![]() |
كربلاء .. ملحمة الهدى الإلهي مع الضلال البشري
كربلاء .. ملحمة الهدى الإلهي مع الضلال البشري لــمحة عن جرائم يزيد الكبرى عندما يسمع المسلم إسم يزيد ، يتبادر الى ذهنه أعظم جرائمه ، وهي إقدامه في كربلاء على قتل عترة النبي صلى الله عليه وآله وسيدهم سيد شباب أهل الجنة عليه السلام . فقد كان لفاجعة كربلاء وقع الصاعقة على جماهير المسلمين جميعاً ، لأنهم لم يتصوروا أن يُقْدِم بنو أمية على قتل ابن بنت النبي صلى الله عليه وآله وسفك دماء عترته صغاراً وكباراً لمجرد أنهم لم يبايعوا يزيداً ! خاصة وأن الأساليب الأموية التي نفذوا بها جريمتهم كانت سابقة في التاريخ ومخالفة لأعراف العرب ! لذلك كانت شهادة الإمام الحسين عليه السلام الفجيعة هزةً لوجدان الأمة كلها ، وجريمة كبرى ، ومأساة ، وشهادة على الطاغوت ، وتجسيداً لقيم الإسلام ، وشعلةً نبويةً جديدة دخلت في ثقافة الأمة وضميرها . وبسبب هذا التأثير الواسع لقضية كربلاء ، شكلت في عصرها سداً أمام تعاظم موجة بني أمية التي هي أخطر موجة على الأمة ، وفتحت في العصور التالية باباً جديداً للتحرك والنهضة والثورة على النظام الجائر ، كان مقفلاً أو يكاد منذ انهيار الأمة في عهد أمير المؤمنين وخلافة الإمام الحسن عليهم السلام ! فلولا ثورة الحسين عليه السلام لأكمل بنو أمية مشروعهم في تخدير الأمة وتدريبها على الذل والخضوع ، حتى تصل الى مرحلة العبودية الكافية لأن تحكمها سلالات أموية كسلالات الفراعنة ، بل أشد سوءاً ! لقد أثبت الحسين عليه السلام للأمة أن كل ادعاءات الأمويين بالإسلام كاذبة ، فهم حاضرون لأن يقتلوا أولاد نبيهم بل أن يقتلوا نفس نبيهم صلى الله عليه وآله إذا لم يخضع لهم ! وأثبت للأمة أن الأمويين لايؤمنون بشئ من قيم العرب والعجم ، بل يمثلون حضيض الإنحطاط الذي قلما يصل اليه مخلوق بشري ! في المقابل رَسَمَ الحسين عليه السلام في عمق ذاكرة الأمة لوحات خالدة لمفاهيم إسلامية ، كان من أبرزها التضحية بالنفس للعقيدة ، في مناقبية إنسانية عالية . كما صار عليه السلام أمثولة وقدوة للشعوب في نضالها من أجل حريتها وإنسانيتها . وقد بلغ من قوة هزة كربلاء أنها وصلت الى البلاط الأموي ووجدان بعض الأمراء الشباب الأمويين ! والخليفة الجديد ابن يزيد أعلن تشيعه وأراد أن يسلم الخلافة الى الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام ، فقتلوه ! وكان ثاني تأثيراتها أن الأمويين المروانيين الذين حكموا بعد يزيد اعتقدوا أن زوال حكم آل أبي سفيان كان بسبب جريمة كربلاء ! روى البيهقي : في المحاسن والمساوئ/39: قال عبد الملك بن مروان للحجاج بن يوسف: جنبني دماء آل أبي طالب، فإني رأيت بني حرب لما قتلوا الحسين نزع الله ملكهم. ونحوه أنساب الأشراف/1794 والبصائر والذخائر/546 ونثر الدرر/385 واليعقوبي:2/304 جواهر المطالب:2/278 والعقد الفريد/966 و1092 والإشراف لابن أبي الدنيا/ 255 و/63 . وفي مروج الذهب:3/179، وطبعة/811: فإني رأيت الملك استوحش من آل حرب حين سفكوا دماءهم ( بني عبد المطلب ! ) فكان الحجاج يتجنبها خوفاً من زوال الملك عنهم لاخوفاً من الخالق عز وجل ! ورواه في العقد الفريد/1103 وقال : فلم يتعرض الحجاج لأحد من الطالبيين في أيامه . جواهر التاريخ - للعاملي |
الساعة الآن »03:02 AM. |