![]() |
تعليق السيّد كاظم الحسيني الذبحاوي على إجابة
السلام عليكم . أنقل لكم السؤال الذي تقدم به أحد المؤمنين إلى مركز الأبحاث العقائدية بصدد قوله تعالى( لا يمسّه إلاّ المطهرون) ،وجواب المركز المذكور ،وتعليق السيّد كاظم ، إتماماً للفائدة .
السؤال: المراد من قوله تعالى (لا يمسه إلا المطهرون) بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد وعلى آل محمد . عندما قرأت كتاب عقائد الامامية هذا الكتاب الرائع استوقفتني جملة في الصفحة 63 وهي كالتالي : يقول العلامة (( كما لا يجوز لمن كان على غير طهارة أن يمس كلماته أو حروفه ( لا يمسه إلا المطهرون ) الواقعة 79 سواء كان محدثا بالحدث الأكبر كالجنابة والحيض والنفاس وشبهها ....... )) . وبدوري أتساءل هل يصح أن نفسر هذه الآية بدلالتها اللفظية الظاهرية , ونحن نعلم جميعا أن جلّ علماء الشيعة استدلوا بهذه الآية على عمق علوم أهل البيت عليهم السلام , فقالوا : إن تلك المعاني العميقة في القرآن لا يمكن لأحد غيرهم فهمها أو إدراكها ؟ فكيف يمكن التوفيق بين ما جاء في هذا الكتاب وما قلناه نحن أيضا للناس هنا تبعا لتفسير العلماء في شأن هذه الآية ؟ . والسلام . لا تنسونا مع الدعاء الخالص . الجواب: الأخ يوسف العاملي المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لا مانع من دلالة الآية الشريفة على المعنيين المذكورين بنظرتين مختلفتين في الرتبة , فعندما ننظر إليها من زاوية الأخذ بظاهر الألفاظ , تعطينا حكماً فقهياً يمكننا الاستدلال عليه بهذه الآية , وحينما نريد أن نتأمل فيها ونستنتج مفادها , فسوف ترشدنا إلى حكم عقائدي في غاية الأهمية وهو : الاشارة إلى عظمة مرتبة أهل البيت (ع) العلمية , وقد جاء هذان التفسيران للآية في مصادر الفريقين , فلاحظ . ثم إنّ العلامة المظفر ( رحمه الله ) لا يريد أن ينفي التفسير الثاني , بل كان في مقام الاستدلال بالآية على المعنى الأول . ودمتم في رعاية الله جواب السيّد كاظم الحسيني الذبحاوي السلام عليكم . يبدو لي أنَّ الضمير المفرد الغائب المتصل بالفعل المضارع [ يمس] يجعلنا نفكـّر أي َّ شيءِ يقع عليه المس في هذه الآية( لا يمسّه إلاّ المطهّرون) ،فقد ورد في المقام شيئان هما : القرآن الكريم ،والكتاب المكنون . وعند تطبيق قاعدة عودة الضمير إلى أقرب موارده التي تكتسب تأييداً من سياق الآيات ،وتؤيّدها قرائن خارجية متكاثرة ، نجد أنَّ الشي الذي يقع عليه المس في هذه الجملة، هو الكتاب المكنون لا القرآن الكريم، على اعتبار أنّ انصراف معنى المس إلى التفهم والتعقل إنما يكون للشيء الممسوس لا إلى غيره، ولو كان المس ـ وهو بهذا المعنى ـ يقع على القرآن نفسه [ كما ذهبتم إليه اعتماداً منكم على الموروث التفسيري ] فإنَّ ثمـّة مسلمين من دون درجة المعصومين (صلوات الله عليهم) ممّن رزقه الله نعمة فهم هذا القرآن، سواءٌ في زمنهم الشريف أم في زمان غـَيبتهم (عليهم السلام)، وهنا يدعي المدعي أنه هو المقصود بالآية، وهذا خلاف الظاهر والباطن والأدلة الخرجية أيضاً. واليوم يعلم الجميع كيف أنَّ الكثير من أهل الخلاف ،وجميع أهل الأهواء والبدع يدعون أنَّهم يعلمون القرآن اعتماداً على هذا التفسير السطحي. عليه وعند النظر ـ عمودياً ـ إلى سياق الجملة من قوله تعالى : فلا أقسم.. إلى قوله تعالى : المطهرون، ثم النظر إلى قرائن خارجية من القرآن ومن الحديث، نجد أنَّ الذي يقع عليه المس هو الكتاب المكنون، لا القرآن الكريم، وهو المعنى الذي أجراه الله تعالى على لسان الحسن بن هاني الكوفي (أبو نؤاس) رضوان الله عليه، حينما قرأ أبياتاً أمام حضرة مولانا الإمام الرضا (صلوات الله عليه)، وهو في طوس؛ حيث قال : وأنتمُ الملاْء الأعلى وعندكمُ*****علم الكتاب وما جات به السورُ . فقد أراد بالسور هذا القرآن الذي يفهمه مَن يفهمه بحسب مرتبته من العلم ( أفقياً أو عمودياً)، أمّا الكتاب المكنون المعبرعنه بـ [ علم الكتاب] فهو من مختصات علوم أئمتنا المطهرين حسب. ولو عرفنا استدلال الفقهاء على وجوب الكون على الطهارة عند (لمس) الآيات المباركات في المصاحف، اُستنبط من هذه الآية فقط اعتماداً على المعنى اللغوي للفظة (المس)، لكان استدلالاً غير ناهض . وقد أشرت إلى عين هذا المعنى في كتابنا [ القضيّة القرآنية في سورة الرعد] عند الحديث عن الآية الأخيرة من السورة. أرجو إطلاع الأخ السائل على هذا التعليق، إنْ بدا ذلك ممكناً لكم، والله من وراء القصد . كاظم الحسيني الذبحاوي ـ النجف الأشرف . الفصيل الصامت |
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أما بعد.. الأخ الكريم (الفصيل الصامت) دمت موفقاً.. جزاك الله عنا كل خير، وجعلها الله لكم في ميزان الحسنات، وحشرك الله مع الذين أذهب الله عنهم الرجس، وطهرهم تطهيراً.. وأريد أن أعقب على ما ذكرت بهاتين الروايتين ولعلهما مؤيد لما قد ورد في الجوابين عن طهارة أهل بيت النبوة (صلوات الله عليهم أجمعين).. الرواية الأولى: نقلت في كتاب مناقب آل أبي طالب - لابن شهر أشوب - ج 2 - ص 69 - 70. فقد روي عن ابن عباس انه هبط جبرئيل ومعه أترجة فقال : إن الله تعالى يقرئك السلام، ويقول لك هذه هدية علي بن أبي طالب، فدعا النبي «صلى الله عليه وآله» فدفعها فلما صارت في كفه انفلقت الأترجة، فإذا فيها حريرة خضراء نضرة، مكتوب فيها، سطران هدية، من الطالب الغالب، إلى علي بن أبي طالب. ويقال كان ذلك لما قتل عمروا الأعمش عن أبي سفيان عن أبي أيوب الأنصاري قال: نزل النبي «صلى الله عليه وآله» داري فنزل عليه جبرئيل «عليه السلام» من السماء بجام من فضة فيه سلسلة من ذهب، فيه ماء من الرحيق المختوم. فناول النبي «صلى الله عليه وآله» فشرب، ثم ناول علياً «عليه السلام» فشرب، ثم ناول فاطمة «عليها السلام» فشربت، ثم ناول الحسن «عليه السلام» فشرب، ثم ناول الحسين «عليه السلام» فشرب، ثم ناول الأول، فانضم الكأس، فأنزل الله تعالى: ﴿ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ﴾ الرواية الثانية:وقد رويت في كتاب بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 33 - ص 270 - 271. عن ابن عباس وهو يناظر معاوية بشأن أمير المؤمنين «عليه السلام»، حيث قال له: يا معاوية إن عمر بن الخطاب أرسلني في إمرته إلى علي بن أبي طالب «عليه السلام» إني أريد أن أكتب القرآن في مصحف فابعث إلينا ما كتبت من القرآن. فقال : تضرب والله عنقي قبل أن تصل إليه. قلت : ولم ؟!. قال : إن الله يقول : ﴿ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ﴾ يعني لا يناله كله إلا المطهرون إيانا نحن عنى الذين أذهب الله عنا الرجس وطهرنا تطهيراً. وقال : ﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ﴾، فنحن الذين اصطفانا الله من عباده ونحن صفوة الله ولنا ضرب الأمثال وعلينا نزل الوحي . فغضب عمر وقال : إن ابن أبي طالب يحسب أنه ليس عند أحد علم غيره، فمن كان يقرأ من القرآن شيئا فليأتنا به، فكان إذا جاء رجل بقرآن يقرأه ومعه آخر كتبه وإلا لم يكتبه . فمن قال يا معاوية : انه ضاع من القرآن شيء فقد كذب هو عند أهله مجموع. أخوكم في الله.. السيد المستبصر.. |
السلام على السيد المستبصر ورحمة الله وبركاته . تقبل الله صيامكم . صحيحٌ ما ذكرتـَه ،ولكننا ننظر إلى عودة ضمير الغيبة المفرد في الآية موضوعة السؤال الذي ذكر السيد كاظم أن عودته تكون إلى الكتاب المكنون لا إلى القرآن نفسه ،وإذا كانت عودته إليه فمن باب تحصيل الحاصل ليس إلاّ . بارك الله فيكم وعظـّم أجوركم بمصابكم في استشهاد سيّد المطهرين صلوات الله عليه .
|
الساعة الآن »03:30 AM. |