![]() |
مسيرة الامام الحسين عليه السلام من مكة الى كربلاء - الجزء 1
يوم الخروج من مكة وصلت رسالة مسلم بن عقيل (رضي الله عنه) إلى الإمام الحسين عليه السلام قبل أن يقتل ويستشهد بسبعةٍ وعشرين يوماً، وفيها الرد الذي انتظره الإمام الحسين عليه السلام قبل التوجه إلى الكوفة مع قيس بن المسهّر، وفيها:"أما بعد، فإن الرائد لا يُكذّّّّّب أهله إن جمع أهل الكوفة معك، فأقبل حين تقرأ كتابي، والسلام" وعلى ضوء رسالة مسلم (رضي الله عنه) عقد الإمام عليه السلام عزمه على التوجه إلى الكوفة، وقد كتب إليهم رسالته الثانية:"وقد شخصتُ إليكم من مكة يوم الثلاثاء لثمانٍ مضين من ذي الحجة يوم التروية"وحملها قيس بن المسهّر إلى الكوفة، ولكنه قبض عليه أثناء هذه السفارة في الطريق فمزق الرسالة حتى لا يقرأها عبيد الله بن زياد قبل أن يقتله. لماذا الخروج من مكة ؟ أيام الحج شعر الإمام عليه السلام بسعي السلطة الحثيث لقتله، حتى وإن استباحوا بدمه حرمة البيت العتيق، وبذلك تستطيع السلطة طمس الحقيقة بالإشاعات الكاذبة التي يبثها يزيد بن معاوية، وتكون أهداف رحلة الإمام عليه السلام من المدينة إلى مكة ذهبت سُدى، ودخل الإمام عليه السلام في إحرام العمرة ابتداءً ولم يُحرم للحج، لعلمه بأن الظالمين سوف يصدونه عن إتمام حجه!.وتؤكد طبيعة وتاريخ الخطبة الأولى للإمام عليه السلام أن خروجه بالركب الحسيني من مكة لم يكن سراً، والركبُ كان كبير نسبياً خصوصاً بعد التحاق جميع بنو هاشم من المدينة والأنصار والموالين والبصريين، والجميع على أهبة واستعداد لكل احتمال، في وقت لم يكن من مصلحة السلطة مواجهة الإمام عليه السلام مواجهة حربية علنية في مكة أو أطرافها، لأنها تعلم ما له عليه السلام من مكانة سامية وقدسية بالغة في قلوب جموع الحجيج الذين كان لا يزالون آنذاك في مكة.وقد حاول عمرو بن سعيد بن العاص منعه من الخروج ابتداءً قائلاً لشرطته:"اركبوا كل بعير بين السماء والأرض فاطلبوه!"، وهذا يدل على أن خروج الإمام عليه السلام من مكة كان معناه انفلات الثورة الحسينية من طوق الحصار الذي سعت إليه السلطة الأموية في المدينة ابتداءً ثم مكة.ولكن مع تفاقم الأمور أمر شرطته بالانسحاب والسماح للإمام عليه السلام بالمغادرة العاجلة خوفاً من انقلاب الأمور لصالح الإمام عليه السلام .ولكن من المؤكد أيضاً أن الركب قد خرج ليلاً. لماذا حمل الإمام الحسين عليه السلام النساء والأطفال معه؟ عند خروج الإمام الحسين عليه السلام من مكة، جاء إليه أخوه محمد بن الحنفية وأخذ بزمام ناقته، قائلاً له: يا أخي، ألم تعدني النظر فيما سألتك؟! فأجابه الإمام عليه السلام :"بلى"قال محمد: فما حداك على الخروج عاجلاً؟ فقال الإمام عليه السلام :"أتاني رسول الله صلى الله عليه وآله بعدما فارقتك، فقال: يا حسين، أخرج فإن الله شاء أن يراك قتيلا! "فقال محمد بن الحنفية: إنا لله وإنا إليه راجعون. فما معنى حملك هؤلاء النساء معك وأنتَ تخرج على مثل هذه الحال؟ فقال الإمام عليه السلام : قد قال لي: إن الله شاء أن يراهن سبايا. "لقد علل الإمام عليه السلام حمله لأهله ونسائه معه، بأن ذلك تحقيق لمشيئة الله تعالى، وقد أشار إلى ذلك في المدينة مع محاورته لأم سلمة:"يا أماه، قد شاء الله عز وجل أن يراني مقتولاً مذبوحاً ظلماً وعدواناً، وقد شاء الله أن يرى حرمي ورهطي ونسائي مشردين" * التنعيـم : وهو وادي بين سرف ومكة على بعد 13 كم عنها ويبعد عن المسجد الحرام الآن نحو 6 كم وهو أقرب حدود الحرم إلى مكة (23)، وفيه شجر معروف وربما سمي به، وفيه مساجد وسقايا على طريق المدينة ومنه يحرم المكيون لمن أراد العمرة، وفي التنعيم لقي الإمام (ع) عيرا تحمل هدايا أرسلها والي يزيد على اليمن (بحير بن يسار الحميري) فأخذها. |
الساعة الآن »02:23 PM. |