![]() |
الإيمان منه المستقر الثابت في القلوب
قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : الإيمان منه المستقر الثابت في القلوب ، ومنه العواري
بين القلوب والصدور . فالمستقر لا يزول ، والمستودع لابد من ارتجاعه ولو قبل خروج الروح بلحظة . وأصل هذا الأمر ما روي عنهم « صلوات الله عليهم » في الحديث المشهور من أخذ العهد والميثاق على بني آدم في الذر حين قال الله - سبحانه - لهم : ( ألست بربكم ) ومحمد نبيكم ، وعلي إمامكم ، والأئمة من ذريته أئمتكم ؟ ( قالوا : بلى ) . فمنهم من أقر بلسانه وقلبه ، فذلك إيمانه مستقر به لا يموت إلا على الإيمان وإن ظهر منه غيره أيام حياته . وهو الذي قال مولانا زين العابدين ( عليه السلام ) في دعائه : فمن كان من أهل السعادة ختمت له بها . ومنهم من أقر بلسانه دون قلبه ، فهذا إن ظهر على لسانه في الدنيا الإيمان وعلى جوارحه فهو مستودع مستعار ، لا يموت حتى يرجع إلى ما كان عليه أولا في الذر . قال - سبحانه - : ( فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل ) إشارة إلى تكذيبه بقلبه يوم قال ( ألست بربكم ) . هكذا روي معناه وهو قول مولانا زين العابدين ( عليه السلام ) : ومن كان من أهل الشقاق خذلته [ لها ] لما لم يستحق في الحكمة أن يوفق لسبق عصيانه أولا ، وإن كان مخلى بينه وبين نفسه عقوبة لعصيانه وجزاءا لفعله ، ( ولا يظلم ربك أحدا )، ومن خلى الله - تعالى - بينه وبين نفسه ضل عن سواء السبيل ( وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ). ومن هذا المعنى قول أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما ، وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما. ففي هذا الحديث إيماء وانتظار للخاتمة . ومن ذلك قول أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : إذا كان لكم من أحد براءة فانتظروا به عند الموت ، فعنده يقع أخذ البراءة . وقوله أيضا : لا تأمنن على خير هذه الامة عذاب الله لقوله - تعالى - : ( فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ) ولا تيأس لشر هذه الامة من روح الله لقوله - تعالى - : ( لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ). وقد ذكر هذا المعنى روح الله عيسى بن مريم ( عليه السلام ) . فروي أنه قال يوما للحواريين : يا معاشر الحواريين ! بحق أقول : إن الناس يقولون إن أصل البناء اسه وأنا أقول : إن أصل البناء خاتمته .... عليهم السلام |
الساعة الآن »07:14 PM. |