![]() |
الاخلاق الحسينية
* عن عبد الله بن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : بي أنذرتم ، وبعلي بن أبي طالب اهتديتم . وقرأ : * ( إنما أنت منذر ولكل قوم هاد ) وبالحسن أعطيتم الإحسان ، وبالحسين تسعدون ، وبه تشقون . ألا إن الحسين باب من أبواب الجنة ، من عانده حرم الله عليه ريح الجنة ( 4 )
فلكي نسعد بالحسين عليه السلام . . تعالوا نقف متأملين خاشعين أمام الأخلاق الحسينية ، وتعالوا نمض مع الإمام الحسين عليه السلام في أخلاقه النبوية . الموعظة الحسينية قد يتساءل مستغرب : ما العلاقة بين المواعظ الحسينية والأخلاق ؟ ! أليست المواعظ والحكم تدرج في حقل العلوم والمعارف ؟ الجواب : نعم ، هي كذلك تدرج في العلوم والمعارف ، ولكن نتساءل نحن في المقابل : أليست السنة النبوية المطهرة قد امتدت بأمر الله سبحانه وتعالى وحكمته ومشيئته في سنة أهل بيته عليهم السلام ؟ أليست السنة النبوية على ثلاث صور : 1 - فعل النبي ، و 2 - قوله ، و 3 - تقريره ؟ ألم يكن للنبي صلى الله عليه وآله في هذه الصور الثلاث توجيهات أخلاقية للأمة ؟ حيث صدرت منه أفعال في مكارم الأخلاق ، وأقوال في محاسن الأخلاق ، وإقرار وتبريك وتشجيع لمن صدر منه خلق طيب ، أو بانت منه صفة أخلاقية حميدة . فالمصطفى الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم كان كريما ، وكان يدعو إلى الكرم ويشوق إليه مبينا فضائله ، ورذائل البخل ، ويوم جئ بالأسارى إليه أمر صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام بضرب أعناقهم إذ كانوا قد حاربوه وقتلوا المؤمنين ، ثم أمره بإفراد واحد من الأسرى المشركين لا يقتله ، فقال الرجل : لم أفردتني من أصحابي والجناية واحدة ؟ فأجابه صلى الله عليه وآله قائلا : إن الله تبارك وتعالى أوحى إلي أنك سخي قومك ، ولا أقتلك . فقال الرجل : فإني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله صلى الله عليه وآله . قال : فقاده سخاؤه إلى الجنة ( 1 ) . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 4 - القطرة ، من بحار مناقب النبي والعترة / للسيد أحمد المستنبط 1 : 44 / ح 34 1 - الإختصاص / للشيخ المفيد : 253 . . |
الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي
* وجاء عن الإمام محمد الباقر عليه السلام أنه : أتي النبي صلى الله عليه وآله بأسارى فأمر بقتلهم ، وخلى رجلا من بينهم . فقال الرجل : كيف أطلقت عني من بينهم ؟ فقال : أخبرني جبرئيل عن الله جل جلاله أن فيك خمس خصال يحبها الله ورسوله : الغيرة الشديدة على حرمك ، والسخاء ، وحسن الخلق ، وصدق اللسان ، والشجاعة . فلما سمعها الرجل أسلم وحسن إسلامه ، وقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وآله قتالا شديدا حتى استشهد ( 2 ) * ورأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أبا أيوب الأنصاري رضوان الله عليه يلتقط نثارة المائدة ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : بورك لك ، وبورك عليك ، وبورك فيك ( 3 ) . فدعا له صلى الله عليه وآله لأنه عمل مستحبا ، وكان منه التواضع واحترام نعمة الله عز وجل . وأهل البيت سلام الله عليهم كانوا يباركون لمن تصدر منه بادرة أخلاقية إيمانية . . فيوم عاشوراء التفت أبو ثمامة الصائدي إلى الشمس قد زالت - أي حل وقت الظهر - فقال للحسين : نفسي لك الفداء ، إني أرى هؤلاء قد اقتربوا منك ، لا والله لا تقتل حتى أقتل دونك ، وأحب أن ألقى الله وقد صليت هذه الصلاة التي دنا وقتها . فرفع الحسين سلام الله عليه رأسه إلى السماء وقال : ذكرت الصلاة ، جعلك الله من المصلين الذاكرين ، نعم هذا أول وقتها ، سلوهم أن يكفوا عنا حتى نصلي ( 1 ) . فدعا عليه السلام له لأنه ذكر الصلاة في أول وقتها ، اعتناء بها ، واهتماما بطاعة الله عز وجل كما يحب ، ومما يحبه سبحانه الصلاة في أول وقتها . فالتشجيع على الواجبات والمستحبات والفضائل هو من الأخلاق الحميدة ، لأنه سبب لأن تسود السنن الشريفة ، والأخلاق الكريمة . ولا يفوتنا أن نقول : إن الإمامة هي الامتداد الإلهي والشرعي للنبوة ، وبما أن السنة النبوية سنة مطهرة معصومة ، كذلك سنة الأئمة الأطياب . فالأخلاق عندهم تظهر مرة في صورة فعل ، ومرة أخرى في صورة وعظ وإرشاد ، ومرة ثالثة في صورة تقرير . ثم لا ينبغي أن يفوتنا أن الوعظ هو قول ، والقول هو من العمل ، فكما يكون الاعتداء على المؤمن البرئ بالضرب حراما ، كذلك شتمه بالقول حرام ، وكما يكون الدرهم والدينار صدقة ، كذلك الكلمة الطيبة صدقة ، وكما تكون الغلات والأموال زكاة ، كذلك العفو ، فقد جاء عن الإمام علي عليه السلام أنه قال : العفو زكاة القدرة ( 2 ) . وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوما لأصحابه : أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم . قيل : يا رسول الله ! وما أبو ضمضم ؟ قال : رجل ممن قبلكم كان إذا أصبح يقول : اللهم إني تصدقت بعرضي على الناس عامة ( 1 ) ، فيكون عفوه عن إساءات الناس صدقة له عليهم . ومن هنا نفهم أن القول هو من الفعل ، وإلا لما حرم الله تعالى الغيبة والنميمة والكذب والبذاء . . وهي أقوال ، ولما قال النبي الهادي صلى الله عليه وآله : إن من حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه ( 2 ) ، ولما قال أيضا : من لم يحسب كلامه من عمله كثرت خطاياه ، وحضر عذابه ( 3 ) . إذن : فإن الكرم والغيرة والعفو من الأخلاق ، إذ هي أفعال ومواقف ، والدعوة إليها باللسان والتشويق لها والتشجيع عليها كذلك من الأخلاق . 2 - الخصال / للشيخ الصدوق : 282 3 - مكارم الأخلاق : 146 1 - مقتل الحسين عليه السلام / للخوارزمي 2 : 17 2 - معاني الأخبار / للشيخ الصدوق 1 - مصباح الشريعة / للإمام جعفر الصادق عليه السلام - الباب 70 في العفو : 158 2 - معاني الأخبار / للشيخ الصدوق : 334 3 - أصول الكافي 2 : 115 . |
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وإلعن أعدائهم أحسنتم وبارك الله بكم أختي إم فاطمة وحشرنا الله وإياكم مع محمد وآل محمد (ع) ووفقنا الله للتحلّي بأخلاقهم لا تنسونا من صالح دعائكم يـــــــ زهراء ـــــــا مـــــدد |
الساعة الآن »04:11 PM. |