منتديات موقع الميزان - قبسات من صحيفة امير المؤمنين

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
والصلاة والسلام على المبعوث رحمه للعالمين
أبي القاسم محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين

http://www.mezan.net/forum/imotion/aa1.gif

دعاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في الثناء على الله

يا من يرحم من لا يرحمه العباد ويا من يقبل من لا تقبله البلاد ويا من لا يحتقر أهل الحاجة إليه يا من لا يجبه بالرد أهل الإلحاح إليه يا من لا يخفى عليه صغير ما يتحف به ولا يضيع يسير ما يعمل له يا من يشكر على القليل ويجازي بالجليل (1) يا من يدنو إلى من دنا منه يا من يدعو إلى نفسه من أدبر عنه.

يا من لا يغير النعمة ولا يبادر (2) بالنقمة يا من يثمر الحسنة حتى ينميها ويتجاوز عن السيئة حتى يعفيها انصرفت دون مدى كرمك الحاجات وامتلأت بفيض جودك أوعية الطلبات، تفسخت (3) دون بلوغ نعتك الصفات.
فلك العلو الأعلى فوق كل عال والجلال الأمجد فوق كل جلال كل جليل عندك حقير وكل شريف في جنب شرفك صغير.

خاب الوافدون على غيرك وخسر المتعرضون (4) إلا لك وضاع الملمون (5) إلا بك وأجدب المنتجعون (6) إلا من انتجع فضلك لأنك ذو غاية قريبة من الراغبين وذو مجد مباح للسائلين لا يخيب عليك الآملون ولا يخفق من عطائك المتعرضون ولا يشقى بنقمتك المستغفرون.

رزقك مبسوط لمن عصاك وحلمك معرض لمن ناواك (7) وعادتك الإحسان إلى المسيئين وسنتك الإبقاء على المعتدين حتى لقد غرتهم أناتك (8) عن النزوع وصدهم (9) إمهالك عن الرجوع وإنما تأنيت بهم ليفيئوا إلى (10) أمرك وأمهلتهم ثقة بدوام ملكك فمن كان من أهل السعادة ختمت له بها ومن كان من أهل الشقاوة خذلته لها.

كلهم صائر إلى رحمتك وأمورهم آئلة (11) إلى أمرك لم يهن على طول مدتهم سلطانك ولم تدحض
(12) لترك معاجلتهم حججك حجتك قائمة وسلطانك ثابت فالويل الدائم لمن جنح (13) عنك والخيبة الخاذلة لمن خاب أمله منك والشقاء الأشقى لمن اغتر بك.
ما أكثر تقلبه في عذابك وما أعظم تردده في عقابك وما أبعد غايته من الفرج وما أثبطه من سهولة المخرج عدلا من قضائك لا تجور فيه وإنصافا من حكمك لا تحيف (14) عليه.
قد ظاهرت الحجج (15) وأزلت الأعذار وتقدمت بالوعيد وتلطفت في الترغيب وضربت الأمثال وأطلت الإمهال وأخرت وأنت مستطيع للمعاجلة وتأنيت وأنت ملي‏ء بالمبادرة لم تك أناتك عجزا ولا حلمك وهنا (16) لا إمساكك لعلة ولا انتظارك لمداراة بل لتكون حجتك الأبلغ وكرمك الأكمل وإحسانك الأوفى ونعمتك الأتم كل ذلك كان ولم يزل وهو كائن لا يزول.

نعمتك اجل من ان توصف بكلها، ومجدك ارفع من ان يمدّ بكنهه (17)، واحسانك اكبر من ان يشكر على اقله، فقد اقصرت ساكتاً عن تحميدك، وتهيّبت ممسكاً عن تمجيدك، لارغبة يا الهي عنك بل عجزاً، ولا زهداً فيما عندك بل تقصيراً، وها انا يا الهي اؤمل بالوفادة، واسألك حسن الافادة (18).

فاسمع ندائي، واستجب دعائي، ولا تختم عملي بخيبتي، ولا تجبهني بالردّ في مسألتي، وأكرم من عندك منصرفي، إنك غير ضائق عما يريد، ولا عاجز عما تشاء، وأنت على كل شيء قدير.

*******

(1) يجازي بالجليل: يكافيء بالعظيم.
(2) يبادر: يعاجل.
(3) تفسخت: تقطعت وعجزت.
(4) المتعرضون: المتصدون الطالبون.
(5) الملمون: النازلون.
(6) ينتجع: يطلب.
(7) ناواك: عاداك.
(8) اناتك: حلمك.
(9) صدهم: صرفهم ومنعهم.
(10) ليفيؤوا: ليرجعوا.
(11) آئلة: راجعة.
(12) يدحض: يبطل.
(13) جنح: مال وانحرف.
(14) لاتحيف: لاتجور.
(15) ظاهرت: كثرت وتابعت.
(16) وهناً: ضعفاً.
(17) كنهه: حقيقته ونهايته.
(18) الرفادة: العطاء والمعونة.

******* ******* ******* ******* ******* *******
المصدر: الصحيفة العلوية

http://www.mezan.net/forum/g4/f%20(9).gif