عضو مميز
|
|
|
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
ناصر حيدر
المنتدى :
ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
بتاريخ : 28-Mar-2012 الساعة : 01:47 PM

اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
العدل
يؤمن الشيعةايمانا جازما قاطعا بالعدل الالهي , ويعتقدون به عقيدة راسخة ثابتة, وانه من صفات الله سبحانه.
قال تعالى( ان الله لايظلم مثقال ذرة وان تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه اجرا عظيما)
وقال تعالى(ان الله لايظلم الناس شيئا ولكن الناس انفسهم يظلمون)
وقال امير المؤمنين ( التوحيد ان لاتتوهمه, والعدل ان لاتتهمه)( نهج البلاغة شرح الشيخ محمد عبده 4/108 رقم 470)
وقد ورد في حديث مرفوع الى الامام الصادق انه سأله رجل فقال له ( ان اساس الدين التوحيد والعدل , وعلمه كثير, ولابد من للعاقل منه, فاذكر ما يسهل الوقوف عليه ويتهيأ حفظه؟ فقال اما التوحيد فأن لاتجوز على ربك ماجاز عليك, واما العدل فأن لاتنسب الى خالقك مالامك عليه) ( بحار الانوار المجلسي 4/ 264)
معنى العدل
ومعنى العدل ان الله سبحانه لايفعل القبيح اطلاقا, ولايظلم احدا ابدا,وذلك لعموم القدرة على ذلك وغناه عنه.
توضيح ذلك ان القادر على كل شئ لايمكن ان يظلم احدا, والغني غير محتاج الى الظلم, وقد قال الامام زين العابدين في بعض ادعيته( وقد علمت انه ليس في حكمك ظلم ولا في نقمتك عجلة, وانما يعجل من يخاف الفوت, وانما يحتاج الى الظلم الضعيف, وقد تعاليت ياالهي عن ذلك علوا كبيرا) ( الصحيفة السجادية الكاملة ص-284-285, من دعائه يوم الاضحى ويوم الجمعة).
فالذي يخاف فوت الفرصة يسارع لاغتنامها ويعمل على استيفائها, ومن يخش الموت يستبق الامور, والذي يفتقر الى غيره هو الناقص, والذي يحتاج الى الظلم هو الضعيف, والله تعالى منزه عن ذلك كله, فهو القوي القادر القاهر, وبيده الامور والاسباب, غني عن كل احد , فكيف يظلم؟.
لايفعل القبيح مع قدرته عليه
ثم ان ماذكرناه من انه لايفعل القبيح اطلاقا, ليس معناه انه غير قادر عليه وممتنع عليه ذاتا, وانما هو قادر عليه ولكن لايفعله
( اولا) لانه غني عن القبيح, ولعدم احتياجه اليه, ولكماله المطلق
(ثانيا) لان مقتضى العدل ان تكون افعاله كلها وفق الحكمة ووفق الاغراض والمصالح السامية التي فيها صلاح البشر وكمالهم, ولا حكمة في القبيح, وكذلك لاحكمة في الافعال الخالية من الاغراض الخالية من الاغراض السامية والمصالح للعباد , ولاجل ذلك لايامر الله الا بما هو حسن , ولاينهى الا عما هو قبيح , ولايصدر منه العبث وما لافائدة فيه, لانه حكيم ولا يفعل شيئا الا لغرض ومصلحة, ولكن الغرض وتلك المصلحة تعود على العباد, ولاتعود عليه لانه تعالى غني عن كل شئ.
الحاصل ان من موجبات العدل ان تكون افعاله تعالى اختيارية لانها واقعة وفق الحكمة والمصلحة للعباد.
فاتضح لنا ان العدل هو تنزيه الله تعالى عن كل نقص وقبيح, ولذلك لايظلم ربك احدا, ولايظلم مثقال ذرة في الارض ولا في السماء.
اهمية العدل وما يترتب عليه
ثم ان العدل اساس واصل مستقل من اصول الدين عند الشيعة, وانما اعتبر كذلك لتوقف امور عديدة عليه
منها النبوة والامامة والمعاد.
فان هذه الامور مما يقتضيها العدل الالهي , فان حفظ البشر في كافة شؤونهم والسير بهم الى مافيه الصلاح والسداد في الدنيا, وما فيه الخير والسعادة لهم في الاخرة, وايصال التكاليف المتعلقة بذلك يتوقف على هذه الامور, وهذه الامور وجدت بالعدل , وبه اثبتت, لتكون لله سبحانه الحجة البالغة, ولاهمية هذه الامور عقدنا لها فصولا مستقلة.
ويترتب على القول بالعدل والاعتقاد به امور اخرى مهمة ايضا
منها التكليف باحكام الشريعة, لان فيه صلاح الناس وسعادتهم وانتظام امورهم.
ومنها كون افعال العباد اختيارية غير مجبرين عليها ولامفوضين فيها, وانما هم يتصرفون ويوجدون اعمالهم وافعالهم بمحض ارادتهم واختيارهم, وان كان تمكينهم منها بقوة الله ومشيئته.
وغير ذلك كالبداء والقضاء والقدر
ونشرع الان بالحديث عن بعض مقتضيات العدل بشئ من التفصيل
بعض مقتضيات العدل الالهي
(1)
مايقتضيه العدل في التكليف
نعتقد ان ( تكليف الناس) لطف من الله تعالى, وانه من مقتضيات العدل الالهي والحكمة البالغة لله سبحانه , وذلك لانه يقبح على الله تعالى ان يترك العباد هملا بلا تكليف ولا تعليم كالبهائم مع مامنحهم من العقل والاختيار, ولتكون لله الحجة البالغة على عباده.
التكليف ضرورة
ففي التكليف صلاح الناس وسعادتهم وانتظام امورهم, لتجنيبهم ارتكاب القبائح والوقوع في المفاسد, وبه ايضا تحقيق الغاية السامية التي من اجلها وجدوا, الا وهي عبادة الله والخضوع له, قال تعالى ( وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون).
فالتكليف ضرورة لازمة , لان صلاح العباد وسعادتهم وانتظام امورهم وشؤونهم لايتم الا به, وذلك لان الانسان - الذي هو اشرف المخلوقات والذي يدرك انه لم يخلق عبثا, ولم يوجد بلا غاية- يسعى بطبيعته الى التكامل في وجوده, ولايمكنه الوصول الى الكمال والى تحقيق الهدف والغاية التي من اجلها كان ايجاده , لقصور عقله عن ادراك مافيه خيره وصلاحه وسعادته, ولعجزه عن الوصول الى الغاية السامية بذاته, ولو كان في عقله الغنى والقدرة على ادراك الصلاح والفساد لما وقع الخلاف والاختلاف بين الناس , ولذلك كان لابد من وضع القوانين والتشريعات له, وان يكلف بما يحقق له الخير والصلاح ويمنعه عن الشر والفساد من طريق الوحي والرسالات السماوية.
ومن هنا كان التكليف ضرورة, وكان لطفا ورحمة للعباد, فحاجة الانسان للتكليف كحاجة النبات الى الماء , فبدون التكليف لايمكن ان يصل الانسان الى الكمال, ولايمكن ان يحقق آماله وطموحاته في الدنيا والاخرة, وحتى تكون الكلمة التامة والحجة البالغة لله سبحانه على العباد, كان التكليف.
لابد في التكليف من اقامة الحجة
ثم ان لابد في التكليف الذي تلزم طاعته وينهى عن تركه ومخالفته, ان يكون ضمن شروط
احدها ان لايكون التكليف الا بعد اقامة الحجة والحجة قائمة وهم الانبياء والرسل والاوصياء والعقل.
ثانيهما ان يكون التكليف متقدما على الفعل زمانا كي يتمكن المكلف من ايقاعه فيه
ثالثهما ان لايكون التكليف فوق الجهد والطاقة, فما لايطيقونه لم يكلفهم به الله ( لايكلف الله نفسا الا وسعها) ويقبح تكليف العاجز عقلا.
رابعها ان يكون التكليف واصلا الى المكلف وعلوما ومعروفا لديه, والا فلا تكليف.
خامسها ان تتوفر شرائط التكليف لدى المكلف , وهي البلوغ والعقل والقدرة , فلا يكلف الصبي , ولايكلف المجنون, ولايكلف العاجز
(2)
مايقتضيه العدل في افعال العباد
|