![]() |
الثورة الحسينية اسبابها ومخططاتها
اللهُمَّ الْعَنْ أوّلَ ظالِم ظَلَمَ حَقَّ مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، وَآخِرَ تَابِع لَهُ عَلَى ذلِكَ ، اللهُمَّ الْعَنِ العِصابَةَ الَّتِي جاهَدَتِ الْحُسَيْنَ عَلَيْهِ السَّلام وَشايَعَتْ وَبايَعَتْ وَتابَعَتْ عَلَى قَتْلِهِ. اللهُمَّ الْعَنْهم جَميعاً http://a.shia4up.net/view/9512/%D9%8...8%A7%D8%A1.gif الثورة الحسينية اسبابها ومخططاتها ولم يفجر الامام الحسين عليه السلام ثورته الكبرى أشرا، ولا بطرا ، ولا ظالما، ولا مفسدا - حسب ما يقول - وانما انطلق ليؤسس معالم الاصلاح في البلاد، ويحقق العدل الاجتماعي بين الناس، ويقضي على أسباب النكسة الاليمة التي مني بها المسلمون في ظل الحكم الاموي الذي الحق بهم الهزيمة والعار.وفيما اعتقد ان أهم ما يتطلبه القراء لامثال هذه البحوث الوقوف على أسباب الثورة الحسينية ومخططاتها، وفيما يلي ذلك . أسباب الثورة : واحاطت بالامام عليه السلام عدة من المسؤوليات الدينية والواجبات الاجتماعية وغيرها، فحفزته الى الثورة ودفعته الى التضحية والفداء وهذه بعضها . واعلن الاسلام المسؤولية الكبرى على كل مسلم عما يحدث في بلاد المسلمين من الاحداث والازمات التي تتنافي مع دينهم، وتتجافي مع مصالحهم، فانه ليس من الاسلام في شئ أن يقف المسلم موقفا يتسم بالميوعة واللامبالات أما الهزات التي تدهم الامة وتدمر مصالحها، وقد أعلن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هذه المسؤولية، يقول صلى الله عليه وآله وسلم : كلكم راع ، وكلكم مسؤول عن رعيته " فالمسلم مسؤول أمام الله عن رعاية مجتمعه ، والسهر على صالح بلاده، والدفاع عن أمته . " يا أيها الناس : " من راى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله ناكثا لعهد الله، مخالفا لسنة رسول الله صلى الله عيه وآله وسلم يعمل في عباد الله بالاثم والعدوان، فلم يغير عليه بقول ولا فعل كان حقا على الله أن يدخله مدخله " . 1 - الامام محمد عبده والمع الامام محمد عبده في حديثه عن الحكومة العادلة والجائرة في الاسلام إلى خروج الامام على حكومة يزيد، ووصفه بانه كان واجبا شرعيا عليه، قال : " اذا وجد في الدنيا حكومة عادلة تقيم الشرع، وحكومة جائرة تعطله، وجب على كل مسلم نصر الاولى، وخذل الثانية... ومن هذا الباب خروج الامام الحسين عليه السلام سبط الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على امام الجور والبغي الذي ولي أمر المسلمين بالقوة والمنكر يزيد بن معاوية خذله الله، وخذل من انتصر له من الكرامية والنواصب " 1 . 2 - محمد عبد الباقي وتحدث الاستاذ محمد عبد الباقي سرور عن المسؤولية الدينية والاجتماعية اللتين تحتمان على الامام القيام بمناهضة حكم يزيد قال : " لو بايع الحسين يزيد الفاسق المستهتر، الذي اباح الخمر والزنا وحط بكرامة الخلافة الى مجالسة الغانيات، وعقد حلقات الشراب في مجلس الحكم، والذي البس الكلاب والقرود خلاخل من ذهب، ومئات الالوف من السلمين صرعى الجوع، والحرمان . لو بايع الحسين يزيد أن يكون خليفة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على هذا الوضع لكانت فتيا من الحسين باباحة هذا للمسلمين، وكان سكوته هذا أيضا رضى، والرضا من ارتكاب المنكرات ولو بالسكوت اثم وجريمة في حكم الشريعة الاسلامية.. والحسين بوضعه الراهن في عهد يزيد هو الشخصية المسؤولة في الجزيرة العربية بل في البلاد الاسلامية كافة عن حماية التراث الاسلامي لمكانته في المسلمين، ولقرابته من رسول رب العالمين ، ولكونه بعد موت كبار المسلمين كان أعظم المسلمين في ذلك الوقت علما ورهدا وحسبا ومكانة. فعلى هذا الوضع أحسن بالمسؤولية تناديه وتطلبه لا يقاف المنكرات عند حدها، ولا سيما ان الذي يضع هذه المنكرات ويشجع عليها هو الجالس في مقعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذا أولا :وثانيا : انه عليه السلام جاءته المبايعات بالخلافة من جزيرة العرب ، وجاءه ثلاثون الفا من الخطابات من ثلاثين الف من العراقيين من سكان البصرة والكوفة يطلبون فيها منه الشخوص لمشاركتهم في محاربة يزيد بن معاوية، وألحوا تكرار هذه الخطابات حتى قال رئيسهم عبد الله بن الحصين الازدي : يا حسين سنشكوك الى الله تعالى يوم القيامة اذا لم تلب طلبنا ، وتقوم بنجدة الاسلام، وكيف والحسين ذو حمية دينية ونخوة اسلامية ، والمفاسد تترى أمام عينيه، كيف لا يقوم بتلبية النداء، وعلى هذا الوضع لبى النداء، كما تامر به الشريعة الاسلامية، وتوجه نحو العراق " 2 . وهذا الراي وثيق للغاية فقد شفع بالادلة الشرعية التي حملت الامام مسؤولية الجهاد والخروج على حكم طاغية زمانه . 3 - عبد الحفيظ أبو السعود يقول الاستاذ عبد الحفيظ أبو السعود : " وراى الحسين أنه مطالب الان - يعني بعد هلاك معاوية - أن يعلن رفضه لهذه البيعة، وان ياخذ البيعة لنفسه من المسلمين، وهذا اقل ما يجب حفاظا لامر الله، ورفعا للظلم، وابعادا لهذه العابث يعني يزيد - عن ذلك المنصب الجليل "3 . 4 - الدكتور احمد محمود صبحي وممن صرح بهذه المسؤولية الدينية الدكتور احمد محمود صبحي قال : " ففي اقدام الحسين على بيعة يزيد انحراف عن أصل من اصول الدين من حيث أن السياسة الدينية للمسلمين لا ترى في ولاية العهد وراثة الملك إلا بدعة هرقلية دخيلة على الاسلام، ومن حيث أن اختيار شخض يزيد مع ما عرف عنه من سوء السيرة، وميله الى اللهو وشرب الخمر، ومنادمة القرود ليتولى منصب الخلافة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اكبر وزر يحل بالنظام السياسي للاسلام. يتحمل وزره كل من شارك فيه ورضى عنه، فما بالك اذا كان المقدم على ذلك هو ابن بنت رسول الله . كان خروج الحسين اذا أمرا يتصل بالدعوة والعقيدة اكثر مما يتصل بالسياسة والحرب " 4 . 5 - العلائلي يقول العلائلي : " وهناك واجب على الخليفة اذا تجاوزه وجب على الامة اسقاطه، ووجبت على الناس الثورة عليه وهو المبالغة باحترام القانون الذي يخضع له الناس عامة، والا فاي تظاهر بخلافه يكون تلاعبا وعبثا ، ومن ثم وجب على رجل القانون أن يكون اكثر تظاهرا باحترام القانون من أي شخص آخر، واكبر مسؤولية من هذه الناحية، فاذا فسق الملك ثم جاهر بفسقه وتحدى الله ورسوله والمؤمنين لم يكن الخضوع له إلا خضوعا للفسق وخضوعا للفحشاء والمنكر، ولم يكن الاطمئنان إليه الا اطمئنانا للتلاعب والمعالنة الفاسقة . هذا هو المعنى التحليلي لقوله عليه السلام : " ويزيد رجل فاسق، وشارب للخمر وقاتل النفس المحرمة، معلن بالفسق " 5 . هذه بعض الاراء التي أدلي بها جماعة من العلماء في الزام الامام شرعا بالخروج على حكم الطاغية يزيد، وانه ليس له أن يقف موقفا سليبا أمام ما يقترفه يزيد من الظلم والجور . 2 - مسؤولية الاجتماعية : وكان الامام عليه السلام بحكم مركزه الاجتماعي مسؤولا أمام الامة عما منيت به من الظلم والاضطهاد من قيل الامويين، ومن هو أولى بحمايتها ورد الاعتداء عنها غيره فهو سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وريحانته، والدين دين جده، والامة أمة جده، وهو المسؤول بالدرجة الاولى عن رعايتهما . لقد راى الامام أنه مسؤول عن هذه الامة، وانه لا يجدي باي حال في تغيير الاوضاع الاجتماعية التزام جانب الصمت، وعدم الوثوب في وجه الحكم الاموي الملئ بالجور والاثام، فنهض عليه السلام باعباء هذه المسؤولية الكبرى، وأدى رسالته بامانة واخلاص، وضحى بنفسه وأهل بيته وأصحابه ليعيد على مسرح الحياة عدالة الاسلام وحكم القران . 3 - اقامة الحجة عليه : وقامت الحجة على الامام لاعلان الجهاد، ومناجزة قوى البغي والالحاد، فقد تواترت عليه الرسائل والوفود من أقوى حامية عسكرية في الاسلام، وهي الكوفة فكانت رسائل أهلها تحمله المسؤولية أمام الله إن لم يستجب لدعواتهم الملحة لانقاذهم من عسف الامويين وبغيهم ، ومن الطبيعي أنه لو لم يجيبهم لكان مسؤولا أمام الله، وأمام الامة في جميع مراحل التاريخ، وتكون الحجة قائمة عليه . 4 - حماية الاسلام : ومن أوكد الاسباب التي ثار من أجلها حفيد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حماية الاسلام من خطر الحكم الاموي الذي جهد على محو سطوره، وقلع جذوره واقبار قيمه، فقد أعلن يزيد وهو على دست الخلافة الاسلامية الكفر والالحاد بقوله : لعبت هاشم بالملك فلا خبر * جاء ولا وحي نزل وكشف هذا الشعر عن العقيدة الجاهلية التي كان يدين بها يزيد فهو لم يؤمن بوحي ولا كتاب، ولا جنة ولا نار، وقد راى السبط أنه ان لم يثار لحماية الدين فسوف يجهز عليه حفيد أبي سفيان ويجعله أثرا بعد عين، فثار عليه السلام ثورته الكبرى التي فدى بها دين الله، فكان دمه الزاكي المعطر بشذى الرسالة، هو البلسم لهذا الدين، فان من المؤكد أنه لو لا تضحيته لم يبق للاسلام اسم ولا رسم، وصار الدين دين الجاهلية ودين الدعارة والفسوق، ولذهبت سدى جميع جهود النبي صلى الله عليه وآله وسلم وما كان ينشده للناس من خير وهدى، وقد نظر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من وراء الغيب واستشف مستقبل امته، فراى بعين اليقين، ما تمنى به الامة من الانحراف عن الدين، وما يصيبها من الفتن والخطوب على أيدي أغيلمة من قريش، وراى أن الذي يقوم بحماية الاسلام هو الحسين عليه السلام فقال صلى الله عليه وآله وسلم كلمته الخالدة :" حسين مني وأنا من حسين " فكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم حقا من الحسين لان تضحيته كانت وقاية للقران، وسيبقي دمه الزكي يروي شجرة الاسلام على ممر الاحقاب والاباد . (1) تفسير المنار 1 / 367، و 12 / 183 و 185. (2) الثائر الاول في الاسلام (ص 79). (3) سبط الرسول (ص 133) . (4) نظرية الامامة لدى الشيعة الاثنى عشرية (ص 334). (5) الامام الحسين (ص 94). لا تنسوا المجاهدين من دعائكم يتبع >>>>>>>> حياة الإمام الحسين بن علي عليهما السلام شبكة السراج في الطريق إلى الله |
اللهُمَّ الْعَنْ أوّلَ ظالِم ظَلَمَ حَقَّ مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، وَآخِرَ تَابِع لَهُ عَلَى ذلِكَ ، اللهُمَّ الْعَنِ العِصابَةَ الَّتِي جاهَدَتِ الْحُسَيْنَ عَلَيْهِ السَّلام وَشايَعَتْ وَبايَعَتْ وَتابَعَتْ عَلَى قَتْلِهِ. اللهُمَّ الْعَنْهم جَميعاً 5- صيانة الخلافة :ولم تملك الامة في عهد معاوية ويزيد ارادتها واختيارها فقد كانت جئة هامدة لا وعي فيها ولا اختيار، قد كبلت بقيود ثقيلة سدت في وجهها منافذ النور والوعي، وحيل بينها وبين ارادتها . وانهار اقتصاد الامة الذي هو شرايين حياتها الاجتماعية والفردية فقد عمد الامويين بشكل سافر الى نهب الخزينة المركزية والاستئتار بالفئ وسائر تمرات الفتوح والغنائم، فحازوا الثراء العريض، وتكدست في بيوتهم الاموال الهائلة التي حاروا في صرفها، وقد اعلن معاوية امام المسلمين ان المال مال الله، وليس مال المسلمين فهو أحق به، ويقول سعيد بن العاص : انما السواد بستان قريش، وقد أخذوا ينفقون الاموال على اغراضهم السياسية التي لا تمت بصلة لصالح الامة. أ - شراء الضمائر والاديان، وقد تقدمت الشواهد المؤيدة لذلك عند البحث عن سياسة معاوية الاقتصادية . وانتشرت المظالم الاجتماعية في انحاء البلاد الاسلامية، فلم يعد قطر من الاقطار إلا وهو يعج بالظلم والاضطهاد من جورهم، وكان من مظاهر ذلك الظلم ما يلي : (7) تاريخ التمدن الاسلامي. يتبع >>>>>>> لا تنسوا المجاهدين من دعائكم |
اللهُمَّ الْعَنْ أوّلَ ظالِم ظَلَمَ حَقَّ مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، وَآخِرَ تَابِع لَهُ عَلَى ذلِكَ ، اللهُمَّ الْعَنِ العِصابَةَ الَّتِي جاهَدَتِ الْحُسَيْنَ عَلَيْهِ السَّلام وَشايَعَتْ وَبايَعَتْ وَتابَعَتْ عَلَى قَتْلِهِ. اللهُمَّ الْعَنْهم جَميعاً 9 - المظالم الهائلة على الشيعة :اللهمَّ خُصَّ أنْتَ أوّلَ ظالم بِاللّعْنِ مِنِّي ، وَابْدَأْ بِهِ أوّلاً ، ثُمَّ الثَّانِي ، وَالثَّالِثَ وَالرَّابِع ، اللهُمَّ الْعَنْ يزِيَدَ خامِساً وذهبت نفس الامام الحسين عليه السلام أسى على ما عانته الشيعة - في عهد معاوية - من ضروب المحن والبلاء، فقد أمعن معاوية في ظلمهم وارهاقهم وفتك بهم فتكا ذريعا، وراح يقول للامام الحسين عليه السلام : ومن ألمع الاسباب التي ثار من أجلها أبو الشهداء عليه السلام هو ان الحكم الاموي قد جهد على محو ذكر أهل البيت عليهم السلام واستئصال ماثرهم ومناقبهم وقد استخذم معاوية في هذا السبيل أخبث الوسائل وهي : وعمد الامويون إلى تدمير القيم الاسلامية، فلم يعد لها اي ظل على واقع الحياة الاسلامية وهذه بعضها : وانهار المجتمع في عصر الامويين، وتحلل من جميع القيم الاسلامية أما أهل العوامل التي أدت إلى انهياره فهي : وكانت هذه الظاهرة من ابرز ذاتيات الكوفيين، فقد اعطوا للامام الحسين عليه السلام أعظم العهود والمراثيق على مناصرته، ومناجزة عدوه إلا انهم خاسوا ما عاهدوا عليه الله فخذلوه وقتلوه . 2 - عدم التحرج من الكذب ومن الامراض التي أصيب بها ذلك المجتمع عدم التحرج من الكذب وقد مني الكوفيون بذلك بصورة خاصة، فانهم لما أحاطوا بالامام الحسين عليه السلام - يوم الطف - لقتله، وجه عليه السلام سؤالا الى قادة الفرق الذين كاتبوه بالقدوم اليهم فقال :(8) تاريخ اليعقوبي 2 / 206. يتبع >>>>>>> لا تنسوا المجاهدين من دعائكم |
اللهُمَّ الْعَنْ أوّلَ ظالِم ظَلَمَ حَقَّ مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، وَآخِرَ تَابِع لَهُ عَلَى ذلِكَ ، اللهُمَّ الْعَنِ العِصابَةَ الَّتِي جاهَدَتِ الْحُسَيْنَ عَلَيْهِ السَّلام وَشايَعَتْ وَبايَعَتْ وَتابَعَتْ عَلَى قَتْلِهِ. اللهُمَّ الْعَنْهم جَميعاً اللهمَّ خُصَّ أنْتَ أوّلَ ظالم بِاللّعْنِ مِنِّي ، وَابْدَأْ بِهِ أوّلاً ، ثُمَّ الثَّانِي ، وَالثَّالِثَ وَالرَّابِع ، اللهُمَّ الْعَنْ يزِيَدَ خامِساً 13 - الدفاع عن حقوقه : وانبرى الامام الحسين عليه السلام للجهاد دفاعا عن حقوقه التي نهبها الامويون واغتصبوها، وأهمها - فيما نحسب - ما يلي : أرى فيئهم في غيرهم متقسما * وايديهم من فيئهم صفرات " انها - والله - لصفرات " وقد أقض مضاجع العلويين منعهم من الخمس باعتباره أحد المصادر الرئيسية لحياتهم الاقتصادية . ومن أوكد الاسباب التي ثار من أجلها أبي الضيم عليه السلام اقامة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فانهما من مقومات هذا الدين، والامام بالدرجة الاولى مسؤول عنهما. " الا ترون الى الحق لا يعمل به، وإلى الباطل لا يتناهى عنه ليرغب المؤمن في لقاء ربه " لقد آثر الموت على الحياة، لانه يرى الحق قد تلاشى والباطل قد استشرى . وعمد الحكم الاموي الى نشر البدع بين المسلمين، التي لم يقصد منها إلا محق الاسلام، والحاق الهزيمة به، وقد اشار الامام عليه السلام إلى ذلك في رسالته بعثها لاهل البصرة يقول عليه السلام : واستشف النبي صلى الله عليه وآله وسلم من وراء الغيب ما يمنى به الاسلام من الاخطار الهائلة على أيدي الامويين، وانه لا يمكن باي حال تجديد رسالته وتخليد مبادثه إلا بتضحية ولده الامام الحسين عليه السلام فانه هو الذي يكون الدرع الواقي لصيانة الاسلام فعهد إليه بالتضحية والفداء، وقد أدلى الحسين بذلك حينما عدله المشفقون عليه من الخروج الى العراق فقال عليه السلام لهم : ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان قد نعى الحسين الى المسلمين وإحاطهم علما بشهادتهم وما يعانيه من أهوال المصائب، وكان - باستمرار - يتفجع عليه ويلعن قاتله، وكذلك أخبر الامام أمير المؤمنين عليه السلام بشهادته وما يجرى عليه، وقد ذكرنا في الحلقة الاولى من هذا الكتاب الاخبار المتواترة بذلك.. يتبع >>>>>>> (9) حياة الامام الحسن 2 / 288 الطعبة الثانية.(10) الطبري 6 / 200. |
اللهُمَّ الْعَنْ أوّلَ ظالِم ظَلَمَ حَقَّ مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، وَآخِرَ تَابِع لَهُ عَلَى ذلِكَ ، اللهُمَّ الْعَنِ العِصابَةَ الَّتِي جاهَدَتِ الْحُسَيْنَ عَلَيْهِ السَّلام وَشايَعَتْ وَبايَعَتْ وَتابَعَتْ عَلَى قَتْلِهِ. اللهُمَّ الْعَنْهم جَميعاً 17 - العزة والكرامة : لست من خندف إن لم انتقم * من بني احمد ما كان فعل ومن أوثق الاسباب التي ثار من أجلها ابو الاحرار هو العزة والكرامة ققد أراد الامويون ارغامه على الذل، والخنوع، فابي إلا أن يعيش عزيرا تحت ظلال السيوف والرماح، وقد أعلن سلام الله عليه ذلك يوم الطف بقوله : " الا وان الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة ، وهيهات منا الذلة يابى الله لنا ذلك ورسوله، ونفوس أبية، وانوف حمية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام.. " . وقال عليه السلام : " لا أرى الموت الا سعادة والحياة مع الظالمين الا برما.. " . لقد عانق الموت بثغر باسم في سبيل ابائه وعزته، وضحى بكل شئ من أجل حريته وكرامته . 18 - غدر الامويين وفتكهم : وايقن الامام الحسين عليه السلام ان الامويين لا يتركونه، ولا تكف أيديهم عن الغدر والفتك به حتى لو سالمهم وبايعهم، وذلك لما يلي : 1 - ان الامام كان ألمع شخصية في العالم الاسلامي، وقد عقد له المسلمون في دخائل نفوسهم خالص الود والولاء لانه حفيد نبيهم وسيد شباب أهل الجنة، ومن الطبيعي انه لا يروق للامويين وجود شخصية تتمتع بنفوذ قوي : ومكانة مرموقة في جميع الاوساط فانها تشكل خطرا على سلطانهم وملكهم . 2 - ان الامويين كانوا حاقدين على النبي صلى الله عليه وآله وسلم لانه وترهم في واقعة بدر، وألحق بهم الهزيمة والعار، وكان يزيد يترقب الفرص للانتقام من أهل البيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم لياخذ ثاراث بدر منهم، ويقول الرواة إنه كان يقول : ولما استوفى ثاره وروى احقاده بابادتهم أخذ يترنهم ويقول : قد قتلنا القرم من ساداتهم * وعدلناه ببدر فاعتدل 3 - ان الامويين قد عرفوا بالغدر ونقض العهود، فقد صالح الحسن معاوية، وسلم إليه الخلافة ومع ذلك فقد غدر معاوية به فدس إليه سما فقتله، واعطوا الامان لمسلم بن عقيل فخانوا به.. وقد ذكرنا في البحوث السابقة مجموعة من الشخصيات التي اغتالها معاوية خشية منهم . وقد اعلن الامام الحسين عليه السلام ان بني أمية لا يتركونه يقول عليه السلام لاخيه محمد بن الحنفية : " لو دخلت في حجر هامة من هذه الهوام لاستخرجوني حتى يقتلوني " وقال عليه السلام لجعفر بن سليمان الضبعي : " والله لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة - يعني قلبه الشريف - من جوفي " . واختار عليه السلام أن يعلن الحرب ويموت ميتة كريمة تهز عروشهم وتقضي على جبروتهم وطغيانهم . هذه بعض الاسباب التي حفزت أبا الاحرار إلى الثورة على حكم يزيد. راي رخيص : ووصف جماعة من المتعصبين لبني أمية خروج الامام على يزيد بانه كان من اجل الملك والظفر بخيرات البلاد، وهذا الراي ينم عن حقدهم على الامام بما احرزه من الانتصارات الرائعة في نهضته المباركة التي لم يظفر بمثل معطياتها أي مصلح اجتماعي في الارض، وقد يكون لبعضهم العذر لجهلهم بواقع النهضة الحسينية، وعدم الوقوف على اسبابها، لقد كان الامام على يقين باخفاق ثورته في الميادين العسكرية، لان خصمه كان يدعمه جند مكثف أولو قوة واولو باس شديد، وهو لم تكن عنده أية قوة عسكرية ليحصل على الملك، ولو كان الملك غايته - كما يقولون - لعاد إلى الحجاز او مكان آخر حينما بلغه مقتل سفيره مسلم بن عقيل، وانقلاب الكوفة عليه، ويعمل حينئذ من جديد على ضمان غايته، نجاح مهمته لقد كان الامام على علم بان الاوضاع السائدة كلها كانت في صالح بني امية وليس منها مما يدعمه او يعود لصالحه، يقول ابن خلدون : " ان هزيمة الحسين كانت امرا محتما لان الحسين لم تكن له الشوكة التي تمكنه من هزيمة الامويين لان عصبية مضر في قريش، وعصبية قريش في عبد مناف وعصبية عبد مناف في بني امية، فعرف ذلك لهم قريش وسائر الناس لا ينكرونه " 11. لقد كانت ثورة الامام من اجل غاية لا يفكر بها اولئك الذين فقدوا وعيهم، واختيارهم فقد كان خروجه على حكم يزيد من اجل حماية المثل الاسلامية والقيم الكريمة من الامويين الذين حملوا معول الهدم.. يقول بعض الكتاب المعاصرين . " ويحق لنا أن نسال ماذا كان هدف الحسين عليه السلام، وماذا كانت القضية التي يعمل من أجلها ؟ أما لو كان هدفه شخصيا يتمثل في رغبته في اسقاط يزيد ليتولى هو بنفسه الخلافة التي كان يطمع إليها، ما وجدنا فيه هذا الاصرار على التقدم نحو الكوفة رغم وضوح تفرق الناس من حوله، واستسلامهم لابن زياد، وحملهم السلاح في اعداد كثيرة لمواجهته والقضاء عليه . ان أقصر الناس نظرا كان يدرك ان مصيره لن يختلف عما آل إليه فعله، ولو كان الحسين بهذه المكانة من قصر النظر لعاد إلى مكة ليعمل من جديد للوصول إلى منصب الخلافة.. ولو كان هدفه في أول الامر الوصول الى منصب الخلافة ثم لما بلغه مصرع ابن عمه قرر مواصلة السفر للثار من قاتليه - كما يزعم بعض الباحثين - استجابة لقضية اهله واقاربه، لو كان هذا هدفه لادرك ان جماعته التي خرجت معه للثار وهي لا تزيد على التسعين رجالا ونساءا واطفالا لن تصل إلى شئ من ذلك من دون ان يقضى على افرادها جميعا، وبغير ان يضحي هو بنفسه ضحية رخيصة في ميدان الثار. ومن ثم يكون من واجبه للثار ان يرجع ليعيد تجميع صفوف انصاره واقربائه، ويتقدم في الجمع العظيم من الغاصبين والموتورين . وتحريكا لضمائر المتخاذلين القاعدين عن صيانة حقوقهم ورعاية صوالحهم" . والم هذا القول بالواقع المشرق الذي ناضل من أجله الامام الحسين فهو لم يستهدف أي مصلحة ذاتية، وانما استهدف مصلحة الامة وصيانتها من الامويين . تخطيط الثورة : ودرس الامام الحسين عليه السلام أبعاد الثورة بعمق وشمول، وخطط أساليبها بوعي وايمان، فراى أن يزج بجميع ثقله في المعركة، ويضحي بكل شئ لانقاذ الامة من محنتها في ظل ذلك الحكم الاسود الذي تنكر لجميع متطلبات الامة.. وقد أدرك المستشرق الالماني ماريين تخطيط الامام الحسين لثورته، فاعتبر أن الحسين قد توخى النصر منذ اللحظة الاولى ، وعلم النصر فيه، فحركة الحسين في خروجه على يزيد - كما يقول - انما كانت عزمة قلب كبير عز عليه الاذعان، وعز عليه النصر العاجل ، فخرج باهله وذويه ذلك الخروج الذي يبلغ به النصر الاجل بعد موته ، ويحيي به قضية مخذولة ليس لها بغير ذلك حياة . يتبع >>>>>>> (11) المقدمة (ص 152). |
اللهُمَّ الْعَنْ أوّلَ ظالِم ظَلَمَ حَقَّ مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، وَآخِرَ تَابِع لَهُ عَلَى ذلِكَ ، اللهُمَّ الْعَنِ العِصابَةَ الَّتِي جاهَدَتِ الْحُسَيْنَ عَلَيْهِ السَّلام وَشايَعَتْ وَبايَعَتْ وَتابَعَتْ عَلَى قَتْلِهِ. اللهُمَّ الْعَنْهم جَميعا لقد أيقن ابو الشهداء عليه السلام ان القضية الاسلامية لا يمكن أن تنتصر إلا بفخامة ما يقدمه من التضحيات فصمم بعزم وايمان على تقديم أروع التضحيات وهذه بعضها :واعلن الامام عليه السلام عن عزمه على التضحية بنفسه، فاذاع ذلك في مكة فاخبر المسلمين ان أوصاله سوف تتقطع بين النواويس وكربلا، وكان في أثناء مسيرته الى العراق يتحدث عن مصرعه، ويشابه بينه وبين أخيه يحيى بن زكريا وان راسه الشريف سوف يرفع إلى بغي من بغايا بني أمية كما رفع راس يحيى إلى بغي من بغايا بني اسرائيل . وأقدم أبو الشهداء عليه السلام على أعظم تضحية لم يقدمها أي مصلح اجتماعي في الارض، فقد قدم أبناؤه وأهل بيته وأصحابه فداءا لما يرتايه ضميره من تعميم العدل واشاعة الحق والخير بين الناس . وضحى أبي الضيم بجميع ما يملك فداءا للقران، ووقاية لدين الله ، وقد هجمت - بعد مقتله - الوحوش الكاسرة من جيوش الامويين على مخيمه فتناهبوا ثقله ومتاعه حتى لم يتركوا ملحفة او ازارا على مخدرات الرسالة الا نهبوه، ومثلوا بذلك خسة الانسان حينما يفقد ذاتياته ، ويمسخ ضميره . وكان من اروع ما خططه الامام العظيم عليه السلام في ثورته الكبرى حمله لعقائل النبوة ومخدرات الرسالة الى كربلاء، وهو يعلم ما سيجري عليهن من النكبات والخطوب، وقد اعلن ذلك حينما عذله ابن عباس عن حملهن معه الى العراق، فقال له : " قد شاء الله ان يراهن سبايا.. " . لقد اراد عليه السلام بذلك ان يستكمل اداء رسالته الخالدة في تحرير الامة وانقاذها من الاستبعاد الاموي." وقد أدرك الحسين أنه مقتول إذ هو يعلم علم اليقين قبح طوية يزيد، واسفاف نحيزته، وسوء سريرته فيزيد بعد قتل الحسين ستمتد يده الى أن يؤذي النبي صلى الله عليه وآله وسلم في سلالته من قتل الاطفال الابرياء، وانتهاك حرمة النساء، وحملهن ومن بقي من الاطفال من قفرة الى قفرة ومن بلد الى بلد، فيثير مراى اولئك حفيظة المسلمين، فليس ثمة اشنع، ولا أفظع من التشفي والانتقام من النساء والاطفال بعد قتل الشباب والرجال فهو بخروجه بتلك الحالة أراد أن يثار من يزيد في خلافته، ويقتله في كرامته، وحقا لقد وقع ما توقعه، فكان لما فعله يزيد وعصبته من فظيع الاثر في نفوس المسلمين، وزاد في اضعانهم ما عرضوا به سلالة النبوة من هتك خدر النساء، وهن اللاتي ما عرفن إلا بالصيانة والطهر والعز والمنعة، مما اطلق السنة الشعراء بالهجاء والذم ، ونفر أكثرر المسلمين من خلافة الامويين، واسخط عليهم قلوب المؤمنين ، فقد قتله الحسين أشد من قتله إياه " 13 . " ثم رفض - يعني الحسين - إلا أن يصحب أهله ليشهد الناس على ما يقترفه اعداؤه بما لا يبرره دين ولاوزاع من انسانية، فلا تضيع قضيته مع دمه المراق في الصحراء فيفترى عليه أشد الافتراء حين يعدم الشاهد العادل على كل ما جرى بينه وبين أعدائه، تقول الدكتورة بنت الشاطئ : " اللهم تقبل منا هذا القربان " . لا تنسوا المجاهدين من دعائكم (12) تحدث الامام كاشف الغطاء عن هذه الجهة بالتفضيل في كتابه السياسة الحسينية. (13) ريحانة الرسول (ص 167) . (14) بطلة كربلا (ص 176 و 180). (15) نظرية الامامة لدى الشيعة الاثنى عشرية (ص 343) . (16) توضيح الغامض من اسرار السنن والفرائض (ص 297 - 298). |
الساعة الآن »04:08 PM. |