عضو مميز
|
|
|
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
ناصر حيدر
المنتدى :
ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
بتاريخ : 02-Apr-2012 الساعة : 07:44 PM

اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
الفصل السادس
الامامة
يعتقد المسلمون اجمع - سنة وشيعة-بوجوب الامامة, الا ان اخواننا السنة يقولون بوجوبها بالاجماع والانتخاب, والشيعة يقولون بانها حق الهي وليس للبشر حق التعيين والاختيار والامام , وانما ينص عليه من قبل الله سبحانه وتعالى.
ويترتب على هذا القول الذي يراه الشيعة ان الامامة اصل من اصول الدين, لايكتفى بالاعتقاد بها الا من طريق العقل ودليل العقل, وان الادلة النقلية الدالة عليه انما هي تأييد و تأكيد لدليل العقل.
واما التقليد فيها للاباء والاجداد والعلماء - مهما كانت مرتبتهم ومنزلتهم- فانه لايكفي في براءة الذمة , فلا يصح ان يقول المرء ابي قال ان الامامة واجبة, او يقول ورثنا هذا الاعتقاد عن آبائنا او عن غيرهم من المعلمين والعلماء.
وغدا يوم القيامة يسأل المرء عن هذا الاصل كما يسأل عن بقية اصول الدين الاخرى, لان وجوب الاعتقاد بالامامة كوجوب الاعتقاد بتلك الاصول ومن منطلق واحد.
فوجوب الامامة بشكل عام اصل يجب اقامة الدليل العقلي عليه .
واما الادلة النقلية -من الايات والسنة الشريفة- , فهي مؤكدة لدليل العقل كما ذكرنا, نعم لما كان الشيعة يعتقدون بان الامامة انما هي بالنص من الله على لسان رسوله او على لسان الامام المنصوب بالنص, تكون تلك الادلة النقلية دالة على ثبوت هذا النص الالهي في حق الامام وتعيينه, وتكون دالة ايضا على عدد الائمة الذين استخلفهم النبي (ص) وعلى مايشترط في الامام .
فالادلة النقلية تتكفل تعيين الامام وعدد الائمة وصفاتهم, وهذه النقاط هي ما سنعرضه فيما يأتي
الادلة على وجوب الامامة بالنص
القران ينص على ان الامامة حق الهي
مما يدل على الامامة حق الهي, وانه ليس للبشر حق اختيار الامام او انتخابه او الاجماع عليه , هو الايات الكريمة.
فمن ذلك قوله تعالى ( واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال اني جاعلك للناس اماما قال ومن ذريتي قال لاينال عهدي الظالمين)
وقوله تعالى( وقال لهم نبيهم ان الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا انى يكون له الملك علينا ونحن احق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال ان الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم)
وقوله تعالى ( قال رب اشرح لي صدري * ويسر لي امري* واحلل عقدة من لساني* يفقهوا قولي* واجعل لي وزيرا من اهلي* هارون اخي)
فان هذه الايات الكريمة نص على ان الامامة حق الهي, وان الله سبحانه هو الذي يختار ويجعل ويصطفي الامام بعد النبي.
الامامة استمرار للنبوة عقلا وتكميل للغرض.
لما كان الغرض من بعث الانبياء هو تكميل العقول وتزكية النفوس بالعلم والمعرفة والاعمال الخيرة الصالحة,كما قال الله تعالى ( هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم يتلو عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين ) كان لابد من تكميل ذلك الغرض بعد وفاة النبي (ص) لان الناقص لايكون مكملا لغيره , وفاقد الشيء لايعطيه , ولايعرف الكامل والعارف والقادر الا الله سبحانه.
الامامة لطف الهي ايضا
ومن هنا نقول ان الامامة لطف الهي , بمعنى انه يجب على الله تعالى - من باب اللطف - ان يجعل للناس اماما يعلمهم الاحكام ويرشدهم الى مافيه الخير والصلاح ومافيه سعادتهم وراحتهم , لقصورهم الذاتي عن معرفة مايصلحهم ويسعدهم في دنياهم واخرتهم.
وقد تقدم منا معنى الوجوب على الله , وانه ليس هناك من يوجب على الله شيئا , ولكن الكمال المطلق والغنى المطلق والعدل الالهي المطلق يقتضي بان ينصب الله للناس الامام الكامل العارف القادر على ادارة شؤون الناس.
وجوب النظر لمعرفة الامام
وقد سبق منا ايضا القول بلزوم النظر والمعرفة للانسان والتعرف على مايتعلق بأمور دينه وعقيدته, لتكون لديه الحجة الواضحة على ذلك بين يدي الله سبحانه.
ونضيف هنا ان مايلزم النظر فيه ومعرفته , هو امر الامام بعد النبي , لان الامامة استمرار للنبوة كما عرفت.
صحة الاستدلال على الامامة بأدلة النبوة
يتضح مما سبق ان مايذكر دليلا على وجوب النبوة يكون دليلا على الامامة ايضا.
فان حاجة البشر الى الدين والى تكليفهم بما يقودهم الى صلاحهم وخيرهم وانتظام امورهم وشؤونهم, وما يكمل نفوسهم ويقودهم الى العدل والهدى, هي حاجة ضرورية لهم, وبما ان البشر قاصرون عن معرفة كل ذلك كان لابد لهم من نبي يعرفهم ذلك, وكان لابد لهم بعد النبي من امام ووصي له يفوم بنفس الدور , تكون له القدرة- مع الكمال- على امداد الناس بما يحتاجون اليه في صلاحهم وانتظام امورهم , لتكون الحجة البالغة لله تعالى على عباده في كل شيء.
فضرورة وجود الامام بعد النبي وحاجتهم اليه لاتقل عن ضرورة وجود النبي وحاجتهم اليه.
الروايات تؤكد حاجة الناس للامام
يقول الامام الباقر ( ان الحجة لاتقوم لله عزوجل على خلقه الا بامام حي يعرفونه)( بحار الانوار المجلسي 23/47 باب الاضطرار الى الحجة ح 47)
وسئل ايضا عن علة احتياج الناس الى النبي والامام , فقال ( لبقاء العالم على صلاحه, وذلك ان الله عزوجل يرفع العذاب عن اهل الارض اذا كان فيها نبي او امام ) ( المصدر السابق نفس الجزء والباب ص19 ح14 )
وقال ( بني الاسلام على خمس , على الصلاة, والزكاة , والصوم, والحج, والولاية, ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية) ( المصدر السابق 65/ 329 باب دعائم الاسلام والايمان ح 1 وبمضمونه ح 8- 21- 22 وغيرها كثير)
وفي حديث للامام الرضا في علل جعل اولي الامر( ومنها انه لو لم يجعل لهم اماما قيما امينا حافظا مستودعا, لدرست الملة, وذهب الدين, وغيرت السنة والاحكام , ولزاد فيه المبتدعون, ونقص فيه الملحدون, وشبهوا ذلك على المسلمين, لانا قد وجدنا الخلق منقوصين محتاجين غير كاملين , مع اختلافهم واختلاف اهوائهم وتشتت انحائهم, فلو لم يجعل لهم قيما حافظا لما جاء به الرسول , فسدوا على نحو مابينا, وغيرت الشرائع والسنن والاحكام والايمان ) ( المصدر السابق 23/ 32 ح 52)
وورد عن النبي (ص) قوله ( من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية) ( وهو حديث متواتر روته العامة والخاصة , راجع بحار الانوار المجلسي ج 23/ 76 باب من مات ولم يعرف امام زمانه , المصنف ابن ابي شيبة الكوفي 8/ 598 ح 42 , مسند ابي يعلى الموصلي 13/ 366, كنز العمال المتقي الهندي 1/208 وغيرها كثير)
وعن ابي جعفر الباقر ( ان من دان الله بعبادة يجهد فيها نفسه بلا امام عادل من الله , فان سعيه غير مقبول , وهو ضال متحير ومثله كمثل شاة ضلت عن راعيها وقطيعها فتاهت ... الحديث) ( بحار الانوار المجلسي 23/ 86 حديث 29)
ولذلك لابد من الامامة للناس في كل عصر وزمان, ولايمكن ان يخلو منها زمان ابدا , سواء شاء البشر ام ابوا , وسواء ناصروه ام لم ينصروه, اطاعوه ام لم يطيعوه, ولافرق بين ان يكون حاضرا او غائبا عن اعين الناس , قال تعالى( وان من امة الا خلا فيها نذير ) وقال تعالى ( انما انت منذر ولكل قوم هاد )
خاتمية نبوة محمد (ص) تستدعي وجود خليفة
قال تعالى ( ماكان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين)
دلت الاية الكريمة على خاتمية الاسلام للرسالات السماوية, وعلى خاتمية نبوة محمد (ص) للنبوات , فلا نبي بعد محمد (ص) ابدا, ولا دين غير الاسلام ابدا, ( ان الدين عند الله الاسلام) ( ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه)
وكون الاسلام هو الدين الخاتم للاديان السماوية , وكون محمد (ص) هو النبي الخاتم للنبوة, انما يتم ويتوافق مع الحكمة الالهية في اهداف النبوة وغاياتها السامية وعطاءاتها الفاضلة اذا كانت عوامل البقاء والاستمرار للدين الخاتم وللشريعة الخاتمة واستمرار الهداية الالهية متوفرة ومضمونة.
ومن اهم عوامل هذا البقاء والاستمرار واهم ضمانة لذلك هو وجود الامام والخليفة من بعده , والذي يلزم ان يكون كالنبي (ص) في جميع الخصائص والجهات والاعتبارات, ماعدا النبوة والرسالة.
بالامام يرتفع الخلاف بين المسلمين
لقد ضمن الله سبحانه وتكفل بحفظ الدين والقران بقوله تعالى( انا نحن نزلنا الذكر واما له لحافظون)
وبما ان القران وارد لبيان الاحكام العامة وليس في مقام بيان كل التفاصيل والدقائق, بل قد اوكل امر التفاصيل الى النبي (ص).
الا انه ومع ذلك وقع الاختلاف والخلاف في فهم هذه التفاصيل كما هو واضح وجلي , لذلك كان لابد للتأكيد على دور الاسلام واهميته كدين خالد باق يتكفل بجميع احتياجات البشر , من خلال وجود خليفة للنبي (ص) وامام يكون وجوده امتدادا للنبوة.
الخلاصة
من جميع ماسبق في تفسير الايات الكريمة التي تؤكد وتؤيد ضرورة وجود الامام وان تعيينه حق الهي, يظهر اهمية وضرورة وجود الامام بعد النبي عقلاو وبذلك نكون قد اقمنا الدليل العقلي على وجود الامام .
ويترتب على ضرورة وجود الامام بعد النبي , لكونه استمرارا للنبوة وكملا للغرض , امور
احدهما انه يعتبر في الامام من الشروط مايعتبر في النبي , ماعدا النبوة والرسالة والوحي , اذ لايوحى اليه.
الثاني انه يعتبر الامام مصدرا تشريعيا , لان علمه من رسول الله (ص) ومن القران , بل علم القران عنده , ولذلك يكون قوله قول رسول الله (ص) , وقول رسول الله (ص) قول الله سبحانه , ولذلك كان قوله وفعله وتقريره سنة , كما هو الحال بالنسبة لرسول الله (ص) فهو لايتوقف في قول ولا في راي ولا في شيء , ولايقول في شيء ( لا اعلم ) ابدا.
الثالث ان الائمة الذين نصبوا خلفاء لرسول الله (ص) واوصياء من بعده, عددهم محدود , حيث وردت نصوص خاصة بأسمائهم وعددهم, وان النبي (ص) قام بتعيينهم بأمر من الله سبحانه, وسماهم بأسمائهم واحدا بعد واحد , بأمر من الله سبحانه وتعالى
الادلة على تعيين الامام من قبل الله سبحانه
|