![]() |
ما هي الأمّ ؟؟؟
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته "الأمّ" كلمة استثنائيّة تختزن الكثير في نفس الإنسان، تجيّش العاطفة وتثير الرقة والدفء والحنان... فما واقعيّة ما تختزنه هذه الكلمة في نفس الإنسان؟ ففي الحديث المشهور عن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "الجنّة تحت أقدام الأمّهات"1. فتعبير "تحت الأقدام" يشير إلى الخدمة والتواضع، فخدمة الأمّ والتواضع لها هو باب مفتوح إلى جنّة الخلد. ففي الرواية عن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم لما سئل عن حق الوالدة قال: "هيهات هيهات لو أنّه عدد رمل عالج وقطر المطر أيّام الدنيا قام بين يديها ما عمل ذلك يوم حملته في بطنها..."2. تشير الآية الكريمة إلى هذا المقام الذي وضع الله عزّ وجلّ الأمّ فيه وسبب استحقاقها لهذا المقام، يقول تعالى: ﴿وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾3. إنّ تحمّل الأمّ للمسؤوليّة يمرّ بمراحل عديدة كما أشارت إليها كلمات الإمام زين العابدين عليه السلام السابقة، مرحلة مرحلة: يقول الله تعالى:﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾4. فهذه أوّل مسؤوليّة تتحملها الأمّ. يقول تعالى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوف...﴾6. إنّ الإرضاع هو حقّ من حقوق الولد التي لا ينبغي التفريط بها، ولها أثرها على التكوين الذهنيّ والبدنيّ للإنسان، وقد أشارت الآية الكريمة إلى مدّة الرضاعة وهي حولين كاملين، والحول هو السنة القمريّة. إنّ الأمّ هي الأكثر التصاقاً بالولد والأكثر تفرّغاً لشؤونه، وهي بالتالي الأكثر تأثيراً والأقدر على توجيهه وإرشاده. كلّ هذه الأمور تشير إليها الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما شكا إليه رجل سوء خلق أمّه فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّها لم تكن سيّئة الخلق حين حملتك تسعة أشهر وحين أرضعتك حولين وحين سهرت لك ليلها وأظمأت نهارها.."8. من هنا كانـت الأمّ هي المربي الحقيقي وأول مدرسة يدخلها الولد، فكيف تكون التربية؟ التربية هي لفتح أبواب المستقبل أمام هذا الطفل، ويكون ذلك بالدرجة الأولى من خلال توجيهه إلى إصلاح مصيره النهائي في الآخرة، يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ...﴾9. وهذا يكون من خلال أمرين: هناك طرق في التربية تختلف بحسب قابليّات الولد وعمره، وتختلف من موضوع لآخر، ويمكن الإشارة هنا إلى ثلاث طرق أساس: وربما تكون أوّل طريقة تُتّبع مع الطفل لأنّه غير قادر على تلقّي رسائل الإرشاد والالتزام بها، وبالتالي فعلى الأمّ أن تدفعه نحو الصلاح، وتبعده عن الفساد من خلال وضع بدائل صالحة تشغله حتى لا يُستدرج لغير الصالح، وتشجعه على التزام الصالح، وتصنع حاجزاً نفسيّاً بينه وبين الفساد، وتصنع له قدوة يقتدي بها في هذا الإطار، ومن الضروريّ أن تعرف أنّها قدوة ولدها الأولى فعليها أن ترشده قبل كلّ شيء من خلال أعمالها، وهذا الأسلوب هو الأسلوب الأساس الذي يجب أن تتبعه الأم، وهو مطلوب على الدوام ومفيد في جميع الأعمار، وإن كان هو الطريق الوحيد خلال السنين الأولى من عمر الإنسان، ففي الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: "دع ابنك يلعب سبع سنين، ويؤدّب سبع سنين، وألزمه نفسك سبع سنين"12. فتركه في حالة اللعب في السنين السبع الأولى لا يعني إهماله مطلقاً بل هو يتناسب مع التوجيه غير المباشر، ولو من خلال اللعب. وهو في الحقيقة دخول في مرحلة التمييز العلميّ، حيث يتعلّم الإنسان بحسب عمره وقابليّته التمييز بين الخير والشرّ وبين الصلاح والفساد، وهذا الأمر في مرحلة معيّنة لا بدّ منه أيضاً، حتّى لا يعتاد على أسلوب اتباع التوجيه العمليّ فقط دون معايير علميّة. لكي تنجح الأمّ في رسالة التربية التي تريد أن تؤدّيها، هناك صفات أساسية يجب أن تلازمها تتلخّص بالأمور التالية: إنّ الحبّ والعطف على الولد هو من طبيعة الأمّ، وليس تكلّفاً أو أمراً مصطنعاً، فتعلّق الأمّ بالولد أمر واضح بالوجدان ولا نقاش فيه، ويظهر جليّاً في قصّة أمّ موسى عليه السلام، حيث يقول تعالى مخبراً عنها ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ َلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ * فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ * وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ * فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾14. على الأمّ أن تكون ذات حلم وصبر واسع، حتّى تستطيع أن تؤدّي دورها الإيجابيّ بشكل صحيح في تربية الولد، فإنّ قلّة الصبر ستتسبّب بالكثير من التعقيدات على المستوى النفسيّ والتربويّ، ويجب أن تعرف خصوصيّة الطفل وأنّ ما يصدر منه ممّا قد يزعجها كالبكاء مثلاً هو أمر طبيعيّ جداً يعبّر عن الصّحة، وربما عدمه يعبّر عن المرض. وقد ورد أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نظر إلى رجل له ابنان فقبّل أحدهما وترك الآخر فقال صلى الله عليه وآله وسلم:"فهلّا واسيت بينهما"18. 1- مجمع البيان، ج8، ص11. 2- مستدرك الوسائل، ج15، ص182. 3- الإسراء: 24. 4- لقمان: 14. 5- مستدرك الوسائل، ج15، ص214. 6- سورة البقرة: 233. 7- وسائل الشيعة، ج15، ص175. 8- شرح رسالة الحقوق، ص 548. 9- التحريم: 6. 10- مستدرك الوسائل، ج15، ص166. 11- البقرة: 21. 12- الكافي، ج6، ص46. 13- آل عمران: 38. 14- القصص: 7 - 13. 15- بحار الأنوار، ج101، ص92. 16- بحار الأنوار، ج57، ص381. 17- مستدرك الوسائل، ج15، ص118. 18- من لا يحضره الفقيه، ج3، ص483. المعارف الإسلامية |
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام على أهل بيت النبوة مشكورة أختي موالية على هذا الموضوع وفقك الله لكل خير |
بسم الله الرحمن الرحيم أللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم http://www.mezan.net/forum/g11/081120052148j0vM.gif لا تنسوا المجاهدين من دعائكم أختك موالية صاحب البيعة |
الساعة الآن »01:00 PM. |