![]() |
أبعاد الحج في كلام الإمام الخميني رضوان الله عليه
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف واللعنة الدائمة على اعدائهم من الأولين والأخرين الى قيام يوم الدين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أبعاد الحج في كلام الإمام الخميني رضوان الله عليه المقدمة بسم الله الرحمن الرحيم "إلهي! ارحم إمامنا وقائدنا الراحل ذلك العبد الصالح الممتحن وخلف الصدق للأولياء ذلك الإنسان التقي الزاهد الواعي. الذي كان سعيه لأجل رضاك. ولأجلك كان يصنف أعداءه وأصدقاءه. وفي سبيلك. ولأجلك لم يجزع من أي مصاعب. وأنزل عليه رحمتك وأشمله بفضلك. وأجعل اللَّهم جزءاً وفيراً من حج الحجاج. وعبادة العباد. وسعي الساعين الذين شُملوا بهدايته وقيادته. عائداً لروحه الطاهرة، وحقق اللهم في مقام العمل آماله الكبيرة التي هي نهوض "الحج الإبراهيمي". واستفادة الأمة الإسلامية من هذه المراسم الإلهية العظيمة". الإمام القائد السيد علي الخامنئي دام ظله ﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ ﴾1. اعتاد أكثر الناس أن يحصروا اهتمامهم عند زيارتهم بيت الله الحرام بالمظاهر الخارجية للحج غافلين عن الأبعاد الإلهية المتوخاة من هذا المؤتمر الكبير الذي جمع الله فيه المسلمين من شتى أرجاء العالم بألوانهم المختلفة وعروقهم المتنوعة وطبقاتهم المتعدّدة وجاء إمام الأمة الراحل الخميني العظيم قدس سره ليُلفت الناس إلى الأبعاد الكبيرة التي أرادها الله فيه الحج الإبراهيمي المحمدي فقال في إحدى كلماته: "إن على المسلمين الذين يحملون رسالة الله تعالى أن يستفيدوا من المحتوى السياسي والاجتماعي للحج إضافة إلى محتواه العبادي ولا يكتفوا بالمظهر الخارجي". وأكثر الإمام قدس سره من الكلام عن أبعاد الحج هذه ليتنبَّه المسلمون إليها لتكون الاستفادة العظمى من هذا المؤتمر العظيم. ولتحقيق هذا الهدف السامي جمعنا بعض كلمات الإمام التي تبين الأبعاد الإلهية للحج عسى أن تكون محلاً للإفادة والاستفادة، راجين من الله للإمام المقام العلي. ولمن استفاد من تعاليمه فعمل على رفعة شأن الإسلام والمسلمين الثواب الجزيل. جمعيَّة المعارف الإسلاميَّة الثقافيَّة الفصل الأول: البعد المعنوي للحج "إن البعد السياسي والاجتماعي للحج لا يتحقق إلا بعد أن يتحقق البعد المعنوي". الإمام الخميني قدس سره مكة: مدينة جهاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن النقاط المهمّة التي ينبغي على الحجّاج الكرام الإلتفات إليها، أن مكّة المكرمة والمشاهد المشرّفة مرآة أساس الأحداث الكبيرة لنهضة الأنبياء والإسلام ورسالة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وهي مكان نزل فيه الأنبياء وجبريل الأمين، هذا المكان الذي يذكّرنا بالمصائب والصعوبات التي تحمَّلها النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في سبيل الإسلام والبشرية لعدد من السنين، وأن التواجد في هذه المشاهد المشرفة والأماكن المقدسة. الكعبة مركز التولّي والتبرّي: إن الكعبة المعظّمة هي المركز الأوحد لتحطيم الأصنام، لقد رفع نداء التوحيد من الكعبة إبراهيم الخليل في أول الزمان وسيرفعه حبيب الله ولده المهدي العزيز الموعود روحي فداه في آخر الزمان، وسيبقى مرتفعاً. قال الله تعالى لخليله إبراهيم: ﴿وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ﴾2. المسجد الحرام بيت الجميع: بيت الله الحرام أوّل بيت بني للناس، هو بيت للجميع، الجميع سواسية هناك. فأهل البادية، وسكّان الصحارى، والذين يحملون بيوتهم على أكتافهم، متساوون مع العاكفين في الكعبة وسكّان المدن، ورعايا الدول. هذا البيت شيّد للناس ولأجل نهضة الناس، نهضة الجميع ولأجل منافع الناس. المسجد الحرام ليس للعبادة فقط: إن المسجد الحرام والمساجد الأخرى في زمان رسول الله الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم كانت مراكز عسكرية وسياسية واجتماعية ولم يكن مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأجل الأمور العبادية فقط كالصلاة والصيام، بل كانت المسائل السياسية هي الأغلب، فكانت الأمور التي تتعلق بإرسال الرجال إلى الحرب وتعبئة الناس إنما تبدأ من المسجد في أي وقت يحتاجون فيه لذلك. أهمية البعد المعنوي للحج: إن المراتب المعنوية للحج هي رأسمال الحياة الخالدة وهي التي تقرب الإنسان من أفق التوحيد والتنزيه، وسوف لن نحصل على شيء ما لم نطبق أحكام وقوانين الحج العبادية بشكل صحيح وحسن، وحرفاً بحرف، وعلى الحجّاج المحترمين والعلماء المعظمين مسؤولي قوافل الحجّاج أن يصرفوا وقتهم ويكون كل همّهم تعليم وتعلم مناسك الحج، وعلى العارفين مراقبة من يرافقهم حتى لا يتخلف أحد عن الأوامر لا سمح الله، إن البعد السياسي والاجتماعي للحج لا يتحقق إلا بعد أن يتحقق البعد المعنوي والإلهي وأن تكون كلمة "لبيك" التي تتلفظون بها استجابة لدعوة الحق تعالى. سرُّ التلبية: إن هذه المناسك العجيبة كلّها إشارات عرفانية وروحية لا يتّسع المجال لتفصيلها في هذا المقال. بدءاً من الإحرام والتلبية وحتى آخر المناسك. لذا سأكتفي بذكر بعض إشارات التلبية. إن لبَّيك التي تتكرر عدة مرات من إنسان، حقيقته أنّه يستجيب لدعوة الله بالاسم الجامع، ويستمع بروحه لنداء الحق، فالمسألة هي مسألة الحضور بين يدي الله ومشاهدة جمال المحبوب. ويحكى أن المتحدث في هذه الساحة المقدسة يتجاوز ذاته لينفي وهو يكرر استجابته الدعوة ويعقب بعد ذلك بنفي الشريك لله. بالمعنى المطلق الذي يعلمه أهل الله ليس الشريك في الألوهية فقط، وإن كان نفي الشريك في هذا المقام أيضاً شاملاً لجميع المراتب حتى فناء العالم في نظر أهل المعرفة ومشتمل على جميع الفقرات الاحتياطية والإستجابية مثل "الحمد لك والنعمة لك". والحمد هنا من اختصاص الذات المقدسة، وكذلك النعمة ونفي الشريك، وهذا غاية التوحيد عند أهل المعرفة، وهذا يعني أن كل حمد وكل نعمة تتحقق في عالم الوجود، هي حمد الله ونعمة الله بدون شريك، ويسري هذا المقصد وهذه الغاية على كل موقف ومشعر ووقوف وحركة وسكون وفي أي عمل، وخلاف ذلك إنما يكون الشرك بالمعنى الأعم، المبتلون به نحن جميعاً عمي القلوب. وإذا ما دفّنا في عالم النسيان الجهات المعنوية، لا تظنوا أنكم قادرون على التخلّص والتحرّر من مخالب شيطان النفس. وما دمتم في أسر وقيد ذواتكم وأهوائكم النفسانية، لن تستطيعوا جهاداً في سبيل الله ودفاعاً عن حرمات الله. وأنتم أيها الأعزّاء، إرجعوا إلى ذواتكم، وفكّروا بأبطال الجمهورية الإسلامية الذين حقّقوا الانتصارات الإلهية لأجل الإسلام والجمهورية الإسلامية. والآن يوجد بينكم بعض من الشهداء الأحياء يؤدّون مناسك الحج معكم، فخذوا العبرة من هذا التحوّل العظيم الذي حصل في داخلهم، وكان سبباً لكل التضحيات والفداء. وليعلم المسلمون أنه ما لم تحصل في داخلهم درجة من هذه التحوّلات، فإن شيطان النفس الإمّارة بالسوء، وشياطين الخارج، لن يدعوهم يفكروا بالأمة الإسلامية ومظلومي العالم. تحرّروا من غير الله: في المواقيت الإلهية والمقامات المقدسة، في جوار بيت الله المليء بالبركات، راعوا آداب الحضور في الساحة المقدّسة للعلي العظيم، وحرّروا قلوبكم أيُّها الحجّاج الأعزّاء من جميع الارتباطات المتعلقة بغير الله، وأخرجوا من قلوبكم غير حب الله، ونوّروها بأنوار التحليات الإلهية، حتى تكون الأعمال والمناسك في سيرها إلى الله مليئة بمضمون الحج الإبراهيمي وبعده بالحج المحمدي، وبمقدار تخفيف الحمل من أفعال الطبيعة يسلم الجميع من أوزار المنى والمنية، وبحمل ثقل معرفة الحق وعشق المحبوب تعودون إلى أوطانكم وتجلبون للأصدقاء هدايا النعم الإلهية الأزلية بدل الهدايا المادية الفانية، وبقبضات مليئة بالقيم الإنسانية الإسلامية التي بعث لأجلها الأنبياء العظام من إبراهيم خليل الله إلى محمد حبيب الله صلى الله عليه وآلهم أجمعين، تلتحقون بالرفاق عشّاق الشهادة. هذه القيم والدوافع التي تحرِّر الإنسان من أسر النفس الأمَّارة بالسوء، وتنجّي من الارتباط الشرق والغرب، وتوصل إلى شجرة الزيتون المباركة اللا شرقية واللا غربية. الحج سؤال الله: إنتبهوا إلى أن السفر إلى الحج ليس سفراً للتجارة، وليس سفراً لتحصيل أمور الدنيا، إنما هو سفر إلى الله. أنتم ذاهبون إلى بيت الله الحرام، فأتمّوا كل الأمور والأعمال المطلوبة منكم بطريقة إلهية. إن سفركم الذي يبدأ من حين التهيّؤ هو وفادة إلى الله، سفر إلى الله تعالى وكما أن المسافرين إلى الله أمثال الأنبياء عليهم السلام والعظماء من ديننا، مسافرون إلى الله في جميع أحوالهم وأوقات حياتهم، ولم يتخلّفوا خطوة واحدة عن أي شيء في برنامج الوصول إلى الله، أنتم أيضاً تذهبون الآن وفوراً إلى الله، في الميقات الذي تذهبون إليه تلبون فيه نداء الله، وتقولون لبّيك اللهم لبّيك، يعني أنت تدعونا ونحن نجيب الدعوة، معاذ الله أن تقوموا بعمل لا يرضاه الله تبارك وتعالى أنا لا أقبل ولا أريدكم إذا كنتم غير إسلاميين. أخلصوا في الحج: إن أهم الأمور في جميع العبادات هو الإخلاص في العمل وإذا قام شخص لا سمح الله بعمل ما لأجل التظاهر به أمام الآخرين، وعرض عمله الجيّد أمامهم، فإنه يصبح باطلاً. ولينتبه الحجّاج المحترمون وليواظبوا على عدم إشراك غير الله في أعمالهم، إن الجهات المعنوية للحج كثيرة، والمهم أن يعرف الحاج إلى أين يذهب ودعوة من يلبّي؟ وأنه ضيف من؟ وما هي آداب هذه الضيافة؟ وليعلم أن الغرور والنظرة الذاتية لا يجتمعان مع حب الله وطلبه، ويتناقضان مع الهجرة إلى الله، وبالتالي تكونان سبباً لنقص معنويات الحج. وإذا ما تحققت هذه الجهة المعنوية والعرفانية للإنسان، وإذا ما تحققت لبّيك صادقة ومقرونة بنداء الحق تعالى، حينها ينتصر الإنسان في جميع الميادين السياسية والاجتماعية الثقافية وحتى العسكرية، ومثل هذا الإنسان لن يعرف الهزيمة، إلهي اجعل جزءاً من هذا السير والسلوك المعنوي والهجرة الإلهية من نصيبنا جميعاً. ليلتفت أولئك الذين يذهبون إلى الحج أن لا يخلطوا للحظة حجهم بالمعاصي. ينبغي أن يكون كل شيء إسلامياً وكل شيء عبادة، لتكن المظاهرات عبادة خالية من معصية، ولتكن الشعارات عبادية، خالية من المعصية، لتكن على النحو الذي أراده الله، وأما أن يفعل كل واحد ما يريد ، وأن يقول لمن يريد كلاماً سيّئاً. كلا، ليس الأمر كذلك، يجب أن تكون هذه المسائل طبق برنامج صحيح قد خطّط له من قبل ويجب أيضاً الانتباه لهذه المسائل. سرُّ المناسك: إن الطواف حول الكعبة المشرّفة يعني أن الإنسان لن يطوف لغير الله. ورجم العقبات هو رجم شياطين الإنس والجن، وأنتم عندما ترجمون عاهدوا الله أن تقتلعوا شياطين الإنس والقوى العظمى من البلاد الإسلامية. اليوم كل العالم الإسلامي أسير بيد أمريكا، أحملوا من الله رسالة إلى مسلمي القارات المختلفة للعالم الإسلامي، رسالة أن لا تخضعوا لغير الله ولا تكونوا عبيداً لأحد. عندما تلفظون لبّيك لبّيك، قولوا لا لجميع الأصنام، واصرخوا لا لكل الطواغيت الكبار والصغار، وأثناء الطواف في حرم الله حيث يتجلى العشق الإلهي، خلّوا قلوبكم من الآخرين، وطهّروا أرواحكم من أي خوف لغير الله. وفي موازاة العشق الإلهي، تبرأوا من الأصنام الكبيرة والصغيرة والطواغيت وعملائهم وازلامهم، حيث إن الله تعالى ومحبّيه تبرأوا منهم، وأن جميع أحرار العالم بريئون منهم. وحين تلمسون الحجر الأسود أعقدوا البيعة مع الله أن تكونوا أعداء لأعداء الله ورسوله والصالحين والأحرار، ومطيعين وعبيداً له، أينما كنتم وكيفما كنتم. سيروا إلى المشعر الحرام وعرفات وأنتم في حالة إحساس وعرفان، وكونوا في أي موقف مطمئني القلب لوعد الله الحق بإقامة حكم المستضعفين. لا ترجموا أنفسكم: إن هذا السفر الإلهي الذي تذهبون إليه وترجمون فيه الشيطان ، وإذا ما كنتم لا سمح الله من جنود الشيطان سترجمون أنفسكم أيضاً. يجب أن تكونوا فيه رحمانيين، وأن تصبحوا رحمانيين، حتى يكون رجمكم رجم أتباع الرحمن، ورجم جنود الرحمن للشيطان، أنتم تقفون في تلك المواقف والمواضع الكريمة، معاذ الله أن يتلوّث وقوفكم بشيء خلاف الشرع، أو يتلوث بالمعصية، ففضلاً عن إراقة ماء الوجه أمام الله تسقط كرامة الإسلام في الدنيا، اليوم كرامة الإسلام متقومة بوجودكم، أنتم الذين تذهبون جماعات جماعات إلى تلك المواقف الكريمة ويشاهدكم سائر المسلمين. لا حج كامل بدون حج صحيح: إن المراتب المعنوية للحج هي رأسمال الحياة الخالدة وتقرب الإنسان من أفق التوحيد والتنزيه، وسوف لن نحصل على النتيجة ما لم ننفذ أحكام وقوانين الحج العبادية بشكل صحيح ولائق وشعرة بشعرة، على الحجّاج المحترمين والعلماء المعظّمين مسؤولي قوافل الحجّاج أن يصرفوا وقتهم ويكون كل همّهم هو تعليم وتعلّم مناسك الحج وعلى العارفين مراقبة من يرافقهم حتى لا يتخلف أحد عن الأوامر. على أيّة حال هذه وظيفة العلماء الموجودين في القوافل يعني هي إحدى وظائفهم، وإن إحدى الوظائف المهمة أيضاً هي تعريف الناس بمسائل الحج، إننا نرى الكثيرين من الأشخاص الذين يذهبون إلى الحج ويتحملون المصاعب وهم لا يعرفون مسائل الحج ويصبحون مقيّدين بحركتهم هناك، وعندما يعودون وبعد عدة سنوات يسألون أننا قد أنجزنا علمنا على الشكل التالي، فهل حجّنا صحيح أم لا ؟ فهل نحن ما زلنا على إحرامنا أيضاً أم لا؟ فيجب على السادة العلماء أن يعقدوا جلسات للتدريس ويدرّسوا الناس آداب الحج، واجبات الحج، محرّمات الحج، فإذا لم يتعلّموا الآداب، فليس في ذلك إشكال، أما المحرمات والواجبات فيجب تعليمها للناس يومياً، ويجب على الناس أيضاً الذهاب عند السادة العلماء لحضور هذه الدروس، فإذا ما انعقدت هذه الدروس فيجب أن يذهبوا إليهم ويستمعوا ويتعلموا مسائل الحج حتى لا يصبحوا مأسورين فيما بعد عند عودتهم ويتساءل أحدهم كيف كان طوافي، هل كان صحيحاً أم لا؟. فعندما تتعلمون المسائل فالعمل حينئذ يكون صحيحاً وخالياً من الأخطاء. وأيضاً إن إحدى الوظائف الملقاة على الجميع ويجب على العلماء القيام بها هناك، كما يجب على عامّة الناس أن يتتبعوا هذا الأمر هي تعلّم مسائل الحج وعدم الاكتفاء بأننا ذهبنا إلى الحج وأنجزنا عملنا كيفما كان. كلا الأمر هنا مختلف عن كل الأماكن الأخرى. فالإنسان الذي يذهب للزيارة مثلاً ولم ينجز أعماله المتعلقة بها على النحو الصحيح سوف لن تسبب له أي إشكال أو مشكلة، أما هنا في الحج فإنها تسبب له إشكالات أنه ما زال محرماً! فهذا يعني أنه يجب عليه أن يذهب ثانية إلى الحج وهو يواجه الكثير من هذه الإشكالات لذا ومن أجلكم أنتم عليكم أن تتّبعوا هذه المسائل وتتعلّموها حتى لا تقعوا في الاشتباه والخطأ ولا تكون سبباً، لتعبكم فيما بعد وهذه أيضاً إحدى المسائل. الإنس بالقرآن في الحج: إني أذكِّر الحجّاج المحترمين أن لا يغفلوا في جميع المواقف المعظّمة وطيلة فترة سفرهم إلى مكة المكرمّة والمدينة المنوّرة عن الاستئناس بالقرآن الكريم، هذه الصحيفة الإلهية وكتاب الهداية، لأن كل ما عند المسلمين وما سيكون، على طول امتداد التاريخ الماضي وكذلك في المستقبل، إنما هو من بركات هذا الكتاب المقدّس، ولذا أرجو من العلماء الأعلام، وأبناء القرآن والمفكرين العظام، أن يستفيدوا من هذه الفرصة ولا يغفلوا عن هذا الكتاب المقدس وهو "تبيان لكل شيء"، وصادر عن مقام الجمع الإلهي إلى قلب النور الأول وينبض بتجليات جمع الجمع . حيث أدركه خُلّص أوليائه العظام ببركة ذاته المقدسة وتعليمه إيّاهم والذي ينهل منه خُلّص أهل المعرفة، وعلى قدر استعداداتهم ومراتب سلوكهم بفضل مجاهداتهم ورياضاتهم القلبية. والآن وهو في صورته المدونة بعد نزوله بلسان الوحي وصلنا دون نقص أو زيادة حرف، ومعاذ الله أن يصبح مهجوراً إلا أن أبعاده المختلفة والتي ينطوي في كل بعد منها على مراحل ومراتب بعيدة عن متناول البشر العاديين، ولكن أهل المعرفة والتحقيق في مختلف فروعه وبنسبة العلم والمعرفة والاستعداد لديهم من خلال بياناتهم وخطبهم وأحاديثهم المتفاوتة إنما يقربون الفهم من هذه الخزائن اللا متناهية بالعرفان الإلهي والبحر الموّاج للكشف المحمدي ويقدمونه للآخرين، وأن يقوم أهل الفلسفة والبرهان ببحث ودراسة الرموز الخاصة لهذا الكتاب الإلهي وكشف أصل الأدلة الفلسفية الإلهية لإشارات تلك المسائل العميقة ويضعوها في متناول أهلها. يجب أن نعلم أن الحكمة هي أن هذا الكتاب الخالد الأبدي إنما هو لأجل هداية وإرشاد البشرية من أي لون أو قومية وفي أي قطب أو قطر وحتى قيام الساعة. وأن تبقى المسائل الحياتية المهمة حية سواء فيما يخص المعنويات أو فيما يتعلق بنظام الملكية. وإفهام الناس أن مسائل القرآن ليست لعصرٍ وجهةٍ خاصة، ولا يظن أن هدف إبراهيم وموسى ومحمد عليهم وعلى آلهم السلام يختص بزمان خاص. هوامش 1- آل عمران :96. 2- الحج: 27. 3- البقرة:125. 4- التوبة:3. |
الفصل الثاني: البعد الاجتماعي للحج
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم السلام عليكم ورحمة الله الوحدة في فلسفة الحج: الحج مركز التعارف: اتحدوا في رجم الشياطين: اتحدوا لتعيدوا المجد: إن لون ورائحة الإيمان والإسلام اللذين هما أساس الانتصار، والقوة يجب أن يقضيا على التنازع والتفرقة اللذين أساسهما الأهواء النفسانية ومخالفة أحكام الحق تعالى. الوحدة هي الحلّ: طريق واحد هو أساس لكل السبل ويقتلع جذور هذه المآسي ويقطع دابر الفساد ويعيد وحدة المسلمين بل وحدة جميع المستضعفين وكل المستضعفين والمكبلين بالسلاسل في العالم. هذه الوحدة التي يؤكدها ويكررها الإسلام الشريف والقرآن الكريم، ويجب تحقيقها في الواقع من خلال الدعوة والتبليغ بها بشكل واسع، ومركز هذه الدعوة مكة المعظمة عندما يجتمع المسلمون لأداء فريضة الحج والتي بدأها إبراهيم خليل الله ومحمد حبيب الله ويكملها في آخر الزمان حضرة بقية الله أرواحنا لمقدمه الفدا، يخاطب الله إبراهيم خليل الله ليدعو الناس إلى الحج، ويأتون من جميع الأقطار ليشهدوا منافع لهم ومنافع للمجتمع، منافع سياسية، ومنافع اقتصادية، ومنافع اجتماعية وثقافية. ليأتوا ويروا نبيهم الذي قدم أغلى وأعزّ ثمرة في حياته في سبيل الله. ويجب على ذرّية آدم كلها أن تتأسى بك فلينظروا كيف حطّمت الأصنام، وكيف أبعدت ورميت جانباً كل ما عدا الله. شمساً كان أم قمراً، هياكل، حيوانات أو بشراً وقلت في كنه الحقيقة: ﴿...وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِين﴾3. شكِّلوا جبهة للمستضعفين: والمجتمعات الإسلامية لوحدة الكلمة ورفع الاختلافات بين فئات المسلمين حيث ينبغي على الخطباء والعلماء والمفكرين أن يبادروا إلى هذا الأمر الحياتي ويسعوا في سبيل إيجاد وتشكيل جبهة للمستضعفين حيث إنهم يستطيعون بوحدة الجبهة، ووحدة الكلمة، وشعار لا إله إلا الله أن يتحرّروا من أسر القوى الشيطانية للأجانب والمستعمرين والمستثمرين، ويتغلبوا على المشاكل بوحدتهم وأخوّتهم. احترزوا من التفرقة: سرُّ الانتصار وسب الهزيمة: الاعتصام بحبل الله بيان تعاون جميع المسلمين، في سبيل الإسلام ولأجل مصالح المسلمين وللابتعاد عن التفرقة والانفصال والتحزب الذي هو أساس جميع المصائب والتخلف. أطلب من الله العلي القدير وحدة كلمة مسلمي العالم وعظمة الإسلام والمسلمين. واجهوا المثقفين المأجورين: المشاركة في صلاة الجماعة للإخوة أهل السنّة: هوامش 1- الأنفال:- 46. 2- سبأ :46. 3- الأنعام :79. 4- التوبة:3. 5- آل عمران:103. |
الفصل الثالث : البعد السياسي للحج
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم السلام عليكم ورحمة الله الفصل الثالث : البعد السياسي للحجالإمام الخميني قدس سره أهمية البعد السياسي للحج: لأن اللاعبين الدوليين ولأجل إبقاء المسلمين في غفلتهم ودائرة التخلف من جهة، وعمل عملائهم النفعيين من جهة أخرى، وغفلة الأجيال الجاهلة من ناحية وعلماء البلاط أو أصحاب الفهم المنحرف والملتوي من ناحية أخرى، والنسّاك الجاهلون من جهة عن علم أو عن غير علم، قد وقفوا وراء بعضهم البعض لمحو هذا البعد ليعملوا فيما بعد على تقرير مصير المظلومين وتحريرهم. ينبغي على الملتزمين والواعين والذين تحترق قلوبهم لأجل غربة الإسلام وهجرانه أن يبينوا هذا البعد في أحكام الإسلام وخاصة في أحكام الحج حيث أن هذا البعد أكثر وضوحاً وتأثيراً. لينهضوا جميعاً ويسعوا لأجل ذلك من خلال أقلامهم وأحاديثهم وبياناتهم وكتاباتهم وخصوصاً في أيام موسم الحج وبعد الانتهاء من هذه المراسم العظيمة، وعودتهم إلى ديارهم وبلادهم. وبالإلتفات لهذا البعد العظيم يستطيعون تحريك الناس وتوعيتهم لأجل تحرير مظلومي العالم من ضغط أدعياء السلام الظالمين المتزايد يوماً بعد يوم. نفع أعظم وأعلى من جعل أيادي جبابرة العالم، وظلمة العالم مكفوفة عن تسلطها على الدول المظلومة ولتصبح ثروات الدول العظيمة من حق شعوبها أنفسها. اليوم موسم حج بيت الله الحرام يأتي المسلمون من جميع أطراف العالم لأجل زيارة بيت الله فينبغي أثناء إنجاز أعمال الحج الشريفة الانتباه إلى إحدى أهم فلسفات هذا الاجتماع العظيم، فيبحثوا في الأوضاع السياسية والاجتماعية للدول الإسلامية، ويطلعوا على المصائب والمصاعب التي يواجهها إخوانهم في الإيمان، ويسعوا ضمن إطار تكليفهم الإسلامي والوجداني لرفعها وحلها. فالاهتمام بأمور المسلمين من الواجبات المهمة في الإسلام. الحج فرصة الوعي السياسي: قدِّموا التقارير: الاستكبار يخشى وحدتكم: وتعمل بكل قوتها بشكل مباشر أو من خلال أيادي عملائها المنحرفين لإيجاد هذه الاختلاف حتى تبقى متسلّطة ومسيطرة على مقدَّرات مسلمي العالم وحاكمة عليهم لتنهب ثرواتهم وذخائرهم التي لا تنتهي. غفلة الكبار: للأسف نحن المسلمون الذي ابتعدنا عن الإسلام، وانزوينا عن الحقائق الإسلامية، ونحن لناس بصدد التفكير به أبداً، أولاً: بأن يذهب القادرون ويتشرّفوا في بيت الله، ويجتمع المفكرون، والكتّاب والمثقفون والعلماء في ذلك المحيط ويبحثوا في مشاكل المسلمين في شتى أنحاء العالم، وأن يحلوا ما يستطيعون حلّه. الآن نرى أنه لا يتشرّف بمكة وحج بيت الله الحرام، سوى فئة معينّة من عوام الناس، فيجتمعون هناك، أما الأشخاص القادرون والمؤثرون في الحكومات من كبار القوم ويستطيعون الاجتماع هناك للبحث في مسائل الإسلام والمسلمين وفي المسائل السياسي والاجتماعية فنراهم للأسف غافلين عن هذا الأمر. الحج ـ الاجتماع الأكبر: العدو المشترك: أصلحوا رؤساءكم: تجهَّزوا لمحاربة إسرائيل: وإن رجم العقبات هو رجم شياطين الإنس والجن، أنتم برجمكم تعاهدون الله على أن تطردوا شياطين الإنس والقوى العظمى من بلادكم الإسلامية، اليوم العالم الإسلامي أسير بيد أمريكا، أنتم تحملون رسالة من الله لأجل جميع المسلمين في القارَّات المختلفة من العالم، رسالة تؤكد أن العبودية إنما هي لله وحده ولا يمكن أن تكون لأي شخص آخر. وبعون الله تعالى وبفضل أتباع الإسلام والقدرات المعنوية لأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبالاستفادة من إمكانات الدول الإسلامية، وتشكيل قوى حزب الله في العالم سيتمكنون من إخراج فلسطين والأراضي المغتصبة من مخالب الصهيونية، سيجعلونها تندم على كل جرائمها التي ارتكبتها في الماضي. وأنا، كما قلت وحذّرت مراراً في السنوات الماضية قبل وبعد الثورة، مجّدداً أحذّر من خطر انتشار هذه الغدّة السرطانية الصهيونية في قلب وجسد العالم الإسلامي وأعلن عن دعمنا وتأييدنا شعباً وحكومة ومسؤولين في إيران للشعوب الإسلامية والمقاومة، وللشباب المسلم الغيور في سبيل تحرير القدس. وأشكر شباب لبنان الأعزّاء الذين كانوا سبباً لعزّة وارتقاء أمّة الإسلام، وأذلُّوا ومرغوا أنوف أَكَلَة العالم. . دور العلماء والمفكرين: والاستدلال لها، وتوزيعها في "محيط الوحي" بين المجتمعات الإسلامية، ونشرها أيضاً بلادهم بعد عودتهم إليها. ويطلبوا في هذه البيانات من رؤساء الدول الإسلامية أن يضعوا نصب أعينهم الأهداف الإسلامية، ويضعوا جانباً الاختلافات، وأن يفكّروا بحل ما لأجل الخلاص من مخالب الاستعمار. غفلة العلماء: الدول يقاومون ويجاهدون المعتدين، فأي حجّة أكبر من ذلك وأي ذريعة تبقى للسكون والمسايرة والجلوس في البيت والعمل بالتقية في غير موردها. إذا تأخّر العلماء والروحانيون الملتزمون بالإسلام عن العمل، سيفوت الأوان. طبعاً نحن نشعر ونحسّ بآلام بعض العلماء الملتزمين المحاصرين في مدنهم وبلادهم تحت حراب وضغط التهديدات وأحكام علماء السوء اللا شرعية، ولكن أذكّر جميع هؤلاء الأعزّاء الذين هم تحت ضغط الجبّارين بموعظة الله سبحانه، ﴿...أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ...﴾3. قوموا لله ولا تجزعوا من الوحدة والغربة، فالمساجد أفضل المتاريس، وصلاة الجمعة والجماعة أفضل الساحات والميادين لتنظيم وشرح وبيان مصالح المسلمين. الحج الإبراهيمي الغريب: من الأمور التي لا تقبل الإنكار ولا تحتاج إلى التذكير أن الإسلام العظيم هو دين التوحيد ومحطم الشرك والكفر وعبادة الأصنام وعبادة النفس وهو دين الفطرة والخلاصة من قيود الطبيعة ودسائس الشطيان من الجن والإنس في العلن والخفاء، ودين سياسة التمدن والهادي إلى الصراط المستقيم "لا شرقية ولا غربية" دين عبادته سياسة وسياسته عبادة، والآن حيث يجتمع مسلمو العالم من البلاد المختلفة حول كعبة الآمال وحجّ بيت الله الحرام للقيام بهذه الفريضة الإلهية العظيمة وعقد هذا المؤتمر الإسلامي الكبير في هذه الأيام المباركة، فإن على المسلمين الذين يحملون رسالة الله تعالى أن يستفيدوا من المحتوى السياسي والاجتماعي للحج إضافة إلى محتواه العبادي ولا يكتفوا بالمظهر الخارجي. الجميع يعلم أنه ليس بمقدور أي إنسان وأية دولة عقد مثل هذا المؤتمر الكبير، وأن أمر الله تعالى هو الذي صنع هذا الاجتماع العظيم إلا أنه مع الأسف لم يستطع المسلمون على مرّ التاريخ من أن يستفيدوا من هذه القوة السماوية وهذا المؤتمر الإسلامية كما ينبغي لصالح الإسلام والمسلمين. التي أخضعت جميع مستضعفي العالم لعبادتها والسجود لها واعتبرت جميع عباد الله الأحرار عبيداً لأوامرها؟ الحج مدرسة التضحية: لقد علم أبناء آدم الجهاد في سبيل الله من هذا المكان العظيم بلّغوا العالم أيضاً عن الفداء والتضحية، وقولوا للعالم، إنه في سبيل الله وإقامة العدل الإلهي وقطع أيادي المشركين في هذا الزمان، يجب أن يخلّد الحق بتمامه في أي شيء حتى ولو كان مثل إسماعيل الذي قضى، وهذا حق محطّم الأصنام هذا وولده العزيز محطّم الأصنام الآخر سيِّد الأنبياء محمد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم علّما البشرية أنه يجب تحطيم الأصنام كيفما تكون. وأن الكعبة، أم القرى على امتداد سعتها وحتى آخر نقطة من الأرض، وحتى آخر يوم في العالم يجب أن تطهّر من دنس الأصنام، أي صنم كان وكيفما كان أكان هياكل أو شمساً أو قمراً أو حيواناً أو إنساناً أو صنماً أسوأ وأخطر من الطواغيت على امتداد التاريخ، من زمن آدم صفيّ الله حتى إبراهيم خليل الله، إلى محمد حبيب الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى آخر الزمان الذي يظهر فيه محطّم آخر للأصنام ويطلق نداء التوحيد من الكعبة. وهذا تطهير من جميع الأرجاس التي أكبرها الشرك الذي هو في صدر الآية الكريمة ونقرأ في سورة التوبة: ﴿وَأَذَانٌ ...وَرَسُولِهِ ..﴾6 وإن الإمام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه وعلى لسان كل الأديان وباتفاق المسلمين، يطلق نداء من الكعبة ويدعو البشرية إلى التوحيد. والجميع يطلقون صرخاتهم من الكعبة وكلمة التوحيد من ذاك المكان المقدَّس. وبالصرخات والدعوات والتظلُّمات وفضح المؤامرات والاجتماعات الحيّة والحاسمة في مجمع المسلمين في مكّة المكرمة نحطّم الأصنام وتُرجم الشياطين وعلى رأسهم الشيطان الأكبر في العقبات، ونطردهم حتى نحقق حج خليل الله وحبيب الله وولي الله المهدي العزيز، وإلا نكون مصداقاً للقول: ما أكثر الضجيج وما أقلّ الحجيج. تطبيق الشعائر: البراءة ركن الحج: إذ على المسلمين أن يملأوا أجواء العالم بالمحبة والعشق للبارئ. وبالبغض والاستياء والرفض لأعداء الله ويجب ألا يصغوا إلى وسوسة الخنّاسين وشبهات المشككين والجهّال والمنحرفين وألا يغفلوا لحظة واحدة عن هذا النشيد التوحيدي المقدس والشامل. صرخة البراءة خالدة: البراءة هي من كل ظالم: البراءة وتحرير الطاقات: البراءة صرخة العقيدة والاستضعاف: هوامش 1- التوبة :19. 2- محمد :7. 3- سبأ :46. 4- الحج:27. 5- لبقرة :125. 6- التوبة :3. 7- التوبة :3. |
الساعة الآن »06:42 PM. |