عضو مميز
|
|
|
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
ناصر حيدر
المنتدى :
ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
بتاريخ : 29-Mar-2012 الساعة : 02:13 AM

اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
الفصل الخامس
النبوة
النبوة لطف
يعتقد الشيعة ويؤمنون بانه يجب على الله تعالى- من باب اللطف- ان يرسل للبشر انبياء , يعلمونهم الكتاب والحكمة , ويبلغونهم اوامر الله تعالى ونواهيه , ويرشدونهم الى طريق الخير والحق والصلاح والفلاح, لانه من القبيح ان يخلق الله الناس ويتركهم هملا, وخلاف الحكمة ان يدعهم لانفسهم.
هذا مع ان الله سبحانه قد اودع في البشر قوى ترشدهم الى الحق والخير, وتردعهم عن الشر والباطل , كالعقل والضمير والفطرة , ولذلك ورد ان لله نعالى حجتين ظاهرة وباطنة .( ففي وصية الامام الكاظم لهشام وصفته للعقل ( ياهشام ان لله على الناس حجتين حجة ظاهرة وحجة باطنة, فأما الظاهرة فالرسول والانبياء والائمة , واما الباطنة فالعقول) انظر بحار الانوار المجلسي 75/301.
الا ان قوى الخير هذه لاتكفي وحدها لتمييز الحق من الباطل والخير من الشر , لان في الشر ايضا من العواطف والميول والغرائز مايحركهم نحو الاهواء والشهوات ومحبة الدنيا والمال.
فأذن يوجد عند الانسان نوازع الخير والشر والصلاح والفساد والهدى والضلال, كلها موجودة فيهم, ولكن ليس في قدرتهم تمييز ذلك بأنفسهم لجهلهم بهذه الامور وعدم احاطتهم بالواقع.
فرب خير قد يراه الانسان شرا, ورب شر قد يراه الانسان خيرا, حسب ادراكاته وحسب ماتزينه له نفسه الامارة بالسوء, وتقوده اليه ميوله وعواطفه.
وقد يعرف الخير والحق , ولكن تغلبه الاهواء والنفس الامارة تلبس له الحق بالباطل , فيعمل خلاف الحق جاهلا بما يحيق به من ضرر وخطر نتيجة ذلك.
فعوامل الصراع بين العقل والعاطفة والغرائز دائما محتدمة في نفس الانسان , فحتى تقوى عوامل وجنود العقل عند الانسان , وحتى يستطيع ان يتحكم في مواقفه في حالة الصراع هذه , احتاج الى من يقوي في نفسه العزيمة ويرشده الى الطريق السوي, ليحقق ماتهفو اليه نفسه ويعيش الحق والصدق والخير والصلاح, ويتجنب اسباب الشر والفساد والباطل والسوء.
الله تعالى يختار الرسل
واختيار النبي وتعيينه دائما يكون من قبل الله تعالى, وذلك لان النبي سفير الله ويبلغ عن الله, ويعمل بأوامره وينهى عن نواهيه, فلا يتم اختيار الرسل والانبياء الا من قبله تعالى, وليس للبشر حق الاختيار في ذلك , فهو تعالى يعلم حيث يضع رسالته.
معنى وجوب ارسال الانبياء
قلنا انه يجب على الله سبحانه ارسال الانبياء, ولكن ليس معنى ذلك ان احدا يأمره بذلك أو ان العقل يلزمه به , تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا, فأنه سبحانه حاكم غير محكوم.
بل بمعنى ان كمال الله المطلق وغناه المطلق وعدله المطلق يكون بارسال الرسل والانبياء الى البشر لطفا بالعباد, لحاجتهم الى ذلك ولانه سبب خيرهموصلاحهم وانتظام وجودهم , فان اللطف مناسب لكماله المطلق.
المعجزات
ويعتقد الشيعة انه لابد لكل نبي مرسل من قبل الله تعالى من معجزة قاهرة تقترن بدعوى النبوة, وتكون دليلا على نبوته وحجة بين يديه على دعوته, وملزمة للعباد في تصديقه.
وتكون تلك المعجزة بحيث يعجز البشر عن الاتيان بمثلها, وتكون فوق مقدورهم مهما بلغوا من العلم والمعرفة والقدرة في كل الازمان والادوار, وتستوجب تصديقه, لانه يعلم من خلالها ووجودها ان صاحبها فوق مستوى البشر في صلته بالله سبحانه وفي دعوته الى الله عزوجل , وان الله سبحانه اراد ذلك ,فأنه يستحيل عليه تعالى تأييد الكاذب .
ولقد ظهرت المعجزات الكثيرة على ايدي الانبياء والمرسلين الذين ارسلهم الله سبحانه الى البشر , وكانت كل معجزة تتناسب مع عصر ذلك النبي وحالة مجتمعه والمعارف الموجودة عندهم والعلوم التي لديهم
معجزة موسى 
كما في معجزة موسى التي كانت العصا , والتي تلقفت كل ما يأفكون , حيث كان السحر شائعا وفنا رائجا وقوة قاهرة في ذلك الوقت , فأبطل ماكانوا يصنعونه من السحر بعصاه التي تلقفت حبالهم وعصيهم , وبطل كل ماكانوا يعملون ويأفكون , وعلى اعين الناس وبمسمع ومراى منهم.
ولم تكن العصا المعجزة الوحيدة, بل كانت له معاجز اخرى جرت على يديه وقهرت عدوه, مثل الايات التي جاء بها والتي ذكرها القران الكريم ( وادخل يدك في جيبك تخرج بيضاء ) وقوله تعالى( واوحينا الى موسى اذ استسقاه قومه ان اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشر عينا ) .
فعرف السحرة ان ماجاء به موسى ماكان سحرا , وانما هو معجزة قاهرة باهرة, عجزوا ويعجز غيرهم عن الاتيان بمثلها , ولذلك آمنوا وانصاعوا واذعنوا للحق.
معجزة عيسى .
ومثل معجزة عيسى التي كانت في ابراء الاكمه والابرص واحياء الموتى, حيث كان الطب شائعا ومزدهرا بين الناس , وكان ابرز مايعرف به ذلك الزمان, فعجز الطب بكل نشاطاته واتساع معارفه وعلومه ومواضيعه ان يقف امام ما جاء به عيسى , أو يجاريه في شيء مما جاء به.
معاجز نبينا محمد صلى الله عليه واله وسلم
القران الكريم
ومثل معجزة النبي محمد (ص) التي هي القران الكريم , الذي جاء باسمى ومنتهى الفصاحة والبلاغة , حيث كانت البلاغة فنا متأصلا ومعروفا, وكانت الفصاحة اسلوبا متميزا مألوفا, وكان الفصحاء والبلغاء هم السادة والقادة للناس بحسن بيانهم ومنتهى فصاحتهم, فجاء القران باسلوبه السهل الممتنع بفصاحته وبلاغته , فأذهل الناس بفصاحته وبلاغته وعجزوا عن مجاراته, وقد تحداهم على ان يأتوا بمثله او بسورة من مثله , فلم يتمكنوا , قال تعالى( قل لئن اجتمعت الانس والجن على ان يأتوا بمثل هذا القران لايأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا)( وهذه الاية الكريمة تخاطب اهل ذلك الزمان , بل وغيره من الازمنة التي يمكن ان تأتي ويفكر اهلها بمعارضة القران الكريم , ويسمى هذا التحدي بالتحدي الكبير , ثم يأتي التحدي الاوسط , وهو ان يأتوا بعشر سور مثله, حيث قال تعالى( ام يقولون افتراء قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين ) , ثم يأتي التحدي الثالث وهو تحد ابسط من سابقيه وذلك بان ياتوا بسورة واحدة من مثله, قال تعالى( وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله ان كنتم صادقين) وينتهي التحدي باظهار واقع المتحدي , وانه عاجز عن ان ياتي باقل من سورة.
وذلك لان القضية ليست قضية الفاظ يسطرها الانسان , ولا قضية معان تحكيها أو تحكي عمقها الالفاظ بتراكيبها الجميلة, وانما الامر اكبر من ذلك , فان القران في قضاياه ابعد من حدود الانسان وطاقاته, وضعت اياته في ضمن هذه الالفاظ والتراكيب التي يتصور انها تعني شكلا متشابها لما يأتيه الانسان , ولكنها في حقيقتها تدل على ان كل حرف منه له حركة وبعد في احتواء قضايا هذا الكون , وعطاء غير محدود في حركة الانسان والحياة, وهذا سر الاعجاز في القران الذي فيه تبيان كل شيء( أفلا يتدبرون القران أم على قلوب اقفالها).
القران معجزة من جميع الجهات
هذا وان اعجاز القران الكريم ليس في اللغة والبيان والفصاحة والبلاغة فحسب- وان كفى ذلك في الاعجاز- وانما اعجازه ابعد من ذلك لمن تدبر في اياته وما تضمنها مما كان او يكون الى يوم القيامة مما يحتاج اليه البشرز
فأعجازه ليس لزمان دون زمان , ولا لجيل دون جيل , بل للاجيال كلها , فكل جيل يقرؤه ويعيشه, يقر بأن القران جاء لعصره ومشمول بآياته ومطالبه, ويعجز عن الاتيان بمثله.
ويشهد بذلك المعارف والعلوم التي تحدث عنها القران واكدتها التطورات العلمية الهائلة والتقنية الدقيقة والانجازات والاكتشافات الواسعة في عصرنا الحاضر - حيث لم تكن موجودة في عصر نزول القران , ومع ذلك تحدث عنها القران-, فهذا دليل مهم وكبير على الاعجاز الباهر الصادق , وان القران هو المعجزة الخالدة.
الشريعة
|