أن وجود الإبهام في القرآن الكريم ليس أمراً يعاب وجوده بإطلاق، بل ربما كان أمراً محموداً حيث يعرف به العالم من الجاهل، ولو تساوى الناس في فهمه فأي فضيلة تكون،.ولا يخفى أنَّ الإشكال هذا يرجع إلى القول بوجود ألفاظ ومعانٍ مجملة ومبهمة في كتاب الله، أي أنَّ الناس لا يفهمون مراد الشارع عندما قال : (أَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)هذا، مضافاً إلى أنّه إذا كانت هذه الألفاظ مبهمة وغير واضحة في بداية بعثة الرسول اتضحت بعدما بيّنها الرسول وبعدما مارسها المسلمون عملياً. وعلى أقل تقدير كون معانيها اتضحت في زمن المتشرعة أو زمن الصادقين عليهما السلام.هذا، مع أنَّ لسان القرآن عربي ومخاطبوه عرب يفهمون ما كان ينطق به الرسول صلّى الله عليه وآله، ولم يكن لسان الكتاب فرنسياً لكي يُعدُّ مبهماً ومجهولاً.إن قلت: للقرآن بطون وهذا يكشف عن إبهام معانيه وعدم اتضاحها.قلت: البطن غير المعنى، وتفسير القرآن وترجمته ليس صعباً، ولا يوجد في القرآن لفظ لا يمكن تفسيره، والصعوبة تكمن في العثور على مصاديق معانيه، وهذا أمر كان يمارسه الأئمّة عليهم السلام، وكانت هذه هي وظيفتهم حيال القرآن.إن قلت: الحروف المقطّعة في القرآن شواهد اُخرى على الإجمال والإبهام.قلت: لا تدل الحروف المقطّعة على هذا المعنى، بل معانيها واضحة، وهي بمنزلة الرموز التي كان يستخدمها الرسول ـ صلّى الله عليه وآله ـ تبعاً لعلاقته بالوحي، وقد يُعدُّ بعضها سرياً للغاية ولا يدركه أحد غير الرسول ـ صلّى الله عليه وآله ـ والأئمّة عليهم السلام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ (5) صحيح الترمذي: 5/663. والصواعق المحرقة: 147 و 226. وأسد الغابة: 2/12. وتفسير ابن الأثير: 4/113. وغيرها.(6) الخطبة: 196.(7) وسائل الشيعة: 1 / 327. (10) المقدمة، ج: 4 / 792، طبع بيروت 1956.(11) المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري: 3 / 184، وأخرجه الذهبي واعترف كلاهما بصحته على شرط الشيخين.(12) يراجع وسائل الشيعة: 18، باب 13 من أبواب صفات القاضي 129.(13) وسائل الشيعة: 18 / 145.(14) في مقدمة الحديث بأنّ الله بعث محمّداً... فجعله ـ يعني القرآن ـ النبي علماً باقياً في أوصيائه فتركهم الناس.(15) سورة آل عمران: 7.(16) وسائل الشيعة: 18 / 147.(17) وسائل الشيعة: 18 / 143.من أبحاث العلامة السيد رياض الحكيم : دروس منهجية في علوم القرآن.