![]() |
ملك الموت يرد على المؤمن وهو في شدة علته
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لا يزال المؤمن خائفا من سوء العاقبة لا يتيقن الوصول
إلى رضوان الله حتى يكون وقت نزوع روحه وظهور ملك الموت له ، وذلك أن ملك الموت يرد على المؤمن وهو في شدة علته ، وعظيم ضيق صدره لما يخلفه من أمواله ، ولما هو عليه من اضطراب أحواله في معامليه وعياله ، وقد بقيت في نفسه حسراتها فانقطع دون أمانيه فلم ينلها . فيقول له ملك الموت : مالك تجرع غصصك ؟ فيقول : لاضطراب أحوالي واقتطاعك لي دون آمالي . فيقول له ملك الموت : وهل يحزن عاقل من فقد درهم زائف واعتياض ألف ألف ضعف الدنيا ؟ فيقول : لا . فيقول ملك الموت : انظر فوقك . فينظر فيرى درجات الجنان وقصورها التي تقصر دونها الأماني . فيقول ملك الموت : تلك منازلك ونعمك وأموالك وأهلك وعيالك ومن كان من أهلك هنا وذريتك صالحا فهم هناك معك ، أترضى بهم بدلا عما هنالك ؟ فيقول : بلى والله . ثم يقول : انظر ، فينظر محمدا وعليا والطيبين من آلهما في أعلى عليين . فيقول : أو تراهم هؤلاء ساداتك وأئمتك هم هناك جلساؤك واناسك أفما ترضى بهم بدلا عما تفارق هاهنا ؟ فيقول : بلى وربي ، فذلك ما قال الله - تعالى - : ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا ) فأما ما أمامكم من الأهوال فقد كفيتموها ( ولا تحزنوا ) على ما تخلفونه من الذراري والعيال ، فهذا الذي شاهدتموه في الجنان بدلا منه ( وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ) هذه منازلكم وهؤلاء ساداتكم واناسكم وجلساؤكم.(المحتضر ص68) |
الساعة الآن »02:18 PM. |