![]() |
المقاومة والعلماء في جبل عامل
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم انطلاق المقاومة الإسلامية عبر التاريخ من المبدأ العقائدي والتشريع دليل على نصاعتها واستمراريتها تميز جبل عامل بكثرة من خرج فيه من العلماء والفضلاء وأرباب الكمال، مع ما امتازوا به من غزارة العلم وسعة الاطلاع والتضلع بأنواع العلوم، وقد ذُكر أنه ما من قرية في جبل عامل إلا وقد خرج منها جماعة من علماء الإمامية وفقهائها. وقد ورد عن الإمام المهدي المنتظر (عج) في كتابه الى بعض شيعته ما يؤكد الرجوع الى العلماء والفقهاء والمراجع المجتهدين "وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا، فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله". كان في جبل عامل سلطة عليا تفوق كل سلطة تطأطأ لها الرؤوس وتُحنى لها الرقاب، وهي سلطة المجتهدين من كبار العلماء، إليهم يرجع القضاء وفصل الخلاف بين الناس، وكانت فتاواهم حكماً مبرماً لا يقبل النقض يوجب على الحاكم الزمني العمل بنصِّه ولو كان ضد الحاكم نفسه. وكانت سيرة أولئك العلماء الأبرار في ذاك العهد خير سيرة اتصف بها عالم، أحاط بأسرار الشريعة الإسلامية المطهّرة من أمور الدين والدنيا. ففي حالات الصراع والتعرض للاعتداءات كان الزعماء والحكام يلوذون الى العلماء لأخذ آرائهم ومشورتهم والعمل بصواب فتاواهم وحكمتهم، ولم يتوان المتصدون منهم لعقد المجالس الحربية وقت الشدة لاتخاذ قرار الدفاع عن البلاد إذا ما تعرضت للعدوان. وفي ذلك أمثلة كثيرة. فعندما تعرض جبل عامل للهجوم من قبل الوالي العثماني عثمان باشا، استدعى الشيخان العامليان: الشيخ ناصيف النصَّار والشيخ علي الفارس حاكما جبل عامل آنذاك، استدعيا العلماء، وعقدوا ديوان مشورة وقرروا بفتوى العلماء الحرب والدفاع حتى آخر نسمة في حياتهم وصلوا صلاة الموت ودعوا الله أن ينصرهم ويخذل عدوهم. وبدأوا الهجوم وحققوا النصر على عدوهم في معركة كفر رمان ـ النبطية (30 آب 1771م). إن لم أقف حيث جيش الموت يزدحم فلا مشت بي في طُرق العلا قدم ولما عُقد مؤتمر وادي الحجير في 24 نيسان سنة 1920 لتقرير مصير جبل عامل في تلك الفترة الحرجة تزعم السيد شرف الدين ذلك المؤتمر.. الذي وصفه أديب جبل عامل محمد علي الحوماني بكلمات طويلة أثنى فيها على دور السيد شرف الدين، منها... "ولما جلست في خيمة العلماء حفوا بك وتهافت الحفل المحشود عليك، كلهم يحدّق بك ويستمع إليك وأنت مندفع كالسيل، تبعث في نفوسهم الحمية وتحرضهم على الجهاد في سبيل الحق". بهذه الحرارة في الانفعال والحماسة والتقدير للزعامة الدينية المتمثلة بشخصية السيد عبد الحسين شرف الدين التي تعطينا صورة واضحة عن دور العلماء الفعال في إدارة الثورة والمقاومة الإسلامية ضد الانتداب الفرنسي. "أيها العرب، أيها المسلمون: إن لكم في فلسطين تراثاً، وإن لكم في كل غور ونجد وحزن وسهل منها دماً عُجن به ترابها، واختلط به ماؤها ونباتها.. إن اخوانكم في فلسطين قد أقض مضاجعهم ما هم فيه من محن وبلاء، وأسهر عيونهم وبوَّح احساسهم ما يلاقون من كيد الخصوم". "أيها العرب، أيها المسلمون: هذا شهر المحرم الدامي الذي انتصرت فيه عقيدة، وبعث فيه مبدأ. ألا وإن قتلة الحسين (ع)، بكر في القتلات، فلتكن قدوتنا فيه بكراً في القدوات، ولنكن نحن من فلسطين وكان سيد الشهداء من قضيته. وليكون لنا ولفلسطين ما كان له ولقضيته من مجد وخلود". موقع المقاومة الإسلامية |
الساعة الآن »03:04 AM. |