![]() |
أسماء وألقاب السيدة المعصومة عليها السلام
مبارك عليكم ولادة فاطمة المعصومة بنت الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام
وجعل الله أياكم كلها أفراح ومسرات لا يخفى أن للتسمية أهمية كبيرة، ولها في نظر أهل البيت (عليهم السلام) عناية خاصّة، وهي وإن وجدت مع وجود الإنسان باعتبار المدنية الطبيعية المقتضية للتعامل مع الأشخاص والأشياء المختلفة الموجبة للتميز فيما بينها إلا أنّ تعاليم أهل البيت (عليهم السلام) أدخلت تعديلات مهمّة في وضعها وإطلاقها على الأشخاص والأشياء راعت فيها الجوانب النفسانية والأخلاقية، فحثّت على تخيّر الاسم الحسن، واعتبرت ذلك من حقوق الأبناء على آبائهم. ففي رواية عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: جاء رجل إلى النبي (صلّى الله عليه وآله)، فقال: يا رسول الله ما حقّ ابني هذا؟ قال: تحسن اسمه، وأدبه، وتضعه موضعاً حسناً بل إضافة على ذلك كان أهل البيت (عليهم السلام) يغيّرون بعض الأسماء إذ ربّما تترك أثراً سلبياً على نفس المسمّى. فقد روى الإمام الصادق (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام): أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كان يغيّر الأسماء القبيحة في الرجال والبلدان . وروي عن موسى بن جعفر (عليهما السلام) في حديث إسلام سلمان وأنّ اسمه كان روزبه، وأنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) اشتراه من امرأة يهودية بأربعمائة نخلة ـ إلى أن قال (عليه السلام) ـ: قال سلمان: فأعتقني رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وسمّاني سلمان(3). كما ندرك أنّهم (عليهم السلام) كانوا يتخيّرون لأولادهم أسماءً حسنة مراعاة لهذه الجوانب، وهي تحمل دلالات مهمّة، ومعان سامية، وقد روى عن أبي جعفر (عليه السلام) أنّه قال: ـ في حديث ـ إنّنا لنكنّي أولادنا في صغرهم مخافة النبز أن يلحق بهم. وقد ذكرت الروايات الترغيب في أسماء معيّنة كمحمد وعلي، وحسن وحسين، وجعفر، وطالب، وعبد الله، وحمزة، وغيرها من الأسماء كأسماء الأنبياء والأئمة (عليهم السلام)، بل ورد استحباب تسمية الأولاد قبل أن يولدوا، بل وإن كانوا أسقاطاً فإنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) قد سمّى محسناً قبل أن يولد. وأما أسماؤهم (عليهم السلام) فقد اختارها الله تعالى لهم وجاء في الزيارة الجامعة: (فما أحلى أسماءكم) وقد دلّت عدّة روايات على ذلك. ولما كانت السيدة المعصومة ربيبة الإمامة فقد حظيت بأحسن الأسماء، وأجمل الألقاب، وإن لأسمائها وألقابها من الدلالات والمعاني ما يشير إلى عظمتها، ذلك لأنّ الاسم أو اللقب لم يطلق عليها جزافاً، وإنّما صدر عن المعصوم الذي يضع الأشياء في مواضعها، الأمر الذي يدلّ على جلالة هذه الشخصية وعظمتها في كل شأن من شؤونها. وأما أسماؤها وألقابها فهي: 1ـ فاطمة: وكم لهذا الاسم من شأن وخصوصية عند الأئمة (عليهم السلام) وشيعتهم، وكم كان الأئمة (عليهم السلام) يولون هذا الاسم أهمية فائقة، لا نجدها في سائر الأسماء عندهم. روى الكليني بسنده عن السكوني، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) وأنا مغموم مكروب، فقال لي: يا سكوني ما غمّك؟ فقلت: ولدت لي ابنة، فقال: يا سكوني على الأرض ثقلها، وعلى الله رزقها، تعيش في غير أجلك، وتأكل من غير رزقك، فسرّى والله عني، فقال: ما سمّيتها؟ قلت: فاطمة، قال: آه، آه، آه، ثم وضع يده على جبهته، ثم قال: أما إذا سمّيتها فاطمة فلا تسبّها، ولا تلعنها، ولا تضربها. إن لهذا الاسم قدسية في نفوس أهل البيت (عليهم السلام)، ولذا ذكر بعض الباحثين أن جميع الأئمة (عليهم السلام) كانت لهم بنات بهذا الاسم، حتى أن أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي كان اسم أمّه فاطمة واسم زوجته فاطمة، كان له بنت اسمها فاطمة، وأنّ الإمام الكاظم (عليه السلام) كانت له أربع بنات بهذا الاسم، الأمر الذي يؤكد على أن هذا الاسم ليس أمراً عادياً، فيا ترى ما هو الوجه في ذلك. إن شيعة أهل البيت (عليهم السلام) يدركون تماماً خصوصية هذا الاهتمام وأبعاده ومغزاه، فإن المتسمّيات بفاطمة من النساء كثير، إلا أنّه ما إن يطلق هذا الاسم ويتناهى إلى الأسماع حتى تتبادر الأذهان إلى فاطمة بضعة النبي (صلّى الله عليه وآله) التي كانت واسطة العقد وملتقى النورين ومنشأ السّلالة النبويّة الشريفة والذريّة الطاهرة. وإلى ما جرى على فاطمة (عليها السلام) ـ من الخطوب والمآسي، وما نالته فاطمة من إجماع أصحاب أبيها على هضمها، والتنكّر لمقامها، وحرمانها من حقّها ـ يمثل كل ما مرّ من أحداث مؤلمة وفجائع أصابت أبناءها وشيعتها عبر التاريخ. وإن في تأوه الإمام الصادق (عليه السلام) ثلاث مرات ووصيته للسكوني أن لا يسبّ ابنته ولا يلعنها ولا يضربها حيث سمّاها فاطمة دلالات تقصر عنها العبارات وتتعثّر الأفكار. إن الأمة قد انحرفت عن طريق الهداية والرشاد منذ اللحظة التي عزم فيها القوم على هضم فاطمة وظلمها وهتك حرمتها حيث داسوا على وصايا النبي (صلّى الله عليه وآله) بأقدامهم وتجاسروا على بيت النبي في هجوم شرس زعزع القواعد التي أرساها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لضمان سلامة الأمة من الضيعة والضلال. ولو أن الأمة أنصفت وأعطت فاطمة حقها لكانت قيادة الأمة بيد أمير المؤمنين (عليه السلام) ولابيضّ وجه التاريخ. ولسنا في مقام الحديث عن تاريخ حياة فاطمة (عليها السلام)، وإنّما أردنا الإشارة إلى أن تسمية إحدى بناتها باسمها يحمل من الدلالات ما هو أكبر من مجرد إطلاق اسم على مسمّى، فإنّ في التسمية بهذا الاسم تذكيراً وإيحاء بما جرى في تلك الأيام التي أعقبت وفاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله). ومن هنا ندرك اهتمام الأئمة (عليهم السلام) وشيعتهم بهذا الاسم العظيم. وقد ذكرت الروايات الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) عدة تفاسير لمعنى فاطمة وكلّها تدلّ على عظمة الصديقة الزهراء (عليها السلام) ومقامها. 2ـ المعصومة: ويقترن هذا الاسم باسم فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام)، فيقال في الأعم الأغلب: فاطمة المعصومة، كما يقال عند ذكر أمّها الكبرى: فاطمة الزهراء (عليها السلام). وقد ورد هذا الاسم في رواية عن الرضا (عليه السلام) حيث قال: من زار المعصومة بقم كمن زارني. ولهذه التسمية من الدلالة ما لا يخفى، فإنها تدلّ على أنّ السيدة فاطمة (عليها السلام) قد بلغت من الكمال والنزاهة والفضل مرتبة شامخة حيث سمّاها الإمام (عليه السلام) بالمعصومة، والعصمة تعني الحفظ والوقاية، والمعصوم هو الممتنع عن جميع محارم الله تعالى، وهي لا تنافي الاختيار، فتكون مرتبة من الكمال لا تهمّ النفس معها بارتكاب المعصية فضلاً عن الإتيان بها مع القدرة عليها عمداً أو سهواً أو نسياناً، ولا يكون معها إخلال بواجب من الواجبات، بل ولا مخالفة الأولى كما في بعض المعصومين (عليهم السلام)، وليست هي أمراً ظاهراً وإنّما هي حالة خفيّة من حالات النفس، ويستدلّ عليها بالنص أو القرائن القطعية الدالّة على ثبوتها، كما أنّها أمر مشكك، أي ذات مراتب تتفاوت فيها القابليات والاستعدادات من شخص إلى آخر. وقد اتفقت كلمة الشيعة الإمامية على عصمة الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) والملائكة وبعض الأولياء، وأن النبي (صلّى الله عليه وآله) والأئمة الاثني عشر والصدّيقة الزهراء (عليها السلام) في أرقى درجات العصمة، فإنّهم بلغوا من العصمة مقاماً لا تصدر منهم معصية، ولا يتركون واجباً، ولا يبدر منهم ما كان على خلاف الأولى، وبذلك نطقت الأدلّة وقامت البراهين العقلية والنقلية كما هي مبثوثة في كتب الشيعة الإمامية الكلامية. ويتلوهم الأمثل فالأمثل بمقتضى تفاوت المراتب والمقامات. وعلى هذا فلا يبعد القول بأن السيدة فاطمة هي إحدى المعصومات وإن لم تبلغ درجة الصديقة الزهراء (عليها السلام)، أو أحد الأئمة (عليهم السلام). 3ـ كريمة أهل البيت: وهو من ألقاب هذه السيدة الجليلة، وعرفت به من دون سائر نساء أهل البيت. وقد اشتهر الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) بهذا اللقب من دون سائر الرجال، فكان يقال له كريم أهل البيت. وقد أطلقه عليها الإمام المعصوم (عليه السلام) في قصّة وقعت لأحد السادة الأجلاّء وقال له: (عليك بكريمة أهل البيت) مشيراً إلى هذه السيدة الجليلة، وسنذكر تفاصيلها في موضع آخر. ولهذا اللقب دلالة بعيدة الغور على شأن فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام)، فإنّ أهل البيت (عليهم السلام) قد جمعوا غرّ الفضائل والمناقب وجميل الصفات، ومن أبرز تلك الخصال الكرم، وقد عرّفوه بأنّه إيثار الغير بالخير ولا تستعمله العرب إلا في المحاسن الكثيرة، ولا يقال كريم حتى يظهر منه ذل. والكريم هو الجامع لأنواع الخير والشرف والفضائل. ومن ذلك يعلم أن للكرم معنى واسعاً لا ينحصر في بذل المال أو إقراء الضيف أو حسن الضيافة، فإنّها من مصاديق الكرم لإتمام معناه. وعلى ضوء هذا المعنى الشامل للكرم يتجلّى لنا المراد من وصف أهل البيت (عليهم السلام) بأنّهم أكرم الناس على الإطلاق لما اشتملوا عليه من أنواع الخير والشرف والفضائل، وقد حفظ لنا التاريخ شيئاً من ذلك وحدّث به الرّواة. كما يتجلّى لنا أيضاً اتصاف هذه السيدة الجليلة بأنّها كريمة أهل البيت (عليهم السلام). وإنّ من أبرز مظاهر كرمها أن مثواها المقدس كان ولا يزال منبعاً للفيض، وملاذاً للناس، ومأمناً للعباد، ومستجاراً للخلق، وباباً من أبواب الرحمة الإلهية للقاصدين، وأنّ مدينة قم حيث تضمّ مرقدها الطاهر كانت ولا تزال حاضرة العلم، وحرم الأئمة وعش آل محمد (عليهم السلام) ومنفراً لأهل العلم من شتى بقاع الأرض، يتلقّون علوم أهل البيت (عليهم السلام) محتضنة كوكبة من العلماء والطلاب، ولا زالت هي والنجف الأشرف فرسي رهان تتسابقان في تخريج حملة العلوم على شتى مراتبهم، وسيوافيك عن ذلك حديث. ففي وصف هذه السيدة الجليلة بأنّها كريمة أهل البيت دلالة على أنها ذات خير وبركة على الخلق، ولا سيما شيعة آل محمد واختصّ أهل قم منذ اللحظة التي تشرفت أرضهم بها أنهم لا يزالون ينعمون ببركاتها وخيراتها آناء الليل وأطراف النهار، ويعيشون في حماها ويتفيأون ظلالها في امتياز خاص بهم من دون أهل سائر المناطق الأخرى. أسماء وألقاب أخرى: ذكر العلامة المتتبع الشيخ علي أكبر مهدي پور في كتابه القيّم (كريمة أهل البيت عليهم السلام)، أن لفاطمة المعصومة عدّة أسماء وألقاب غير ما ذكرنا، وردت في عدّة من المصادر، وهي: 1ـ الطاهرة 2ـ الحميدة 3ـ البرّة 4ـ الرشيدة 5ـ التقي 6ـ النقيّة 7ـ الرضية 8ـ المرضيّة 9ـ السيدة 10ـ أخت الرضا 11ـ الصدّيقة 12ـ سيدة نساء العالمين. وسواء ثبتت هذه الألقاب والأسماء أو لم تثبت إلا أن من الواضح انطباق ما تضمنته من معان ودلالات على هذه السيدة الجليلة. وقد أطلق أكثر هذه الأوصاف على أمّها فاطمة الزهراء (عليها السلام)، ولا سيما الأخير منها، فإنّ فاطمة الزهراء (عليها السلام) هي سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، كما أطلق على السيدة مريم بنت عمران (عليها السلام)، وقيّد ـ كما في الروايات ـ بأن سيادتها على نساء العالمين إنّما هو خاصّ بنساء زمانها، ولذا ينبغي التخصيص في إطلاقه على فاطمة المعصومة (عليها السلام) أو يقال بالتخصص إذ من المعلوم أن مقام فاطمة الزهراء (عليها السلام) لا يرقى إليه أحد من النساء، فإنّها بضعة النبي (صلّى الله عليه وآله) وروحه التي بين جنبيه. وهكذا الحال بالنسبة إلى سائر الألقاب الأخرى. وعلى أي حال فإنّ في تسميتها بفاطمة ووصفها بالمعصومة وكريمة أهل البيت (عليهم السلام) وأنها صادرة من المعصومين دلالة على المقام الرفيع الذي بلغته سيدة عشّ آل محمد (صلّى الله عليه وآله). |
السلام عليك ياسيدتي يافاطمة المعصومه وعلى ابوك سيد شباب اهل الجنة
جزاك الله خير الجزاء اختي منتظره ورزقنا الله واياكم زيارتها في الدنيا وشفاعتها بالاخرة بحق محمد وال بيته الاطهار |
الساعة الآن »12:27 PM. |