![]() |
لماذا سُمي الإمام الجواد [ جواداً ] ؟!
لماذا سُمي الإمام الجواد [ جواداً ] ؟!
سماحة الشيخ أحمد الدُّر العاملي - دام موفقاً - [ الحلقة الأولى ] . ------------------------------------ ● الحديثُ عن معرفة آل محمد (صلى الله عليه وآله) دخولٌ في عالَم " الفقه الأكبر " ، في مُقابل الحديث عن الأحكام الشرعية ومصادرها المُصطلَحُ عليه " بالفقه الأصغر " - كما اصطلَح عليه شيخنا الأستاذالمرجع الوحيد الخراساني (دام ظله) - . الليلة نريد أن نُبحِر ، وعندما أقول " أن نبحر " يعني أن نتقدَّم إلى شاطئ بحر معرفة أهل البيت (عليهم السلام) حول إمامنا الذي اجتمعنا لأجله : الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السلام)، ونتوقف عند كلمة ، عند وصف ، عند اسمٍ ، عند لقبٍ من ألقابه الشريفة ، وهو اللقب الذي عُرِف به الإمام وتميَّز به عمّن سواه سواءً من الأئمة أو ممن غيرهم ، وهو لقب الجواد . متى سألنا أنفسنا ومتى تساءلنا وهل فكّرنا بمعنى هذه الكلمة ؟ لماذا سُمي إمامنا بالجواد ؟! وعلى ماذا اختصَّه الله تعالى دون بقية المعصومين بهذا اللقب ؟ ------------------------------------------------------ ● الأسماءُ والألقابُ إلاهية فلابُد لها من مصلحة ● ------------------------------------------------------ نحن نعتقد أنّ أسماء أئمتنا بل أسماء المعصومين (صلوات الله عليهم) وألقابهم من الله سبحانه وتعالى . فإذا كان الله تعالى هو المُسمّي وهو المُلقِّب فلابد أن يكون لتسميته ولتلقيبه للإمام من مصلحة وحكمة وغرض . فلماذا اختص إمامنا محمدَّ بن علي الرضا (صلوات الله عليهما) دون غيره من الأئمة ؟! في حين أن أهل البيت كلهم أهل جود وكرم وسخاء بلا استثناء ، بل لو كان الإمام الباقر مكان الإمام الجواد لكان جواداً ، ولو كان الإمام الجوادُ مكان الإمام الباقر لكان باقراً . السؤال : لماذا اختصه الله بهذا الاسم ؟!!!! إذا عرفنا شيئاً من حقيقة هذا الاسم سندرك لماذا اختصه الله دون سِواه . ولا يمكن لأحد من المعصومين أن يكون جواداً بالمعنى الذي أراده الله للإمام الجواد إلا إذا عاش في مكان الإمام الجواد (عليه السلام) . كالإمام الحسين (عليه السلام) ، هو شهيد في كربلاء ولم يشاركه أحد من المعصومين في هذه المرتبة - المرتبة الظاهرية - فالكلام في عالم الثبوت شيء وفي عالم الإثبات شيء آخر ؛ في عالَم الثبوت كلهم نور واحد لكن كلامنا في عالم الإثبات - في عالَم النشأة الدنيوية - . الإمام الحسين (عليه السلام) وحده من المعصومين استشهد في كربلاء ، فهذه خصيصة له ، ولذلك اختصه الله بأنَّ : تحت قبّته يُستجاب الدعاء و في تربته الشفاء ومن أولاده القائم من آ ل محمد (صلى الله عليه وآله) . إذن بلحاظ عالم الدنيا ، هناك اختصاصات وتميزات بلحاظ الظرف الذي يعيشه كل معصوم من المعصومين (صلوات الله عليهم) . ----------------------------------------------------- ● لكلٍّ منَّا وعاء لابُد أن يُملأ بمعرفة أهل البيت ● ---------------------------------------------------- ولا يصح أن نقول : يكفي أننا نعرف أهل البيت معرفة إجمالية ونحب أهل البيت ! لكل إنسان منا وعاء ، وهذا الوعاء لابد أن تملأه بمعرفة أهل البيت (عليهم السلام) ، وإلّا فبأي حق حَمَلتَ صفة أنك من المتمسكين بالكتاب والعترة ؟! التمسك بالكتاب والعترة فرع من معرفة الكتاب والعترة ، فإذا عرفتهما فأنت متمسك بهما . إذن لابد أن أعرف من هو الإمام الجواد ولماذا اختُصَّ بهذا الاسم . ---------------------------------------------------------------- ● بعض الألقاب لها دخالة في شأن الإمام ومعرفة مقامه ● ---------------------------------------------------------------- ليست المسألةُ مسألةَ لقب !! قد يسأل أحدهم : إذا لم أعرف حقيقة كل لقب فهل هذا يعني بأنني لستُ مُنصِفاً في معرفتي بأهل البيت ؟! نقول : بعض الألقاب لها دخالة في شأن الإمام وفي معرفة مقام الإمام . بإذن الله ستعرفون هذا اللقب وما يعني ، عندها ستدركون أي نعمة أنعم الله بها علينا بالإمام الجواد . الإمام الجواد نعمة خاصة بكل ما للكلمة من معنى . أهل البيت (عليهم السلام) كلهم نعمة للخلق ، لكن للإمام الجواد عليه السلام ميزة خاصة بإذن الله ستتضح . أنت تحمل شيئاً اسمه [ التشيع ] تحمل شيئاً اسمه [ الولاء لمحمد وآل محمد ] (صلى الله عليه وآله) فكُن حاملاً لهما بكل ما للكلمة من معنى ، لا تكن شيعياً بالاسم فقط ! بل كُن شيعيّاً قولاً ومعنى . |
[ الحلقة الثانية ] .
------------------------------------ ● أريد الليلة أن أعرف إمامي وأريد أن أعرف هذا اللقب وهذا الاسم الذي لطالما رددناه وسمعناه وقرأناه ماذا أراد الله منه ؟! [ الجواد ] : اسمٌ من الأسماء المتعدية التي تحتاج إلى فعل وفاعل ومفعول به، وبما أنّ الأفعال عادةً لها قُصود ودواعي ، فإذن نحتاج إلى أربع معاني فيما نحن فيه : الداعي إلى الجود ، ومن هو صاحب هذا الجود ، وعلى من جاد ، وبماذا جاد . هذه الامور الاربعة سنتكلم عنها وستعرف : من هو إمامك الجواد (عليه السلام) . ----------------------------------------------- • [ المسألة الأولى : الداعي إلى الجود ] • ----------------------------------------------- الداعي عند أهل البيت بل عند الانسان المؤمن ، دعونا نتكلم عن الانسان المؤمن ثم نترقى الى اهل البيت (عليهم السلام) ، الداعي عند الانسان المؤمن في كل فعل من الأفعال هو : رضا الله سبحانه وتعالى ، ويبدأ الامر بالتدرج والتكامل الى أن يصل إلى قمة الكمال الذي ليس بعده كمال وهو : الإخلاص التام المُنحصر - على وجه الحصر - في محمد وآل محمد (صلى الله عليه وآله) . • فلماذا يجود الجواد وما هو الداعي عنده ؟! رضا الله سبحانه وتعالى وفي سبيل الله . كلامنا ليس فقط مع شيعة أهل البيت بل مع كل المسلمين ويا حبذا لو يستفيدوا من نمير آل محمد (صلى الله عليه وآله) ، إذن الكلام للكل : مستحيل لإنسان مسلم أن يتصوَّر أنّ أحداً من أهل البيت الذين نزلت فيهم آية التطهير ، وزالذين نصَّ عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أكثر من نص خطير عندما يقول : " لحمهم لحمي ودمهم دمي " وغيرها من الكلمات الصادرة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، مستحيل أن يكون عملهم إلّا لله سبحانه وتعالى . إذن الفقرة الأولى واضحة . -------------------------------------------------------- • [ المسألة الثانية : من هو صاحب هذا الجود ؟ ] • -------------------------------------------------------- مقام الإمامة لا يمكن أن يُدرَك ، لعله أكثركم يعرف الشيخ الوحيد الخراساني (أطال الله في عمره) رجلٌ في المعرفة له شأنه ومع هذا يقول : أنا في مسألة الإمامة في المرحلة الابتدائية ، ولا أعرفُ أحداً في هذه الدنيا بلغ المرحلة الوسطى ، فلا تأتي النوبة للكلام عن المرحلة العُليا ، نحن دون هذه المراحل . في المرحلة الابتدائية فماذا نقول نحن عن أنفسنا ؟ الله يعلم . لكن بما أن مطلب الإمامة وغيرها من المطالب المتعلقة بالله وبأولياء الله لا يمكن أن تُدرَك إلّا مِن الله ومِن أوليائه ، نشد الرحال وننطلق إلى رحاب إمامنا الرضا (صلوات الله وسلامه عليه) لكي نستلهم منه ونستشِفَّ منه بعض مطالب الإمامة . سُئل الامام الرضا (عليه السلام) عن تعريف الإمامة فأجاب بأكثر من خمسين وصفاً في معرفة الإمام (عليه السلام) في حديث طويل رواه الشيخ الكليني في الكافي ج1 ص198 الى ص204 ، ورواه الشيخ الصدوق في كتبه الأربعة : الآمالي ، ومعاني الأخبار ، وكمال الدين وتمام النعمة ، والخصال ، ورواه غيرهم . فالحديث مُعتَبَر ، ومتن الحديث يدل على جلالته ولا يحتاج الى كلام في سنده ، من فقرات الحديث الإمام الرضا يصف من هو الامام ، اسمع الاوصاف وطبّقها على إمامك الجواد لتعرف من هو صاحب الجود وهو المسالة الثانية في حديثنا . يقول إمامنا الرضا (عليه السلام ) : " الإمام المُطهَّر من الذنوب ، المُبرَّأ من العيوب ، المخصوص بالعِلم ، الموسوم بالحِلم ، نظامُ الدِّين ، وعِزُّ المسلمين ، وغيظُ المنافقين ، وبوارُ الكافرين ، الإمامُ واحدُ دهره لا يُدانيه أحد ولا يُعادلُهُ عالِم ، مخصوصٌ بالفضل كُله مِن غير طلبٍ منه لهُ ولا اكتساب بل اختصاصٌ مِن المُفضِل الوهّاب ، فمن ذا الذي يبلغ معرفة الإمام ؟ أو يمكنه اختياره ؟ هيهات هيهات ! ضلَّت العقول ، وتاهت الأوهام ، وحارت الألباب ، وخسئت العيون ، وتصاغرت العظماء ، وتحيَّرت الحكماء ، وتقاصرت الحلماء ، وجهِلت الألبّاء ، وعجِزت الأدباء ، وعيَّت البلغاء ، وكلَّت الشعراء عن وصف شأنٍ مِن شأنه أو فضيلةٍ مِن فضائله " . هذا شيء من تعريف الامام الرضا (عليه السلام) لمقام الإمام - شيء من تعريفه - . نحن نحتاج إلى عُمر وإلى مقام من المعرفة لكي نُدرك هذه التعاريف فضلاً عن معرفة الإمام الواقعية . لكن بهذا المقدار لا تملك إلّا أن تنحني إجلالاً لذلك الخالق العظيم الذي أبدع مثل هذه النسخ البشرية وهم محمد وآل محمد (صلى الله عليه وآله) . هذا الأمر الثاني وهو : صاحب الجود . ------------------------------------ ● [ الحلقة الثالثة ] : على مَن جاد الامام الجواد (عليه السلام) ؟! وبماذا جاد (عليه السلام) ؟! |
[ الحلقة الثالثة] .
------------------------------------ ● -------------------------------------------------------------------------- المسألة الثالثة : على مَن جاد الامام الجواد (عليه السلام) ؟ --------------------------------------------------------------------------- -------------------------------------------------------- والمسألة الرابعة : بماذا جاد (عليه السلام) ؟ -------------------------------------------------------- الجود له أقسام كثيرة ، أجلاها وأوضحها أربعة أقسام : أن تجود بمالك ، أن تجود بنفْسك ، أن تجود بحق من حقوقك - سواء كان الحق عُرفيّاً أو قانونيّاً أو شرعيّاً - ، والأمر الرابع أن تجود بعِلمِك . وهذه الأربعة كلها موجودة في كل اهل البيت (عليهم السلام ، وموجودة أيضاً في بعض أصحابهم مع اختلاف المراتب لها ، فأسماها وأعلاها وأكملها مرتبة ما كان عند محمد وآل محمد (صلى الله عليه وآله) . هذا الجود بهذه الأقسام الأربعة موجود عند كل أهل البيت ، نحن نحتاج جوداً اختص به إمامنا الجواد (عليه السلام) . كيف إذا اجتمعت هذه الأقسام الأربعة في واحد فيصبح الجود أعظم وأسمى ، كيف إذا جاء الجواد بجودٍ لم يسبقه إليه أحد ؟ ليس بحق ولا مال ولا نفس ولا عِلم ، جاد بما هو أسمى من هذه الأمور - أسمى بلحاظ المتعلِّق - وإلا فليس هناك شرف بعد شرف العِلم ، هذا الجود . والمَجودُ عليه تارة يكون شخصاً فقيراً ، ومرة يكون أشخاصاً ، ومرة يكون مجتمعاً ، ومرة يكون أُمَّة ، ومرة يكون إلى آخر الدنيا . الله سبحانه وتعالى جاد على الأُمة بالقرآن الكريم فهو جودٌ وكرمٌ من الله تعالى يعُم كل الخلق إلى يوم القيامة ، فهذا جود عام كيفاً وكمّاً • بماذا جاد الامام الجواد ؟ وهنا بيت القصيد . الله عنده مشروع ، مشروعه بدا بآدم (عليه السلام) وينتهي بمن يُشرِّف آدم نسباً له وهو صاحب العصر والزمان الحجة بن الحسن (عليه السلام) وعندما نقول " يُشرِّف " ليس الأمر خطابياً ! فآدم (على نبينا وآله وعليه السلام) يتشرف بأن يكون المهدي من ولده (صلوات الله وسلامه عليه وعجل الله فرجه الشريف) . إذن هذا المشروع الإلهي الله خلق كل شيء وأعد كل شيء لأجل هذا المشروع . وعليه .. فكل حلقةٍ مِن حلقات هذا المشروع لها أهمية وقدسية عند الله وعند أهل المعرفة . هذه الأمور اسمعوها واحفظوها لأنها أمور هامة سأذكرها بشكل سريع بدون تفصيل . إمامنا الرضا (عليه السلام) بلغ الأربعين من عمره ولم يُرزَق بولد ، فصار عند الناس نوعٌ من الشك والريب ، كيف يكون هو إماماً وليس عنده ولد ولابد أن يخلف الإمامُ إماماً لأن العدد لم يكتمل بعد . صار هنالك نوع من الشك والارتياب ، عندما رزقه االله تعالى الإمام الجواد وكان عمره تقريباً سنتان وشهر وغاب الامام الرضا (عليه السلام) - أُقصي من مدينة جده إلى خراسان بأمر من الطاغية في عصره : المأمون العباسي - إمامنا الجواد ابن سنتين وشهر يعني خمس وعشرون شهراً بتعبير الرواية . جاء بعض الناس ونشروا إشاعات . لا تتصوروا النواصب والخوارج والمشككين وأمثالهم وُلِدوا في هذه الأزمنة ! لا ، من زمن النبي (صلى الله عليه وآله) وإلى يومنا ، وإلّا أما استوقفك قوله تعالى : { واللهُ يعصِمُكَ مِنَ النَّاس } - وهو يُخاطب رسول الله - ؟! يعصمك من أي ناس ؟! من صحابتك الذين هم حولك ؟! كيف يعصمك منهم ؟! وماذا يفعلون يا رسول الله لكي يستدعي الأمر بياناً إلهياً أن يعصمك ؟! يقول - والرواية موجودة في الصِّحاح وفي كتبنا - : لأنَّ في الصحابة أناس منافقون يحيكون المؤامرات على رسول الله . فالأمر موجود منذ ذلك الزمن . في زمن الامام الجواد (عليه السلام) نشروا الاشاعات وليس لديهم فضائيات كزمننا لكن لديهم أناس هم أبواق يُشيعون الاشاعات بأنَّ الامام الجواد - وبتعبيرهم - : هذا الولد ليس للرضا وليس من أولاد الرضا ! طعناً في إمامته ، ليس همّهم أن يطعنوا بأنه ليس من أولاد الرضا بل يريدون أن ينفوا بنوّته للإمام الرضا لكي تنتفي الإمامة ! ماذا فعلوا ؟ الرواية في كتاب دلائل الإمامة للطبري وفي كتاب نوادر المعجزات للطبري أيضاً وفي كتاب مناقب ابن شهرآشوب ونقلها عنهم صاحب البحار وغيرها من الكتب ، رواية مهمة تُقرأ كلها . عن إمامنا أبي محمد الحسن العسكري (علي السلام) يقول - ما مضمونه - : جاء المشككون والمرتابون في أمر الجواد (عليه السلام) ونفوا أن يكون من أولاد الرضا ، فذهبوا به إلى القافة . - القافة : القيافة يسمونه علماً وهو ليس بعلم لأن أغلبه ظن ، أنهم إذا نظروا إلى شخص يستطيعون أن يقولون : هذا من العائلة الفلانية وهذا يرجع إلى القبيلة الفلانية وهذا يرجع إلى فلان الفلاني ، لكنه ليس بعلم ذي حجة شرعية - تقول الرواية : فحملوه إلى القافة وهو طفل بمكة في مجمع الناس بالمسجد الحرام - تصوروا المشهد : الناس في المسجد الحرام وجيء بالجواد وعمره خمسة وعشرون شهراً - جاؤوا به وعرضوه على القافة فخروا لله سجداً ، قالوا : هذا ولد من ذرية آل محمد (صلى الله عليه وآله) فانقلبوا خاسئين ولكن الامر لم يتوقف هنا ! يقول إمامنا العسكري (عليه السلام) : " فنطق الامام الجواد (عليه السلام) بلسان أرهف من السيف وأفصح من الفصاحة يقول : الحمد لله الذي خلقنا من نوره بيده ، واصطفانا من بريّته ، وجعلنا أمناءه على خلقه ووحيه . معاشر الناس : أنا محمد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن سيد العابدين بن الحسين الشهيد بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وابنُ فاطمة الزهراء وابنُ محمد المصطفى (عليهم السلام) ففي مثلي يُشَك ؟! وعلى أبويَّ يُفترى ؟! وأُعرَضُ على القافة ؟! واللهِ إنني لأعلمُ بأنسابهم مِن آبائهم ، إني والله لأعلمُ بواطنهم وظواهرهم وإني لأعلم بهم أجمعين وما هم إليه صائرون . أقولهُ حقّا وأُظهِرُه صِدقا ، عِلماً ورَّثَناهُ الله قبل الخَلق أجمعين وقبل بناء السماوات والأرضين ، وأيم الله لولا تظاهر الباطل علينا وغلَبَة دولة الكُفر وتوثُّب أهل الشكوك والشِّرك والشقاق علينا لقُلتُ قولاً يتعجَّبُ منه الأولون والآخرون . ثم وضع يده على فيه ثم قال : يا محمد اصمُت كما صمَتَ آباؤك فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم ، كأنهم يومَ يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعةً من نهار بلاغ ، فهل يُهلَكُ إلا القوم الفاسقون ." [1] هذا خطاب إمامنا الجواد وهو ابن سنتين وشهر واحد . لا تقل نحن الشيعة نعتقد بهذا الامر وكفى ! هذه الامور لها عظمتها ، تصوّر أنك في هذه البقعة مع أولئك الناس وإمامك وابن إمامك ابن سنتين وشهر ينطق بمثل هذا الخطاب وبمثل هذه الكلمات التي يعجز عنها بلغاء العرب . إمامنا الرضا في تلك المرحلة عندما رزقه الله بالإمام الجواد وغاب عنه قهراً إلى خراسان ، عمر الامام الجواد كان سنتين وشهر . الله سبحانه وتعالى استرجع وديعته من الامام الرضا (عليه السلام) وعمر الامام الجواد سبع سنوات وقيل ست سنوات . هنا ستتبدا معالم الجود الذي أنعم الله على العباد بالجواد به . لأول مرة في عالَم الإسلام يُمتَحَنون بمثل امتحان الجواد (عليه السلام) ، لم يُسبَق هذا الامتحان بامتحان مثله ، لأول مرة يُفرَض على المسلمين كل المسلمين أن يُبايِعُوا ويدينوا بالطاعة لمن عمره سبع سنوات . أمر أوجب الارتياب والشك حتى في نفوس بعض الشيعة ، لم يتحمّلوا : شخص عمره سبع سنوات يصير إمامنا ! لم يتحمّلوا أن تكون صفات الإمام التي ذكرناها موجودة في الجواد (عليه السلام) . عاش الإمام بينهم إلى سن الخمسة والعشرين ، فإذن استطاع الامام الجواد بعد سنوات أن يُبيّن للناس مقام إمامته ، وأن يفرض هيبته وإمامته على كل الناس حتى على المخالفين فضلاً عن المؤالفين . وكم من مجلس عُقِد لكي يأخذوا من الامام ولو خطأً واحداً وما كان من الامام (عليه السلام) إلّا أن يردّهم على أدبارهم خاسئين داحرين . دائماً وأبداً والإمام أصغرهم سنّاً ، ليس أمراً سهلاً . فإذن الامام (عليه السلام) ابن سبع سنوات امتحن الله الأُمة الإسلامية به ، وكان إماماً ولأول مرة في تاريخ الإسلام . ثم عاش الامام فأثبت إمامته خلال ثمانية عشر سنة يعني إلى سنه الشريف عندما استشهد وكتن عمره خمسة وعشرين سنة . أين الجود في هذه المسألة ؟ الجود يتنبين عندما تعلم بأن إمامة صاحب العصر والزمان الحجة بن الحسن المهدي متوقفة على أن يستلم الإمامة وهو ابن خمس سنوات . إلّا أنّ الظروف المحيطة بالامام المهدي غير الظروف المحيطة بالجواد . فلولا أن امتحن الله تعالى العباد ، ولولا أنْ منَّ عليهم بالامام الجواد في هذا العمر إماماً لهم ، لتُرِك الدين عند إمامة الامام المهدي . الامام المهدي ابن خمس سنوات استلم الإمامة . قبل خمس سنوات لا يراه الناس ولم ينص عليه علناً الإمام العسكري . بعد الخمس سنوات غاب الإمام غيبته الصغرى ثم بعدها غاب غيبته المبرى . من سيبقى من المسلمين معتقداً بإمامته ؟! لولا أنَّ الله تعلى جاد عليهم ومَنَّ عليهم بوجود الإمام الجواد عليه السلام فجود الإمام الجواد واختصاصه بهذا اللقلب من بقية الأئمة (عليهم السلام) لأنه كان بوجوده جوداً على البرية . وجوده الشريف كإمام معصوم في سن السبع سنوات كان جوداً وتفضّلاً على البرية . منحهم أن يكونوا من أهل ملة الإسلام - ونحن منهم - ، نحن ببركة إمامة إمامنا الجواد (عليه السلام) وهو ابن سبع سنوات ، الآن نعتقد بمحمد وآل محمد (صلوات الله عليهم) من أوّلهم إلى آخرهم . ------------------------------------ [1] يوجد في بعض الديانات الصينية والتقاليد ، ترون على التلفزيون طفل صغير عمره خمس سنوات ، الكل يحترمه ويبجّله لأنه المتبقي من السلالة الفلانية التي تُشرف على المعبد كمعبد شارلن أو غيره في الصين أو في التبت . يحترمونه ويقدّسونه وهو طفل صغير . أنت إذا ذهبت الى هناك وأنت لا تعرف عنهم شيئاً ستقول : علام يُقدَّس هذا الطفل ؟! أليس فيكم إنسان عاقل واعي ؟! سيقولون : أنت لا تعرف ولا تعرف تقاليدنا ولا تعرف قيمة هذا الانسان ! نحن في ديننا إذا جاء شخص وقال : لماذا تُقدسون رسول الله وتعظّمونه هذه العظمة ؟! وتقولون أنه لا يصدر عنه إلا الوحي وتقولون أنه منزه عن كل عيب وتقولون وتقولون ؟! على أي أساس ؟! حاله حال بقية الناس ! ماذا سنجيبه : أنت جاهل برسول الله (صلى الله عليه وآله) ولستَ معتاداً على وجود شخص كرسول الله في أسيادك . نفس الكلام في أهل البيت (عليهم السلام) من يعيب علينا عقيدتنا في أهل الييت (عليهم السلام) مشكلته التي يعاني منها وتحتاج إلى معالجة وأن يعرض نفسه لطبيب إلهي يداويه منها هي : أنه ليس في أسياده كمحمد وآل محمد (صلى الله عليه وآله) . نسألكم الدعاء |
السلام على جوهرة العصمة وفريدة الرحمة سيدتنا ومولاتنا الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بظهور قائمهم والعن أعدائهم لعنة دائمة إلى يوم الدين تعجز الكلمات عن شكرك غاليتي على هذا النقل المميز وفقكم الله ورزقنا الله وإياكم ألطاف وهبات وجود الإمام الجواد عليه السلام وطوبى لمن أعد وألقى ونقل هذا البحث المبارك نسألكم الدعاء لنا ولوالدينا |
اقتباس:
|
الساعة الآن »12:18 PM. |