منتديات موقع الميزان

منتديات موقع الميزان (http://www.mezan.net/vb/index.php)
-   ميزان مصباح الهدى وسفينة النجاة ( عاشوراء ) (http://www.mezan.net/vb/forumdisplay.php?f=116)
-   -   ثمرة البكاء على سيد الشهداء (http://www.mezan.net/vb/showthread.php?t=29905)

خادمة المرتضى 10-Dec-2011 08:45 PM

ثمرة البكاء على سيد الشهداء
 
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
والحمد لله رب العالمين فاطر السموات والأرضين والصلاة والسلام على خاتم النبيين محمد وآله الطيبين الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم ومنكري فضائلهم من بدء الخلق إلى قيام يوم الدين

عن مولانا ابو الحسن الرضا (صلوات الله عليه): "من تذكر مصابنا وبكى لما أرتكب منا كان معنا في درجتنا يوم القيامة، ومن ذكر بمصابنا فبكى وأبكى لم تبك عينه يوم تبكي العيون، ومن جلس مجلسا يحيي فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب.".
وكان أبو عبد الله الصادق (صلوات الله عليه) يقول: "الحسين عبرة كل مؤمن...".
وعن مولانا سيد الشهداء (صلوات الله عليه) قال: "أنا قتيل العبرة، لا يذكرني مؤمن الا استعبر.".

أثر البكاء في ذلك العالم:
في خواص البكاء لنيل الأجر والثواب، والنجاة من العقاب والأهوال في عالم الآخرة وتفصيله في أمور:

الأمر الأول: خروج الروح عقبة عظيمة وهول شديد وعذاب أليم، حيث قال مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: "وإنّ للموت لغمرات هي أفظع من أن تستغرق بصفة، أو تعتدل على عقول أهل الدنيا."، والبكاء على الحسين ينجي منه، فإن الصادق عليه السلام قال: لمسمع بن عبد الملك: "يا مسمع أنت من أهل العراق، أما تأتي قبر الحسين عليه السلام؟ قلت: لا لأن أعدائي النواصب كثيرون، فأخاف أن يرفعوا حالي عند الوالي فيمثلون بي، قال: أفما تذكر ما صنع بالحسين عليه السلام؟ قلت: نعم ،قال: أفتجزع؟ فقلت: أي والله، واستعبر، ويرى أهلي أثر ذلك علي، وامتنع عن الطعام؛ فقال عليه السلام: أما أنك سوف ترى عند موتك حضور آبائي لك، ووصيتهم ملك الموت بك ما تقر به عينك."..
الأمر الثاني: مشاهدة ملك الموت هول شديد وعقبة عظيمة مخوفة موحشة، خصوصاً لأهل المعصية، والبكاء على الحسين ينجي من هذا، فإن الصادق عليه السلام، يقول بعد ذلك القول لمسمع: "فملك الموت يكون أرق عليك من الأم الشفيقة على ولدها.."، فهل تكون رؤية الأم الشفيقة موحشة؟؟
الأمر الثالث: النزول في القبر عذاب أليم، ومصيبة عظيمة، وعقبة مهولة، ولذا يستحب أن ينقل الميت دفعات ليأخذ أهبه، والبكاء على الحسين عليه السلام ينجي من ذلك، لأنه قد ورد في الروايات الكثيرة: "أن السرور الذي تدخله في قلب المؤمن يخلق الله منه مثالاً حسناً ليتقدم على الشخص في القبر ويتلقاه فيقول له: أبشر يا ولي الله بكرامة من الله ورضوان، ويؤمنه ويؤنسه حتى ينقضي الحساب.."، فإذا أدخلنا السرور على قلب النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وعلى قلب أمير المؤمنين عليه السلام وعلى قلب الزهراء عليها السلام وعلى قلب الأئمة عليهم السلام ، ببكائنا على الحسين عليه السلام وسررناهم بذلك فإنهم قد قالوا: "إن ذلك صلة منكم لنا وإحسان وإسعاد..."؛ فكيف يكون حسن صورة المثال الذي يخلق من سرورهم؟ وكيف يكون جمال صورة خلقت من صفاتهم تلقانا عند دخول قبرنا وتؤنسنا...
الأمر الرابع: البقاء في القبر والبرزخ عذاب أليم، ومصيبة عظيمة، وعقبة مهولة، أوما سمعت ما نقله أمير المؤمنين عليه السلام عن لسان حال أهل القبور، كل آن: "تكاءدنا ضيق المضجع وتوارثنا الوحشة، وتهكمت علينا الربوع الصموت فانمحت محاسن أجسادنا، وتنكرت معارف صورنا، وطالت في مساكن الوحشة إقامتنا ولم نجد من كرب فرجاً، ولا من ضيق متسعاً.."، والبكاء على الحسين عليه السلام يفرح الباكي عند الموت فرحة تبقى في قلبه إلى يوم القيامة..
الأمر الخامس: الخروج من القبر مصيبة عظيمة، وهول عظيم، وعقبة مهولة،قد أبكت سيد الساجدين عليه السلام، فكان يبكي ويقول: "أبكي لخروجي من قبري عرياناً ذليلاًحاملاً ثقلي على ظهري، أنظر مرة عن يميني وأخرى عن شمالي، إذ الخلائق في شأن غير شأني، وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة، ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة وذلة.."، والبكاء على الحسين عليه السلام يوجب الستر والعزة، وخفة الظهر من الثقل، فإذا كان الخوف من كون الوجه عليه غبرة ترهقه قترة وذلة، فقد ورد في الباكي على الحسينعليه السلام أنه: "يخرج من قبره والسرور على وجهه والملائكة تتلقاه بالبشارة لما أعد الله له."..
الأمر السادس: ﴿إن زلزلة الساعة شيءٌ عظيم، وهي الداهية العظمى ولها مواطن ومواقف وحالات وشدائد، ولها أسماء عدة على حسب الحالات التي فيها، فهي القيامة في حالة، والغاشية في أخرى، والساعة في حالة، والزلزلة في أخرى، والحاقة في صفة، والقارعة في أخرى، وهي يوم الفصل في حالة، ويوم الدين في أخرى، ويوم العرض الأكبر، يوم الفزع الأكبر، يوم الحساب، هي الطامة الكبرى، هي الصاخة، هي الواقعة، هي يوم الفرار، هي يوم البكاء، يوم التناد، يوم التغابن، هي يوم الآزفة، هي يوم يكون الناس كالفراش المبثوث ولا يسأل حميم حميماً، والخلاص من هذه المواطن والمواقف يحتاج إلى أعمال وصفات وأحوال وأخلاق ومجاهدات صعبة، وبذل للنفوس والأموال، وتهجدات وعبادات، وترك للراحة وزهد في الدنيا، والبكاء على الحسين عليه السلام، يجيء بكل هذا، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله، قال لفاطمة الزهراء عليها السلام لما سألته عمن يبكي على ولدي الحسين عليه السلام ومن يقيم العزاء له؟ فقال لها: "أنه إذا كان يوم القيامة فكل من بكى على مصائب الحسينعليه السلام أخذنا بيده وأدخلناه الجنة.."، فمن أخذ بيد رسول الله صلى الله عليه لا تقرعه القارعة، ولا الطامة، ولا تجري عليه تلك الصفات، فهو ضاحك ولا تكون القيامة يوم بكائه، وهو مستبشر بنعيم الجنة ليست القيامة يوم حزنه، وهو آمن في يوم الفزع وهو مرتاح في يوم التغابن، وهو في مجمع الحسين عليه السلام فلا يكون كالفراش المبثوث، والحسين عليه السلام يتفقد حاله فهو ذلك الحامي الحميم يسأل عن الباكي عليه وعن أحواله.
الأمر السابع: قراءة الكتب عند الحساب هول عظيم، فإن إمام المتقين وسيد الصديقين كان يخرج إلى البراري في نصف الليل فينوح ويبكي عند تصور هذه الحال، ويقول: "آه إن قرأت في الصحف سيئة أنت محصيها وأنا ناسيها، فتقول: خذوه، فياله من مأخوذ لا تنجيه عشيرته.."، فيبكي ويتململ تململ السليم حتى يقع مغشياً عليه كالخشبة اليابسة، والبكاء على الحسين عليه السلام، ينفع عند قراءة الصحف ونداء: إقرأ كتابك؛ فإن الباكين عليه يكونون فيظل العرش مشغولين بحديث الحسين عليه السلام، والناس في الحساب.
الأمر الثامن: العبور على الصراط هول عظيم، ولا بد من المرور عليه فإنه ﴿كان على ربك حتماً مقضيا والناس يمرون عليه مختلفين فمنهم كالبرق ومنهم حبوا سالماً، ومنهم الواقع في النار عند العبور عليه، والناس يتهافتون فيه كتهافت الفراش، مع أن النبي صلى الله عليه وآله واقف يستغيث بالله ويقول: يا رب سلم سلم، لكن الباكي على الحسين يأخذ النبي صلى الله عليه وآله بيده فيعبر به وينجيه من عقباته كما في الروايات المعتبرة.
الأمر التاسع: الأخذ إلى جهنم أعظم الأهوال، وأشد أفراد العقاب، وهو الفزع الأكبر، والبكاء على الحسين عليه السلام يدفعه.
الأمر العاشر: الوقوع في النار أعظم البليات، وأفظع العقوبات، وهو مما لا تقوم له السماوات والأرض، لكن البكاء على الحسين عليه السلام ينجي منه، والقطرة منه مطفئة لحرها، كما في الرواية: وهو كناية عن خروج الباكي المستحق للنار منها..


• ثواب البكاء على سيد الشهداء:
تبكيك عيني سيدي لا لأجل مثوبةٍ ... لــكــــنــما عيـني لأجـلك بـــــاكـية
تـــــــبـــــتـــل مــــــنــــكــــم كــــــــربـــــــــلا بـــــــدمٍ ... ولا تبتل مني بالدموع الجـارية

عن الريان بن شبيب قال: دخلت على ابي الحسن الرضا صلوات الله عليهفي أول يوم من المحرم فقال لي: "يا ابن شبيب إن المحرم هو الشهر الذي كان أهل الجاهلية فيما مضى يحرمون فيه الظلم و القتال لرحمته، فما عرفت هذه الأمة حرمة شهرها ولا حرمة نبيها صلى الله عليه وآله ، لقد قتلوا في هذا الشهر ذريته وسبوا نساءه وانتهبوا ثقله، فلا غفر الله ذلك لهم أبدا.
يا ابن شبيب إن كنت باكياً لشيء فابك للحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام، فإنه ذبح كما يذبح الكبش، قتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلا ما لهم شبيه في الأرض، ولقد بكت السماوات والأرضون لقتله، ولقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف لنصرته فوجدوه قد قتل، فهم عند قبره شعث غبر إلى أن يقوم القائم عليه السلام، فيكونون من أنصاره وشعارهم "يا لثارات الحسين"، يا ابن شبيب لقد حدثني أبي عن أبيه عن جده أنه لما قتل جدي الحسينعليه السلام أمطرت السماء دما وترابا أحمراً.
يا ابن شبيب إن بكيت على الحسينعليه السلام حتى يصير دموعك على خديك غفر الله لك كل ذنب أذنبته صغيراً كان أو كبيراً قليلاً كان أو كثيراً، يا ابن شبيب إن سرك أن تلقى الله عز و جل و لا ذنب عليك فزر الحسين عليه السلام، يا ابن شبيب إن سرك أن تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبي وآله صلوات الله عليهم فالعن قتلة الحسين عليه السلام.
يا ابن شبيب إنسرك أن يكون لك من الثواب مثل ما لمن استشهد مع الحسين فقل متى ذكرته يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيماً، يا ابن شبيب إن سرك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان فاحزن لحزننا و افرح لفرحنا وعليك بولايتنا فلو أن رجلا تولى حجرا لحشره الله تعالى معه يوم القيامة."..

عن ابي عبد الله الصادق صلوات الله عليه قال: "من أنشد في الحسين عليه السلام فأبكى عشرة فله الجنة ثم جعل ينتقص واحدا واحدا حتى بلغ الواحد فقال: من أنشد في الحسين فأبكى واحدا فله الجنة، ثم قال: من ذكره فبكى فله الجنة."..

عن مسمع كردين قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: "يا مسمع أنت من أهل العراق أما تأتي قبر الحسين؟ قلت: لا، أنا رجل مشهور من أهل البصرة، وعندنا من يتبع هوى هذا الخليفة، وأعداؤنا كثيرة من أهل القبائل من النصاب وغيرهم، ولست آمنهم أن يرفعوا علي حالي عند ولد سليمان فيمثلون علي، قال لي: أفما تذكر ما صنع به؟ قلت: بلى، قال: فتجزع؟ قلت: إي والله وأستعبر لذلك، حتى يرى أهلي أثر ذلك علي، فامتنع من الطعام حتى يستبين ذلك في وجهي، قال: رحم الله دمعتك أما إنك من الذين يعدون من أهل الجزع لنا والذين يفرحون لفرحنا، ويحزنون لحزننا، ويخافون لخوفنا، ويأمنون إذا أمنا أما إنك سترى عند موتك وحضور آبائي لك ووصيتهم ملك الموت بك، وما يلقونك به من البشارة ما تقربه عينك قبل الموت، فملك الموت أرق عليك وأشد رحمة لك من الأم الشفيقة على ولدها، قال: ثم استعبر واستعبرت معه، فقال: الحمد لله الذي فضلنا على خلقه بالرحمة وخصنا أهل البيت بالرحمة، يا مسمع إن الأرض والسماء لتبكي منذ قتل أمير المؤمنين رحمة لنا، وما بكى لنا من الملائكة أكثر، وما رقأت دموع الملائكة منذ قتلنا، وما بكى أحد رحمة لنا ولما لقينا إلا رحمه الله قبل أن تخرج الدمعة من عينه، فإذا سال دموعه على خده فلو أن قطرة من دموعه سقطت في جهنم لأطفأت حرها حتى لا يوجد لها حر، وإن الموجع قلبه لنا ليفرح يوم يرانا عند موته فرحة لا تزال تلك الفرحة في قلبه حتى يرد علينا الحوض، وإن الكوثر ليفرح بمحبنا إذا ورد عليه، حتى أنه ليذيقه من ضروب الطعام ما لا يشتهي أن يصدر عنه، يا مسمع من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا، ولم يشق بعدها أبدا وهو في برد الكافور وريح المسك وطعم الزنجبيل، أحلى من العسل، وألين من الزبد وأصفى من الدمع، وأذكى من العنبر، يخرج من تسنيم ويمر بأنهار الجنان تجري على رضراض الدر والياقوت، فيه من القدحان أكثر من عدد نجوم السماء، يوجد ريحه من مسيرة ألف عام، قدحانه من الذهب والفضة وألوان الجوهر، يفوح في وجه الشارب منه كل فائحة، يقول الشارب منه: ليتني تركت ههنا لا أبغى بهذا بدلا ، ولا عنه تحويلا، أما إنك يا كردين ممن تروى منه، وما من عين بكت لنا إلا نعمت بالنظر إلى الكوثر، وسقيت منه، فان الشارب منه ليعطى من اللذة وان الشارب منه ممن أحبنا الطعم والشهوة له أكثر مما يعطاه من هو دونه في حبنا."..

عن عبد الله بن بكير قال: حججت مع أبي عبد الله عليه السلام، فقلت:"يا بن رسول الله لو نبش قبر الحسين بن علي عليه السلام هل كان يصاب في قبره شيء؟ فقال عليه السلام: يا بن بكير ما أعظم مسألتك، إن الحسين بن علي عليه السلام مع أبيه وأمه وأخيه في منزل رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه يرزقون ويحبرون، وانه لعن يمين العرش متعلق به يقول: يا رب انجز لي ما وعدتني... فإنه ينظر إلى زواره، فهو أعرف بهم وبأسمائهم وأسماء أبائهم وما في رحالهم من أحدهم بولده، وإنه لينظر إلى من يبكيه فيستغفر له ويسأل أباه الإستغفار له ويقول: أيها الباكي لو علمت ما أعد الله لك لفرحت أكثر مما حزنت، وأنه ليستغفر له من كل ذنب وخطيئة."..

عن الصادق عليه السلام قال: "نَفَسُ المهموم لظلمنا تسبيح، وهمّه لنا عبادة، وكتمان سرّنا جهاد في سبيل الله."..

عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال للفضيل: "أتجلسون وتتحدثون؟ فقال: نعم جعلت فداك، فقال: إن تلك المجالس أحبها، فأحيوا أمرنا، فرحم الله من أحيى أمرنا، يا فضيل من ذَكرنا أو ذُكرنا عنده ففاضت عيناه ولو مثل جناح الذباب غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر."..

دخل جعفر بن عفان على ابي عبد الله عليه السلام فقربه وأدناه ثم قال: "يا جعفر، قال: لبيك جعلني الله فداك، قال: بلغني أنك تقول الشعر في الحسين عليه السلام وتجيد، فقال له: نعم جعلني الله فداك، قال: قل، فأنشدته صلى الله عليه فبكى ومن حوله حتى صارت الدموع على وجهه ولحيته، ثم قال: يا جعفر والله لقد شهدت ملائكة الله المقربين ها هنا يسمعون قولك في الحسين عليه السلام، ولقد بكوا كما بكينا وأكثر، ولقد أوجب الله تعالى لك يا جعفر في ساعتك الجنة بأسرها وغفر الله لك، فقال: يا جعفر ألا أزيدك؟ قال: نعم يا سيدي،قال: ما من أحد قال في الحسين عليه السلام شعراً فبكى وأبكى به إلا أوجب الله له الجنة وغفر له."..

قال الأمام الرضا عليه السلام:"إن المحرم شهر كان أهل الجاهلية يحرمون فيه القتال، فإستحلت فيه دماؤنا وهتكت فيه حرمتنا وسبي فيه ذرارينا ونساؤنا وأضرمت فيه النيران في مضاربنا وانتهب ما فيها من ثقلنا ولم ترع لرسول الله صلى الله عليه وآله حرمة في أمرنا، إن يوم الحسين أقرح جفوننا وأسبل دموعنا وأذل عزيزنا بأرض كرب وبلاء، وأورثنا الكرب والبلاء الى يوم الإنقضاء، فعلى مثل الحسين عليه السلام فليبك الباكون، فإن البكاء عليه يحط الذنوب العظام، ثم قال: كان أبي إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكاً، وكانت الكآبة تغلب عليه حتى يمضي منه عشرة أيام، فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه ويقول: هو اليوم الذي قتل فيه الحسين صلوات الله عليه."..

• أقسام البكاء:
الأول: بكاء القلب بالهم والغم، وهو أول المراتب، وثمرته أنه يجعل النَفَس تسبيحاً لله،كما قال عليه السلام: " نفس المهموم لظلمنا تسبيح."..
الثاني: وجع القلب، ففي الحديث: "أن الموجوع قلبه لنا ليفرح عند موته فرحة لا توال تلك الفرحة في قلبه حتى يرد علينا الحوض."..
الثالث: دوران الدمع في الحدقة بلا خروج، وهذه هي التي توجب الرحمة من الله، كما في الرواية عن الأمام الصادق عليه السلام في الباكي: " أنه يرحمه الله قبل أن تخرج الدمعة من عينه."..
الرابع: خروجه من العين مع اتصاله به ولو بقدر جناح بعوضة، وهذا هو الذي ورد فيه: "أنه يوجب غفران الذنوب ولو كانت كزبد البحر."..
الخامس: تقاطر الدمع من العين، وهذا هو الذي تظهر فيه خاصة بينها الأمام الصادق عليه السلامبقوله: "فإذا خرجت الدمعة من عينه فلو أن قطرة منها سقطت في جهنم لأطفأت حرها."..
السادس: سيلانه على الوجه والصدر واللحية: وهكذا هو بكاء الأمام الصادق عليه السلام حين سماعه الرثاء، فقال بعده: "لقد بكت الملائكة كما بكينا أو أكثر ولقد أوجب الله لك الجنة بأسرها."..
السابع: الصراخ والنحيب، والشهقة، وازهاق النفس لذلك، فالأول؛ قد دعى الأمام الصادق عليه السلام لمن عمل ذلك،وقال في دعائه: "اللهم ارحم تلك الصرخة التي كانت لنا."
والثاني؛ شأن الزهراء سلام الله عليها كل يوم، فإنها تشهق كل يوم شهقة على ولدها حتى يسكتها أبوها.. والثالث؛ قال عنه أبو ذر لما أخبر الناس بمقتل الحسين عليه السلام ما معناه أنه لو عملتم بعظم تلك المصيبة لبكيتم حتى تزهق أنفسكم..
الثامن: العويل، ولا أدري كيف أذكر من أمر به، فإنه من العجائب، فأقول إن يزيد عليه لعائن الأزل والأبد قاتل الحسين عليه السلام قد أمر بإقامة عزاء للحسين عليه السلام والعويل عليه، فقال لعائن الله عليه لزوجته هند: "أعولي عليه يا هند وأبكي فإنه صريخة قريش عجل عليه ابن زياد لعنة الله عليه فقتله قتله الله.."، وكان ذلك في وقت خاص..
التاسع: الضرب على الرأس والوجه، وهذا صنعه عبد الله بن عمر لما بلغه خبر قتل الحسين عليه السلام، وكان ينادي "لا يوم كيوم الحسين" الى أن سكته يزيد بما سكته..


• خواص البكاء:

أيها العينان فيضا واستهلا لا تغيضا ... وابكيا بالطف ميتاً تُرك الصدر رضيضا
في خواص البكاء من حيث الصفات وهي ثمان:
الأولى: أنه صلة لرسول الله صلى الله عليه وآله.
الثانية: أنه إسعاد للزهراء، فإنها تبكيه كل يوم، وقد قال الأمام الصادق عليه السلام لبعض أصحابه: "أما تحب أن تكون ممن يسعد فاطمة عليها السلام؟ قال: بلى، فقال عليه السلام: إبك ولدها الحسين عليه السلام فإن ذلك يسعد قلب فاطمة سلام الله عليها.".. فالزهراء عندها طلب منك أيها الموالي، تريدك أن تساعدها على البكاء ولسان حالها:

ويــــن اليواسيني بـدمعته... على ابني الـــــذي حـــزوا رقـــبـــتـه
وظلت ثلاث تيام جثـته ... أويــــلاه يـــبــني الـــمــــا حضـــرتــــــه
ولا غسلت جسمه ودفنته
ويـــــن الــيــواسيني يشيـعه... على حسين واصحابه ورضيعه
وابن والده عينه الطلـــيعة ... أبــــو فـــــــــاضــل كـــفـــوفــــــه قــطيـــعه
مطروح نــــــايـــــم علشريــعـــه

الثالثة: أنه أداء لحق النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام، ففي الرواية: "أن الباكي قد أدى حقنا".
الرابعة: أنه نصرة للحسين عليه السلام، فإن النصرة في كل وقت بحسبه.
الخامسة: أنه أسوة حسنة بالأنبياء عليهم السلام والملائكة وجميع عباد الله المخلصين.
السادسة: أنه أجر الرسالة فإنه من المودة في القربى.
السابعة: أن تركه جفاء للحسين عليه السلام.
الثامنة: أنه يسلي عن الباكي في كل مصيبة واقعة على أي شخص كيفما كان "أنست رزيتكم رزايـانا التي سلفت ... وهــــونـــــت الــــــرزايــــــا الآتــــــيــــــة"

• خواص العين:
يا عين إبكي وسحي الدمع غدران ... على المذبوح بارض الطف عطشان
ابــــكــــي وسـحي الـــــــدمـــــع يـــــــا عـــيـن ... على أهـــــــل الــــمــجــــــد سـبعــين واثنيـن
في خواص العين الباكية التي جرى منها الدمع، وهي أمور تظهر من الروايات:
الأول: أنها أحب العيون إلى الله.
الثاني: ان كل عين باكية يوم القيامة لشدة من الشدائد إلا عين بكت على الحسين عليه السلام فإنها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة.
الثالث: ان تلك العين لا بد أن تنعم بالنظر الى الكوثر، لا أن تنظر فحسب وإلا فكل شخص ينظر إلى الكوثر.
الرابع: أن العين تصير محل مس الملائكة فإنهم يأخذون الدمع منها.

• خواص الدمع:
في خواص الدمع الجاري في عزاء الحسين عليه السلام وهي خمس:
الأولى: أنها أحب القطرات الى الله.
الثانية: أن القطرة منها لو سقطت في جهنم لأطفأت حرها.
الثالثة: أن الملائكة لتلقى تلك الدموع وتجمعها في قارورة.
الرابعة: أنها تدفع الى خزنة الجنان فيمزوجها بماء الحيوان الذي هو من الجنة فيزيد في عذوبته ألف ضعف.
الخامسة: أنه لا تقدير لثوابها فكل شيء له تقدير خاص إلا أجر الدمعة، وقد ورد:"أن أجر كل قطره أن يبوءه الله بها في الجنة حقباً."..

• خواص المجلس:
ينصاب بقلبي مأتمك يا حسين ينصاب ... وذكــرك من يمر الدمع ينصاب
سيدي قلـــبي بدال قلبـك ريـــت ينصـاب ...وخـــــدي دون خـــدك عـلـــوطــيـة
يـــحـــق لأهـــــل الســـــمـــــــا يــحسين تنصاب ...مـــــــآتم والعــــيون عليك تنصاب
مصــــابــــــــك مـــا بــمــــثـــله الـــــــنــــاس تـنصاب ... يبكي الصـــخر واعظم كل رزية

في خواص مجالس البكاء، أنها مجالس شريفة لا مجالس أقدم منها، ولا أفخر ولا أخص منها، ولا أجل منها ولا أعز منها. فأن مجلس العزاء قبة الحسين عليه السلام، وذلك لأن قبته ليست مختصة بالبنيان الخاص، بل قبة الحسين عليه السلام الخضوع والخشوع أيضاً، فكل مجلس خضوع خصوصاً لذكر الحسين عليه السلام، هو قبة الحسين عليه السلام ولذا قال بعض العرفاء:
وكل بلدة يرى قبره ... وكربلا كل مكان يرى
فللمجلس تأثير قبة الحسين عليه السلام في إجابة الدعاء، كما أن المجلس منظر الحسين عليه السلام، فأنه عن يمين العرش ينظر الى موضع معسكره ومن حل به من الشهداء وزواره ومن بكى عليه، والمجلس معراج للباكي، فإنه محل نزول صلوات الله، والرحمة الخاصة من الله بمغفرة الذنوب، ورفع الدرجات، فإذا تحقق ذلك لباك واحد أو لمتباك واحد من أهل مجلس عام لرجونا السراية للجميع من حيث أن المجلس كصفقة واحدة.

يـــــا رســــول الله يـــــــا فـــــاطـــمــــة ... يــــــا امــــيــر المؤمــنــيــن الـــمـــرتــضــــى
عـــــظـــــم الله لكم الأجـــــر بـمن ...كظ أحشـــــاه الظـــمــا حتى قضى
مـــيـت تـــــبــــكي لـــــــه فـــــــــاطــــمـــة ... وأبـــــــــوهـــــا وعـــــلـــــيٌ ذو الـــــــــــعـُـــــــلى
لـــــو رســـــول الله يحــــيـــا بــــعـــده ... قــــعـــــد الـــــيــــــوم عـــلـــــيــــــــه للــــــــــعــــــــزا
بأبــــي ريحانــة الــــهــــــادي قضى ... دون عذب الماء ظمآن الحشــا
فــــجــــع الـــــهـــــــادي بـــــه وابــنــــتـــه... وعــــــــلــــــــيٌ وبــــــــنــــــــوه الــــــنـــــجـــــــبــــــــا
وبكــــتـــه الأنــــس والــجـــن ومــــا ... حوت الأرض وسـكـــــان الســـما
رزؤه ألـــــبــــس الــــــدنــــيـــــا أســـــــــى... وأحــــــــال الـــكـــــون نــــــوحاً وبــــكــــا
حــــــــــق للأعـــــيــــــن أن تــــبـــكـــــيـــــه... بــــدل الـــــدمــــع بـــمـــجــــمر الــــــــــدما
كيف لا يبكي الورى في مأتم ... فيه يبكي المصطفى والمرتضى
لــــيت عــــيناً بخلت بالــــدمـــــع لم... تـــكــــتـــحل الا بـــــــأمــــيـــال الـــعــمى
لــــيت عــيـــن الـــمصطـــفى تـــنـــظره ... عــــاري الجسم على وجـــه الثرى
وكســـــاه الـــــــتـــــــرب مــــنـــــه مـــلبســاً... قــانــي الألــــوان مـن نســـج الـــصبا
لــــيت جســـمــــــي دونــــــه مـــنــــعــــفـراً ... ولــــــه نـــفســــي مــــن الـــمــوت فــــــدا

(الموضوع مقتبس عن كتاب "الطريق الى منبر الحسين عليه السلام لنيل سعادة الدارين" لسماحة الشيخ الخطيب عبد الوهاب الكاشي رحمه الله)

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نسألكم الدعاء
يا علي مدد


عشق الحسين رقية 10-Dec-2011 09:00 PM

بارك الله بك،،
موضوع قيّم ورآآئع ،،

آجرك الله ،،

خادمة المرتضى 11-Dec-2011 06:10 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
والحمد لله رب العالمين فاطر السموات والأرضين والصلاة والسلام على خاتم النبيين محمد وآله الطيبين الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم ومنكري فضائلهم من بدء الخلق إلى قيام يوم الدين

مشكورة اختي "عشق الحسين رقية" اجرك على المولى ابي عبد الله الحسين صلوات الله وسلامه عليه

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نسألكم الدعاء
يا علي مدد


الساعة الآن »12:34 PM.

المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc