منتديات موقع الميزان

منتديات موقع الميزان (http://www.mezan.net/vb/index.php)
-   ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية (http://www.mezan.net/vb/forumdisplay.php?f=165)
-   -   كتاب النفس المطمئنة (http://www.mezan.net/vb/showthread.php?t=19160)

رياض ابو طالب 20-Jul-2010 01:03 AM

كتاب النفس المطمئنة
 
السلام عليكم
اخوتي الكرام
اضع لكم احد الكتب بشكل مقتطفات وارجو ان تجد لديكم القبول
النفس المطمئنة

تأليف

آية الله الشهيد عبد الحسين دست غيب

النفس المطمئنة

بسم الله الرحمن الرحيم
الإمام الحسين (ع) المصداق الكامل للنفس المطمئنة
في رواية عن الإمام الصادق (ع) حول نزول الآيات الأخيرة في سورة الفجر:
(يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي) [الفجر: 27 ـ 28] إن هذه الآيات الشريفة نزلت في حقّ جده الحسين (ع)، وهذا الحديث لا ينافي عمومية وشمول الآية إنما هو؛ لبيان الفرد الأكمل والمصداق الأتم لهذه الآية وهو الإمام الحسين (ع) لذلك تسمى سورة الفجر سورة الحسين (ع).
وفي روايات أخرى تقول بان الذي يداوم على قراءة هذه السورة في الصلاة الواجبة والمستحبة سيحشر مع الحسين (ع)، لذلك نجد أنه من المناسب توضيح هذه الآية لنعلم مطابقتها مع الحسين (ع) وكذلك نفهم مدى مطابقتها لنا ولأعمالنا. وأرجو أن تتوضح الحقائق التي في ضمن هذه الآيات بصورة جيدة.
آخر المراتب في المسيرة التكاملية للإنسان
(يا أيتّها النفس المطمئنة) [الفجر: 7] النفس المطمئنة آخر مراتب التكامل البشري والنفس الأمارة هي أول تلك المراتب (إنّ النفس لأمارة بالسوء) [يوسف: 53] وبعد أن تدخل في تيار الحركة التكاملية تصبح نفساً لوامة (ولا اقسم بالنفس اللوامة). [القيامة: 2]
وبعد ذلك تصل إلى مرحلة الإلهام (فألهمها فجورها وتقواها) [الشمس: 8] وتكون النفس الملهمة، وتستمر في التكامل حتى تصل إلى مرحلة الاطمئنان النفسي، وهذه الأخيرة أيضاً لها مراتب، والراضية والمرضية هي آخر درجاتها التكاملية.
هذه النفس المطمئنة تصل إلى الملكوت الأعلى بجناحي العلم والعمل الصالح، فهذه خلاصة أربع حالات ومراتب للتكامل النفسي.
حالات مختلفة لنفس واحدة
هناك ملاحظة نلفت إليها انتباهك، وهي أن النفس الأمارة والملهمة واللوامة والمطمئنة ليست موجودة بأربع وجودات، وإنما هي نفس واحدة، ولكنها تختلف باختلاف الحالات. فنفس كلّ إنسان على أقسام أربعة باعتبار حالاتها ومسيرتها التكاملية وكل قسم له عدة مراتب أيضاً.
في البداية يجب أن نفهم النفس الأمّارة ما هي؟ في المراحل الابتدائية النفس الإنسانية لها حالة آمرة وذلك قبل طلوع نور العقل في الإنسان (الأمارة) صيغة مبالغة للأمير، فالنفس تحاول التحكم والتسلط وليست مستعدة لأن تتنازل عن هذه الحكومة وتعترف بعبوديتها وذلتها.
العقائد الإلهية التي جاء بها الرسل والأنبياء عليهم السلام ترشدها إلى أن الله واحد، وعالم ومقتدر ومحيط بالعباد، ولكن النفس الأمّارة والتي تعتبر نفسها هي الحاكمة، لا تخضع أمام السلطان الإلهي وليست مستعدة لأن تعترف بعبوديتها وتحاول أن تتخلص من تحمل المسؤولية بمختلف الحجج والمعاذير.
عدم الاعتراف بالعبودية
أنت كنت نطفة،. فانظر إلى جهاز جسمك العظيم وانظر إلى عظامك،. إلى عروقك وشرايينك.. إلى معامل الكبد العجيبة والتي تؤدي اثني عشر وظيفة،. جهاز القلب وتصفية الدم،. إلى الكلية والمعدة،. وانظر إلى جهاز الحنجرة والقصبات الهوائية،. جهاز الادراك،. والحافظة الحس المشترك،. انظر إلى القوة الواهمة،. هل تكونت هذه الأجهزة العظيمة لوحدها، وهل يصدق وجدانك؟
ولكن بما أنها أمّارة فهي تتذرع بالحجج وتدوس على الوجدان، تسير خلاف الفطرة،. تتمسك بالشكوك والشبهات من أجل ألا تعترف بالعبودية. وهي أمارة لا تريد أن تتحمل مسؤوليتها.
أما بالنسبة إلى المعاد فكم تطرق أسماعنا نداءات الحق: أيها الإنسان أنت لا تفنى بعد الموت أو تصبح عدماً. بل أنت موجود ومحكمة العدل الإلهية موجودة وكل شخص سوف يصل إلى جزاء أعماله ويرى نتائج أفعاله إن خيراً فخير وإن شراً فشر، وهذه النفس تسمع البراهين والأدلة على المعاد والتي يذكرها القرآن المجيد.. سورة الواقعة مليئة بأدلة المعاد وكذلك في آيات أخرى من القرآن.
أمارة: لأنها غير ملتزمة
ولأنها أمارة فهي لا تريد أن تترك الملذات.. فالذي يطمح بالوصول إلى المقامات العالية والباقية عليه أن يقيد لسانه وبصره وسمعه، أما النفس الأمارة فهي تريد أن تبقى حرة من أجل ذلك فهي تنكر القيامة وتقول من الذي رجع من ذلك العالم وجاء بالخبر. تريد أن تتنعم في هذه الأيام المعدودة، أن تعيش حرة وغير ملتزمة، إنها تريد أن تكون غنية وتجمع الأموال الطائلة. فلو كانت تعتقد بالمعاد فكيف يتسنى لها جمع الأموال واكتنازها. والشخص الذي يعتقد بالمعاد كيف يتصرف بأموال الأوقاف و...
الأمارة تريد أن تجمع الأموال فهي لا تستسلم إلى مسألة المعاد ولا تقبل بالمسؤولية الإلهية وتبتعد عن المحرمات، بل تريد أن تملأ بطنها من الحرام، أن تكون غير مقيدة وتتصرف بحرية وهو ما لا يتلائم مع الاعتقاد بالمعاد فلذلك تقول إن هذه الاعتتقادات رجعية وهي أمور قديمة ومتحجرة.. كل هذا ناتج عن أمارية النفس ولأنها تريد أن تكون هي الحاكمة المطلقة بدون قيود، الحلال والحرام قيود على الأعمال، أما الأمارة فإنها تريد أن تأكل كل ما تصل إليه سواء كان من أموال اليتيم أو الغش في المكيال أو الجناية... تريد أن تتمتع بالنظر فتتطلع إلى كل ما لا يجوز النظر إليه ولأنها أمارة فهي لا تحب أن تكون حكومتها وأماريتها مقيدة.
لذلك تسمعون أن أمارية نفس الكافر هي عين كفره فهو يريد أن يكون حاكما مطلقاً، ويصل الأمر بالإنسان ونفسه الأمارة أن ينصب نفسه في مقابل رب العالمين ويريد أن يتحكم بالسماوات والمجرات ويسيرها وفق رغباته.
از غم بي آلتي افسرده است نفس ازدرها أست او كي مرده است
النفس تدعي الربوبية والألوهية فهي تفرح إذا كانت الأشياء كما تحب وتشتهي ويحتويها الحزن والغيظ إذا حصل ما يخالف مزاجها.

رياض ابو طالب 22-Jul-2010 12:04 AM

اعتراض النفس الأمارة على القضاء والقدر
الإنسان الذي يلهث وراء كسب الثروة والأموال وساعدته الأيام على تكديس الثروة يعتقد انه هو السبب في الحصول على هذه الأمور أنا الذي بفكري، بلسعات قلمي، بقدرت اذرعي عملت كذا فحصل كذا.
أما لو جرت الرياح بما لا تشتهي سفنه كأن تلفت أملاكه واحترقت أو تضرر فسوف ينزعج ويتألم ويضطرب بشكل غير مألوف. يقول أن العالم يجب أن يسير وفق ما أشتهي وأريد، ففي بعض المسائل التي يكون فيها القضاء والقدر الإلهي على خلاف رغباته وميوله فسوف يعترض على القضاء والقدر فلو أن إبنه مات فسيقول أنه أخذ ابني الشاب وترك ذلك العجوز.
ولو كان بإمكانه أن يهجم على ملك الموت ويقطعه إلى أشلاء عديدة لفعل.
الله العالم هو المدبر
عندما يقولون للنفس أيتها النفس إن لهذا العالم مدير ومدبر ـ الحمد لله رب العالمين ـ المربي والمدير لعالم الوجود هو الله. وكل شخص في أية درجة من درجات الوجود أمره بيد رب العالمين المنزه (فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء) [يس: 83] جميع مراتب الوجود بيده. الحياة والموت بإذنه فهو الذي يحيي ويميت، بدون إذن الله وإجازته لا تخرج الروح من هذا الجسد. والله بحكمته البالغة يقدر صلاح كل عبد، فكل ما كان هو المقدر له.
فيا أيها الذي ذهبت أمواله وتلاشت أملاكه لا تتصور أنك كنت مستقلا في اكتساب تلك الأموال. لا تكن كافراً فكل الأمور بيد مدبر الأمور "يا مدبر الأمور".
إلهك أراد لك الصلاح يوم أعطى ويوم رأى من الصلاح أن ياخذ لا تكن نفسك أمارة وتجعل نفسك مقابل إلهك وخالقك، لا تجعل مصلحتك مقابل صلاح الله يجب أن يستسلم الإنسان ولا تكن لديه حالة اعتراض على إرادة الله سبحانه وتعالى.
كل ما جاء به خسرو فهو جميل (مثل فارسي)
موت الأولاد حادث من الحوادث التي قدرها الله وعلم أن من الصلاح أن يموت في هذا العمر فلماذا تعترض؟
لا تنس الجزاء والثواب الإلهي فأجرك عند الله ولا تحزن أن تعول غداً فربك ورازقك موجود وما تدري ما خفي عنك من المصلحة والحكمة، فكلما يراه صالحاً لعبده يجري به المقدرات ويمضيه.
في عالم الوجود لا تسقط من ورقة إلا بإذن رب العالمين كذك موت الأولاد لا يكن إلا بمشيئته وإرادته، وإذنه في ذلك هو عين الصلاح والمصلحة وإن كان الإنسان لا يدرك ذلك.
عندما يقولون أيتها النفس كوني صابرة وشاكرة فهذا لا يعني أننا نقول بالجبر بل هو (أمر بين الأمرين) إنه ليس جبراً بل الاختيار باق لكنه مشروط بإذن الله فإذا قصدت أن تؤدي عملاً فأنت تستطيع ذلك إذا كان معه إذن الله.
كل الحوادث مسجلة في اللوح المحفوظ قبل أن تقع وتقدر المقدرات فيجب أن نرضى بذلك التقدير ولكن النفس الأمارة لا تخضع لهذه الحقيقة وغير مستعدة للصبر والشكر.
الجزع الناشئ من الاعتراض حرام
في باب تجهيز الأموات نجد أن عويل وبكاء صاحب المصيبة إذا كان بشكل الاعتراض على القضاء والقدر الإلهي فهو حرام فشق الجيب واللطم على الرأس والصدر من المحرمات إذا كان ذلك اعتراضاً على إرادة الله وهذا مذكور في الرسائل العملية.
لأجل موت أبيه أو أمه العجوز نجد الشخص يقيم الدنيا بصراخه وعويله ولو أنه التفت قليلاً لوجد أن بقاء الأب والأم يجعله في النهاية يتمنى موتهما فما أصعب رعايتهما إذا اصبح حالهما كالحالة الأولى يجب تنظيفهما باستمرار. إن اخذه قبل أن يصل العجز إلى هذه الدرجة هو إراحة له وإراحة للآخرين منه فلماذا يعترض الإنسان على جهاز الخلقة فالذي أعطاه الروح هو الذي أخذها منه.
أمارية النفس وجهنم الفعلية
في حالة الاعتراض على القضاء والقدر تبرز النفس الأمارة. عند ذاك يكون الإنسان كافراً بالله ومشركاً بالله وساخطاً لقضاء الله وهذه أتعس الحالات وهو لا يعلم. لا توجد انتكاسة روحية أقبح من الاعتراض على القضاء والقدر الإلهي وأن يكون مع الله في تساؤل لماذا حدثت الزلزلة؟ ولماذا لم يسقط المطر؟ هذه هي جهنم الفعلية كما أن التسليم والرضا هو الجنة الحقيقة فإذا حصل لديه الإيمان بالله فهو السعادة والراحة الحقيقية.
مريض بالعمى والفلج لكنه شكور
في رواية عن موسى بن عمران عندما أراد من الله أن يريه أحب الخلق إليه فأوحى الله إليه أن اذهب إلى المحل الفلاني وسوف تراه، فلما جاءه وجد رجلاً أعمى ومفلوج وفي نفس الوقت مريض أيضاً. اقترب منه موسى وجلس يسأل عن حاله فسمعه يسبح الله "يا بار يا وصول".
مع كل هذه المصائب من فقدان البصر والأرجل مع ذلك يشكر الله على نعمه ويذكر فضله واحسانه.
سأله موسى "كيف تشكر الله وأنت على هذه الحالة"؟ فقال:
أعطاني عيناً لمدة من الزمان ورفعت بذلك حوائجي، ولكي لا أنظر المناظر المحرمة والمسببة للغفلة.. لكي لا تقع عيني على حرام، أخذ عيني..
أعطاني رجلاً وقد استفدت منها وبعد ذلك أخذها حتى لا أذهب إلى مكان حرام.
وأيضاً أعطاني نعمة لم يعطها إلى أي أحد في هذه القرية التي أنا فيها فكيف استطيع أن اشكر هذه النعمة.
فسأله موسى: أي نعمة أعطاك؟ فقال: نعمة الإيمان.

رياض ابو طالب 22-Jul-2010 12:08 AM

الجسم سالم ولكن القلب مضطرب
تشاهدون شخصاً سالم الجسم ولكن النيران ملتهبة في قلبه، اماريته وكفره بالله حول باطنه إلى جحيم فما أكثر ما يحرم النوم في الليالي بسبب التناقضات الناتجة من رغبات النفس وحكومتها.
يجب أن يؤمن بالله ويتخلص من النفس الأمارة، ويترك ميوله وشهواته جانباً، وأول علائم ترك الشهوات النفسية أن يلوم نفسه إذا صدر منه ما يخالف العبودية ويتألم لذلك وهذه أول علائم الإيمان وهو أن النفس أصبحت لوامة يلوم نفسه دون الآخرين كما تقول الرواية.
ما أحسن أن يكون للإنسان واعظ باطني
حاسب نفسك بنفسك فلو نصحك شخص آخر وكانت نفسك أمارة فسوف تغضب وتتكبر ولكن لو خرجت من النفس الأمارة فسوف تتألم بمجرد أن يصدر عنك ما يخالف العبودية وسوف تلوم نفسك ما هذا الذي عملته؟ ما هذا الكلام الذي تكلمته؟ استغفر الله، إلهي سامحني وأعف عني.
فلا أقسم بالنفس اللوامة هذا هو أول ظهور العبودية فإذا وجدت في نفسك هذه الحالة فاشكر الله لأنك سرت في طريق الإيمان سرت في صراط علي المستقيم ويجب أن يستمر على هذه الحالة أي تلوم نفسك كلما صدر منك خطأ.
بعض الفضلاء الكبار يقومون بتصرفات عجيبة في لوم أنفسهم مثلاً لكي يزجر نفسه ويؤدبها فيصمم ان لا يشرب الماء البارد لمدة سنة لأنه ارتكب الذنب الفلاني.
الهام النفس الحسن والقبح
بعد ذلك يصل به الأمر إلى درجة الالهام (فالهمها فجورها وتقواها) [الشمس: 8] يفهم الحسن من القبيح ويعلم ما هي الحسنة وما هي السيئة. وقبل الوصول إلى هذه الدرجة ما أكثر الأعمال الحسنة التي يعملها لكنها تحمل ذنوباً في الباطن سواء كان رياءً أو عجباً أو غروراً وغيرها أما مع وصوله إلى مرحلة الإلهام فسوف يكون بعيداً عن هذه الأمراض ثم يرتفع حتى يصل إلى النفس المطمئنة بالإيمان وبالحق، لا تعتريه لحظة من التزلزل في الليل أو النهار، ولا أثر لحكومة النفس ولا وجود للشهوات والميول النفسية بل رضا الله يحل محل تلك الميول والشهوات، نعم:
"ديوجوبيرون رود فرشته در آيد".. أي أن الملائكة تدخل بمجرد أن يخرج الشيطان.
المطمئن إلى الله في حالة سكينة. الله هو الذي ينزل السكينة على قلوب المؤمنين ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم.
نتائج الاطمئنان بالله
السكينة من السكون والهدوء. فليس هناك اضطراب أبداً هناك عباد الله بحيث إذا ملكوا الدنيا بما فيها ثم زال عنهم دفعة واحدة فكأنه مثل ريشة كانت معلقة بهم وأزالتها عنهم الرياح فليس لذلك أي أثر في نفوسهم. هو يعلم أن الله هو المعطي وأن رزقه من الله جئت إلى الحياة بأيدي خالية وسأرحل عنها كذلك وفي أثناء ذلك هو المتكفل لرزقي واطعامي مادمت حياً.
(هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم). سورة الفتح، الآية: 4.
التاجر الخاسر والتحجر المقدس
يمكن أن ندرك قدر هذه النعمة مع ملاحظة المحرومين منها. فقبل ثلاثين أو أربعين سنة في مدينة شيراز كان تاجر مقدس ومن أهل صلاة الجماعة وبعد ذلك أتضح أن صلاته وعبادته كانت جافة وبعيدة عن الحقيقة ـ هذا التاجر أفلس بعد ذلك وأصبح جليس الدار يبيع من أثاث البيت ويرتزق من ذلك.
في أحد الأيام أخذ يفكر ويحسب أن الأمر لو استمر به على هذا المنوال وفي كل يوم يبيع من أثاث البيت ويصرفه لمعاشه فكم يستطيع أن يستمر على ذلك؟
وتوصل إلى أنه بامكانه أن يستمر على ذلك ثلاث سنوات أخرى ولكن الوهم لم يتركه بل أخذ يفكر فيما بعد ذلك وماذا سيفعل بعد تمام السنوات الثلاث هل سأجلس على قارعة الطريق وأمد يدي إلى الناس ولكي يتخلص من ذلك انتحر بالسم.
كمال الاطمئنان في الإيمان
هذا التاجر حاج مقدس لكنه لم يصل إلى مرحلة الاطمئنان وبقي على كفره بالقضاء والقدر الإلهي وذهب في النهاية مع كفره.
لا تستصغرون هذا المطلب بل هو روح الدين وعين الحق وحقيقة الإيمان، يجب السعي للوصول إلى مقام الاطمئنان لأنه (اولئك لهم الأمن وهم مهتدون) [الأنعام: 82] فكمال السكينة والاطمئنان في الإيمان.

خادم الزهراء ع 22-Jul-2010 12:25 PM

السلام عليكم
أحسنتم حاج أبو طالب على النقل الموفق وفي ميزان حسناتكم

رياض ابو طالب 23-Jul-2010 10:09 PM

السلام عليكم
اخي ابو علي
شكرا لك على المرور والتعليق
نتابع معكم
اطمئنان الحسين (ع) في يوم عاشوراء
هنا أبين تطبيق هذه الآية على الحسين (ع)
الحسين (ع) المصداق الأكمل والأتم للنفس المطمئنة، الأمور المذكورة في كتب المقاتل بأن الحسين (ع) في اليوم العاشر كان وجهه المبارك يزداد اشراقاً مع كل مصيبة نازلة. اطمئنان عجيب بالقضاء والقدر والمشيئة الإلهية ظاهر في سيمائه لأن الحسين على يقين من أن هذه الحوادث والمصائب هي بإذن الله ومشيئته ولوجود المصلحة فيها فالله أمضاها يعني لم يمنع من وقوعها.
وهذا لا يعني الجبر بل إن رب العالمين أراد أن يتحمل الحسين (ع) هذه المصائب باختياره لكي ينال أعلى درجات الكمال وعلو المقام المتاحة للبشر كذلك أراد لقاتليه أتعس الشقاء وسوء العاقبة لسوء اختيارهم.
هين لأنه بنظر الله
الحسين (ع) يرى طفله الرضيع ـ واقعاً عجيب ـ يقتل وهو على يديه هذه المصيبة واقعاً تهز الجبل وتصعق الإنسان لكن الحسين صاحب النفس المطمئنة يقول "إنما هون علي ذلك أنه بعين الله الناظرة".
هذه المصيبة العظيمة التي تمزق الأكباد وتحرق القلوب هينة وسهلة لأن الله هو الناظر لها والمثيب عليها.
حتى اللحظة الأخيرة كان هكذا مع الله، والله أيضاً يوجه الملك والملكوت إلى الحسين (ع) ـ الحسين يتوجه إلى رب العالمين وجميع العالم متوجه إلى الحسين (ع) إن التقلبات التي وقعت في عالم الوجود مخصوصاً في ليلة ويوم عاشوراء والتي سوف تقع بعد ذلك شاهد على ما أقول.
بسم الله الرحمن الرحيم
(ولا تكونوا كالذين نسوا الله فانسيهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون)
صدق الله العلي العظيم
[الحشر: 19]
الجسم وعاء الروح

كان الحديث في معرفة النفس. ففي البداية على الإنسان أن يسعى لمعرفة نفسه حتى يتمكن أن يتعرف على المبدأ.. يفهم أن هذا البدن وهذا اللحم والجلد والعظم والشرايين هي آلة ووسيلة لعمل الروح يعني أنه مخلوق لأجل الروح والنفس فهذا البدن مخلوق بالتبع، والهدف من الخلقة هو الكمالات الروحية التي يجب أن تظهر بواسطة هذا البدن.. العلم والعمل للنفس بواسطة هذا البدن... بواسطة هذه العين ترى جزئيات العالم وتدرك من خلال ذلك الكليات.. بواسطة هذه الأذن تسمع النفس نغمات هذا العالم، وتشم بواسطة الأنف الروائح الطيبة في هذا العالم وتدرك بذلك الصانع لها.
العين والأذن وسيلة لإدراك عظمة الحق
الخلاصة أن هذا البدن وسيلة لإدراكات الروح التي تدرك الأمور الكلية من خلال إدراكها للجزئيات تفهم عظمة الخالق من خلال ما ترى وتسمع وتشم وتنطق بـ (الله أكبر) اللسان ينطق بما أدركه عقله، يرى عظمة الله من خلال الكرات السماوية اللامتناهية، الحركات المنظمة والمنيرة لها يبصرها ويفهم ببصيرة عقله ما هي تلك القدرة الإلهية الخارقة والتي حركت هذه الاجرام العظيمة بارادتها هناك ينطق لسانه بما أدركه عقله بالتسبيح والتقديس قائلاً (الله أكبر).
ما يدركه يرى أنه من نعم الله ويعلن هذا الإدراك للنعمة بقوله "الحمد لله" قصدي أن البدن بالنسبة إلى روح الإنسان بمنزلة الأداة.
فعالية الروح بواسطة الأعضاء
كل شخص وكل متعامل بحاجة إلى أدوات لعمله وكسبه، روح الإنسان بحاجة إلى وسيلة لاكتساب الخيرات طيلة المدة التي تعيشها على هذا التراب.
إذن فهي بحاجة إلى يد ورجل، ومع عدم وجود اليد فكيف بامكانها أن تحمل شيئاً من الأرض... عندما تريد أن توصل خيراً فلابد من لسان لكي تستطيع أن تصلح به بين الزوج وزوجته.. وعندما تريد أن تطفئ نار الفتنة فإنه لا يمكنها أن تأتي بهذا العمل الخير مع عدم وجود اللسان. مع وجود الأقدام يستطيع الإنسان التوجه بها إلى المساجد والمعابد ومجالس الوعظ والتفسير ويحصل على المعارف الإلهية.
الغرض أن هذا البدن أداة للروح، والقوة العلمية والعملية للروح تكمل ببركة هذا البدن فإذا عجز هذا البدن عن العمل فسوف لا تصل الروح على كمالاتها وببركة هذا البدن الذي سخره الله للروح وجعله مطيعاً لها تصل الروح إلى كمالاتها.
جسم عالم الوجود وقدرة الحق
جسم الإنسان بالنسبة للروح مثل جسم العالم بالنسبة للقدرة اللامتناهية والارادة الأزلية، فكما أن الله بمجرد أن يريد تتحقق إرادته كذلك الروح بالنسبة إل هذا الجسم المخلوق بهذه الصورة فبمجرد أن تريد الروح شيئاً يتحرك البدن لتلبية هذه الإرادة.
فاعرف قدرك وتعرف على إلهك وخالقك.
إن هذا البناء العظيم مع مئات القوى والأجهزة الظاهرة والباطنة من عين وأذن وذائقة وشامة وحافظة ومخيلة وواهمة وجهاز القلب والكبد والمعدة وجهاز الهضم وجهاز التنفس وغيره، هذا البدن مع كل هذه التشكيلات موضوع في خدمة روحك.
نفوذ مشيئة الروح في البدن
عندما تريد أن تتحرك نحو شيء ما فسوف تقوم بالحركة طبيعياً عندما تريد السير فلا حاجة لأن تقول لأقدامك سيري وإنما هي تسير لوحدها. أو أردت أنت تدخل يدك إلى جيبك فسوف تدخل يدك إلى جيبك فوراً بدون أن تقول لها ادخلي الجيب إذا أردت أن تدير نظرك فستفعل ذلك بدون أن تكون محتاجاً إلى أمر. ونفوذ إرادتك في جميع أعضاء جسمك نموذج صغير على نفوذ المشيئة الإلهية في عالم الوجود.
نموذج من قدرة النفس الناطقة
الشيخ الرئيس في كتابه "الشفاء" يذكر نكتة لطيفة سبق وان ذكرتها، يكتب أن الناس تتعجب من المغناطيس كيف يجذب مثقالاً من الحديد ويتعجبون منه كيف يجذب ابرة في حين ان العجب في روحك هذه كيف استطاعت أن تجذب هذا البدن الثقيل.
النفس الناطقة تجذب إليها خمسين أو ستين كيلو بمجرد أن تريد وتحركه بأي اتجاه تحب. ما أعظم القدرة التي أعطاها الله لهذه النفس الناطقة، ما هذا النفوذ للمشيئة؟
الروح تؤدي عمل عدة أشخاص
عندما يموت الإنسان وتقطع النفس الناطقة علاقتها بالبدن، نحتاج إلى عدة أشخاص لينقلوا هذا البدن من مكان إلى مكان، البدن الذي يحمله أربعة أشخاص مع مشقة وتعب ولمسافة قصيرة أيضاً، فما هي الروح؟ وكيف هي؟ من هي النفس الناطقة التي تحمل هذا الجسم الثقيل بهذه السهولة ومنتهى الراحة تتحرك وتركض، لماذا لا ترى عمل الله؟ قل الله أكبر كيف أن الله سخر لي هذا الجسد؟ في البداية تعرف على نفسك وروحك وحقيقة ذاتك المجردة ثم بعد ذلك على صانعها.
الحس المادي ناقص
بعض الجهال يقولون كيف نصدق بأمور لا تراها أعيننا؟ كما أن بعض الماديين قالوا ويقولون بأننا لا نرى سوى اللحم والجلد فكيف نصدق بوجود النفس والروح؟ وهذا الكلام مثل ما يقوله الجهلاء ومنكروا وجود الخالق من أننا كيف نصدق بوجود خالق لا يُرى؟
هذا الكلام ناشئ من عدم الشعور، فهل يصح أن تنكر وتكذب كل ما لا تراه عينك؟ إذا لم تحس بشيء معين فيجب أن تقول بأن حسي ناقص لا أن ذلك الشيء غير موجود فما أكثر الأشياء التي لا تستطيع العين أن تراها لشدة لطافتها.
الهواء والكهرباء لا تراه أيضا
هل يوجد من ينكر وجود الهواء؟ في أي مكان لا يوجد الهواء لا يمكنك الحياة، وسوف تختنق فهل رأت عينك الهواء؟ ومن مسلمات علم الفيزياء إن الماء مركب من عناصر أولية فيه الأوكسجين وفيه الهيدروجين فمع أنه مركب لكن لا تراه العين فكيف الأمر بالنسبة على الموجودات اللطيفة.
والقوة الكهربائية موجودة في جميع هذه الأسلاك إلا أنها لا ترى بالعين أيضاً.
الأثر يدل على المؤثر
من جملة الموجودات اللطيفة العقل ـ عندما تقول لأي شخص يا عديم العقل فسوف تؤذيه. والآن أين هو العقل ولماذا لا يرى؟ مع اننا نتيقن بوجوده. وجود كل شيء يعلم من آثاره "البرهان الآني" ندرك المؤثر عن طريق الآثار. عندما نعثر في الشارع على آثار عجلات أو أقدام فسوف نفهم على أن سيارة أو أن إنساناً مر من هذا الطريق.
خلق آخر للروح
نفسك موجود مستقل، منور، فعال، وباقي ببقاء الله.
في القرآن المجيد عندما يقرر أن الروح مخلوق غير البدن هكذا يعبر (ثم أنشأناه خلقاً آخر) [المؤمنون: 14]. فمن بعد أن كان نطفة ثم علقة وثم مضغة وأخيراً يكتمل البدن فنوجد خلقاً آخر ونعطيه الروح.
روحك ليست هي الجسم الذي يدفن تحت التراب، غير اللحم والجلد والتي تمرض وتضيع وتنقص.
لا تفكر في بدنك إلى هذا الحد، فكر في روحك أيضاً فحقيقتك هي روحك وهذا البدن مثل السيارة تحت أقدامك وأداة عملك.
الشهداء أحياء خالدون
القرآن المجيد لكي يفهمنا بقاء الروح يقول (ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أمواتاً بل أحياء ولكن لا تشعرون). [البقرة: 154]
ففي الحقيقة هي أن الروح عند الموت كأنها نزلت من مركب البدن وبتعبير الإمام الصادق (ع) أنها كالطير الذي يتحرر من قفصه ويبقى القفص تحت التراب أما كيف حال ذلك الطير؟
تراز كنكره عرش ميزنند صغير نداء... سخت كه در اين دامكه جه افتاده است.
الروح باقية ببقاء الله
علي (ع) يقول "رحم الله امرأً عرف نفسه" عرف بأنه ليس حيواناً وحقيقته شيء آخر والنفس باقية ببقاء الله وهذا الجسم خادم ومسخر لها. الفعاليات التي أعطاها الله للنفس هي مظهر الفاعلية والقدرة الإلهية، القدرة الإلهية ظاهرة في هذا البدن فكيف تنفذ إرادة النفس في هذا البدن فكذلك الله أيضاً "يا من نفذ في كل شيء أمره".
جسم العالم مخلوق من قبل الله
جسمك هذا مع أنه ليس مخلوقاً لك ومع ذلك تجد لإرادتك هذا النفوذ فيه فكيف بجسم العالم الذي هو مخلوق لله أيضاً. كيف نفوذ أمره الله فيه؟ ففي مقابل إرادة الذات المقدسة، الأحدية تكون الاطاعة التكوينية في ذرات وجود العالم أكثر، فالمعدوم يصبح موجوداً والموجود معدوماً والمتصل يصير منفصلاً والمنفصل متصلاً.
الادراكات أثر الروح في البدن
لأجل أن تتضح أكثر فاعلية وفعالية الروح بالنسبة للبدن نوضح مسألة تغاير الروح والبدن ببيانات متعددة ونقصد بذلك أن الروح غير البدن.
قلت بأن معرفة الشيء تكون بمعرفة آثار ذلك الشيء فالعين والأذن لا تستطيع إدراك الروح المجردة ولكن يمكن أن ندرك ذلك من آثارها.
الادراكات من آثار الروح على البدن فعندما تصطدم قدمك بحجر اثناء السير أو تصيب قدمك شوكة فستعلم بذلك فوراً وهكذا كل حادثة تقع ستدركها الروح في الحال وهذا نموذج لعلم الروح بما يجري على البدن، وكما أنك تعلم بالحوادث التي تصيب بدنك فكذلك الله الخالق للروح والبدن يعلم بصورة أكمل وأتم ولا يخفى عليه أن شيء يجري في جسم العالم.
في كل زاوية من زوايا هذا العالم لا تقع أية حادثة إلا بإذنه ومشيئته.

نفدي الزهراء 23-Jul-2010 11:53 PM

في رواية عن موسى بن عمران عندما أراد من الله أن يريه أحب الخلق إليه فأوحى الله إليه أن اذهب إلى المحل الفلاني وسوف تراه، فلما جاءه وجد رجلاً أعمى ومفلوج وفي نفس الوقت مريض أيضاً. اقترب منه موسى وجلس يسأل عن حاله فسمعه يسبح الله "يا بار يا وصول".
مع كل هذه المصائب من فقدان البصر والأرجل مع ذلك يشكر الله على نعمه ويذكر فضله واحسانه.



كتاب جميل جداً ... ونرجو لو نحصل عليه كاملاً في ملف ورد او بي دي اف

وفقكم الله

رياض ابو طالب 25-Jul-2010 11:45 PM

السلام عليكم
شكرا اختي الكريمه على المرور
عندما انتهي من وضع الكتاب احمله الى مكتبتي وعندها اضع لكم الرابط

رياض ابو طالب 29-Jul-2010 12:03 AM

السلام عليكم
الحافظة دليل على تجرد النفس
الروح ليست مادية انظروا إلى جهاز الحافظة والذي يحتفظ بكل ما رآه الشخص أو سمعه وأحسه من أول عمره وكذلك كل كلام نطق به. إذا أراد أحد أن يحسب الكلمات التي قالها لحد الآن وما رآه وسمعه ولمسه وذاقه بالتأكيد سيكون رقما خيالياً. إذا أردت أن تكتب ما تكلمت به لمدة ساعة واحدة فكم سيكون؟ أما إذا أردت أن تكتب كل ما قلته وسمعته وتسجله على الورق فكم يلزمك من الألواح وأي مكان يتسع لها. واقعاً شيء محير!
لا تزاحم بين المدركات
ولكن ما هذه النفس الناطقة التي تجتمع فيها كل هذه الادراكات بدون تزاحم. لو سألت أحداً من هذا الشخص الذي رأيته في اليوم السابق فسوف ترجع إلى مسؤول الاسناد والخزانة وتريد منه التحقيق والبحث وتشتغل الحافظة لتعثر أخيراً على ما تريد.
وطبيعي أن قوة الحافظة غير متساوية عند الجميع فالنسيان يختلف باختلاف حافظة الأفراد فعند البعض كثير والبعض الآخر قليل.
سعة النفس والادراكات غير المتناهية
أليس هذا دليل على أن ذات النفس ليست مادية؟ فالنفس من حيث السعة بحيث تستطيع أن تحتفظ بكل هذه الادراكات والمحسوسات دون الاحتياج إلى مكان لتجميعها والاحتفاظ بها.
ولأجل أن يتوضح الموضوع أكثر أذكر لكم قصتان خطرتا على ذهني. لتغيير جو الحديث وللتعرف أكثر على الروح وفعاليتها وقدرتها النافعة وتتضح لنا كيفية حكومة النفس على الجسد.
معالجة خوارزم شاه بالعلاج النفسي
قيل أن خوارزم شاه ابتلي بمرض الفلج وعجز الأطباء عن علاجه بعد ذلك أرسل وراء عمر بن زكريا الرازي والمعروف في ذلك الوقت وبعد احضاره عرضوا عليه الأدوية والعقاقير السابقة وهو بدوره قام بتمريض الشاه ولكن بدون جدوى.
وبعد تفكير عميق رأى أن هذه الأدوية السطحية غير نافعة لمعالجة مثل هذا هذا المرض فلابد من اللجوء إلى قوة الروح لحل هذه المعضلة فقد كان عالماً وخبيراً جداً، فهم أن يعالجه بالعلاج الروحي ويستفيد من قوة النفس.
التفت زكريا نحو السلطان وقال: اكتب لي أمانا لكي أتمكن من علاجك بالطريقة التي أراها. وبعد أن أخذ الأمان أمر أن يجهزوا الحمام وتكون درجة حرارته باختياره هو، ثم أمر أن يسخنوا الحمام إلى أقصى درجة من الحرارة دون أن يجعلوا له أي منفذ للهواء ثم أمر أن يضعوا السلطان في وسط الحمام، ويجردوه من ثيابه ويجلسوه على أرضية الحمام الحارة ويتركوه بعد أن يتركوا خزانة الماء في درجة حرارية عالية أيضاً.
مضت عدة ساعات على السلطان وهو جالس لوحده في شدة الحر الذي لا يطاق حتى لانت مفاصله وسخنت عظامه.
وفجأة دخل زكريا الحمام وبيده سيف مسلول وهو يكيل له اقذع الشتائم بهياج عجيب بأنه أنا الذي رسمت هذه الخطة لاصطادك لوحدك واقتلك أيها الظالم سأقطعك بهذا السيف قطعة قطعة وهجم عليه.
ومن شدة خوف الشاه خوارزم وهلعه قفز من مكانه والق نفسه في خزانة الماء طلباً للنجاة.
فالذي كان مصاباً بالفلج ولم تنفع معه العقاقير البدائية تمكن من الشفاء والحركة بطريق العلاج الروحي فنفس الخوف والرعب الناشئ من القوة الواهمة هو الذي دفع بجسده نحو الحركة.
وبمجرد أن ألقى بنفسه في الخزانة خرج زكريا من الحمام بسرعة وركب فرسه وهرب، وبعد أن خرج الخوارزم من الحمام ولبس ثيابه استدعى زكريا فقيل له انه هرب فأرسل وراءه من يبحث عنه ويأتي به كي يخلع عليه جائزة.
فلما وجدوه قال لهم لا حاجة لي بالجائزة وأخاف أن يكون غاضباً عليّ من أجل تلك الشتائم.
العلاج النفسي أقوى
مقصودي هو قدرة الروح، هذه القوة الوهمية والخيالية للروح قوية وفعالة بدرجة عجيبة بحيث أنها أقوى من جميع الأسباب الخارجية كالأدوية وغيرها.
وبالعكس من ذلك أيضاً يمكن أن يكون الإنسان سليماً لكن بالتلقين النفسي يتمرض ويموت.
اعدام بواسطة قدرة الروح (أو القوة النفسية)
يذكر في الكتب أنه كان هناك شخصان محكومان بالاعدام وقد عصبوا عين أحدهما وأجلسوه أمام الآخر ثم وخزوا جسمه وأخذ يسير منه الدم حتى مات بعد ساعة أو ساعتين.
وبعد ذلك جاء دور الثاني وعصبوا له عيناه ولكن لم يقطعوا له وريده وإنما مروا عليه بالسكين فتصور أنه جرح وأن الدم ينزف منه مثل رفيقه.
واستمر في هذا الخيال خمسة دقائق مرت ثم عشرة دقائق وهكذا حتى مضى وقت بمقدار ما مر على رفيقه فسقط ومات.
التلقين النفسي يسبب المرض أو يداويه
الأطباء الجدد يهتمون بمسألة التلقين أيضاً، فهناك اجنحة خاصة لمعالجة الذين يمرضون بالتلقين ـ وكذلك تلقين الصحة مؤثر في السلامة أيضاً، حتى أنه يقال أن الملدوغ هناك أمل في تحسن حاله مادام لا يعلم بعضة الثعبان وحين يعلم ذلك يصعب الأمر.
ولعل السبب في ذلك هو أن الخوف والرعب من عضة الثعبان يؤثر في ضغط الدم ويجعله يصل إلى القلب أسرع ويفعل فعله.
أنا وأنت لسنا هذا الجسد وهذا الجسد مركب لنا وحقيقتنا غير قابلة للظهور لأنها غير مادية ولكنها تعرف من آثارها، ومن آثارها حرركة هذا الجسد وأعمال الروح في هذا البدن، قوة الحافظة من آثار الروح وشاهد على تجرد وبقاء الروح.
لا يمنعها عمل عن عمل
من البراهين على تجرد الروح وقدرتها هو أنه لا يشغله شأن عن شأن فالروح لا يلهها عمل عن أداء عمل آخر، تضع اللقمة في الفم، وتدرك حلاوة الطعام، الاسنان تمضغ... الذائقة تدرك... تتكلم أيضاً وفي نفس الوقت عيناه تنظران. أذنه تسمع، ففي وقت واحد العين ترى والأذن تسمع والأسنان تمضغ والذائقة تذوق واللسان يتكلم وفي نفس الوقت يمكن أن يكون الفكر مشغولاً ويسأل من الحافظة مثلاً بأن هذا الطعام هل هو أطيب من ذاك الطعام وما هي خصوصياته؟ وفي الوقت الذي يكون الجسد بجميع أجزائه مشغولاً فالاحساس يعمل، والقلب يدق ويتنفس، وتعمل جميع القوى الباطنية والهاضمة.
تعدد منفذ التنفس حكمة إلهية
من حكم الله سبحانه وتعالى أن جعل للتنفس طريقان وجعل أحدهما على سبيل الاحتياط بحيث إذا عطل أحدهما قام الثاني بالواجب. منافذ الأنف مستعدة للعمل بحيث إذا كان الفم ممتلئاً بالطعام فلا حاجة لأن يخرج اللقمة باستمرار ويتنفس ثم يدخل اللقمة مرة أخرى.
ثقبا الأنف لهما حكمة أيضاً فمن الممكن أن يصاب الإنسان بالزكام ويغلق أحدهما فيمكنه أن يتنفس بالآخر.
في حالة النوم وعندما يكون الفم مغلقاً يجب أن يتنفس من الأنف وفي بعض الأحيان تغلق كلا الثقبان للأنف فطريق التنفس سيكون من الفم الذي له إتصال كامل بالمجاري التنفسية.
الخلاصة أن الإنسان في وقت واحد تصدر منه مئات الأعمال حتى يعرف ربه ويدرك قدرته القاهرة.
قدرة الله تتجلى عند الموت
"يا من في الممات قدرته".

الأدعية والمناجات الواصلة إلينا من أهل البيت مليئة بالحكم والحقائق بحيث يتمكن الإنسان أن يحصل ببركتها على علوم ومعارف ويصير رجلاً إلهياً.
من جملة هذه الأدعية دعاء "الجوشن الكبير" الذي يحتوي على أسماء الله الحسنى والمداومة على قراءته مع التوجه جيدة مخصوصاً في شهر رمضان المبارك وليالي القدر.
اذكركم بجملة واحدة منه وهي "يا من في الممات قدرته" فكل من يريد أن يفهم قدرة الله عليه أن يذكر ساعة الموت فعند الممات تعرف ما هي قدرة الله.
العجز بعد القدرة
هذا الإنسان هو ذلك الذي يرفع ثلاثين كيلو غرام، ساعة كاملة يتحدث بلسانه هذا على المنبر أما الآن فهو يريد أن يقول كلمة واحدة "لا إله إلا الله" ولا يتمكن فما الذي أصاب هذا اللسان.
آيا چه شنيدند كه خاموش شدند آنان كه بيك زبان دوصد سخن ميكفتند
آن سخن كويان خاموش راببين رو بكورستان دمى خاموش نشين
أولئك الذين كانوا بلسان واحد يتحدثون مئات الأحاديث فما الذي سمعوا وسكتوا؟ توجه إلى المقبرة الساكنة بهدوء، لتشاهد أولئك المتحدثين ساكتين.
كيف كان الظالم بهذه الأيدي يضرب المظلوم أما الآن فالبعوض جالس على وجهه وهو غير قادر على دفعها فبعد الآن اليد لا تستمع لأوامره ولا تطيعه، اللسان لا يتحرك، وهذا هو الذي كانت أقدامه تتحرك بمجرد أن يشاء والآن ضجيع ولا شيء من أعضائه يمتثل لأوامره يتمنى أن يقوم بعمل ما ولكن لا قدرة بعد الآن.
في ساعة الموت يكون معلوماً أن القدرة لم تكن قدرته، في ساعة الموت يتضح أن القدرة كانت قدرة الله وكنت تخدع نفسك.
لا تغتر إذا أصبت شيئاً من الأموال أو الرئاسة فكرسي الرئاسة يقصم ظهر الإنسان ويسلب حظه. إنه يتصور أن كل شيء هو ملك له.

رياض ابو طالب 02-Aug-2010 07:48 PM

السلام عليكم

بهلول في المقبرة وجماجم الموتى
وزير هارون الرشيد مر إلى جانب مقبرة ورأى بهلول وحيداً بين المقابر وهو مشغول بنقل العظام اليابسة من مكان لآخر فسأله ماذا أنت صانع يا بهلول فأجاب، إنني أصنف الموتى أريد أن أفصل بين الرؤساء والمرؤوسين، بين الوزراء والحجاب والخدم، ولكني لم أتمكن فهذه الجمجمة لا تفرق عن تلك الجمجمة وقبورهم تتشابه أيضاً، وبهذه الكلمات كان ينصح هذا الوزير.

بسم الله الرحمن الرحيم
(سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه
الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد)
[فصلت: 53]
صدق الله العلي العظيم

العين الحيوانية ترى الجسم فقط

كان الحديث في بيان تطبيق معرفة النفس بمعرفة الله. وقد ورد في الحديث المشهور عن النبي الأكرم (ص) "من عرف نفسه فقد عرف ربه" وقد ذكرت له عدة تطبيقات ومن جملتها هو عدم الابصار، يعني أن عين الإنسان لا يمكنها أن ترى الله وليس لها أن تنكر وجوده لمجرد أنها لا تراه لأن رؤية العين الحيوانية مرتبطة بالجسد، هذا الجسد الذي يشغل حيزاً من الفراغ والجسم الكثيف ذي الأظلال.
لا يمكنك رؤية ذاتك
ولأجل درك هذا المعنى ارجع إلى نفسك، فهل يمكن لشخص أن ينكر نفسه باستثناء من أصيب بالأوهام أو أصبح سوفسطائياً، وإلا فالعقل حاكم بأنها موجودة، فهل يمكنك أن ترى نفسك يعني أن ترى نفسك الناطقة؟
وهذا الذي تراه فهو الجسد والمركب، أما المدير لهذا الجسد والمدبر له، ذلك الذي يدرك الكمال هو مجرد وليس بجسم ولا يرى بالعين فخالق هذه النفس بطريق أولى لا يرى بالعين.
البحث في علامات الوجود
فكما أن النفس تعرف من آثارها فالخالق لهذا العالم يعرف من آثار صنعه وأفعاله ومراتب خلقته ويحصل به اليقين.
النطق والبيان والحركات الحاصلة في البدن من آثار الروح، فمع عدم وجود الروح فالجسم جماد.
آثار الخالق أيضاً على أبواب وجدران هذا العالم وكل الأشياء علامات على وجود وعلم وقدرة الله سبحانه وتعالى.
النفس المجردة لا تحتاج إلى مكان
من وجوه التشابه في حديث "من عرف نفسه فقد عرف ربه" هو مسألة الأينية والمكان المحيط بالجسد فالنفس ليس لها مكان وخالق العالم أيضاً لا مكان له، ولا يمكن أن يقال أين الله؟ في العرش والسماء.. في الأرض.. الفوق والتحت بالنسبة إلى الله غلط لأن الذي بحاجة إلى المكان هو الجسم وليس خالق هذا الجسم.
قلنا أن الجسد يعني المركب هو المحتاج إلى المكان أما المجرد فلا حاجة له إلى المكان.
وقول الإمام أمير المؤمنين (ع) "أين الأين فلا يقال له الأين" فهو خالق المكان ولا يمكن أن ننسبه إلى مكان، هو الخالق للسماء والأرض فلا معنى لأن يكون مكانه هناك.. خالق العرش وليس مكانه العرش.
الله لا مكان له، والشاهد على ذلك هو روحنا، فقطعاً أن لكل واحد منا روح... أين روحنا؟ من الرأس حتى أطراف اصابع القدم في كل مكان تضع يدك وتقول هذا هو مكان الروح فهو غلط ولو قلت أنه ليس بمكان للروح فكذلك غلط وليس له معنى، فلا يمكن أن يقال أنه مكان الروح ولا يمكن أن يقال أنه منفصل عن الروح.
المكان غير منفصل عن الوجود أيضا
ذلك لأن الروح موجود مجرد ومحيط بالجسم وشامل لظاهر وباطن البدن وليس محلاً لشيء وهي داخلة في الجسد فهي لا مكان لها أصلاً بل هي موجود مجرد وليس لها ظل وأيضاً لا يوجد مكان في الجسد وهو خال منها. "يا من لا يحويه مكان ولا يخلو منه مكان".
العضو الفاقد للروح مفلوج وميت
(وكان الله بكل شيء محيطاً) [النساء: 126] الله سبحانه وتعالى بكل شيء محيط ولكن لا معنى لأن يكون له مكان ومحل، إذا أردتم أن يتوضح المطلب أكثر فارجعوا إلى روحكم التي ليس لها مكان. أي عضو من أعضاء جسمك من رأسك إلى قدمك إذا لم يكن له روح فهو مفلوج وميت ومع ذلك فالروح ليست في ذلك المكان ليس هو مكاناً للروح وليست الروح منفصلة عنه.
كذلك جميع أجزاء عالم الوجود ليست مكاناً لله وليست خالية من الله.
كل مكان تذهب إليه فالله موجود، كل مكان تكون فيه فالله معك (هو معكم أينما كنتم) [الحديد: 4] وفي نفس الوقت ليس لله مكان وتقول كيف يمكن ذلك؟ مثال ذلك الروح بالنسبة للبدن.
حقيقة النفس خافية عن الجميع
ومن الأوجه التي ذكروها هي أننا نتيقن من وجود النفس فقط بواسطة آثارها وعلاماتها وأفعالها أما إدراك حقيقتها وماهيتها فهو محال، ولا يمكن لأي أحد أن يدرك حقيقة النفس وما هي الروح الإنسانية، لا أحد يعلم... لا أحد يعلم عن حقيقة نفسه لحد الآن. نعم يمكن ادراكها فقط بواسطة أفعالها في هذا البدن وفي غيره كذلك.
كذلك لا يمكن ادراك الذات الإلهية أيضاً.. أيها الإنسان الذي لم تدرك نفسك إلى الآن ولا يمكنك أن تدركها وتفهمها كيف تريد أن تفهم الذات الإلهية وتحيط بحقيقة الله؟
بل إنك لا تعلم ولا تدرك كيفية عمل مخلوق واحد من المخلوقات الإلهية يعني عزرائيل ملك الموت كيف يقبض الأرواح وعن أي طريق يدخل وعن أي طريق يخرج؟!
الأرض كلها كالمائدة لعزرائيل
روي عن رسول الله (ص) أنه سأل ملك الموت في ليلة المعراج كيف تقبض أرواح الناس الذين هم في الشرق والناس الذين في الغرب بوقت واحد، فقال إن الله تعالى أعطاني القدرة بحيث أن الأرض بالنسبة لي كمائدة الطعام ففي وقت واحد أتمكن أن أقبض أرواح الموجودين فيها.
فما يقال من أن التفكر في ذاته الله حرام إنما هو لأن ادراكه محال ولا نتيجة له سوى الحيرة فليس للمخلوق الصلاحية لأن يحيط بالخالق وإنما فقط يمكنك من خلال آثار الله وفعل الله وصنع الله أن تدرك الله وليس للبشر طريق أكثر من ذلك ليتفكر في ذات الله.
وحدة الروح مثال على وحدة الخالق
نحن ندرك أن الفاعل واحد عن طريق الفعل الواحد، كل هذه الأجهزة لها مدير واحد، مئات وملايين مراتب الموجودات كلها ترجع إلى واحد، كما أن الروح تعمل مئات الأعمال مع أنها واحدة. وحدة الروح مع كثرة مراتب ظهورها علامة جيدة على وحدة الخالق في عالم الوجود، المدير والمدبر واحد "يدبر الأمر" جزئيات الأمور وكلياتها بيد الله كما أن جسدك الذي تقع جميع أجزائه تحت نظر الروح، فمثلاً أحسن بأن السن الفلاني يؤلمني أو أن شوكة أصابت قدمي فيجب أن أزيلها أو أعالج ذلك السن.
مع وجود مئات الأفعال فهو واحد
فكما أن مدبر الجسد مع مئات الأفعال واحد كذلك مدبر عالم الوجود مع الأفعال غير المتناهية فهو واحد. فرغم هذه الكثرة في مراتب الوجود إلا أنه "لا إله إلا الله"، والخلاصة كما أن حقيقة النفس الإنسانية لا تدرك أما أفعاله التي تشاهدها فهي تشهد بوجوده ووحدانيته وتقول أشهد ألا إله إلا الله.
أنت لا ترى الله ولكنك ترى أفعاله. من مشاهدة أفعاله تفهم وحدانيته وعلمه وقدرته، كما أنك لا ترى روحك وإنما ترى أفعالها.
أفعال الروح في الجسد
بعض الأفعال تؤديها الروح في البدن والبعض الآخر تؤديها بصورة منفصلة عن البدن وبدون توسط الجسد.
الأفعال التي في هذا البدن هي النظر، السمع، الذوق، الشمن اللمس، والتنفس، الهضم وغيرها وكل هذه الأفعال إنما هي للروح فعندما تنفصل الروح عن الجسد لا تعمل أية واحدة من هذه الحواس مثل السراج عندما ينطفئ فيفهم أن النظر لم يكن راجعاً إلى هذه العين وإلا فالعين موجودة في مكانها.

رياض ابو طالب 08-Aug-2010 01:16 AM

السلام عليكم

الموت علامة على فعالية الروح
الموت بالقياس إلى اللحظة التي تسبقه كم هو شاهد على فعالية الروح؟ اجهزة البدن موجودة فقبل ثانية واحدة كان يرى والآن لا يرى، كان يسمع ولكن مع خروج الروح لا يسمع، إذن يفهم من هذا أن السمع لم يكن لهذه الأذن، النطق لم يكن للسان وإلا فاللسان قبل الموت هو نفسه بعد الموت، النطق كان للروح.
كل الأفعال الظاهرة في هذا الجسد تشهد على الروح مع أننا لا ندرك حقيقتها ولا نعلم في أية مرتبة من الوجود، وهي مجردة من الجسم ولكننا نفهم من أفعالها إنها موجودة ووجودها عجيب، السراج الذي كان طيلة وجوده في هذا الجسد يفعل الأمور الكثيرة وبمجرد أن ترك هذا البدن لم يعد هذا البدن يفترق عن الخشب اليابس والحجر.
الروح والفعاليات الخارجية
هذا الذي ذكر هو قسم من الأفعال التي تصدر من الروح واسطة البدن، أما القسم الآخر لأفعال الروح فهو غير مرتبط بالجسد ودلالته أقوى، وهذا الموضوع الذي أريد أن أذكره مستفاد من حديث عن الإمام الصادق (ع) في الرواية الأهليجية التي أثبت فيها الإمام لذلك الرجل الهندي تجرد الروح.
الماديون يتخيلون أن الإنسان هو هذا اللحم والجلد مع أنه من الأمور المسلمة عند الالهيين إن هذا اللحم والجلد هو آلة للروح.
أفعال الروح في حالة النوم
الإمام (ع) يضرب عدة أمثلة لهذا الرجل الهندي ومن جملتها يقول:
ألم تشاهد في المنام أنك تضحك أو تبكي؟ فأجاب، نعم بكثرة. فقال: ألم تشاهد أمور مفرحة أو مخيفة فقال: نعم بكثرة.
فقال: ألم تشاهد في المنام أنك تأكل طعاماً لذيذاً أو تشم عطوراً طيبة فأجاب بكثرة فقال له الإمام:
إذن من هو ذلك الذي يضحك ويبكي ويرى الصور الجميلة والمخيفة ويلتذ ويحزن ويأكل الأطعمة اللذيذة؟ فلو كان هذا الجسد فهو ملقى في زاوية مغمض العين ولسانه جامد في فمه.
الاحتلام علامة أخرى
الرجل الهندي يسأل سؤال طفولي، يقول أن هذه الأحلام التي نراها في المنام كلها سراب وخيال وعندما نستيقظ لا نجد لما رأيناه أثراً.
لكن الإمام يجيبه: ألم تشاهد بعض الأحيان في المنام بأنك تزوجت؟
فقال: نعم فقال الإمام: ألم تشاهد آثار هذا المنام على شكل احتلام بعد أن تستيقظ، فقال: نعم.
في ذات الإنسان كل ما يقع بواسطة هذه الأدوات في الحقيقة أن هذه الفعاليات تقع في الروح. ففي روحه سمع وبصر ونطق وادنى الفعاليات الأخرى والتي يشاهد نماذج منها في عالم المنام أو في عالم المكاشفة.
الأحلام الصادقة وقدرة الروح العجيبة
الروح ترى المستقبل، روح المؤمن ترى أموراً تقع بعد سنة من الزمان، يدرك في المنام... يعلم من هذا أن هناك روح وهناك مدرك.
الحقائق التي يراها في المنام لا ربط لها بالمادة اطلاقاً، لأن المادة ليس لها شعور، لو وصلنا آلاف الذارت مع بعضها فلا يتحصل من ذلك شعور، الشعور ليس للمادة.. الروح الإنسانية تفهم أشياء لا ربط لها بالمادة.
آلاف الشواهد على هذا المطلب.. ونادر جداً من لم يفهم من عالم المنام المطالب التي تدل على تجرد النفس. وهذه الشواهد غير المتناهية وان لم يمكن عدها ولكن.
هم بقدر تشنكي بايد چشيد آب دريا را اگر نتوان كشيد
إذا لم يكن بالامكان شرب ماء البحر باجمعه فلا أقل يجب الشرب بمقدار العطش. وسأبين رواية وقصة كنموذج على أن روح الإنسان ما وراء المادة ومن عالم آخر ومن هناك تفهم أموراً لكي يتوضح الموضوع بصورة أحسن.
المنام العجيب لنادر شاه
في كتب التواريخ نقلوا قصة عن نادر شاه افشار وقد ذكرت هذه القصة في كتاب (مجمل التواريخ) أيضاً.
عندما كانت الليلة الأخيرة من عمر الشاه نادر، لم يأخذه النوم فكان يخرج ويتمشى في الخارج ثم يرجع وكان لحاله وخيم جداً في آخر عمره ولا أحد يتجرأ على سؤاله عن السبب في عدم نومه في هذه الليلة، باستثناء شخص واحد واسمه (حسن علي) ـ معين الممالك ـ وكان من خواصه ويحدثه بأسراره تجرأ أن يقترب منه ويسأل "ماذا حصل لك بحيث فارقك النوم هذه الليلة".
فقال نادر: أقول لك ذلك بشرط أن لا تقوله لأي أحد وإلا فسيكون مصيرك القتل. ثم قال له: الحقيقة هي أني قبل أن أصبح سلطاناً رأيت في المنام كأن حارسان أخذاني معهما بكل احترام إلى مكان كان الأئمة هناك فرأيت اثنا عشر نوراً حاضرين في ذلك المكان وما أن إقتربت منهم أمر من كان يظهر أنه أكبرهم بأن يأتوا بسيف. ثم أخذه وشده إلى جنبي، وقال بأني ارسلك من أجل اصلاح إيران بشرط أن تسير مع الناس بسيرة طيبة.
غداة ذلك المنام بدأت تظهر ملامح التوفيق والصعود حتى وصلت إلى السلطة وفتحت الهند وكما تعلم أنها فتوحات عديدة وانتظمت أمور المملكة (ولكن في الأواخر كان الوضع سيئ جداً وقد ظلم كثيراً فكم قد فقأ من العيون وكم قتل من الأبرياء).
إفتحوا السيف عن حزامه
وفي هذه الليلة وبمجرد أن أخذني النوم رأيت في المنام ذينك الحارسين ولكن مع فرق وهو أنهم في المرة الأولى كانت معاملتهم لي مصحوبة باللطف والود، والآن أخذوني معهم بالعنف والذلة إلى ذلك السيد الذي شد لي السيف وما أن وصلت أمامه حتى نهرني بشدة وقال: هل هكذا تكون معاملة المسلمين.
عند ذاك أخذوا السيف مني وطردوني بأشد الاهانات؛ وأنا خائف من هذا المنام. وفي سحر تلك الليلة قتلوه وأرسلوه جثته إلى بيته الذي بناه لنفسه.
سحر كه نه تن سر نه سرتاج داتش سر شب سر قتل تاراج داتش
يعني انه كان له الأمر والملك أول الليل فلما صار السحر لم يكن للجسد رأس ولا للرأس تاج.
المسكين فهم شيئاً من هذا المنام وهو أن نفس ذلك الذي رفعه هو الذي سوف ينزله. وهذا المام يثبت لنا بصورة جيدة تجرد النفس.
النعمة والنقمة مرتبطة بعمل الأشخاص
إذا اعطيت السلطة والمال لأحد الأشخاص فليس ذلك لأنه إنسان جيد وله الأهلية لذلك. بل ان المال والجاه لأجل الامتحان، فعندما تعطى هذه لشخص يكون معلوماً بعد ذلك انها نعمة أو نقمة، فإذا عدل واحسن بوسيلة هذه الأموال والسلطان فيفهم من ذلك انها كانت نعمة ولو كان خلاف ذلك فيعلم منه أنها كانت بلاءً وليست نعمة.
وإذا رأيتم أنه نجا من الخطر فليس لأنه إنسان جيد وله صلاحية ذلك بل انه نجا من الخطر ليزداد اثمه ويثقل حمله ولتظهر استعداداته ويمتحن.
الذهب والقدرة من وسائل الامتحان
وكما يقول القرآن (ولا تحسبن الذين كفروا إنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا اثماً ولهم عذاب مهين) [آل عمران: 178] وذلك لسوء اختيارهم وعاقبتهم فالمال والقدرة عندما تعطى لأي فرد فذلك لأجل امتحانه ولتظهر بذلك سعادته أو شقاوته.
غرضي من هذه القصة هو أنه أي دخل لهذا اللحم والجلد في ادراك هذه الأمور؟ وادراك ان السلطة مربوطة بولي الأمر فإذا لم يشاء الإمام لا يكون ذلك؟ فهذا النوع من الادراكات مرتبط بالنفس وليس بالجسد.
علي (ع) يقطع رأس الناصبي في المنام
أنقل لكم معجزة عن علي (ع) أيضاً: القطب الراوندي ينقل عن متحدث يقول كنت أبتغي السفر من الموصل إلى مكة المكرمة فذهبت على بيت أحمد بن حمدون وهو جار لي وكان من أعيان واشراف الموصل ومن أشد الأعداء للإمام علي (ع) ولأجل حقّ الجار قررت أن أذهب لوداعه، فلما ذهبت إليه قلت هل من خدمة أتمكن من أدائها. فجاء بقرآن وقال:
ـ أقسم لي بهذا القرآن انك سوف تعمل ذلك، فقلت:
ـ لا بأس، إذا كان بإمكاني ذلك فسوف أعمل، فقال:
ـ إذا ذهبت إلى مسجد النبي (ص) ووقفت عند قبر الرسول (ص) فقل:
ـ هل قّلت الرجال وأصاب الأزواج قحط حتى تركت الجميع وزوجت فاطمة لعلي الذي كان أنزعاً وبطيناً و... فلماذا فعلت ذلك؟
يقول هذا المتحدث بأني نسيت هذه الوصية حتى كان اليوم الأخير وفجأة تذكرت ذلك في مسجد النبي (ص) وقلت يا رسول الله أنا خجل منك ولكنه أقسم عليّ أن أقول لك ذلك.
وفي الليل رأى علياً (ع) في المنام وأخذه الإمام معه إلى الموصل وأدخله في بيت أحمد بن حمدون وكان أحمد نائماً فأزاح الإمام عنه الغطاء وذبحه من رقبته بسكين كانت في يده وأزال رأسه النحس عن جسده ثم مسح السكين الملوثة بالدم بذلك اللحاف فبقيت من ذلك أثر على اللحاف بشكل خطان أحمران من الدم علامة على ذلك ثم أنه رفع السقف بيده المباركة ووضع السكين في أحد زوايا الحائط.
ثم قال إني انتبهت من ذلك المنام المخيف وأخبرت رفاقي بأني رأيت مناماً مخيفاً بهذا الشكل واثبت تاريخ ذلك أيضاً.
ـ وعندما وصل إلى الموصل استطلع الخبر فقيل:
ـ نعم في الليلة الفلانية وقع حادث القتل ولكن لم يعلم من هو القاتل لحد الآن ولم يكن سارقاً وإلا فالمفروض أن يسرق بعض الأشياء لكن كل شيء كان في مكانه الطبيعي وهذا الذي حير الجميع ولذلك فإن حكومة الموصل سجنت جميع الجيران للتحقيق معهم والعثور على القاتل الذي لم يعرفوه لحد الآن.
فقال لرفاقه في السفر لنذهب إلى هذا الحاكم وننقذ هؤلاء المساكين من السجن.
فلما وصلوا على الحاكم قال له: إن جميع أصحابي يشهدون على أني رأيت مناماً بهذه الصورة وقد سجلت تاريخه أيضاً وليس قاتل هذا الشخص سوى أسد الله الغالب علي بن أبي طالب (ع).
وهناك علامتان لذلك أحدهما هو أثر السكين على اللحاف في مكانين ملوثين بالدم والآخر هو أن السكين موجودة في القسم الفلاني من السقف.
ويأتي نفس الحاكم ويتحقق من صحة هاتين العلامتين ويطلق سراح جميع المسجونين، والبعض منهم يصيرون شيعة ويرجع جميع أقربائه عن الناصبية ويصبحون من الموالين لعلي (ع).

رياض ابو طالب 18-Aug-2010 02:57 AM

السلام عليكم

المادة العديمة الشعور ما هي والإدراك المجرد؟!
وأخيراً فالأمور التي يراها الإنسان في المنام وتتحقق بعد ذلك راجعة إلى الروح ولا ربط للجسد واللحم بهذه الادراكات فالمادة العديمة الشعور كيف تدك المستقبل وتفهمه.
المرحوم الحاج نوري الف كتاباً في الأحلام الصادقة والتي تتحقق وتقع في الخارج وواقعاً يتعجب الإنسان عن كيفية هذا الجهاز العجيب الذي يحصل على اخبار الملك والملكوت ويستطيع ادراك الجزئي والكلي.
إحصل على ذاتك
النتيجة التي نستفيدها من أبحاث الأيام السابقة هي أنه يجب علينا أن نفكر بأنفسنا أن نحصل على ذاتنا.
هناك كلمة تجري على لسان العوام ولكنها تحوي معنى عميقاً "اهتم بنفسك" ولكن لا يدركون معناها ويتصورون بأن المعنى "اهتم ببدنك" فهل أنت حيوان؟!
اهتم بنفسك يعني اهتم بذات وحقيقة نفسك وإلا فأنت لست هذا الجسد أحصل على نفسك حتى تجد لك طريقاً عند أولياء الله غداً وإلا فمهما كان لجسدك من بريق ولمعان وبقيت نفسك قبيحة.. فما الفائدة؟!
إحصل على الهيئة الملكوتية
ماذا يجب أن يكون لدى المرأة التي تريد أن تذهب عند فاطمة الزهراء، الزهراء تنظر إلى الباطن، لعله يكون في بعض الأحيان حيواناً متوحشاً. البعض يكون له أقبح صورة عند خروجه من البدن وأنتن رائحة. آلاف عمليات التجميل ومئات العطور.. فما الفائدة؟!
ويروي أنه بعض الأحيان تصدر منه كذبة فتخرج من فمه رائحة كريهة تصل إلى العرش وتؤذي الملائكة فيلعنونه بأجمعهم.
هذه الرائحة الكريهة تخرج من ذاته بالرغم من أن جسمه معطر.
"يا من أظهر الجميل وستر القبيح... أسألك يا الله أن لا تشوه خلقي بالنار".
لا يكن لباسنا من النار
تعال وتدارك ذلك الجمال الحقيقي، الجمال الذي أصله محمد (ص)، الشمس والقمر موجودان في الدنيا أما في الحشر فلا شمس ولا قمر.. لا نور يضيء إلا بجمال محمد (ص) وكل من أصبح محمدياً، هناك جمال الروح لا البدن.. لا تظلم نفسك إلى هذا الحد ولا تكن غافلاً عن روحك.
هذه الوسائل كلها من أجل راحة الجسد! اعمل لقبرك أيضاً.. الروح هي التي تريد الرزق في عالم البرزخ وليس البدن.. تريد لباساً، والويل إذا كان لباسك من نار (سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار) [إبراهيم: 50].
لو ترى كيف أن النار تحيط بالظالمين.. النار تخرج منه وتحيط به.
لا تقعدكم الملهيات عن ذكر الله
ألا يجب على الإنسان أن يهتم بنفسه؟ هذا التأكيد في القرآن بأنه لا تلهكم الأموال والأولاد عن ذكر الله.. أيها الأغنياء أيها الرؤساء.. لا تنخدعوا بالمال والرئاسة.
كم صنعوا لكم من الملهيات حتى لا تهتموا بأنفسكم.. القرآن يقول كفى اللعب واللهو.. (الهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر). [التكاثر: 1ـ2] لا يغرنكم الشيطان فتتركوا اصلاح انفسكم اهتم بنفسك يعني بروحك لا ببدنك.
(ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون). [الحشر: 19 ـ 20].
النفس المطمئنة مرضية عند الله

الواقع أن على أهل الإيمان وأهل القرآن أن يفهموا تلك المقامات المذكورة في القرآن والوعود التي أعطيت ويدركوها فما أكثر الذين أصابهم الغرور لعدم عملهم ببعض الحقائق ولم يصلوا إلى ما هو المطلوب.
من جملة تلك الأمور مقام النفس المطمئنة التي بينها الله تعالى في آخر سورة الفجر وعدها من مراتب الإيمان ووعد بصراحة صاحب النفس المطمئنة بأن يصله نداء الرحمن الإلهي في ساعة الموت بأن ارجع إلى ربك راضياً مرضياً وادخل الجنة بدون أي قيود.
المشقة الآن سبب الراحة غد
من ساعة الموت وحتى الوصول إلى الجنة والسعادة. قد يكون دعاءنا في بعض الأحيان "إلهي اجعل موتنا بداية لسعادتنا وراحتنا" البعض يتصور أن هذا الدعاء من باب التعارف... كلا إنه الحقيقة "فالذي لا يتعب لا يحصل على الكنز".
القرآن المجيد يؤكد على أن الوصول على المقامات العالية ومن جملتها الراحة عند الموت ناتج من السعي والعمل الجاد لنفس الإنسان (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى، وأن سعيه سوف يرى) [النجم: 40 ـ 41].
القرآن المجيد يوضح هذا المعنى في بيانات متعددة وفي آيات مختلفة ومنها: (لها ما كسبت وعليها ما كسبت) [البقرة: 286]. فما كسبت من أعمال خيرة ستكون نافعة لها، وما كسبت من أعمال قبيحة ستكون بضررها.
فالمسألة هو مقدار سعيك وتحملك المشقة في طريق العبودية لله.. والذي لم يصل إلى النفس المطمئنة لا يكون موته أول راحته.
إلى جوار أهل البيت والجنة الخاصة
(يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك.. فادخلي في عبادي..) [الفجر: 27ـ29] ادخلي مع خاصة عبادي وفي جوار محمد وآل محمد فأهل البيت هم عباد الله المقربون.. فالذي يتصل في ساعة الموت بالأرواح العالية هو الشخص الذي كانت النفس المطمئنة من نصيبه وقد وصل إلى مقام الاطمئنان بحيث يدخل بعد الموت مباشرة إلى جوار أهل البيت بدون رادع وحاجب ويدخل جنة الله الخاصة (وادخلي جنتي) [الفجر: 30] ولا يكون ذلك بدون نفس مطمئنة.
قل الغرور وزاد العمل
عمل الآخرة مهم، ولا يمكن بدون جهد وتعب.. ولا يتحقق بدون استعداد وقابلية. ورغم أنه سبق أن ذكرنا توضيحاً عن النفس المطمئنة.. لكن مع ذلك ينبغي التفصيل أكثر ليقل الغرور الذي يحيط بنا، ولأن الإنسان جهول فسوف ينخدع ويكون مغروراً. فالغرض من هذه البيانات هو أولاً: ـ أن يقل غرورنا بمقدار. وثانياً: أن نسعى لكي نتوب أكثر ونصل إلى النفس المطمئنة.
النفوس على أقسام ثلاثة
البشر بصورة كلية على ثلاثة أقسام:

فأما أن يكون غارقاً في الكفر وحب الدنيا ومستقراً في أهواء النفس.
أو غارقاً في العبودية وثابتاً في مقام الخضوع بدون أن تزلزل وتوقف في سيره إلى الأمام.
أو متوسطاً يعني تارة لهذه الجهة وأخرى لتلك الجهة، فتارة عبد الرحمن وأخرى عبد الهوى والشيطان، في المسجد يكون عبد الرحمن تقريباً، ويرجع عبداً للشيطان في السوق والبيت فهو مذبذب بين الكفر والإيمان.
يستمع إلى الموعظة ويتأثر ويندم على أفعاله وماضيه، ولكن الغفلة تصرعه مرة أخرى وتزل قدمه عن صراط العبودية والرق.. فهو ليس بمطمئن أو ثابت.
هذه الأقسام الثلاث التي ذكرتها تستفاد أيضاً من القرآن المجيد.
أما القسم الأول وهو المستقر في الكفر يعني أنه مندمج مع النفس الأمارة بصورة كاملة فهو على مراتب متعددة حتى يصل إلى الغرق في الظلمات التامة ولا يبقى له نور أصلاً.
النفس الأمارة في الحقيقة كافرة بالله
هي وقحة إلى درجة يصل بها الأمر إلى إثبات نفسها وانكار الله.. أيها النفس، أنت موجودة أما خالقك غير موجود؟!
تقول أن الاله الذي لا أراه بالعين كيف أصدق به؟!
هل ترى نفسك بالعين حتى تصدق بوجودها ولا تصدق بوجود خالقها؟! كل هذا بواسطة اتباع النفس الأمارة العجيبة الكفر.
يكفي في دناءة النفس أنها ترى لنفسها الاستقلال الكامل، فلا تصدق أنها لا تملك شيئاً من ذاتها بل على العكس فهي ترى أن كل شيء منها، قدرتي.. كمالي.. عملي.. ولها من الـ(أنا، أنا) حتى يصل بها الأمر إلى إنكار الخالق، ولا تصدق إلا هذه الحياة الدنيا.
القرآن المجيد يحدثنا عن هذا القبيل من الأشخاص بقولهم (ما هي إلا حياتنا الدنيا) [الزخرف: 35] يجب تأمين الحياة في هذه الدنيا وترتيب أوضاعها.
فقط بفكر الحصول على الماديات
هدفه من الحياة اصلاح وضعية دنياه فقط، لم يفكر لحظة بأنني عبد، ولي خالق قيوم، بل أنه في شك من أمره مبدئه ومعاده. فرغم أنه لا يشك في قوته الحافظة والواهمة مع انه لا يراهما ولكنه على يقن من أنه يمتلك شعوراً، وله حافظة ولكن أين شعورك وحافظتك؟
لأنك لا تراهما بالعين الحيوانية فلا يوجدان عندك؟
أنت ترى وتسمع أما الهك..؟
من أوضح الأمور وجود رب العالمين.. وعجيب أنت ترى، ولكن إلهك لا يرى؟ عينك ترى.. وخالق العين لا يرى؟ هل أنت الذي صنعت عينك؟ كلا.. فذلك الذي خلق هذا الجهاز محيط بك ويرى بدون واسطة.
أنت تسمعين أيتها النفس عن طريق الأذن، فخالق الأذن يسمع أحسن منك (يعلم السر وأخفى) [طه: 7].
هذا المعنى نجده في سورة تبارك بالطف بيان (الا يعلم من خلق) [الملك: 14] ولكن النفس الأمارة لا تسمح بتصديق ذلك.
النفس الأمارة في صراع مع العبودية
عمل النفس الأمارة هو أن تسحق الحق، وتدعي الاستقلال لنفسها، ولا صلح لها مع العبودية.
هذه النفس الأمارة لها مراتب أيضاً فالبعض هم (24) ساعة على هذه الحالة وفي طول العمر، والآخر في بعض الأوقات على هذا الشاكلة.
وتنمو نفسه الأمارة وترى لنفسها كياناً وتشخصاً وليس فيها خبر من العبودية.
هذا المعنى موجود في الجميع مع زيادة ونقصان فلا ينبغي أن نغفل هذه الحقيقة.
از غم بي آلتي افسرده است نفس ازدرها است اوكي مرده است
البعض يرى لنفسه الربوبية على تلامذته وخدمه ومن يكون تحت يده فيتصور الاستقلال. فلأنه تلميذي فيجب عليه تعظيمي.. ولأنه خادمي أو خادمتي فعليه أن يكون خاضعاً لي. يدعي الاستقلال والربوبية ويصدر منه ما يتنافى مع العبودية.
يتأثر بالموعظة
بعض الأحيان تحصل فيه حالة العبودية بسبب التذكر والموعظة، ويلتفت إلى أن وجوده وجود الجميع مرتبط بالله، فأنت والناس الآخرين سواسية ومحتاجون إلى الله.
ولأنه لم تستقر فيه عبودية الدنيا فإنه يتأثر بالموعظة والنصيحة.. إلهي لقد كنت كافراً والآن أجدد العهد "آمنت بالله" إلهي إنني آمنت بك ولا أدعي الاستقلال بعد الآن بل إني عبد ضعيف وعاجز لا يملك لنفسه شيئاً.
وقد يأخذه الكبرياء في بعض الأوقات وقبل ساعة كان يدعي العبودية والتوجه إلى عالم الروح ولكنه رجع على كفره الأول، وهذا المعنى يظهر بصورة أكثر في حالة الغضب فعندما يتشاجر مع شخص آخر فلو نظرت إلى باطنه رايت الكفر بالله وليس له أية حالة من العبودية.

رياض ابو طالب 18-Aug-2010 02:57 AM

السلام عليكم

المادة العديمة الشعور ما هي والإدراك المجرد؟!
وأخيراً فالأمور التي يراها الإنسان في المنام وتتحقق بعد ذلك راجعة إلى الروح ولا ربط للجسد واللحم بهذه الادراكات فالمادة العديمة الشعور كيف تدك المستقبل وتفهمه.
المرحوم الحاج نوري الف كتاباً في الأحلام الصادقة والتي تتحقق وتقع في الخارج وواقعاً يتعجب الإنسان عن كيفية هذا الجهاز العجيب الذي يحصل على اخبار الملك والملكوت ويستطيع ادراك الجزئي والكلي.
إحصل على ذاتك
النتيجة التي نستفيدها من أبحاث الأيام السابقة هي أنه يجب علينا أن نفكر بأنفسنا أن نحصل على ذاتنا.
هناك كلمة تجري على لسان العوام ولكنها تحوي معنى عميقاً "اهتم بنفسك" ولكن لا يدركون معناها ويتصورون بأن المعنى "اهتم ببدنك" فهل أنت حيوان؟!
اهتم بنفسك يعني اهتم بذات وحقيقة نفسك وإلا فأنت لست هذا الجسد أحصل على نفسك حتى تجد لك طريقاً عند أولياء الله غداً وإلا فمهما كان لجسدك من بريق ولمعان وبقيت نفسك قبيحة.. فما الفائدة؟!
إحصل على الهيئة الملكوتية
ماذا يجب أن يكون لدى المرأة التي تريد أن تذهب عند فاطمة الزهراء، الزهراء تنظر إلى الباطن، لعله يكون في بعض الأحيان حيواناً متوحشاً. البعض يكون له أقبح صورة عند خروجه من البدن وأنتن رائحة. آلاف عمليات التجميل ومئات العطور.. فما الفائدة؟!
ويروي أنه بعض الأحيان تصدر منه كذبة فتخرج من فمه رائحة كريهة تصل إلى العرش وتؤذي الملائكة فيلعنونه بأجمعهم.
هذه الرائحة الكريهة تخرج من ذاته بالرغم من أن جسمه معطر.
"يا من أظهر الجميل وستر القبيح... أسألك يا الله أن لا تشوه خلقي بالنار".
لا يكن لباسنا من النار
تعال وتدارك ذلك الجمال الحقيقي، الجمال الذي أصله محمد (ص)، الشمس والقمر موجودان في الدنيا أما في الحشر فلا شمس ولا قمر.. لا نور يضيء إلا بجمال محمد (ص) وكل من أصبح محمدياً، هناك جمال الروح لا البدن.. لا تظلم نفسك إلى هذا الحد ولا تكن غافلاً عن روحك.
هذه الوسائل كلها من أجل راحة الجسد! اعمل لقبرك أيضاً.. الروح هي التي تريد الرزق في عالم البرزخ وليس البدن.. تريد لباساً، والويل إذا كان لباسك من نار (سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار) [إبراهيم: 50].
لو ترى كيف أن النار تحيط بالظالمين.. النار تخرج منه وتحيط به.
لا تقعدكم الملهيات عن ذكر الله
ألا يجب على الإنسان أن يهتم بنفسه؟ هذا التأكيد في القرآن بأنه لا تلهكم الأموال والأولاد عن ذكر الله.. أيها الأغنياء أيها الرؤساء.. لا تنخدعوا بالمال والرئاسة.
كم صنعوا لكم من الملهيات حتى لا تهتموا بأنفسكم.. القرآن يقول كفى اللعب واللهو.. (الهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر). [التكاثر: 1ـ2] لا يغرنكم الشيطان فتتركوا اصلاح انفسكم اهتم بنفسك يعني بروحك لا ببدنك.
(ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون). [الحشر: 19 ـ 20].
النفس المطمئنة مرضية عند الله

الواقع أن على أهل الإيمان وأهل القرآن أن يفهموا تلك المقامات المذكورة في القرآن والوعود التي أعطيت ويدركوها فما أكثر الذين أصابهم الغرور لعدم عملهم ببعض الحقائق ولم يصلوا إلى ما هو المطلوب.
من جملة تلك الأمور مقام النفس المطمئنة التي بينها الله تعالى في آخر سورة الفجر وعدها من مراتب الإيمان ووعد بصراحة صاحب النفس المطمئنة بأن يصله نداء الرحمن الإلهي في ساعة الموت بأن ارجع إلى ربك راضياً مرضياً وادخل الجنة بدون أي قيود.
المشقة الآن سبب الراحة غد
من ساعة الموت وحتى الوصول إلى الجنة والسعادة. قد يكون دعاءنا في بعض الأحيان "إلهي اجعل موتنا بداية لسعادتنا وراحتنا" البعض يتصور أن هذا الدعاء من باب التعارف... كلا إنه الحقيقة "فالذي لا يتعب لا يحصل على الكنز".
القرآن المجيد يؤكد على أن الوصول على المقامات العالية ومن جملتها الراحة عند الموت ناتج من السعي والعمل الجاد لنفس الإنسان (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى، وأن سعيه سوف يرى) [النجم: 40 ـ 41].
القرآن المجيد يوضح هذا المعنى في بيانات متعددة وفي آيات مختلفة ومنها: (لها ما كسبت وعليها ما كسبت) [البقرة: 286]. فما كسبت من أعمال خيرة ستكون نافعة لها، وما كسبت من أعمال قبيحة ستكون بضررها.
فالمسألة هو مقدار سعيك وتحملك المشقة في طريق العبودية لله.. والذي لم يصل إلى النفس المطمئنة لا يكون موته أول راحته.
إلى جوار أهل البيت والجنة الخاصة
(يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك.. فادخلي في عبادي..) [الفجر: 27ـ29] ادخلي مع خاصة عبادي وفي جوار محمد وآل محمد فأهل البيت هم عباد الله المقربون.. فالذي يتصل في ساعة الموت بالأرواح العالية هو الشخص الذي كانت النفس المطمئنة من نصيبه وقد وصل إلى مقام الاطمئنان بحيث يدخل بعد الموت مباشرة إلى جوار أهل البيت بدون رادع وحاجب ويدخل جنة الله الخاصة (وادخلي جنتي) [الفجر: 30] ولا يكون ذلك بدون نفس مطمئنة.
قل الغرور وزاد العمل
عمل الآخرة مهم، ولا يمكن بدون جهد وتعب.. ولا يتحقق بدون استعداد وقابلية. ورغم أنه سبق أن ذكرنا توضيحاً عن النفس المطمئنة.. لكن مع ذلك ينبغي التفصيل أكثر ليقل الغرور الذي يحيط بنا، ولأن الإنسان جهول فسوف ينخدع ويكون مغروراً. فالغرض من هذه البيانات هو أولاً: ـ أن يقل غرورنا بمقدار. وثانياً: أن نسعى لكي نتوب أكثر ونصل إلى النفس المطمئنة.
النفوس على أقسام ثلاثة
البشر بصورة كلية على ثلاثة أقسام:

فأما أن يكون غارقاً في الكفر وحب الدنيا ومستقراً في أهواء النفس.
أو غارقاً في العبودية وثابتاً في مقام الخضوع بدون أن تزلزل وتوقف في سيره إلى الأمام.
أو متوسطاً يعني تارة لهذه الجهة وأخرى لتلك الجهة، فتارة عبد الرحمن وأخرى عبد الهوى والشيطان، في المسجد يكون عبد الرحمن تقريباً، ويرجع عبداً للشيطان في السوق والبيت فهو مذبذب بين الكفر والإيمان.
يستمع إلى الموعظة ويتأثر ويندم على أفعاله وماضيه، ولكن الغفلة تصرعه مرة أخرى وتزل قدمه عن صراط العبودية والرق.. فهو ليس بمطمئن أو ثابت.
هذه الأقسام الثلاث التي ذكرتها تستفاد أيضاً من القرآن المجيد.
أما القسم الأول وهو المستقر في الكفر يعني أنه مندمج مع النفس الأمارة بصورة كاملة فهو على مراتب متعددة حتى يصل إلى الغرق في الظلمات التامة ولا يبقى له نور أصلاً.
النفس الأمارة في الحقيقة كافرة بالله
هي وقحة إلى درجة يصل بها الأمر إلى إثبات نفسها وانكار الله.. أيها النفس، أنت موجودة أما خالقك غير موجود؟!
تقول أن الاله الذي لا أراه بالعين كيف أصدق به؟!
هل ترى نفسك بالعين حتى تصدق بوجودها ولا تصدق بوجود خالقها؟! كل هذا بواسطة اتباع النفس الأمارة العجيبة الكفر.
يكفي في دناءة النفس أنها ترى لنفسها الاستقلال الكامل، فلا تصدق أنها لا تملك شيئاً من ذاتها بل على العكس فهي ترى أن كل شيء منها، قدرتي.. كمالي.. عملي.. ولها من الـ(أنا، أنا) حتى يصل بها الأمر إلى إنكار الخالق، ولا تصدق إلا هذه الحياة الدنيا.
القرآن المجيد يحدثنا عن هذا القبيل من الأشخاص بقولهم (ما هي إلا حياتنا الدنيا) [الزخرف: 35] يجب تأمين الحياة في هذه الدنيا وترتيب أوضاعها.
فقط بفكر الحصول على الماديات
هدفه من الحياة اصلاح وضعية دنياه فقط، لم يفكر لحظة بأنني عبد، ولي خالق قيوم، بل أنه في شك من أمره مبدئه ومعاده. فرغم أنه لا يشك في قوته الحافظة والواهمة مع انه لا يراهما ولكنه على يقن من أنه يمتلك شعوراً، وله حافظة ولكن أين شعورك وحافظتك؟
لأنك لا تراهما بالعين الحيوانية فلا يوجدان عندك؟
أنت ترى وتسمع أما الهك..؟
من أوضح الأمور وجود رب العالمين.. وعجيب أنت ترى، ولكن إلهك لا يرى؟ عينك ترى.. وخالق العين لا يرى؟ هل أنت الذي صنعت عينك؟ كلا.. فذلك الذي خلق هذا الجهاز محيط بك ويرى بدون واسطة.
أنت تسمعين أيتها النفس عن طريق الأذن، فخالق الأذن يسمع أحسن منك (يعلم السر وأخفى) [طه: 7].
هذا المعنى نجده في سورة تبارك بالطف بيان (الا يعلم من خلق) [الملك: 14] ولكن النفس الأمارة لا تسمح بتصديق ذلك.
النفس الأمارة في صراع مع العبودية
عمل النفس الأمارة هو أن تسحق الحق، وتدعي الاستقلال لنفسها، ولا صلح لها مع العبودية.
هذه النفس الأمارة لها مراتب أيضاً فالبعض هم (24) ساعة على هذه الحالة وفي طول العمر، والآخر في بعض الأوقات على هذا الشاكلة.
وتنمو نفسه الأمارة وترى لنفسها كياناً وتشخصاً وليس فيها خبر من العبودية.
هذا المعنى موجود في الجميع مع زيادة ونقصان فلا ينبغي أن نغفل هذه الحقيقة.
از غم بي آلتي افسرده است نفس ازدرها است اوكي مرده است
البعض يرى لنفسه الربوبية على تلامذته وخدمه ومن يكون تحت يده فيتصور الاستقلال. فلأنه تلميذي فيجب عليه تعظيمي.. ولأنه خادمي أو خادمتي فعليه أن يكون خاضعاً لي. يدعي الاستقلال والربوبية ويصدر منه ما يتنافى مع العبودية.
يتأثر بالموعظة
بعض الأحيان تحصل فيه حالة العبودية بسبب التذكر والموعظة، ويلتفت إلى أن وجوده وجود الجميع مرتبط بالله، فأنت والناس الآخرين سواسية ومحتاجون إلى الله.
ولأنه لم تستقر فيه عبودية الدنيا فإنه يتأثر بالموعظة والنصيحة.. إلهي لقد كنت كافراً والآن أجدد العهد "آمنت بالله" إلهي إنني آمنت بك ولا أدعي الاستقلال بعد الآن بل إني عبد ضعيف وعاجز لا يملك لنفسه شيئاً.
وقد يأخذه الكبرياء في بعض الأوقات وقبل ساعة كان يدعي العبودية والتوجه إلى عالم الروح ولكنه رجع على كفره الأول، وهذا المعنى يظهر بصورة أكثر في حالة الغضب فعندما يتشاجر مع شخص آخر فلو نظرت إلى باطنه رايت الكفر بالله وليس له أية حالة من العبودية.

رياض ابو طالب 22-Aug-2010 04:37 AM

السلام عليكم

الغلام الذي قتل طفل الإمام السجاد (ع)
سمعت في أحوال زين العابدين (ع) أنه حضر عنده بعض الضيوف وكانوا قد جعلوا قطع اللحم في أسياخ ووضعوها في التنور لطبخها.. فذهب غلام وأخرج الأسياخ، وكان طفل صغير للإمام يسير في طريقه إذ وقعت الأسياخ الساخنة من الأعلى على رأسه من يد الغلام فمات لساعته.
الغلام استعمل ذكاءه وقرأ آية من القرآن (والكاظمين الغيظ) [آل عمران: 134] فأجابه الإمام كظمت غيظي:
فقال: والعافين عن الناس، قال: عفوت عنك.
فقالك (والله يحب المحسنين). [آل عمران: 134]
فأجابه الإمام: أنت حر لوجه الله.
فالذي لم يتثبت في عبودية الله فما الذي يقوله عند الغضب، وما الذي يفعله.. فمع أدنى انحراف وميل سيخرج بذلك عن عبودية الحق.
وينقل أيضاً عن الإمام زين العابدين (ع) الذي هو بحق زينة العباد ونتحدث عن عبادته واستمراره في العبودية.
اعتق العبد بعد تنبيهه
ورد في المجالس السنية وكشف الغمة وغيرها وكذلك ذكر في منتهى الآمال بأنه ارتكب أحد غلمان الإمام جرماً يستحق التنبيه عليه, فأخذ الإمام سوطاً وضربه به ضربة واحدة ثم عطف السوط فوراً إلى الغلام وقال له إذا أردت القصاص فخذ، فأنا ما ضربتك إلا تأديباً.
فلما رأى الغلام ذلك اعتذر وهو يقول:
قطعت يداي إن أنا فعلت ذلك.
الإمام أيضاً أعطاه مقداراً من الأموال لا أتذكرها بالضبط ولعلها كانت خمسين ديناراً وقال له أنت حر.
لنحذر الخروج من العبودية في حالة الغضب
على كل حال يجب الانتباه لئلا نخرج عن صراط العبودية في حال الغضب، فقبل هذا الحال كان يقول (إياك نعبد وإياك نستعين) [الفاتحة: 5] إلهي أنا لا أعبد سواك ولا أطلب العون إلا منك. فماذا حصل الآن كي تقول إذا أنا لم أكن فسيكون كذا وكذا، ألست أنت الذي كنت تدعي العبودية لله قبل قليل.
كم هو لطيف قول السيد بحر العلوم في منظومته الفقهية.
وأنت غير الله كنت تعبد وأنت غير الله تستعين
إياك من قول به تفند تلهج في إياك نستعين
فتقول بلسان (إياك نستعين) [الفاتحة: 5] ولكنك تقول بعملك أنا أو آخر.
ما لم يصل إلى حد الاطمئنان فهو مذبذب
مقصودي هو الثبات فما لم يصل بالنفس إلى الاطمئنان والثبات فهو مذبذب في هذه الأوساط، يصير إلى هذا الطرف أو ذاك، متزلزل فتارة يتوجه إلى الله وأخرى إلى الشهوات والذات إلى أن يصل إلى النفس المطمئنة بحيث لا يرى لنفسه أي استقلال وألوهية أو ربوبية ولا لحظة واحدة ويدرك أنه مربوط بالله.
ونقرأ أيضاً في دعاء كميل "يا من بيده ناصيتي" يا الله الذي بيده حياتي روحي وبقائي بيده.. أنا لا أتمكن أن أقف على أقدامي.. النفس الذي يدخل ويخرج تنفسه ليس بيدي.
رسول الله (ص) يقول عندما أغمض عيني فإني لا أؤمل فتحها، إلى هذه الدرجة لست مستقلا، فأنا عبد.. مخلوق، وليس لي أي وجود مستقل لا في الذات ولا في الصفات ولا في الأفعال ولا في أية جهة من الجهات.
واللازم لذلك ألا يصدر منه ما يخالف العبودية
علينا أن نقتدي بالعباد الحقيقيين وهم المعصومون (ع) ونتعلم طريق وأسلوب العبودية إلى أن نصل إلى النفس المطمئنة.
انزعاج الإمام من أجل خوف أمه
يروى في كتاب المجالس السنية عن مالك بن أنس رئيس مذهب المالكية أنه كنت يوماً في أزقة المدينة فرأيت الإمام الصادق (ع) وهو مهموم، فكان واضحاً أن أمراً قد سلب راحته فسألته عن أحواله: يا ابن رسول الله ما الذي أهمك وسلب راحتك.
فقال: في بيتنا غرفة وسلم للصعود إليها، وقد أوصيت في منزلي بأن لا يصعد عليه أحد ولما دخلت المنزل ـ رأيت الجارية معها طفلها وهي تصعد السلم، فلما رأتني خافت وسقط الطفل من يدها. وانني لم يؤذني موت الطفل إنما آذاني خوف الجارية مني.
يجب أن تخاف من الله لا من المخلوق.. يعني يجب أن تراقب الله مع عدم وجود الإمام أكثر فما نهى عنه الإمام يجب تركه، كيف تلاحظ حضور الإمام أكثر من حضور الحق؟! الإمام أيضاً يتالم لذلك لماذا تخافين مني أكثر من الله وترجفين مني؟ فأنا عبد!
يجب أن يكون أشد التذلل لله
هناك رواية شريفة بأن شخصاً دخل على الإمام الصادق (ع) فسلم عليه بكامل الاحترام والأدب ثم قبل رأس الإمام بعد ذلك قبله من جبهته. بعد ذلك قبل يد الإمام ثم أطراف ثوبه بعد ذلك هوى على أقدام الإمام ليقبلها أيضاً عند ذاك صاح به الإمام.
"ماذا أبقيت لله"؟
يعني ما هذا الذي تفعله؟ تريد أن تقبل قدمي؟ جعفر عبد أيضاً فماذا تفعل لله؟ يعني أن هذا المقدار من التذلل لا ينبغي أن يكون لغير الله.
النفس المطمئنة الكاملة والدائمة عند الإمام
الغرض.. أن العبودية الكاملة التي لا تعرضها الغفلة أبداً، مرتبتها العليا عند المعصوم، تلك النفس المطمئنة التي لا ترجع إلى الأمارة لحظة واحدة. فعدم كونه عبداً للنفس أو الهوى أو الدنيا إنما يكون في الحقيقة لأنه لا يرى نفسه مستقلاً لحظة واحدة. إنه لا يعرف رؤية ذاته وعدم رؤية الله، هذه الحقيقة راجعة إلى المعصوم.
إنه لا يرى نفسه مستحقاً للطاعة، ويقول عليهم أن يعظموني؟ لا.. لأن هذه الحالة هي الكفر الحقيقي الذي يجب أن يستغفر منه ويرجع إلى العبودية من جديد.
اطفئوا النيران التي أوقدتموه
السيد بن طاووس ينقل رواية في كتاب فلاح السائلين أن ملك ينادي في أوقات الصلاة الخمس: قوموا إلى الصلاة أيها الضيوف واطفئوا النيران التي أوقدتموها.
وينادي في وقت الظهر، يا من أوقدتم لأنفسكم النيران من أول اليوم إلى الآن هلموا واطفئوها ببركة الصلاة. اطفئوا تلك النيران التي هي الكفر الحقيقي والخروج عن عبودية الله وقل اني عبد محتاج من رأسي إلى قدمي: لا تصدر منك هذه الأنانيات أنا، أنا، يجب أن أكون كذا وكذا، قل الله وليس أنا، إلى متى ترى لنفسك استقلالاً وتبرز نفسك، تعال وقلل من هذه الأنانيات واطفئ تلك النيران التي أشعلتها.
الصلاة علاج لأشد الأمراض وهي الغفلة
واقعاً إذا لم تكن هذه الصلاة الخمس فالإنسان ليس له طريق إلى الإيمان الحقيقي وستقضي عليه الغفلة بصورة نهائية. أما والحمد لله أن أرانا طريق الخلاص والفرج (وأقم الصلاة لذكري) [طه: 3].
ويروي عن رسول الله (ص) مثال لهذه الصلوة الخمس فلو أن رجلاً كان يغسل جسمه خمس مرات في اليوم فسيبقى نظيفاً باستمرار فهذه الصلواة الخمس كذلك. يعني ما تراه لنفسك من الاستقلال والخوض في الغفلة تعال وقل مع توجه كامل، (إياك نعبد وإياك نستعين) [الفاتحة: 5] فأنا عبد محتاج ومع ذلك فإني وحيد ومحتاج إلى واحد فقط وهو الله لا غير. كنت غافلاً قبل ساعة وادعي كياناً لنفسي وأقول أنا وأنا.. إلهي استغفرك وأتوب إليك. استغفر الله على كل ما ادعيته من الألوهية فإني أعبدك وأنا عبد لك.
النفس اللوامة، أن تحاسب نفسك
إذا أراد الشخص الهداية واقعاً والسير في الطريق المستقيم وأن يكون من أهل الاستقامة بعون الله فيجب أن يسارع إلى التوبة كما أمر بذلك القرآن المجيد أن يستغفر في الأسحار من هذا الكذب وقل لنفسك أيتها الكذابة أنت تقولين أنا عبد الله فهل هذه الحالة التي كانت قبل ساعة هي معنى العبودية؟
ويقال لهذا النفس اللوامة.. يعني في البداية على الإنسان أن يلوم نفسه ويفهم نواقصه ويحاول اصلاحها حتى يصل إلى النفس المطمئنة. النفس اللوامة يعني الخوض في أعماق النفس والبحث عن عيوبها ولوم النفس عليها ومحاسبتها.
نظري بخويشتن كن كه همه كناه داري همه عيب خلق ديدن نه مروت است ومردي
يعني:
إن ترى عيوب جميع الناس فذلك ليس برجولية أو مروءة.. وأنظر إلى نفسك التي تحوي جميع العيوب.
رحم الله الحاج الشيخ عباس القمي ما أنفع كتابه (منتهى الآمال) وأكثر جذابيته حين كتب باللغة الفارسية عن حالات المعصومين الأربعة عشر فما أجمل ما كتبه ويجب على المؤمنين الاستفادة منه.
وهو يذكر في عدة صفحات عن حالات الإمام زين العابدين (ع) واستغاثته وخطابه مع نفسه فما أجمل العبارات التي كان الإمام يلوم فيها نفسه.
لوامية النفس مقدمة لاطمئنانه
مقصودي أنه يجب ايجاد النفس اللوامة حتى يصل إلى النفس المطمئنة لا اقل أن يفهم أنه قد انحرف عن جادة العبودية.. وفي كل ساعة يكون باطنه الملكوتي بشكل من الأشكال فتارة يكون قرداً وأخرى دباً،.. عمل القرد هو التقليد من أجل أن الشخص الفلاني قد عمل العمل الفلاني. فخاطب نفسك وذكرها بعيوبها فلعلها تصل بالتدريج إلى النفس المطمئنة: أين أنا وأمثالي وأين النفس المطمئنة؟ ولطف الله لا يشمل إلا من كان توجهه واحداً ويبقى مستمراً في طريق العبودية لله. حينئذ يصبح عبداً لله.. يصير عبداً للرحمان.
ولا أقل من إيجاد النفس اللوامة الآن، لكي نرى عيوبنا في طريق عبودية الله، ثم نتضرع ونستعد للمقامات الأخرى.

رياض ابو طالب 22-Aug-2010 04:37 AM

السلام عليكم

الغلام الذي قتل طفل الإمام السجاد (ع)
سمعت في أحوال زين العابدين (ع) أنه حضر عنده بعض الضيوف وكانوا قد جعلوا قطع اللحم في أسياخ ووضعوها في التنور لطبخها.. فذهب غلام وأخرج الأسياخ، وكان طفل صغير للإمام يسير في طريقه إذ وقعت الأسياخ الساخنة من الأعلى على رأسه من يد الغلام فمات لساعته.
الغلام استعمل ذكاءه وقرأ آية من القرآن (والكاظمين الغيظ) [آل عمران: 134] فأجابه الإمام كظمت غيظي:
فقال: والعافين عن الناس، قال: عفوت عنك.
فقالك (والله يحب المحسنين). [آل عمران: 134]
فأجابه الإمام: أنت حر لوجه الله.
فالذي لم يتثبت في عبودية الله فما الذي يقوله عند الغضب، وما الذي يفعله.. فمع أدنى انحراف وميل سيخرج بذلك عن عبودية الحق.
وينقل أيضاً عن الإمام زين العابدين (ع) الذي هو بحق زينة العباد ونتحدث عن عبادته واستمراره في العبودية.
اعتق العبد بعد تنبيهه
ورد في المجالس السنية وكشف الغمة وغيرها وكذلك ذكر في منتهى الآمال بأنه ارتكب أحد غلمان الإمام جرماً يستحق التنبيه عليه, فأخذ الإمام سوطاً وضربه به ضربة واحدة ثم عطف السوط فوراً إلى الغلام وقال له إذا أردت القصاص فخذ، فأنا ما ضربتك إلا تأديباً.
فلما رأى الغلام ذلك اعتذر وهو يقول:
قطعت يداي إن أنا فعلت ذلك.
الإمام أيضاً أعطاه مقداراً من الأموال لا أتذكرها بالضبط ولعلها كانت خمسين ديناراً وقال له أنت حر.
لنحذر الخروج من العبودية في حالة الغضب
على كل حال يجب الانتباه لئلا نخرج عن صراط العبودية في حال الغضب، فقبل هذا الحال كان يقول (إياك نعبد وإياك نستعين) [الفاتحة: 5] إلهي أنا لا أعبد سواك ولا أطلب العون إلا منك. فماذا حصل الآن كي تقول إذا أنا لم أكن فسيكون كذا وكذا، ألست أنت الذي كنت تدعي العبودية لله قبل قليل.
كم هو لطيف قول السيد بحر العلوم في منظومته الفقهية.
وأنت غير الله كنت تعبد وأنت غير الله تستعين
إياك من قول به تفند تلهج في إياك نستعين
فتقول بلسان (إياك نستعين) [الفاتحة: 5] ولكنك تقول بعملك أنا أو آخر.
ما لم يصل إلى حد الاطمئنان فهو مذبذب
مقصودي هو الثبات فما لم يصل بالنفس إلى الاطمئنان والثبات فهو مذبذب في هذه الأوساط، يصير إلى هذا الطرف أو ذاك، متزلزل فتارة يتوجه إلى الله وأخرى إلى الشهوات والذات إلى أن يصل إلى النفس المطمئنة بحيث لا يرى لنفسه أي استقلال وألوهية أو ربوبية ولا لحظة واحدة ويدرك أنه مربوط بالله.
ونقرأ أيضاً في دعاء كميل "يا من بيده ناصيتي" يا الله الذي بيده حياتي روحي وبقائي بيده.. أنا لا أتمكن أن أقف على أقدامي.. النفس الذي يدخل ويخرج تنفسه ليس بيدي.
رسول الله (ص) يقول عندما أغمض عيني فإني لا أؤمل فتحها، إلى هذه الدرجة لست مستقلا، فأنا عبد.. مخلوق، وليس لي أي وجود مستقل لا في الذات ولا في الصفات ولا في الأفعال ولا في أية جهة من الجهات.
واللازم لذلك ألا يصدر منه ما يخالف العبودية
علينا أن نقتدي بالعباد الحقيقيين وهم المعصومون (ع) ونتعلم طريق وأسلوب العبودية إلى أن نصل إلى النفس المطمئنة.
انزعاج الإمام من أجل خوف أمه
يروى في كتاب المجالس السنية عن مالك بن أنس رئيس مذهب المالكية أنه كنت يوماً في أزقة المدينة فرأيت الإمام الصادق (ع) وهو مهموم، فكان واضحاً أن أمراً قد سلب راحته فسألته عن أحواله: يا ابن رسول الله ما الذي أهمك وسلب راحتك.
فقال: في بيتنا غرفة وسلم للصعود إليها، وقد أوصيت في منزلي بأن لا يصعد عليه أحد ولما دخلت المنزل ـ رأيت الجارية معها طفلها وهي تصعد السلم، فلما رأتني خافت وسقط الطفل من يدها. وانني لم يؤذني موت الطفل إنما آذاني خوف الجارية مني.
يجب أن تخاف من الله لا من المخلوق.. يعني يجب أن تراقب الله مع عدم وجود الإمام أكثر فما نهى عنه الإمام يجب تركه، كيف تلاحظ حضور الإمام أكثر من حضور الحق؟! الإمام أيضاً يتالم لذلك لماذا تخافين مني أكثر من الله وترجفين مني؟ فأنا عبد!
يجب أن يكون أشد التذلل لله
هناك رواية شريفة بأن شخصاً دخل على الإمام الصادق (ع) فسلم عليه بكامل الاحترام والأدب ثم قبل رأس الإمام بعد ذلك قبله من جبهته. بعد ذلك قبل يد الإمام ثم أطراف ثوبه بعد ذلك هوى على أقدام الإمام ليقبلها أيضاً عند ذاك صاح به الإمام.
"ماذا أبقيت لله"؟
يعني ما هذا الذي تفعله؟ تريد أن تقبل قدمي؟ جعفر عبد أيضاً فماذا تفعل لله؟ يعني أن هذا المقدار من التذلل لا ينبغي أن يكون لغير الله.
النفس المطمئنة الكاملة والدائمة عند الإمام
الغرض.. أن العبودية الكاملة التي لا تعرضها الغفلة أبداً، مرتبتها العليا عند المعصوم، تلك النفس المطمئنة التي لا ترجع إلى الأمارة لحظة واحدة. فعدم كونه عبداً للنفس أو الهوى أو الدنيا إنما يكون في الحقيقة لأنه لا يرى نفسه مستقلاً لحظة واحدة. إنه لا يعرف رؤية ذاته وعدم رؤية الله، هذه الحقيقة راجعة إلى المعصوم.
إنه لا يرى نفسه مستحقاً للطاعة، ويقول عليهم أن يعظموني؟ لا.. لأن هذه الحالة هي الكفر الحقيقي الذي يجب أن يستغفر منه ويرجع إلى العبودية من جديد.
اطفئوا النيران التي أوقدتموه
السيد بن طاووس ينقل رواية في كتاب فلاح السائلين أن ملك ينادي في أوقات الصلاة الخمس: قوموا إلى الصلاة أيها الضيوف واطفئوا النيران التي أوقدتموها.
وينادي في وقت الظهر، يا من أوقدتم لأنفسكم النيران من أول اليوم إلى الآن هلموا واطفئوها ببركة الصلاة. اطفئوا تلك النيران التي هي الكفر الحقيقي والخروج عن عبودية الله وقل اني عبد محتاج من رأسي إلى قدمي: لا تصدر منك هذه الأنانيات أنا، أنا، يجب أن أكون كذا وكذا، قل الله وليس أنا، إلى متى ترى لنفسك استقلالاً وتبرز نفسك، تعال وقلل من هذه الأنانيات واطفئ تلك النيران التي أشعلتها.
الصلاة علاج لأشد الأمراض وهي الغفلة
واقعاً إذا لم تكن هذه الصلاة الخمس فالإنسان ليس له طريق إلى الإيمان الحقيقي وستقضي عليه الغفلة بصورة نهائية. أما والحمد لله أن أرانا طريق الخلاص والفرج (وأقم الصلاة لذكري) [طه: 3].
ويروي عن رسول الله (ص) مثال لهذه الصلوة الخمس فلو أن رجلاً كان يغسل جسمه خمس مرات في اليوم فسيبقى نظيفاً باستمرار فهذه الصلواة الخمس كذلك. يعني ما تراه لنفسك من الاستقلال والخوض في الغفلة تعال وقل مع توجه كامل، (إياك نعبد وإياك نستعين) [الفاتحة: 5] فأنا عبد محتاج ومع ذلك فإني وحيد ومحتاج إلى واحد فقط وهو الله لا غير. كنت غافلاً قبل ساعة وادعي كياناً لنفسي وأقول أنا وأنا.. إلهي استغفرك وأتوب إليك. استغفر الله على كل ما ادعيته من الألوهية فإني أعبدك وأنا عبد لك.
النفس اللوامة، أن تحاسب نفسك
إذا أراد الشخص الهداية واقعاً والسير في الطريق المستقيم وأن يكون من أهل الاستقامة بعون الله فيجب أن يسارع إلى التوبة كما أمر بذلك القرآن المجيد أن يستغفر في الأسحار من هذا الكذب وقل لنفسك أيتها الكذابة أنت تقولين أنا عبد الله فهل هذه الحالة التي كانت قبل ساعة هي معنى العبودية؟
ويقال لهذا النفس اللوامة.. يعني في البداية على الإنسان أن يلوم نفسه ويفهم نواقصه ويحاول اصلاحها حتى يصل إلى النفس المطمئنة. النفس اللوامة يعني الخوض في أعماق النفس والبحث عن عيوبها ولوم النفس عليها ومحاسبتها.
نظري بخويشتن كن كه همه كناه داري همه عيب خلق ديدن نه مروت است ومردي
يعني:
إن ترى عيوب جميع الناس فذلك ليس برجولية أو مروءة.. وأنظر إلى نفسك التي تحوي جميع العيوب.
رحم الله الحاج الشيخ عباس القمي ما أنفع كتابه (منتهى الآمال) وأكثر جذابيته حين كتب باللغة الفارسية عن حالات المعصومين الأربعة عشر فما أجمل ما كتبه ويجب على المؤمنين الاستفادة منه.
وهو يذكر في عدة صفحات عن حالات الإمام زين العابدين (ع) واستغاثته وخطابه مع نفسه فما أجمل العبارات التي كان الإمام يلوم فيها نفسه.
لوامية النفس مقدمة لاطمئنانه
مقصودي أنه يجب ايجاد النفس اللوامة حتى يصل إلى النفس المطمئنة لا اقل أن يفهم أنه قد انحرف عن جادة العبودية.. وفي كل ساعة يكون باطنه الملكوتي بشكل من الأشكال فتارة يكون قرداً وأخرى دباً،.. عمل القرد هو التقليد من أجل أن الشخص الفلاني قد عمل العمل الفلاني. فخاطب نفسك وذكرها بعيوبها فلعلها تصل بالتدريج إلى النفس المطمئنة: أين أنا وأمثالي وأين النفس المطمئنة؟ ولطف الله لا يشمل إلا من كان توجهه واحداً ويبقى مستمراً في طريق العبودية لله. حينئذ يصبح عبداً لله.. يصير عبداً للرحمان.
ولا أقل من إيجاد النفس اللوامة الآن، لكي نرى عيوبنا في طريق عبودية الله، ثم نتضرع ونستعد للمقامات الأخرى.

رياض ابو طالب 26-Aug-2010 12:31 AM

السلام عليكم
نتابع معكم

لماذا تستولي علينا الغفلة
هنا أذكر بعض الفقرات من دعاء (أبو حمزة) للإمام السجاد (ع) بمناسبة النفس اللوامة:
"سيدي مالي كلما قلت قد صلحت سريرتي وقرب من مجالس التوابين مجلسي عرضت لي بلية أزالت قدمي وحالت بيني وبين خدمتك سيدي لعلك عن بابك طردتني ".
ما أجمل كلمات الإمام قبل هذا الكلام وبعده، يقول: عندما أنوي القيام لمناجاتك في أوقات السجر "ألقيت علي نعاساً إذا أنا صليت وسلبتني مناجاتك إذا أنا ناجيت".
"سيدي لعلك عن بابك طردتني وعن خدمتك نحيتني".
التفتوا إلى الجملة التي أقصدها وهي:
"أو لعلك وجدتني في مقام الكاذبين فرفضتني". فقد رأيتني أكذب ففي الصلاة أقول (إياك نعبد) [الفاتحة: 5] ولكني أرجع إلى عبودية النفس والهوى والشيطان.. أقول أنا عبد ولكن أدعي لنفسي الربوبية والاستقلال فأنا كذاب: أقول (إياك نستعين) [الفاتحة: 5] أما قلبي مشغوف بالأسباب المادية وليس بالله.
لا تكلنا إلى أنفسن
ولكن "فإن عفوت فخير راحم، وإن عذبت فغير ظالم".
فأنا بهذه المفاسد إذا عفوت عني وسامحتني وطهرتني فذلك شأنك وعملك لأنك أرحم الراحمين، وإن عذبتني وتركتني إلى نفسي فلم تظلمني لأني مستحق لذلك بسبب أكاذيبي، إلهي بحق محمد وآل محمد أفهمنا عيوبنا. وارزقنا نفساً لوامة، واعطنا حالة التوبة والإنابة في كل وقت ولا تحرمنا من لطفك.
"لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبداً".
"سيدي إنك إن وكلتني إلى نفسي هلكت".

الرضا من آثار اطمئنان النفس

كان الحديث في شرح هذه المنزلة العظيمة من منازل الإيمان ودرجات أهل التوحيد والتي هي آخر المقامات والمراتب الإنسانية والغرض هو الوصول إلى هذه المنزلة حتى تتمكن من الوصول إلى مقام الرجوع إلى الرب (إرجعي إلى ربك) [الفجر: 28] وهذه هي مرتبة الاطمئنان التي من آثارها وخصوصياتها هو مرتبة الرضا والتسليم.
النفس المطمئنة يعني التي في مرتبة الإيمان لا تزال تستمر في صراط العبودية حتى تصل على حد الاطمئنان والاستقرار.. الاطمئنان الذي يقابل الاضطراب.. المضاد للقلق والخوف.
الاطمئنان بالله يزيل الاضطراب
النفس الإنسانية عندما تتخيل لنفسها وللماديات استقلالاً في البداية تتصور نفسها أنها هي المالكة. (وفي الحقيقة ليس لنفسه إلا القلق والاضطراب) حتى يصل إلى المرتبة التي يتيقن بأن المالك هو الله فقط، المستقل هو الله فقط، فهو وجميع مراتب الوجود مرتبطين به، فإذا استقر على هذا الرأي واطمأن إليه عندئذ لا خوف ولا حزن عليه لأنه قد اصبح من أولياء الله (الا أن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون). [يونس: 62]
القرآن المجيد يقول: (الذين آمنوا وكانوا يتقون).. [يونس: 63]. أن يسير في طريق التقوى سنيناً.. أن يستمر ف يصراط التقوى وصراط العبودية.. أن يكون في طريق التفكر والتدبر في عالم التوحيد الإلهي حتى يصل إلى منزلة الاطمئنان حيث لا يوجد فيه أي خوف أو اضطراب.
قلق الناس يسبب الكفر الحقيقي
أنتم ترون في هذا الزمان أن جميع الناس من مسلمين ويهود ونصارى وماديين كلهم في قلق وخوف.. هذا الشيء يكتبونه في الجرائد ونحن أيضاً شاهدون على ذلك بأن حياتنا مليئة بالقلق والخوف..
لا يوجد هدوء نفسي، الاشخاص كلهم في قلق وخوف فمن رئيس الجمهورية وحتى أدنى شخص، ومن ذلك المليونير أو الملياردير حتى الإنسان المتسول، لأنهم ليسوا على صراط التوحيد وبالنتيجة فهو يرى الاستقلالية لنفسه وللماديات والخوف والحزن يرجع إلى الماديات، فإذا خسر أحد الأشياء المادية فسوف يكون محزوناً.
مثلاً لو افترضنا أنه يتصور أن الأموال والأولاد والجاه هي المؤثرة وهي التي ترفع احتياجاته. فلو أنها خرجت من يده فسوف يتأثر بشدة ويأخذه القلق والاضطراب لأنه يرى أن هذه الماديات هي المؤثرة بصورة مستقلة، وهي التي تقوم بالأعمال.. فهو يسير وراءها ولا يقنع منها بأي حد، حتى المليون لا يكفي لسد حاجته ومهما وصلت إليه أملاكه وجاهه وعنوانه ومئات محلاته التجارية فلا يزال مضطرباً، لأنه لا يأمل أن تكفي هذه أيضاً لسد احتياجاته، فالماديات هي كل همه، ما حصل عليه وما لم يحصل، أما المؤمن فهو خائف وحزين حتى يصل إلى مقام الولاية الإلهية ويضع قدمه في صراط التوحيد في ذلك الوقت (ألا أن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) [يونس: 62] فلا خوف ولا حزن عليه لأنه معتمد على المبدأ اللامتناهي.
اترك الـ "أنا" جانب
فلهذا على الإنسان أن يخاف من حالة العصيان هذه ويرتجف، عليه أن يتوب من هذا الكفر الذي ارتكبه ويرتكبه.. أن يفكر من أنا؟؟ أن يعرف نفسه أولاً، أترك "أنا" جانباً فأنت عبد مملوك (ولا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً ولا يملكون موتاً ولا حياة ولا نشورا) [الفرقان: 3] لا يملك لنفسه شيئاً.
فما دمت لم تدرك هذا المعنى فأنت غير تائب من الكفر، يجب أن تتوب من هذا الكفر والشرك وأعلم أن لك مالكاً وقيوما، فوجودك ليس منك بل مرتبط بغيبك، كل ذرات الوجود مرتبطة بالغيب، وأنت أيضاً أحد أجزاء الوجود.
الجميع مال الله وملكه
يجب أن تكون على يقين بأنك وكل شيء ملك لله وأنا متحير من نفسي أقول واأسفاه بأن الله تعالى قد أسمعنا هذه الحقيقة في القرآن المجيد عدة مرات ولكن أين كنت أنا المسكين لكي استمع لذلك (له ملك السموات والأرض) [الحديد: 2] (لله ما في السماوات وما في الأرض..). [الحشر: 1]
أنت وحياتك والآخرين من الفراش إلى العرش كل ذرات هذا العالم ملك لواحد.. ولا أحد يملك استقلالاً بنفسه، لا أحد يقف على قدميه، تنفسه ليس باختياره، لا أحد يتمكن أن يعمل عملاً بالاستقلال، ولا أثر لأي سبب من الأسباب قبل مشيئة الله.
الأموال لا تؤدي عمل
أيها المسكين.. يا من تتصور أن الملك والمال والجاه والمقام تسد الحاجة، ألا ترى كم من أصحاب المليارات لم تنفعهم أموالهم؟ وإنما تمرضوا وماتوا، ولم تتمكن أن تدفع عنهم الموت أو تدفع عنهم المرض؟ لكي يدرك الآخرون أن الأموال لا تعمل شيئاً إلا أن يشاء الله.
السلطان الذي مات من الجوع
يروى في كتاب المستطرف حكاية: انه عندما وجدوا صندوقاً أثناء الحفريات إلى جانب النيل، فتحوا ذلك الصندوق فوجدوا فيه جسداً محنطاً فعلموا أنه لملكة من الملوك وقد كان المصريون في السابق يحنطون أجساد الفراعنة والملوك ويحفظونها.
وكان في هذا الصندوق مجوهرات كثيرة مع لوح وقد كتبوا فيه قصة موت هذه الملكة بناءاً على وصيتها وقد كتب على اللوح بأنه كل من رأى جنازتي بعد موتي فليلعلم بأنه حدث قحط في مملكتي في أيام حكومتي وقد وصل الأمر إلى أني الملكة كنت مستعدة أن أعطي كل هذه المجوهرات مقابل رغيف خبز ولم أحصل على ذلك حتى مت جوعاً.
لكي يعتبر الآخرون بأن المال لا يرفع نقصاً ويسد حاجة لوحده وإنما بمشيئة لله. كذلك القدرة فلا تتصوروا أن أحداً يمكنه أن يعمل عملاً بصورة مستقلة، افتح عينك ولا تغرك هذه المظاهر.إذا لم يرد إلهك أمراً فلو جمعت كل الوسائل فإنك لا تستطيع أن تفعل شيئاً.
الحجاج يموت وسط النيران من شدة البرد
قيل أن الحجاج اللعين أصابه الارتعاش قبل موته وقد وضعوا عليه أغطية متعددة وقربوا منه ناراً شديدة إلى حد أن جلده كان يتأثر بحرارة النار لكنه مع ذلك كان يرتجف ويقول (إنني في ضيق من شدة البرد وبقي هكذا حتى مات بهذا المرض).
حتى يكون ما أراد الله.. فإذا أراد الله أن يموت من شدة البرد، فلو أنهم جاءوا بالنار واللحاف والسجاد فسوف لا تؤثر أي أثر على أن يقرر خالق هذه الأسباب ما يريد.
التمرن على التوحيد حتى الوصول إلى اطمئنان النفس
قصدي أن عليه أن يتوب من الشرك والكفر ليأتي إلى صراط التوحيد، وطبيعي أن يكون كسلاناً وعليلاً لمدة من الزمن فعندما يكون موجوداً عند المنبر يستمع إلى الموعظة يقول استغفر الله، إلهي إن حالتي كانت سيئة فقد كنت أعتقد غيرك مؤثراً. ولكن عندما يرجع إلى البيت والسوق يتغير وضعه.. فالكفر إلى جانب الإيمان، فتارة هذا وتارة ذاك، حتى يصل إلى الاستقرار إذا أراد الله وأعانه على ذلك.
يجب أن يرى نفسه والأسباب المادية وكل ما سوى الله خاضعة لإرادة واحدة، كلهم يدورون ويتحركون بإرادة واحدة من الدودة إلى الفيل.. من الفراش إلى العرش كلها تتحرك بحياة واحدة وتديرها إرادة واحدة ويجب أن يحصل له اليقين بهذا المعنى "فاعلم أنه لا إله إلا الله ـ لا شريك له".

رياض ابو طالب 04-Sep-2010 04:08 AM

السلام عليكم
نتابع معكم
من الجهل أن يرى نفسه مالك
كيف تجعل من نفسك شريكاً لله؟ خاطب نفسك.. أنت تقولين أردت كذا، فلماذا صار هكذا ولم يقع ذلك؟ كيف تدعين المالكية وما هي النسبة المالكية التي بينك وبين الأموال والأولاد؟
إنني تعبت كثيراً حتى جمعت هذه الأموال ـ فلماذا ذهبت من يدي؟ أنت كنت جاهلاً عندما كنت تتصور أنك مالكاً حقيقياً لهذه الأموال.. هذه الأموال أمانة بيدك من المالك الحقيقي فلا يمكن أن تنسبها إلى نفسك حقيقة.. طبعاً بالنسبة إلى حقّ المالكية الشرعي فهو محفوظ، وعلى الآخرين أن يحترموا هذه المالكية.. ولكن الحديث بالنسبة إلى المالكية الحقيقية والمنحصرة بالله تبارك وتعالى، فلا تخدع نفسك وتتوهم أنك المالك المستقل والحقيقي لها، المال في الحقيقة مال الله، أما أنها وصلت إليك بسبب التعب والكسب أو الإرث أو أي وجه شرعي آخر ونسبت إليك فلا تتصور لنفسك ملكاً حقيقياً ومستقلاً وتنسى المالك الحقيقي لها.
الوالدان.. لا يتصورا أنهما المالكان للولد
أو بالنسبة للأولاد.. على الأولاد بأن يراعوا حقّ الأب والأم.. وواجب الأب هو أن يتكفل لباس وغذاء الولد.. وظيفة الأم أن تقوم بإرضاعه الحليب فمع إيجاد هذه الأحكام لا تنخدع وترى نفسك رباً لهذا الولد.
تقول أنا الذي ربيته.. فأنت من الذي رباك؟ الله الذي رباه على يدك وأنت لم تكن إلا وسيلة لا أكثر!! الله الذي ألقى محبة الولد في قلب الأب والأم، وبتلك المحبة تحملت آلام السهر في الليالي والتعب من أجل هذا الولد.. هذا الحليب الذي تضعيه في فم هذا الولد من الذي صنعه؟ ومن الذي جعله جزءاً من جسم هذا الطفل في جوفه؟ من الذي جعلك تتحرك وتقوم من مقامك غير الله؟
فلا تدعي ما ليس لك.. عليك الا ترى نفسك مالكاً للطفل.. أيضاً لا تدعي لنفسك بأي حق.
من أنا حتى يكون لي حقّ الطاعة؟
طبعاً لا ينبغي الاشتباه فالحق الشرعي بمكانه. فعلى الولد أن يحب ويطيع ويحترم الوالدين.. ولكن من لوازم العبودية والمعرفة أن لا يدعي الأب والأم لأنفسهم حقاً، فمن أنا حتى يكون لي حقّ الطاعة.
ويؤمر الأولاد باحترام وإكرام وإطاعة الأب والأم، لا أن يتصور أنهما كل شيء بالنسبة له بل أنهما سبب من أسباب الله سبحانه.. وهكذا.
الدوام على التقوى لازم
أريد أن أبين مسألة الاطمئنان.. فالإنسان بحاجة إلى مدة طويلة لكي يصل إلى مقام الاطمئنان يعني يستقر على صراط التوحيد ويثبت على كلمة لا إله إلا الله، انتبهوا إلى الآية الكريمة التي قرأتها:
(ألا أن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون). [يونس: 62ـ63]
من هم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون؟
أولئك الذين آمنوا وكانوا يتقون، فقد تمرنوا لذلك عمراً واجتازوا مراتب التقوى، يستغفر بمجرد أن تزل قدمه.. ويرجع عندما ينحرف عن صراط التوحيد، حتى يصل إلى الإيمان المستقر والمطمئن ويكون من أولياء الله فذلك الوقت لا خوف عليه ولا حزن.
الخوف والحزن ليس للنفس المطمئنة
لا يحزن لو انعدمت جميع الوسائل، لا يجزع على موت أولاده، ولا يحزن على ذهاب أمواله فلا ربط لي بالمسألة.. صاحبها الذي أعطى وأخذ.. والمحي هو المميت، فهو قانع بكلما يراه صلاحاً له فلا يحزن على فقد أي أمر من الأمور المنسوبة إليه.
فـ "أنا" غير موجودة في الوسط. لا استقلال في العمل "العبد وما في يده لمولاه". رزقي مع من؟ هل هو بهذا المال والمحل؟ فلو كنت أعتقد ذلك فإني كافر، فذلك الذي خلقني هو الذي تعهد برزقي، فمادمت في الدنيا فأنا على مائدته وبساطه وعندما أموت فأنا أبقى على مائدته فالرزق ليس محصوراً في الدنيا فبعد الموت أنا أيضاً محتاج إلى الرزق البرزخي والأخروي.
رزق كل عالم يتناسب وذلك العالم، ورازقك هو خالقك.
لا خوف من المستقبل أيضا
فهو لا يخاف مما سيأتي أيضاً، لا حزن على الماضي ولا خوف من المستقبل، لا أحد من أولياء الله يخاف من المستقبل، لأنه لا يرى لنفسه مستقبلاً، فحياته وموته غداً غير معلوم عنده حتى يهتم بما سيحدث له.
كم من الأشخاص المساكين الذي يتألمون لسنتهم القادمة في حين أن كفنهم موجود في السوق، ليس لهم أسبوع حتى يحزنوا على شهر، أما الذي صار من أولياء الله وله نفس مطمئنة فلا يخاف مما سيأتي، من جهة أنه لا يرى لنفسه مستقبلاً، وحقاً، (يا من بيده ناصيتي) يا إلهي الذي بيده ناصيتي وحياتي، أنا عبد كل ما تدبره لي، فإذا كان جزءاً من عمري فسوف يأتي مع لوازمه، فأنا لست وحدي، بل لي ولي ومرشد فالذي له ولي قوي ورئيس أكبر فمن أي شيء أخاف.. فهو لا يحزن على عدم وجود شيء ولا يخاف على مستقبله وانعدام الوسيلة، لأنه مستسلم وخاضع تماماً فليس هو المالك ولا الآخرين.
بكاء النبي على وفاة ابنه إبراهيم
لا يحزن مع فقدانه شيئاً.. فلو قال أحد: كيف أن رسول الله والأئمة عليهم السلام كانوا يحزنون إذا فقدوا شيئاً.. فعندما مات إبراهيم ابن رسول الله فقد بكى النبي عليه أو أنه كان يحتضن عزيزه الحسين ويقبله ويبكي. وجواب هذا الحزن هو أولاً "لا قيام بين عدل الأولياء ونفسك". فبكاءنا أنا وأنت من أجل أمور نفسية.. لأن ابني وطفلي قد مات، فلماذا فارق الحياة؟ ومن شدة الحزن نغضب اعتراضاً على ذلك لا سمح الله، كما نرى حالة عدم الصبر من بعض الجهال لموت بعض أقربائهم والجزع الشديد بحيث لو استطاع أن يصل إلى عزرائيل لقطعه إرباً إرباً.
لماذا أخذت والدي؟ هناك نوع من الذاتية والشعور الاستقلال في البين!
يميت في أي وقت يراه صلاح
أما الإنسان الذي صار من أولياء الله ففي أي وقت أراد موته فسيقبله بصدر رحب.
روزي رخش بينم وتسليم وي كنم أين جان عاريت كه بحافظ سرده دوست
فهذه الروح التي أودعت عند حافظ كعارية سيأتي اليوم الذي أقوم بتسليمها إليه...
شعر جميل.. فالروح ليست ملكي فهو الذي أعطى وهو أيضاً يأخذ فكيف الأمر بالأولاد والأقرباء؟ الله هو الذي يحيي ويميت.
الترحم الروحي غير الأمور النفسية
كيف يمكن بيان بكاء النبي على ولده إبراهيم؟ بإمكان أن نتنزل بهذه الحقائق ونخرجها بصورة ألفاظ إلى حد قابل للفهم لدى الجميع وهو أن نقول أنه ترحم إلهي وليس من جهة النفس والهوى والاعتراض والسخص على القضاء والقدر.
الترحم الالهي مثل الترحم على شهيد عاشوراء الحسين (ع) المشهد الذي هو محل الترحم، فكل من يرى الحسين يوم عاشوراء أو يسمع به وكان له قلب فسيحصل في قلبه ترحم أصله من خالق العالم. فهو ترحم وليس نفس وهوى ولماذا وكيف؟ على كل حال فهو حزن إلهي وليس حزناً من طريق النفس والهوى.
آخر بكاء الحسين في الوداع الأخير
الشيخ الشوشتري يقول في الخصائص الحسينية، إن الحسين (ع) بكى يوم عاشوراء ستة مرات، بعد ذلك يذكر هذه المرات الستة، وواقعاً إذا تحقق الإنسان من ذلك يرى أن بكاء الحسين في جميع هذه المرات الستة كان من باب الترحم، مكان ظهور الرحمة... فهو يترحم وتجري دموعه.
آخر بكاء له عند وداعه الأخير عندما وضعت سكينة وجهها على ظاهر قدم والدها وأخذت تبكي، مشهد تتمزق له القلوب.. الحسين (ع) يجلس ويأخذ ابنته ويجلسها في حضنه ويمسح بيد الرحمة على رأسها ووجهها:
ما دام مني الروح في جثماني لا تحرقي قلبي بدمعك حسرة


اللهم اجعل نفسي مطمئنة بقدرك، راضية بقضائك، مولعة بذكرك ودعائك، محبة لصفوة أوليائك، محبوبة في أرضك وسمائك، صابرة على نزول بلائك، شاكرة لفواضل نعمائك..
الاتصال بالأرواح العالية
تشرح لنا هذه الآية المباركة أمراً وهو أن الغرض من دعوة الأنبياء وانزال الكتب السماوية وصول الإنسان إلى مرتبة الاطمئنان والرضا والتسليم الذي هو أعلا المراتب التي يمكن للإنسان أن يصلها خلال هذه الأيام المعدودة، وعندما يصل إلى هذه المرتبة يتصل بالأرواح العالية وعلى رأسها محمد وآل محمد.
ولأجل أن يتضح الموضوع أكثر نتوجه إلى عبارات من زيارة أمين الله لتتوضح النفس المطمئنة أكثر.
زيارة أمين الله، جامعة ومهمة
أول حاجة تطلب "اللهم اجعل نفسي مطمئنة بقدرك"... هذه الزيارة الشريفة "أمين الله" مع أنها مختصرة ولكنها واقعاً جامعة ومن أفضل الزيارات.
أحد الأشخاص المؤمنين يسأل: كيف تكون زيارة أمين الله أفضل من جميع الزيارات مع أنها لا تتجاوز صفحة واحدة لا أكثر.
فقلت له: إنها من حيث الكمية وإن كانت قليلة، ولكن أنظر إلى كيفيتها، هذه الزيارة الشريفة إذا قصد أحد التوجه بها وكان طالباً لهذه المقامات فإن جميع النعم المعنوية تطلب في ضمن هذه الزيارة.
خلاصة من الزيارات المطولة
إذا عرف الإنسان الإمام بصفة "أمين الله" يكفي ذلك أن يخاطب الإمام عن اعتقاد ويقين ويقول: أنت القيم على خزائن الله، كل ما يصل إلى العالمين إنما يصل بواسطتك.. أن يصدق بهذا المعنى.
"أشهد أنك جاهدت في الله حقّ جهاده.. وعملت بكتابه.. واتبعت سنن نبيه".
قصدي هو أهمية هذه الزيارة من ناحية الكيفية، فلو استطاع اظهار هذه الحقائق عن حضور القلب فهذه الأسطر القليلة تعادل عدة صفحات من الزيارة وهي خلاصة لتلك المطالب المفصلة.
اطمئنان النفس أول الحاجات
(اللهم اجعل نفسي مطمئنة بقدرك)
يطالب بأعلى درجة.. مقام سلمان وأبو ذر، حتى يصل مقامه إلى الاتصال بالنفس الكلية الإلهية، محمد وآله عليهم السلام.
النفس في هذه الآية... هي الحقيقة الإنسانية التي يكون الجسد وسيلة لاجراء أوامرها، هي التي تشير إليها "أنا" وتقول أنا ذهبت، أنا قلت.. أنا فعلت.. إشارة إلى الذات والحقيقة.
المطمئنة أيضاً من الاطمئنان بمعنى القرار والسكون والذي هو ضد الاضطراب والتزلزل.. فالإنسان يبقى مضطرباً حتى يصل إلى الاطمئنان.. الاضطراب في أي شيء؟
شرح الموضوع
الاضطراب في الاعتماد على الأسباب المادية

الإنسان الذي لم يعرف الله لحد الآن ولم يصل إلى مقام اليقين، فقلبه مضطرب في أي مقام كان أو مرتبة. فهو يعتمد في أموره المعاشية على الأمور المادية.
فهو مثلاً يرى كيف أن بعض الشباب يدرسون ويتعبون حتى يحصلوا على درجات أكثر ويأخذوا ورقة باسم الدبلوم أو الدكتوراه فعندما يرى أن هذه الورقة هي السبب في استخدامه في الإدارة وحصوله على الأموال فهو مضطرب وقلق دائماً خوفاً من عدم حصوله على الدرجة اللازمة.
أو الكاسب الفلاني نجده قلقاً خوفاً من التضرر بهذه المعاملة.. الجميع قلقون بهذا الشكل، فاللسان يقول "لا إله إلا الله" ويقرأ القرآن ويقول بأن الأمور بيد الله ولكن قلبه لم يصدق بذلك بعد.
والسبب في ذلك أنه لحد الآن يرى للأسباب المادية استقلالا.. يقول أن الخالق هو الله.. المدير والمدبر هو الله.. ولكن حاله حال الكفر، يعني أن يعتقد بأنه يحمل ثقل المعيشة على كتفه. يتخيل أنه فقط بهذه الأسباب يمكن إدارة الأمور وتدبيرها.
يرى لنفسه وللآخرين استقلالاً ذاتياً لذلك نراه قلقاً عندما يرى مستقلاً لوحده بدون حماية أو استناد، لأن الأسباب لا تتفق مع مزاجه دائماً، فكم من الأحايين يبتلى الشخص بفراق هذه الأسباب أو الخوف من فقدانها فينهار ويتحطم نهائياً.

رياض ابو طالب 24-Sep-2010 01:54 AM

السلام عليكم

الاعتماد على المال والأولاد.. كفر حقيقي
فمثلاً كان لديه أموال ويتصور أنها هي التي تسير حياته، وقد فقدها الآن، فكأن الدنيا قد وصلت إلى نهايتها، يحتويه الهم والغم، ولو رأى أحد صورته الملكوتية لرأى الكفر الحقيقي وكأنما ليس له إيمان بالغيب. فالآن وقد فقد سبب من الأسباب فكأنما فقد كل شيء.
كان لديه أولاد، وكان يأمل أن يكبر ولده ويعينه في كبره، فعندما يموت سوف يفقد هدوءه ونرى عليه الفزع والجزع بهذا الشكل.
انتحار بسبب القلق
قد يصل انهياره من أجل فقدان السبب في بعض الأحيان بحيث لا يرى لنفسه أي أمل، وينتحر.
الشاب الفلاني ينتحر لأنه لم يقبل في امتحاك البكالوريا، لأنه يرى أن حياته معلقة في رقبته، فكانت عينه على هذا السبب فقط ولم يصل إليه الآن لذلك يقطع أمله بالحياة وينتحر.
وهذا هو الكفر الحقيقي (قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور). [الصف: 13]. فهو قلق ومضطرب لأنه يفتقد الاطمئنان بالله.
طلب الاطمئنان عند قبر ولي الله
على كل حال فالإنسان مادام لم يصل إلى حد الاطمئنان فهو في قلق في أية مرحلة كان.
أكبر نعم الله الإيمان الكامل "اللهم اجعل نفسي مطمئنة بقدرك" إلهي أنا جئت عند قبر وليك أطلب منك أن تمن عليّ بنعمة اطمئنان النفس... يا أمين الله، يا من بيده خزائن الله أنت كن وسيلتي إلى ذلك.
ما لم يصل إلى الاطمئنان فهو في كفر واقعي، إيمانه بالأسباب وليس بمسبب الأسباب، الشخص الذي يصل إلى حد الاطمئنان بخالقه يصير بحيث إذا فقد جميع الأسباب الظاهرية فسوف لا يفقد هدوءه لأنه لا يرى نفسه لوحده وإنما له مولى.
خزائن مولاي مليئة
ولأجل توضيح المطلب نضرب لذلك مثالاً:
يقول مالك الدينار أو شخص آخر بأن علة انتباهي هو حادثة وقعت في زمان، أصاب مدينتنا القحط وكان جميع الناس في قلق شديد وحالة مؤلمة (نستجير بالله من القحط، فأنتم تتذكرون أيام القحط قبل سنوات وفي أيام الحرب العالمية وما كان عليه حالنا).
يقول: انه في تلك الحالة والناس جميعاً في قلق وخوف رأيت غلاماً ضاحكاً مستبشراً وهو غارق في عمله:
فقلت له كيف أراك ضاحكاً وكأنك لا تعلم بأن الجميع في وضعية يرثى لها؟
فقال: إن خزائن مولاي مليئة بالطحين فأنا لست حزيناً، فخزينة سيدي مليئة!
فوراً تنبهت إلى أن حالة هذا الغلام مع مولاه الظاهري بهذه الصورة، فقلبه قوي بخزينة مولاه وهو غير مضطرب أو قلق فيا ليت كنت كذلك مع مولاي الحقيقي يوماً واحداً وأقول أن عندي إلهاً، فأنا أمتلك كل شيء فخزينة ربي مملوءة دائماً.
فلو ضاعت الأموال فسأقول بأن لي رباً، فالهي قوة لقلبي، وليس قدرتي.
الأولاد لهم رب أيضا
بعض الأحيان يقول ماذا أصنع وعندي عشرة أفواه تطلب الطعام.. أتعتقد أن مسؤولية المعاش ملقاة على عاتقك؟
الطفل مال الله، وأنت أيضاً مال الله "وكل من أعطى الأسنان فهو يعطي الخبز".
فهو حزين لأنه يفكر، كيف سيكون حال أولادي من بعدي؟
هو أيضاً له رب وبيده أمره، فلا حاجة لأن يعتصرك الألم من أجله، كل هذه المخاوف والآمال المادية واضطراب القلوب كفر وانقطاع عن الله.
المربي لنا جميعاً هو الله فقط
كم يؤكد ويثبت القرآن المجيد مسألة التوحيد الأفعالي، لعلنا نصل إلى درجة من الإيمان، وكم يشرح لنا هذه الحقيقة بأن الأمور كلها بيد الله ولا شيء منها بيد الغير.
أنت وأنا والآخرين كذلك كلنا لم نكن أكثر من قطرة ماء عفنة والله هو الذي أوصلنا إلى هذه المرتبة، كنت في المهد سابقاً ولم تصل إلى حد التمييز فمن الذي سخر لك الأب والأم يقوموا بخدمتك، في ذلك الوقت لم يكن باستطاعتك الوقوف على قدميك ولم تكن مستقلاً، فكيف أصبحت اليوم مستقلا؟
فالرزق بيد الله وليس بيدك، (وما من دابة إلا على الله رزقها) [هود: 6]
استمرار حياتك أيضاً معلق على إرادته ومادمت حياً فسيوصل إليك رزقك.
نعم... من أجل الحكم والمصالح فقد أمر بالسعي لتحصيل الرزق والتكسب، عليكم أن ترعوا وتزرعوا، وإلا فالمطر ليس بأيديكم، واستمرار حياتك مرتبط بالذي أعطاك أصل الحياة فلذلك لا ينبغي أن تقلق على قلة أو زيادة الأسباب.
إذا بقيت إلى الغد فسيصلني رزقه
سمعتم بالصحابي أبا ذر فقد أرسل إليه معاوية بمئتي دينار عسى أنا يرجع عن علي (ع) فأشار أبو ذر إلى جراب وقال:
مادام هذا الجراب موجوداً فإني غير محتاج.
فلما نظروا إليه رأوا فيه قرصان من الخبز. فقال:
أحدهما يكفيني للافطار والآخر للسحر، فإذا كان الغد من عمري فالله سوف يوصل إلي برزقه، فاليوم القادم مشكوك أنه من العمر فلماذا أحمل همه؟
فالذي رعاني ودبر أموري لحد الآن، فسيرعاني في بقية عمري.
يجب أن تكون على يقين بأنك غير محتاج إلى أي أحد وأي شيء سوى الله. فكل ما سوى الله مخلوق فحتى أصحاب المقامات العالية محتاجون إلى الله وإلى ما تكون عليه إرادة الله. هذا فيما إذا كانوا هم السبب في نجاتك بواسطة كأن ذلك أو بدون واسطة.
مؤمن أصابه البلاء في قعر بئر
هل سمعتم بقصة ذلك الرجل الالهي أم لا؟
بينما كان يسير في ليلة مظلمة وسط الصحراء إذ وقع في بئر، وبقي متورطاً في قعر البئر.. فجأة يمر بعض المارة فيضع صخرة كبيرة على فوهة البئر لكي لا يسقط أحد فيه ويسد فتحة ذلك البئر.
ولكن هذا الشخص كان أمله بالله وهو في قعر البئر وكان على يقين من أنه لو كان لعمره بقية ولم ينته أجله فسوف ينقذه الله.
فجأة رأى أن بعض الأتربة تسقط على رأسه فنظر فرأى ما يشبه ذيل الحيوان وقد تدلى إلى الأسفل فتمسك به وصعد إلى الأعلى.
يجب أن ينقذك الله بأي وسيلة أراد أن ينقذك بها من البئر.
ولو لم يرد ذلك فلا يمكن ذلك بأية وسيلة كانت.
الخوف والحزن بعيد عن أولياء الله
الله هو مدبر الأمور... وبيده تدبير جميع الأمور، وبالنسبة إلى أي شخص كذلك، فجميع ذرات عالم الوجود مدبرها هو الله.
غرضي أن يتضح بأنه مادام الإنسان خائفاً وحزيناً على فقد الأسباب فهو ليس من أولياء الله لا يخافون ضياع أحد الأسباب المادية ولا يصيبهم حزن على ما هو آت.
"راضية بقضائك" فلو رأى ربي الصلاح في أن أصاب بهذا البلاء فذلك خير لي، ولو لم يكن صلاحاً فسوف لا يقع ذلك، فلذلك فهو غير قلق لا من الماضي ولا من المستقبل.
الشيء الذي يتخوف الناس العاديين منه إذا أراد الله ان يقع فحتماً سيكون خيراً لي فلماذا أتألم؟ وإذا لم يرد الله فسوف لا يقع اطلاقاً.

رياض ابو طالب 31-Oct-2010 12:36 AM

السلام عليكم
اعتذر عن التاخير نتابع معكم

الحسين (ع) وزينب (ع) نماذج الاطمئنان الكامل
الحسين (ع) يعلم منذ أن تحرك من مكة بأن المشاق والصعوبات في انتظاره ولكن بما أن لله فيها رضا وصلاح، وارتقاء درجة الحسين (ع) متوقفة على تحمله هذه المشقات، فقد قبلها الحسين (ع). الحسين (ع) له نفس مطمئنة، له استسلام لإرادة الله. وراضي بقضاء الله. وما أكثر ما حفظت زينب (ع) هدوءها وثباتها في هذا السفر أيضاً.
بل أنها كانت تهديء العيال والأطفال أيضاً..
ما هذا الذي يفعله الإيمان والنفس المطمئنة؟
يروون عن حالات زينب (ع) أنها عندما كانت في مجلس إبن زياد ويزيد وسوق الكوفة كان حالها بشكل كأن لم يصبها ما أصابها.
الشيعة راسخون كالجبال
نعم.. فالمؤمن كالجبل في الثبات ولا تحركه رياح الحوادث.. إلهي أيمكن أن نستفيد نحن أيضاً من النفس المطمئنة.. أن نحصل على مرتبة من الرضا والتسليم ويكون لنا شبه بشيعة أهل البيت (ع).
أنا أتصور أن بيننا وبينهم فاصلة كبيرة، وعند الامتحان يكون معلوماً مقدار تعلقنا بالأسباب المادية والاتكال على ما سوى الله.
يجب أن يمتحن أولياء الله بفقدان الأسباب.. يمتحن إبراهيم (ع) ليصل إلى مقام الخليل.. أنت تريد أن تصل إلى منزلة سلمان وحبيب بن مظاهر. فهل حصل لك الاطمئنان بربك، أو انك قلق وتتصور نفسك مستقلاً، وقد جعلت لك أسياداً؟ تتساءل باستمرار لماذا كان كذلك وكيف ومتى؟ لأنك لا ترى نفسك عبداً، وتعين المصلحة بنفسك وعندما يقع خلاف ما تتوقع وتريد فسوف تعترض.
التسليم لما أراد الله.. رضا
لذلك قالوا في معنى الرضا أنه ترك الاعتراض.. أن يكون حالة بشكل لا يحس بأي إعتراض على ما سيحدث له، راضٍ بكل ما أراد الله، ففيه صلاحي وخيري.
عندما نقرأ زيارة أمين الله يجب أن نطلب من كل واحد من الأئمة (عليهم السلام) أن يتوسط لكي يوصلنا إلى مرتبة النفس المطمئنة والرضا بقضاء الله "اللهم اجعل نفسي مطمئنة بقدرك راضية بقضائك".
عندما تتوسلون بأهل البيت أيضاً اطلبوا هذه النعمة الباقية، وعندما تريد أن تموت ينبغي أن لا يختلف وضعك عن حالك الطبيعي أبداً، فلا تحزن على ذهابك من هنا، فرازقك في الدنيا هو الله وفي البرزخ الله كذلك، ويوم القيامة أيضاً كذلك.
ويقرأون على جثماننا أنه "إلهي عبدك وابن عبدك قد نزل بك" فلو كان حالك عند الموت كذلك فإن أثره سيكون كبيراً حتماً وتصدق حقاً بأنك قد وردت على بساط اللطف الإلهي.

بسم الله الرحمن الرحيم
(يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي)
صدق الله العلي العظيم
[الفجر: 27ـ28]

تحرك وفق إرادة الله واترك ميولك
إن المستفاد من الأدلة العقلية وآيات القرآن هو أن الله سبحانه وتعالى خلق البشر للعبودية، والبشر مستعد أيضاً للعبودية بفطرته، فالله قد جعله على رأس طريقين، فبإمكانه أن يكون عبداً للأهواء والشهوات ويمكنه أن يكون عبداً لخالقه أيضاً.
الحيوانات مجبورة على إطاعة الهوى والشهوة، لكن البشر خلق مختاراً وهذا هو إمتياز الإنسان عن الحيوان. فالحيوان لا عمل له سوى اتباع الشهوات وميوله النفسية، أما الإنسان الذي يمكن أن يصرف نظره عن ميوله ويتحرك بإرادة مولاه كما يمكنه أن يكون عبداً للهوى كذلك يمكنه أن يكون عبداً لله.
بعض الناس يسلكون الطريق الأول طريق اتباع الميول النفسية والأهواء والبعض الآخر نجده يتخذ الطريق الثاني وهو اطاعة الله.
أكثر الناس أصحاب نفوس أمارة
في كل دورة من الزمان نجد أن أكثر الناس من اتباع الهوى، جعلوا سلاسل عبودية الشيطان في أعناقهم، ولا هدف لهم سوى الملذات والشهوات.
هؤلاء يقال عنهم أنهم أصحاب نفوس أمارة، والأمارة مبالغة في كونه أميراً.
فالأمير الموجود في باطنه هو هوى النفس.. فبمجرد أن تقع عينه على امرأة أجنبية يميل إليها ويتبعها.. بمجرد أن يعلم بوجود أموال يتجه نحوها ولا يلتفت أبداً بأنها حرام أو حلال، وحتى عندما يقال له بأنها حرام نجده يسخر من ذلك فهذه هي النفس الطاغية المعاندة.
عبادة وشهوات في نفس الوقت
ولا يختص ذلك بالكفار.. كثير من المسلمين أصحاب نفوس أمارة وحتى عندما يؤدي العبادة فذلك بأمر النفس كأن يكون رياءاً مثلاً، يعبد من أجل الشهرة والظهور أو ميول نفسية أخرى.
يطلق عنوان العبادة على المعاملة والسياحة أو التجارة ويجعلها باسم الحج.. العبادة التي تؤديها النفس الأمارة نابعة من حكومة النفس، ولو صدر منه عمل صالح نراه يكبر ويعظم هذا العمل. فهو في الحقيقة لم يعمل سوى الشر لأنه أطاع النفس والهوى بهذه العبادة.
خيره شر فكيف بشره
مادامت نفسك أمارة، فخيرك قبيح وشر، فالويل من شرك.. فلو قمت بأحسن الأعمال بدافع من شهواتك النفسية فهي شر ويكون هو الطاغية الذي يكون مكانه في جهنم فليس لديه سوى حكومة النفس وكبرياءها.
لكن علي أن أبين المرتبة الثانية حتى تتضح المرتبة الأولى أكثر.
النفس اللوامة تنفر من الذنب
المرتبة الثانية يقال لها النفس اللوامة، وقد أقسم القرآن المجيد بها، فالإنسان في حكومة هذه النفس يكون بحيث إذا صدر منه اطاعة للنفس والهوى نجده يتألم.. النفس الأمارة ترتكب الذنب ولا تهتم لذلك ولا تمتنع منه، ولكن عندما يريد الإنسان أن يسير في طريق الله فسوف ينفر ويتألم عندما يصدر منه اطاعة للهوى في البداية. لماذا تركت هذا الجواب فيلوم نفسه لذلك.
ويعلم بأن الإيمان موجود
حاصل الرواية الشريفة في بيان الفرق بين المؤمن والكافر هو أن الكافر إذا صدر منه ذنب فكأنما استقرت على أنفه بعوضة ثم طارت ولا يهمه أن أكل مال الناس وكأنه لم يفعل شيئاً.
أما المؤمن فإذا صدر منه ذنب فمثله مثل الذي كان إلى جانب الجبل وقد سقط عليه من ذلك الجبل صخرة عظيمة فكم يكون حاله وخيماً وشاقاً؟ فالمؤمن كذلك.. إذا صدر منه ذنب فسيبقى يئن إلى الليل: أنا الذي وجهت إلى أمي كلاماً فظاً.. فلأنه مؤمن فقد أصبح صاحب نفس لوامة وأخذ يلوم نفسه بنفسه.


الساعة الآن »07:46 PM.

المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc