منتديات موقع الميزان - في أعمال المحرم

اللهُمَّ الْعَنْ أوّلَ ظالِم ظَلَمَ حَقَّ مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، وَآخِرَ تَابِع لَهُ عَلَى ذلِكَ ، اللهُمَّ الْعَنِ العِصابَةَ الَّتِي جاهَدَتِ الْحُسَيْنَ عَلَيْهِ السَّلام وَشايَعَتْ وَبايَعَتْ وَتابَعَتْ عَلَى قَتْلِهِ. اللهُمَّ الْعَنْهم جَميعاً

اللهمَّ خُصَّ أنْتَ أوّلَ ظالم بِاللّعْنِ مِنِّي ، وَابْدَأْ بِهِ أوّلاً ، ثُمَّ الثَّانِي ، وَالثَّالِثَ وَالرَّابِع ، اللهُمَّ الْعَنْ يزِيَدَ خامِساً

في أعمال المحرم

وهو آخر الأشهر الحرم عظيم الحرمة في الجاهلية والإسلام ، فقد كان أهل الجاهلية يحرمون فيه الإبتداء بالقتال وفي سائر الأشهر الحرم ، وهي رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم ، وجاء الإسلام بذلك أيضا .

وقد جرى في هذا الشهر في الإسلام من انتهاك حرمات الله وحرمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما لم يعهد مثله في التاريخ على يد بني أمية الذين كانوا أول من حارب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعاندوا الإسلام وبغوه الغوائل ، حتى ظهر أمر الله وهم كارهون فأظهروا الإسلام وأضمروا الكفر ، حتى إذا سنحت لهم الفرصة حاربوا أخا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وابن عمه ، وسبّوه على منابر الإسلام في عشرات الأعوام ، وقتلوا من أحبه ووالاه ودعوا إلى البراءة منه ومن دينه ، وما يعنون بذلك إلا البراءة من دين الإسلام وسب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فلما لم يسعهم ذلك كنوا عنه بسب أخيه وابن عمه والبراءة من دينه .

ثم قتلوا سبطه وريحانته الحسن عليه السلام بالسم ، وقتلوا سبطه وريحانته الحسين عليه السلام في هذا الشهر الحرام وأنصاره وسبعة عشر رجلا من أهل بيته ، ما لهم على وجه الأرض شبيه بعدما منعوهم من شرب الماء وأنزلوهم بالعراء ، وقتلوا الأطفال الصغار وحملوا عقائل بيت النبوة سبايا على أقتاب المطايا ، معهم رأس الحسين عليه السلام ورؤوس أصحابه حتى أوردوهم على يزيد في الشام ، ومعهم إمام اهل البيت زين العابدين عليه السلام ومن سلم من أطفال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

ووضع الغل في عنق زين العابدين عليه السلام كما يفعل بأسارى الكفار ، بل الأسلام أوصى بالإحسان إلى الأسير ولو كان كافرا .

وأدخلت نساء أهل البيت وذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى مجالس الرجال بالكوفة ودمشق وكان يزيد يضع الرأس الشريف بين يديه ويشرب عليه الخمر .

وقع كل ذلك في شهر المحرم فلم يرعوا حرمة الله ولا حرمة الشهر الحرام ولا حرمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

قال الرضا عليه السلام فيما رواه عنه شيعته بالسند المعتبر : إن المحرم شهر كان أهل الجاهلية يحرمون فيه القتال ، فاستحلت فيه دماؤنا وهتكت فيه حرمتنا وسبي فيه ذرارينا ونساؤنا ، وأضرمت النيران في مضاربنا وانتهب ما فيها من ثقلنا ، ولم يرع لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حرمة في أمرنا .

إن يوم الحسين عليه السلام أقرح جفوننا وأسبل دموعنا وأورثنا الكرب والبلاء إلى يوم القيامة ، فعلى مثل الحسين عليه السلام فليبك الباكون فإن البكاء عليه يحط الذنوب العظام .

ثم قال : كان أبي صلوات الله عليه إذا دخل شهر المحرم لا يُرى ضاحكا ، وكانت كآبته تغلب عليه حتى تمضي منه عشرة أيام ، فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه ويقول : هذا اليوم الذي قتل فيه الحسين عليه السلام .

ومما روته الشيعة بأسانيدها عن الريان بن شبيب قال : دخلت على الرضا عليه السلام في أول يوم من المحرم فقال لي : يا بن شبيب أصائم أنت ؟ فقلت : لا .

فقال : إن هذا اليوم هو الذي دعا فيه زكريا عليه السلام ربه عز وجل فقال " رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء " فاستجاب الله له وأمر ملائكته فنادت زكريا وهو قائم يصلي في المحراب " إن الله يبشرك بيحيى مصدقا " فمن صام هذا اليوم ثم دعا الله عز وجل استجاب له كما استجاب لزكريا عليه السلام ثم قال : يا بن شبيب إن المحرم هو الشهر الذي كان أهل الجاهلية فيما مضى يحرمون فيه القتال والظلم لحرمته ، فما عرفت هذه الأمة حرمة شهرها ولا حرمة نبيها صلوات الله عليه وآله ، لقد قتلوا في هذا الشهر ذريته وسبوا نساءه وانتهبوا ثقله فلا غفر الله لهم ذلك أبدا ! .

يا بن شبيب إن كنت باكيا لشيء فابك للحسين بن علي عليه السلام فإنه ذبح كما يذح الكبش ، وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلا ما لهم في الأرض مشبهون .

ولقد بكت السماوات السبع والأرضون لقتله !

ولقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف أنصاره وشعارهم " يا لثارات الحسين " يا بن شبيب لقد حدثني أبي عن أبيه عن جده عليهم السلام أنه لما قتل جدي الحسين صلوات الله عليه أمطرت السماء دما وترابا أحمر يا بن شبيب إن بكيت على الحسين عليه السلام حتى تسيل دموعك على خديك ، غفر الله كل ذنب أذنبته صغيرا كان أو كبيرا قليلا كان أو كثيرا .

يا بن شبيب إن سرّك أن تلقى الله عز وجل ولا ذنب عليك فزر الحسين عليه السلام .

يا بن شبيب إن سرّك أن تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبي وآله صلوات الله عليه وعليهم فالعن قتلة الحسين عليه السلام .

يا بن شبيب إن سرك أن يكون لك من الثواب مثل ما لمن استشهد مع الحسين عليه السلام فقل متى ذكرته يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما .

يا بن شبيب إن سرّك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان فاحزن لحزننا وافرح لفرحنا ، وعليك بولايتنا فلو أن رجلا تولى حجرا لحشره الله معه يوم القيامة .

عمل أول ليلة من المحرم

في الإقبال عن كتاب المختصر من المنتخب الدعاء إذا رأيت الهلال فكبر الله تعالى وقل :

ألله أكبر الله أكبر الله أكبر ربي وربك الله لا إله إلا هو رب العالمين الحمد لله الذ ي خلقني وخلقك وقدّرني وقدّرك في منازلك وجعلك آية للعالمين يباهى الله بك الملائكة اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام والغبطة والسرور والبهجة وثبتنا على طاعتك والمسارعة فيما يرضيك اللهم بارك لنا في شهرنا هذا وارزقنا خيره وبركته ويمنه وعونه وفوزه واصرف عنا شره وبلاءه وفتنته برحمتك يا أرحم الراحمين .

صلاة أول ليلة من المحرم

مروية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : إن في المحرم ليلة وهي أول ليلة منه ، من صلى فيها ركعتين يقرأ فيهما سورة الحمد والتوحيد إحدى عشرة مرة ، وصام صبيحتها وهو أول يوم من السنة ، فهو كمن يدوم على الخير سنة ، ولا يزال محفوظا من السنة إلى قابل فإن مات قبل ذلك صار إلى الجنة .

الحزن والبكاء عند دخول المحرم

يستحب إذا دخل شهر المحرم استشعار الحزن والكآبة وإظهار ما يقتضي ذلك ، ومنه نصب المجالس وقراءة ما جرى على الحسين عليه السلام كما هو المتعارف في بلاد الشيعة .

ويدل عليه ما سمعت من أن الكاظم عليه السلام كان إذا دخل شهر المحرم لا يُرى ضاحكا وكانت كآبته تغلب عليه .

فإنه يستفاد منه رجحان كل ما له دخل في الحزن والكآبة من غير أن يشتمل على محرم .

فمن يعيب الشيعة بذلك ويرى أن البكاء وإظهار الحزن بدعة حائد عن جادة الإنصاف ، إذ لو ورد مثله عن الثوري أو أفتى به أبو حنيفة أو أبو يوسف أو الشافعي أو أمثالهم ، لما توقف العائب عن قبوله والعمل به .

وأئمة أهل البيت كالباقر والصادق والكاظم والرضا عليهم السلام وغيرهم ، إن لم يكونوا أعلم وأورع من هؤلاء فلا يقصرون عنهم ، وهم أحد الثقلين اللذين لا يضل المتمسك بهما ، مع ما في ذلك من المواساة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حزنه على ولده وفلذة كبده .

ويستحب البكاء على الحسين عليه السلام وإسالة الدمع سيما في عشر المحرم ، ويكفي في رجحانه ما مر في حديث الريان عن الرضا عليه السلا م . والأحاديث عن ائمة أهل البيت عليهم السلام في معناه كثيرة .

روى الصدوق في الأمالي عن الرضا عليه السلام قال : من تذكر مصابنا وبكى لما ارتكب منا كان معنا في درجاتنا يوم القيامة .

ومن ذكر بمصابنا فبكى وأبكى لم تبك عينه يوم تبكي العيون ومن جلس مجلسا يحيي فيه أمرنا لم يمت قلبه حين تموت القلوب .

وفي ثواب الأعمال عن أبي جعفر عليه السلام قال : كان علي بن الحسين عليه السلام يقول : أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين عليه السلام حتى تسيل على خده ، بوأه الله تعالى بها في الجنة غرفا يسكنها أحقابا .

وأيما مؤمن دمعت عيناه حتى تسيل على خده فيما مسنا من الأذى من عدونا في الدنيا بوأه الله منزل صدق .

وأيما مؤمن مسه أذى فينا فدمعت عيناه حتى تسيل على خده من مضاضة ما أوذي فينا ، صرف الله تعالى عن وجهه الأذى وآمنه يوم القيامة من سخط النار .

وفيه عن أبي هَرون المكفوف قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : يا أبا هَرون أنشدني في الحسين عليه السلام فأنشدته فقال : أنشدني كما تنشدون ، يعني بالرقة فأنشدته :

أمرر على جدث الحسين *** فقل لأعظمة الزكية

فبكى عليه السلام ثم قال زدني فأنشدته القصيدة فبكى ، وسمعت البكاء من خلف الستر فلما فرغت قال : يا أبا هَرون من أنشد في الحسين عليه السلام شعرا فبكى وأبكى عشرة كتب لهم الجنة .

ومن أنشد في الحسين شعرا فبكى وأبكى واحدا كتب لهما الجنة .

ومن ذكر الحسين عليه السلام عنده فخرج من عينه مقدار جناح ذبابة كان ثوابه على الله عز وجل ولم يرض له بدون الجنة .

وعن الصادق عليه السلام قال : من ذكرنا عنده ففاض من عينيه ولو مثل رأس الذبابة ، غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر .

وقال عليه السلام : رحم الله شيعتنا لقد شاركونا في المصيبة وطول الحزن والحسرة على مصاب الحسين عليه السلام .

وقال الصادق عليه السلام لزرارة : يا زرارة إن السماء بكت على الحسين عليه السلام أربعين صباحا بالدم ، وإن الأرض بكت أربعين صباحا بالسواد ، وإن الشمس بكت أربعين صباحا بالكسوف والحمرة .

وما من عين أحب إلى الله من عين بكت ودمعت عليه ، وما من باك يبكيه إلا وقد وصل فاطمة وأسعدها عليه .

وما من عبد يحشر إلا وعينه باكية إلا الباكي على جدي ، فإنه يحشر وعينه قريرة مستبشرة بلقائه والسرور بيّن من وجهه .

عمل أول يوم من المحرم

يستحب فيه صلاة أول كل شهر .

ويستحب صومه كما مر في حديث الريان عن الرضا عليه السلام أن فيه دعا زكريا عليه السلام فاستجاب الله له ، وأن من صامه ثم دعا الله استجاب الله له كما استجاب لزكريا عليه السلام .

وعن المفيد في حدائق الرياض : وفي أول يوم من المحرم دعا زكريا ربه عليه السلام فيستحب صيامه لمن أحب أن يجيب الله دعوته .

لا تنسوا المجاهدين من دعائكم

من كتاب مفتاح الجنات
السيد محسن الأمين