة لكنها قليلة نسبة مع غيرهما من الكتب السنية.

وقد رويا عن غلاة سنة ونواصب وغلاة شيعة وخوارج وغلاة مرجئة.. الخ، وعن ضعفاء أيضاً لكن الجرح والتعديل أمر اجتهادي، وكل له اجتهاده في توثيق هذا الراوي أو تضعيف ذاك.

لكن إن اعترفنا بمثل هذا فيجب أن يعترف الشيعة بأن في روايات الكافي ونحوه أيضاً أحاديث مخزية ـ حسب تعبير الأخ ـ وهي أكثر بكثير مما يراه الأخ في الصحيحين، وإلا كيف نرى الضعف هنا ولا نراه هناك؟ إذا كنا نريد الإنصاف فلا بد أن نعترف بأخطائنا حتى يعترف الآخرون بأخطائهم (للأسف لم أستطع فتح الملف الذي أرسلته).

وكان الرد على المالكي ما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..

تعليقاً على إجابتك للأخ أبي جواد أقول:
هو يسألك عما في صحيح البخاري ومسلم، وأنت تعطف الكافي عليهما؟! لماذا؟!

وقد قلت: إن الروايات المخزية في الكافي أكثر بكثير.. فهل لديك لائحة بما في الكتابين البخاري ومسلم من أحاديث مخزية؟! وإذا لم يكن لديك، فهل هذا منك إلا رجم بالغيب، لا ندري ما الذي يدعوك إلى اللجوء إليه، وإلى تحمل تبعاته؟!

ونسألك أيضاً:
من أين قلت: إن من يخاطبك لا يرى الأحاديث المخزية في جميع المصنفات؟!

ولماذا عرضّت به فيما يرتبط باعتماد جادة الإنصاف؟!

ومهما يكن من أمر، فإن عليك أن تثبت دعواك بالأرقام والشواهد والإحصائيات بأن في الكافي مخزيات.. وبأن المخزيات فيه ـ لو كانت ـ أكثر بكثير مما في الصحيحين.

ويبقى لنا سؤال هو: هل هذا الأسلوب في طرح القضايا يبتعد كثيراً عن التعصب المذهبي الذي لا زلت تحرص على التحذير منه؟! أم أنه متجذر فيه إلى الأعماق؟!

جواب المالكي:
ولم يجب حسن بن فرحان المالكي بشيء!!

يتبع>>>

نسألكم الدعاء

خادم الزهراء 04-Aug-2009 05:32 PM

2 ـ الرافضة أكذب الطوائف..
السؤال رقم (8):

سأل الأخ الثقلين:
بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة الشـيخ المالكي..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

سؤالي هو:
ما هو رأي سماحتكم في هذه المقولة:
قال الإمام أحمد رحمه الله: (لو أقسم رجل أن لا يكلم أحمقا ثم كلم رافضياً لقلت إنه حنث.. وقد اتفق أهل العلم بالنقل والرواية والإسناد على أن الرافضة أكذب الطوائف، والكذب فيهم قديم، ولهذا كان أئمة الإسلام يعلمون امتيازهم بكثرة الكذب). وشكراً.

أجاب المالكي:
الأخ الثقلين:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

أولاً: لتعلم أن غلاة الحنابلة كذبوا على أحمد بن حنبل كثيراً، هذا أمر.

الأمر الثاني: لو صح أن الإمام أحمد قال (لو أقسم رجل أن لا يكلم أحمقاً ثم كلم رافضيا لقلت إنه حنث)، لكان هذا الإطلاق من أحمد إطلاقاً باطلاً مردوداً عليه كسائر العلماء فهم يصيبون ويخطئون ويخاصمون، لأن الشيعة ـ أو الروافض كما يحب أن يقول البعض ـ ليسوا كلهم حمقى وليسوا كلهم أذكياء شأنهم في ذلك شأن الحنابلة والأشاعرة والصوفية.. الخ.

بل هذا القول التعميمي فهو من علامات الحمق لأن الحمق لا يختص به مذهب ولا أمة ولا شعب.. الخ.. وأنا أستبعد صدور هذا من أحمد.

أما القول الثاني: وهو (وقد اتفق أهل العلم بالنقل والرواية على أن الرافضة أكذب الطوائف والكذب فيهم قديم..) فهذا أيضاً تعميم، والصواب أن الخطابية من الروافض يصح أن يطلق عليهم أكذب الطوائف لأنهم يستحلون الكذب نصرة للمذهب كما يفعل القليل من غلاة السلفية اليوم، أما تعميم هذا في كل الشيعة أو كل الرافضة فكذب، وهذا القول من أكاذيب (عبد الرحمن بن مالك بن مغول) نقلها ابن تيمية في مقدمة منهاج السنة، ونقلها عن منهاج السنة بعض غلاة السلفية.

لكن ليس عندي شك أن الكذب عند الشيعة من حيث الجملة (بالأصولية والأخبارية وشيخية) أعظم من الكذب في جميع الطوائف، وهذا أمر قد تخاصمت معهم فيه وهي وجهة نظر مبنية على مطالعة لبعض المصادر والمراجع التي رجعت إليها والتي هالني ما فيها من الأكاذيب والخرافات التي تناقض أصرح الشرائع وأبسط العقول.

لكن هل كل الشيعة يؤمنون بهذا؟ كلا، أنا أعرف أن بعضهم لا يرى هذا، وقد عرضت على بعضهم نماذج من هذه الأمور فأنكرها إنكاراً شديداً.

والكذب موجود في سائر الطوائف، ومثلما تخاصمت مع الشيعة في هذا الموضوع قد تخاصمت مع السلفية أيضا في تكذيبي لكثير مما يوردوه في كتب العقائد من أحاديث باطلة وموضوعة.


أما كون الكذب في الشيعة قديم فهذا ممكن لكنه في النواصب أقدم من أيام زعم بنو أمية أن علياً قتل عثمان وأن عماراً قتله من جاء به وأن أبا ذر وعبادة بن الصامت أفسد الشام.. الخ..

يجب عند نقد الشيعة ألا ننسى النواصب، فعلى النواصب يقع الذنب الأكبر في الغلو الشيعي فهل تظن أن محبي الإمام علي يبقون سامعين لعن علي في خطبة الجمعة ولا يكون عندهم ردة فعل؟! (أنا أأسف أن أقوالي هذه سيغضب منها الجميع).

والظلم الأموي والعباسي لأهل البيت ألجأ أتباعهم للعمل السري، والعمل السري تختلط فيه الشائعة بالحقيقة، فيجب أن نقدر هذا، وندعو إخواننا الشيعة لمزيد من الاعتدال وألا يعمموا على السنة النصب وليعرفوا أن داخل أهل السنة من يدافع عن أهل البيت وإن وجد من غلاتهم الأذى والاتهامات فإن شعر الشيعي بهذا اعتدل، أما إن شعر بأن أهل السنة وراء معاوية ويزيد ضد علي والحسين فكيف نريد منه أن يعتدل؟.

وكان الرد على المالكي كما يلي:

بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله..

تعليقاً على إجابتك على سؤال الثقلين نقول:
لقد صرحت في هذه الإجابة: أن الكذب عند الشيعة من حيث الجملة (بالأصولية والأخبارية والشيخية) أعظم من الكذب في جميع الطوائف. وقلت:

(وهي وجهة نظر مبنية على مطالعة لبعض المصادر والمراجع التي رجعت إليها، والتي هالني ما فيها من الأكاذيب والخرافات التي تناقض أصرح الشرائع، وأبسط العقول..)

ونلاحظ هنا ما يلي:
1 ـ لماذا ضممت الأصولية إلى الإخبارية والشيخية؟!

فهل ضممت بعض طوائف أهل السنة إلى بعضها الآخر أيضاً، ثم حكمت ـ بأكثرية الكذب عند هؤلاء وأولئك؟!

2 ـ ما هي المصادر التي رجعت إليها، وهالتك الأكاذيب والخرافات فيها..

3 ـ يرجى تعيين هذه الموارد التي تخالف أصرح الشرائع..

4 ـ يرجى تعيين ما يخالف أبسط العقول..

5 ـ ماذا تقصد بكلمة شرائع؟! وهل يمكنك تعدادها؟!

6 ـ وما هي المعايير التي جعلتك تحكم على هذا الحديث أو ذاك بالكذب أو بالخرافة؟!

7 ـ هل راجعت بعض كتب سائر الطوائف، وحددت مقادير أكاذيبها أو الخرافات فيها، ووازنت بينها وبين مصادر الشيعة؟!

8 ـ يرجى تحديد هذه الكتب أيضاً، وموارد الخرافة والكذب فيها؟!

9 ـ إن مجرد الدعوى لا تقبل. بل لا بد من الدليل..

10 ـ إن غيرك ليس قاصراً عن إثبات خرافات وأكاذيب هائلة العدد، موجودة في مصادر أهل السنة، سواء في كتب الصحاح أو في غيرها من كتب الحديث والرواية المعتبرة عندهم..

11 ـ علماً بأن الشيعة لا يعتقدون بصحة جميع أحاديث الكافي، وإن كان قسم من الإخبارية يعتقدون ذلك..
لكن السواد الأعظم من أهل السنة يصححون ما في البخاري ومسلم، ويصحح أكثرهم غيرهما أيضاً.
جواب المالكي:
ولم يجب حسن بن فرحان المالكي بشيء!!


يتبع>>>

نسألكم الدعاء

خادم الزهراء 05-Aug-2009 11:28 AM

3 ـ مساعدة مجانية..
ثم أرسلت رسالة أخرى للمالكي تضمنت مساعدة مجانية له، هي التالية:
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

إلى حسن بن فرحان المالكي:
قد قلت في جوابك على سؤال (الثقلين) ما يلي:
(ليس عندي شك أن الكذب عند الشيعة من حيث الجملة (الأصولية والأخبارية وشيخية) أعظم من الكذب في جميع الطوائف).

وقلت: (وهي وجهة نظر مبنية على مطالعة لبعض المصادر والمراجع التي رجعت إليها والتي هالني ما فيها من الأكاذيب والخرافات التي تناقض أصرح الشرائع وأبسط العقول).

وقد طلبنا منك تقديم لوائح تبين هذه المكذوبات الموجودة عند الشيعة وعند السنة لكي يصار إلى المقارنة فيما بينها وحيث إن إعداد هذه اللائحة يحتاج إلى وقت وجهد وحيث إن وقتكم ثمين للغاية فقد أحببنا أن نمد لكم يد العون وذلك بتقديم جانب من اللائحة الذي يبين خصوص التصريحات التي صدرت من علماء أهل السنة حول طائفة يسيرة من الأشخاص الذين وضعوا أو قلبوا أحاديث كثيرة هي أكثر من أربعمئة وثمانية آلاف حديث فكيف بما وضعه آلاف الأشخاص من غيرهم ولسوف لن نتعرض لتفاصيل الروايات والخرافات بل سوف نترك ذلك لكم أنتم لأنك أنت الذي ادعيت معرفتك بها وبمقاديرها لدى الفريقين واللائحة التي أقر بها أهل السنة على أنفسهم وعلى بعض أهل نحلتهم قد أوردها العلامة الأميني في كتابه الغدير ج5 ص288/293.

(فقد قال العلامة الأميني (رحمه الله):
قائمة الموضوعات والمقلوبات:
في وسع الباحث أن يتخذ مما ذكر في سلسلة الكذابين من عد ما وضعوه أو قلبوه قائمة تقرب له الوقوف على حساب الموضوعات والمقلوبات من الأحاديث المبثوثة في طيات كتب القوم ومسانيدهم، وإن لم يمكنه عرفان جلها فضلا عن كلها إذ لم يكن هناك ديوان لتسجيل الوضاعين، وضبط ما افتعلوه، وحصر ما لفقوه من موضوع أو مقلوب والذي يوجد في ترجمة شرذمة قليلة من أولئك الجم الغفير إنما هو من لقطات التاريخ حفظته يد الصدفة لا عن قصد وإليك جملة من تلك الثويلة:

الأعلام وعدد الأحاديث:
أبو سعيد أبان بن جعفر وضع أكثر من 300.

أبو علي أحمد الجويباري وضع هو وابنا عكاشة وتميم أكثر من 10000.

أحمد بن محمد القيسي لعله وضع على الأئمة أكثر من 3000.

أحمد بن محمد الباهلي أحاديثه الموضوعة 400.

أحمد بن محمد المروزي قلب على الثقات أكثر من 10000.

أحمد أبو سهل الحنفي أحاديثه المكذوبة 500.

بشر بن الحسين الأصبهاني له نسخة موضوعة فيها 150.

بشر بن عون له نسخة موضوعة نحو 100.

جعفر بن الزبير وضع على رسول الله (صلى الله عليه وآله) 400.

الحارث بن أسامة أخرج أحاديث موضوعة تعد 30.

الحسن العدوي حدث بموضوعات تربو على 1000.

الحكم بن عبد الله أبو سلمة وضع نحو 50.

دينار الحبشي روى عن أنس من الموضوعات قريباً من 100[78].

زيد بن الحسن وضع 40.

زيد بن رفاعة أبو الخير له من الموضوعات 40.

سليمان بن عيسى وضع بضعاً و 20.

شيخ بن أبي خالد البصري وضع 400.

صالح بن أحمد القيراطي لعله قلب أكثر من 10000.

عبد الرحمن بن داود له من الموضوعات 40.

عبد الرحيم بن الفاريابي وضع أكثر من 500.

عبد العزيز موضوعاته ومقلوباته 100.

عبد الكريم بن أبي العوجاء وضع 4000.

عبد الله القزويني وضع على الشافعي نحو 200.

عبد الله القدامي قلب على مالك أكثر من 150[79].

عبد الله الروحي روى من الموضوعات أكثر من 100.

عبد المنعم أخرج من الحديث الكذب نحواً من 200.

عثمان بن مقسم له عند شيبان مما لا يسمع 25000.

عمر بن شاكر له نسخة غير محفوظة نحو 20.

محمد بن عبد الرحمن البيلماني حدث كذباً 200.

محمد بن يونس الكديمي وضع أكثر من 1000.

محمد بن عمر الواقدي روى مما لا أصل له 30000.

معلى[80] بن عبد الرحمن الواسطي وضع 90.

ميسرة بن عبد ربه البصري وضع 40.

نوح بن أبي مريم وضع في فضل السور 114.

هشام بن عمار حدث كذباً 400.

فمجموع موضوعات هؤلاء المذكورين ومقلوباتهم: (98684).

أضف إليها ما تركوا من حديث عباد البصري من 60000.

وما رمي من حديث عمر بن هارون من 70000.

وما رمي من حديث عبد الله الرازي من 10000.

وما ترك من حديث ابن زبالة من 100000.

وما رمي من أحاديث محمد بن حميد من 50000.

وما أسقطوه مما كتبوه من حديث نصر من 20000[81].

المجموع: (408684).

فمجموع ما لا يصح من أحاديث هذا الجمع القليل فحسب يقدر بأربعمائة وثمانية آلاف وستمائة وأربعة وثمانين حديثاً.

ولا يعزب عن الباحث أن هذا العدد إنما هو نزر يسير نظراً إلى ما اختلقته أيدي الافتعال الأثيمة المتكثرة، وكان لجل الكذابين الوضاعين لولا كلهم تآليف تحوي شتات ما لفقوه مما لا يحد ولا يقدر، والتاريخ لم يحفظ لنا شيئاً منها غير الإيعاز إليها في تراجم جمع من مؤلفيها كما مر من أقوالهم:

أحمد بن إبراهيم المزني، له نسخة موضوعة.

أحمد بن محمد الحماني، صنف في مناقب أبي حنيفة كلها موضوعة.

إسحاق بن محمشاذ، له مصنف في فضائل ابن كرام كلها موضوعة.

أيوب بن مدرك الحنفي، له نسخة موضوعة.

بريه بن محمد البيع، له كتاب أحاديثه موضوعة.

الحسن بن علي الأهوازي، صنف كتاباً أتى بالموضوعات.

الحسين بن داود البلخي، له نسخة أكثرها موضوع.

داود بن عفان، له نسخة موضوعة على أنس.

زكريا بن دريد، له نسخة كلها موضوعة.

عبد الرحمن بن حماد، عنده نسخة موضوعة.

عبد العزيز بن أبي زواد، عنده نسخة موضوعة.

عبد الكريم بن عبد الكريم، له كتاب موضوع.

عبد الله بن الحارث، له نسخة كلها موضوعة.

عبد الله بن عمير القاضي، له نسخة موضوعة على مالك.

عبد المغيث بـن زهير الحنبلي، لـه جزء موضوع في فضائل يزيد.

عبيد بن القاسم، له نسخة موضوعة.

العلاء بن زيد البصري، له نسخة موضوعة.

لاحق بن الحسين المقدسي، كتب من حديثه الموضوع زيادة على خمسين جزءاً.

محمد بن أحمد المصري، له نسخة موضوعة.

محمد بن الحسن السلمي، ألف كتباً تبلغ مائة كتاب.

محمد بن عبد الواحد الزاهد، له جزء في فضايل معاوية.

محمد بن يوسف الرقي، وضع نحواً من ستين نسخة.

موسى بن عبد الرحمن الثقفي، وضع كتاباً في التفسير.

وعلى القارئ أن يتخذ هذا مقياساً ويقدر به موضوعات جميع من ذكرناه من الكذابين والوضاعين ومقلوباتهم ومن لم نذكرهم، فلا يستكثر عندئذٍ قول يحيى بن معين: كتبنا عن الكذابين وسجرنا به التنور وأخرجنا به خبزاً نضيجا[82].

وقول البخاري صاحب الصحيح: أحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح[83].

وقول إسحاق بن إبراهيم الحنظلي: إنه حفظ أربعة آلاف حديث مزورة[84].

وقول يحيى بن معين: أي صاحب حديث لا يكتب عن كذاب ألف حديث؟[85].

وقول الخطيب البغدادي: لأهل الكوفة وأهل خراسان من الأحاديث الموضوعة والأسانيد المصنوعة نسخ كثيرة، وقل ما يوجد بحمد الله في محدثي البغداديين ما يوجد في غيرهم من الاشتهار بوضع الحديث والكذب في الرواية[86].

وقول أبي بكر بن أبي سبرة الوضاع الكذاب: عندي سبعون ألف حديث في الحلال والحرام[87].

وقد عد الفيروز آبادي صاحب (القاموس) في خاتمة كتابه (سفر السعادة) واحداً وتسعين باباً توجد فيها أحاديث كثيرة في كتبهم فقال: ليس منها شيء صحيح ولم يثبت منها عند جهابذة علماء الحديث.
وذكر العجلوني في خاتمة كتابه (كشف الخفاء) جملة من الموضوعات والوضاعين والكتب المزورة وعد في ص 419 ـ 424 مائة باب ـ أكثرها في الفقه ـ وقال بعد كل باب: لم يصح فيه حديث. أو: ليس فيه حديث صحيح. وما يقرب من ذلك.

وعد ابن الحوت البيروتي في (أسنى المطالب) ما يربو على ثلاثين مبحثاً مما يرى الأحاديث الواردة فيه باطلاً لم يصح شيء منها. ويعرب عن كثرة الموضوعات اختيار أئمة الحديث أخبار تآليفهم الصحاح والمسانيد من أحاديث كثيرة هائلة والصفح عن ذلك الهوش الهائش. قد أتى أبو داود في سننه بأربعة آلاف وثمان مائة حديثٍ وقال: انتخبته من خمسمائة ألف حديث[88]، ويحتوي صحيح البخاري من الخالص بلا تكرار ألفي حديث وسبعمائة وواحد وستين حديثاً اختاره من زهاء ستمائة ألف حديث[89]، وفي صحيح مسلم أربعة آلاف حديث أصول دون المكررات صنفه من ثلاثمائة ألف[90] وذكر أحمد بن حنبل في مسنده ثلاثين ألف حديث وقد انتخبه من أكثر من سبعمائة وخمسين ألف حديثٍ وكان يحفظ ألف ألف حديث[91]، وكتب أحمد بن الفرات المتوفى 258: ألف ألف وخمسمائة ألف حديث فأخذ من ذلك ثلثمائة ألف في التفسير والأحكام والفوائد وغيرها. صه ص 9)[92].
انتهى كلام العلامة الأميني (رحمه الله).

جواب المالكي:
ولم يجب حسن بن فرحان المالكي بشيء!!

[78] وقد قال ابن عدي فيه: يقدر أن يروي عنه عشرون ألفاً كلها كذب.
[79] لسان الميزان للعسقلاني: ج 3 ص 336.
[80] في بعض المصادر: يعلى.
[81] مر تفصيل ما في هذه القائمة في ترجمة رجالها في سلسلة الكذابين.
[82] تاريخ الخطيب البغدادي: 4/ 184.
[83] إرشاد الساري للقسطلاني في شرح صحيح البخاري ج 1/33.
[84] تاريخ الخطيب البغدادي: 6/ 352.
[85] تاريخ بغداد للبغدادي: 1 / 43.
[86] تاريخ بغداد للبغدادي: 1/ 44.
[87] تهذيب التهذيب: 12/ 27.
[88] طبقات الحفاظ للذهبي ج2 ص154، وتاريخ بغداد ج9 ص57، والمنتظم لابن الجوزي ج5 ص97..
[89] تاريخ بغداد: ج2 ص8 وإرشاد الساري1 ص28، صفة الصفوة 4 ص143.
[90] المنتظم لابن الجوزي5 ص32، طبقات الحفاظ للذهبي2 ص151/157، شرح صحيح مسلم للنووي ج 1 ص32.
[91] ترجمة أحمد المنقولة عن طبقات ابن السبكي المطبوعة في آخر الجزء الأول من مسنده، طبقات الذهبي 2 ص17.
[92] الغدير ج5 ص288/293.


يتبع>>>

نسألكم الدعاء

خادم الزهراء 06-Aug-2009 11:47 AM

2 ـ التقية.. و الصدق في القول
السؤال رقم (9):
سأل الأخ الأشتر..
الأخ أبو مالك السلام عليكم..

سؤالي واستفساري هو:
الآن وبعد أن وصلتم مع السيد علي نعمان الصدر إلى هذه المرحلة من الحوار هل لا تزال على قناعة بأن الشيعة من أكذب الطوائف؟

وهل تغيرت وجهة نظرك عن الشيعة خاصة أننا وجدنا في كتاباتك أكثر من مرة مقولة (غلاة الشيعة) فهل لك أن تبين لنا وتعرف لنا من هم غلاة الشيعة؟

وهل تغيرت النظرة بعد أن انتهيتم من نقطة الحوار حول الغلاة والغلو مع السيد الصدر؟

أجاب المالكي:
الأخ الأشتر:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..

أولاً: سبق أن كررت حتى مللت بأنني لم أقل إن الشيعة أكذب الطوائف وإنما قلت بأن الكذب الموجود عند الشيعة يفوق الكذب الموجود عند سائر الطوائف، وأترك لك التفريق بين العبارتين أو متابعة الأخ الصدر على خلط العبارتين.

أما عن قناعاتي حالياً فما زالت على ما هي عليه لا أقولها مكابرة لكن لم يأتِ الأخوة المعارضون لهذه العبارة بشيء مقنع.

كما أن الحوار مع الأخ الصدر لم ينته لأن الأخ الكريم كما ترى يطيل المسألة في غير موضوع النزاع، والغلو والكذب سبق أن ذكرت تعريفهما في منتدى الأخوة في (هجر) فيمكنك مراجعته، وسأعود لكتابة نقاط مختصرة هناك لذلك سأترك بقية الكلام لتلك المناسبة.

لكنني أختصر المسألة وأقول:
ليست المسألة مسألة فلان وفلان فإذا تفنن (الطرفان السني والشيعي) المراوغة والتحدث بلسان الجماعة (معتدلوها وغلاتها) فلن يكون هناك تقارب.

وأنا نصحت في حوارات سابقة بأن يصحح الفرد نيته ويصدع بالحق وإن خالف طائفته، فإن زعم هذا ورأينا فيه المكابرة والمغالطة وإظهار خلاف ما يبطن فليقسم على أن قوله يوافق اعتقاده فهذا يخفف من التقية والمراوغة والمكابرة.. التي يتبادل الطرفان الاتهام بها.

وكان الرد على المالكي ما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..

إلى الأخ حسن بن فرحان المالكي..

تعليقاً على جوابك على الأخ الأشتر نقول:
زعمت أن الكذب موجود عند الشيعة ويفوق ما عند سائر الطوائف..

ونقول لك: هل قمت بإحصائية أثبتت لك ذلك؟! فإن كان ذلك فأظهر هذه الإحصائية؟! وإلا فإن كلامك هذا ما هو إلا رجم بالغيب لا يغني من الحق شيئاً..

وهذا يفتح الباب لغيرك ليقابلك بالمثل.. ولعله قادر على أن يأتيك بإحصائيات.. على ذلك.. وكتب الموضوعات كاللآلئ المصنوعة وغيره. وكذلك كتب الجرح والتعديل كميزان الاعتدال وغيره، عند السنة تشهد على حقيقة أن هذا الاتهام هو من أعداء الشيعة ضدهم.

والأغرب من ذلك: قولك بالفرق بين عبارة (الشيعة أكذب الطوائف)، وبين عبارة (الكذب عند الشيعة يفوق الكذب عند سائر الطوائف)، فهل نشأت كثرة الكذب عندهم إلا من كونهم أكذب الطوائف؟ فإن أكذب الناس إنما يعرف بكثرة ما صدر عنه من كذب.

إلا أن تدعي أن شخصاً واحداً أو أشخاصاً معدودين قد جلسوا كذبوا هذا الكم الهائل الذي به فاق الكذب عند الشيعة الكذب لدى غيرهم..

وأما قولك: لم يأت الإخوة المعارضون لهذه العبارة بشيء مقنع..

نقول فيه: هل جئت بدليل على مدعاك في هذه العبارة؟! وهل هي إلا مجرد دعوى؟ فحالهم معك كحال ذلك الذي يقول: (نصف الدنيا هنا، فإن لم تصدق فاذرع.. وإذا لم تذرع فأنا صادق وأنت كاذب..).

وقلت: إن أسلوب المراوغة والتحدث بلسان الجماعة لا يكفي، بل لا بد من الصدع بالحق..

ونقول:
قد رأينا: أنك تتهرب من البحث العلمي وتقول: هذا لقاء، وليس موضعاً للبحوث العلمية[93].

وها أنت لا زلت تزجي الاتهامات للشيعة بالغلو والخطأ في التوحيد، وبأن الكذب عندهم يفوق ما عند سائر الطوائف..

ونحن نقبل بنصيحتك بأن نصدع بالحق، فإذا فعلنا ذلك اتهمتنا بالغلو، أو بالكذب.. أو بالتعصب المذهبي. أو بغير ذلك مما ورد في قاموس شتائمك الذي نقرأ شطراً منه في أجوبتك المختلفة، على صفحات هذه الشبكة بالذات.

وأما التقية التي تتهمنا بها فإن أهل السنة يعملون بها أكثر من الشيعة وفي كتاب الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) طائفة من الأدلة والشواهد على ذلك، فراجعه بدقة. فإن كان ثمة من حاجة إلى القَسَم فأهل السنة أول من يجب أخذهم به. بل لابد من تغليظ القَسَم عليهم بذلك، لأنهم يعلنون براءتهم من التقية، وعملهم بها أفراداً وجماعات كالنار على المنار..

أما الشيعة فتلك هي كتبهم تلهج بمعتقداتهم، وتطفح بأدلتهم رغم الأخطار التي واجهوها في هذا السبيل..

ونذكر لك هنا طائفة من الشواهد على عمل أهل السنة بالتقية..

ونقول:
1 ـ إن ما جرى لعمار ونزول الآية فيه دليل على مشروعية التقية، إذا خاف الإنسان على نفسه وماله.

وقد صرحوا بجواز التقية وإظهار الموالاة حتى للكفار، إذا خيف على النفس التلف، أو تلف بعض الأعضاء، أو خيف من ضرر كبير يلحق الإنسان في نفسه[94].

بل لقد قال محمد بن عقيل: (التقية مما أجمع المسلمون على جوازه، وإن اختلفت تسميتهم لها، فسماها بعضهم بالكذب لأجل الضرورة أو المصلحة، وقد عمل بها الصالحون، فهي من دين المتقين الأبرار. وعكس القول فيها كذب ظاهر)[95].

2 ـ ويدل على ذلك أيضاً قوله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلاَ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً}[96].

3 ـ قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأرْضِ} إلى قوله[97] {عَفُوّاً غَفُوراً}[98]، وقال: {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً}[99].

قال البخاري: (فعذر الله المستضعفين الذين لا يمتنعون من ترك ما أمر الله، والمكره لا يكـون إلا مستضعفا غير ممتنع مـن فـعل ما أمـر بـه)[100].

ملاحظة:
الآية موجودة كما في سورة النساء الآية 97 ولكن الفقرة الأخيرة غير موجودة فيها ولا في الآيات بعدها لكن البخاري قد ذكرها كذلك. فذكرناها حسبما هي فيه رعاية لأمانة النقل عنه.

4 ـ وقال تعالى: {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ}[101].

والقول بأن هذه الآية قد نسخت لا مثبت له، بل لقد روي عن الإمام الباقر (عليه السلام) ما يدل على خلاف ذلك، فقد روى الكليني عن عبد الله بن سليمان، قال: (سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول ـ وعنده رجل من أهل البصرة، يقال له: عثمان الأعمى، وهو يقول: إن الحسن البصري يزعم: أن الذين يكتمون العلم يؤذي ريح بطونهم أهل النار. فقال أبو جعفر (عليه السلام): فهلك إذاً مؤمن من آل فرعون، ما زال العلم مكتوماً منذ بعث الله نوحاً (عليه السلام)؟ فليذهب الحسن يميناً وشمالاً؟ فوالله ما يوجد العلم إلا هاهنا)[102].

فاستدلال الإمام بالآية يدل على أن عدم كونها منسوخة كان متسالماً عليه لدى العلماء آنئذٍ.

وأما من السنة، فنذكر:
1 ـ عن أبي ذر، عنه (صلى الله عليه وآله): (ستكون عليكم أئمة يميتون الصلاة، فإن أدركتموهم فصلوا الصلاة لوقتها، واجعلواً صلاتكم معهم نافلة)[103].

وثمة حديث آخر بهذا المعنى فليراجع[104].

2 ـ ما جاء: أن مسيلمة الكذاب أتي برجلين، فقال لأحدهما: (تعلم أني رسول الله؟ قال بل محمد رسول الله. فقتله. وقال للآخر ذلك، فقال: أنت ومحمد رسول الله؟ فخلى سبيله. فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: أما الأول فمضى على عزمه ويقينه. وأما الآخر، فأخذ برخصة الله فلا تبعة عليه)[105].

3 ـ ما رواه السهمي عنه (صلى الله عليه وآله): لا دين لمن لا ثقة له[106]. وهو تصحيف على الظاهر، والصحيح: (لا تقية) كما يدل عليه ما رواه شيعة أهل البيت عنهم (عليهم السلام)[107].

4 ـ قصة عمار بن ياسر المعروفة، وقول النبي (صلى الله عليه وآله) له: إن عادوا فعد. وهي مروية في مختلف كتب الحديث والتفسير. وفي هذه المناسبة نزل قوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ}[108].

5 ـ استعمال النبي (صلى الله عليه وآله) نفسه للتقية، حيث بقي ثلاث أو خمس سنوات يدعو إلى الله سراً، وهذا مجمع عليه، ولا يرتاب فيه أحد، وإن كنا قد ذكرنا: أن الحقيقة ليست هي ذلك.

6 ـ إن الإسلام يخير الكفار في ظروف معينة بين الإسلام والجزية، والسيف.

وواضح: أن ذلك إغراء بالتقية، لأن دخولهم في الإسلام في ظروف كهذه لن يكون إلا لحقن دمائهم، وليس عن قناعة راسخة. وهذا نظير قبول المنافقين في المجتمع الإسلامي، وتآلفهم على الإسلام، على أمل أن يتفاعلوا مع هذا الدين، ويستقر الإيمان في قلوبهم.

7 ـ وحين فتح خيبر قال حجاج بن علاط للنبي (صلى الله عليه وآله) إن لي بمكة مالاً وإن لي أهلاً وإني أريد أن آتيهم فأنا في حل إن أنا نلت منك وقلت شيئاً؟! فأذن له رسول الله أن يقول ما شاء[109].

وأما التقية في التاريخ:
فنذكر على سبيل المثال:

1 ـ إن رجلاً سأل ابن عمر فقال: (أدفع الزكاة إلى الأمراء؟ فقال ابن عمر: ضعها في الفقراء والمساكين. قال: فقال لي الحسن: ألم أقل لك: إن ابن عمر إذا أمن الرجل قال: ضعها في الفقراء والمساكين؟؟)[110].

2 ـ وقد ادعوا: أن أنس بن مالك قد روى حديث القنوت قبل الركوع تقية من بعض أمراء عصره[111].

3 ـ وحين شاور العباس بن الحسن كتابه وخواصه فيمن يولون الخلافة بعد موت المكتفي، أشار عليه ابن الفرات بأن ينفرد بكل واحد منهم فيعرف رأيه وما عنده فإما أن يقول كل واحد رأيه بحضرة الباقين.

فربما كان عنده ما يسلك سبيل التقية في كتمانه وطيه.

قال: صدقت. ثم فعل ما أشار به عليه[112].

4 ـ تقية النبي (صلى الله عليه وآله) والحمزة في بيعة العقبة. وستأتي نصوصها في فصل مستقل.
5 ـ عن أيوب قال: ما سألت الحسن عن شيء قط ما سألته عنها (أي عن الزكاة). قال: فيقول لي مرة: أدها إليهم. ويقول لي مرة: لا تؤدها إليهم[113] أي للأمراء.

إلا أن يقال: إن هذا التردد من الحسن، إنما هو لأجل عدم وضوح الحكم الشرعي له، جوازاً أو منعاً.
6 ـ وفي خطبة لمحمد بن الحنفية: (لا تفارق الأمة، اتق هؤلاء القوم (يعني الأمويين) بتقيتهم. ولا تقاتل معهم. قال: قلت: وما تقيتهم؟ قال: تحضرهم وجهك عند دعوتهم؟ فيدفع الله بذلك عنك، وعن دمك ودينك وتصيب من مال الله الذي أنت أحق به)[114].

7 ـ استفتي مالك بالخروج مع محمد بن عبد الله بن الحسن، وقيل له: في أعناقنا بيعة لأبي جعفر المنصور. فقال: إنما بايعتم مكرهين. وليس على مكره يمين[115].

8 ـ ونقل القرطبي، عن الشافعي، والكوفيين: القول بالتقية عند الخوف من القتل، وقال: (أجمع أهل العلم على ذلك)[116].

9 ـ عن حذيفة قال: كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: أحصوا لي كم يلفظ الإسلام. قال: فقلنا: يا رسول الله، أتخاف علينا ونحن ما بين الستمائة إلى السبعمائة؟ قال: إنكم لا تدرون لعلكم أن تبتلوا.

قال: فابتلينا حتى جعل الرجل منا لا يصلي إلا سراً[117].

وحذيفة قد مات بعد البيعة لعلي (عليه السلام) بأربعين يوما، فهذا النص يدل على أن الناس المؤمنين كانوا قبل ذلك يعيشون في ضغط شديد، وأن الذين يسيطرون على الشارع هم الناس الذين كانوا يحقدون على الدين والمتدينين، ويهزؤون ويحاربون كل شيء يمت إلى الدين بصلة.

10 ـ لقد اتقى عامة أهل الحديث، وكبار العلماء وأجابوا إلى القول بخلق القرآن، وهم يعتقدون بقدمه، ولم يمتنع منهم إلا أحمد بن حنبل، ومحمد بن نوح[118].

وحتى أحمد؟ فإنه قد تاقى في ذلك، فكان إذا وصل إلى المخنق قال: ليس أنا بمتكلم. كما أنه حين قال له الوالي: ما تقول في القرآن أجاب: هو كلام الله، قال: أمخلوق هو؟ قال: هو كلام الله لا أزيد عليها[119].

بل قال اليعقوبي: إنه لما سئل أحمد عن ذلك قال: (أنا رجل علمت علماً ولم أعلم فيه بهذا. وبعد المناظرة وضربه عدة سياط، عاد إليه إسحاق بن إبراهيم فناظره، فقال له: فيبقى عليك شيء لم تعلمه.

قال: بقي علي.

قال: فهذا مما لم تعلمه؟ وقد علمكه أمير المؤمنين.

قال: فإني أقول بقول أمير المؤمنين.

قال: في خلق القرآن؟

قال: في خلق القرآن.

قال: فأشهد عليه، وخلع عليه، وأطلقه إلى منزله)[120].

مع أنه هو نفسه يقول: إن من قال: القرآن كلام الله، ووقف؟ فهو من الواقفة الملعونة[121].

وقد عمل ابن الزبير بالتقية في مواجهة الخوارج[122].
واتقى أيضاً الشعبي ومطرف بن عبد الله من الحجاج.

واتقى عرباض بن سارية ومؤمن الطاق من الخوارج وصعصعة بن صوحان من معاوية[123].

وممن استعمل التقية في قضية خلق القرآن إسماعيل بن حماد، وابن المديني، وكان ابن المديني يلزم مجلس القاضي أبي دؤاد المعتزلي، ويقتدي به في الصلاة، ويجانب أحمد بن حنبل وأصحابه[124].

11 ـ ويقولون: إن إبراهيم (عليه السلام) عندما سأله ذلك الحاكم الجبار عن امرأته قال: (هذه أختي) وذلك في الله[125]. فراجع.

12 ـ وعن عبيد الله بن معاذ العنبري، عن أبيه قال: (كتبت إلى شعبة أسأله عن أبي شيبة، قاضي واسط، فكتب إلي: لا تكتب عنه، ومزق كتابي)[126].

13 ـ وقد عمل صعصعة بالتقية في خطبته في قصة خروج المستورد أيام معاوية[127].

14 ـ وفي غارة بسر بن أبي أرطاة على المدينة، وشكوى جابر بن عبد الله الأنصاري لأم سلمة زوج النبي: أنه خشي أن يقتل، وهذه بيعة ضلال، قالت: إذن، فبايع؟ فإن التقية حملت أصحاب الكهف على أن كانوا يلبسون الصلب ويحضرون الأعياد مع قومهم[128].

15 ـ وقد خطب الإمام الحسين (عليه السلام) مؤبناً أخاه الحسن السبط (عليه السلام) حينما توفي، فكان مما تمدحه به: أنه قد آثر الله عند مداحض الباطل، في مكان التقية بحسن الروية[129].

16 ـ والإمام الحسين (عليه السلام) لم يستجب لأهل الكوفة حينما طلبوا منه القيام ضد معاوية بعد سم الإمام الحسن (عليه السلام).

وله موقف آخر (عليه السلام) يؤيد فيه موقف أخيه القاضي بعدم الثورة على معاوية ما دام حيا. فراجع[130].

17 ـ قال الحسن (البصري): (التقية إلى يوم القيامة)[131].

18 ـ وقال البخاري: (وقال ابن عباس: في من يكرهه اللصوص، فيطلق، ليس بشيء. وبه قال ابن عمر، وابن الزبير، والشعبي، والحسن)[132].

19 ـ وقال البخاري أيضاً: (يمين الرجل لصاحبه: أنه أخوه، إذا خاف عليه القتل أو نحوه، وكذلك كل مكروه يخاف، فإنه يذب عنه الظالم، ويقاتل دونه ولا يخذله، وإن قاتل دون المظلوم فلا قود عليه ولا قصاص. وإن قيل له: لتشربن الخمر، أو لتأكلن الميتة، أو لتبيعن عبدك، أو تقر بدين، أو تهب هبة أو تحل عقدة، أو لتقتلن أباك، أو أخاك في الإسلام وسعه ذلك إلى أن قال: قال النخعي: إذا كان المستحلف ظالماً فنية الحالف، وإن كان مظلوماً؟ فنية المستحلف)[133].

ولا بأس بمراجعة الشروح على صحيح البخاري على كتاب الإكراه، ففيها توضيحات ومطالب مفيدة في هذا المجال[134].

20 ـ حتى المغيرة بن شعبة فإنه يدعي أنه في عيبه علياً يعمل بالتقية فهو يقول لصعصعة: (هذا السلطان قد ظهر، وقد أخذنا بإظهار عيبه للناس، فنحن ندع كثيراً مما أمرنا به، ونذكر الشيء الذي لا نجد منه بداً ندفع به هؤلاء القوم عن أنفسنا تقية فإن كنت ذاكراً فضله فاذكره بينك وبين أصحابك وفي منازلكم سراً. الخ..)[135].

21 ـ وفي حرب الجمل حمل محمد بن الحنفية على رجل من أهل البصرة، قال: فلما غشيته قال: أنا على دين أبي طالب فلما عرفت الذي أراد كففت عنه[136].

22 ـ ويقول ابن سلام: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمره أن يصلي الصلاة لوقتها ثم يصلي مع الأمراء الذين يؤخرون الصلاة نافلة[137].

23 ـ وقد صرح الخدري بأنه يعمل بالتقية في ما يرتبط بموقفه من علي (عليه السلام) ليحقن دمه من بني أمية واستدل بآية ادفع بالتي هي أحسن السيئة[138].

وقد ذكر في الصراط المستقيم للبياضي ج 3 ص 72 ـ 73 موارد عديدة أخرى فراجع.

جواب المالكي:
ولم يجب حسن بن فرحان المالكي بشيء!!


[93] راجع أجوبتك في موضوع بيعة الزهراء ÷ لأبي بكر، واعترافها بإمامته.
[94] راجع على سبيل المثال: أحكام القرآن للجصاص ج 2 ص 9.
[95] تقوية الإيمان ص 38.
[96] آل عمران 28.
[97] لكن في عبارة البخاري سقط أظهرته ط سنة 1378هـ. القاهرة .. حيث وضعت النقيصة في هامش ص25 ج9 فراجع.
[98] سورة النساء97.
[99] سورة النساء: 75.
[100] صحيح البخاري ط الميمنية ج 4 ص 128.
[101] سورة غافر: 28.
[102] الكافي الأصول ج2 ص 40 ـ 41 منشورات المكتبة الإسلامية، والوسائل ج18 ص8 .
[103] مسند أحمد ج 5 ص 159.
[104] مسند أحمد ج 5 ص 16 و 168.
[105] محاضرات الأدباء للراغب الأصفهاني: ج4 ص 408 ـ 409 وأحكام القرآن للجصاص ج 2 ص 10 وسعد السعود 137.
[106] تاريخ جرجان: ص 201.
[107] راجع: الكافي الأصول: ج2 ص217 ط الآخندي، ووسائل الشيعة: ج 11 ص 465. وراجع: ميزان الحكمة: ج 10 ص666 و667.
[108] النحل / 106. وراجع: فتح الباري: ج 12 ص 277 ـ 278.
[109] دراسات في الكافي والصحيح ص 338 عن السيرة الحلبية.
[110] المصنف للصنعاني ج 4 ص 48.
[111] راجع: المحلى ج 4 ص 141.
[112] الوزراء للصابي ص 130.
[113] الوزراء للصابي ص 130.
[114] طبقات ابن سعد ج 5 ص 7.
[115] مقاتل الطالبيين ص 283، والطبري ط أورپا ج 3 ص 200.
[116] تفسير القرطبي ج 10 ص 181.
[117] صحيح مسلم: ج 1 ص 91، وصحيح البخاري ط سنة 1309 ه‍ـ.. ق: ج 2 ص 116 ومسند أحمد ج 5 ص 384.
[118] تجارب الأمم المطبوع مع العيون والحدائق ص 465.
[119] تاريخ الطبري ج7 ص201 وراجع: آثار الجاحظ ص274، ومذكرات الرماني ص47.
[120] تاريخ اليعقوبي ج2 ص472.
[121] بحوث مع أهل السنة والسلفية ص183 و184 عن: الرد على الجهمية لابن حنبل في كتاب الدومي ص 82 .
[122] راجع العقد الفريد لابن عبد ربه ج 2 ص 393.
[123] العقد الفريد ج 2 ص464 ـ 465.
[124] راجع لسان الميزان ج 1 ص 339 ـ 340 متناً وهامشاً.
[125] صحيح البخاري ط الميمنية: ج 4 ص 291 ومسند أحمد ج 2 ص 304 وأخرجه أبو داود والترمذي، وقصص الأنبياء للنجار: ص 98 ـ 99 ومسند أبي يعلى ج 10 ص 427.
[126] صحيح مسلم: ج1 ص 18 ومعرفة علوم الحديث ص 136.
[127] راجع: بهج الصباغة: ج 7 ص 121.
[128] تاريخ اليعقوبي: ج 2 ص 198.
[129] راجع: تهذيب تاريخ دمشق: ج 4 ص 230 وعيون الأخبار لابن قتيبة: ج2 ص314، وحياة الإمام الحسن× للقرشي: ج1 ص439.
[130] راجع: الأخبار الطوال: ص220 و221 و222.
[131] صحيح البخاري: ج 4 ص 128/ ط الميمنية.
[132] صحيح البخاري: ج 4 ص 128.
[133] صحيح البخاري: ج 4 ص 128.
[134] راجع: عمدة القاري: ج 24 ص 95 ـ 108، وفتح الباري ج13 ص277 ـ 289، وإرشاد الساري: ج 10 ص 93 ـ 102.
[135] تاريخ الأمم والملوك ج 4 ص 12.
[136] الطبقات الكبرى لابن سعد ج 5 ص 67.
[137] تهذيب تاريخ دمشق ج 6 ص 205.
[138] سليم بن قيس ص 53، مؤسسة البعثة ـ قم ـ إيران.


يتبع>>>

نسألكم الدعاء

خادم الزهراء 20-Aug-2009 02:48 PM

الفصل الرابع: النصب.. والمغالاة..

وحيادية المالكي

بداية هذا الفصل:

قد ظهر من الفصول السابقة مدى حيادية المالكي(!!)


وهو الذي ما فتئ يهاجم محاوريه من الشيعة في عقائدهم، وفي نواياهم، وفي مذاهبهم، حتى اعتبرهم ـ كما سبق ـ أكذب الفرق ـ .. مع أنه لم يجد لديهم إلا اللطف، والمحبة، والرفق، والأناة، والاحترام.. كما هو ظاهر من الرسائل المتبادلة في هذا الحوار معهم.

وقد ظهر مما تقدم جانب من اتهاماته لهم وقسوته عليهم..

وتجد في هذا الفصل وسائر الفصول الآتية ما يوضح هذه الحقيقة أيضاً.. فاقرأ، واعجب ـ بعد هذا ـ ما بدا لك!!..

1 ـ متى بدأ الرفض والنصب؟

السؤال رقم (10):
سأل الأخ كريم:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أود أن اشكر سماحتكم على تلبية دعوات المنتديات الشيعية للحوار الهادف والبناء. كما أود أن أشكر القائمين على هذا المنتدى المبارك. سيدي الكريم:

مصطلحي الرفض والنصب من المصطلحات المطروحة على الساحة المذهبية في الإسلام منذ زمن بعيد.

لكن متى بدأ النصب؟؟

ومتى بدأ الرفض؟؟

هل بمجرد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ؟

هل أيام خلافة عثمان؟

وهل كان النصب ردة فعل للرفض أم العكس؟؟

أرجو منك أن تفرد النصب في جواب والرفض في جواب ودمتم لنا وللمسلمين ذخراً إن شاء الله.

أجاب المالكي:
الأخ كريم:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..

النصب بدأ كتيار من عهد معاوية فهو مؤسس النصب في الإسلام.

أما الرفض فبدأ من بعض أتباع الإمام علي فيما يبدو لكن يبدو أنه تبلور من عهد المختار الثقفي.
وإذا كان النصب هو بغض الإمام علي فقد بدأ من أفراد في عهد النبي (ص) وكان من هؤلاء بريدة بن الحصيب فلذلك سأله النبي (ص): (هل تبغض عليا؟ قال: نعم، قال لا تبغضه وإن كنت تحبه فازدد له حباً) الحديث حسن وهو في فضائل الصحابة للإمام أحمد وخصائص النسائي.

لكن بريدة انتهى عنه بنهي النبي (ص) ويبدو أن خالد بن الوليد رحمه الله كان على رأي بريدة بدليل قول بريدة (صحبت رجلاً من قريش لم أصحبه إلا على بغض علي) يقصد عندما بعثهم النبي (ص) إلى اليمن وقد جاء التصريح بخالد في أحاديث أخرى، ونرجو أن يكون خالد قد رجع كما رجع بريدة، أو بما سمعه من فضائل علي وعمار، فقد جرت خصومة بين خالد وعمار فنهى النبي (ص) خالداً فانتهى، فلعل الخصومة كانت بسبب حب علي وبغضه، وكان عمار من موالي بني مخزوم قوم خالد..
أما النصب ـ كأفراد أيضاً ـ فقد كان موجوداً في زمن النبي (ص) ولذلك كان بعض الأنصار كأبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله يقولون (لم نكن نعرف منافقينا معشر الأنصار إلا ببغضهم علياً) وسند الحديث صحيح وهو في الفضائل لأحمد ومستدرك الحاكم وغيرهما..

لكن الرفض كتيار يبدو أنه بدأ من عهد المختار، ويحتاج الأمر لبحث أما النصب كتيار فواضح أنه بدأ مع سب علي على المنابر وكان هذا في عهد معاوية وبعلمه وأمره.

وقد ذكر الذهبي في ترجمة معاوية في النبلاء أن أهل الشام نشأوا مع معاوية (على النصب) وهذا صريح بأن معاوية كان رأس النصب، لكن الذهبي رحمه الله خشي التصريح بهذا وإلا فالعبارة واضحة في هذا لمن تأملها بلا تعصب وقيمة هذه العبارة من الذهبي كون الذهبي يعتبر من علماء الشام الذين لحقهم اليسير من النصب، وهذا من الاجتهاد المغفور إن شاء الله.

أرى الرفض ردة فعل للنصب وليس العكس، لأن النصب هو البادئ بسب علي على المنابر وكانت للنصب دولة كاملة مستبدة فهذا يولد الضغط على الطرف المخالف حتى الغلو.

وكان الرد على المالكي كما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..

تعليقاً على إجابتك على سؤال كريم.. أقول..

1 ـ ذكرت أن الرفض تبلور في أيام المختار..

ونقول: لماذا في أيام المختار، وليس في أيام خلافة علي(عليه السلام)؟! بعد أن ظهرت العداوة لعلي (عليه السلام)، حتى أعلنوا عليه الحروب، وهموا به الهموم. وقتلوا من جيشه عشرات الألوف، ولو أنهم قدروا عليه لم ينج منهم.

بل لماذا لا يكون ظهوره في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ وذلك حين ظهر بغض بريدة، وخالد, وحب وموالاة عمار، وغيره لعلي (عليه السلام).

وما هو الدليل على ظهور الرفض في أيام المختار؟ هل لأنه قتل قتلة الحسين (عليه السلام)؟ أم لأجل ظهور التوابين؟ أم ماذا؟

2 ـ وأما عن رجوع خالد بن الوليد عن بغض علي، ورجائك ذلك، فقد ظهر هذا الرجوع في مهاجمته بيت الزهراء(عليها السلام)، وضربه لها ـ كما ظهر من بعض النصوص..

3 ـ ما هذا الرجم بالغيب في قولك: لعل الخصومة بين خالد وعمار قد كانت في حب علي وبغضه؟! وهل لديك دليل على ذلك؟!

4 ـ إن قولك: أما النصب كأفراد أيضاً، فقد كان موجوداً في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) ـ لا ينسجم مع الرواية التي ذكرتها عن أبي سعيد الخدري وجابر: (لم نكن نعرف منافقينا معشر الأنصار إلا ببغضهم علياً) فإن كلمة (منافقينا) وكلمة (ببغضهم علياً) تشير إلى جماعة تبغض وليس إلى أفراد..

5 ـ لماذا اعتبرت أن النصب كتيار بدأ حين سب علي على المنابر.. ولم تعتبر بدايته من حين شن الحروب على علي (عليه السلام) في الجمل وصفين؟! أو قبل ذلك، مما كان له دور في تأسيس بغضه.

6 ـ ولماذا اعتبرت معاوية رأس النصب، ولم تعتبر من سبقه إلى حرب علي في الجمل رأساً للنصب؟! وكذا من سبقه إلى بغض علي من عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبعده _ كخالد _ رأساً للنصب؟!

7 ـ قولك: إن هذا من الاجتهاد المغفور للذهبي لم نعرف له وجهاً، فهل أطلعك الله على غيبه، وعرفك بمن غفر له، وبمن لم يغفر له؟..

8 ـ ما معنى قولك: إنك ترى الرفض ردة فعل للنصب؟ فهل حب علي ردة فعل؟.. أم هو امتثال لأمر الله في القرآن، ولأوامر رسوله (صلى الله عليه وآله)؟! التي تحدثت عن حب علي (عليه السلام) وأمرت به بما لا مزيد عليه.. وقد رواها علماء أهل السنة..

وأما تعليلك ذلك بأن النصب كان هو البادئ بسب علي على المنابر، فهو عجيب. فلماذا لا يكون الرفض امتثالاً لأوامر الرسول (صلى الله عليه وآله) هو الأسبق والبادئ بذلك..

جواب المالكي:
ولم يجب حسن بن فرحان المالكي بشيء!!

يتبع>>>

نسألكم الدعاء

خادم الزهراء 20-Aug-2009 02:51 PM

2 ـ عصمة الأئمة (عليهم السلام) وعدالة الصحابة!!

السؤال رقم (11):
سأل نون:

هل تميلون إلى الرأي الذي يقول إن نظرية عصمة الأئمة (أئمة الشيعة الإمامية) جاءت كرد فعل لنظرية عدالة الصحابة الأموية.

أجاب المالكي:
النظريتان (عدالة الصحابة) و (عصمة الأئمة) لا يثبتان عند التحقيق العلمي.


فالشيعة مختلفون في معنى العصمة وعدد المعصومين، والسنة مختلفون في معنى (العدالة) وتعريف الصحابي.

لكن لا أظن أن عصمة الأئمة هي نتيجة ردة فعل لنظرية عدالة الصحابة ولا أستبعد هذا أيضاً، فهذا يخضع للبحث.

وكان الرد على المالكي كما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..

وأما جوابك عن السؤال الثاني (أي السؤال السابق) وقولك: إن نظرية عصمة الأئمة لا تثبت عند التحقيق فنقول فيه:
إن هذا مجرد دعوى منك، والدليل الذي قدمته عليه وهو أن الشيعة مختلفون في معنى العصمة.. لا يصلح دليلاً على بطلان نظرية العصمة، فإن الاختلاف في معناها لا يوجب بطلانها..

ولا ندري ماذا تقصد من الاختلاف في معناها.

فإن كنت تقصد الاختلاف في ما يحقق العصمة، فذلك لا يقدح في ثبوتها بعد قيام الدليل على هذا الثبوت.

وإن كنت تقصد الاختلاف في دائرتها سعة وضيقاً، فذلك أيضاً لا يبطل الدليل القائم عليها، بل ينظر إلى المقدار الذي دل عليه ذلك الدليل فيؤخذ به.. ولو كان مجملاً من هذه الجهة اقتصر على القدر المتقين..

وإن كنت تقصد الاختلاف في عدد المعصومين بين الإمامية والزيدية وغيرهم.. فالإمامية لا يختلفون في ذلك، بل هم يقولون بعصمة النبي (صلى الله عليه وآله) والزهراء، والأئمة الاثني عشر (عليهم السلام). ولا يعنيهم ما يذهب إليه غيرهم من فرق المسلمين بعد قيام الدليل القاطع للعذر عندهم على ذلك. وقد ظهر من كلامك: أن الاختلاف الذي تعنيه هو هذان الأخيران فقط.

وقد عرفت: أنه لا يصلح دليلاً على بطلان العصمة، ولا على أنها لا تثبت أمام التحقيق.

جواب المالكي:
ولم يجب حسن بن فرحان المالكي بشيء!!

يتبع>>>

نسألكم الدعاء

خادم الزهراء 20-Aug-2009 02:56 PM

3 ـ الإنصاف للصحابة قليل عند الشيعة..
السؤال رقم (12):
سأل نون:
ما هو السبب الحقيقي وراء رفضك للتقليد وقيامك بمشروع إعادة كتابة التاريخ ألا تعتقد أن هذا يغضب السلطة وفيه الكثير من المخاطر.

أجاب المالكي:
سبب مشروع (نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي) كان بسبب التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، فقد كنا نعلم (النصب) باسم (السنة) ربما جهلا بالنصب والسنة معاً فدفعني هذا لإعادة قراءة الموقف السني من النصوص الشرعية والروايات الصحيحة فوجدت عندنا (نحن السنة) خيراً كثيراً لكنه مدفون بفعل الخصومات بين السنة والشيعة وحتى لا أجاملكم أقول: إن الإنصاف للصحابة داخل المصادر الشيعية قليل جدا قياسا بالإنصاف الموجود داخل مدونات السنة والحديث.
وهذا لا يعني أنني أتنصل من (النصب المتسلل) داخل السنة فهذا موجود وقد أنكرناه وننتظر أن تقوم خطوات مماثلة داخل الشيعة وأظن من يقوم بهذا ستكون مهمته أصعب من مهمتي لأن الإنصاف قليل ـ في وجهة نظري ـ كما سبق.

والدليل على كلامي أنه لو أراد سني أن يعرف فضل أهل البيت لوجده داخل مدونات السنة، بينما لو يحاول أن يجد فضل أبي بكر وعمر والمهاجرين والأنصار داخل المصنفات الشيعية فهذا صعب جدا اللهم إلا الزيدية فالباحث يجد في كتبهم إنصافا للصحابة.

الإنصاف هنا أو هناك لا أقصد به (عصمة الأئمة) ولا (عدالة جميع الصحابة) وإنما الثناء على أهل الفضل والعدل دون مغالاة، وذم المسرفين على أنفسهم دون التجاوز إلى الفضلاء، وهذا الكلام عام أيضا قد لا يقنع سنيا ولا شيعيا لكن التفصيل يطول.

لكن الخطأ الذي وقع فيه الشيعة الإمامية اعتبارهم السنة طرفاً مخاصماً لأهل البيت وعلى هذا احتجوا على السنة بالأحاديث الضعيفة والموضوعة التي رواها أهل السنة في فضل أهل البيت وهذا لا يلزم السنة لأن بعضهم روى الموضوعات في فضل جميع الصحابة وكان كثير من أهل الحديث ثواراً ضد الظلم الأموي والعباسي وكانوا تحت راية أهل البيت فلو جاء ناصبي ليقول إن أهل الحديث أعداؤنا لكانت حجته هي حجة الإمامية لأن النواصب (الغلاة) لن يلتزموا بما رواه أهل الحديث في فضل أهل البيت وذم بني أمية، وسيكون لهم مصنفاتهم التي تنقل الغلو في معاوية وبني أمية ولا تنقل فضل أهل البيت المروي بالأسانيد الصحيحة من وصف بالسنة شيعي أيضاً (كذا ورد في إجابته) لكن الذي ساعد على تمكن النصب واستيلاؤه على التسلل الواسع داخل(أدبيات السلفية) كانت السلطتان الأموية والعباسية فقد كانوا خصوماً لآل علي.

كما أن الضغط على الطرف الشيعي شكل شبكات سرية زادت في رواية واعتقاد الأباطيل والخرافات.
نحن في مرحلة نحتاج فيها لمراجعة الأثر السياسي والاجتماعي والمذهبي في ازدياد الغلو والغلاة عند الطرفين بغض النظر عن نسبة الغلو هنا كمية وكيفاً.

وكان الرد على المالكي كما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..

وأما ردك على هذا السؤال فنلاحظ عليه:
أولاً: قلت في جوابك: إن الإنصاف للصحابة داخل المصادر الشيعية قليل جداً، قياساً إلى الإنصاف الموجود داخل مدونات السنة والحديث.

ولنا أن نسألك، ما هو مقصودك بإنصاف الصحابة؟!..

فإذا كان مقصودك هو الثناء على أهل الفضل والعدل دون مغالاة، وذم المسرفين على أنفسهم دون التجاوز إلى الفضلاء. كما ذكرت فهذا هو تماماً ما يفعله الشيعة الإمامية، فإنهم يقولون: إن كل إنسان يحاسب وفق ما صدر منه.

ولكن أهل السنة لا يفعلون ذلك ـ على العموم ـ فإنهم في الغالب يسعون لفرض نظرية عدالة جميع الصحابة على الآخرين، ويعتبرون من يريد أن يذكر بعض ما فعلوه، ويحتج به لإثبات فقد هذا الصحابي أو ذاك لشرط العدالة.. وعدم أهليته لبعض المقامات التي تصدى لها.. تثور ثائرة كثير من أهل السنة ويعتبرون ذلك سباً للصحابة. وقد يستحل بعضهم دماء الشيعة بسبب ذلك..

فالمشكلة إذاً تتمحور حول أشخاص بأعيانهم، وهم أبو بكر، وعمر، وعثمان.

فالسنة يزعمون أنهم أهل لما تصدوا له، ويحكمون لهم بالعدالة. وبغيرها من مقامات.

وينكر الشيعة عليهم ذلك.

ولو قبل أهل السنة بمحاسبة هؤلاء بأعمالهم.. وترتيب آثار تلك الأعمال عليهم، لانحلت المشكلة..

ولو قبل الشيعة بأن يعتبروا أبا بكر وعمر أبرياء من كل ما ينسب إليهم، وقبلوا بأهليتهم (ولكن القبول يحتاج إلى الحجة القاطعة للعذر، والمبرئة للذمة أمام الله تعالى) لمقام الخلافة لانحلت المشكلة أيضاً..

كما أن لعائشة نصيباً في هذا النزاع، بسبب حربها لعلي ومواقفها منه، فلو غض الشيعة النظر عن ذلك لانحلت المشكلة، ولو قبل السنة بترتيب آثار أفعالها عليها لانحلت المشكلة أيضاً.

وليس النزاع بين السنة والشيعة في فضل أهل البيت (عليهم السلام)، إثباتاً أو نفياً.. فإن الجميع مقرُّون بفضلهم، معتقدون به، ولكن نزاعهم فيما هو أكثر من مجرد الاحترام والفضل والمحبة.

إذاً فلا معنى لقولك: الإنصاف للصحابة عند الشيعة قليل، وأن السنة قد أنصفوهم أكثر..

بل الصحيح القول: إن الشيعة قد أنصفوا الصحابة وأهل السنة لم ينصفوهم، بل أرادوا إعطاء بعضهم ما ليس له، وسلب بعضهم الآخر ما هو حق له.

ثانياً: قولك إن الشيعة قد اعتبروا أهل السنة طرفاً مخاصماً لأهل البيت غير صحيح.. بل اعتبروهم طرفاً متحيزاً لبعض الصحابة.. يعطونه أكثر مما يستحق، ويحاولون طمس أمور صدرت منه ضد أهل البيت، وذلك للحفاظ على ذلك الطرف من السقوط، فكان من نتائج ذلك أن التبس الأمر فيما يرتبط بحقوق ومقامات أهل البيت، ونتج عنه تأويلات غير منصفة لأحاديث في حقهم وفي امتيازاتهم..

وتأويلات أخرى لتوجيه ما صدر عن الذين كانت لهم منهم مواقف سلبية كما هو معلوم.

ثالثاً: قولك: إن الشيعة احتجوا بالأحاديث الضعيفة والموضوعة التي رواها أهل السنة في فضل أهل البيت..

غير دقيق أيضاً، فما أكثر ما احتج الشيعة على أهل السنة بالأحاديث الصحيحة عند أهل السنة..

أضف إلى ذلك.. أن تضعيفات أهل السنة لكثير من الأحاديث إنما تستند إلى علل فاسدة، لا تثبت الضعف المزعوم، فراجع كتاب الذهبي وكتاب اللآلئ المصنوعة للسيوطي وغيره من الكتب التي تصدت لذلك، فستجد أن حكمهم على بعض الأحاديث بالوضع إنما هو لمجرد أن راوي الحديث فيه تشيع أو فيه تشيع يسير.. بل لقد اتهموا كثيراً من أئمة الحديث بالتشيع لمجرد روايتهم حديثاً أو أحاديث في أهل البيت (عليهم السلام)، فراجع ما يصفون به عبد الرزاق الصنعاني، والنسائي، والحاكم، وابن ماجة، وو الخ.. وراجع كتاب ميزان الإعتدال للذهبي وغيره..

رابعاً: قولك: إن الضغط على الطرف الشيعي شكل شبكات سرية زادت في رواية واعتقاد الأباطيل والخرافات، يحتاج إلى تحديد، ولو لبعض تلك الشبكات السرية. مع أننا نرى الشيعة ما زالوا يجهرون بعقائدهم منذ الصدر الأول رغم ما كان ينشأ عن هذا الجهر من مصاعب ومصائب.. ولم نجدهم أضافوا شيئاً على عقائدهم..

كما أنه يلزمك تقديم جدول بالخرافات والأباطيل في العقائد.. ولا نريد أن نذكرك بما هو موجود لدى أهل السنة من هذين الصنفين .

جواب المالكي:
ولم يجب حسن بن فرحان المالكي بشيء!!

يتبع>>>

نسألكم الدعاء

خادم الزهراء 20-Aug-2009 03:03 PM

4 ـ المعايير، والمواقف!!
السؤال رقم (13):

سأل نون:
ما هو موقف الشيوخ السلفيين في السعودية من شيعة المنطقة الشرقية؟

وهل تعترف الدولة السعودية بهم بشكل رسمي؟

وما هو مستقبل العلاقة بينهما؟؟.

أجاب المالكي:
شيوخ السلفية في المملكة مختلفون في شيعة المنطقة الشرقية بين من يقول بكفرهم وشركهم ومن يقول ببدعتهم وضلالهم وهناك قسم من السلفية بدأ في الانتشار يرون أن الشيعة كسائر الفرق الإسلامية فيهم المغالي المبتدع والمعتدل الذي لا يخلو من الأخطاء مثله مثل أفراد الطوائف الإسلامية فهم يرون أن كل شيعي وكل سلفي وكل أشعري له وعليه، يصيب في أشياء ويخطئ في أشياء وتقييم الصواب والخطأ يخضع لمعايير مذهبية واجتماعية إلى الآن، سواء عند السنة أو الشيعة، ليس هناك (معايير شرعية) واضحة لتقييم المخالف وإن وجدت فلا يرضى الشيعي ولا السني تطبيقها على الجميع وإنما يطبقها على الطرف الآخر.

فمثلاً: معيار الذم بسب الصحابة يطبقها السنة على الشيعة ويطبقها الشيعة على السنة والنواصب، لكن أن تجد فرداً يذم من سب أبا بكر وعمر ويذم من سب علياً فهذا نادر الوجود فيما أعلم، مما يدلنا على أن المعايير التي نقيم بها بعضنا هي (لفظية الإسلام واقعية المذهب) ألفاظها شرعية وواقعها التحيز المذهبي وعلى هذا فلا أظن أن المستقبل بين السنة والشيعة سيكون متسامحاً إلا إذا أعاد الجميع الاعتبار لـ (المعايير الشرعية) وهذا صعب جدا لأن هناك تاريخا طويلا وتراثا ضخما يجثم على الصدور ويمنع كل أسباب التقارب الحقيقي.

لكن مع هذا لا نيأس فقد نجد شيعيا يقول بإثم من سب أبا بكر وعمر وقد نجد سلفيا يقول بذم من سب علي بن أبي طالب.

أما هل تعترف الدولة بالشيعة بشكل رسمي فلا أدري، وهذا سؤال يوجه للدولة نفسها.
وكان الرد على المالكي كما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..

وأما ردك على هذا السؤال فنلاحظ عليه:
أولاً: إن الذي يقول: كل شيعي وسلفي، وأشعري، يصيب ويخطئ لا بد أن يحدد مراده من الصواب والخطأ، فهل يقصد بالصواب، ما يوافق مذهبه، وبالخطأ ما يخالف مذهبه؟!

أم أنه يقصد وجود خطأ وصواب لدى الجميع؟!

فإن كان يقصد الأول: فهذا هو اعتقاد عامة أهل المذاهب حتى الوهابية.. لكن الوهابية يزيدون على ذلك: أنهم يكفرون الآخرين ويرمونهم بالشرك أيضاً.

وإن كان يقصد الثاني: فلا يجوز له إذن أن يلتزم مذهباً بعينه، بل عليه أن يتحرى الصواب لدى الجميع، ثم يدعو الناس إلى ذلك الصواب.

وألاحظ ثانياً على قولك: إن معايير الصواب والخطأ تخضع لمعايير مذهبية واجتماعية إلى الآن..
وأنه ليس هناك معايير شرعية واضحة لتقييم المخالف، وإن وجدت فلا يرضى بها السني ولا الشيعي..

فأقول:
إن هذا القول.. لا ينسجم مع الحكم بوجود خطأ وصواب لدى الجميع، فلعل بعض هذه المعايير هي الصواب الشرعي؛ فنفيك الشرعية عن كل ذلك فيه مجازفة واضحة، ولا سيما مع ملاحظة تعبيرك بكلمة (واضحة)، فلعل بعضها معيار شرعي، لم يتضح لك، ولكنه واضح لغيرك..

وألاحظ ثالثاً: أنك قلت: إن المعايير الشرعية الواضحة إن وجدت فلا يرضى بها السني ولا الشيعي.
وهذا يستبطن اتهاماً منك لأمة كبيرة من المسلمين السنة، وأمة كبيرة من الشيعة مضت عليهما مئات السنين. بأنهم لا يرضون بالحق، والشرع، فهل يمكن أن يكون كل السنة والشيعة على مدى أربعة عشر قرناً، بما في ذلك علماؤهم، وصلحاؤهم وأتقياؤهم، وعقلاؤهم.. لا يرضون بالشرع والدين إذا ظهر لهم وصار واضحاً؟!..

على أن هذا الاتهام لهم لا ينسجم مع إجابتك على السؤال السادس، من أنك لا تعقل أن جمهور المهاجرين والأنصار قد تعمدوا تعطيل وصية النبي، ومعاندتها..

فكيف لا تتعقل ذلك على مجموعة صغيرة من المهاجرين والأنصار، قد لا يصل عددهم إلى الألفين بين كبير وصغير.. وتتعقل أن توجد المعايير الشرعية الواضحة, ثم يرفضها السنة والشيعة على مدى القرون، وهم يعدون بمئات الملايين، بل المليارات؟! ويتعمد كل فريق أن يطبق الحق على الفريق الآخر، ولا يطبقه على نفسه على حد تعبيرك!!

وألاحظ رابعاً: أنك استدللت على عدم الأخذ بالمعيار الشرعي بأنك لا تجد إلا نادراً من يذم من سب أبا بكر وعلياً..

وأقول لك:
أ ـ إن هذا إنما يصح لو كان المعيار الشرعي عند هؤلاء، هو تعديل أبي بكر وعلي معاً.. أما إذا كان معيار هذا الفريق هو إدانة أبي بكر، لتعديه على فاطمة أولاً، وعلى مقام الخلافة ثانياً، ولغير ذلك.. فهو لا يرى أن من واجبه الدفاع عن أبي بكر.. بل إنه لو دافع عنه، فإنه يخالف المعيار الذي يراه شرعياً عنده.. وهو يرى أن هذا هو الإسلام الصافي الذي يجب أن تلتزم به أنت وغيرك..
فلا يصح قولك إذن: إن هذا يدل على أن المعايير التي نقيّم بها بعضنا بعضاً هي لفظية الإسلام وواقعية المذهب.

لأن غيرك يرى: أن هذا هو واقعية الإسلام وواقعية المذهب معاً.

ولو أنه دافع عن أبي بكر لكان مخادعاً لك، وغير ملتزم بأحكام الشريعة.. وبعيداً عن واقع الإسلام.
نعم.. لو أثبتَّ له أنت بالدليل عدل أبي بكر، وبراءته من التعدي على الـزهراء، وعلى علي (صلى الله عليه وآله)، فإنه لو لم يدافع عن أبي بكر ـ في هذه الحالة ـ فإن كلامك هذا يصير في محله. ولا بد من قبوله..

ب ـ إن علينا أن لا ننسى أنك لا زلت تقحم سب أبي بكر وعمر، وتتهم غيرك به؛ وتجعله المعيار للالتزام الشرعي.

وهذه ممارسة تحريضية ظاهرة منك..

مع أننا قد أعلنا لك أكثر من مرة: أن تأثيم أبي بكر وعمر، وتخطئتهما في اعتدائهما على علي وفاطمة (صلى الله عليه وآله) ليس سباً لهما، بل هو كاعتقادك أنت بتأثيم البغاة على علي، فإن ذلك منك ليس سباً لهم.. وإذا ما سب جاهل أبا بكر، فإن هناك جهالاً يسبون علياً، بل هناك علماء قد سبوه وافتروا عليه على مدى العصور والدهور.. وقد اعترفت أنت بأن أئمة المساجد قد سبوه على منابر الإسلام عشرات السنين في عهد بني أمية، وهو عهد الصحابة والتابعين..

ج ـ وأما حديثك عن العودة إلى المعايير الشرعية، فهو يتوقف كما قلنا على إثبات هذه الشرعية لما تزعم أنه معيار..

واسمح لي بأن أتنبأ سلفاً بأنك سوف تتهمني هنا بالذات بالتحيز المذهبي أيضاً..

مع أنني أولاً: لم أفصح لك بعد عن مذهبي الذي ألتزم به.

وثانياً: مع أن ما أقوله لك. إنما هو مناقشة لأدلتك ولأسلوبك، يدخل في دائرة التسديد والدلالة، وليس في ذلك أي وهن عليك، ولا هو عن كره وعداء شخصي، إذ لا مبرر لأي عداء من هذا القبيل، ومع أنه عين الصراحة والصدق والجهر بالحق.. من دون اعتماد المجاملات، وكذلك من دون التعدي والبغي.

وإذا ما كانت طريقتنا هذه تثقل على نفسك، فإن الخيار لك في مواصلة الحوار، أو الاعتذار بضيق الوقت لديك تارة، أو بغير ذلك أخرى.

جواب المالكي:
ولم يجب حسن بن فرحان المالكي بشيء!!

يتبع>>>

نسأكم الدعاء

خادم الزهراء 21-Aug-2009 04:02 PM

الفصل الخامس: الشيعة.. والقرآن..

1 ـ تحريف القرآن عند أهل السنة..
السؤال رقم (14):


سأل نون:
ما هو تقييمكم للروايات الشيعية الواردة بشأن نقصان القرآن وتحريفه وهل تعتقد أنها ردة فعل لعدم ذكر الولاية في القران بشكلها الصريح.

أجاب المالكي:
للأسف أن الروايات الشيعية في تحريف القرآن أو زيادته ونقصانه كثيرة جداً، وإن حاول بعض معتدليهم نفي ذلك، صحيح أن الواقع الشيعي لا يؤيد تلك الروايات وليس عندهم (في الواقع) إلا القرآن الكريم الذي بين أيدينا، لكن كثرة الروايات الشيعية في هذا الموضوع كثيرة، ومن المحتمل أن هذا نشأ من ردة فعل لما قام به أبو بكر رضي الله عنه في جمع القرآن الكريم، فكان المعارضون للشيعة يردون عليهم بأن أبا بكر قد جمع القرآن وأن القرآن لم يذكر الإمامة صريحة، فانقسم الشيعة في الرد على هذه المسألة الأولى قسمين:

ـ قسم: قالوا بذم أبي بكر وصحة القرآن من باب (إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر).

ـ وقسم: طعن في القرآن بزعمه أن أبا بكر وعمر وغيرهما حذفوا منه ما يخص الإمامة وأهل البيت وذم قبائل في قريش من أعداء أهل البيت.

والفرقة الأولى تعتبر قياسا بالثانية معتدلة جداً.

وجاء الرد على المالكي كما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..

بداية، أقول:
قد تحدثت عن تحريف القرآن عند الشيعة، ولم أكن أحب أن أجاريك الحديث حول هذا الموضوع لسبب هو: أنني بعد أن اطلعت بصورة مفصلة وواسعة على ما عند أهل السنة في هذا الموضوع، ظهر لي أنه يوجد عشرات الشواهد على أن التحريف ثابت في رواياتهم، وأقوالهم صريحة فيه حيناً، ومستلزمة له حيناً آخر.. بل إنهم لا يزالون يصرون عليها إلى يومنا هذا..

نعم بعد أن ظهر لي ذلك وجدت نفسي في حيرة شديدة.. فإن طرح هذا الموضوع للتداول الواسع له حسناته. وأهمها:

تنبيه أهل السنة إلى هذا الأمر، للعمل على معالجته، وإبعاد شبحه البغيض عن الساحة، وتثبيت قلوب شبابنا، وترسيخ يقينهم بسلامة القرآن عن أي تحريف..

ثم تقديم الدليل القاطع الذي يمكن أن يواجه به الأعداء وأهل الريب، الذين يسعون إلى إبعاد الناس عن القرآن وتشكيكهم به..

وله أيضاً سيئاته..

وأهمها: أن يثير الأعداء الشبهة في نفوس الناس البسطاء والعاديين بأن يقولوا لهم: إن أهل السنة يثبتون على الشيعة قولهم بالتحريف.. ويسوقون الأدلة على ذلك بإصرار وعناد.. وهناك أيضاً من يثبت بقوة وبأدلة قاطعة: أن أهل السنة هم بين من يقول بالتحريف.. وبين من يلتزم ـ بقوة وصلابة ـ بما يلزمه التحريف.. فالتحريف ثابت، فلماذا يتنصل منه هؤلاء وأولئك؟!..

كما أن إثبات الاتهام على السنة والشيعة يعطي فرصة.. لتسرب شبهة إلى ذهن من تعوزهم الثقافة الكافية مفادها: أن من يحشد الأدلة لتنزيه القرآن عن شبهة التحريف، قد يكون مقصراً في فهمه للنصوص.. ومشتبهاً فيما يسوقه من أدلة، فيتخيل أنها تثبت مطلوبه، مع أنها ليست كذلك..

وحتى لو اقتنع بما يقدم له من أدلة.. فإنه سيبقى لديه قابلية التفاعل مع ما يثار من شبهات وتشكيكات. وتقل حصانته ومناعته تجاهها..

وبعد هذه المقدمة أقول:

أ ـ بالنسبة لكثرة أحاديث التحريف عند الشيعة، أشير إلى ما يلي:
1 ـ إن من يكون بيته من زجاج فعليه أن يكف عن قذف الناس بالحجارة.. وأهل السنة في أمر التحريف في حرج شديد. وفي مأزق حقيقي.. ولذلك فإنني آمل أن لا تجرنا إلى طرح هذا الموضوع بصورة تفصيلية.. فإن لدينا كماً هائلاً جداً من روايات أهل السنة في هذا الموضوع..

بل أستطيع أن أقول لك: إن المحدث النوري قد أورد في كتابه فصل الخطاب اثني عشر دليلاً، عشرة منها أخذها من كتب أهل السنة، التي كانت سبب انخداع ذلك المحدث..

وإليك بياناً بالأدلة التي اعتمد عليها: وفقاً لما جاء في كتاب: حقائق هامة حول القرآن..

أولاً: استدل بروايات أهل السنة، وقليل منها عن الشيعة، القائلة: بأن ما وقع في الأمم السالفة، سيقع في هذه الأمة.. قال: ومن ذلك تحريف الكتاب.

ولكنه استدلال باطل؛ لأن المقصود بهذه الروايات، هو خصوص الحوادث الاجتماعية، والسنن التاريخية، بصورة كلية، وعامة..

وإلا.. فإن كثيراً من الأمور، قد حدثت في الأمم السالفة، دون هذه الأمة، وذلك مثل:

عبادة العجل.. وتيه بني إسرائيل.. وغرق فرعون.. وملك سليمان.. ورفع عيسى.. وموت هارون وهو الوصي قبل موسى النبيّ.. وعذاب الاستئصال.. وولادة عيسى من غير أب.. وقصة أهل الكهف، وقصة الذي أماته الله مئة عام، ثم بعثه.. وغير ذلك..

فلو صحت الرواية.. فهي تدل على وجود شبه ما بين ما يقع في هذه الأمة، وما يقع في الأمم السالفة، من بعض الوجوه.

فالتحريف الذي وقع في الأمم السالفة، قد وقع نظيره في هذه الأمة، ولكنه كان تحريفاً في معاني القرآن، وحدوده، وإن كانوا قد أقاموا حروفه.. والنتيجة المتوخاة من التحريف الواقع، في هذه الأمة، وفي الأمم الخالية، واحدة..

ومما يدل على وجوب صون القرآن من التحريف في حروفه: أنه المعجزة الخالدة، فلا بد ـ بعد إثبات صفتي الإعجاز، والخلود له ـ من حفظه ليبقى إعجازه، أما الكتب السالفة، فلم تكن هي معجزة الأنبياء أصلاً، فضلاً عن أن تكون معجزة خالدة، فلا يجب تكفل حفظها منه تعالى..

هذا كله.. عدا عن أننا نقول: إنه ليس من سنن الكون تحريف الكتب، والتلاعب فيها، بل السنة، هي بقاؤها سليمة على حالها.

والتلاعب فيها، هو المخالف للسنن، الجارية على أصول وقواعد، صحيحة ودقيقة..

واستدلّ ثانياً: بروايات أهل السنة حول جمع القرآن، وانه قد كان بشاهدين، مما يعني: عدم تواتر القرآن لنا، وإمكانية وقوع التحريف فيه..

وقد تقدم عدم صحة هذه الروايات، وأثبتنا: أنه قد جمع في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأنه محفوظ لدى قراء الأمة وحفاظها، ومتواتر على لسان الألوف المؤلفة، في جميع الطبقات..

واستدلّ ثالثاً: بروايات أهل السنة حول الآيات التي يدعى نسخ تلاوتها؛ فرفض نسخ التلاوة، واعتبر هذه الروايات دالة على تحريفهم الكتاب.

ونحن نوافقه على رفضه لنسخ التلاوة.. وبالنسبة لأمثلته، فقد قلنا فيما سلف: إنها إما دعاء، أو من كلام الرسول، أو كلام بعض الصحابة، أو أخبار آحاد مكذوبة، وضعها أعداء الإسلام.

ثم استدلّ رابعاً: بروايات أهل السنة، حول اختلاف مصاحف السلف، ورواياتهم في تقديم وتأخير بعض الآيات، وحول أن ترتيب القرآن كان باجتهاد من الصحابة..

ونقول: إن هذا المقدار ـ لو سلم ـ فهو لا يعني تحريف القرآن..

أما دليله الخامس، فهو: اختلاف مصاحف الصحابة في ذكر بعض الكلمات، والآيات والسور.

ونقول: قد عرفنا أن ذلك إما تفسير، أو تأويل، أو دعاء، وما إلى ذلك..

واستدلّ سادساً: بأن أبي بن كعب، وهو أقرأ الأمة، قد زاد في مصحفه سورتي: الخلع والحفد..

ونقول: قد تقدم: أنهما دعاء كتبه في مصحفه، ولم يكتبهما على أنهما قرآن..

ودليله السابع هو: ما رواه أهل السنة من إحراق عثمان للمصاحف، وحمله الناس على قراءة واحدة.
ونقول: إن أمير المؤمنين علياً (عليه السلام)، قد أيده في ذلك، لكثرة ما ظهر في الناس من اللحن في القراءة، والقراءة باللهجات المختلفة وغير ذلك.. فهذا من العمل على حفظ القرآن من التحريف، وليس العكس.

ودليله الثامن: هو روايات أهل السنة حول نقص القرآن، وذهاب كثير من آياته وسوره.

ونقول: قد ذكرنا نحن في هذا الكتاب جلّ، إن لم يكن كل هذه النصوص في المباحث المختلفة. وأجبنا عنها، وإن بقي ثمة شيء منها، فالجواب عنه يعلم مما ذكر..

واستدلّ تاسعاً: بما ورد في كتب الشيعة: من أن أسماء الأئمة (عليهم السلام) قد وردت في الكتب السماوية، فلا بد وأن تكون قد وردت في القرآن أيضاً، ثم حذفت.

ونقول: لا ملازمة بين تحريف الكتب السالفة، وتحريف القرآن، ولا بين ذكرها فيها، وذكرها فيه.
بل لقد تقدم ما يدل على أن عدم ذكر اسم علي (عليه السلام) في القرآن، إنما هو لئلا يتعرض القرآن للتحريف.

واستدلّ عاشراً: بروايات أهل السنة حول اختلاف القراءات، ويدعمون ذلك بما ورد من أن القرآن قد نزل على سبعة أحرف.

ونقول: قد تقدم أنه استدلال لا يصح، وحديث نزول القرآن على سبعة أحرف لا يصح أيضاً..

ودليله الحادي عشر: هو روايات منسوبة إلى الشيعة حول وقوع التحريف في القرآن.

ونقول: وهو أيضاً استدلال فاسد؛ لأنها روايات ظاهرة التأويل، لأن المراد بها تحريف المعنى لا اللفظ، وقد تقدم بعض ما يرتبط بذلك..

كما أن بعض الأحاديث النادرة الأخرى إنما رواها الغلاة والضعفاء، والمنحرفون عن مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، وهي مخالفة للضرورة القطعيّة، فلا يلتفت إليها، ولا يعتد بها.. وتقدم أن بعضها يقصد به ذكر التأويل والتفسير المنزل، وليس ذلك من القرآن في شيء.

الثاني عشر: استدل بروايات كثيرة ـ لربما تصل إلى الألف رواية، ذكرت فيها موارد مخصوصة من الآيات المحرفة..

ونقول: إن أكثرها يدخل في الأقسام التي تقدمت في البحوث السابقة، أو ترجع إلى التفسير وشأن النزول، أو التأويل، كما أن التكرار فيها كثير وظاهر.

حصيلة روائية:
أضف إلى ذلك: أن أكثر من 320 رواية منها تنتهي إلى السياري، فاسد المذهب والمنحرف، والغالي الملعون على لسان الصادق (عليه السلام)، والمطعون فيه من قبل جميع الرجاليين.

وأكثر من600 من مجموع الألف عبارة عن مكررات، والفرق بينها، إمـا مـن جهة نقلها من كتاب آخر، مع وحدة السند، أو من طريق آخر..

وغير هذين القسمين؛ فإن أكثر من مئة حديث منها عبارة عن قراءات مختلفة، أكثرها عن الطبرسي في مجمع البيان.. كما أن أكثرها مشترك نقله بين السنة والشيعة، ولا سيما بملاحظة: أن الطبرسي يروي عن رجال أهل السنة، كقتادة، ومجاهد، وعكرمة، وكثير غيرهم وما تبقى؛ فإنما هو روايات قليلة جداً لا تستحق الذكر والالتفات[139].

هذا كله.. عدا عن أن قسماً من أخبار التحريف، منقول عن علي بن أحمد الكوفي، الذي وصفه علماء الرجال بأنه كذاب، فاسد المذهب[140].

وقسم آخر منقول عن آخرين ممن يوصف بالضعف، أو بالانحراف، كيونس بن ظبيان، الذي ضعفه النجاشي، ووصفه ابن الغضائري بأنه:

(غالٍ، كذاب، وضاع للحديث)[141].

ومثل منخل بن جميل الكوفي، الذي يقولون فيه: إنه غال، منحرف، ضعيف، فاسد الرواية.

ومثل محمد بن حسن بن جمهور، الذي هو غال، فاسد المذهب، ضعيف الحديث..

وأمثال هؤلاء، لا يصح الاعتماد على رواياتهم في أبسط المسائل الفرعية، فكيف بما يروونه في هذه المسألة، التي هي من أعظم المسائل، وأشدها خطراً، وعليها يتوقف أمر الإيمان، ومصير الإسلام.
ولا بد من دراسة وافية لمعرفة السبب، الذي دعا الغلاة وفاسدي المذهب للقيام بهذا الدور الهدام، في مجال إلصاق هذه الفرية بالقرآن الكريم.

ولا شك أن ذلك مما تقرّ به عيون الزنادقة، ويبتهج له مردة اليهود والنصارى، ويشجعونه، ويُشِيعونه، ما وجدوا إلى ذلك سبيلاً..

وبديهي أن الغلاة ليسوا من الشيعة، ويتجنبهم الشيعة، ويكفّرونهم، فلا يصح نسبة بدع الغلاة وترهاتهم إلى الشيعة، كما ذكره الزرقاني[142]، ورحمة الله الهندي (رحمه الله)).

إلى هنا تنتهي عبارة كتاب حقائق هامة حول القرآن..

وبعد ما تقدم نقول:
2 ـ إن من يقول: إن {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، ليست آية قرآنية في جميع السور (الموجودة في فواتحها) حتى سورة الفاتحة وإنما كتبت للفصل والتبرك.. كما عند فريق عظيم منهم.. أو يقول:
هي جزء من سورة الفاتحة فقط كما عند الفريق الآخر ـ إن من يقول ذلك ـ هو قائل بتحريف القرآن بالزيادة فيه قطعاً، حتى لو أنكر ذلك لفظاً..

3 ـ ما رأيكم في صحابي، كابن مسعود، كان يقول ـ حسب روايتكم ـ : إن المعوذتين ليستا من القرآن؟!..

4 ـ لقد روى البخاري وأحمد ومسلم وأبو داود و.. و.. ما يدل على أن النبي (صلى الله عليه وآله) ينسى بعض آيات القرآن[143]..

5 ـ هناك رواية[144]عن عمر: لولا أن يقول الناس إن عمر زاد في كتاب الله لكتبت آية الرجم بيدي.. قال ابن عبد الشكور: هذا ثابت بطرق لا يبعد أن يدعى التواتر[145].

6 ـ هناك رواية أكل الداجن للصحيفة حين موت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكان فيها آية الرجم ورضاع الكبير[146].

7 ـ عن عائشة كان فيما أنزل من القرآن: عشر رضعات، فنسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهن فيما يقرأ من القرآن[147].

8 ـ وهناك سورتا الخلع والحفد، وقد كانتا في مصحفي أُبي، وابن مسعود وابن عباس. وقد روي ذلك بسند صحيح[148].

وأخيراً.. فهناك العديد من الآيات المدّعاة التي تزاد في الآيات وكذلك الكلمات، قد وردت في روايات رواها البخاري وغيره. فراجع كتاب حقائق هامة لتجد التغيرات الكثيرة في ذلك..

وأكتفي بهذا المقدار، الآن تاركاً أمر القرار إليك بمتابعة هذا الموضوع بعمق، أو الاكتفاء بهذا المقدار..
ب ـ وأما حديثك عن روايات الشيعة. فإنها ـ في الأكثر ـ روايات تفسيرية يراد بها إفهام المعنى على طريقة التفسير المزجي..

وقد يكون هذا التفسير منزلاً أيضاً ـ لكنه ليس بقرآن ـ تماماً كالحديث القدسي، فإنه منزل أيضاً لكنه ليس بقرآن..

وقد يكون الحديث عن التحريف ناظراً إلى تحريف المعنى، وقد روي قولهم (عليهم السلام)، عن القرآن: أقاموا حروفه، وحرّفوا حدوده..

[139] هذه الإحصائية استخرجها لنا الأخ الشيخ رسول جعفريان، وهي بالإضافة إلى كثير مما ذكرناه حول فصل الخطاب، مذكورة في أكذوبة تحريف القرآن ص68-71.
[140] البيان لآية الله الخوئي ص246.
[141] راجع: رجال النجاشي ص265.
[142] مناهل العرفان ج1 ص273 و274.
[143] راجع: صحيح البخاري3/150 وج2 ص167 ومسند أحمد 6/62 و138 وسنن أبي داود ج2 ص31 وكنز العمال عن البخـاري ومسـلم وأحمد وأبي داود.
[144] البخاري ج4 ص152 و153 و115 وصحيح مسلم 5/166 وسنن الدارمي ج2 ص179 والترمذي والحاكم وعشرات المصادر الأخرى، كما في كتاب حقائق هامة حول القرآن ص346 و347.
[145] فواتح الرحموت بهامش المستصفى ج2 ص73.
[146] حقائق هامة حول القرآن الكريم ص335.
[147] المصادر في حقائق هامة ص332.
[148] المصادر في حقائق هامة ص329.


يتبع>>>

نسألكم الدعاء

خادم الزهراء 21-Aug-2009 04:28 PM

2 ـ جمع القرآن في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله):
دعواك أن أبا بكر هو الذي جمع القرآن.. لا تصح فإن القرآن جمع على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلا معنى للحديث عن فعل وردة فعل.. ويدل على ذلك ما ورد أيضاً في كتاب حقائق هامة حول القرآن، حيث ذكر الأدلة التالية:

الأول: الحكمة البالغة:
ولا شك في أن ترك النبي (صلى الله عليه وآله) للقرآن، الذي هو حجة على أمته، والذي تقوم به دعوته، والفرائض التي جاء بها من عند ربه، وبه يصح دينه ـ إن تركه ـ مفرقاً، ولم يجمعه، ولم ينصه، ولم يحفظه، ولم يحكم الأمر في قراءته، وما يجوز من الاختلاف، وما لا يجوز، وفي إعرابه، ومقداره، وتأليف سوره وآيه.. لهو خلاف الحكمة، وخلاف التدبير الصائب، بل إن هذا لا يتوهم في رجل من عامة المسلمين، فكيف برسول رب العالمين، كما قال البلخي، وأيده السيد ابن طاووس رحمه الله تعالى[149].

وعلى حد قول الإمام شرف الدين:
(.. ومن عرف النبيّ (صلى الله عليه وآله) في حكمته البالغة، ونبوته الخاتمة، ونصحه لله، ولكتابه، ولعباده، وعرف مبلغ نظره في العواقب، واحتياطه على أمته في مستقبلها، إن من المحال عليه أن يترك القرآن منثوراً، مبثوثاً، وحاشا هممه، وعزائمه، وحكمة المعجزة عن ذلك)[150].

الثاني: الواقع التاريخي:إنه لا يرتاب أحد من الناس، في أنه قد كان للنبيّ (صلى الله عليه وآله) كتاب يكتبون الوحي وكان النبي(صلى الله عليه وآله)، قد رتبهم لذلك. وقد نص المؤرخون على أسمائهم وقد أنهاهم البعض إلى اثنين وأربعين رجلاً[151].

ويدل على ذلك أيضاً:
نصوص كثيرة جداً، نذكر منها: بالإضافة إلى أنه قد أشير إلى كتابة القرآن في قوله تعالى: {رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً}[152]..
انه قد روي عن زيد بن ثابت، قال: (كنت أكتب الوحي لرسول الله (ص). وكان إذا نزل عليه الوحي أخذته برحاء شديدة، فكنت أدخل عليه بقطعة الكتف؛ أو كسرة؛ فأكتب، وهو يملي علي، فإذا فرغت، قال: اقرأه؛ فأقرؤه، فان كان فيه سقط أقامه، ثم أخرج به إلى الناس..)[153].
وهذا يعني: أن النبيّ (صلى الله عليه وآله)، كان يشرف بنفسه مباشرةً على ما يكتب، ويراقبه، ويصححه..

كما أنه كان (الوحي إذا نزل، أمر أحد الكتاب، كزيد، وغيره: أن يكتب ذلك الوحي)[154].

وعن البراء: أن النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال له: ادع لي زيداً، وقل له: يجيء بالكتف والـدواة، واللـوح؛ فلما جـاء، قـال له: اكتب: لا يستوي القاعدون إلخ..[155].

ويؤيد ذلك ما قالوه من أنه: (قد ورد: أن جبرئيل (عليه السلام) كان يقول: ضعوا كذا في موضع كذا..)[156].

وعن ابن عباس: أن رسول الله (ص)، كان إذا نزل عليه الشيء دعا من كان يكتب؛ فيقول: ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا[157].

لكن في غرائب القرآن للنيسابوري،[158] هكذا: (ضعوا هذه السورة في الموضع الذي يذكر فيه كذا)..
وروي قريب من هذا عن عثمان بن عفان أيضاً[159].

ويشهد له أيضاً: ما روي عن عثمان بن أبي العاص، حيث ذكر مورداً حصل فيه ذلك..[160].

ويؤيده رواية أخرى عن ابن عباس، والسدّي..[161].

ولكننا نعتقد: أن ذلك قد حصل في موارد قليلة، حيث إن القرآن نزل في معظمه سوراً كاملة، باستثناء سورة البقرة على ما يظهر، وسيأتي بعض ما يرتبط بذلك، حين الحديث عن المصاحف في زمنه (صلى الله عليه وآله)..

ويلاحظ هنا:
ألف: إنه يبدو أن كتابة القرآن قد بدأت في مكة، ويشهد لذلك ما روي في حديث إسلام عمر بن الخطاب: أنه وجد في بيتِ أخته صحيفتين، كتب فيهما طائفة من القرآن، فالتمس لها قارئاً؛ فلما قرئت عليه أسلم..[162].

كما وصرح العسقلاني وغيره بأن أول من كتب القرآن بمكة من قريش: عبد الله بن سعد بن أبي سرح[163].

وقال ابن كثير: معلقاً على دعوى: أن أبي بن كعب أول من كتب الوحي: (السور المكية لم يكن أبي بن كعب حال نزولها، وقد كتبها الصحابة بمكة)[164].

باء: هذا.. ولا يبعد أن يكون المسلمون قد نقلوا ما كتبوه من القرآن إلى المدينة، ولأجل ذلك نجد بعض الآيات المكية في سورة مدنية، وبالعكس[165].
وإن كان ربما يقال: إنهم قد حفظوا تلك الآيات، ثم دونوها من جديد في المدينة.

جيم: إننا نلاحظ: أن أول ما نزل عليه (صلى الله عليه وآله) من القرآن، قد جاء فيه ذكر القراءة، والكتابة بالقلم، بل قيل: إنه نزل مكتوباً في قطيفة[166].

ألا وهو قوله تعالى: {اقْرَأ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ}[167] كما ونجد إشادة القرآن بـ {الْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ}[168]، ثم هو قد ذكر أدوات الكتابة، كالقلم والرق، والقرآن والمداد.. في مواضع من كتابه الكريم.

ثم إنه قد قال الله تعالى في سورة البينة: {رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً}[169] في إشارة منه تعالى إلى ذلك..

الثالث: لا تكتبوا عني سوى القرآن:
هذا.. وقد روى أهل السنة عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) _ وإن كنا نعتقد بعدم صحة ذلك ـ : أنه (صلى الله عليه وآله وسلم)، قد منع من كتابة أي شيء سوى القرآن، وأنه (صلى الله عليه وآله) قال:

(لا تكتبوا عني إلا القرآن، ومن كتب عني شيئاً غير القرآن فليمحه)[170].

ولعله ـ لو صح الحديث ـ قد قال ذلك لخصوص من كانوا يكتبون الوحي بين يديه (صلى الله عليه وآله)؛ حرصاً منه (صلى الله عليه وآله)، على أن لا يختلط القرآن بتفسيراته، وتأويلاته، التي يذكرها (صلى الله عليه وآله) من وقت لآخر؛ إذ قد يوجب ذلك أن يشتبه الأمر على البعض، أو حتى، قد يحاول البعض: أن يدخل بعض ذلك من عند نفسه..

لا أنه (صلى الله عليه وآله) قد منع من كتابة غير القرآن مطلقاً في زمانه، كما زعمه البعض[171].

الرابع: تأليف القرآن عند الرسول(صلى الله عليه وآله):
عن زيد بن ثابت، قال: (كنا عند رسول الله (ص) نؤلف القرآن من الرقاع).

قال الحاكم: (وفيه الدليل الواضح، على أن القرآن إنما جمع على عهد رسول الله (ص)).


وفي نص آخر عن الحاكم، عن زيد: (كنا حول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، نؤلف القرآن؛ إذ قال إلخ..)[172].

الخامس: حديث علي(عليه السلام):عن علي (عليه السلام)، قال: (ما كتبنا عن رسول الله (ص) إلا القرآن، وما في هذه الصحيفة[173].. إلخ.).

وفي هذا الحديث كلام طويل؛ إذ قد كتبوا عنه(صلى الله عليه وآله) أشياء أخرى، وتحقيق ذلك موكول إلى مقام آخر.

السادس: المصحف الذي تركه الرسول(صلى الله عليه وآله):
لقد كانت ـ حسبما صرحت به بعض الروايات ـ هناك نسخة من القرآن الكريم، المكتوب في العسب، والحرير، والأكتاف، في بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، خلف فراشه[174].

وقد أمر (صلى الله عليه وآله وسلم) علياً أمير المؤمنين (عليه السلام) بأن يأخذه ويجمعه، حسبما سيأتي إن شاء الله تعالى..

وسيأتي أيضاً تصريح أمير المؤمنين (عليه السلام) بأنه ما من آية نزلت، إلا وقد أملاها عليه رسول الله، وكتبها بخط يده.

السابع: القرآن أساس الإسلام:
لقد نص المؤرخون: على أنه قد كان عند النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كتّاب مخصوصون: للمعاهدات، ولخرص النخل، والمداينات، كما أنه (صلى الله عليه وآله) قد أمرهم بأن يكتبوا له كل من تلفظ بالإسلام، قبل عام الحديبية؛ فكتب له معاذ ألفاً وخمس مئة رجل..

كما أنهم كان لديهم دواوين للجيوش، ومن يتعين خروجه للمغازي[175] وما إلى ذلك..

فهل يعقل: أن يهتم النبيّ (صلى الله عليه وآله)، بكتابة كل ذلك، ولا يهتم بكتابة القرآن، الذي هو أساس الإسلام، وعماد الدين؟!.

وهل كتابة بعض الدراهم المقترضة، أولى عند نبي الله، من كتابة كتاب الله سبحانه؟!.

ثم إنه هل كان يكتب كل ذلك على العسب، والأكتاف، واللخاف المتفرقة، أم أنها كانت مرتبة ومحفوظة على شكل كتب، يسهل تناولها والرجوع إليها؟!..

إن ذلك ـ لو صح ـ فإنه لا يصدر عن أي إنسان عادي، فكيف بالنبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله)، عقل الكل، ومدبر الكل، ورئيس الكل؟!..

الثامن: المصاحف في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله):
وهناك طائفة من الأحاديث تفيد: أن المصاحف كانت موجودة على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، عند الصحابة: تامة، أو ناقصة، وكانوا يقرؤونها، ويتداولونها، وقد قرر النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) لها طائفة من الأحكام، كما سيتضح من النصوص التي سوف نوردها إن شاء الله تعالى..

ولو لم يكن هناك تدوين وجمع، بالمعنى الذي يتبادر إلى الذهن، لما كانت تلك المصاحف أصلاً، ولا كان ثمة مبرر لإطلاق لفظ (مصحف)، أو (مصاحف) عليها.. ولا كان معنى لاختلاف هذه المصاحف فيما بينها، حسبما تدعيه الروايات، كما يتضح من كتاب المصاحف للسجستاني، وتاريخ القرآن للزنجاني، وغيرهما..

بل لقد ادعى الآمدي: (أن المصاحف المشهورة في زمن الصحابة، كانت مقروءة عليه، ومعروضة) [176].

وإليك طائفة من النصوص، التي صرحت بوجود المصحف أو المصاحف في زمنه (صلى الله عليه وآله):

1 ـ عن عقبة بن عامر، عن أبيه: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: تعلموا كتاب الله، وتعاهدوه، واقتنوه، وتغنوا به؛ فوالذي نفسي بيده، لهو أشد تفلتاً من المخاض في العُقل[177].

2 ـ عن المهاجر بن حبيب، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أهل القرآن، لا توسدوا القرآن، واتلوه حق تلاوته، آناء الليل والنهار، وتغنوه، وتقنوه، واذكروا ما فيه لعلكم تفلحون. وهذا مرسل.

ثم قال أبو عبيد: قوله: (تغنوه)، أي اجعلوه غناءكم من الفقر، ولا تعدوا الإقلال فقراً. وقوله: (وتقنوه) يقول: اقتنوه، كما تقتنوا الأموال، اجعلوه مالكم..[178].

3 ـ عن عبد بن عمرو: أن رجلاً أتى النبيّ (صلى الله عليه وآله) بابن له، فقال: يا رسول الله، إن ابني هذا يقرأ المصحف بالنهار، ويبيت بالليل.

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما تنقم: أن ابنك يظل ذاكراً، ويبيت سالماً؟![179].

4 ـ عن عثمان بن عبد الله بن أوس، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله):
(من قرأ القرآن في المصحف، كانت له ألفا حسنة، ومن قرأه في غير المصحف ـ فأظنه قال ـ: كألف حسنة..)[180].

5 ـ عن أوس الثقفي، عنه (صلى الله عليه وآله)، قال:
(قراءة الرجل في غير المصحف ألف درجة، وقراءته في المصحف، تضاعف على ذلك إلى ألفي درجة)[181].

6 ـ وعن عائشة، مرفوعاً في حديث:

(.. والنظر في المصحف عبادة..)[182].
7 ـ عن ابن مسعود، مرفوعاً: من سرّه أن يحب الله ورسوله، فليقرأ في المصحف، وقد وصفوا هذا الحديث بأنه منكر[183].

8 ـ وأخرج البيهقي بسند حسن، عن ابن مسعود، موقوفاً:

(أديموا النظر في المصحف)[184].

9 ـ عن عبد الله بن الزبير، عنه (صلى الله عليه وآله):
(من قرأ القرآن ظاهراً، أو نظراً، أعطاه شجرة في الجنة إلخ..)[185].

10 ـ عن أبي سعيد الخدري، عن النبيّ(صلى الله عليه وآله):
(أعطوا أعينكم حظها من العبادة.

قالوا: وما حظها من العبادة يا رسول الله؟!.

قال: النظر في المصحف، والتفكر فيه، والاعتبار عند عجائبه)[186].

11 ـ وعنه(صلى الله عليه وآله):
(ليس شيء أشد على الشيطان من القراءة في المصحف نظراً)[187].

12 ـ نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله): أن يسافر بالمصاحف إلى أرض الشرك، مخافة أن يتناول منه شيء.

وفي بعض النصوص كلمة (بالقرآن) بدل: المصحف، وفسر السيوطي وابن قتيبة وصاحب المعتصر كلمة (القرآن) بالمصحف[188].

وهو الصحيح؛ فان المراد: السفر بالقرآن المكتوب، لا المحفوظ في الصدور.

13 ـ عن أبي أمامة، عنه(صلى الله عليه وآله):
(لا تغرنكم هذه المصاحف المعلقة، إن الله تعالى، لا يعذب قلباً وعى القرآن)[189].

14 ـ عن ابن عباس، عنه(صلى الله عليه وآله):
(من أدام النظر في المصحف، متع ببصره، ما دام في الدنيا)[190].

15 ـ وعنه (صلى الله عليه وآله):
(لا تمس المصحف، وأنت غير طاهر).

روى ذلك عنه (صلى الله عليه وآله) عثمان بن أبي العاص، وبمعناه عن حكيم بن حزام، وعن أبي العاص، عنه (صلى الله عليه وآله)[191].

16 ـ عن أبي الدرداء، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله):
(إذا زخرفتم مساجدكم، وحليتم مصاحفكم، فالدمار عليكم)[192].

17 ـ وروى ابن ماجة، وغيره عن أنس، مرفوعاً:
(سبع يجري للعبد أجرهن، وهو في قبره، وعد منهن: من ورث مصحفاً)[193].

18 ـ وعنه (صلى الله عليه وآله)، في حديث: فانه سيأتي زمان يسرى على القرآن في ليلة ؛ فيسلخ من القلوب، والمصاحف)[194].

19 ـ عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
(من علّم ابنه القرآن نظراً، غفر له ما تقدم من ذنبه، وما تأخر، ومن علّمه إياه ظاهراً، بعثه الله يوم القيامة كالقمر ليلة البدر إلخ..)[195].

20ـ وعنه (صلى الله عليه وآله):
(الغرباء في الدنيا أربعة: قرآن في جوف ظالم، ومسجد في نادي قوم لا يصلى فيه، ومصحف في بيت لا يقرأ فيه، ورجل صالح مع قوم سوء)[196].

النبيّ (صلى الله عليه وآله) يعطي البعض مصحفاً:أضف إلى ما تقدم: أننا نجد النبيّ (صلى الله عليه وآله) يعطي البعض مصحفاً، طلبه منه، فقد روي ذلك عن عثمان بن أبي العاص، حين جاء وفد ثقيف إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله)، قال عثمان:

(.. فدخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله)؛ فسألته مصحفاً، كان عنده؛ فأعطانيه..)[197].

التاسع: شيوع كتابة القرآن في عهد رسول الله:
ومما يشهد لكتابة كثير من الصحابة للقرآن في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إضافة إلى ما تقدم؛ وإلى الأحاديث التي صرحت بوجود المصحف في عهده صلى الله عليه وآله) بصورة واسعة، الروايات التالية:

1 ـ ما روي عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) أنه قال:
(فضل القرآن نظراً، على من قرأ ظاهراً، كفضل الفريضة على النافلة..)

قال السيوطي عنه: إن سنده صحيح[198].

2 ـ عن أبي الدرداء، مرفوعاً:
(من قرأ ماءتي آية، كل يوم نظراً، شفع في سبعة قبور حول قبره إلخ..)[199].

3 ـ وعنه (صلى الله عليه وآله):
(أفضل عبادة أمتي تلاوة القرآن نظراً)[200].

4 ـ وعن أنس، عنه (صلى الله عليه وآله):
(من قرأ القرآن نظراً، متع ببصره)[201].

5 ـ عن عائشة، عنه (صلى الله عليه وآله):
(أكرموا القرآن، ولا تكتبوه على حجر، ولا مدر، ولكن اكتبوه فيما يمحى، ولا تمحوه بالبزاق، وامحوه بالماء)[202].

6 ـ عن ابن الزبير، عنه (صلى الله عليه وآله):
(من ختم القرآن عن ظهر قلبه، أو نظرأً، أعطاه الله شجرة في الجنة)[203].

7 ـ عن حذيفة، عنه (صلى الله عليه وآله):
(من قرأ القرآن ظاهراً، أو ناظراً، حتى يختمه، غرس الله له به شجرة في الجنة.. إلخ)[204].

8 ـ وعن معاذ، عنه (صلى الله عليه وآله):

(لا تمحوا كتاب الله بالأقدام)[205].

9 ـ عن عمر بن عبد العزيز، قال: مر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بكتاب في الأرض، فقال:
(لعن الله من فعل هذا، لا تضعوا كتاب الله إلا موضعه..)[206].

العاشر: الذين جمعوا القرآن في عهده (صلى الله عليه وآله):لقد ذكر المؤرخون والمؤلفون، جمعاً من الصحابة، قالوا: إنهم قد جمعوا القرآن في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ويستثنون بعضهم ؛ فيقولون: إنه قد جمع القرآن، باستثناء سورتين، أو ثلاثة..

ومن الواضح؛ أن المراد بالجمع، هو ما قابل التفرق؛ فان القرآن قد نزل متفرقاً ونجوماً؛ فكان الصحابة ـ أو طائفة منهم ـ يهتمون بالحصول على ما نزل، وضمه إلى ما عندهم، ويتابعون ذلك باستمرار.. وطبيعي أن يكون ذلك على سبيل الكتابة، وضم الجديد إلى القديم، على هذا النحو.

والقول بأن المراد بجمعه: هو الحفظ في الصدور..

لا يستقيم.. لأن حفاظ القرآن في عهده (صلى الله عليه وآله) كثيرون، وقد قتل في بئر معونة كما رووا ـ وإن كنا لم نـوافـق على هذا العدد[207]ـ : سبعون رجلاً من القراء..

وسيأتي: أنه قتل في وقعة اليمامة، أي بعد وفاته (صلى الله عليه وآله) بأشهر قليلة، مثل هذا العدد من القرّاء أيضاً.. بل قيل: إن المقتولين في اليمامة كانوا أربع مئة، أو قريب خمس مئة.

وحسب تعبير عروة بن الزبير في مقام بيانه لسبب أمر أبي بكر بجمع القرآن:
(إنه قتل باليمامة ناس، من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قد جمعوا القرآن)[208].

كما أن هؤلاء الذين عدّوهم في من جمع القرآن، قد كانت لهم مصاحف تخصهم، كزيد، وابن مسعود، وعلي، وأبي.. وقد بقي بعضها بعد موتهم، مئات السنين[209].

هذا.. عدا عن مصاحف أخرى، كانت منتشرة في عهده (صلى الله عليه وآله)، حسبما قدمناه.
فإذا أردنا إضافة الصحابة القرّاء، الذين قتلوا في حرب اليمامة، إلى من ورد ذكرهم فيما يلي من نصوص؛ فإن الرقم لسوف يصبح كبيراً جداً، كما هو ظاهر..

بقي أن نشير: إلى أن من الجائز: أن يكون الذي لدى هؤلاء، وأولئك، يختلف في ترتيبه عن بعضه البعض، وقد تنقص السورة أو السورتان من بعض المصاحف أيضاً.. وذلك لا يضر فيما نريد إثباته، وإنما هو يثبته ويؤكده..

أسماء من جمعوا القرآن على عهد النبيّ (صلى الله عليه وآله):

وإليك بعض النصوص، التي صرحت بأسماء أشخاص، جمعوا القرآن في عهده (صلى الله عليه وآله).

هذا.. ولسوف نضع رقماً لنشير إلى عدد هؤلاء، الذين ترد أسماؤهم جديداً، خلال النصوص المختلفة، فنقول:

عن قتادة، قال: سألت أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد النبيّ؟

قال: أربعة، كلهم من الأنصار:

1 ـ أبي بن كعب، و

2 ـ معاذ بن جبل، و

3 ـ زيد بن ثابت، و

4 ـ أبو زيد.

ونحن ورثناه[210].

قال في حاشية السندي: (أي لم يجمعه غيرهم في علمي، أو من الأوس، وإلا فقد كان ممن يجمعه كثير من الصحابة، كما هو معلوم)[211].

وعلق القرطبي على حديث أنس هذا بقوله: (إنما أريد بهذا الحديث الأنصار. وقد جمع القرآن على عهد رسول الله جماعة، منهم:

5 ـ عثمان بن عفان، و

6 ـ علي، و

7 ـ عبد الله بن مسعود، و

8 ـ عبد الله بن عمرو بن العاص، و

9 ـ سالم مولى أبي حذيفة.. رضي الله عنهم) زاد ابن الأثير، هنا قوله: (أخرجه الثلاثة)[212].

وقد ذكر أبو عمر نفس ما تقدم، في ترجمة قيس بن السكن، بزعم: أنه هو نفسه أبو زيد. وهو ما قاله غيره أيضاً[213].

ولكن قال آخرون: إن أبا زيد هو (سعد بن عمير، وقيل: ثابت، وقيل: قيس بن السكن)[214].

وذكره المرزباني وغيره باسم ثابت، وذكر: أنه أحد الستة، الذين جمعوا القرآن على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله)[215].

ولكننا بالنسبة لحديث جمع زيد القرآن في عهد رسول الله، نجد ابن عبد البر يذكر ما يفيد تشكيك البعض في ذلك؛ فهو يقول:

(.. وقد عارضه قوم بحديث ابن شهاب، عن عبيد بن السباق، عن زيد بن ثابت: أن أبا بكر أمره، في حين مقتل القراء في اليمامة بجمع القرآن.

قال: فجعلت أجمع القرآن من العسب، والرقاع، وصدور الرجال، حتى وجدت آخر آية من التوبة مع رجل يقال له: خزيمة، أو أبو خزيمة.

قالوا: فلو كان زيد قد جمع القرآن على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)؛ لأملاه من صدره، وما احتاج إلى ما ذكر..)[216]. انتهى.

ونزيد نحن هنا: أن محمد بن كعب القرظي، لم يذكر زيد بن ثابت في عداد من جمع القرآن في عهده(صلى الله عليه وآله)، كما سيأتي..

ولكن يمكن المناقشة في كلام ابن عبد البر، بأنه قد يكون إنما فعل ذلك، من أجل أن يشعر الناس بالتحري والاطمينان، وعدم الاستبداد بالرأي في مجالات كهذه، كما ذكروه.

كما أن محمد بن كعب القرظي، قد أهمل ذكر غير زيد أيضاً، فهو لم يذكر ابن مسعود، ولا علياً (عليه السلام) مثلاً.

ولكن هذه المناقشة لا تكفي لإزالة التساؤل المطروح؛ لأنها لا تعدوا عن أن تكون مجرد احتمال موهون وضعيف..

إذ لعل محمد بن كعب إنما أراد ذكر من اطلع عليهم ـ ممن جمعوا القرآن من الأنصار، هذا بالإضافة إلى: أن ابن مسعود، قد سجل اعتراضاً قوياً على تكليفهم زيداً بكتابة القرآن وأهليته لذلك.

وحجته في ذلك: أنه هو نفسه قد أخذ من فيّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) سبعين سورة، وإن زيداً ليلعب مع الصبيان في الكتاب.

فيبقى ما ذكره ابن عبد البر على قوته..

ومهما يكن من أمرٍ، فان رواية أنس، ليست هي الوحيدة في هذا المجال؛ إذ أن هناك رواية عن ابن سيرين يرد فيها نفس هذا السؤال.. فهي قد ذكرت من تقدمت أسماؤهم، واختلفوا في رجلين من ثلاثة:

10 ـ أبو الدرداء، وعثمان، وقيل: عثمان، و

11 ـ تميم الداري[217]، وفي رواية أخرى عن الشعبي: أنهم ستة؛ فأضاف إليهم: أبا الدرداء، و

12 ـ سعيد بن عبيد[218].

وفي رواية أخرى، عن محمد بن كعب القرظي؛ أنهم خمسة: معاذ، وأبي، وأبو الدرداء، و

13 ـ عبادة بن ثابت، و

14 ـ أبو أيوب الأنصاري[219].

ولعل عبادة بن ثابت، مصحّف عن عبادة بن صامت، كما هو نص رواية العيني، وإلا فإننا لم نجد لعبادة بن ثابت ترجمة فيما بأيدينا من كتب تراجم الصحابة.

وزاد ابن النديم على من ذكرهم الشعبي، وأنس: علياً أمير المؤمنين (عليه السلام)، و
15 ـ عبيد بن معاوية[220].

وعن علي بن رباح، قال: (جمع القرآن على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب، وأبي بن كعب).

ونص على جمع أبي بن كعب للقرآن في عهده ابن حبان أيضاً[221].

وروي عن علي (عليه السلام)، أنه قال: (ما كتبنا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا القرآن، وما في هذه الصحيفة)[222].

كما أن ابن حبيب، قد سمّى الذين جمعوا القرآن على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهم:

أبو الدرداء، وزيد بن ثابت، وأبو زيد، ثابت بن زيد، , وأبي، ومعاذ. وأضاف إليهم:

سعد بن عبيد[223].

ولعله غير سعيد السابق ذكره[224]، وفيه تحقيق مطول حول اتحاده أو تعدده مع سعيد بن عبيد فراجع.

وقال ابن سعد: (يروي الكوفيون: أنه فيمن جمع القرآن على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)) [225].

وقالوا: إن ممن جمعه أيضاً:
16 ـ قيس بن أبي صعصعة، وعمر بن زيد الأنصاري، البدري[226].

وممن جمعه أيضاً على عهده ـ حسب نص ابن الأثير وغيره ـ.

17 ـ (قيس بن السكن، و

18 ـ أم ورقة بنت نوفل، وقيل: بنت عبد الله بن الحارث، ذكر ابن سعد: أنها جمعت القرآن)[227].

هذا.. وقد جاء النص على جمع قيس بن السكن للقرآن، في كتب التراجم، وغيرها[228].

وكذا الحال بالنسبة لأم ورقة أيضاً[229].

وقالوا أيضاً: إن

19 ـ مجمع بن حارثة، قد جمع القرآن على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، باستثناء سورتين أو ثلاثة، وحسب تعبير البعض: بقي عليه سورة، أو سورتان، حين قبض النبيّ(صلى الله عليه وآله)[230].

وعن الداني، عن ابن إسحاق: أن

20 ـ أبا موسى الأشعري، و

21 ـ مجمع بن جارية، قد جمعا القرآن أيضاً[231].

ولعل الصحيح هو: مجمع بن حارثة، وهو المتقدم.

22 ـ وعن عبد الله بن عمرو، قال: جمعت القرآن ؛ فقرأت به كل ليلة، فبلغ النبيّ؛ فقال: اقرأه في شهر..[232]. الحديث..

وقال العيني: الخلفاء الأربعة جمعوا القرآن على عهد رسول الله، ذكره أبو عمرو، وعثمان بن سعيد الداني[233].

فيضاف إلى من تقدم:
23 ـ أبو بكر بن أبي قحافة، و

24 ـ عمر بن الخطاب

وعن عثمان بن عفان قوله: (لقد جمعت القرآن على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله))[234].

وقال السيوطي عنه؛ إنه: (أحد الصحابة الذين جمعوا القرآن. بل قال ابن عباد: لم يجمع القرآن من الخلفاء إلا هو والمأمون)[235].

ولعلّ مراد ابن عباد بالجمع: الحفظ عن ظهر قلب.

لكن يرد عليه: أنّ عليّاً (عليه السلام) كان يحفظه أيضاً كذلك، فضلاً عن غيره.

إلى هنا انتهى ما جاء في كتاب حقائق هامة حول القرآن من ص75 إلى ص97..

وبعد ما تقدم نعود لمتابعة حديثنا معك، فنقول:
د ـ قولك: كان المعارضون للشيعة يردون عليهم بأن أبا بكر قد جمع القرآن، والقرآن لم يذكر

الإمامة صريحة فانقسم الشيعة في الرد على هذه المسألة الأولى قسمين:
قسم قالوا: بذم أبي بكر وصحة القرآن من باب أن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر إلخ..

نقول لك فيه:
أولاً: لو ذكرت لنا في أي كتاب وجدت هذا الاستدلال من المعارضين للشيعة على الشيعة، وفي أي كتاب قال: انقسم الشيعة إلى قسمين في الرد على هذا الدليل.. أرجو بكل قوة أن تلبي طلبي، وتدلني على مصدر الاستدلال والرد؟!

ثانياً: أحب أن تذكر لي أيضاً أسماء زعماء هذين الفريقين، وأين دونوا أقوالهم هذه كرد على ذلك الاعتراض..

وسأكون لك شاكرا على تلبيتك رجائي هذا طول عمري..

جواب المالكي:
ولم يجب حسن بن فرحان المالكي بشيء!!


[149] راجع: سعد السعود ص192/193.
[150] أجوبة مسائل موسى جار الله ص31.
[151] راجع أسماء هؤلاء في: الوزراء والكتاب ص12 و13 والسيرة الحلبية ج3 ص326/327، وتجارب الأمم ج1 ص161/162 والبداية والنهاية ج7 ص339 فما بعدها. وراجع بحث كتّاب الوحي في كتاب: بحوث في تاريخ القرآن وعلومه.. وراجع أيضاً: فتح الباري ج9ص19 و20 وترجمة زيد بن ثابت في صفة الصفوة ج1 ص704 وغير ذلك من مصادر.
[152] سورة البينة: الآية2.
[153] مجمع الزوائد ج1ص152 عن الطبراني في الأوسط، وتاريخ القرآن للصغير ص80 عن أدب الكاتب للصولي ص165.
[154] دلائل النبوة للبيهقي ج1 ص241. وراجع: سير أعلام النبلاء ج2 ص429 وفي هامشه عن الطبراني ومجمع الزوائد ج9ص17.
[155] تهذيب تاريخ دمشق ج5 ص447 وصحيح البخاري ج3 ص145 وفتح الباري ج9 ص20 والبداية والنهاية ج7 ص347 وسير أعلام النبلاء ج2 ص430 ومسند أحمد ج5 ص184و191.
[156] راجـع: لباب التأويـل للخازن ج1 ص8 ومناهـل العرفـان ج1 ص240 ومباحث في علوم القرآن ص142 عن الإتقان ص62 ج1 عن ابن الحصار.
[157] الجامع الصحيح للترمذي ج5 ص272 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص43 والإتقان ج1 ص62 والبرهان للزركشي ج1 ص241 عن الترمذي، والحاكم. والتمهيد ج1 ص213 وتاريخ القرآن للصغير ص81 عن: مدخل إلى القرآن الكريم لدرّاز ص34.
[158] بهامش جامع البيان للطبري ج1 ص24 ومناهل العرفان ج1 ص240.
[159] مستدرك الحاكم ج2 ص330 و221 وتلخيصه للذهبي بهامشه وغريب الحديث ج4 ص104، والبرهان للزركشي ج1 ص234 /235 وراجع ص61 وغرائب القرآن بهامش جامع البيان ج1 ص24 وفتح الباري ج9 ص19 و20 و39 و38، وكنز العمال ج2 ص367 عن أبي عبيد في فضائله، وابن أبي شيبة، وأحمد، وأبي داود، والترمذي، وابن المنذر، وابن أبي داود، وابن الأنباري معاً في المصاحف، والنحاس في ناسخه، وابن حبان، وأبي نعيم في المعرفة، والحاكـم وسعيد بـن منصـور، والنسائي، والبيهقي، وفـواتـح الرحموت بهامش المستصفى ج2 ص12 عن بعض من ذكر، والدر المنثور ج3 ص207 و208 عن بعض من ذكر، وعن أبي الشيخ، وابن مردويه ومشكل الآثار ج2 ص152 والبيان ص268 عن بعض من تقدم، وعن الضياء في المختارة، ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج2 ص48 وراجع: بحوث في تاريخ القرآن وعلومه ص103 ومناهل العرفان ج1 ص347 ومباحث في علوم القرآن ص142 عن بعض من تقدم، وتاريخ القرآن للصغير ص92 عن أبي شامة في المرشد الوجيز، وجواهر الأخبار والآثار بهامش البحر الزخار ج2 ص245 عن أبي داود والترمذي وسنن أبي داود ج1 ص209 والسنن الكبرى للبيهقي ج2 ص42 وأحكام القرآن للجصاص ج1 ص10 ومسند أحمد ج1 ص57 و69.
[160] الإتقان ج1 ص60 وراجع: التمهيد ج1 ص213، وبحوث في تاريخ القرآن وعلومه ص 103، ومباحث في علوم القرآن ص140 و145 عن أحمد بإسناد حسن وكنز العمال ج2 ص10 عن أحمد.
[161] راجع: تفسير مجمع البيان ج2 ص394 والجامع لأحكام القرآن ج1 ص60/61 والتمهيد ج1ص213.
[162] تاريخ القرآن للأبياري ص108/109 وعلوم القرآن الكريم ص153 وراجع: الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم’ ج2 ص87-90 عن طائفة كبيرة من المصادر وراجع: كشف الأستار ج3 ص169 ومجمع الزوائد ج9 ص63.
[163] فتح الباري ج9ص19 والسيرة الحلبية ج3 ص326.
[164] البداية والنهاية ج7 ص340.
[165] الإتقان ج1 ص14-18.
[166] الإتقان ج1ص24 عن ابن أشتة في كتاب المصاحف وراجع: علوم القرآن الكريم ص154.
[167] سورة العلق: الآية 1ـ4.
[168] سورة القلم: الآية 1.
[169] سورة البينة: الآية 2.
[170] راجع: تأويل مختلف الحديث ص286 وجامع بيان العلم ج1 ص76 ومسند أحمد ج3 ص21 و12 و39 و56 وج6 ص182 وسنن الدارمي ج1 ص119 وتقييد العلم ص28 حتى ص32 ومجمع الزوائد ج1 ص151 عن البزار وكنز العمال ج1 ص179 عن البزار أيضاً. والأسرار= = المرفوعة ص9 عن مسلم والترمذي، والنسائي وصحيح مسلم ج8 ص229 وفتح الباري ج9 ص10 و11.
[171] تاريخ القرآن للأبياري ص108.
[172] راجع: مستدرك الحاكم ج2 ص611 و129 وتلخيصه للذهبي بهامشه، = = وصححاه على شرط الشيخين. والبرهان للزركشي ج1 ص237 و256 و235 عن الحاكم والبيهقي في كتاب المدخل، وفي الدلائل، وفواتح الرحموت، بهامش المستصفى ج2 ص13 والإتقان ج1 ص57 و60 ومناهل العرفان ج1 ص240 والبيان للخوئي ص273 وبحوث في تاريخ القرآن وعلومه ص105 و126 و130 ومسند أحمد ج5ص185.
[173] تاريخ واسط ص102 وكنز العمال ج17 ص105 عن أحمد، وعبد الرزاق، والبخاري، ومسلم، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن خزيمة، وأبي عوانة، والطحاوي، وابن حبان، والبيهقي، وأبي يعلى، والطيالسي. وتذكرة الحفاظ ج1 ص12.
[174] راجع: تاريخ القرآن للزنجاني ص64 و44 و45، وراجع: تفسير البرهان = = المقدمة ص36 عن تفسير القمي، وعمدة القاري ج20 ص16 والبحار ج89 ص48 وراجع ص52 وراجع أيضاً: الإتقان ج1ص58 و57 ومناقب آل أبي طالب، لابن شهرآشوب ج2 ص41 وتفسير القمي ج2 ص451 والمحجة البيضاء ج2 ص264 وتاريخ القرآن للأبياري ص84 و106 وتفسير الصراط المستقيم ج1 ص366 الهامش والوافي ج5 ص274.
[175] راجع طائفة من مصادر التي ذكرت في كتاب: السوق في ظل الدولة الإسلامية ص68.
[176] تاريخ القرآن للصغير ص77 وتاريخ القرآن للزنجاني ص39.
[177] سنن الدارمي ج2 ص439 وراجع: مسند أحمد ج4 ص150 و153 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج4 الخاتمة ص34 عن أبي عبيد، وعن النسائي.
[178] تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج4 الخاتمة ص34.
[179] مسند أحمد ج2 ص173.
[180] البرهان للزركشي ج1 ص462 عن البيهقي في شعب الإيمان، وكنز العمال ج1 ص477 عنه أيضاً، وعن ابن عدي في الكامل، وراجع: الإتقان ج1 ص108.
[181] البرهان للزركشي ج1 ص462 عن الطبراني، والإتقان ج1 ص108 وكنز العمال ج1 ص460 عن الطبراني وعن البيهقي في شعب الإيمان، وتاريخ القرآن للصغير ص84 ومجمع الزوائد ج7 ص165.
[182] البرهان للزركشي ج1 ص463 عن أبي داود.
[183] الإتقان ج1ص108 وكنز العمال ج1 ص534 عن البيهقي في شعب الإيمان، وعن حلية الأولياء لأبي نعيم. وتاريخ القرآن للصغير ص84 عن البيهقي.
[184] الإتقان ج1 ص108 وتاريخ القرآن للصغير ص84 عن البيهقي ومجمع الزوائد ج7 ص165 عن الطبراني.
[185] كشف الأستار عـن مسند البزار ج3 ص93/94 وعن مجمع الزوائد ج7 ص171.
[186] المحجة البيضاء ج2ص231 عن البيهقي في شعب الإيمان، كما عن الجامع الصغير، وكنز العمال ج1 ص455 ونوادر الأصول ص333، وعن صحيح ابن حبان.
[187] ثواب الأعمال ص129 والوسائل ج4 ص853..
[188] كنز العمال ج2 ص223 و424 عن ابن أبي داود. وراجع ص214 وج1 ص464 و544 و547 عن مسلم، وأبي داود، وابن ماجة، وابن أبي داود، ومستدرك الحاكم، وحلية الأولياء.
وراجع أيضاً: سنن أبي داود ج3 ص36 وصحيح مسلم ج6 ص30 وتاريخ القرآن للصغير ص85 ومسند الحميدي ج2 ص306، وصحيح البخاري ج2 ص109، وموطأ مالك المطبوع مع تنوير الحوالك ج2 ص5، وشرح الموطأ للزرقاني ج3 ص278 وكشف الأستار ج2 ص272 = = ومشكل الآثار ج2 ص368-370 والمصنف لعبد الرزاق ج5ص212، والمحلى ج7 ص349 والمعتصر عن المختصر ج1 ص27 وسنن ابن ماجة ج2 ص961 وسنن البيهقي ج9 ص102 ونصب الراية ج3 ص383 و384 وفتح الباري ج6 ص93 وفيه بحث، وتأويل مختلف الحديث ص202 ومجمع الزوائد ج5 ص256 عن البزار وعن صحيح مسلم، كتاب الإمارة ج2 ص131.
[189] كنز العمال ج1 ص477 ونوادر الأصول ص333.
[190] كنز العمال ج1 ص477 عن أبي الشيخ.
[191] كنز العمال ج1 ص548 و543 عن ابن أبي داود في المصاحّف، وعن الترمذي، وأبي داود، ومستدرك الحاكم، والطبراني في الكبير، والدارقطني في سننه.
[192] نوادر الأصول ص334.
[193] تاريخ القرآن للصغير ص84 عن الإتقان للسيوطي ج4 ص166.
[194] كنز العمال ج1 ص170 عن الديلمي، عن معاذ.
[195] مجمع الزوائد ج7 ص165/166 عن الطبراني في الأوسط.
[196] كنز العمال ج1 ص544 عن الديلمي في الفردوس، وتاريخ القرآن للصغير ص84 عن فيض القدير للمناوي.
[197] مجمع الزوائد ج9 ص371 وحياة الصحابة ج3 ص244.
[198] البرهان للزركشي ج1 ص462 والإتقان ج1 ص108 عن أبي عبيد في فضائل القرآن، وكنز العمال ج1 ص459 عنه أيضاً، وقريب منه في ص 460 و541، عن ابن مردويه، ومحاضرات الأدباء، المجلد الثاني ص437 و435.
[199] البرهان للزركشي ج1ص462، عن أبي داود، وكنز العمال ج1 ص477 عنه أيضاً، وعن الديلمي.
[200] آداب المتعلمين للطوسي، الملحق بشرح الباب الحادي عشر ص151 والمحجة البيضاء ج2 ص231 وكنز العمال ج1 ص255 و469 عن نوادر الأصول للحكيم الترمذي.
[201] كنز العمال ج1 ص477 عن ابن النجار.
[202] كنز العمال ج1 ص493 عن الديلمي.
[203] كنز العمال ج1 ص478 عن ابن مردويه، وراجع: كشف الأستار ج3 ص93 /94 ومجمع الزوائد ج7 ص165.
[204] كنز العمال ج1 ص478 عن الرافعي، عن الطبراني، وعن الحاكم في المستدرك، وابن مردويه وعن البيهقي في شعب الإيمان.
[205] كنز العمال ج1 ص549 عن أبي نصر السجزي في الإبانة.
[206] كنز العمال ج1 ص549 عن الحكيم الترمذي في نوادر الأصول.
[207] بحثنا ذلك في الجزء الخامس من كتاب: الصحيح من سيرة النبيّ = = الأعظم ’ حين الحديث على غزوة بئر معونة.
[208] كنز العمال ج2 ص363 عن ابن سعد.
[209] راجع: الفهرست لابن النديم ص29 والتمهيد في علوم القرآن ج1 ص250 عنه.
[210] صحيح البخاري ج2 ص201 وج3 ص147 وفيه رواية أخرى عن ثمامة، عن أنس، وطبقات ابن سعد ج2 قسم2 ص113 و112، وقال: إنهم خمسة. وتفسير الخازن ج1 ص7 ولباب التأويل للنيسابوري، بهامش جامع البيان ج1 ص24 ومناهل العرفان ج1 ص236 والجامع لأحكام القرآن ج1 ص56 و57، والبحار ج89 ص77 عن: البخاري، ومسلم، والترمذي، وجامع الأصول. والبرهان للزركشي ج1 ص241 والإتقان ج1 ص70 و71 عن: ابن جرير، والبخاري، وعمدة القاري ج20 ص26 عن مسلم. وتهذيب تاريخ دمشق ج5 ص448 و137 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج4 الذيل ص28 عن مسلم أيضاً. وتاريخ القرآن ص47، وفتح الباري ج9 ص49 وراجع: كنز العمال ج2 ص390، والبيان للخوئي ص269، وراجع ص270 وعن: بحوث حول علوم القرآن ص215. وبحوث في تاريخ القرآن وعلومه ص130. وأسد الغابة ج4 ص216، والإستيعاب بهامش الإصابة ج3 ص224 والجامع الصحيح للترمذي ج5 ص66 وتذكرة الحفاظ ج1 ص31 وراجع ص25 والبداية والنهاية ج7 ص340 عن الصحيحين وراجع ص346. وسير أعلام النبلاء ج2 ص431. عن المحبر.
[211] راجع: حاشية السندي على صحيح البخاري: هامش ج3 ص147.
[212] الإستيعاب بهامش الإصابة ج3 ص224 وأسد الغابة ج4 ص216.
[213] راجع: الإصابة ج3 ص250 والإستيعاب بهامشه ج3 ص224 وأسد الغابة ج4 ص216.
[214] أسد الغابة ج4 ص216 والإصابة ج4 ص78 وج2 ص30 والإستيعاب بهامشه ج4 ص78.
[215] نور القبس ص 104 و105 وراجع: المحبر ص 386 وفتح الباري ج9 ص49 والإتقان ج1 ص72 عن المحبر وعن أبي أحمد العسكري، وعمدة القاري ج20 ص27 عن المحبر أيضاً.
[216] الإستيعاب، بهامش الإصابة ج1 ص552.
[217] طبقات ابن سعد ج2 قسم 2ص113 والبرهان للزركشي ج1 ص241 والنص له، والإتقان ج1 ص72 عن البيهقي، وتاريخ القرآن ص47.
[218] طبقات ابن سعد ج2 ص112 و113 و114 والبرهان للزركشي ج1 ص241 والإتقان ج1 ص72 عن البيهقي، وابن أبي داود، وفتح الباري ج9 ص48 ونور القبس ص245 وراجع ص105، وكنز العمال ج2 ص365 وص374 عن ابن سعد، ويعقوب بن سفيان، والطبراني والحاكم والإيضاح لابن شاذان ص222 والبيان ص269 عن منتخب كنز العمال ج2 ص214 عن الطبراني، وابن عساكر، وتهذيب تاريخ دمشق ج5 ص448. وتاريخ القرآن ص47 وعن بحوث حول علوم القرآن ص214 والإصابة ج2 ص50 ومجمع الزوائد ج9 ص312.
[219] طبقات ابن سعد ج2 ص113 وفتح الباري ج9 ص48 والإتقان ج1 ص72 عن ابن أبي داود، وتاريخ القرآن ص47 وكنز العمال ج2 ص365 و374 ومناهل العرفان ج1 ص237 وعمدة القاري ج20 ص27 عن: ابن عساكر، لكن فيه: عبادة بن الصامت، بدل: عبادة بن ثابت وحياة الصحابة ج3 ص221 عن بعض من تقدم، وعن التاريخ الصغير ص22 مختصراً.
[220] الفهرست ص30 وتاريخ القرآن للزنجاني ص46 وتاريخ القرآن للأبياري ص95.
[221] مشاهير علماء الأمصار ص12.
[222] تاريخ واسط ص102 وكنز العمال ج17 ص105 عن مصادر كثيرة وتذكرة الحفاظ ج1 ص12.
[223] المحبر ص386 والإتقان ج1 ص72 عنه وعن أبي أحمد العسكري، وكذا في فتح الباري ج1 ص49. وعمدة القاري ج20 ص27 عن المحبر.
[224] راجع في جمع سعد بن عبيد للقرآن: عمدة القاري ج20 ص27 والإستعياب، بهامش الإصابة ج2 ص41 والإصابة ج2 ص31 وص50 وأسد الغابة ج2 ص313 و314.
[225] طبقات ابن سعد ط صادر ج3 ص458.
[226] عمدة القاري ج20 ص27 عن أبي عبيد في حديث مطول، والإتقان ج1 ص72 عن ابن حجر، وابن أبي داود. وتاريخ الخلفاء ص147.
[227] عمدة القاري ج20 ص27 وراجع: الإتقان ج1 ص72، وتاريخ القرآن للأبياري ص108 وحلية الأولياء ج2.
[228] راجع: الإصابة ج3 ص250 والإستيعاب بهامشها ج2 ص224 وأسد الغابة ج4 ص216.وطبقات ابن سعد ط صادر ج3 ص513.
[229] راجع بالإضافة إلى ما تقدم: طبقات ابن سعد ج8 ص335 والتراتيب الإدارية ج1 ص47 وتاريخ القرآن للزنجاني ص41، والبيان للخوئي ص273. وصرح بأنها قرأت القرآن في أسد الغابة ج5 ص626 وفي الإصابة ج4 ص505.
[230] طبقات ابن سعد ج2 قسم 2 ص113 وتهذيب تاريخ دمشق ج5 ص448 والتراتيب الإدارية ج1 ص46 وكنز العمال ج2 ص374 عن = = ابن سعد، ويعقوب بن سفيان، والطبراني، والحاكم ومجمع الزوائد ج9 ص312.
[231] عمدة القاري ج20 ص27، وذكر أبا موسى، في: الإتقان ج1 ص72 عن الداني.
[232] الإتقان ج1 ص72 عن النسائي، بسند صحيح، ومناهل العرفان ج1 ص237 عن النسائي بسند صحيح أيضاً، وفتح الباري ج9 ص47، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج4 الذيل ص29 عن النسائي، وابن ماجة، والمصنف لعبد الرزاق ج3 ص355 وعمدة القاري ج20 ص27، عن أبي عمر وكنز العمال ج2 ص208/209 عن ابن عساكر، وعن مسند أبي يعلى ومباحث في علوم القرآن ص120 والبيان للخوئي ص269، وبحوث في تاريخ القرآن وعلومه ص130 وتفسير الميزان ج12 ص121.
[233] عمدة القاري ج20 ص27.
[234] عمدة القاري ج20 ص27.
[235] تاريخ الخلفاء 148.


يتبع>>>

نسألكم الدعاء

خادم الزهراء 21-Aug-2009 04:31 PM

الفصل السادس: هكذا.. يحرفون الكلم عن مواضعه..
1 ـ رواية عمران بن الحصين حول المتعة..
السؤال رقم (15):
سؤال الأخ تكبيرة العرش:
بسم الله الرحمن الرحيم
نرحب بسماحة الشيخ الفاضل حسن المالكي - حفظه الله.

سماحة الشيخ حسن ـ حفظكم الله ـ لدي سؤال حول رواية:
بما أن صحيح الإمام البخاري (رحمه الله) كتاب كل ما جاء فيه صحيح وما فيه قطعي الثبوت ـ كما هو عند إخواننا أهل السنة والجماعة ـ فبه رواية تتحدث عن مشروعية نكاح المتعة وهي كالتالي:
(‏حدثنا ‏مسدد ‏حدثنا ‏يحيى ‏عن ‏عمران أبي بكر حدثنا ‏أبو رجاء ‏عن عمران بن حصين ‏رضي الله عنهما ‏قال: ‏أنزلت آية المتعة ‏في كتاب الله ففعلناها مع رسول الله (‏صلى الله عليه وسلم)‏ ولم ينزل قرآن يحرمه ولم ينه عنها حتى مات قال رجل برأيه ما شاء).

حديث 4156، وقد علق فتح الباري في شرح صحيح الإمام البخاري (رحمه الله) أن الخليفة عمر (رضوان الله تعالى عنه) هو الذي منع نكاح المتعة.

بما أن الرواية صحيحة وهي قطعية الثبوت فإنه يحتج بها في مشروعية نكاح المتعة، وبما أن النبي (ص) معصوم في التبليغ عن الله سبحانه وتعالى ـ كما هو عند إخواننا السنة ـ فهو لم ينه عنها، وسؤالي هو كيف تفسرون تحريم الخليفة عمر (رضوان الله تعالى عنه) لنكاح المتعة بعد الإقرار بأن النبي (ص) لم يحرمها أو يمنعها؟! والسلام.

أجاب المالكي:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

ما أوردته من صحيح البخاري من قول عمران بن حصين (نزلت آية المتعة في كتاب الله ففعلناها مع رسول الله (ص) ولم ينزل قرآن يحرمه ولم ينه عنها حتى مات قال رجل برأيه ما يشاء، قال محمد يقال: إنه عمر.

ثم قلت: إن صاحب فتح الباري ذكر في الشرح أن الخليفة عمر هو الذي منع نكاح المتعة!!

أخي الكريم:
أنا أقف على كثير من كتابات الشيعة فيها مثل هذا التحريف واعذرني على هذا القول، فالبخاري روى الحديث في موضعين الحج وكتاب التفسير، وكلا الموضعين في متعة الحج لا متعة النساء ولم يذكر ابن حجر ولا البخاري متعة النساء أصلا، بل بوب البخاري في الموضع الأول ضمن أبواب الحج، والموضع الثاني جعل عنوان الباب (باب: فمن تمتع بالعمرة إلى الحج) فواضح في الموضعين أن المراد متعة الحج لا متعة النساء.

لذا آمل الدقة في النقل.

نعم قد وردت عند السنة روايات أخرى بأن أول من نهى عن متعة النساء هو عمر لكن هذا ليس في البخاري ولا يعني كونه ليس في البخاري أنه ضعيف لكنني أنبه للدقة فقط.

والذين يحرمون المتعة من أهل السنة وهم الأغلبية من السنة ـ لا يحرمونها لأن عمر حرمها!!

ولكن عندهم أدلة أخرى عن النبي (ص) يرونها الحجة في تحريم المتعة وهي مروية عن الإمام علي وقد وافقت الزيدية (من الشيعة) أكثرية أهل السنة في هذا الرأي، فرووا تحريم المتعة في مسند الإمام زيد بن علي وقالوا بذلك.

وعلى هذا فإن صح عن عمر شيء من النهي فيكون غير عالم بدليل التحريم أو ذاهلاً عنه أو مجدداً له وإن ثبت اباحتها يكون عمر مخطئا ولعمر نظائر في هذا منها متعة الحج نفسها التي سبق القول فيها، فعقلاء أهل السنة لا يبرؤون عمر من الأخطاء.
حسن بن فرحان المالكي

خادم الزهراء 21-Aug-2009 04:35 PM

2 ـ رمتني بدائها وانسلت..
وكان الرد على المالكي كما يلي:

بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله..
وبعد..

فقد اطلعنا على إجابة حسن بن فرحان المالكي على الأخ تكبيرة العرش، فوجدناه يطعن على الشيعة، وينسبهم إلى التحريف؛ ولكن مع الاعتذار!! ثم أمعنا النظر في إجابة المالكي على السؤال المطروح فوجدناها غير دقيقة، وتحمل التجني وذلك لما يلي:

إن السؤال والإجابة كانا حول المتعة في رواية عمران بن الحصين الواردة في البخاري. فادعى المالكي أن الرواية ناظرة لمتعة الحج، لذكر البخاري لها في ذلك المورد إلخ..

ونقول: إن لنا على كلامه ملاحظات هي:
1 ـ إن ذكر البخاري للرواية في كتاب الحج لا يجعل الرواية تتحدث عن خصوص متعة الحج، ولا يعد ذلك قرينة على المراد منها، لا متصلة ولا منفصلة، ففهم البخاري حجة على البخاري فقط وليس حجة على غيره.

إذن فلا بد أن ينظر في الرواية نفسها، فيؤخذ بدلالتها، من دون تأثر بما يريد البخاري أن يوحي به للناس..

2 ـ إن السائل لم يقل لك: إن الشيعة قد زادوا في الرواية كلمة (متعة النساء)، لتقول له: إن الشيعة يحرفون الكلام، بل ذكر لك النص المنقول عن البخاري بدقة، ومن دون زيادة ونقيصة، ثم ذكر لك أن العسقلاني قد ذكر أن عمر هو الذي منع نكاح المتعة، وهذا صحيح أيضاً..

وقد صرحت بهذا الأمر روايات كثيرة في كتب أهل السنة.. فلماذا وجهت الاتهام بالتحريف إلى كتابات الشيعة؟! حتى لو كان السائل قد فهم من كلام ابن الحصين أنه يقصد متعة النساء.

3 ـ إن السائل لم يقل لك: إن نهي عمر عن متعة النساء موجود في البخاري، فلماذا قلت له: نعم قد وردت عن السنة روايات أخرى بأن أول من نهى عن متعة النساء هو عمر لكن ليس هذا في البخاري.

4 ـ لماذا تحشر دائما اسم الزيدية في موضوع الحجاج والاحتجاج وماذا يقدم أو يؤخر رأيهم في ذلك فإن الميزان هو الدليل والبرهان ولا يصلح قول أحد لذلك إلا إذا كان معصوماً وإلا إذا كان يخبر عن الله.. ويستدل بآياته..

5 ـ ما معنى قولك: إن صح عن عمر شيء من النهي، فيكون غير عالم بدليل التحريم..

ونقول لك: إن هذا المنع موجود في مسلم ومسند أحمد وكثير من كتب الصحاح والمسانيد بأسانيد صحيحة حسب موازينكم.

6 ـ إذا كان عمر غير عالم بالنهي كما تقول، فلماذا يقدم على تحريم أمر في الشريعة ليس لديه دليل على تحريمه؟!

7 ـ إن إقدام عمر على تحريم متعة الحج، وهي ثابتة الجواز لا يعد عذراً له، بل هو يؤكد الإشكال عليه وعليك.

8 ـ في أخبار القضاة لوكيع ج2 ص124 رواية تشير إلى أن عمران إنما يتحدث عن متعة النساء.
9 ـ قد عد كثير من العلماء عمران بن الحصين في جملة القائلين بحلية متعة النساء، والظاهر: أن مستندهم في ذلك هو هذه الرواية بالذات[236].

فلماذا يرجح فهم البخاري وغيره على فهم أمثال هؤلاء؟

10 ـ إن هذا الإصرار من عمران، وهذا الكلام الجارح والقوي منه، إنما يناسب الإصرار على المتعة، إذ لا إصرار على متعة الحج. فقد اختار أهل الحديث التمتع بالعمرة إلى الحج، وهو قول الشافعي وأحمد واسحاق..

وكنا نحب أن نناقشك في هذا الموضوع ـ موضوع تشريع المتعة ـ بصورة تفصيلية، لأننا نملك أكثر من مئة رواية في كتب أهل السنة وصحاحهم ومسانيدهم المعتبرة تفيد بصورة أو بأخرى استمرار هذا التشريع بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله). ولسوف لن تتمكن من اتهامنا، لا بالتحريف، ولا بالافتراء، ولا بالتأويل..

بل ستجد نفسك مضطراً إلى اللجوء إلى التأويلات الباردة الكثيرة جداً، كما تعودناه في هذه الموارد، أو إلى محاولة التشكيك في النوايا بغير حق.
والحمد لله رب العالمين.

جواب المالكي:
ولم يجب حسن بن فرحان المالكي بشيء!!


[236] راجع: الجامع لأحكام القرآن ج5 ص133 والمحبر لابن حبيب ص289 وتفسير النيسابوري مطبوع بهامش جامع البيان ج5 ص17 وأوجز = = المسالك ج9 ص404 عن الثعلبي وغيرهم.

يتبع>>>

نسألكم الدعاء

خادم الزهراء 21-Aug-2009 04:39 PM

3 ـ الإصرار على الإبهام، والإيهام، والإتهام!!
السؤال رقم (16):

سأل الأخ تكبيرة العرش:
(والسؤال موجه لحسن بن فرحان المالكي)

انبهرت من ردكم لي بأن رواية نهي الخليفة عمر ليست موجودة في صحيح البخاري وأنها محرفة لذا ألتمس من جنابكم الموقر تنبيه المواقع السني التالي بأن الروايات قد وضعت بالخطأ فيه، وقال جنابكم الموقر:

(ولم يذكر ابن حجر ولا البخاري متعة النساء أصلاً).

أنا سؤالي كان محدداً ولا دخل لي لما يذكره ابن حجر أو الإمام البخاري، هل يحق للخليفة أن يحرم ما لم يحرمه رسول الله (ص) سواء أكان في المتعة أو غيره.

وقلت: (فواضح في الموضعين أن المراد متعة الحج لا متعة النساء، لذا آمل الدقة في النقل).

وما رأيكم في جواز المتعتين الحج والنساء..

(‏وحدثنا ‏قتيبة بن سعيد ‏حدثنا ‏جرير ‏عن ‏فضيل ‏عن ‏زبيد ‏عن ‏إبراهيم التيمي ‏عن ‏أبيه ‏قال: ‏قال ‏أبو ذر ‏رضي الله عنه ‏لا تصلح المتعتان إلا لنا خاصة ‏يعني متعة النساء ومتعة الحج).

وأخيراً: يقول إخواننا أهل السنة والجماعة بأن المتعة نسخت بآية أخرى هلا تفضل جنابكم الموقر بإرشادنا إلى الآية التي نسخت المتعة. والسلام.
أجاب المالكي:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

إنما أنكرت عليكم النقل الذي ذكرته وصرحت فيه بـ (متعة النساء) مع أن تلك المواضع ليست فيها وسبق أن قلت إن هناك روايات سنية أخرى في زواج المتعة أما إجابة على سؤالكم فلا يحق للخليفة ولا لغيره أن يحرم ما لم تحرمه النصوص الشرعية.

أما متعة الحج فصارت مشروعيتها محل إجماع، وأما متعة النساء فلا زال الخلاف فيها على ما ذكرنا سابقاً.

وكان الرد على المالكي ما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..

تعليقاً على الإجابة على سؤال تكبيرة العرش.. نقول..

كنا قد ناقشنا سابقاً إجابتك الأولى على السؤال عن رواية عمران بن الحصين الواردة في المتعة..

وقد بينا أن تكبيرة العرش لم يدخل في رواية عمران بن الحصين شيئاً، فكلمة (متعة النساء) لم يدخلها في النص، وإنما هي تعبير له هو شخصياً عما فهمه من الرواية..

وها أنت عدت هنا، وأكدت إصرارك على اتهامه بالزيادة في النص المنقول..

فلماذا هذا الإصرار؟‍

ولماذا تحاول إيهام الآخرين، وحملهم على الاعتقاد بأن تكبيرة العرش قد حرف في النقل وزاد فيه؟‍

ولماذا لم تجبه على طلبه، بذكر الآية التي يقول أهل السنة إنها نسخت المتعة؟‍

وأخيراً.. نقول:
لماذا لم تجبنا على مداخلتنا السابقة المتعلقة برواية عمران بن الحصين، فإن كان ما قلناه حقاً، فلتكن لديك شجاعة الإقرار بالحق..

وإن كان باطلاً فأوضح لنا بطلانه، وسنكون لك من الشاكرين.

جواب المالكي:
ولم يجب حسن بن فرحان المالكي بشيء!!

خادم الزهراء 24-Aug-2009 10:43 AM

الفصل السابع: الهروب للتشكيك!!

بداية للتوضيح:
إن ما جاء في هذا الفصل ليس تفنيداً لأقاويل حسن بن فرحان المالكي، على النسق الذي تقدم في مختلف المسائل التي طرحت عليه، وأجاب عنها. بل هو مجرد تسجيل اعتراض على ممارسة النهج التشكيكي للناس في عقائدهم، والابتعاد عن بحث المسألة بصورة علمية وموضوعية..

وذلك بطريقة تمييع القضايا الأساسية، عبر طرح احتمالات، وأقاويل مختلفة، من دون أن يقدم تصوراً محدداً وحاسماً يمكن الوقوف عنده ومعالجته بالأدلة والبراهين..

ونعتقد أن الهدف من اتباع هذا الأسلوب هو الاستقطاب، وخداع الآخرين الذين لا يملكون حصانة عقائدية كافية. تمهيداً للانقضاض عليهم على انفراد، وحيث يكون أهل الشأن الفكري في غفلة عن حقيقة ما يجري..

وقد ظهر من سياق الإجابتين اللتين أوردناهما هنا كيف أنه يسعى إلى طرح الأمر العقيدي ـ خصوصاً في مسائل الإمامة ـ بصورة تبعده عن الأسس والمنطلقات التي يبتني عليها الخلاف في هذه المسألة الحساسة، والتي لو أمكن حلها بصورة صحيحة وسليمة، ووفق المناهج والمعايير والضوابط المعقولة والمقبولة.. لتحقق أعظم إنجاز ولكان تغير وجه التاريخ كله..

ولكن حسن بن فرحان المالكي قد اتبع كما قلنا اسلوباً يتسم بالسلبية.. الظاهرة، وهو يحاول تمييع هذه القضية، التي لا توجد قضية أشد خطورة وأعظم أهمية وأكثر حساسية منها.. حيث إنه بأسلوبه هذا يكون قد استبعد البحث حول كون أمر الإمامة هل يجب أن يكون منصوصاً عليه من الله؟! أم أن البت فيه قد ترك للناس أنفسهم..

كما أنه يستبعد بذلك أو ينهي البحث الدقيق حول دلالة النصوص على إمامة علي (عليه السلام) بطريقة يتضاءل معها الإحساس بضرورة حسم هذا الموضوع بطريقة علمية وصحيحة..

كما أنه قد استبعد النصوص الدالة على العدوان الذي مورس ضد علي وفاطمة الزهراء (صلى الله عليه وآله)، بهدف اغتصاب الخلافة..

مع أن هذا الأمر، هو الأكثر حساسية فيما يرتبط بأهلية أبي بكر للمقام الذي يسعى للحصول عليه، كما اتضح في القسم الأول من هذا الكتاب..

ونتيجة ذلك كله هو بقاء الخلاف، واستمرار المشكلة، وتفاقم الخطب فإنا لله، وإنا إليه راجعون..
فإلى ما يلي من صفحات..

يتبع>>>

نسألكم الدعاء

خادم الزهراء 24-Aug-2009 10:50 AM

1 ـ الهروب التشكيكي الأول..

السؤال رقم (17):
كان للأخ (عبيد) سؤال طرحه على حسن بن فرحان المالكي، فأجابه بما يلي:الأخ عبيد:
اختلف المسلمون في الأولى بالخلافة بعد الرسول (ص) وهذا الاختلاف قديم من أيام السقيفة واعتصام بني هاشم ومن معهم ببيت الزهراء.

فيجب أن نعترف أن هناك اختلافاً حصل بين المهاجرين والأنصار ثم بين المهاجرين أنفسهم.

من رأى أن الإمام علي أكفأ الناس بعد النبي (ص) فهو رأي إسلامي أصيل سبقه إليه عمار وسلمان والمقداد وجابر بن عبد الله وزيد بن أرقم والبراء بن عازب وغيرهم..

ومن رأى أن أبا بكر أولى بالخلافة فهذا رأي إسلامي أصيل كان عليه أكثرية المهاجرين وانضم إليهم أكثر الأنصار.

ومن رأى أن سعد بن عبادة أولى فهو رأي إسلامي أصيل وكان عليه أكثر الأنصار قبل رجوعهم.
فلا أرى الموضوع يحتاج لخصومة ومعرفة رأي فلان وفلان.

نعم قد يكون الإمام علي محل رضا أكثر الأنصار وقسم من المهاجرين وكل بني هاشم وقد تكون هذه النسبة أعلى من النسبة التي كان سيحققها أبو بكر بل كان الأنصار وحدهم أكثر من المهاجرين بنسبة (1ـ7) وكانوا يميلون إلى علي، ويفضلون ولايته على ولاية أبي بكر. وقد نص على هذا بعض علماء السنة كابن عبد البر.

والمشكلة ـ في ظني ليست في (الأولى) بعد حصول الخلاف، إنما المشكلة أن الصحابة لم يستطيعوا إدارة أول الخلاف بطريق الشورى ولم يؤسسوا (طريقة مقنعة) في اختيار الحاكم.

فلو أن الصحابة في السقيفة من المهاجرين والأنصار اتفقوا على اختيار ممثلين لهم وليكن عددهم أربعين أو ثلاثين أو نحو ذلك ثم يتم الاجتماع ـ بعد غسل الرسول (ص) ودفنه ـ ليختاروا الأنسب بطريق الترشيح لكان هذا أولى وأقطع للخلاف.

لكن التنازع والخلاف والتسرع في (الاختيار) دون حضور بعض كبار الصحابة الذين هم من كبار أهل الشورى كعلي وعمار ونحوهما أدى إلى (اختلال) في النظرية السياسية عند المسلمين فنحن اليوم لو مات ملك أو رئيس دولة لرأينا أن من الأنسب أن يجتمع عقلاء القوم اجتماعاً شوروياً لاختيار من يرونه الأكفأ، أما لو ذهب قسم منهم ليختلف مع قسم ثان وهناك قسم ثالث غائبون لما أدى هذا لاطمئنان الناس إلى صحة الاختيار.

ثم ليس الاجتماع الشوروي وتشكيل ممثلين للناس من أجل اختيار الحاكم فقط، بل لتيسير الأمور الأخرى كالموقف من تدوين العلم ونحو ذلك.

كلنا يتمنى لو قام الصحابة بعد النبي (ص) مباشرة ودوّنوا الأحاديث الصحيحة الجامعة والسير والمغازي والأحكام الفقهية.. الخ، لكن ما كل ما يتمناه المرء يدركه.

كلنا يتمنى لو اتفق المهاجرون والأنصار على تشكيل قوة لحماية المدينة على أن يتم الاتفاق على ترشيح أحد كبار الصحابة ـ وليكن أبا بكر أو عليا أو عمر أو سعد بن عبادة ـ لتولي الخلافة وتحديد المهام الموكلة إليه، وتحديد المهام الموكلة لأهل الشورى، وللأمة ولبعضهم في كتابة القرآن والأحاديث وإبداء الرأي الشرعي في مسألة مانعي الزكاة وتراث النبي (ص) والموقف من القبائل المسلمة حديثاً و.. الخ.

كثير من الأمور كنا نتمنى أن يتم فيها التأني والتروي حتى لا تصبح هناك ضبابية يدخل منها كل فرد برأي وتفسير ويخرج منه بطائفة وفرقة.

المسألة أهم من معرفة (الخليفة بعد النبي) كنا نريد من الصحابة والتابعين (تأسيس) لطريقة اختيار الحاكم وللشورى وبيت المال وحرية التعبير وتدوين العلم وتعيين الولاة و.. الخ.

لكن يجب أن نراعي ذلك الزمن ببساطته فلا نحاكمه بما استجد من الأحداث التي حدثت بعد ذلك، إضافة إلى أن الظلم الأموي لم يترك للتابعين فعل هذا وكذا استمر الظلم العباسي مع المنهج نفسه.

أنا شخصياً لا يهمني من يكون الخليفة بعد النبي (ص) بقدر ما يهمني (التأسيس) لطريقة الحكم وإدارة الدولة وشروط تحقيق العدالة.

وتكوين (ثقافة إدارية) تحول دون وصول الظالم إلى الحكم في المستقبل، وتثقيف المسلمين تلك الثقافة التي يحددون بها الموقف من الثقافات الأخرى والتي يتخلون بموجبها الجميع عن التعصبات القبلية وارتجالية الرأي والانفراد بالقرارات الصعبة التي تحتاج للشورى.

ربما لو حدث هذا لما سقطت الحضارة الإسلامية ولكانت رايات الإسلام تخفق في أرجاء أوروبا وآسيا.
لكن الخطأ اليسير يبني عليه الظالم الجور الكبير، مثلما الوصية لفرد (كوصية أبي بكر لعمر) حسن نية أبي بكر واستحقاق عمر إلا أن الوصية استغلها بنو أمية فأوصوا للأبناء الفسقة الذين كان لظلمهم أبلغ الأثر على طريقة الحكم والعدالة والعقل المسلم والنفس المسلمة.. الخ..

الكلام يطول لكنني أؤكد على بساطة ذلك العصر وتلقائيته، ربما لو عرف السابق أن انفراده بالقرار سيبني عليه اللاحق مظالم عديدة لما فعل ذلك.

لقد كان الاختلاف البريء بين الصحابة في الإمامة بعد وفاة النبي (ص) مدخلاً لظلمة بني أمية وبني العباس لاستيلاء الفاجر على إدارة المسلمين.

كانت خلافة الخلفاء الراشدين محل رضى من الأغلبية حتى لو كانت طريقة الاختيار محل نظر، لكن كيف تم استغلال هذا الخلل ممن بعدهم؟

الجميع يتذكر قول مروان إن أمير المؤمنين معاوية قد رأى في ابنه يزيد رأيا حسناً سنة أبي بكر وعمر!! والحديث في صحيح البخاري ـ كتاب التفسير، تفسير سورة الأحقاف.

فمعاوية بنى على مسألة (الوصية) التي لم يوص بها أبو بكر لأحد قرابته ولا عمر وإنما أوصوا بالخلافة لرجال من كبار الصالحين.. لكن مسألة الوصية ذاتها ـ بلا تشكيل مجلس شورى موسع يمثل الأمة ـ أدى إلى استغلال معاوية لهذا وزعم أن وصيته ليزيد السكير الفاسق كوصية أبي بكر لعمر أو عمر للستة!!

من هنا كان من المفترض أن يتنبه كبار الصحابة لعملية الاستغلال التي قد يقوم بها الظلمة في المستقبل بناءً على طريقة كان فيها نوع من الانفرادية وإن أصاب الخليفة في الاختيار وكان المختار صالحاً عادلاً.

ـ أما حديث الغدير فقد سبقت إجابات عن صحته والاختلاف في دلالته.

ـ أما قولك بأنه لم يسبق أن قال الرسول (ص) في أحد من الخلفاء قبل علي ما قاله في علي من حيث كم الأحاديث، فهذا صحيح وقد اعترف به أهل السنة فقال الإمام أحمد (لم يرو في فضل أحد من الصحابة بالأسانيد الجياد كما روي في فضل علي).

لكن من يعترف بهذا من أهل السنة كالإمام أحمد وغيره لا يرون الكثرة دالة على أنه الأفضل فيرجعون هذا لأسباب من أهمها أن الإمام علي انتقصه بنو أمية وسبوه على المنابر فكانت مسوغة لنشر فضله، لكن هذا السبب محل إشكال أيضاً فسب الخلفاء السابقين أو انتقاصهم وخاصة عثمان كان في الصدر الأول أيضاً ولم ينقل في فضلهم هذا الكم من الأحاديث.

المسألة الثانية: أن الأحاديث في فضل علي ليست (مسألة كم) فقط، بل أحاديث عظيمة الدلالة كحديث المنزلة والراية والغدير وحديث زر بن حبيش في مسلم وحديث الطير والمؤاخاة ونحوها من الأحاديث ذات المدلول العظيم في الفضل.

وكان الرد على المالكي كما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله..

إلى حسن فرحان المالكي..

تعليقاً على إجابتكم على عبيد، أقول:
إنه رغم أن لدي مناقشات كثيرة فيما ورد في إجابتك، لكنني أعرض عنها مؤقتاً، وأسجل تحفظي الشديد على الطريقة التشكيكية، والتي لا ينتهي قارؤها إلى نتيجة، فإن طريقة التشكيك ـ من شأنها زعزعة الشأن العقيدي بمختلف وجوهه، وهي غير مقبولة وغير مرضية من أي إنسان كان، فضلاً عمن يحمل همَّ الأمة، ويتصدى لمعالجة قضاياها، ولهداية الناس إلى الحق، والخير، والصلاح، وإلى الاعتقاد الصحيح.

إننا نسألك: ماذا تقول أنت وبماذا تدين الله؟! فإن أجبت بأنك شاك.. فإننا نطلب منك أن لا تنصب نفسك لمعالجة القضايا الفكرية التي تشك فيها.. إذ لا يحق لك أن تنقل شكوكك لغيرك من الناس العاديين..

وإن كان لك مذهب اعتقادي ثابت، فلماذا لا تفصح عنه، ليمكن النظر فيه؟! وفي أدلته، فإن كانت مقبولة ومعقولة.. فسنكون معك وإلى جانبك، وسندافع عنها إن شاء الله كما تدافع أنت..

وإن كانت بحاجة إلى التصويب والتسديد، فسنكون أيضاً معك، ساعين إلى حصحصة الحق، وتمحيصه، ودفع أي شبهة عنه.. نعم.. لقد كان الأجدر بك تقديم الحل الصحيح، بطريقة علمية، أو تقديم المنهج الذي يؤدي إلى الحل الصحيح.

وأما اعتماد طريقة عرض الاحتمالات المختلفة فهو يستبطن جر الناس إلى الشك. وزعزعة اعتقادهم.. وهذا الأمر لا يرضاه الله عز وجل، ولا يليق بأهل العلم الذين يحملون المسؤولية الشرعية والإنسانية.
جواب المالكي:
ولم يجب حسن بن فرحان المالكي بشيءٍ!!..

يتبع>>>

نسألكم الدعاء

خادم الزهراء 24-Aug-2009 10:56 AM

2 ـ الهروب التشكيكي الثاني.. والأعظم..
السؤال رقم (18):

سأل الأخ هارون الرشيد:
الأستاذ المالكي، أحييك لملازمتك العقلانية، والبعد عن التقليد (أفلا يتدبرون القرآن) إعمال العقل لا الحجر عليه.

س1: ماذا نفهم من حديث الموالاة لعلي؟

أنت أقدر مني على فهمه، أهو الخلافة لعلي، لأن هذا هو المعنى الظاهر، وإذا كان كذلك فهل يبقى مسلماً من لم يمتثل لأمره صلى الله عليه وسلم؟

س2: حديث العترة والتمسك بها ثم حديث السفينة والنجاة، حتى لو وجد من يضعف الأحاديث فهذا هو المالكي نفسه لا يسلم بكل ما في البخاري ومسلم، ـ أقول ألا تقرر هذه الأحاديث وجوب التمسك بالعترة، لأن ما كان مقبولاً منطقياً ولا يزال أن سنة المصطفى (ص) هي قرينة القرآن إلا إن كانت سنته (ص) سوف تصان حتماً لدى العترة.

ما هو المستفاد من هذه الأحاديث برأيكم هل أمور إيمانية أم تعبدية أم تعاملية لا تمثل ركيزة من ركائز الدين الحنيف، إذن الخمس إحدى ما نتعبد به الله في حقهم؟.

س3: أين ذهب علم العلماء من أهل البيت جعفر وزيد بل قبلهم الحسن والحسين،كنت قد اطلعت على تعليقات لكم تقول إن السلف هم من فرطوا في هذه التركة العظيمة، وأن تأثير بني أمية كان من ضمن العوامل، ما نجده عند الشيعة لا يمثل هذا العلم العظيم، أين العلماء الذين عاصروهم كأبي حنيفة وغيره، أهم أعلم منهم أم هل الصحابة كابن عمر وابن عباس أعلم من علي بن الحسين؟
أخيراً: تفتك برأسي أسئلة كثيرة أتنصحني أن أتابع هذه الرياضة الذهنية، أم أبقي على احترامي للتقليد الذي يمجد ويقدس التعليم بالتلقي تحت شعار (لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم) (لحوم العلماء مسمومة) ـ حتى لقد كادوا يخرجونك من عباءة الدين لأنك نقدت ابن تيمية أو الوهابية.

أرجو الإجابة بوضوح أبا مالك، وأكرر احترامي الشديد لشخصكم، متمنياً أن تتاح لي الفرصة للقائك..

أجاب المالكي:
الأخ هارون الرشيد..

1ـ حديث الموالاة (الغدير) سبق لي الكلام على ما أعرفه من اختلاف السنة والشيعة في دلالته، وسبق إن قلت أن استعراض أقوال المختلفين لا تكفي لا بد من بحث يقنع به الباحث نفسه (آمل قراءة إجابات سابقة تتعلق بالسؤال).

2ـ حديث العترة صحيح (كتاب الله وعترتي أهل بيتي) وأصله في صحيح مسلم بلفظ مقارب، وقد رواه أحمد والنسائي وابن ماجة والترمذي والحاكم والطبراني والبزار وغيرهم ولا يكاد يخلو منه مصدر سني إلا صحيح البخاري وليس عند أبي داود أيضاً.

لكن يبقى الخلاف في الدلالة، والخلاف ليس بين السنة والشيعة فقط بل بين الشيعة أنفسهم (الإمامية والزيدية) فهم مختلفون في دلالة حديث العترة (الذي هو جزء من حديث الغدير؛ لأن النبي (ص) يوم غدير خم خطبهم فأوصاهم بالثقلين (الكتاب والعترة) ثم رفع يد علي وذكر حديث الموالاة المعروف، فالفصل بين حديث الغدير وحديث الثقلين وحديث الموالاة غير سليم لأنها كلها كانت في مناسبة واحدة وهي يوم الغدير (وهذا في صحيح مسلم إلا الموالاة لم يروه مسلم).

لكن حديث العترة هل يدل على وجوب التمسك بأهل البيت وتقليدهم أم الوصية بهم؟

بعض الألفاظ (إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبداً كتاب الله) ثلاثاً ثم قال: (وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي..) فأهل السنة يرون أن الوصية بأهل البيت منفصلة عن الوصية بالكتاب، فالكتاب يجب التمسك به، وأهل البيت يجب حفظ حقوقهم ومحبتهم وموالاتهم.

وبعض الألفاظ (إني تركت فيكم ثقلين لن تضلوا ما تمسكتم بهما أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي) فهذا اللفظ صريح في وجوب التمسك بأهل البيت وأنهم الثقل الثاني المفسر للكتاب.

لكن أيهما أصح اللفظ الأول الذي لا يحمل هذا التصريح أم اللفظ الثاني؟ محل بحث، فالحديث مروي بالمعنى في أحد اللفظين، ولو قلنا باللفظ الثاني الذي عليه الإمامية والزيدية فما معنى التمسك بالعترة؟ هل يعني أن إجماعهم حجة أم أن قول الواحد منهم حجة؟ على القول الأول بعض أهل السنة المتشيعة كالمقبلي.
والثاني عليه الإمامية في الاثني عشر وعليه الزيدية في الأربعة (علي وفاطمة والحسنان).

أما أهل السنة الذين هم على القول الأول في أن الوصية بالعترة يعني المحبة وحفظ الحقوق والتجاوز عن مسيئهم والإحسان إلى محسنهم فأهل البيت عندهم أوسع من الأربعة إذ يشملون عندهم أمهات المؤمنين وسائر بني هاشم الذين حرمت عليهم الصدقة مع اعترافهم أن الأربعة أخص أهل البيت.

وعلى هذا التفسير ـ إن كان صحيحاً ـ لا يصبح هناك معنى للتمسك بالعترة لاختلافهم.

بعض الزيدية يقول بالتمسك (مع الكتاب) بالصالحين من أهل البيت إلى يوم القيامة بدلالة لفظة الحديث (فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض).

لكن هنا نقع في إشكال آخر وهو (مقياس الصلاح) فمقياس الصلاح عند الزيدية غيره عند الإمامية غيره عند أهل السنة إذ نجد أن كل مذهب قد فصّل الصلاح حسب مقاسات المقولات المتأخرة التي امتازت بها كل فرقة.

فمن شروط الصلاح عند الزيدية القول بأصول المعتزلة ومن شروط الصلاح عند الإمامية القول بالعصمة والنص والإمامة...الخ ومن شروط الصلاح عند أهل السنة الثناء على كل الصحابة حتى على البغاة والإثبات الذي يوحي بالتشبيه وذم الفرق المخالفة.. الخ.

فإذا وجد الفرد الصالح من أهل البيت نظرت الفرق في آرائه وأفعاله فإن وجدته على قواعدها المتأخرة أطالت الثناء عليه والاحتجاج به، وإن وجدت فيه مخالفة لتلك القواعد قللت من شأنه أو ضعفت ما نسب إليه..

وإذا كان الشخص قوياً صعب أن توجه إليه التهمة كعلي والحسن والحسين وزين العابدين ادعته الفرق كلها، كل فرقة تزعم أنه على قواعدها، فأهل السنة يروون عن علي تفضيله الشيخين على نفسه والإمامية تروي عنه ذم الشيخين والزيدية تروي عنه تفضيل نفسه دون اتهام للشيخين ـ هذا على وجه الجملة ـ بل حتى الإباضية يرون أنه رجع عن قتال الخوارج وندم.

فيقف الشخص محتارا بين هذه التناقضات الطائفية فلا يعرف الموقف الصحيح لذلك الرجل من أهل البيت إلا بتقليد فرقة ومناهج الثبوت عندها، ومن هنا يجب على المسلم أن يبحث بهدوء وبعمق ليعرف الحقيقة.

يبدو أننا أطلنا في هذا الجواب وهذا على غير مرادنا لكن أريد أن أوصل مقدار الاستشكالات التي قد لا يعرفها بعض السنة والشيعة، فيظن الشيعة أن السنة يكابرون مع وجود حديث الغدير والمنزلة ويظن السنة أن الشيعة يكابرون مع تفضيل علي للشيخين على نفسه ثم إن اتفقوا على صحة حديث كحديث الغدير تبقى الاستشكالات في الدلالة داخل السنة وداخل الشيعة أيضاً.

وغالباً يحاول السلفية احتكار السنة وكأنه ليس في السنة من فضل علياً من الصحابة والتابعين كما يحاول الإمامية احتكار التشيع وكأن الزيدية الذين يقرون بفضل الصحابة ليسوا شيعة.

ثم تفرق الإمامية بين أصولية وإخبارية كل يريد احتكار الإمامية، وتفرق السنة إلى سلفية وأشاعرة كل يريد احتكار السنة.

ثم تفرق السلفية مثلاً إلى سلفيات كل منها تريد احتكار اسم السلفية وهكذا.. فالاشكالات تتواصل وكل متمسك بطرق من دليل يدندن حوله ويدور معه.

النية في الوصول إلى الحقيقة.

وكان الرد على المالكي بما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..

تعليقاً على جوابكم على الأخ هارون الرشيد.. أقول..

إن في إجابتك هذه مواضع كثيرة جديرة بالنظر والنقاش..

ولكنني سأعرض عنها الآن لأشير، إلى أن هذه الإجابة من شأنها إيقاع السائلين والقراء في حيرة وضياع.. كما أنها قد تعطي انطباعاً عنك بأنك أنت أيضاً تعاني من هذا الضياع..

فمجرد طرح احتمالات وتساؤلات، وتفريعات هذا الطرف أو ذلك، ليخرج الجميع ـ في نهاية المطاف ـ غير خاسرين ولا رابحين، ليس أمراً مقبولاً، ولا هو يعفي الإنسان المسلم من مسؤولية حصحصة الحق.. وأن يصدع به..

وقد أوصيت في بعض أجوبتك بهذا الأمر، فلماذا لا تجهر هنا بما تعتقد أنه حق وصدق؟!

فإن كنت لا ترى مصلحة في ذلك، فقل لسائلك: إني لا أرى مصلحة في التصريح..

وأما طرح الاحتمالات والأقوال، والتفريعات الكثيرة، فذلك لا يجدي شيئاً.. وقد يكون سبباً في تشكيك الناس بعقائدهم ولا يجوز ذلك.. إلا في صورة تقديم ما هو صحيح وصريح..

وفي غير هذه الصورة، فاللازم بيان قواعدك، ومنطلقاتك الفكرية، القوية والحاسمة، لينظر فيها الآخرون، فإن ثبتت أمام النقد العلمي فإنهم يؤسسون عليها، ويحلون بها مشكلاتهم، وإن لم تكن قادرة على الصمود، فإنهم يصوبون ما يصح لهم بالدليل القاطع، وما يكون عذراً لهم عند الله.. وإلا، فإن خلخلة عقائد الناس، وتشكيكهم، وتضييعهم بالاحتمالات ليس بمرضي عند الله أبداً.

جواب المالكي:
لم يجب حسن بن فرحان المالكي بشيء!!

يتبع>>>

نسألكم الدعاء

خادم الزهراء 24-Aug-2009 11:05 AM

الفصل الثامن: نهاية المطاف..

1 ـ هروب.. وطعون.. وشتائم..

وبعد سكوت طويل.. يعلن (حسن بن فرحان المالكي).. انسحابه من الحوار.. ويعترف بعدم إجابته على الأسئلة والأدلة.. ثم يطلب منهم أن يعذروه.. ثم يبدأ بالطعن والاتهام..

ورسالة المالكي هي التالية:
الأخوة الكرام..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد..

فأشكر لشبكة الميزان الثقافية هذا اللقاء مع الإخوة الكرام من شيعة وسنة وسائر المسلمين.

وأحب أن أذكر للأخوة المتابعين أن الاتفاق بيني وبين الأستاذ علي آل سليس (الذي كان له الفضل في دعوتي لهذا اللقاء) كان الاتفاق بيننا على أن يكون اللقاء في شهر محرم وصفر فقط، فاستمر اللقاء إلى منتصف شهر ربيع الأول ثم إلى نهاية الشهر، لذا آمل أن يعذرني الأخوة الكرام في انقطاعي عن التواصل معهم فيما طرحوه من استشكالات آملا أن يكون لنا لقاء آخر.

الإخوة الكرام:
نصيحتي لنفسي أولاً ولكل مسلم ثانياً أن نحاول ما أمكن أن نتجاوز ضيق المذهبيات إلى سعة الإسلام.

الضيق المذهبي هو الأصل عند الشيعة والسنة، المعتدلون هم القلة من الطرفين.

وكثير من الشيعة يحتجون على قلتهم قياسا بالسنة بأن الله ذم الكثرة، وهذه حجتي في أن المعتدل من الطرفين قلة، مع الفارق بين غلو الشيعة وغلو السنة ـ فأنا للأمانة مع نفسي وحسب اجتهادي أرى غلو الشيعة أبلغ بكثير آملا ألا تغضب هذه المصارحة أخواننا الشيعة.

أنا أؤمن بالتعايش بين الطائفتين وسائر طوائف المسلمين وأن يكون للسني داخل الوسط الشيعي وللشيعي داخل الوسط السني كامل الحقوق، فلن يكون الشيعي عند السني ولا السني عند الشيعي بمرتبة المنافق الذي كان يتمتع في عهد النبي (ص) بسائر الحقوق التي ينالها المسلم الصادق.

كان للمنافقين حقوق في الحكم بالإسلام وحق النكاح والتوارث والدفن في مقابر المسلمين ورد الاسلام والاعانة.. الخ.

نحن بحاجة إلى تأكيد هذا الخط العام، أما أن نطمع في اعتدال أكثرية الطائفتين فهذا ضرب من الآمال المبالغ فيها.

من عادتي في اللقاءات السنية (في المواقع السنية) أن أنقد الغلو السني ومن حق السنة أنني عندما أتحدث مع الشيعة أن أنقد الغلو الشيعي، أما أن نجامل السنة في مواقعهم والشيعة في مواقعهم فهذا نوع من النفاق الاجتماعي يجب أن ينتهي في وجهة نظري.

لذا ليسمح لي الأخوة الشيعة بعتابهم والعتاب يقع على المعتدلين منهم والغلاة على حد سواء.

أما الغلاة فيكفي أن نذكرهم بأهمية قراءة القرآن الكريم وتدبر معانيه ومراقبة النفس وتجنب حضور الخصومات المذهبية عند قراءة القرآن الكريم ـ وهذا موجه لمن يؤمن من الغلاة بأن القرآن الكريم غير محرف وهم كثرة إن شاء الله ـ فلو قرأ الفرد منهم القرآن الكريم واتبع ما تطمئن إليه نفسه بعيدا عن التأويلات التي يرفضها العقل وقواطع النصوص لرأوا أن أكثر ما هم عليه من الغلو كان نتيجة ظروف تاريخية أدت بالطرف المضطهد (بفتح الطاء) إلى قبول الخرافات والمكذوبات، والظروف التاريخية ليست عذراً مقبولا في كل زمان ومكان، لأن المسلم مطالب بالسيطرة على مشاعره وفق ما يريد الله من المسلم الصابر، وكون النواصب وبعض السنة قد جفوا أهل البيت أو هضموا حقوقهم لا يبرر هذا أن نغلو فيهم ونعتقد فيهم ما لا يقبله شرع ولا عقل وأظن الأخوة من هذا الصنف من الشيعة قد قرأوا الأهوال مما سطره الغلاة المتقدمون والمتأخرون في الأئمة حتى أنه يخيل للقارئ أن الدنيا والآخرة والكون لم يخلقه الله إلا للأئمة بل هذا مصرح به في بعض روايات الغلاة.

فإذا قرأ الفرد من الغلاة القرآن الكريم بتجرد فسيرى كثيرا من الحقائق وكأنها تعرض عليه لأول مرة، أما إن قرأ وفي ذهنه تلك الموانع التي تحذر الشخص العادي من تدبر القرآن الكريم فلن ينتفع بالقرآن.

أما الأخوة المعتدلون من الشيعة ـ علما بأن بعض الأخوة السنة يرون أن الشيعة الإمامية كلهم غلاة وليس فيهم معتدل قط، وكذا رأي كثير من الشيعة في السنة يرون السنة غلاة كلهم.

أعود وأقول: الاعتدال مراتب والغلو مراتب، فما يكون اعتدالا عند بعض الإمامية قد يكون غلوا عند السنة، وكذا الحال في السنة.

فلا بد أن نعترف بأن هناك غلوا وغلوا، اعتدالا واعتدالا، فمراتب الغلو والاعتدال يدركها المتأمل، وأظن الشيعة يعرفون أن غلاتهم مراتب وكذا السنة.

على أية حال: أقول للأخوة المعتدلين من الشيعة اعتدالكم مشكور لكن نريد إنتاجاً، لا تكفي الاعترافات الخفية في المجالس واللقاءات الخاصة لا بد من إنتاج يبرهن به المعتدل على أن هذا ما يدين الله به.

لأننا إن تحدثنا مع أخوة من السنة وقلنا لهم (الشيعة ليسوا سواء) ففيهم فلان قال كذا وفلان قال كذا.. يجابهوننا بأن هذه منهم (تقية) ولو كانوا صادقين لأخرجوا النقد في إنتاج مثلما فعل بعض السنة من اخراج نقدهم للغلو السني في كتب أو مقالات أو أشرطة... الخ يحرجني بعض الأخوة السنة عندما يقول: (أذكر لنا أسماء المعتدلين من الشيعة)؟ فلا أذكر لهم إلا بعض ما علمته من بعضهم شفويا ولا أذكر إنتاجا شيعياً ينقد الغلو الشيعي إلا علمين أولاهما للأستاذ أحمد الكاتب والثاني للشيخ موسى الموسوي وهناك انتاجات أخرى مشكوك فيها..

صحيح أننا نعلم أن هناك معتدلين داخل الامامية كالسيد حسين فضل الله والشيخ محمد الخالصي لكن لا نعرف لهم انتاجا مطبوعا في هذا الجانب، ثم هم ومن قبلهم لقوا من الشيعة كل تضليل وذم مع قلة المدافع..

إذن فالدعوة مفتوحة لمعتدلي الامامية كما هي لمعتدلي السنة ألا يتركوا للغلاة التحدث باسم المذهب.

أعرف أن كل معتدل وربما كل مغال له من الاعتذارات ما يطول سردها فضلا عن مناقشتها لكن هذا لا يسوغ لنا ترك هذا الغلو متوسدا تراث الفريقين بلا نقد ولا بيان فالساكت عن الحق شيطان أخرس.

الأمر الآخر: الذي أريد معاتبة الامامية فيه هو (التواطؤ) على بعض الأمور الظاهرة البطلان.

وعلى سبيل المثال فبعض الأخوة قد أشار إلى اللقاء الذي كان معي في منتدى هجر.

تفاجأت أن كل المشاركات بلا استثناء لم تعتبر القول بأن (عليا هو الخالق الرازق) من الغلو!!

آلاف المشاركات لا تعترف بمثل هذا الأمر الظاهر الذي لا يمتري فيه عاقل.

فإذا كنتم بهذا (التواطؤ) فكيف ترجون من أهل السنة إنصافا؟!.

كلهم بلا استثناء حاول صرف عشرات الأمثلة (الظاهرة الدلالة على الغلو) بدعاوى التأويل أو أنها من الخطأ المجرد.. الخ.

بينما ندخل في المواقع السلفية وننقد غلوهم بأقل من هذا المثال بكثير ولا نجد فيهم هذا (التواطؤ) بل نجد من يوافق ومن يخالف ومن يتوقف.. الخ..

عدم الاعتراف بمثل هذا الغلو يعد غلوا، لكن المغالي كالمسحور لا يشعر أنه مسحور وإلا كيف يتم التهرب من الاعتراف بأن في كتب الامامية غلوا؟

فلذلك اعذروني إن قلت أن السنة أكثر اعتدالا في الجملة من الشيعة الامامية نحن بينهم ونقدنا غلو الحنابلة والوهابية وحاضرنا في ذلك وطبعنا الكتب ولم نجد منهم كل هذا التواطؤ، صحيح يجد الانسان بعض المضايقات والايذاءات الكلامية ونحوها.

لكن الشيعي الذي ينقد الغلو الشيعي داخل المجتمع الشيعي يجد التصفية الجسدية ربما بمباركة من بعض الكبار، هذه مسألة خطيرة يجب على معتدلي الشيعة أن يكون لهم موقف.

أنا أعرف أن البعض يدندن حول (تعريف الغلو) وأنني لم أستطع (تعريف الغلو) ولا تعريف الكذب.. الخ!!
ويقصد هؤلاء الأخوة أنني لا أرى الغلو كما يرون ولا أرى تسويغ الكذب كما يسوغون.

وإلا فليس وراء القول بأن (عليا هو الرب الخالق) و (أن الدنيا والآخرة هي للأئمة) و (لهم الجنة والنار) و (أنهم مخلوقون قبل آدم) و (أنهم يعلمون الغيب) و (أنهم ينزل عليهم الوحي) و (أنهم أفضل من الانبياء والمرسلين).. الخ..

ليس بعد هذا (الغلو) تعريف!!.

فهذه من بدهيات الغلو التي تعلم بالاضطرار ولا تحتاج إلى برهنة.

وهل يصح في الأذهان شيء..

إذا احتاج النهار إلى دليل..

عودوا لحواري مع الأخوة الشيعة في (هجر) وستجدون هذه الأمثلة وغيرها موثقا وهذا ليس غريبا إنما الغريب هو التهرب من وصفها بالغلو أو الكذب..

والأغرب من هذا أن الأخوة الشيعة يعدون من الغلو ما هو أدنى من هذا بكثير..

وهم يتشددون في حصر الغلو في اعتقاد الالوهية للبشر أو أن لله ابنا لكنهم إن كتبوا عن السنة أو الزيدية أو الصوفية يصفونهم بالغلو في أمور يسيرة..

فمثلاً نجد الشيخ جعفر سبحاني وهو عالم شيعي معروف يقول في كتابه (الزيدية في موكب التاريخ ص114 ـ 115) وهو يصف غلو الزيدية في الإمام زيد (الغلو هو الخروج عن الحد)..

وقال الإمام علي وهو يصف الغلو وخلافه (الثناء بأكثر من الاستحقاق ملق والتقصير عن الاستحقاق عي وحسد).

ثم يقول الشيخ جعفر (المغالاة في أي موضوع من الموضوعات تلازم الكذب أولاً والإغراء بالجهل ثانيا وبخس الحق ثالثا.. الخ)!!

وهذا ما ينكره عليَّ الشيعة!!

ثم عد من (غلو الزيدية) أنهم يرفعون زيد بن علي فوق جعفر الصادق والقول بأن زيدا كان أقرؤهم لكتاب الله وأفقههم في دين الله.. الخ..

فبالله عليكم كيف ترون أن القول بأن (زيد بن علي أعلم من جعفر الصادق) غلوا ولا تعدون القول بأن عليا هو الخالق الرازق غلواً؟!.

والكلام الذي ذكره الشيخ السبحاني هو الكلام نفسه الذي أوردته في منتدى هجر وزعم الاخوة يومها أنني خلطت بين (الغلو والكذب)!!.

وها هو الشيخ جعفر السبحاني يقول (الغلو يلازم الكذب) لكن السبب الذي يجعل الشيعة يقرون الشيخ السبحاني على قوله وينكرون القول نفسه عليَّ أنني سني والسبحاني شيعي هذا هو السبب الحقيقي فقط، وهذا مما يجب أن ننكره على غلاتنا من سنة وشيعة نريد أن نربيهم على الاعتراف بالحق وعلى تقبل الحق ممن أتى به.

أما أن نتقبل القول من الشيعي ونرفض القول نفسه من السني فهذا من التعصب المقيت الذي أوصل الأمة لهذا التفرق والتمزق.

والغريب أننا بعد هذا التعصب للمذهب ورجاله لا نعترف بالتعصب ولا الغلو ونرمي به الآخرين ثم نتساءل عن أسباب (تنازع المسلمين وننادي (بوحدتهم))؟.

كيف يا ترى الوحدة إن لم يكن هناك (ثقة متبادلة) و (اعترافات متبادلة) وخروج عن الضيق المذهبي؟.

هل يريد الغلاة من الشيعة أن يتوحد المسلمون على الغلو الشيعي؟.

أو هل يريد الغلاة من السنة أن يتوحد المسلمون على الغلو السلفي؟.

كلا سنبقى في الاتهامات المتبادلة والتكفير والتبديع ما دام الغلاة لهم الصدارة ومادام المعتدلون ساكتين ينتظرون لمن تكون الدائرة؟.

فهذه نصيحتي أقولها صادقا مع نفسي ومعكم.

فقبول بإحسان أو مفارقة بإحسان، أما أن ينتظر غلاة الفريقين أن أعير عقلي وضميري لهذا الفريق أو ذاك فهذا بعيد، لأن إرضاء الله أولى من إرضاء البشر والعقل مناط التكليف فمن تركه لفريق حرمه الله من هذه النعمة وحاسبه على اهماله ثم لن ينفعه يوم القيامة أن يقول: (إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا).

أخواني الكرام:
إنها فرصة تواصلت فيها معكم وأنا أعرف أن البعض منكم قد عتب لكونه قد تعود أن السني الذي يخرج قليلا من النقد فعنده كثير من التشيع المغالي بينما أنا أخبركم عن نفسي أن رأيي أخرجه كله سواء عن السنة أو الشيعة ولا أضمر إلا ما أظهره اللهم إلا أشياء تحت البحث لا أريد التعجل في تبني موقف فيها، لذا سيجد الأخوة الشيعة أنني في منتدياتهم أكثر نقدا للغلو الشيعي، وكذا سيجد السنة عكس ذلك في منتدياتهم، فهذا منهجي فإن كنت مصيبا فيه فالحمد لله، وإن أخطأت فلا أبرئ نفسي، وأذكر نفسي والجميع بتقوى الله في السر والعلن ومراقبته وترك مراقبة البشر، أو على الأقل جعل مراقبة الله أكثر حضورا في قلوبنا من مراقبة البشر حتى نستطيع الانعتاق من هذا الواقع العلمي المزري الذي خاض فيه الفريقان إلى الركب ولم يحلق منهم إلا القليل.

أسأل الله لي ولجميع المسلمين التسديد في القول والعمل..
حسن بن فرحان المالكي

يتبع>>>

نسألكم الدعاء

خادم الزهراء 24-Aug-2009 11:15 AM

2 ـ سـلامـاً.. سـلامـاً..

وحيث إن من واجبنا هو أن نضع النقاط على الحروف، لحسن بن فرحان المالكي وذلك لكي لا ينخدع بعض الناس بكلامه.

فقد سجلنا أجوبتنا الصارمة على مزاعمه في هذه الرسالة الأخيرة التي بعثنا بها إليه تماماً.. كما كان حالنا معه في سائر ما تصدينا للرد عليه فيه..

والذي يراجع طريقتنا معه يجد أننا لم نخرج عن طريقة الرد العلمي والموضوعي.. حتى حينما كنا نستعرض اتهاماته، وكلماته الجارحة..

وها نحن نودعه، بنفس روح الصفح، والنبل والإباء التي هيمنت على كل تعاملنا معه من البداية إلى النهاية غير عابئين بما واجهنا به من عدوانية وقسوة، لأن سبيل الصفح والإعراض عن الجاهلين هو سبيل المؤمنين..

ولتكن الكلمات التي نودعه بها هي:
سـلامـاً.. سـلامـاً..

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..
ورسالة الوداع التي أرسلناها إليه هي التالية:
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..

الأخوة الكرام في (شبكة الميزان الثقافية) حفظكم الله تعالى..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

وبعد..
فقد استضفتم في شبكتكم المباركة شخصاً باسم (حسن بن فرحان المالكي) وذلك بهدف إجراء حوار علمي وثقافي بينه وبين الآخرين.

ومن المفروض أن للحوار آداباً، ويفرض التزامات. ومن أبسط هذه الالتزامات هو أدب الكلمة، واحترام المحاورين بعضهم بعضاً، وعدم التفريط بحقوقهم الأدبية..

وقد أظهر ضيفكم إصراراً بالغاً على إهانة محاوريه، والتعاطي معهم بفوقية ظاهرة، ومواجهتهم بالكلمة الجارحة، بلا مبرر ظاهر سوى الادعاء، وإطلاق التعميمات من دون أي مستند أو دليل، حتى ولو على مستوى الشكل والصورة..

وبعد أن صبر محاوروه على تعدياته الظاهرة حتى على المقدسات، حيث سجل موقفاً غريباً تجاه من يكفر فاطمة الزهراء(عليها السلام)، ومن يقول إنها ماتت ميتة جاهلية.. بالإضافة إلى اتهامه الشيعة الإمامية بأنهم غلاة تارة وبأنهم أكذب الفرق أخرى.. إلى غير ذلك من أمور ظهرت في أجوبته المختلفة..

وبعد أن ظهر عجزه عن تسجيل أية إجابة علمية وموضوعية على الأسئلة والأدلة، حيث إن آخر إجابة له كانت قبل خمسة وعشرين يوماً من إعلانه انسحابه من الحوار..

نعم بعد ذلك كله يعلن انسحابه من الحوار بطريقة فيها الكثير من الجرأة على كرامات الآخرين، والكثير من الاستخفاف بهم..

حيث إنه رغم سكوته ما يقارب الشهر عن تسجيل أية إجابة لهم، لا يعلن خضوعه للحق، ولا يعترف لهم به.. بل هو يوجه لهم أقسى الكلمات، وأشدها أذى ويبالغ في الاتهام لهم..

ولأجل ذلك، فنحن نحتفظ بحقنا بالرد عليه، لأننا نحن المعنيين بكلماته الجارحة تلك، ونرى أن شبكة الميزان الثقافية المباركة ملزمة بنشر جوابنا هذا على هذا الرجل إلى جنب رسالته التي أعلن فيها انسحابه من الحوار، وضمنها ذلك السيل الهائل من الادعاءات، بهدف خداع السذج والبسطاء..
حفظكم الله وسدد في سبيله خطاكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الجواب على رسالة المالكي:
وجوابنا على هذا الرجل هو كما يلي:
1 ـ لقد قال في رسالته الهروبية:
(الضيق المذهبي هو الأصل عند الشيعة والسنة، والمعتدلون هم القلة من الطرفين).

ونقول له: لماذا تعتبر التزام الشيعة والسنة بمذاهبهم ضيقاً مذهبياً ولا تعتبره قناعة إيمانية.. فرضها عليهم حبهم الفوز برضا الله سبحانه، والنجاة من سخطه وعقابه؟!.. أم يعقل أن مليارات من البشر، ولدوا، وعاشوا، ومات الكثيرون منهم، كلهم ينطلقون في مواقفهم من ضيق المذهبية؟!

أو يعقل أن يكونوا جميعاً غافلين عن هذه الحقيقة، حتى جاء حسن بن فرحان ليكتشفها لهم، ويتحفهم بها..

2 ـ وتحدث هذا الرجل عن الاعتدال والغلو والضيق المذهبي، ونقول:
أولاً: من أين عرف حسن بن فرحان المعيار للاعتدال، والتطرف وكيف حدده؟!.. وما هي حقيقة هذا المعيار الذي يكشف له الضيق المذهبي..

ثانياً: إن الحق واحد بلا شك، يصيبه من يصيبه، ويخطئه من يخطئه، ولا شك أن الجميع يجب أن يسعى لأن يصيب الحق ويصل إليه. ولكن لا يمكن أن نرمي هذه الأمة الكبيرة التي تعد بالمليارات أنهم جميعاً قد انقادوا وينقادون إلى عصبياتهم، ويتركون الحق الصراح..

نعم يمكن أن يضلوا عن الحق بسبب شبهة تعرض لهم، والشبهة سميت شبهة لأنها تشبه الحق..
إن من يرمي الناس بالتعصب المذهبي إنما يقول لهم: إنهم لا ينطلقون في مواقفهم من دين والتزام، بل من عصبياتهم الجاهلية..

فهو يتهم الجميع بأنهم يرون الحق ويصدون عنه لأجل عصبياتهم، هل هذا إلا التكفير ولكن بصورة مبطنة؟! وقد يحلو له أن يعتبره تكفيراً تجديدياً وحضارياً؟!.

3 ـ ما معنى الاعتدال الذي يتحدث عنه هذا الرجل هل يريد به الأخذ من هؤلاء ومن هؤلاء والوقوف في منتصف الطريق.. وكيف يستطيع أن يحدد لنا ما يأخذه الإنسان المعتدل من كل فريق، ويميزه عما لا يأخذه..

ثم هل الاعتدال عنده هو الوقوف في حد وسط بين التسنن والتشيع؟ أم هو وسطية بين الوهابية وبين غيرها من المذاهب؟!..

ولماذا لا تكون الوسطية هي بين الحنابلة، والأحباش؟ أو بين الشوافع والأحناف. أو المالكية، أو بين الزيدية والإسماعيلية.. وما إلى ذلك.

ويبقى السؤال ما هي معايير الاعتدال الذي يدعو إليه من يرفع هذا الشعار؟!..

4 ـ وحول غلو الشيعة الذي يجتهد فيه المدعو حسن بن فرحان، على حد تعبيره.. نقول:
أولاً: كيف يستطيع أن يثبت لنا أنه مجتهد؟!

ثانياً: هل قد حصحص جميع حقائق الدين. وحددها ثم قاس عليها ما عند الشيعة، فوجدهم قد تجاوزوا تلك الحقائق، ثم قاس عليها ما عند السنة فوجد أنهم أيضاً قد تجاوزوا تلك الحقائق، وبالغوا فيها وارتفعوا عنها؟!!

ثم قام بعد ذلك بإحصائية ومقارنة بين تجاوزات وارتفاعات هؤلاء وأولئك، فزاد ما عند هؤلاء على ما عند أولئك؟! ومتى فعل ذلك؟ وكيف؟..

ثالثاً: إننا نطلب من حسن بن فرحان أن يظهر لنا هذا الدين الجديد الذي اكتشفه وعرفه، وأن يعرفنا المعايير التي عرف بها الحق وميزه عن غيره.. لكي ننظر فيها، علنا نهتدي إلى ما اهتدى إليه ونسير على النهج الذي يسير عليه..

إن الواجب الشرعي والإنساني يفرض عليه أن يكشف للناس كلهم عن جميع ذلك.. ولا يكفي مجرد الادعاء والظهور بمظهر التقي الناصح. وإلا، فإن أئمة الضلال أيضاً، ودعاة الأديان الأخرى غير الإسلامية يتظاهرون بالتقوى والصلاح، ويرفعون شعار الاعتدال، ويدّعون أنهم منسجمون مع أحكام العقل والفطرة، وأن غيرهم منحرف ومتعصب، ويعاني من ضيق المذهبية والجهل، وما إلى ذلك..

رابعاً: إن العاجزين عن تقديم الدليل العلمي على دعاواهم هم الذين يلجأون أكثر من غيرهم إلى رفع مثل هذه الشعارات، التي هي محض ادعاء كاذب، وانتفاخات طاووسية، لا تلبث أن تتلاشى أمام البرهان والحجة..

وهذا بالذات هو ما حصل بالفعل مع حسن بن فرحان المالكي الذي ظهر في بداية الأمر، وكأنه طاووس معجب بنفسه، يوزع الأوسمة والاتهامات في كل اتجاه، وقد أجاب من يوم 21/1/1423 للهجرة حتى يوم 22/2/1423 للهجرة، أي خلال شهر على سبعة وأربعين سؤالاً ومداخلة..
ثم سكت أسبوعين، ثم أجاب بتاريخ 8/4/1423 للهجرة على أربعة فقط..

فلماذا كان هذا السكوت الطويل، حتى جاء هذا الجواب القليل.. يا ترى؟!

ثم إنه عاد فسكت حوالي شهر، ولم يجب أحداً بشيء، ثم بعث بهذه الرسالة المؤذية، لأنه واجه الردود العلمية الحاسمة، والأسئلة القوية والمحرجة، وهي تعد بالعشرات ـ فاضطر إلى أن يستقيل من الحوار وإعلان انسحابه الذليل، ولكنه نفث بعض ما يعتلج في صدره في هذه الرسالة التي هي مجرد ادعاءات ومحض اتهامات وإهانات ومساس بكرامات طائفة كريمة من المسلمين.

5 ـ وأما ما ذكره من أن كثيراً من الشيعة يحتجون على قلتهم بأن الله قد ذم الكثرة، ومدح القلة.
فإننا نقول في جوابه: إن الاحتجاج المذكور إن صح أنه صدر عن أحد الشيعة على سبيل الاستدلال إنما يأتي.. رداً على زعم أهل السنة أن الحق مع الكثرة، ويراد بذلك إثبات كون الحق مع السنة.
فيأتي الرد المنطقي الذي يقول: إن الميزان هو الحق الثابت بالدليل. حتى لو لم يلتزم به إلا أفراد قليلون.. وأن الكثرة ليست ميزاناً للحق والباطل..

وهذا استدلال صحيح.. ولا غبار عليه، وقد جاء رداً على من استدل بالكثرة لإبطال الحق.. وإلا، فليس ذلك من أدلة الشيعة على حقانية مسلكهم في التمسك بأهل البيت (عليهم السلام)، إذ من الواضح: أن هناك من الفرق والأديان من هو أقل عدداً من الشيعة، فهل يكون الحق معها أيضاً؟!..

فما لكم كيف تحكمون؟!..

ونحن نربأ بأي إنسان يحترم نفسه أن ينسب إلى الشيعة، أو إلى كثير منهم أو إلى غيرهم ما لم يقولوه أو أن يحرف الكلم عن مواضعه..

6 ـ وأما الحديث عن الحقوق التي يتمتع بها السني داخل الوسط الشيعي.. والشيعي داخل الوسط السني. فنقول فيه:

إن الشيعة هم الذين كانوا وما زالوا يدعون إلى نفس هذه المقولة، حيث يؤكدون على أن السني مسلم له حقوقه الكاملة. وتترتب عليه أحكام الإسلام.. ولكنهم لا يقولون: إنه محق في كل معتقداته، وقضاياه الدينية، بل هم يخطئونه في كثير مما يلتزم به..

وهذه التخطئة لا تعني الحكم عليه بالنفاق..

كما أن أكثر السنة يعتقدون في الشيعي نفس هذا الاعتقاد: أي أنه مسلم، وله ما للمسلمين وعليه ما عليهم، ولكنهم يخطئونه في بعض ما يذهب إليه.. وذلك لا يعني: أنهم يحكمون عليه بالنفاق..

وإنما يُحْكَم على شخص مّا بأنه منافق، إذا عُلِم أنه عارف بالحق ويتظاهر بالإصرار على خلافه مدعياً أن ذلك الخلاف هو ما توصل إليه في بحثه العلمي وأنكر ذلك الحق الذي ظهر له بالأدلة القاطعة، والحجج الدامغة، ولكنه أصرّ على رفضها، وعدم الالتزام بها، وجحودها..

7 ـ وأما قوله: أما أن نطمع في اعتدال أكثرية الطائفتين فهذا ضرب من الآمال المبالغ فيها..

فإننا نقول فيه:
أولاً: إذا كان هذا هو اعتقاد هذا الرجل فلماذا يتعب نفسه إذن؟!..

ثانياً: لماذا يبث اليأس في النفوس بهذه الطريقة، ولم لا يقول: إنه إذا استطاع كبار علماء الأمة أن يتلاقوا بنفوس راضية، وقلوب واعية، وعقول منفتحة، وبحثوا الأمور بصورة علمية صحيحة، وظهرت الحقائق لهم. فإنه سيكون لهم أعظم الأثر في بث هذه الحقائق بين الناس، وإقناعهم بقبولها.. فإن الناس ينقادون إلى علمائهم، وأهل الدين والأمانة فيهم.

8 ـ وتحدث عن نفسه بأنه ينتقد الغلو الشيعي والسني، وأنه لا يرضى بالمجاملة، لأنها نوع من النفاق..

ونقول:
حبذا لو نقد الغلو بطريقة علمية وموضوعية. ولكن الذي رأيناه منه في هذا اللقاء هو توزيع التهم والشتائم يميناً وشمالاً، دون أن يتجرأ على مناقشة مفردة واحدة.. وحين واجه النقاش العلمي والموضوعي، وقدمت له الحجج الظاهرة، والبراهين القاطعة، سكت شهراً، ثم أرسل هذه الرسالة لتكون هي الجواب على أكثر من عشرين مناقشة علمية في موضوعات إسلامية متنوعة حافلة بالأدلة والبراهين الكثيرة، وهي رسالة كما يراها القارئ الكريم تنضح بالكلمات المسمومة والحاقدة، التي تريد أن تلقي في روع قارئها: أن في الشيعة غلواً فاحشاً، وتعصباً مقيتاً، دون أن تقدم أي دليل، ودون أن تجيب على أي سؤال..

إذا كان هو الذي تحدث عن النفاق، فإن من حقنا أن نقول:
وأي نفاق أعظم من التظاهر بغير الحق، وإظهار الإنسان نفسه بصورة الواعظ والملتزم بالنهج العلمي في مناقشة القضايا،، لكي يتهرب بنفس هذا الكلام من تقديم أية حجة، أو إيراد أي برهان. بل هو يواجه الأدلة والحجج بالسكوت شهراً، ثم يجيب عنها بهذا السيل العارم من الاتهامات الباطلة، والكلمات الجارحة، والشتائم القبيحة..

9 ـ ويقول حسن بن فرحان: إنه يذّكر الغلاة من الشيعة بقراءة القرآن، وتدبر معانيه، ومراقبة النفس إلخ..

ونقول له:
أولاً: ماذا تقصد بالغلاة من الشيعة؟!


هل تقصد فرقة العلويين؟ أم تقصد طائفة من الشيعة الإمامية. أو الزيدية، أو الإسماعيلية، أو.. إلخ..
فإذا كنت تقصد فرقة العلويين، فلماذا تلقي الكلام بصفة التعميم، فتجعل الشيعة عنواناً عاماً، ثم تلقي الكلام بهذا النحو من الغموض والإبهام؟!..

وإن كنت تقصد طائفة بعينها كالإمامية أو الإسماعيلية أو.. أو.. إلخ.. فالمطلوب هو التحديد أيضاً..
وإن كنت تقصد فريقاً بعينه من طائفة الإمامية مثلاً.. فلا بد من ذكر ميزات هذا الفريق وأوصافه، وبماذا أصبح الغالي فيه غالياً. وبماذا أصبح المعتدل معتدلاً..

ثانياً: ماذا تقصد بالغلاة؟!.. وما هي حدود الغلو؟! وكيف نميز بينه وبين الاعتدال؟! فإن كان الحق هو الاعتدال، فلا بد من الأخذ به، حتى ولو غضب البشر كلهم، وإن كان الاعتدال هو الحلول الوسط، بمعنى أن يؤخذ من هذا ضغث ومن ذاك ضغث، فإن هذا يجر إلى التزام الباطل. وهو ما لا يرضى به الله ولا يرضاه أهل الشرف والكرامة من الناس..

ثالثاً: لقد نصحت الغلاة ـ بزعمك ـ بنصائح، حبذا لو أخذت بها أنت، فإنك لو التزمت جانب التقوى، وأخذت بتوجيهات القرآن، لمنعك ذلك من إلقاء الكلام على عواهنه، ولألزمك ذلك بالإجابة على أسئلة واستدلالات محاوريك، ولم تلجأ إلى كتابة هذه الرسالة الهروبية، المليئة بقواذع القول، وبالتعريضات المؤذية، وبالاتهامات التي لم تأت عليها ببرهان، فأدلتك هي نفس دعاويك وهو مصادرة على المطلوب.

رابعاً: لقد عرضت للشيعة بأن فيهم من يقول بتحريف القرآن، وقد أثبتنا لك في أجوبتنا على الدعاوى التي أطلقتها في الحوار على شبكة الميزان، أن غير الشيعة هم القائلون بالتحريف والمصرون عليه.

وهذا هو أحد الموارد التي عجزت عن معالجتها فالتجأت إلى كتابة هذه الرسالة التي تنضح بالأذى وتضج بالتجني، ولا نريد أن نقول أكثر من ذلك.

10 ـ قد تحدثت عن الخرافات والمكذوبات لدى الشيعة، وزعمت أن الظروف التاريخية، والاضطهاد كان هو السبب..

ونحن وإن كنا قد تحدثنا عن هذا الأمر في حوارنا معك على شبكة الميزان بما نعتقد أنه يكفي لبيان الحق.. لكننا نعود هنا فنطلب منك أن تقرأ لائحة المكذوبات التي تعد بمئات الألوف من الأحاديث..

وهي من نتاج أفراد قليلين جداً، ذكرهم علماء الرجال عندك!!.. فلا ندري إن كان الموجود من الأحاديث الآن هل يبلغ عُشْر ما وضعه هؤلاء فقط، فضلاً عما وضعه، عشرات أو مئات غيرهم.

فإذا لم تكن قرأت هذه القائمة، فنطلب منك أن تقرأها من جديد، ولك بعد ذلك أن تتحدث بما شئت..

ونعود إلى تذكيرك بالمثل القائل من كان بيته من زجاج، فلماذا يقذف الناس بالحجارة، وبيوتهم أثبت، وأقوى، وأشد رسوخاً..

11 ـ وقال: إن المسلم مطالب بالسيطرة على مشاعره..

ونقول له: ليته سيطر على مشاعره، وهو يسطر هذه المواعظ الظاهرية التي تستبطن أعظم الادعاءات، وأشد أنواع الأذى والتجريح، من دون دليل، ولا برهان..

12 ـ وزعم: أن الشيعة يعتقدون بأئمتهم ما لا يقبله شرع، ولا عقل، ولا دين. وأن يد الغلاة قد سطرت الأهوال من ذلك، حتى ليخيل للقارئ: أن الدنيا والآخرة، والكون لم يخلق إلا للأئمة. بل هذا مصرح به في بعض روايات الغلاة..

ونقول:
أولاً: حبذا لو ذكر لنا هذه الأمور التي لا يقبلها شرع ولا دين، وبين لنا كيف ذلك..

ثانياً: إن هناك روايات في أبي بكر وعمر، وروايات في بعض الصحابة الآخرين.. وروايات في أولياء، وأتقياء، وزهاد. ما هو أعظم بكثير جداً مما يرويه غلاة الشيعة ـ بزعمه ـ في أئمتهم. فإن أراد الوقوف على شطر من ذلك، فليراجع كتاب الغدير للعلامة الأميني(رحمه الله)، فإن فيه ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت..

وليقرأ مثلاً حديث رد الشمس لإسماعيل الحضرمي، وختم القرآن في اليوم الواحد خمس عشرة مرة، أو سبعين ألف مرة, وأن الله يزور أحمد بن حنبل في كل عام، وحديث: يا سارية الجبل، وحديث أن معاوية كاد أن يبعث نبياً، وغير ذلك مما ذكر في كتاب الغدير خصوصاً ج5 وج11 عن كثير من المصادر، وذلك كثير لا مجال لحصره وعده لكثرته..

ثالثاً: إن المسلمين يعتقدون: أن النبي (صلى الله عليه وآله) أفضل الخلق، وأنه هو مظهر الكمال الإنساني، وأنه الإنسان الإلهي في أعلى مراتبه، وأنه قد بلغ أعلى منازل القرب والزلفى.. وأن كل ما في هذا الوجود يعاني من النقص والفساد، ويميل إلى التلاشي والسقوط، ورسول الله (صلى الله عليه وآله)، وحده وأهل بيته، وكذلك أنبياء الله هم الأكمل، والأفضل، والأمثل.

وبعدما تقدم نقول: من يستحق أن يخلق الخلق لأجل إظهار كماله، ليس إلا محمد (صلى الله عليه وآله)، والكمّل من أهل بيته، أما الناقص فلا يستحق الخلق، إذا لم يكن من أجل إظهار كمال الكامل، وذلك كرامة من الله لذلك الكامل، وليكون أسوة وقدوة ومثلاً أعلى..

فما المانع إذن من أن يقال: إن الله خلق الخلق لأجل النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) والأئمة الطاهرين (عليهم السلام)؟!..
13 ـ وقول حسن بن فرحان: إن بعض السنة يرون أن الشيعة الإمامية كلهم غلاة، وليس فيهم معتدل قط.. وأن رأي كثير من الشيعة أن جميع السنة غلاة..

نقول فيه:
أولاً: إن هذه الشهادات التبرعية بغلو هذا واعتدال ذاك، لا تجدي نفعاً، بل هي تزيد الطين بلة، والخرق اتساعاً، لأنها تسهم في تكريس الفرقة، وتثير لدى الناس حساسيات، لا حاجة إلى إثارتها، بل اللازم تركها في حالة الاسترخاء والركود، ليمكن للجميع أن يتخاطبوا بعيداً عن النظرة السلبية من كل طرف تجاه الآخر.. ومن دون عقد، ومن دون اتهامات مسبقة..

ثانياً: إن المنهج القرآني في الحوار والخطاب بين المختلفين هو: الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة على قاعدة، وإنا وإياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين..

أما مواجهة الطرف الآخر بالتهم وبالتوصيفات الجارحة، ففي ذلك صد عن سبيل الله، وهو جريمة كبيرة، لا يرتكبها إلا من هو مكلف بتكريس الانقسام بين أهل الدين الواحد..

ثالثاً: ليت حسن بن فرحان المالكي يذكر لنا بعض أسماء الشيعة الذين يقولون: بأن السنة غلاة كلهم!!

إن الشيعة يقولون: إن السنة مخطئون في استدلالاتهم على بعض القضايا، ولا بد لهم من إعادة النظر فيها، والتسليم بما يؤدي إليه الدليل القاطع.

أما اتهامهم بالغلو جميعاً فذلك ما نطلب من حسن بن فرحان المالكي أن يقدم لنا الدليل عليه..

كما أن السنة ـ عموماً ـ يقولون في الشيعة نفس هذا القول.. فلماذا إثارة هذا الجو من التحريض المتشنج؟!

14 ـ وأما حديثه عن مراتب الاعتدال والغلو.. فهو يدينه، ويسقط كل خطابياته وشعاراته عن الاعتبار، ويفرض عليه تحديد الاعتدال الذي يدعو إليه، وتحديد الغلو الذي يدعو الناس إلى تركه..

15 ـ وأما خطابه للمعتدلين من الشيعة بأن اعتدالهم مشكور، فنحب أن نسأله: أي اعتدال يقصد، والذين يخاطبهم في أي مرتبة هم من الاعتدال..

16 ـ ماذا يقصد بالاعترافات الخفية للمعتدلين من الشيعة؟!

فإن الذي نعرفه: أن كل ما اعترف به الشيعة قد أعلنوه، وقد ظهر: أن الذي اعترف به بعضهم وأعلنه، لم يستطع الصمود أمام الأدلة العلمية، بل أسقطته الاستدلالات والبراهين القاطعة، ولذلك لم يجد هؤلاء الأشخاص لهم مكاناً حتى بين عوام الشيعة، فرفضوهم، لظهور فساد أدلتهم، ووضوح سقوطها..

وأما الذين اعترفوا بالحق ودانوا، سواء أكانوا من الشيعة أو من غير الشيعة. فقد ثبتت أقدامهم، وكثر المتابعون لهم، وذلك لقوة حجتهم، وسطوع براهينهم..

17 ـ وأما الحديث عن التقية عند الشيعة..

فقد ذكرنا له في حوارنا معه:
أولاً: إن التقية عند أهل السنة وغيرهم هي الأقوى والأشد ظهوراً لأدنى سبب، وقد أوردنا من الشواهد والأدلة على ذلك ما يعد بالعشرات، فلماذا يعود إلى التلويح بالطعن على الشيعة بهذه الطريقة..

ثانياً: إن الشيعة لم يستعملوا التقية أبداً في بيان ما يعتقدونه، وهذا هو الذي عرّضهم لمختلف أنواع الأذى والاضطهاد. فكل ما عند الشيعة الإمامية مطبوع ومنشور، ولهم قواعدهم، وطريقتهم المعروفة للجميع في الأخذ والرد والاستدلال..

فإن كان ثمة من تقية لبعض الأفراد أحياناً، فإنما هي تقية على الجسد، لكي لا يتعرض ذلك الفرد للقتل من قبل حاقد أو جاهل، تماماً كتقية عمار بن ياسر..

ثالثاً: إن قوله: لو كان الشيعة صادقين لأخرجوا النقد في إنتاج..

نقول فيه: إن هذا إنما يصح لو ثبت له أنه يوجد نقد يلائم مذهبه، وينسجم مع أهوائه.. ثم هم يتسترون عليه.. وكيف يمكنه أن يثبت لنا ذلك..

وقد قلنا: إن جميع الشيعة يظهرون عقائدهم، ويكتبونها، وينشرونها، وقد شذ منهم أحمد الكاتب وغيره ممن ذكر أسماءهم وخرجوا عن طريقتهم.. وقد نشروا ما ذهبوا إليه ولم يخفوه، وقد ناقشهم العلماء بما أسقط حججهم، وأفقدهم المبرر للإصرار على تلك الآراء.. وإن من يراجع الكتب والمنشورات والمؤلفات يجد أن ما يظهر من نقد في كتب الشيعة لهو أكثر بكثير مما يظهر لدى أهل السنة..

رابعاً: وأما من ذكر هذا الرجل أسماءهم على أنهم قد انتقدوا الغلو الشيعي، فقد قلنا: إن الشيعة قد أسقطوا مقولاتهم بالدليل القاطع، والبرهان الساطع..

وإنما حكم عليهم علماء الشيعة بالضلال بعد أن أظهروا لهم بطريقة علمية عدم صحة ما ذهبوا إليه، وبينوا لهم فساد ما عولوا عليه؛ فأصروا عليها.. فلم يعد ثمة من وسيلة إلا تحذير الناس منهم، وإعلان رأي الإسلام فيهم، فإن من يتعمد الباطل ولا يخضع للحق.. لا بد أن يفضح أمره حتى لا ينخدع به الناس الطيبون.

خامساً: وإنه قد ذكر: أن المدافعين عن أولئك المعتدلين كانوا قلة قليلة..

ونقول: هذا طبيعي جداً، فإن الناس بعد أن يظهر لهم بطلان كلام هؤلاء، لا بد أن يبتعدوا عنهم، ويتركوهم، لأن علاقتهم بهم ليست لأجل أشخاصهم، أو لموقعهم الدنيوي، أو لنفوذ كلمتهم، أو لقدرتهم المالية، وما إلى ذلك. بل هو لأجل الدين، فإذا ظهر لهم أنهم غير صادقين في هذا الأمر، فإنهم سيتركونهم، لعدم وجود أي مبرر للارتباط بهم في هذه الحالة بل يصبح المبرر للانفصال عنهم هو الأقوى.

سادساً: قد ذكر أنه لا يوجد إنتاج مطبوع للسيد محمد حسين فضل الله فيما يرتبط بآرائه التي اختلف فيها مع الشيعة الإمامية..

ونقول: إن للسيد محمد حسين فضل الله كتباً كثيرة قد تضمنت آراءه في كثير من القضايا. وقد اعتمد علماء الشيعة على تلك المؤلفات في تفنيد كلامه، والرد على مقولاته..

إلا إن كان حسن بن فرحان يعلم أن لديه آراء أخرى لم يسجلها بعد. ويخالف فيها مذهب شيعة أهل البيت (عليهم السلام)، فهذا أمر آخر، لا يمكننا تأكيده أو نفيه، بل عهدته على مدعيه..

18 ـ وأما دعوته معتدلي الشيعة إلى أن لا يتركوا للغلاة التحدث باسم المذهب.. فهي دعوى تحريضية، وسعي إلى تكريس الانقسامات، أو افتعالها داخل البيت الشيعي الواحد.

ونحن على يقين من أن الشيعة سيلتفتون إلى الأهداف الكامنة وراء هذا النوع من الخطاب، ونستطيع أن نطمئن هذا الرجل إلى أن هذه الدعوة لن يكون لها تأثير في بث الفرقة والنزاع بين الشيعة، وذلك لأن الشأن العقائدي والديني ليس بأيدي الساسة، ولا يباع في سوق النخاسة. بل هو في أيدي مراجع الدين، وعلماء الأمة، الأمناء والحريصين عليه وهو أعز عليهم من أي شيء في هذا الوجود، حتى من أنفسهم..

19 ـ وقد قال: إنه لا يجوز له السكوت عن هذا الغلو، لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس.

ونقول:
لماذا إذن سكت سكوتاً مذهلاً عن الإجابة على المناقشات العلمية وعن الأسئلة التي وجهت إليه؟ فلما أعياه السكوت ظهر علينا بمواعظه هذه التي ضمنها الكثير من الاتهامات، والكلمات المؤذية والجارحة، والساعية لتكريس الفرقة بين المسلمين، وها هو يسعى لتحريض الناس على ذلك عبر افتعال حالة غلو في داخل الشيعة، ومثلها في داخل السنة، فإنا لله وإنا إليه راجعون..

نعم، لماذا سكت، ولم يجب على أي سؤال، ولم يناقش أية حجة. بل ترك عشرات الأسئلة والحجج، وتجاهلها، ولم يكترث لها، ولم يبين ما هو حق وباطل فيها، إن كان فيها باطل..

20 ـ ثم تحدث حسن بن فرحان عن لقائه في منتدى هجر. وقال: إنه تفاجأ بأن جميع المشاركات لم تعتبر القول بأن علياً هو الخالق الرازق من الغلو. ثم اعتبر هذا تواطؤاً على أمر ظاهر البطلان..

ونقول له:
أولاً: إن هذا يمثل هروباً من الجواب على عشرات الأسئلة المطروحة عليه في شبكة الميزان الثقافية، وفيها عشرات الأدلة.

وها هو يشتم الناس، ويتهمهم، ويؤذيهم كما ترى..

ثانياً: إن الحقائق التي طرحت عليه في (شبكة الميزان) ليس فيها أي شيء من هذا الغلو المزعوم، فلماذا يتهرب من الاعتراف بها؟! أو إبطالها بالدليل إن كان يستطيع ذلك؟!

ثالثاً: إنه لو صح ما ذكره من مفردات غلو عند الشيعة، قد تواطؤوا عليها وقبلوها وإذا كانوا يعلنونها بهذه الصراحة، والوضوح، والقوة..

فأين هي التقية التي زعم أنهم يمارسونها.. ويتذرع بها للتشكيك في صدق صحة كلامهم؟!

رابعاً: لقد حدد حسن بن فرحان هوية المشاركين، وأنهم شيعة، ونقول له:
كيف يستطيع تحديد هوية المشاركين الذين تواطؤوا على تلك المقولات، وأنهم شيعة إمامية، أو زيدية, أو إسماعيلية، أو من العلويين أو من غيرهم؟!..

نعم كيف استطاع معرفة مذاهب الذين يتصلون معه عبر الإنترنت بأسماء غير حقيقية في أغلب الأحيان؟

ولماذا لا يكون أكثرهم من الوهابية، أو من غيرهم ممن يريدون التشنيع على الشيعة بأمور يرون أنها تنفر الناس منهم؟!

21 ـ ثم ما معنى قول ابن فرحان: (أنا أعرف البعض يدندن حول تعريف الغلو، وأنني لم أستطع تعريف الغلو)؟.

ونقول:
أولاً: لماذا التعبير بـ (يدندن) ولماذا توجيه الإهانات للناس بهذه الطريقة؟!

ثانياً: إن هذا السؤال عن الغلو، وتعريفه، سؤال أساسي في كل ما يبني عليه خطابه العام، فإذا لم يجب على هذا السؤال، فلا معنى لكل هذا الحديث الطويل، وتسقط كل تلكم الشعارات التي أطلقها..

ثالثاً: إنه حين يعترف بأنه لم يستطع تعريف الغلو. فلا بد أن يجيب على سؤال لماذا كل هذا الضجيج والعجيج إذن؟! إنه يصبح بلا مبرر.

22 ـ إنه قد ذكر مفردات قال: إنها من بديهيات الغلو، وأنها تعلم بالاضطرار..

ونقول له:
أولاً: إننا إذا استثنينا المقولة الأولى، وهي مما لا يقول بها أي شيعي إمامي على الإطلاق، وهي القول بأن علياً هو الرب الخالق.. ومقولة: إن الأئمة (عليهم السلام) ينزل عليهم الوحي.. فإن سائر المفردات التي ذكرها.. قد رويت بل روي ما هو أشد منها لأبي بكر وعمر، بل لبعض الأولياء والصلحاء منهم!! فراجع الغدير ج11 وج5 تجد العجب العجاب.

ثانياً: إن عدداً من تلك المفردات التي ذكرها قد وردت أدلتها في كتب أهل السنة أنفسهم، فكيف يهاجم الشيعة في أمر رواه لهم أهل السنة أنفسهم، فلماذا يرى الشعرة في عين غيره، ولا يرى الخشبة في عينه، بل حتى لو رآها فإنه يقلل من خطرها، ويصغر من شأنها حتى وكأنها لم تكن.

23 ـ ويقول حسن بن فرحان: (يقصد هؤلاء الإخوة: أنني لا أرى الغلو كما يرون، ولا أرى تسويغ الكذب كما يسوغون..).

ونقول:
انظر إلى هذا الرجل كيف يفسر كلام الآخرين، وبأية لغة يخاطبهم، وبأي شيء يتهمهم. ولا نريد أن نقول أكثر من ذلك..

24 ـ ثم ذكر هذا الرجل أن الشيعة يعدون من الغلو ما هو أدنى من الأمثلة التي ذكرها.. ولكنهم يتشددون في حصر الغلو في اعتقاد الألوهية للبشر، وأن لله سبحانه وتعالى أبناء، لكنهم إن كتبوا عن الزيدية، أو الصوفية، أو السنة، فإنهم يصفونهم بالغلو في أمور يسيرة.
ثم استشهد بكلام السبحاني عن الغلو، وأنه الخروج عن الحد..

ونقول:
أولاً: إن كلام السبحاني في تعريف الغلو هو القاعدة التي ينطلق الشيعة منها في حكمهم بالغلو على الآخرين، فإن كل تجاوز للحد غلو.. ولابد من التصدي له ورفضه.. فإذا كان هذا التجاوز في أمر صغير، فهو مرفوض، تماماً كما هو مرفوض في المسائل الأساسية الكبرى، فإن الملاك في الرفض فيهما واحد..

ثانياً: إن المهم في إثبات الغلو ونفيه هو معرفة الحد الذي يجب الوقوف عنده، ولا يجوز تجاوزه.. فقد يكون هناك أمور حساسة وخطيرة جداً قد ورد عن الشارع ثبوتها، فلا يجوز إنكارها بأية حجة كانت، ولا يجوز ولا يصح وصف من يثبتها، تسليماً لما ورد عن الشرع بأنه مغالٍ فيها..

ومجرد عدم ثبوتها عند شخص، لا يبرر وصف من ثبتت عنده بالغلو، ولا سيما مع كونها من الممكنات لا من المحالات..

وإنما يصح وصفه بذلك لو أثبت الدليل عدمها، وكثير من الأمثلة التي يسوقها حسن بن فرحان هي من الممكنات لا من المحالات، فهي إذن من قبيل ما لم يثبت فإن كان عنده دليل على النفي القاطع سوى الاستبعاد والتهريج فليظهره.. أما أن يشنع على من ثبتت عنده بطريقة تهريجية دون أن يقدم البرهان النافي سوى الدعوى المشفوعة بخطابيات وتشنيعات واستبعادات.

فذلك غير مقبول حتى عند من يوافقه في الرأي والمذهب.

ثالثاً: دعواه أن الشيعة يحصرون الغلو في اعتقاد الألوهية للبشر، أو اعتقاد أن لله أبناء، غير صحيح.

وكلماتهم تشهد بذلك، وقد عرف السبحاني الغلو الذي تعتقد به الشيعة بأنه تجاوز الحد الثابت بالدليل. ولا ينحصر ذلك في ألوهية البشر، واعتقاد البنوة لله تعالى.

25 ـ وتحدث حسن بن فرحان عن: أن الشيعة ينكرون عليه، في حوار له معهم في منتدى هجر، قوله: إن الغلو ملازم للكذب، مع أن السبحاني يقول ذلك.

ثم قال: إن السبب فقط في قبولهم ذلك من السبحاني، ورفضهم له منه، هو أن السبحاني شيعي، وهو سني. وهذا تعصب مقيت، هو الذي أوصل الأمة لهذا التفرق والتمزق..

ونقول له:
أولاً: إن ما يعنينا هو حوارنا معه على شبكة الميزان، حيث تهرب من الإجابة على عشرات الأدلة والأسئلة التي وجهت إليه، ثم أرسل هذه الرسالة التي حملت لنا هذه الروح، التي تأنس بالأذى للآخرين، ولا تخضع للحق الصراح، ولا تستجيب لنداء الدليل والبرهان..

ثانياً: قد بتنا نشك في صحة ما ينقله هذا الرجل لنا، فإن من يستنكف عن الاعتراف بالحق.. والتسليم للأدلة القاطعة التي واجهها على شبكة الميزان، ثم يواجه محاوريه بهذا الأسلوب الهروبي الذي يسعى من خلاله لصرف الناس عن التفكير بأجوبة الأسئلة، والاستدلالات المطروحة عليه، ثم يثير جواً اتهامياً تتجلى فيه مظاهر السعي لتكريس انقسامات، وخلافات، وترسيخ مفاهيم خاطئة، وبث شكوك وأوهام لدى كل فريق تجاه الفريق الآخر..

نعم إن من يفعل ذلك، لا يمكن الاعتماد على ما ينقله من أمور تحمل في طياتها مبررات للطعن في نزاهة من يعتبرهم خصوماً له..

ثالثاً: لو صدقنا حسن بن فرحان فيما ادعاه على الشيعة، وقبولهم من السبحاني، وعدم قبولهم منه، فكيف حصل له اليقين بأن سبب ذلك هو تشيع السبحاني، وتسنن المالكي؟!

ولم لا يكون السبب هو تبدل رأي محاوريه عن الرأي السابق إلى رأي لاحق؟!..

أو لماذا لا يكون الذين قبلوا من السبحاني هم غير الذين رفضوا رأي المالكي؟!

فيرى أولئك أن الكذب ملازم للغلو، ويرى هؤلاء أنه لا يلازمه، وأنه لا يصح الخلط بين الغلو والكذب..

ويبقى سؤال: كيف حصل له اليقين بأن السبب في القبول والرفض هو التعصب المذهبي..

26ـ وأما سؤال حسن بن فرحان الشيعة: كيف يرون القول بأن زيد بن علي أعلم من جعفر الصادق غلواً ولا تعدون القول بأن علياً هو الخالق الرازق غلواً..

وجوابه:
أولاً: إنه إذا ثبت أن جعفر الصادق (عليه السلام) أعلم من زيد، فإن من يدعي عكس ذلك يكون مغالياً في زيد، لأنه يتجاوز فيه الحد الذي هو له..

ثانياً: ما هو الدليل على أن الشيعة الإمامية يقولون بأن علياً (عليه السلام) هو الخالق والرازق؟!..
إن الشيعة الإمامية إنما يقولون: إن الخلق والرزق هو بيد الله سبحانه ومنه، وله تعالى أن يفوض ذلك إلى من شاء من خلقه على نحو يبقى هو تعالى مصدر الفيض، كما فوض أمر قبض الأرواح إلى ملك الموت، وفوض أمر الريح لملك الريح، وأمر القطر إلى ملك القطر والمطر.

وكما أعطى (آصف بن برخيا) القدرة على الإتيان بعرش (بلقيس) من اليمن إلى بيت المقدس.
ولكن المهم في البحث هو أنه هل يوجد دليل قاطع على أن الله تعالى قد فوض هذا الأمر أو ذاك لأحد من خلقه، سواء أكان ملكاً، أو غير ملك.. فإن وجد فبها ونعمت، وإن لم يوجد، فلا مجال للاعتقاد بما لا دليل عليه..

فهم إذن، لا يقولون: إن علياً (عليه السلام) هو الخالق الرازق فعلاً. فلماذا ينسب إليهم هذا الأمر بصورة قاطعة.

27 ـ ثم عاد حسن بن فرحان ليتحدث عن التعصب، والغلو، ورمي الآخرين بهما، وتساءل: هل يريد الشيعة أن يتوحد المسلمون على الغلو الشيعي إلخ..

وقد قلنا: إنه لا يوجد غلو في الشيعة ولا في التشيع. وإنما يريد الشيعة الإمامية التوحد على حقائق الدين الثابتة بالدليل والبرهان.. كما أن أهل السنة لا يعتبرون أنفسهم غلاة، بل هم منسجمون مع قناعاتهم، ويرون أن الذي ظهر لهم من خلال ما يملكونه من أدلة هو ما يريده الله منهم..

28 ـ ويقول حسن بن فرحان المالكي: سنبقى في الاتهامات المتبادلة، والتكفير، والتبديع، ما دام الغلاة لهم الصدارة، وما دام المعتدلون ساكتين، ينتظرون لمن تكون الدائرة..

ولنا أن نسأل هذا الرجل، ما معنى قوله: (لمن تكون الدائرة)، فهل هناك حروب طاحنة تدور بين أعداء؟!..

وهل يستطيع أن يظهر لنا فتاوى مراجع الشيعة في تكفير أهل السنة؟

ولماذا يحرض من يسميهم بالمعتدلين على التحرك ضد من يسميهم بالغلاة؟..

ولماذا يسعى لشق عصا المسلمين، وإثارة بعضهم ضد بعض؟!

ولماذا يصر على الإلقاء في أذهان الناس: أن ثمة غلواً واعتدالاً في داخل كل مذهب؟!

وكيف يمكنه تحديد الغلو والاعتدال؟! وتمييز هذا عن ذاك؟!..

إلى غير ذلك من الأسئلة الكثيرة التي تنتظر الإجابات الصحيحة والصريحة..

29 ـ وقد ذكر حسن بن فرحان: أن من البعيد أن يعير عقله وضميره، فعلى الفريقين الغلاة من السنة والشيعة، أن لا ينتظروا ذلك، لأن إرضاء الله أولى من إرضاء البشر..

ونقول له:
لا يوجد أحد طلب منه أن يعير عقله، إن كلا الفريقين يطلب منه أن يأخذ الأمور عن دليل وبرهان. وأن يكون منصفاً، ومنسجماً مع عقله وضميره..

وهل يستطيع أن يذكر لنا اسم واحد من الناس قال له: أحب أن تترك دينك لأجلي.. ولا أرضى منك أن تنظر في الأدلة، ولا أن تراجع النصوص.. وعليك أن تترك ما يحكم به عقلك، وما فرضه الله عليك؟!
30 ـ وقد ادعى أنه لا يضمر إلا ما يظهره، وأنه يخرج رأيه كله..

ونقول له:
فلماذا إذن لم تخرج رأيك على (شبكة الميزان الثقافية)، ولم تجب على الأسئلة الكثيرة التي وجهت إليك، وهي تعد بالعشرات، رغم أن الحوار كان معك، وقد أجبت على سبعة وأربعين سؤالاً خلال شهر، ثم سكت خمسة عشر يوماً، ثم أجبت عن أربعة.. ثم سكت حوالي شهر آخر، فلم تجب بشيء رغم أن الأسئلة والمداخلات التي تنتظر الإجابة تعد بالعشرات كما قلنا..

فإن تخرج رأيك كله فلماذا لم تعترف بما هو صحيح من تلك الأسئلة والأدلة التي عجزت عن مواجهتها؟! نبئونا بعلم، إن كنتم صادقين.

وأخيراً نقول:
إننا لا نحب للإنسان أن يعلن بذم واتهام وأذى الآخرين، ثم يطلق الادعاءات، ويزجي المديح تلو المديح لنفسه بطريقة استعراضية، ليغطي بذلك على هزائمه الكبيرة، أمام الأقلام الحرة والصريحة، وفي منتديات الفكر، وقد أسفر الصبح لذي عينين..

والحمد لله، والصلاة والسلام على عباده الذي اصطفى محمد وآله الطاهرين..

يتبع>>>

نسألكم الدعاء

خادم الزهراء 24-Aug-2009 11:19 AM

كلمة أخيرة
 
كلمة أخيرة:
إلى هنا، وينتهي هذا الحوار، حيث لم يوافق (الشيخ حسن بن فرحان المالكي) على الاستمرار فيه..


وذلك بالتوقف عن الإجابة على عشرات الأسئلة والأدلة المطروحة عليه، والموجهة إليه..

ثم أعلن توقفه عن الاستمرار في الحوار.. مكتفياً بكلمة: (آمل أن يعذروني الإخوة الكرام في انقطاعي عن التواصل معهم فيما يطرحونه من استشكالات آملاً أن يكون لنا لقاء آخر).

والاعتذار بهذه الطريقة لا يمكن أن يكون مقبولاً أو مرضياً لدى الكثيرين.

أما نحن فلا نريد أن ندخل في موضوع تصويب هذا الاعتذار أو تخطئته، غير أننا نرى: أن من حقنا أن نحتفظ ببعض التصورات التحليلية، فيما يرتبط بحقيقة السبب الذي دعا المالكي إلى ذلك. خصوصاً مع الاتهامات والتعريضات الجارحة التي وردت في رسالته. وللقارئ الكريم الحق في ذلك أيضاً.

كما أننا لا نملك منع أحد من الاحتفاظ ببعض الاحتمالات ـ قوية كانت ضعيفة ـ لتراود ذهنه، وتعبث بأحلامه، لأن الأمر أصبح بعد هذا مرتبطاً بالأشخاص وبنواياهم، وبأساليبهم.

وفيما عدا ذلك، فإن لنا ثقة كبيرة في القارئ الكريم بأن لا يفسح المجال لأي احتمال، يرتبط بقضايا الدين والإيمان، إلا بعد تمحيصه بصورة علمية دقيقة وعميقة.

ولا شك في أنه سيكون دائماً إلى جانب ما يحكم به ضميره، ووجدانه العلمي، ومع إيمانه القائم على البرهان. وسيبقى وفياً للحق وللدين، ملتزماً بقضاياه، وفقاً لأحكام الفطرة, والعقل، والفكر الصريح والصحيح.

وسيفرض عليه ذلك أن يبقى في موقع الحَكَم الذي يعطي الحق لأهله.. ويسقط الباطل من أي حساب..

ولن يجد الأشخاص الذين يجانبون الحق، ويعاندونه، ويجادلون بالباطل ليدحضوا به الحق، لن يجدوا لأنفسهم مكاناً، لا في عقله، ولا في قلبه، ولا في وجدانه، كما أنه لن يعطيهم فرصة للتلاعب بإيمانه ويقينه..

وفقنا الله جميعاً لالتزام الهدى، والجهاد في سبيله.

والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، محمد وآله الطاهرين..

جعفر مرتضى العاملي


تم

نسألكم الدعاء

إنسان بسيط 13-Mar-2011 11:59 PM


اللهم صل على محمد و آل محمد و عجل فرجهم و إلعن أعدائهم



غفر الله لكم

نسألكم الدعاء


اللهم صل على محمد و آل محمد و عجل فرجهم و إلعن أعدائهم


الساعة الآن »07:43 PM.

المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc