[الشاعر عدنان لطيف الحلي]

بسم الله الرحمن الرحيم
العاشر من شهر رمضان المبارك من السنة العاشرة للبعثة الشريفة رحلت أمُّ المؤمنين خديجة الكبرى
إلى دار الآخرة ممتثلة الى نداء ربّها. هذا على القول بأنها رحلت بعد رحلة أبي طالب
بخمسة وأربعين يوماً. وفي رحلتها أقوال هي أنها في 23 رجب، أو 27 منه، أو في 29 منه،
أو في أول شهر رمضان، أو 12 منه. وقيل كانت رحلتها بعد أبي طالب بثلاثة أيّام.
وقيل بعده بسبعة أيام. وقيل بعده بشهر وقيل بعده بخمسة وثلاثين يوماً.
وقيل بعده بخمسة وأربعين يوماً. وقيل خمسين يوماً. وقيل بسنة و... .

خديجة زوجة الرسول:
هي أوّل أزواج الرسول ، ولم يتزوَّج غيرها في حياتها وقد كرامة واحترام لها،
سبقت إلى الإسلام، وبذلت أموالها في سبيله، وحسبها فخراً أنها أُم الصديقة الزهراء
التي جعل الله ذرية النبي منها.

صفاتٌ خديجية:
هي أول إمرأة آمنت برسول الله وصدَّقته وصلّت جماعة مؤتمّة به وأعلنت إسلامها
وأوَّل إمرأة دافعة عن رسول الله ، وبذلت كل أموالها لرسول الله ،
وأوَّل إمرأة بلغت في إيمانها الكمال بولاية أمير المؤمنين ، وقال رسول الله :
«ما قام ولا إستقام ديني إلا بشيئين: مال خديجة وسيف عليّ بن أبي طالب عليهما السلام»
و« ما نفعني مالٌ قط مثلما نفعني مال خديجة ».
وذات يوم دعا النبي خديجة وأجلسها إلى جنبه وقال:
«هذا جبريل يقول: إنَّ للإسلام شروطاً وهي: الإقرار بوحدانية الله تعالى، الإقرار برسالة الأنبياء ،
والإقرار بالمعاد وأُصول هذه الشريعة وأحكامها وإطاعة أولي الأمر والأئمّة الطاهرين من
أولاده واحداً بعد الآخر والبراءة من أعدائهم.
فأقرّت بها خديجة جميعاً وصدَّقت بالأئمّة الطاهرين سيّما أمير المؤمنين
فقال النبي : «هو مولاك ومولى المؤمنين وإمامهم بعدي».
وحينها أخذ على خديجة عهداً مؤكّداً بقبول ولاية أمير المؤمنين ،
ثمّ إنَّ رسول الله بيّن أصول الدين وفروعه واحداً واحداّ
حتى آداب الوضوء والصلاة والصيام والحج والجهاد وصلة الأرحام والواجبات والمحرَّمات.
ثمَّ وضع رسول الله يده على يد أمير المؤمنين ووضعت خديجة يدها
على يد رسول الله وبهذا النحو بايعت أمير المؤمنين .

خديجة وعائشة:
قالت عائشة بنت أبي بكر: ما غرتُ على إمرأة من نساء النبي مثلما غرت من خديجة,
وإني لم أدركها، من كثرة ذكر رسول الله إيّاها وثنائه عليها، قالت:
وتزوّجني بعدها بثلاث سنين وأمره ربه أو جبريل أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب،
وكان رسول الله إذا ذبح الشاة يقول: أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة، قالت: فأغضبته يوماً
فقلت: كأن لم يكن في الدنيا إمرأة إلا خديجة؟ قال: «إنها كانت لي ولي منها أولاد، إني قد رزقت حبها».
وفي رواية: «صدَّقَتني إذ كذَّبتم وآمنت بي إذ كفرتُم وولِدت لي إذ عقمتُم».
وهكذا مضت أم المؤمنين خديجة الكبرى الى بارئها مجاهدة صابرة
وناصرة للرسول الأعظم وسلم وباذلةٌ في سبيل رضى الله سبحانه
ونشر دينه وإعلاء كلمته، فسلامٌ عليها يوم ولدت ويوم جاهدت ويوم رحلت ويوم تبعث بين يدي ربها مكرّمة سعيدة.

خديجة توصي:
ولمّا حضرتها الوفاة قالت لرسول الله : «يا رسول الله إعف عنّي إن قصّرت في حقك».
فقال: «حاشا، ما رأيت منكِ إلا خيراً، وقد سعيت كلّ سعيك، وتحملتِ الأذى، وبذلت مالك في سبيل الله».
فقالت: «يا رسول الله أوصيك بهذه ـ وأشارت إلى الزهراء ـ ستكون هذه البنت غريبة
ويتيمة بعدي لا تؤذها إمرأة من قريش ولا يضربها أحد على وجهها، ولا يرفعنَّ أحد صوته في وجهها ولا ترى مكروهاً».
والحمد لله رب العالمين.

(( منقول بدون تصرف ))