![]() |
تأملات وعبر من حياة النبي إبراهيم عليه السلام
بسم الله الرحمن الرحيم أللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف واللعنة الدائمة على أعدائهم من الأولين والأخرين إلى قيام يوم الدين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إن إبراهيم عليه السلام هو من أنبياء أولي العزم، ومن الممكن أن نستلهم الكثير من حياته.. فهذا النبي هو من أكثر الأنبياء حضورا في حياة المسلمين؛ وذلك من خلال حركة الحج، حيث نلاحظ أن الله عز وجل قد خلّد ذكره، رغم البناء الإلهي على نسخ الأديان السابقة.. ولكن نبي الله إبراهيم احتل مساحة كبيرة من القرآن الكريم، ومن حركة الحج، ومن أحاديث النبي وآله.. وقد شرفه الله تشريفا عظيما، بأن جعل النبي وآله من نسل إبراهيم عليه السلام. إن القرآن الكريم، هو أصدق مجموعة تاريخية تعكس حياة الأنبياء بشكل صحيح.. إذ لا حجية لغير القرآن من الكتب السماوية، والكتب التاريخية في هذا المجال.. نلاحظ أن القرآن الكريم عندما يشير إلى الأنبياء، فإنه يشير إلى سر الخلود في حياة الأنبياء، ولماذا وصلوا إلى هذه الدرجة العليا في القرب من رب العالمين. نلاحظ أن هنالك عنصرين مهمين في حياة نبي الله إبراهيم عليه السلام ، بالنسبة إلى سر خلوده: ثانيا: التضحية العملية: أن يدّعي الإنسان بأن له قلب سليم، وهو لا يقدم على الامتحان في الخارج.. ليس من الإنصاف في القول، فمن يزعم حب رب العالمين، لا بد أن يقدم امتحانا في هذا المجال، وهو ما وقع لهذا النبي العظيم.. امتحانه الأول كان في كيد الآلهة، وفي تحطيم الأصنام، وفي إلقائه في النار.. كان هذا امتحانا عمليا في طريق تبليغ الرسالة، حيث تحمل ما تحمل من التهديد أولا، ومن التنفيذ ثانيا في إلقائه في النار، وبعد ذلك الامتحان مع قومه ابتلي مع نفسه وذريته. نحن نعلم أن من أقوى الأواصر البشرية، علاقة الأبوين بأولادهم، وخاصة إذا كان الولد وهو في صباه يحمل بذور الملكات العالية.. فالنبي إسماعيل وهو صبي، يختلف عن باقي الصبية.. ومن الطبيعي أن تكون محبة إبراهيم لولده إسماعيل، لا تقاس بمحبة الآباء لأولادهم؛ لما لهذا الصبي من بوادر وملكات النبوة.. كالعلاقة بين يعقوب ويوسف، تلك العلاقة التي أثرت على أولاده فقالوا: {إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا}.. وإذا الامتحان الإلهي يأتي عند هذه النقطة من العلاقة والمحبة؛ فقلب إبراهيم متشبث بولده، وله الحق بذلك من الناحية الإنسانية، أو الناحية الرسالية.. وإذا بإبراهيم يأتيه الأمر الإلهي. ولو أن جبرائيل عليه السلام جاء بمقدمات مقنعة، أو آيات، أو بعض الهبات الإلهية، وبعض البشائر مثلا؛ لما كان الامتحان بهذا المستوى.. وإنما هو مجرد منام رآه هذا النبي {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}.. إن هذه القصة تثمر عن دروس كثيرة منها:درس في التوكل.. ودرس في الاستمداد من الله.. ودرس بأن الصبر هو عمود الدين، وبمنزلة الرأس من الجسد.. ودرس في التعبد الشرعي؛ أي مادام هناك أمر إلهي، فلا يوجد مجال لكلمة: لا.. فقد كان من الممكن لإسماعيل أن يسأل أباه، ما فلسفة هذا الحكم؟.. فأنا قبلت أن تذبحني، ولكل بيّن لي ما هي الفلسفة؟!.. لم يبحث الأب ولا الابن عن هذه الفلسفة.. ولهذا فإن رب العالمين يسلم عليه بعد ذلك: {سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}. إن لإبراهيم مقام الخلة، ومقام رفع البيت، ومقام رفع القواعد، ومقام أن يكون جدا للمعصومين من ذريته؛ جزاءا لهذا الإحسان، ولهذه المجاهدة.. فالذي يريد الوصول إلى هذه الدرجات التكاملية، لابد أن يقدم قربانا لله بين يدي طاعته؛ يثبت لرب العالمين أنه في طريق العبودية الحقة لله عز وجل. من المحطات الملفتة أيضا في حياة إبراهيم {رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ}.. أسكنهم عند البيت الحرام، ونحن نعلم أن هذا النبي كان من أغير الناس على ذريته وأهل بيته.. ولكنه قام بأمر مخالف أيضا للقواعد الطبيعية في هذا المجال، حيث ترك امرأة غريبة مع صبي صغير، في واد غير ذي زرع؛ عرضة لكل المخاوف والمخاطر، من قِبل المنحرفين والسراق وغيرهم.. ولكنه طلب من رب العالمين طلبا واحدا: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ}.. لم يقل: اجعل هذه الأفئدة لأولياء صالحين ومخلصين، ولكن قال: أفئدة من الناس تهوي إليهم.. أي: يا رب!.. فإذن، إن النهي عن الفحشاء والمنكر، هو أثر خارجي؛ يحقق مفهوم إقامة الصلاة.. ولو كل إنسان أقام الصلاة بهذا المعنى، لما بقي منكر في المجتمع.. ومن هنا إبراهيم عندما يطلب هذا الطلب، يطلبه له ولذريته.. وكم من الجميل أن يطلب الإنسان الهداية له ولذريته إلى يوم القيامة، وليس لأولاده فحسب!.. {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}.. صدق الله العظيم http://www.mezan.net/forum/imotion/anyaflower515.gif منقول عن موقع السراج |
|
الساعة الآن »02:45 PM. |