عضو مميز
|
|
|
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
ناصر حيدر
المنتدى :
ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
بتاريخ : 28-Mar-2012 الساعة : 09:59 PM

اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
العلم المخزون
القسم الاول القضاء والتقدير الذي لم يطلع عليه احد من خلقه حتى الانبياء وحتى نبينا محمد (ص) الذي هو اشرف الموجودات والمخلوقات.
ويسمى هذا النوع بالعلم المخزون الذي استأثر به تعالى لنفسه, ويعبر عنه باللوح المحفوظ وبأم الكتاب.
ومن الواضح ان هذا العلم وهذا القضاء لابداء فيه ابدا, بل يستحيل فيه ذلك, وانما ينشأ منه البداء بمعنى انه يكون سببا له, فان علمه المخزون هذا يبديه سبحانه ويظهره ان شاء.
روى الصدوق باسناده عن ابي بصير وسماعة, عن ابي عبد الله انه قال ( من زعم ان الله يبدو له في شيء اليوم لم يعلمه امس فأبرؤوا منه) ( كمال الدين وتمام النعمة الصدوق ص 170 بحار الانوار المجلسي 4/111)
وروى العياشي عن ابن سنان عن ابي عبد الله يقول ( ان الله يقدم ما يشاء , ويؤخر ما يشاء , ويمحو ما يشاء , ويثبت ما يشاء , وعنده ام الكتاب, وقال , فكل امر يريده الله فهو في علمه قبل ان يصنعه , ليس شيء يبدو له الا وقد كان في علمه, ان الله لايبدو له من جهل) ( بحار الانوار 4/121)
القسم الثاني القضاء الحتمي الذي اطلع واخبر به سبحانه الانبياء والرسل وملائكته.
فالخلاصة ان القضاء الحتمي , المعبر عنه باللوح المحفوظ , وبأم الكتاب , والعلم المخزون , عند الله يستحيل ان يقع فيه البداء , وكيف يتصور فيه البداء والله سبحانه عالم بجميع الاشياء منذ الازل( وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الارض ولا في السماء ولا اصغر من ذلك ولا اكبر الا في كتاب مبين).
لوح المحو والاثبات
القسم الثالث القضاء غير المحتوم , وهو الذي يخبر الله به انبياءه ورسله وملائكته بوقوعه, ولكن لا بنحو الحتم والجزم, بل مشروطا ومعلقا على ان لا تتعلق مشيئته على خلافه, اي يكون وجود ذلك الشيء او رفعه مشروطا بشرط معين.
مثال ذلك
مارواه العياشي عن الحسين بن زيد بن علي عن الامام الصادق عن ابيه الباقر انه قال ( قال رسول الله (ص) ان المرء ليصل رحمه وما بقي من عمره الا ثلاث سنين فيمدها الله الى ثلاث وثلاثين سنة, وان المرء ليقطع رحمه وقد بقي من عمره ثلاث وثلاثون سنة فيقصرها الله الى ثلاث سنين او ادنى) ( المجلسي بحار الانوار 4/121)
فلو ان الله تعالى قدر عمر انسان ب ( خمسين عاما ) مشروطا ومعلقا , بمعنى انه سبحانه يزيد في عمره الى ( المائة) اذا بر والديه مثلا, أو وصل أرحامه, أو لم يقصر في اداء الفرائض والواجبات , او لم يتوان في اعطاء الصدقات للفقراء والمساكين, حسب مااقتضته حكمته سبحانه بالنسبة لذلك الانسان.
فتقدير العمر بالخمسين المثبت في لوح المحو والاثبات يسمى بالاجل المخروم.
فلو ان الله تعالى اطلع ملائكته أو انبيائه على العمر الاول لرجل من غير اعلامهم بالشرط, ثم لم يمت ذلك الرجل على الخمسين , فلأنه كان معلقا على عدم اتيانه ببعض ضروب البر مثلا وقد اتى بها, فيقولون بدا لله فيه.
فهنا لم يحصل اي تغيير او تبديل في علم الله ابدا حين وقع الشرط بل الموت والحياة وكل شيء من امور الانسان باق تحت سلطانه تعالى وقدرته وعلمه لم يتغير ولم يتبدل اطلاقا , لانه يعرف حال الانسان ويعرف كيف سيتصرف, وارادته تعالى ومشيئته نافذة في الحياة والموت.
فاذا لم يحدث الموت في الوقت المخروم , فلأن الله تعالى كتبه عليه وقدره في أم الكتاب مشروطا ومعلقا على احد الامور السابقة التي ذكرناها, وكما قال تعالى( يمحو الله مايشاء ويثبت وعنده ام الكتاب )
فأين نسبة الجهل الى الله تعالى , واين النقص الذي حدث له تعالى , فانه لا بداء اطلاقا , وانما هو ابداء واظهار للواقع الذي سيكون عليه الانسان مع القيود والاعتبارات والشروط.
البداء سبب لتمجيد الله والالتجاء اليه
حيث ان كل شيء تحت سلطان الله تعالى وتقديره وتدبيره وقدرته , حتى قلم المحو والاثبات , يمكننا ان نقول ان في البداء تمجيدا وتعظيما لله سبحانه, فانه لما كان الله سبحانه وتعالى يمحو ما يشاء ويثبت , كان ذلك سببا لان يتوسل اليه العبد ويدعوه بفنون الدعوات, ويتقرب اليه بالاعمال والمستحبات والصدقات وانواع البر والطاعات, ليكون مشمولا لرعاية الله سبحانه ولطفه ورحمته, فلعل الله بكرمه يمحوه من ديوان الاشقياء , ويكتبه في السعداء كما ورد في الادعية المأثورة عنهم ولعله سبحانه يرفع عنه الفقر او المرض ونحو ذلك من بلاءات الدنيا ويصلح امره.
كل ذلك بسبب البداء الذي يقع منه سبحانه( يمحو الله مايشاء ويثبت وعنده ام الكتاب)
وقد ورد في الاخبار الشريفة المعتبرة مايؤكد هذا الواقع, ففي رواية هشام بن سالم عن ابي عبد الله قال ( ما عظم الله عزوجل بمثل البداء) ( الكافي الكليني 1/146 باب البداء ح1)
وعن مالك الجهني قال سمعت ابا عبد الله يقول ( لو علم الناس مافي القول بالبداء من الاجر مافتروا عن الكلام فيه) ( المصدر السابق ح 12 بحار الانوار المجلسي 4/ 107-108)
والايات الكريمة تؤكد هذا الواقع ايضا وما اكثرها قال تعالى( وما يعمر من معمر ولاينقص من عمره الا في كتاب)
( ولو ان اهل القرى امنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والارض)
(فقلت استغفروا ربكم انه كان غفارا* يرسل السماء عليكم مدرارا* ويمددكم باموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم انهارا)
وغيرها مما يظهر ويؤكد ماذكرناه في معنى البداء وحقيقته, وانه يكون فيما كان مشروطا في التقدير والقضاء, وليس فيما هو في العلم المخزون.
(5)
مايقتضيه العدل في احكام الدين
تشريع الاحكام لمصلحة العباد , ونابع من علة وسبب
ومن مقتضيات العدل الالهي , ان احكام الشريعة باجمعها انما هي لمصلحة العباد ولضمان واقعهم وانتظام امورهم بما يحقق لهم الخير والسعادة.
وهذه الاحكام ايضا منطلقة من مبدأ المصلحة والمفسدة , بمعنى ان مافيه المصلحة امر به المولى , وان مافيه المفسدة نهى عنه .
وتسمى هذه المصالح والمفاسد ب (( العلة)) و (( الملاك)) وفائدتها ونفعها تعود الى المكلف , ولايعود شيء منها الى الله تعالى لانه غني غنى مطلقا , فلا حاجة لان يامر بشيء لمصلحته ومنفعته.
وعلة الحكم انما تأكيد لحكمته تعالى, وانه لم يكلف عبثا, ولاحكم لغوا, ولااراد شططا, فانا نستقبح من البشر العاديين ان تصدر اعمالهم بلا غاية ولاهدف, فكيف بالله الحكيم العليم الغني القوي ان تكون احكامه غير صادرة عن حكمة وعلة , ومن هنا كانت المصالح امورا بديهية في تشريع الاحكام.
لله في كل واقعة حكما
كما نؤمن بان لله تعالى في كل واقعة حكما , بمعنى انه ما من قضية تكون موردا يتعامل معه الانسان أو فعل من افعاله أو شأن من الشؤون بشكل عام يتعلق بالانسان وبهذا الوجود الا وله حكم معين - من الوجوب او الحرمة او الاستحباب او الكراهة او الاباحة , أو غيرها من الاحكام الاخرى الوضعية, كالصحة والفساد والطهارة والنجاسة ونحو ذلك- .
كل ذلك حفاظا على الحياة الانسانية وحماية لها من الفوضى والخلل, وحفاظا على المسؤوليات والحقوق والمصالح من الضياع والتهاون, وكذلك يربي في نفس المكلف روح المسؤولية والانضباط والالتزام والانقياد لله في كل شيء, بحيث يشعر بان الاحكام هي الحياة.
وهذا الامر مصدره القرآن الكريم والسنة الشريفة
قال تعالى( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين)
وعن ابي عبد الله الصادق ( مامن شيء الا وفيه كتاب او سنة) ( الكافي الكليني 1/59 باب انه ما من شيء الا وفيه كتاب وسنة ح 2-4 وغيرهما)
فكل شيء موجود في الكتاب والسنة, نأخذه منهما ونستدل عليه بهما.
الفصل الخامس
النبوة
|